مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام

أبي بكر أحمد بن موسى ابن مردويه الإصفهاني

مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن موسى ابن مردويه الإصفهاني


المحقق: عبدالرزاق محمّد حسين حرز الدين
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ٢
ISBN: 964-7489-08-0
الصفحات: ٤٢٣

الله ملء السموات والأرض». (١)

٦٦. ابن مردويه ، بالإسناد عن محمّد بن عبد الله الأنصاري ، عن جابر الأنصاري عن عمر بن الخطاب ، قال : كنت أجفو عليّا ، فلقيني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال :«إنّك آذيتني يا عمر!».

فقلت : أعوذ بالله ممن آذى رسوله! قال : «إنّك قد آذيت عليّا ، ومن آذى عليّا فقد آذاني». (٢)

٦٧. ابن مردويه ، بإسناده عن ابن عباس ، أنّه مرّ بعد ما حجب بصره بمجلس من مجالس قريش ، وهم يسبّون عليّا ، قال : فردّني إليهم ، فردّه.

فقال : أيّكم السّاب لرسول الله؟

__________________

(١) توضيح الدلائل ، ص ١٩٣.

ورواه الموفّق الخوارزمي في المناقب (ص ٣٢٨ ، ح ٣٤٤). قال : روى عمرو بن خالد ، قال : حدّثني يزيد بن عليّ ـ وهو آخذ بشعرة ـ ، قال : حدّثني عليّ بن الحسين ـ وهو آخذ بعشرة ـ ، قال : حدّثني الحسين بن عليّ ـ وهو آخذ بعشرة ـ ، قال : حدّثني عليّ بن أبي طالب ـ وهو آخذ بشعرة ـ ، قال : حدّثني رسول الله ـ وهو آخذ بشعرة ـ ، قال : يا عليّ ، من آذى شعرة منك فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، من آذى الله لعنه ملء السماوات وملء الأرض.

ورواه السيوطي ـ إلى قوله : «فقد آذى الله» في الجامع الصغير (ج ٢ ، ص ٥٤٧ ، ح ٨٢٦٧).

(٢) مناقب آل أبي طالب ، ج ٣ ، ص ١٣.

ورواه ابن سيّد الكل في الأنباء المستطابة (ص ٦٤). قال : ومن ذلك ما روي عن جابر ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : كنت أجفو عليّا رضي الله عنه ، فلقيني النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «آذيتني يا عمر!» قلت : بأيّ شيء يا رسول الله؟! قال : «تجفو عليّا! من آذى عليّا فقد آذاني!» فقلت : لا أجفوه أبدا.

ورواه عبد الكريم بن محمّد الرافعي في التدوين في أخبار قزوين (ج ٣ ، ترجمة عليّ بن عمر بن محمّد بن يزيد القزويني الصيدناني المزكي ، ص ٣٨٩) ، قال : حدّث الشيخ أبو منصور ناصر بن أحمد بن الحسين الفارسي ، عن محمّد بن عيسى بن حربويه ، حدّثنا أبو القاسم عليّ بن عمر الصيدناني ، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عبد الله الحضرمي ، حدّثنا إبراهيم بن عيسى ، حدّثنا يحيى بن معلّى ، عن عبد الله بن موسى ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : كنت أجفو عليّا رضي الله عنه ، فلقيني النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «آذيتني يا عمر!» فقلت : بأيش يا رسول الله؟!

قال : «تجفو عليّا! من آذى عليّا فقد آذاني!».

قلت : والله ، لا أجفو عليّا أبدا.

٨١

فقالوا : سبحان الله! من سبّ رسول الله فقد كفر.

فقال : أيّكم السّاب لعليّ بن أبي طالب؟

قالوا : قد كان ذاك.

فقال لهم : فاشهدوا ، لقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من سبّ عليّا فقد سبّني ، ومن سبّني فقد سبّ الله». (١)

٦٨. ابن مردويه ، أنّ معاوية لعن عليّا عليه‌السلام على المنبر وكتب إلى عمّاله أن يلعنوه على منابرهم ، ففعلوه. (٢)

__________________

(١) ملحقات إحقاق الحق ، ج ٦ ، ص ٤٣١.

