دستور الأخلاق في القرآن

الدكتور محمّد عبدالله درّاز

دستور الأخلاق في القرآن

المؤلف:

الدكتور محمّد عبدالله درّاز


المحقق: الدكتور عبدالصبور شاهين
الموضوع : الأخلاق
الناشر: مؤسسة دار الكتاب الاسلامي
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
ISBN: 964-465-053-0
الصفحات: ٩٦٢

ولكن ، إذا كانت مكافأة كهذه ليست ، ولا يمكن أن تكون ، نظيرا لأعمالنا ـ إذا نظرنا إليها في ذاتها ـ ، فإنّها منذئذ تصبح موضوعا لوعد ، أو إلتزام ؛ هي العوض في عقد مبرم بين الله ، والإنسان : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) (١) ، بشرط أن تبلغ أعمالنا ـ على الأقل ـ قدر الأعمال العظيمة ، وأن تكون طاهرة ، غير ناقصة ، وأن تستوفي ـ في جملتها ـ الشّروط المطلوبة ، حتّى يتقبلها الله ، وهو ما يستحيل ، في الحالة الّتي نحن عليها ، أن نحكم به على يقين.

وفسر لنفسك بهذه الألوان ، والظّلال حالة التّباين الظّاهري بين القول النّبوي ، الّذي يرى أنّ قبول الصّالحين في الجنّة ليس إلا منحة من فضل الله ، وهو قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما روي عن أبي هريرة رضى الله عنه : «لن يدخل أحدا عمله الجنّة ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟. قال : ولا أنا ، إلّا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة» (٢). وبين الأقوال القرآنية الّتي تتحدث عن ذلك الميراث السّماوي ، بإعتباره ثمنا مترتبا على أعمالنا من مثل قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٣) ، وقوله : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤).

__________________

(١) التّوبة : ١١١.

(٢) انظر ، صحيح البخاري : ٧ / ١٠ ، مسند أحمد : ٢ / ٢٣٥ ، سنن الدّارمي : ٢ / ٣٠٦ ، صحيح مسلم : ٨ / ١٣٩ ، السّنن الكبرى : ٣ / ١٨ ، مجمع الزّوائد : ١٠ / ٣٥٦ ، فتح الباري : ١١ / ٣٥٤ ، الدّيباج على مسلم : ٦ / ١٧٠ ، المصنّف لعبد الرّزاق : ١١ / ٢٨٩ ، المعجم الكبير : ٧ / ٣٠٧.

(٣) الزّخرف : ٧٢.

(٤) النّحل : ٣٢.

٤٨١

٤ ـ الجزاء الإلهي :

طبيعة الجزاء الإلهي ، وأشكاله :

لقد آن لنا أن نسأل أنفسنا عن طبيعة الجزاء الإلهي ، ومجاله ، على ما وصفه القرآن.

فعلى حين تجعل التّوراة السّعادة الموعودة في طيبات هذا العالم ، ويحصرها الإنجيل تقريبا في السّماء ، نجد أنّ القرآن ـ كما سبق أن وضحنا ـ يريد أن يجمع هذين المفهومين ، وأن يوفق بينهما.

والحقّ ، أنّ الأمر بالنسبة إلى القرآن أمر مصالحة ، وتوفيق ، فهو يريد أن يثبت في وحدتهما الأولية عنصرين متكاملين لواقع واحد ، عمل الشّراح الكتابيون بصورة ما على شطره ، حين ألح كلّ فريق من جانبه ، إلحاحا شديدا على الجانب الّذي تركه الآخر في كنف الغموض.

ومع ذلك ، فلو كان الأمر أمر توفيق ، أو مصالحة فقط لما نهض هذا الجمع بين النّظامين مطلقا بتفسير النّظام القرآني ، لأنّ مبدأ هذا التّركيب حين وضع ، زاد القرآن في تحديده ، وأثراه ، حين أدخل فيه كثيرا من العناصر الجديدة.

