تقريب القرآن إلى الأذهان - ج ٥

آية الله السيد محمد الشيرازي

تقريب القرآن إلى الأذهان - ج ٥

المؤلف:

آية الله السيد محمد الشيرازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٦٨

وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ (١٢)

____________________________________

الضمير عائد إلى «الجسم» أي في جسمها أو «الجيب» أي في جيبها ، المعلوم من الخارج ، وقد كان النافخ فيه جبرئيل عليه‌السلام بأمره سبحانه (وَصَدَّقَتْ) مريم (بِكَلِماتِ رَبِّها) أي بما تكلم الله به وأوحاه إلى أنبيائه من الأصول والفروع (وَكُتُبِهِ) النازلة على الرسل (وَكانَتْ مِنَ) جملة (الْقانِتِينَ) الخاضعين لله سبحانه ، فإنها كانت في بيت المقدس في جملة العباد والزهاد ولذلك قال «القانتين» ولم يقل القانتات. فعلى المرأة إن كانت ذات زوج أن تقتدي بامرأة فرعون ، وإن لم تكن ذات زوج أن تقتدي بمريم الصديقةعليهم‌السلام.

٤٦١
٤٦٢

تقريب القرآن الى الأذهان

الجزء التاسع والعشرون

من آية (١) سورة الملك

إلى آية (٥١) سورة المرسلات

٤٦٣

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد المصطفى وعترته الطاهرين

٤٦٤

(٦٧)

سورة الملك

مكية / آياتها (٣١)

سميت السورة بهذا الاسم لاشتمالها على لفظة «الملك» ، وهي كسائر السور المكية تعالج قضايا العقيدة في أصولها الثلاث ، وحيث ختمت سورة التحريم بكون الصلة لا تنفع ولا تضر وإنما النافع والضار العمل ، افتتحت هذه السورة بأن الإنسان في معرض الامتحان ليظهر المطيع من العاصي.

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (١)

[١] (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) نبتدئ باسم الله الذي هو الأول في الكون ، الخالق لكل شيء ، ليطابق الابتداء باسمه كونه المبدأ والأول الرحمن الرحيم الذي يرحم العباد في الدنيا وفي الآخرة بتكميل نواقصهم وغفران ذنبهم.

٤٦٥

تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ

____________________________________

[٢] (تَبارَكَ) من «برك» أي دام في خير ومصدر خير ، ومنه البركة (الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) فهو المالك المطلق لكل شيء في الكون وملك ما عداه إنما هي بتمليكه إياه ، وقوله «بيده» من باب تشبيه المعقول بالمحسوس (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) قادر على إيجاده وإفنائه والتصرف فيه كيف يشاء.

[٣] (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) فإن الموت إما أمر وجودي ، أو عدم ملكة ، وكلاهما مخلوق ، فإن عدم الملكة له حظ من الوجود كما تقرر في علم الكلام ، وإنما خلق الموت والحياة (لِيَبْلُوَكُمْ) من «بلاه» بمعنى اختبره ، أي ليختبركم أيها البشر (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) من الآخر ، والله سبحانه عالم بالإنسان ، وإنما الامتحان لتطبيق علمه على الخارج ، وإلا فهو غني عن الاختبار ، وتعليل الحياة والموت للاختبار باعتبار أن الموت داع إلى حسن العمل وموجب لعدم الوثوق بالدنيا ولذاتها الفانية والحياة توجب قدرة الإنسان على الأعمال الصالحة (وَهُوَ) سبحانه (الْعَزِيزُ) الغالب في سلطانه (الْغَفُورُ) الذي يغفر لمن أذنب إذا تاب ، فأنتم أيها البشر في قبضته بمقتضى كونه «عزيزا» ، فاستغفروه يغفر لكم بمقتضى كونه «غفورا».