ورواه الموفّق الخوارزمي في المناقب (ص ١٣٦ ، ح ١٥٤). قال :

أخبرنا الإمام الأجل شمس الأئمّة أخي أبو الفرج محمّد بن أحمد المكي ـ أدام الله سموّه ـ ، أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد أبو محمّد إسماعيل بن عليّ بن إسماعيل ، حدّثنا السيّد الأجل الإمام المرشد بالله أبو الحسن يحيى بن الموفّق بالله ، أخبرنا أبو أحمد محمّد بن عليّ المؤدّب المكفوف ، حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن جعفر بن حيّان ، حدّثنا أبو سعيد الثقفي ، عن جندل بن والق ، عن حمّاد ، عن عليّ بن زيد ، عن سعيد بن جبير قال : بلغ ابن عباس أنّ قوما يقعون في عليّ عليه‌السلام ، فقال لابنه عليّ بن عبد الله : خذ بيدي فاذهب بي إليهم.

فأخذ ولده بيده حتّى انتهى إليهم ، فقال : أيّكم السابّ لله؟

فقالوا : سبحان الله! من سبّ الله فقد أشرك.

فقال : أيّكم السابّ رسول الله؟! فقالوا : من سبّ رسول الله فقد كفر.

فقال : أيّكم السابّ لعليّ؟! قالوا : قد كان ذاك.

فقال لهم : فاشهد ، لقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «من سبّ عليّا فقد سبّني ، ومن سبّني فقد سبّ الله ، ومن سبّ الله كبّه الله على وجهه في النار ...».

ورواه محب الدين الطبري في الرياض النضرة (ج ٣ ، ص ١٢٢) قال : «عن ابن عباس ، أنّه مرّ بعد ما حجب بصره بمجلس من مجالس قريش وهم يسبّون عليّا ، فقال لقائده : ما سمعت هؤلاء يقولون؟

قال : سبّوا عليّا.

قال : فردّني ...». وذكر نحو ما ذكره الخوارزمي.

ورواه المتقي الهندي في كنز العمّال (ج ١١ ، ص ٦٠٢ ، ح ٣٢٩٠٣) ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من سبّ عليّا فقد سبّني ، ومن سبّني فقد سبّ الله» ، (أحمد بن حنبل ، الحاكم ـ عن أمّ سلمة).

(٢) مثالب النواصب ، ج ٣ ، ص ٧٢ ، قال :

روى ابن عبد ربّه في العقد ، وأبو بكر بن مردويه في كتابه ، وأبو الحسن الجرجاني في صفوة التاريخ : أنّ معاوية ...

٨٢

الفصل الخامس

في ايمانه وورعه

٦٩. ابن مردويه ، حدّثنا سليمان بن أحمد ، حدّثنا محمّد بن يوسف بن بشر الهروي ، حدّثنا عبيد الله بن الفضل بن عبد الله بن صالح بن عليّ بن عبد الله بن عباس ، حدّثنا إسحاق بن أيوب بن سويد ، حدّثني أبو أيوب ، عن سويد ، عن أبي حلبس يونس بن ميسرة بن حلبس ، عن أبي عبيد ـ صاحب سليمان بن عبد الملك قال : بلغ عمر بن عبد العزيز أنّ قوما تنقّصوا عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر عليّا وفضله وسابقته ، ثمّ قال :

حدّثني عراك بن مالك الغفاري ، عن أمّ سلمة ، قالت : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عندي إذ أتاه جبرئيل فناداه ، فتبسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ضاحكا ، فلمّا سرى عنه قلت : بأبي أنت وامّي يا رسول الله ، ما أضحكك؟. فقال : «أخبرني جبرئيل أنّه مرّ بعليّ عليه‌السلام وهو يرعى ذودا (١) له ، وهو نائم قد أبدى بعض جسده قال :" فرددت عليه ثوبه ، فوجدت برد إيمانه قد وصل إلى قلبي"». (٢)

__________________

(١) الذود : القطيع من الإبل ما بين الثلاث إلى التسع (لسان العرب).