ولنذكر أوّلا الآيات الّتي يكتفي القرآن فيها بإقرار هذا المبدأ على وجه الإيجاز ، إنّه يعلن أنّ الجزاء الإلهي ـ دون أن يحدد طبيعته ـ سوف يحدث في موعدين ، يستوي في ذلك الصّالحون ، والطّالحون ؛ وفي الصّالحين يقول الله سبحانه : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا

٤٨٢

عَذابِ النَّارِ) (١) ، وفي الطّالحين يقول سبحانه : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (٢). ولئن كانت الآيات الّتي أشرنا إليها آنفا لا تحدد طبيعة الجزاء الإلهي ، فإنّ النّصوص في مواضع أخرى تحدثنا عن طبيعته على نحو يتفاوت في تفاصيله. ومع أنّه يشق في بعض الحالات أن نقرر عن أي الحياتين يتحدث ، في مثل قوله تعالى : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) (٣) ـ فلسوف نحاول أن نبحث على حدة كلا من لحظتي هذا الجزاء الإلهي : في العاجلة ، وفي الحياة الأخرى الآجلة.

١ ـ «الجزاء الإلهي في العاجلة»

هذا الوعد بالجزاء الإلهي هو في جانب كبير منه ذو طابع أخلاقي : عقلي ، أو روحي ، فالطابع المادي الخالص يمثل هنا ، على نقيض المنهج العبراني ، نسبة تافهة ، إن لم يكن كمية سلبية ، وسنرى الآن أي اعتدال يتفرد به القرآن وهو يعبر عن هذا النّوع من الخير العاجل.

ا ـ الجانب المادي :

والموضع الوحيد الّذي ينشيء وعدا ببعض الخير العاجل ـ فيما عدا العبارات الموجزة الّتي ذكرناها آنفا ، والّتي تعلن ببساطة أنّ الفضيلة سوف تحصل على

__________________

(١) بالنسبة إلى الخير : البقرة : ٢٠١ ، آل عمران : ١٤٨ ، النّساء : ١٣٤ ، يوسف : ٥٦ و ٥٧ ، النّحل : ٣٠ و ٤١ و ٩٧ و ١٢٢ ، العنكبوت : ٢٧ ، فصلت : ٣١ (ـ ٨ آ و ٣ ب).

(٢) وبالنسبة إلى الشّر ، البقرة : ٨٥ و ١١٤ ، آل عمران : ١٢ و ٥٦ ، المائدة : ٤١ ، التّوبة : ٧٤ ، النّحل : ٧٥ ، الحجّ : ٩ و ١١ ، النّور : ١٩ ، السّجدة : ٢١ ، الزّمر : ٢٦ و ٤٠ ، فصلت : ١٦ ، نوح : ٢٥ (ـ ٦ آ و ٩ ب).

(٣) البقرة : ٢٧٦.

٤٨٣

نصيب من ثوابها في هذه الحياة ، وعلى جزء آخر (وهو الأفضل) فيما بعد ـ فيما عدا هذا فإنّ الموضع الوحيد الّذي يحتوي في الظّاهر عنصرا ماديا قد جاء على هذا النّحو في قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (١) (ـ ١ ب).

والقول الثّاني في نفس السّورة أقل من هذا تحديدا ـ أعني تضمنا للجانب المادي ، وهو قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) (٢).

وفي آية أخرى لا يشتمل التّعبير على معنى وحيد ، إذ قد يكون له تأويل يحمل عليه ، قوله تعالى : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً) (٣) ، فقد يكون معناه : (يجد في الأرض حرية ، ورخاء) ، وقد يكون معناه : (يجد في الأرض منجاة من أعدائه ، ويؤدي عمله في أوسع مجال) ، وهذا التّفسير الأخير يتفق مع السّياق : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً) (٤).

وإنّا لنلمح نفس الغموض في العبارة الّتي تعد هؤلاء المهاجرين بقوله تعالى : (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (٥).

وفكرة الخير الموعود في هذه الحياة لأهل الخير هي فكرة أكثر عموما ،

__________________

(١) الطّلاق : ٢ ـ ٣.

(٢) الطّلاق : ٤.

(٣) النّساء : ١٠٠.

(٤) النّساء : ٩٧.

(٥) النّحل : ٤١.

٤٨٤

فالحقّ سبحانه يقول : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ) (١).

وأخيرا ترتدي السّعادة المعلنة صفة سلبية شاملة ، في ذلك الخطاب للكافرين : (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) (٢).

أمّا بقية النّصوص فليست وعودا ، ولا إنذارات مباشرة ، ولكنها أنباء تأريخية ، قديمة ، أو معاصرة للوحي ، تفسرها علاقاتها بالأحداث الأخلاقية ، وأكثر النّصوص تلح بخاصة على الجانب العقابي ، أو السّالب من الجزاء. فبلد معين ، أو مجموعة معينة كانت تعيش في بحبوحة ، تجد نفسها في أمن ، ودعة ، حتّى ذلك اليوم الّذي توعدها الله فيه بالرعب ، والمسغبة ، فضربها الله بمصيبة تهلك حرثها ، وثمراتها ، وتنزف منابعها.