[٤] وهو (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) واحدة فوق الأخرى مطابقة لها ، بلا تفاوت واعوجاج (ما تَرى) أيها الرائي (فِي خَلْقِ

٤٦٦

الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (٤) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ

____________________________________

الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) واختلاف ، من جهة أن الجميع مخلوقة بدقة وإتقان وكمال لائق به (فَارْجِعِ الْبَصَرَ) أي رده إلى الكون ، بعد أن كان سابقا إليه ، وكأنه كان ناظرا بلا التفات إلى هذه الجهة ، فقيل له رد بصرك بقصد التفحص والبحث (هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ)؟ أي شقوق وفوق كالبناء الذي ينفطر لخلل فيه ، فهل في الكون خلل يدل على الوهن والضعف أم كل شيء وضع في محله اللائق به حسب الحكمة والصلاح؟

[٥] (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) أي كرة بعد كرة والمراد مكررا إذ لعل البصر اشتبه في المرة الأولى فلم ير فتقا ـ فإن الإنسان إذا كرر النظر إلى شيء أدرك خلله ـ فانظر إلى الكون مرة أخرى فاحصا عن الخلل ، لكن لا تجده بل (يَنْقَلِبْ) أي يرجع (إِلَيْكَ) أيها الإنسان (الْبَصَرَ) الذي سرحته في الكون (خاسِئاً) قد خسأ وطرد وعجز عما طلبه ـ من الفتق ـ (وَهُوَ حَسِيرٌ) قد حسر ، أي كلّ وعيّ ولم يجد خللا ووهنا وما يوجد من الأمراض وما أشبه إنما هو للامتحان والعبرة لا لنقص في الخلق.

[٦] (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا) أي جمّلنا السماء القريبة من الأرض ـ وهذا لا يدل على عدم تزيين سائر السماوات ، إذ لا مفهوم للّقب وإنما التخصيص لأنه المدرك المشاهد ـ (بِمَصابِيحَ) جمع مصباح ، والمراد

٤٦٧

وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ (٥) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ

____________________________________

به الكواكب (وَجَعَلْناها) أي جعلنا تلك المصابيح (رُجُوماً) مراكز للرجم (لِلشَّياطِينِ) فإن الشيطان إذا اقترب من مراكز الملائكة في الملأ الأعلى ليسترق بعض الكلمات رجم بالشهب من النجوم ، فإن النجوم مراصد ينظر منها إلى الشياطين حتى إذا اقتربوا رجموا ، كما سبق في بعض السور (وَأَعْتَدْنا) أي هيّأنا (لَهُمْ) أي للشياطين المسترقين للسمع (عَذابَ السَّعِيرِ) أي عذاب النار المستعرة الملتهبة ، إما بالرجوم ، وإما في الآخرة في النار.

[٧] وكما هيّأ العذاب للشياطين كذلك هيّأ للكفار (وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ) بأن أنكروه أو وصفوه بما لا يليق به (عَذابُ جَهَنَّمَ) مبتدأ ، خبره «للذين» (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أي المآل والمرجع ، اسم مكان من «صار».

[٨] (إِذا أُلْقُوا) أي الكفار ، ألقاهم الملائكة (فِيها) أي في جهنم (سَمِعُوا لَها) أي لجهنم (شَهِيقاً) أي صوتا فضيعا كصوت الحمار وإنما تشهق لتدخل في قلوب الكفار الهول والرعب (وَهِيَ تَفُورُ) فوران القدر إذا غلى ، وذلك مما يزيدها هولا.

[٩] (تَكادُ) أي تقرب جهنم (تَمَيَّزُ) أي تتقطع (مِنَ الْغَيْظِ) أي شدة الغضب وكثرة اللهب والفوران ، وهذا تمثيل لشدة اشتعالها ، فإن

٤٦٨

كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (٩) وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ (١٠) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً

____________________________________

الإنسان إذا غضب يكاد ينفجر ويتشقق بعض جلده ، وكذلك النار تكاد تتفرق لشدة استعارها (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها) أي في جهنم (فَوْجٌ) أي جماعة من الكفار والعصاة (سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها) أي الملائكة الموكلون بالنار ، جمع «خازن» (أَلَمْ يَأْتِكُمْ) أيها المجرمون (نَذِيرٌ) ينذركم ويخوفكم من هذه النار؟ والاستفهام للتبكيت والتقريع.