(٢) المناقب ، الخوارزمي ، ص ١٢٩ ، ح ١٤٤ ، قال :

٨٣

٧٠. ابن مردويه ، أخبرني سليمان بن أحمد ، أخبرني أحمد بن رشدين المصري ، أخبرني أحمد بن إبراهيم العوفي ، أخبرني أحمد بن أبي الحكم ، عن شريك ابن عبد الله النخعي ، عن أبي الوقّاص ، عن محمّد بن حمّاد بن ثابت ، عن أبيه ، قال : سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

«إنّ حافظي عليّ ليفخران على سائر الحفظة ، لكينونتهما مع عليّ ؛ وذلك أنّهما لم يصعدا إلى الله عزوجل بشيء منه يسخطه». (١)

__________________

أخبرني شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني المعروف بالمروزي ـ فيما كتب إليّ من همدان ـ ، أخبرنا الحافظ أبو عليّ الحسن بن أحمد بن الحسن الحدّاد بأصبهان ـ فيما أذن لي في الرواية عنه ـ ، أخبرنا الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ، أخبرنا الإمام الحافظ طراز المحدّثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه ...

(١) مقتل الحسين ، ص ٣٧ ، قال الخوارزمي : «أخبرني الإمام الحافظ سيّد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي ـ فيما كتب إليّ من همدان ـ ، أنبأني أبو عليّ الأديب ، أخبرني الحافظ أبو بكر بن مردويه ...».

ورواه الخوارزمي عن ابن مردويه في المناقب (ص ٣١٥ ، ح ٣١٥) ، وذكر مثله سندا ومتنا.

ورواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (ج ١٤ ، ص ٤٩). قال :

حدّثنا عبد الله بن محمّد البغوي ، حدّثنا عليّ بن الجعد ، أخبرنا شريك ، عن أبي الوقّاص العامري ، عن محمّد بن عمّار بن ياسر ، عن أبيه عمّار بن ياسر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ حافظي عليّ بن أبي طالب ليفخران على سائر الحفظة ؛ لكينونتهما مع عليّ بن أبي طالب ؛ وذلك أنّهما لم يصعدا إلى الله تعالى بعمل يسخطه».

[قال الخطيب] : وأخبرنيه عليّ بن الحسن بن محمّد بن أبي عثمان الدقاق ، حدّثنا عبد الله بن إبراهيم بن أيوب ابن ماسي البزاز ، حدّثنا جعفر بن عليّ الحافظ ، حدّثنا محمّد بن الحسين الكوفي ، حدّثنا محمّد بن عبد الرحمن بن خشيش الرؤاسي ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم العوفي ، عن شريك ، عن أبي الوضاح ، عن محمّد ابن عمّار بن ياسر ، عن أبيه ، أنّه سمع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إن حافظي عليّ بن أبي طالب ليفخران على جميع الحفظة ؛ لكونهما معه ؛ وذلك أنّهما لم يصعدا إلى الله تعالى بشيء يسخطه منه قط».

ورواه ابن المغازلي بأسانيد مختلفه في مناقب عليّ بن أبي طالب (ص ١٢٧ ـ ١٢٨ ، ح ١٦٧ ، ١٦٨ ، ١٦٩).

٨٤

الفصل السادس

في علمه عليه‌السلام

أ. قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا مدينة العلم وعليّ بابها (١)

٧١. ابن مردويه ، عن عليّ وابن عباس ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها». (٢)

__________________

(١) في كتاب فتح الملك العليّ بصحة حديث باب مدينة العلم عليّ (ص ١٦٤) :

قال العلّامة السيوطي : «كنت أجيب دهرا عن هذا الحديث بأنّه حسن إلى أن وقفت على تصحيح ابن جرير لحديث عليّ في تهذيب الآثار مع تصحيح الحاكم لحديث ابن عباس ، فاستخرت الله تعالى وجزمت بارتقاء الحديث من مرتبة الحسن إلى مرتبة الصحيح».

قلت : وقد ألّف الإمام المحدّث أحمد بن محمّد بن الصديق الحسيني المغربي كتابين أسماهما : فتح الملك العليّ بصحة حديث باب مدينة العلم عليّ ، وسبل السعادة وأبوابها بصحة حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها ، خاض فيهما المؤلف رحمه‌الله بحثا مستفيضا حول صحة الحديث. وقد أبدى براعته من مضمار علمي «الحديث والرجال» لإثبات صحته.