وفي بعض الآيات ينسب القرآن هذا البلاء ، وهذا التّحول في المصير ـ إلى نقص الإيمان بالله ، وجحود فضله ، ومن ذلك قوله تعالى : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) (٣) ، (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا) (٤).

وفي مواضع أخرى يفسر القرآن ذلك التّحول في المصير إمّا لفرط الطّمأنينة الّتي يحس بها النّاس تجاه مستقبلهم (ناسين قدرة الله) ، وفي ذلك يقول سبحانه :

__________________

(١) الزّمر : ١٠.

(٢) هود : ٣.

(٣) النّحل : ١١٢.

(٤) سبأ : ١٧.

٤٨٥

(قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً) (١) ، وإمّا أن يكون العقاب بسبب إخلال النّاس بواجباتهم الإجتماعية ، وعدم إحساسهم ببؤس إخوانهم ، مثل قوله تعالى : (إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (٢).

__________________

(١) الكهف : ٣٥ ـ ٤٢.

(٢) القلم : ١٧ ـ ٣٣.

٤٨٦

وجملة القول أنّ القرآن يفسر التّحول بالكبائر الإنسانيّة : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (١) (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) (٢). (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ) (٣).

وأخيرا : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) (٤).

وهذا النّص الأخير ـ فضلا عن ذلك ـ لا يقدم هذا الإحسان الموعود على أنّه مكافأة ، بل هو إختبار ، وفتنة.

ففي الحالات الشّديدة الخطر يدفع المتمردون ، من حياتهم ، لا من أموالهم ، أمّا حالة الفساد العام ؛ فإنّ الله سبحانه يقابلها بتدمير الشّعب كلّه ، وإهلاكه : (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ) (٥). (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً) (٦). وهذا طبعا بإستثناء أولئك الّذين يبرهنون على إحسانهم ، وطاعتهم ، فهؤلاء ينجيهم الله من وقع ضرباته : (نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ) (٧) ، (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (٨).

__________________

(١) الرّوم : ٤١.

(٢) الأعراف : ٩٦.

(٣) المائدة : ٦٦.

(٤) الجن : ١٦.

(٥) هود : ١٠٢.

(٦) الإسراء : ١٦.

(٧) القمر : ٣٤ و ٣٥.

(٨) الصّافات : ٨٠.

٤٨٧

وهكذا يستخدم القرآن بلا توقف تأريخ الأمم القديمة العاصية ، حتّى يكون لدى الظّالمين الّذين يخلفونهم على الأرض مثل أسلافهم ، متمثلا دائما في أذهانهم ، ولا سيما الكافرين على عهد النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، الّذين لم يكونوا خيرا ، ولا أشد قوة من الأقدمين : (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ) (١) ، بل على العكس : (مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) (٢).

وإذن ، فالخونة جميعا عرضة للمؤاخذة ، تؤهلهم ذنوبهم لأن يعاقبوا بقسوة ، وليس في طاقة أحد أن يؤمن العصاة من أن تحل بهم مصيبة ، في البر ، أو في البحر ، على حين غفلة : (أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) (٣) ، أو تصيبهم قارعة وهم نائمون ، أو وهم يلعبون : (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ) (٤) ، أو يكون ذلك خلال سفرهم : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) (٥) ، أو يكون صاعقة سماوية : (يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) (٦) ، أو خسفا : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ) (٧) أو بأية وسيلة أخرى لا يعلمونها : (أَوْ

__________________

(١) القمر : ٤٣.

(٢) الأنعام : ٦ ، الرّوم : ٩ ، فاطر : ٤٤ ، غافر : ٢١ و ٨٢ ، الأحقاف : ٢٦.

(٣) الإسراء : ٦٨ ـ ٦٩.

(٤) الأعراف : ٩٧ ـ ٩٨.

(٥) النّحل : ٤٦.

(٦) الإسراء : ٦٨ ، الملك : ١٧.

(٧) النّحل : ٤٥ ، الملك : ١٦.

٤٨٨

يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) (١) ، وعلى كلّ حال فسيّان أن يكون ذلك إهلاكا شاملا عاجلا ، أو إفناء بطيئا : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) (٢).