[١٠] (قالُوا) أي أهل النار في جواب الخزنة (بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ) رسول أو مبلغ عن الله سبحانه (فَكَذَّبْنا) هذا اليوم وما قاله النذير (وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) من كتاب أو تشريع (إِنْ أَنْتُمْ) أي ما أنتم أيها المنذرون (إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ) حيث تزعمون أنكم رسل الله ، وإن الله أنزل إليكم الحكم والتشريع.

[١١] ثم يعترف أهل النار بأنهم لم يعملوا عقولهم في الدنيا ، حتى ابتلوا بهذا العذاب (وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ) كلام المنذرين (أَوْ نَعْقِلُ) أي نعمل عقولنا لنميز بين الحق والباطل بالإسماع ، فإن الإنسان إذا أعمل عقله لا بد وأن يدرك الحق في الجملة ولو لم يسمع شيئا (ما كُنَّا) في هذا اليوم (فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) اسم لجهنم لاستعار نارها.

[١٢] (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ) الذي أدخلهم النار ، في الوقت الذي لا ينفع الإقرار (فَسُحْقاً) أي بعدا ، وهذا دعاء عليهم أي أبعدهم الله بعدا عن

٤٦٩

لِأَصْحابِ السَّعِيرِ (١١) إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)

____________________________________

النجاة (لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) الملازمين لها.

[١٣] أما المؤمن الذي عمل صالحا فهو في خير وسعادة (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) يخافونه فلا يعصونه (بِالْغَيْبِ) في حالة كونه سبحانه غائبا عن حواسهم (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) أي غفران لذنوبهم التي صدرت منهم (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) ثواب جزيل.

[١٤] ثم يأتي السياق ليبين علم الله سبحانه بكل ما يصدر من الإنسان من قول سواء كان جهرا أو سرا (وَأَسِرُّوا) أيها الناس (قَوْلَكُمْ) الذي يدور في صدوركم ، بأن تقولونه سرا (أَوِ اجْهَرُوا بِهِ) ف (إِنَّهُ) سبحانه يعلم ذلك قبل أن يخرج إلى عالم الألفاظ ، إذ هو (عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي بالأشياء التي تدور في صدر الإنسان ، وإنما قال «الصدور» لأن القول في القلب والقلب في الصدر ، فمن يعلم ما في الصدر لا يعلم اللفظ؟

[١٥] (أَلا يَعْلَمُ) الخفايا والظواهر (مَنْ خَلَقَ) الخلق؟ وهذا استفهام إنكاري ، أي كيف لا يعلم الله الأشياء وهو الخالق (وَهُوَ اللَّطِيفُ) أي العالم بما لطف ودق ، والشيء اللطيف هو الذي ينفذ في الأشياء بسهولة ويسر ، وتوصيفه سبحانه به باعتبار نفوذ علمه وقدرته (الْخَبِيرُ) المطلع على الأشياء ، وهو أدق معنى من «العالم».

٤٧٠

هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ

____________________________________

روى إن المشركين كانوا يقولون عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأقوال السيئة وكان جبرئيل عليه‌السلام يخبره بما قالوا ، فإذا أراد أحدهم التحدث حوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال بعضهم لبعض : أسروا قولكم لئلا يطلع محمد ، فنزلت هذه الآيات (١).

[١٦] (هُوَ) الله (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ) أيها البشر (الْأَرْضَ ذَلُولاً) أي سهلة مسخرة ، للبناء والزرع ودفن الأموات والسير وإجراء الأنهر والقنوات ، وغيرها ، من «ذل» بمعنى خضع ولان (فَامْشُوا) أيها البشر (فِي مَناكِبِها) جمع منكب والمراد به الطريق (وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) الذي حصلتم عليه بالزرع ونحوه (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) أي إن بعثكم إليه سبحانه ، فهو المبدأ والمآل ، ومعنى «إليه» إلى حسابه وجزائه.