(٢) مناقب سيّدنا عليّ ، ص ٢٥. قال فيه :

رواه عبد الرزاق والحاكم والمغازلي والبزاز والطبراني في الأوسط وابن شاهين وابن عدي والخطيب عن جابر ، ورواه الترمذي وابن جرير وأحمد بن حنبل والحاكم وابن شاذان وابن مردويه وأبو نعيم والخطيب وابن المغازلي عن عليّ.

ورواه الحاكم والمزي وأحمد والطبراني في الكبير ، وأبو الشيخ وابن شاهين وابن مردويه والبيهقي والخطيب وابن المغازلي عن ابن عباس.

ورواه الطبراني والحاكم والعقيلي وابن عدي والديلمي عن عبد الله بن عمر.

٨٥

٧٢. ابن مردويه ، عن الحسن بن عليّ ، عن أبيه مرفوعا : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب». (١)

٧٣. ابن مردويه ، من حديث الحسن بن عثمان ، عن محمود بن خداش عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :«أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد الدار فليأتها من قبل بابها». (٢)

٧٤. ابن مردويه ، من طريق الحسن بن محمّد ، عن جرير ، عن محمّد بن قيس ، عن الشعبي ، عن عليّ ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنا دار الحكمة وعلي بابها». (٣)

٧٥. ابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

«أنا دار الحكمة وعليّ بابها». (٤)

ب. في أنه عليه‌السلام أعلم الصحابة

٧٦. ابن مردويه ، عن أبي عبد الله الحافظ ، عن محمّد بن يعقوب ، عن العباس ابن محمّد الدوري ، عن يحيى بن معين ، عن سفيان بن عيينة ، عن يحيى بن

__________________

(١) اللئالئ المصنوعة : ج ١ ، ص ٣٢٩.

ورواه الحاكم في المستدرك (ج ٣ ، ص ١٢٦). قال :

حدّثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب ، حدّثنا محمّد بن عبد الرحيم الهروي بالرملة ، حدّثنا أبو الصلت عبد السّلام ابن صالح ، حدّثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد المدينة فليأت الباب».

(٢) الموضوعات ، ج ١ ، ص ٣٥٣.

(٣) اللئالئ المصنوعة ، ج ١ ، ص ٣٢٩.

ورواه الترمذي في الجامع الصحيح (ج ٥ ، ص ٦٣٧ ، ح ٣٧٢٣) قال :

حدّثنا إسماعيل بن موسى ، حدّثنا محمّد بن عمر بن الرومي ، حدّثنا شريك ، عن سلمة بن كهيل ، عن سويد بن غفلة ، عن الصنابجي ، عن عليّ رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنا دار الحكمة وعليّ بابها».

ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من تاريخ دمشق (ج ٢ ، ص ٤٥٩ ، ح ٩٩٠).

ورواه أبو نعيم في حلية الأولياء (ج ١ ، ص ٦٤).

(٤) مناقب سيّدنا عليّ ، ص ٢٥. قال فيه : «الترمذي ، وأبي نعيم ، وابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري ...».

٨٦

سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال : ما كان في أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحد يقول :«سلوني» غير عليّ. (١) ٧٧. ابن مردويه ، عن سفيان أنّه قال : ما حاجّ عليّ عليه‌السلام أحدا إلّا حجّه. (٢) ٧٨. ابن مردويه ، عن مسروق ، قال : شاممت أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوجدت علمهم انتهى إلى عمر ، وعليّ ، وعبد الله بن مسعود ، وأبي الدرداء ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، ثم شاممت الستّة فوجدت علمهم انتهى إلى اثنين : عليّ وعبد الله ، فشاممت ، فتفرّد به عليّ. (٣) ٧٩. ابن مردويه ، عن عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ ، عن أبيه ، عن جدّه قال :قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «عليّ أعلم الناس بالله ، وأشدّ الناس حبّا وتعظيما لأهل لا إله إلّا الله محمّد رسول الله». (٤) ٨٠. ابن مردويه ، عن عليّ عليه‌السلام ، قال : كنت إذا سألت اعطيت ، وإذا سكتّ ابتديت. (٥)

__________________

(١) توضيح الدلائل ، ص ٢١١.