ومن الواضح في كلّ ذلك أنّ الأمر لا يتصل مطلقا بعقوبة مقدرة بقدرها ، بل بدرس يستخلص من التّأريخ الإنساني ، ومن القانون الكوني ، فالمهم هو إثارة الإنتباه لدى الأغنياء ، والأقوياء ليروا أنّ أمنهم ، وترفهم بمكان من الوهم والبطلان.

ب ـ عنصر يتصل بتأييد جماعة المؤمنين

هنالك فوق الحياة البدنية ، والمادية المحضة مجال آخر تعزّ فيه الهموم على النّاس ، وتغلو ، أعني : مجال مصير مثلهم العليا ، ومجال مشاعرهم الجماعية ، وبهذا الملحظ نجد أنّ الوعود على العكس أكثر عددا ، ومباشرة ، وصراحة. فقد حدث أثناء المعارضة الضّارية الّتي هبت ضد النّبي ، وصحابته أنّ تحالف الكفار ، والمنافقون ، فلم يكتف القرآن بأن ساق إلى المؤمنين هذا العزاء الّذي يقول لهم : (وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) (٣) ، ولم يقتصر على قوله : (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) (٤) ، ولكن يعدهم بتأييده الإيجابي : (وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) (٥) ، (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (٦) ، (إِنَ

__________________

(١) النّحل : ٤٥.

(٢) النّحل : ٤٧.

(٣) آل عمران : ١٢٠ (ـ ١ ب).

(٤) الحجّ : ٣٨ (ـ ١ ب).

(٥) الأنفال : ١٩ (ـ ١ ب).

(٦) البقرة : ١٩٤ ، التّوبة : ٣٦ و ١٢٣ (ـ ٣ ب).

٤٨٩

اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (١) ، وهو (وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (٢) ، و (مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا) (٣) ، (فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (٤).

وإذا كانت القدرة مما تفرد به الله ، فإنّه يعطي بعضها لأوليائه : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (٥) ، (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) (٦) ، والله سبحانه يتيح لهذا الحزب المساعدة ، والنّصر : (نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) (٧) ، (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) (٨) ، (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) (٩) ، (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠) ، (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) (١١) ، (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) (١٢) ، (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٣).

__________________

(١) البقرة : ١٥٣ ، الأنفال : ٤٦ و ٦٦.

(٢) آل عمران : ٦٨ ، محمّد : ١١ ، الحجّ : ٣٨ (ـ ٣ ب).

(٣) آل عمران : ٦٨ ، محمّد : ١١ ، الحجّ : ٣٨ (ـ ٣ ب).

(٤) الحجّ : ٣٨ ، آل عمران : ٦٨ ، محمّد : ١١. (ـ ٣ ب).

(٥) المنافقون : ٨ (ـ ١ ب).

(٦) المائدة : ٥٦ (ـ ١ ب).

(٧) الصّف : ١٣ (ـ ١ ب).

(٨) الحجّ : ٤٠ (ـ ١ ب).

(٩) محمّد : ٧ (ـ ١ ب).

(١٠) الرّوم : ٤٧ (ـ ١ آ).

(١١) الصّافات : ١٧١ ـ ١٧٣ (ـ ١ آ).

(١٢) المجادلة : ٢١ (ـ ١ ب).

(١٣) آل عمران : ١٣٩ (ـ ١ ب).

٤٩٠

أمّا خصومهم فعلى العكس من ذلك مسوقون إلى الهزيمة ، وإلى العذاب :

(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ) (١) ، وهم موعودون بالذّل : (أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) (٢) ، مشمولون بالخزي : (غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ) (٣) ، (وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) (٤) ، ولسوف تحطم قوتهم : (دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها) (٥) ، ولا ريب : (إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) (٦) ، ولكن : (وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) (٧) ، فهم : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٨). (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (٩).

ويمضي أحد النّصوص في هذه الطّريق إلى أقصى غاية ، فإنّ الأفق الّذي يفتحه أمام المؤمنين الصّالحين لا يقتصر على انتصار قضيتهم العادلة ، وانتصار

__________________

(١) آل عمران : ١٢ ، الأنفال : ٣٦ ، القمر : ٤٥ (ـ ١ آ و ٢ ب).

(٢) المجادلة : ٢٠ (ـ ١ ب).

(٣) التّوبة : ٢ ، الحشر : ٥ (ـ ٢ ب).

(٤) التّوبة : ٢ ، الحشر : ٥ (ـ ٢ ب).

(٥) محمّد : ١١ (ـ ٢ ب).

(٦) الجاثية : ١٩.