[١٧] ثم بعد التذكير بنعم الله ليشكر البشر ، جاء السياق للتهديد بأنهم إن بقوا في الكفر والعصيان كانوا مظنة للعذاب والنكال ـ والسائق للناس إلى الخير إما النعمة أو النقمة ـ (أَأَمِنْتُمْ) أي هل أمنتم أيها البشر من (مَنْ فِي السَّماءِ) من الملائكة الموكلين بأموركم من قبله سبحانه (أَنْ يَخْسِفَ) فاعله «من في السماء» (بِكُمُ الْأَرْضَ) حتى تنهار الأرض في الأعماق معكم ، كما فعل بقارون وقوم لوط. ويحتمل أن يراد

__________________

(١) مجمع البيان : ج ١٠ ص ٧٦.

٤٧١

فَإِذا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ

____________________________________

ب «من في السماء» الله سبحانه ، وكونه في السماء باعتبار أن أمره إلى الأرض يصدر من هناك ، كما قال سبحانه (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) (١) وقال (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) (٢) (فَإِذا هِيَ) أي تفاجئون بأن الأرض (تَمُورُ) أي تضطرب وتتحرك ، من «مار» بمعنى تحرك واضطرب.

[١٨] (أَمْ أَمِنْتُمْ) أيها البشر ، من (مَنْ فِي السَّماءِ) على أحد المعنيين (أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ) إن تماديتم في الكفر والعصيان (حاصِباً) أي ديما ذات حجارة ، تحصبكم كما حوصب قوم لوط ، وتذكير «حاصب» باعتبار تقدير «شيئا» (فَسَتَعْلَمُونَ) حين ذاك (كَيْفَ نَذِيرِ) أي كيف كان إنذاري بالعذاب صدقا.

[١٩] وليس ذلك ببعيد من الكفار ، ألم يعرفوا أن الأمم السابقة حيث كذبوا ابتلوا بمثل هذا العذاب (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) بآيات الله ورسله (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ)؟ أي إنكاري عليهم حيث عذبوا بأنواع العذاب ، من غرق وخسف وحصب وغيرها.

[٢٠] وكيف ينكر هؤلاء وجود الله أو قدرته وهم يرون الآيات الكونية بأعينهم؟ (أَوَلَمْ يَرَوْا) هؤلاء الكفار (إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ) في السماء

__________________

(١) الزخرف : ٨٥.

(٢) الذاريات : ٢٣.

٤٧٢

صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩) أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ

____________________________________

(صافَّاتٍ) تصف أجنحتها فوق رؤوسهم في حال الطيران (وَيَقْبِضْنَ) أجنحتهن بعد البسط ، فذات مرة صافات ، وذات مرة يقبضن وهو الدفيف ، والطير جنس ولذا جيء وصفه بالجمع ، كما أن الجمع بالنون يأتي للعاقل وغيره كما مر سابقا.

(ما يُمْسِكُهُنَ) أي يحفظهن في الهواء في صفيف أو دفيف (إِلَّا الرَّحْمنُ) الذي يتفضل بالرحم لكل شيء ، فمن يا ترى أعطى الطير هذه القدرة ، وأعطى الهواء قابلية الحمل غير الله سبحانه؟ (إِنَّهُ) سبحانه (بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) فيعرف المناسب لكل شيء والصالح لكل شيء فيعطي حسب الصلاح والحكمة ، وحسب بصيرته سبحانه أعطى الطير هذه القدرة والسماء هذه القابلية ، و «بصير» هنا بمعنى الخبروية في الأمور لا بمعنى النظر.