ورواه ابن عبد البر في ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من الإستيعاب بهامش الإصابة (ج ٣ ، ص ٤٠). قال :قال أحمد بن زهير : وأخبرنا إبراهيم بن بشار ، قال : حدّثنا سفيان بن عيينة ، حدّثنا يحيى بن سعيد ، عن سعيد ابن المسيب قال : ما كان أحد من الناس يقول : «سلوني» غير عليّ بن أبي طالب.

ورواه ابن عساكر بسنده في ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من تاريخ دمشق (ج ٣ ، ص ٣١ ، ح ١٠٥٤).

(٢). مناقب آل أبي طالب ، ج ١ ، ص ٣٢٤.

(٣). توضيح الدلائل ، ص ٢١٥.

ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من تاريخ دمشق (ج ٣ ، ص ٦٥ ، ح ١٠٩٣) ، قال :أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي ، أنبأنا أبو الفضل ابن البقال ، أنبأنا أبو الحسين ابن بشران ، أنبأنا أبو عمرو ابن السماك ، أنبأنا حنبل بن إسحاق ، أنبأنا محمّد بن سعيد بن الأصبهاني ، أنبأنا جرير ، عن منصور ، قال : قال مسروق : ساممت أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوجدت علمهم انتهى إلى ستة نفر منهم : عمر وعلي وعبد الله وأبي الدرداء وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ، ثم ساممت هؤلاء فوجدت علمهم انتهى إلى رجلين ، إلى عليّ وعبد الله.

(٤) توضيح الدلائل ، ص ٢١٢.

ورواه المتقي الهندي في كنز العمّال (ج ١١ ، ص ٦١٤ ، ح ٣٢٩٨٠) ، أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «عليّ بن أبي طالب أعلم الناس بالله ، وأعظم الناس حبّا وتعظيما لأهل لا إله إلّا الله». (أبو نعيم ـ عن عليّ)

(٥) مناقب آل أبي طالب ، ج ١ ، ص ٣٢٣.

٨٧

٨١. ابن مردويه ، قال : نابت أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله نائبة ، فجمعهم عمر ، فقال لعليّ عليه‌السلام : تكلّم ، فأنت خيرهم وأعلمهم. (١)

٨٢. ابن مردويه ، عن أبيّ بن كعب ، قال : إنّ عمر كان يقول : لا عاش عمر لمعضلة ليس لها أبو الحسن ، يعني : عليّا. (٢)

٨٣. ابن مردويه ، قال : وفي رواية يقول ـ أي عمر ـ : لو لا عليّ لهلك عمر. (٣)

__________________

ورواه النسائي في خصائص أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام (ص ٢٢٣ ، ح ١٢٠) ، قال : أخبرنا محمّد بن المثنى ، قال : حدّثنا أبو معاوية [الضرير محمّد بن خازم] قال : حدّثنا الأعمش ، عن عمرو بن مرّة ، عن أبي البختري [سعيد ابن فيروز الطائي] ، عن عليّ رضي الله عنه قال : كنت إذا سألت اعطيت ، وإذا سكتّ ابتديت.

ورواه النسائي في الحديث «١٢١» بإسناد آخر.

وروى نحو الحديث الترمذي في صحيحه (ج ١٣ ، ص ١٧٠) والحاكم النيشابوري في مستدركه (ج ٣ ، ص ١٢٥).

(١) ملحقات إحقاق الحق ، ج ٨ ، ص ٢٣٣.

وقريبا منه معنا رواه المحب الطبري في ذخائر العقبى (ص ٨١) ، قال : وعن موسى بن طلحة ، أنّ عمر اجتمع عنده مال ، فقسّمه ففضل منه فضلة ، فاستشار أصحابه في ذلك الفضل فقالوا : «نرى أن تمسكه ، فإذا احتجت إلى شيء كان عندك». وعليّ في القوم لا يتكلّم. فقال عمر : «مالك لا تتكلم يا عليّ؟». قال : «قد أشار عليك القوم». قال : «وأنت فأشر». قال : فاني أرى أنّك تقسمه» ، ففعل.

(٢) ملحقات إحقاق الحق ، ج ٨ ، ص ١٩٤.