(٧) محمّد : ١١ (ـ ١ ب).

(٨) التّوبة : ٣٢ ـ ٣٣ ، والفتح : ٢٨ ، الصّف : ٨ و ٩ (ـ ٣ ب).

(٩) الرّوم : ٤ ـ ٥ (ـ ١ آ).

٤٩١

الذائدين عنها ، وإنّما هو الحكم في هذه الدّنيا : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (١).

وإنّا لنعلم أنّ ذلك كان خلال عدة قرون ، ولكنه يبقى ما بقيت شروطه متحققة ، فإذا كان بعض الأمور قد اختلف ، فإنّما قد كان طبقا لنفس القانون ، لأنّ من المكتوب الإلهي : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (٢). وأهم الفضائل المطلوبة لأهلية الحكم الفضيلة الإجتماعية ، فمن المشاهد أنّ حكما علمانيا يمكن أن يستمر ، ويزدهر بالإتحاد ، والعدالة أكثر من حكم أدعياء الإيمان ، إذا ما ركنوا إلى الأخلاق المنحلة ، وإلى الفوضى ، والعصيان ، ولقد أعلن القرآن هذه الحقيقة في قوله : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) (٣).

فهذه فيما يتعلق بالجانب الجماعي (ـ ٤ آ و ٣١ ب).

جـ ـ «الجانب العقلي ، والأخلاقي»

بيد أنّ الجزاء الإلهي لا يتوقف عند هذا الحدّ ، فهو لا يقتصر على تثبيت أقدام المؤمنين أمام عقبات الحياة المادية ، أو إشباع مطامحهم الجماعية إلى السّلام

__________________

(١) النّور : ٥٥ (ـ ١ ب).

(٢) الأنبياء : ١٠٥.

(٣) محمّد : ٣٨. (ـ ١ ب).

٤٩٢

والرّفعة ، وإنّما هو يتعمق أكثر ، حتّى يصل إلى أعمق ملكاتنا ، وأكثرها رقيا ، ليصبح بذلك مكملا ضروريا للجزاء الأخلاقي الحقّ.

والواقع أننا عند ما قلنا آنفا : إنّ الخير ينير النّفس ، ويزكي القلب ، ويقوي الإرادة الخيرة ، وإنّ الشّر يدنس ، ويعمي ، ويفسد ـ فقد كانت تلك إشارة إلى اتجاه ، أكثر منه واقعا ، وإلى نواة ، أكثر منها كائنا مصوّرا ، وإلى مرحلة أولى في تأريخ طويل ، وإلى حالة نشأت حافلة بإمكانات عديدة ، قابلة للإيقاف ، والتّحول ، للتقدم والنّكوص ، إلى ما لا نهاية. ولكي نضع هذه الحالة النّاشئة على إحدى الطّرق المفتوحة أمامها يلزمنا مبدأ فعال ، قادر على توجيهها في هذا الإتجاه أو ذاك.

وإذن .. فهاكم ذلكم المبدأ الفعال!!. إن خالق الفطرة ذاته هو الّذي أوجب على نفسه هنا أن يهدي هذه الفطرة إلى الغاية الّتي تتجه إليها.

فالله سبحانه سوف يرشد أولئك الّذين يعملون له ـ إلى الطّرق الّتي تهدي إليه : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) (١) ، وسوف يهدي قلوب الّذين يؤمنون به : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) (٢). وسوف يبدد ظلماتهم ، ويوصلهم إلى النّور : (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (٣).

وسوف يرشدهم إلى الطّريق المستقيمة : (وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) (٤).

__________________

(١) العنكبوت : ٦٩ (ـ ١ آ).

(٢) التّغابن : ١١ (ـ ١ آ).

(٣) البقرة : ٢٥٧ ، المائدة : ٦ ، الأحزاب : ٤٣ ، الطّلاق : ١١ (ـ ٤ ب).

(٤) النّساء : ٦٨ و ١٧٥ ، المائدة : ١٦ ، يونس : ١٠ ، الحجّ : ٥٤ (ـ ١ آ و ٤ ب).

٤٩٣

والّذين يلزمون الصّدق ، والإستقامة في أقوالهم يصلح الله لهم نقائص أفعالهم : (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) (١).

والّذين يراعون أوامره على تقوى سوف يمنحهم القوة على تمييز الحقّ من الباطل ، والخير من الشّر : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) (٢). وسوف يقدم إليهم نورا هاديا : (وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ) (٣).