[٢١] (أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ) «أم» منقطعة و «من» استفهام مبتدأ ، و «هذا» مبتدأ ثان ، و «الذي» خبره ، و «هو جند لكم» مبتدأ وخبر ، والمجموع صلة الذي (يَنْصُرُكُمْ) صفة «جند» والاستفهام إنكاري ، والمعنى من هو الذي تزعمونه جندا لكم ينصركم يوم القيامة من عذاب الله؟ ... والمراد أنه لا جند لكم هذه صفته (مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ) وكأنه يقال للكفار بأي قوة تعصون الله؟ ألكم جند يدفع عذاب الله ، حتى تعتمدون عليه في عصيانه؟

٤٧٣

إِنِ الْكافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ (٢٠) أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (٢١) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٢) قُلْ

____________________________________

ثم يأتي السياق ليبين أنه لا جند للكفار ، وإنما غرتهم الحياة الدنيا (إِنِ الْكافِرُونَ) أي ليس الكافرون (إِلَّا فِي غُرُورٍ) قد غرهم الشيطان بأنه لا عذاب ولا نكال ، فاعتمدوا عليه في الكفر والعصيان.

[٢٢] (أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ)؟ فهل هناك أحد يعطيكم الرزق (إِنْ أَمْسَكَ) الله (رِزْقَهُ) حتى يقوم ذلك الرازق مقام الله في الإعطاء وإذ لا رازق غيره فكيف تعصون الله ولا تخافون أن يقطع رزقكم فتبقون بلا رزق ولا طعام (بَلْ) إنهم يعلمون أن لا رازق غيره ، وإنما (لَجُّوا) أي استمروا في اللجاج والمخالفة (فِي عُتُوٍّ) أي تعد عن الحق ، من «عتى» (وَنُفُورٍ) أي تنفر عن الإسلام والحق.

[٢٣] (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى) بأن يكون وجهه وبطنه على الأرض يمشي بكل صعوبة ، هل هذا الشخص أحسن وأعلم بالطريق (أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا) مستويا مستقيما ، على رجليه ، وهو (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)؟ أي طريق موصل إلى السعادة في أقصر مسافة ، فالكافر كمن يمشي مكبا على وجهه ، إذ طريقه وعر صعب لا يعرف الخلاص من المشاكل والمكاره ، بخلاف المؤمن الذي يرى طريقه ويسهل عليه المشي ويصل إلى الغاية المتوخاة في أقرب وقت.

[٢٤] (قُلْ) يا رسول الله لهؤلاء الجاحدين لله ، والذين يجعلون معه

٤٧٤

هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٢٣) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦)

____________________________________

شريكا (هُوَ) الله وحده (الَّذِي أَنْشَأَكُمْ) أي خلقكم أيها البشر (وَجَعَلَ لَكُمُ) أي لمنفعتكم (السَّمْعَ) أريد به الجنس (وَالْأَبْصارَ) أي العيون (وَالْأَفْئِدَةَ) جمع «فؤاد» وهو القلب ، وكأن توحيد السمع وتجميع الأبصار والأفئدة للتفنن في التعبير (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) «ما» مصدرية ، أي قليلا شكركم ، بعد إعطائه سبحانه لكم هذه النعم العظام.

[٢٥] (قُلْ) يا رسول الله لهؤلاء (هُوَ) الله وحده (الَّذِي ذَرَأَكُمْ) أي خلقكم بالتناسل والتوالد (فِي الْأَرْضِ) وأسكنكم إياها (وَإِلَيْهِ) أي إلى حساب الله وجناته (تُحْشَرُونَ) أي تبعثون وتجمعون في يوم القيامة فمنه المبدأ وإليه المعاد.

[٢٦] (وَيَقُولُونَ) أي الكفار المنكرون للمعاد (مَتى هذَا الْوَعْدُ) أي في أي زمان يكون البعث (إِنْ كُنْتُمْ) أيها المؤمنون (صادِقِينَ) في أن هناك حشرا وجزاء؟

[٢٧] (قُلْ) يا رسول الله في جواب هؤلاء السائلين عن وقت المعاد (إِنَّمَا الْعِلْمُ) بوقت القيامة (عِنْدَ اللهِ) فهو العالم به (وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ) لكم أنذركم وأخوفكم عن مجيئه حيث تعذبون إن بقيتم على الكفر والعصيان (مُبِينٌ) واضح ظاهر ، أنذركم بكل وضوح وجلاء.