روى المحب الطبري في ذخائر العقبى (ص ٨٢) ، قال :

وعن سعيد بن المسيب ، قال : «كان عمر يتعوّذ من معضلة ليس لها أبو حسن». أخرجه أحمد وأبو عمرو. وعن أبي سعيد الخدري أنّه سمع عمر يقول لعليّ وقد سأله عن شيء فأجابه : «أعوذ بالله أن أعيش في يوم لست فيه يا أبا الحسن».

وروى الحاكم النيسابوري في المستدرك (ج ١ ، ص ٤٥٧) ، قال :

أخبرناه أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن موسى العدل ـ من أصل كتابه ـ ، حدّثنا محمّد بن صالح الكليليني ، حدّثنا محمّد بن يحيى بن أبي عمرو العدني ، حدّثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمّي ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : [وذكر حديثا] فقال عمر : «أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن».

(٣) ملحقات إحقاق الحق ، ج ٨ ، ص ١٨٢.

ورواه ابن عبد البر في ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من الإستيعاب بهامش الإصابة (ج ٣ ، ص ٣٩) ، قال :قال أحمد بن زهير : حدّثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، حدّثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدّثنا سفيان الثوري ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال : «كان عمر يتعوّذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن ، وقال في أمر

٨٨

٨٤. ابن مردويه ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : قال عمر رضي الله عنه : أمّا الحمد فقد عرفناه ، فقد يحمد الخلائق بعضهم بعضا ، وأمّا لا إله إلّا الله فقد عرفناها ، فقد عبدت الآلهة من دون الله ، وأمّا الله أكبر ، فقد يكبّر المصلي ، وأمّا سبحان الله فما هو؟

فقال رجل من القوم : الله أعلم. فقال عمر رضي الله عنه : قد شقي عمر إن لم يكن يعلم :إنّ الله يعلم.

فقال عليّ رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين ، اسم ممنوع أن ينتحله أحد من الخلائق ، وإليه يفزع الخلق ، وأحبّ أن يقال له.

فقال : هو كذاك. (١)

٨٥. ابن مردويه ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : سألت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه : لم لم تكتب في براءة : بسم الله الرحمن الرحيم؟

قال : لأن «بسم الله الرحمن الرحيم» أمان ، وبراءة نزلت بالسيف. (٢)

٨٦. ابن مردويه ، عن سليم بن عامر : أنّ عمر بن الخطاب قال : العجب من رؤيا الرجل! إنّه يبيت فيرى الشيء لم يخطر له على بال ، فتكون رؤيا كآخذ باليد ، ويرى الرجل الرؤيا فلا تكون رؤياه شيئا! فقال عليّ بن أبي طالب : «أفلا أخبرك بذلك يا أمير المؤمنين؟ يقول الله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ

__________________

المجنونة التي أمر برجمها ، وفي التي وضعت لستة أشهر فأراد عمر رجمها ، فقال له عليّ : إنّ الله تعالى يقول : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) ، الحديث ، وقال له : " إنّ الله رفع القلم عن المجنون" الحديث ، فكان عمر يقول : لو لا عليّ لهلك عمر».

ورواه الموفّق الخوارزمي في بيان غزارة علمه عليه‌السلام من كتاب المناقب (ص ٨٠ ، ح ٦٥).

(١) الدرّ المنثور ، ج ٥ ، ص ١٥٤. قال : «أخرج ابن ماجة في تفسيره ، وابن ابي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس ...».

(٢) الدرّ المنثور ، ج ٣ ، ص ٢٠٩ ، قال : «أخرج أبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن ابن عباس ...».

٨٩

الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) (١) ، فالله يتوفى الأنفس كلّها ، فما رأت وهي عنده في السماء فهي الرؤيا الصادقة ، وما رأت إذا أرسلت إلى أجسادها تلقتها الشياطين في الهواء ، فكذبتها وأخبرتها بالأباطيل ، فكذبت فيها». فعجب عمر من قوله. (٢)

٨٧. ابن مردويه ، عن عبد الله بن نجي ، قال : شهدت عليّا وأتاه أسقف نجران فسأله عن أصحاب الأخدود ، فقصّ عليه القصّة ، فقال عليّ :