وسوف يصلح نوايا الّذين آمنوا ، وعملوا الصّالحات : (وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) (٤).

والّذين اختاروا الإتجاه الحميد (أو يعملون على أن يتجهوا وجهة الخير) ـ سوف يزيدهم الله نورا ، ويهدي خطاهم على دروب مستقيمة : (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) (٥). وهو ينزل في قلوبهم الطّمأنينة الّتي لا قلق معها ، كيما يدعم إيمانهم : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٦).

أمّا الكافرون ، الظّالمون ، المتكبرون ، المعتدون ، الجاحدون ، المرتابون ، المستبدون ، الكاذبون ، الحانثون ، المفرطون ، المنحرفون ، وكلّ أولئك الّذين اختاروا نهائيا أن يكونوا ضد الشّرع ـ فإنّ الله سبحانه لا يقتصر على عدم هدايتهم ، وهو القائل : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ

__________________

(١) الأحزاب : ٧١ (ـ ١ ب).

(٢) الأنفال : ٢٩ (ـ ١ ب).

(٣) الحديد : ٢٨ (ـ ١ آ).

(٤) محمّد : ٢ (ـ ١ ب).

(٥) مريم : ٧٦ ، محمد : ١٧ (ـ ١ آ و ١ ب).

(٦) الفتح : ٤ و ١٨ (ـ ٢ ب).

٤٩٤

أَلِيمٌ) (١). بل إنّه يبقى على ضلالهم ، ويزيده : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) (٢) ، وهو يقسي قلوبهم : (وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) (٣) ، ويختم على قلوبهم ، وآذانهم ، وأعينهم : (وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) (٤).

وهو يصمهم ويعميهم : (فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) (٥) ، ويزيد مرضهم : (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) (٦) ، ويطيل زمن ضلالهم ، وعماهم : (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٧) ، ويصيبهم بالنفاق : (فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ) (٨) ، وينسيهم أنفسهم حين نسوا الله : (فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) (٩) ، ويتركهم للشيطان : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) (١٠) ، ويقودهم في الظّلمات : (يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) (١١).

__________________

(١) النّحل : ١٠٤ ، آل عمران : ٨٦ ، المائدة : ٥١ ، الأنعام : ١٤٤ ، التّوبة : ١٩ و ١٠٠ ، الأحقاف : ١٠ ، الصّف : ٧ ، الجمعة : ٥ ، المائدة : ١٠٨ ، التّوبة : ٢٤ و ٨٠ ، المنافقون : ٦ ، الصّف : ٥ ، المائدة : ٦٧ ، التّوبة : ٣٧ ، النّحل : ١٠٧ ، الزّمر : ٣ ، غافر : ٢٨. (ـ ٦ آ و ١٣ ب).

(٢) إبراهيم : ٢٧ ، غافر : ٣٤ ، الجاثية : ٢٣ ، الصّف : ٥ (ـ ٣ آ و ١ ب).

(٣) المائدة : ١٣ (ـ ١ ب).

(٤) النّساء : ١٥٥ ، البقرة : ٧ ، الأعراف : ١٠١ ، التّوبة : ٨٧ و ٩٣ ، يونس : ٧٤ ، النّحل : ١٠٨ ، الكهف : ٥٧ ، غافر : ٣٥ ، الجاثية : ٢٣ ، المنافقون : ٣ (ـ ٦ آ و ٥ ب).

(٥) محمد : ٢٣ (ـ ١ ب).

(٦) البقرة : ١٠ (ـ ١ ب).

(٧) البقرة : ١٥ (ـ ١ ب).

(٨) التّوبة : ٧٧ (ـ ١ ب).

(٩) الحشر : ١٩ (ـ ١ ب).

(١٠) الزّخرف : ٣٦ (ـ ١ آ).

(١١) البقرة : ٢٥٧ (ـ ١ ب).

٤٩٥

ولكن الظّالمين ليسوا وحدهم الّذين يلقون هذا الإذلال ، فالمؤمنون أنفسهم يجب أن يذكروا أنّ نورهم ، وإلهامهم ليسا سوى هبة من فضل الله ، يمكن أن تسحب ، إذا ما غيروا موقفهم : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً) (١) ، وهكذا تبلغ النّصوص الّتي تصور هذه الحالة من ردود الفعل الأخلاقية العاجلة (ـ ٢٣ آ و ٤٠ ب).