٤٧٥

فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٨)

____________________________________

[٢٨] (فَلَمَّا رَأَوْهُ) أي رأوا العذاب (زُلْفَةً) أي قريبا ، من «زلف» بمعنى قرب ، والمراد من «رأوا» المستقبل ، وإنما نزل منزلة الماضي لتحقق وقوعه ، نحو (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) (١) (سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي علت وجوههم الكآبة ، وظهرت عليها آثار الخوف والحزن من «ساء» (وَقِيلَ) للكفار ، والقائل الملائكة والرسل والمؤمنون حين يرى الكفار العذاب (هذَا) هو العذاب (الَّذِي كُنْتُمْ) أيها الكفار (بِهِ تَدَّعُونَ) أي تطلبون وتستعجلون من الدعاء ، قالوا «تدعون» و «تدعون» بمعنى ، فقد كان الكفار يقولون (مَتى هذَا الْوَعْدُ)؟ ويطلبون عجلة العذاب استهزاء.

[٢٩] (قُلْ) يا رسول الله لهؤلاء الكفار (أَرَأَيْتُمْ) أي أخبروني (إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ) أي أماتني (وَمَنْ مَعِيَ) من المؤمنين قبل تعذيبكم (أَوْ رَحِمَنا) بتأخير الموت عنا لنرى عذابكم (فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) أي أن موتي لا ينفعكم في عدم نزول العذاب بكم ، فقد كانوا يتمنون موت الرسول والمؤمنين ليستريحوا إلى كفرهم وأصنامهم ، فجاء السياق ليبين أن موت الرسول لا يفيدهم في إجارتهم من عذاب الله الذي استحقوه بسبب الكفر والآثام.

__________________

(١) الكهف : ١٠٠.

٤٧٦

قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (٣٠)

____________________________________

[٣٠] (قُلْ) يا رسول الله لهؤلاء الكفار (هُوَ الرَّحْمنُ) الذي ندعو إليه (آمَنَّا بِهِ) وصدقنا وجوده وصفاته وأوامره ووعوده (وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا) في أمورنا وفوضنا إليه حوائجنا (فَسَتَعْلَمُونَ) أيها الكفار في يوم القيامة (مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ) وانحراف (مُبِينٍ) واضح؟ هل نحن أم أنتم؟

[٣١] (قُلْ) يا رسول الله لهؤلاء الكفار ، وكيف تكفرون بالله ، والحال أن «ماءكم» الذي به حياتكم تحت أمره وتصرفه حتى لو شاء قطعه عنكم لهلكتم عطشا؟ (أَرَأَيْتُمْ) أي أخبروني (إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً) أي غائرا في الأرض بحيث لا تتمكنون من إخراجه (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ)؟ أي ظاهر للعيون ، أو بمعنى جار سهل التناول؟ فهل هناك أحد غير الله يأتيكم بالماء؟ وإذ لا أحد إلا الله لذلك فكيف تعرضون عنه وتكفرون به.

٤٧٧

(٦٨)

سورة القلم

مكية / آياتها (٥٣)

سميت السورة بهذا الاسم لاشتمالها على لفظ «القلم» ، وهي كسائر السور المكية تعالج قضايا العقيدة في أصولها الثلاث : الألوهية والرسالة والمعاد ، وإذا ختمت سورة «الملك» بذكر الكفار وتكذيبهم ، افتتحت هذه السورة بمثل ذلك.