د ـ الجانب الرّوحي :

وفي الجزاء الإلهي العاجل عنصر أخير ، يتمثل في التّعديل الّذي تحتمه أفعالنا في علاقاتنا مع الله. وليس ما يهمنا الآن هو هذه العلاقة الخارجية على نحو ما ، علاقة المشرّع بالمشرّع له ، أو علاقة القاضي بالمقضى فيه ، وهي العلاقة الّتي تتجلى في نوع من إطلاق السّراح ، أو الإدانة ، وتتيح لنا أن ننال مكافأة ، أو نتعرض لعقاب. وإنّما يهمنا علاقة أخرى أكثر عمقا ، وخصوصية ، كلّ ما عداها ليس إلّا رمزا تختلف درجة كماله ، هذه العلاقة ، حتّى في حالة عدم وجود أي تعبير إيجابي عنها ، تحتفظ بكلّ قيمتها العاطفية ، وهي أسبق في الوجود ، وفي الأهمية. ذلك أنّ موقفنا في مواجهة الشّريعة يجد إجابته العاجلة عند الله ، في قبوله أو رده ، قبل أن يحدث أي ردّ فعل خارجي ، فموقفنا هو الّذي يجعلنا مرضيين ، أو مردودين في عينه ، وهو الّذي يكسبنا ، أو يفقدنا حبّه ؛ الشّيء الجدير بأن نلتمسه عنده.

ولسوف يبرز القرآن الآن هذا الجانب الخاص ، ليؤكده من خلال تعبيره

__________________

(١) الإسراء : ٨٦ ، الشّورى : ٢٤ (ـ ٢ آ).

٤٩٦

الشّفاف :

(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١) ، (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (٢) ، (وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (٣) ، (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (٤) ، (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (٥) ، (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (٦) ، (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) (٧) ، (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) (٨) ، (يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ) (٩) ، وهو يذكر من يذكره : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) (١٠) ، (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (١١) ، والصّابرون : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (١٢) ، و (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (١٣).

__________________

(١) البقرة : ١٩٥ ، آل عمران : ١٣٤ و ١٤٨ ، المائدة : ٩٣ (ـ ٤ ب).

(٢) المائدة : ٤٢ ، الحجرات : ٩ ، الممتحنة : ٨ (ـ ٣ ب).

(٣) آل عمران : ١٤٦ (ـ ١ ب).

(٤) التّوبة : ٤ و ٧ ، آل عمران : ٣١ (ـ ٣ ب).

(٥) البقرة : ٢٢٢ ، التّوبة : ١٠٨ (ـ ٢ ب).

(٦) آل عمران : ١٥٩ (ـ ١ ب).

(٧) آل عمران : ٣١ (ـ ١ ب).

(٨) الصّف : ٤ (ـ ١ ب).

(٩) الحجّ : ٣٧ (ـ ١ ب).

(١٠) البقرة : ١٥٢ (ـ ١ ب).

(١١) فاطر : ١٠ (ـ ١ آ).

(١٢) البقرة : ١٥٧ (ـ ١ ب).

(١٣) الفتح : ١٨ (ـ ١ ب).

٤٩٧

(اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ) (١) ـ أو اتبعوا ، (وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) (٢).

والّذين لا يوادون من حاد الله ورسوله ، ولو كانوا آباءهم ، أو أقرباءهم ـ أولئك (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) (٣). وهو الّذي (كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (٤). والله مع الّذين يخشونه فلا يفعلون الشّر : (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (٥) ، وهو (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) (٦) ، وهو (وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) (٧).

وأخيرا ، فكلما وقف النّاس موقفا يحترم أوامره كسبوا لديه تقديرا أكثر : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (٨).

ونقيض هذه المذكورات كلّها قلّما يغيب عن أعيننا ، فابتعادنا عن الإيمان ، أو عن القاعدة يحدث انقطاعا متفاوت القوة في علاقاتنا بالله ، قد يمكن إصلاحه ، وقد يعسر. إنّ الإنسان حينئذ ـ بدلا من أن يستحق محبته ـ يستوجب غضبه ،

__________________

(١) آل عمران : ١٦٢ و ١٧٤ (ـ ٢ ب).

(٢) الزّمر : ٧ (ـ ١ آ).

(٣) المجادلة : ٢٢ (ـ ١ ب).

(٤) السّابقة (ـ ١ ب).

(٥) النّحل : ١٢٨ ، العنكبوت : ٦٩ (ـ ٢ آ).

(٦) الأعراف : ١٩٦ ، الجاثية : ١٩ (ـ ٢ آ) ـ ولاحظوا أنّ هذه الوحدة ، وهذا الحلف ، والولاية ـ الّذي يمكن أن تحدده السّور المدينة ، على أنّه إمداد عسكري يستهدف الدّفاع عن المؤمنين ، وحمايتهم من ضربات أعدائهم ـ ينبغي أن يمتدا أكثر من ذلك في اتجاه العزاء الرّوحي ، إذ لم يكن القتال مأمورا به ، ولا موافقا عليه إلّا متأخرا جدا ، بعد نزول هذه الآيات المكية ، بل إنّه حتّى في السّور المدنية توجد آيات تعطي تحديدا أخلاقيا صرفا لهذه الولاية الإلهيّة للمؤمنين ، وذلك مثل قوله تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) ـ البقرة : ٢٥٧ (ـ ١ ب).

(٧) الجاثية : ١٩.

(٨) الحجرات : ١٣ (ـ ١ ب).

٤٩٨

ونقمته ، ولعناته ، فضلا عن إجراءات النّكال الإيجابي ، الّتي سوف نشرحها حسب تصنيفها : (كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً) (١) ، والله (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) (٢) و (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (٣) و (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٤) (وهم أولئك الّذين يبدأون الهجوم ، أو يتمادون في القتال بلا مبرر).

و (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (٥) ، و (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (٦) ، و (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ) (٧) ، و (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) (٨) ، و (لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) (٩) ، و (لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً) (١٠) ، و (وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) (١١) ، و (لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً) (١٢) ، و (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) (١٣) ، و (لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) (١٤) ، و (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا

__________________

(١) الإسراء : ٣٨ (ـ ١ آ).

(٢) البقرة : ٢٠٥.

(٣) البقرة : ٢٠٥ ، المائدة : ٦٤ (ـ ٢ ب).

(٤) البقرة : ١٩٠.

(٥) آل عمران : ٥٧ و ١٤٠ ، الشّورى : ٤٠ (ـ ١ آ و ٢ ب).

(٦) الأنعام : ١٤١ ، الأعراف : ٣١ (ـ ٢ آ).

(٧) الأنفال : ٥٨ (ـ ١ ب).

(٨) النّحل : ٢٣ (ـ ١ آ).

(٩) آل عمران : ٣٢ ، الرّوم : ٤٥ (ـ ١ آ و ١ ب).

(١٠) النّساء : ٣٦ ، الحديد : ٢٣ (ـ ١ آ و ١ ب).

(١١) البقرة : ٢٧٦ (ـ ١ ب).

(١٢) النّساء : ١٠٧ (ـ ١ ب).

(١٣) الزّمر : ٧ (ـ ١ آ).

(١٤) التّوبة : ٩٦ (ـ ١ ب).

٤٩٩

مَنْ ظُلِمَ) (١). والله يمقت الأقوال الّتي تكذبها الأفعال : (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) (٢). (وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً) (٣) ، ويزيدهم كذلك مقتا جدالهم في آيات الله على غير أساس : (الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً) (٤). ولكن غضب الله العلي ولعنته ليسا وقفا على هؤلاء المجادلين المعاندين : (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ) (٥). بل إنّهما يلحقان المرتدين : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (٦) ، ويلحقان الكافرين بعامة : (لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ) (٧) ، وهما أيضا جزاء القتلة : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) (٨). والنّاكثين بعهد الله : (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (٩) ، والطّاعنين في

__________________

(١) النّساء : ١٤٨ (ـ ١ ب).

(٢) الصّف : ٣ (ـ ١ ب).

(٣) فاطر : ٣٩ (ـ ١ آ).

(٤) غافر : ٣٥ (ـ ١ آ).

(٥) الشّورى : ١٦ (ـ ١ آ).

(٦) آل عمران : ٨٦ ـ ٨٧ ، النّحل : ١٠٦ (ـ ١ آ و ١ ب).

(٧) البقرة : ٨٨ و ٨٩ و ٩٠ و ١٥٩ و ١٦١ ، آل عمران : ١٦٢ ، النّساء : ٥٢ ، المائدة : ٨٠ ، الأحزاب : ٥٧ و ٦١ و ٦٤ ، غافر : ٥٢ ، محمد : ٢٣ ، الفتح : ٦ (ـ ١ آ و ١٣ ب).

(٨) النّساء : ٩٣ (ـ ١ ب).

(٩) الرّعد : ٢٥ (ـ ١ آ).

٥٠٠