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (١)

[١] (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) نستعين باسم الإله ، فقد أجلّ القارئ «الله» سبحانه من أن يستعين به وإنما استعان باسمه ، نحو «لاذ الفقراء بجنابك» فان «جناب» هو العتبة ، كأنه سبحانه أجلّ من أن يلوذ به الفقراء ، الرحمن الرحيم الذي يتفضل بالرحمة لكل شيء ، ولكل أحد ، فقد وسعت رحمته كل شيء.

٤٧٨

ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (١) ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)

____________________________________

[٢] (ن) من جنس هذا الحرف ـ وهي حروف التهجي ـ يتركب القرآن المعجز الذي لو اجتمعت الجن والإنس على أن يأتوا بمثله لا يقدرون أو رمز بين الله وبين الرسول ، وفي رواية أنها نهر في الجنة جمد فصار مدادا ، وبه وبالقلم كتب على اللوح المحفوظ ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة (١).

(وَالْقَلَمِ) أي قسما بالقلم الذي يكتب الناس به ، وإنما أقسم به لما تقدم من أن كل خلق من خلق الله جليل عظيم ، والله يحلف بمختلف صنوف خلقه ، إشارة إلى العظمة الكامنة فيه ، أو المراد القلم الذي كتب في اللوح المحفوظ (وَما يَسْطُرُونَ) أي قسما بما يكتب الناس ، أو الملائكة ، من «سطر» بمعنى كتب.

[٣] (ما أَنْتَ) يا رسول الله (بِنِعْمَةِ رَبِّكَ) أي بسبب نعمة الله عليك بالرسالة (بِمَجْنُونٍ) كما يزعم الكفار ، فإنهم كانوا يرمونه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالجنون بسبب أن الله أنعم عليه بالرسالة.

[٤] (وَإِنَّ لَكَ) يا رسول الله (لَأَجْراً) وجزاء على قيامك بمهمة البلاغ (غَيْرَ مَمْنُونٍ) أي غير مقطوع ، فإنّ «منّ» بمعنى قطع.

[٥] (وَإِنَّكَ) يا رسول الله (لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) إذ تحتمل المشاق والمتاعب في سبيل التبليغ بكل رحابة صدر ، وقد أوذي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى قال «ما أوذي نبي مثل ما أوذيت».

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٥٤ ص ٣٦٨.

٤٧٩

فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٧) فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩)

____________________________________

[٦] (فَسَتُبْصِرُ) أي سترى أنت يا رسول الله (وَيُبْصِرُونَ) أي يرون هؤلاء الكفار الذين يرمونك بالجنون.

[٧] (بِأَيِّكُمُ) أنت أم هم (الْمَفْتُونُ) أي المجنون ، أي هل حل الجنون بك أم حل بهم حتى أعرضوا عن الحق فهل المجنون الذي يترك نافعه ويأخذ ضاره؟ والمفتون مصدر أو اسم مفعول تشبيها بأن شخصا مفتونا حل فيه ـ وهذا من بديع البلاغة.

[٨] (إِنَّ رَبَّكَ) يا رسول الله (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) هل هو أنت ـ كما يقولون ـ أم هم ـ كما هو الواقع؟ ومعنى الضلال عن سبيله الانحراف عن الطريقة التي قررها سبحانه للوصول إلى سعادة الدنيا والآخرة (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) الذين اهتدوا إلى السبيل الصحيح وهو سبيل الإسلام.

[٩] وإذ قد تبين لك الطريق الواضح (فَلا تُطِعِ) يا رسول الله (الْمُكَذِّبِينَ) بتوحيدك وبشريعتك ، بل ذرهم وشأنهم.

[١٠] (وَدُّوا) أي أحب هؤلاء الكفار (لَوْ تُدْهِنُ) أي تجامل الكفار وتلين لهم ، فكأن المجامل يستعمل الدهن ليتلائم مع الطرف المقابل ، كما يستعمل الدهن لتلائم الشيئين الخشنين حتى لا يصطدما ولا يصطكا بعنف (فَيُدْهِنُونَ) أي فيجاملونك وبذلك يخففوا من وقع التبليغ على أنفسهم.

٤٨٠