أنا أعلم بهم منك ، بعث نبي من الحبشة إلى قومه ـ ثمّ قرأ عليّ ـ : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) (٣) فدعاهم ، فتابعه الناس ، فقاتلهم ، فقتل أصحابه ، واخذ فاوثق ، فانفلت ، فأنس إليه رجال ـ يقول : اجتمع إليه رجال (٤) ـ فقاتلهم ، فقتلوا ، واخذ فاوثق ، فخدّوا أخدودا في الأرض ، وجعلوا فيه النيران ، فجعلوا يعرضون الناس ، فمن تبع النبيّ رمي به فيها ، ومن تابعهم ترك ، وجاءت امرأة في آخر من جاء ، معها صبي لها ، فجزعت ، فقال الصبي : يا أمة اطمري ولا تماري ، فوقعت. (٥)

ج. في أنّه عليه‌السلام أقضى الصحابة

٨٨. ابن مردويه ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يونس بن حبيب ، حدّثنا أبو داوود ، حدّثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة سمع أبا البختري يقول : حدّثني من سمع عليّا رضي الله عنه يقول :

__________________

(١) سورة الزمر ، الآية ٤٢.

(٢) الدرّ المنثور ، ج ٥ ، ص ٣٢٩ ، قال : «أخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن سليم بن قيس ...».

(٣) سورة غافر ، الآية ٧٨.

(٤) الظاهر أنّ العبارة من عبد الله بن نجي أو ابن مردويه.

(٥) الدرّ المنثور ، ج ٦ ، ص ٣٣٣.

٩٠

لمّا بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى اليمن ، فقلت : يا رسول الله ، تبعثني وأنا رجل حديث السن ، لا علم لي بكثير من القضاء!

قال : فضرب يده في صدره وقال : «إنّ الله سيثبت لسانك ، ويهدي قلبك» ، فما أعياني قضاء بين اثنين. (١)

٨٩. ابن مردويه ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يونس بن حبيب ، حدّثنا أبو داوود ، حدّثنا شريك وزائدة وسليمان بن معاذ ، قالوا : حدّثنا سماك بن حرب ، عن حنش بن المعتمر ، عن عليّ ، قال :

لمّا بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى اليمن ، قلت : تبعثني وأنا حديث السن! لا علم لي بكثير من القضاء! فقال لي : «إذا أتاك الخصمان فلا تقض للأول حتّى تسمع ما يقول الآخر ، فانّك إذا سمعت ما يقول الآخر عرفت كيف تقضي ، إنّ الله عزوجل سيثبت لسانك ، ويهدي قلبك» ، قال عليّ : فما زلت قاضيا بعد. (٢)

٩٠. ابن مردويه ، بطرق كثيرة ، عن زيد بن أرقم ، أنّه قيل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أتى إلى عليّ

__________________

(١) السنن الكبرى ، ج ١٠ ، ص ٨٦.

ورواه النسائي في خصائص الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (ص ٩٣ ، ح ٣٤). قال : أخبرنا محمّد بن المثنى قال : حدّثنا أبو معاوية قال : حدّثنا الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن عليّ رضي الله عنه ، قال :بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أهل اليمن لأقضي بينهم فقلت : يا رسول الله ، لا علم لي بالقضاء! فضرب بيده على صدري وقال : «اللهمّ اهد قلبه وسدّد لسانه» ، فما شككت في قضاء بين اثنين حتّى جلست مجلسي هذا.

ورواه النسائي بلفظ قريب منه في الحديثين ٣٢ ، ٣٣.

(٢) السنن الكبرى ، ج ١٠ ، ص ١٤١.

ورواه أحمد بن حنبل في المسند (ج ١ ، ص ١٤٩) : عبد الله ، حدّثني أبو الربيع الزهراني ، وحدّثنا عليّ بن حكيم الأودي ، وحدّثنا محمّد بن جعفر الوركاني ، وحدّثنا زكريا بن يحيى زحمويه ، وحدّثنا عبد الله بن عامر ابن زرارة الحضرمي ، وحدّثنا داوود بن عمرو الضبي ، قالوا : حدّثنا شريك ، عن سماك ، عن حنش ، عن عليّ رضي الله عنه ، قال : بعثني النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى اليمن قاضيا ، فقلت : تبعثني إلى قوم وأنا حدّث السن! ولا علم لي بالقضاء! فوضع يده على صدري ، فقال : «ثبّتك الله وسدّدك. إذا جاءك الخصمان فلا تقض للأوّل حتّى تسمع من الآخر ؛ فانّه أجدر أن يبين لك القضاء» ، فما زلت قاضيا.

ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من تاريخ دمشق (ج ٢ ، ص ٤٩٤ ، ح ١٠٢٦).

٩١

باليمن ثلاثة نفر يختصمون في ولدهم ، كلّهم يزعم أنّه وقع على امّه في طهر واحد ، وذلك في الجاهليّة ، فقال عليّ عليه‌السلام :

«إنّهم شركاء متشاكسون» ، فقرع على الغلام باسمهم فخرجت لأحدهم ، فألحق الغلام به ، وألزمه ثلثي الدية لصاحبيه ، وزجرهما عن مثل ذلك.

فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحمد لله الّذي جعل فينا أهل البيت من يقضي على سنن داوود عليه‌السلام. (١)

٩١. ابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنه ، أنّ الشرّاب كانوا يضربون في عهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالأيدي والنّعال والعصي حتّى توفّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكانوا في خلافة أبي بكر رضي الله عنه أكثر منهم في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال أبو بكر : لو فرضنا لهم حدّا ، فتوفى نحوا مما كانوا يضربون في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكان أبو بكر يجلدهم أربعين حتّى توفّي.

ثمّ كان عمر رضي الله عنه من بعده ، فجلدهم كذلك أربعين ، حتّى اتي برجل من المهاجرين الأوّلين ، فشرب ، فأمر به أن يجلد.

فقال : لم تجلدني؟ بيني وبينك كتاب الله.

فقال عمر : وفي أيّ كتاب تجد أن لا أجلدك؟

فقال : إنّ الله تعالى يقول في كتابه : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ، ج ٢ ، ص ١٧٦.

ورواه الحميدي في المسند (ج ٢ ، ص ٣٤٥ ، ح ٧٨٥). قال : حدّثنا سفيان ، قال : حدّثنا الأجلح بن عبد الله بن حجية الكندي ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن أبي الخليل ، عن زيد بن أرقم ، قال : أتى عليّ بن أبي طالب باليمن في ثلاثة نفر وقعوا على جارية لهم في طهر واحد فجاءت بولد ، فقال عليّ لاثنين منهم :

«أتطيبان به نفسا لصاحبكما؟» قالا : لا.

ثمّ قال للآخرين : «أتطيبان به نفسا لصاحبكما؟» قالا : لا ، فقال عليّ : «أنتم شركاء متشاكسون ، إنّني مقرع بينكم فأيّكم أصابته القرعة ألزمته الولد ، وأغرمته ثلثي قيمة الجارية لصاحبيه». فلمّا قدمنا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكرنا ذلك له ، فقال :

«ما أعلم فيها إلّا ما قال عليّ».

٩٢

الصَّالِحاتِ جُناحٌ) (١) الآية ، فأنا من الّذين آمنوا وعملوا الصالحات ، ثمّ اتقوا وآمنوا ، ثمّ اتقوا وأحسنوا. شهدت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدرا وأحدا والخندق والمشاهد.

فقال عمر : ألا تردّون عليه ما يقول؟

فقال ابن عباس : إنّ هذه الآية أنزلت عذرا للماضين وحجة على الباقين ، فعذر الماضين أنّهم لقوا الله قبل أن تحرّم عليهم الخمر ، وحجّة على الباقين ؛ لأن الله تعالى قال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ) (٢) الآية ـ ثمّ قرأ حتّى أنفد الآية ـ فإن كان من الّذين (آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا) (٣) فان الله قد نهي أن تشرب الخمر.

فقال : صدقت فما ذا ترون؟

قال عليّ رضي الله عنه : نرى أنّه إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هدى افترى ، وعلى المفتري ثمانون جلدة. فأمر عمر فجلد ثمانين. (٤)

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية ٩٣.

(٢) سورة المائدة ، الآية ٩٠.

(٣) سورة المائدة ، الآية ٩٣.

(٤) الجامع الكبير ، ج ١٥ ، ص ٦٣٦٠ ، ح ٤٠٦.

٩٣
٩٤

الفصل السابع

زهده وأمانته

٩٢. ابن مردويه ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر ، حدّثنا الحسن بن محمّد ، حدّثنا أبو زرعة ، حدّثنا إسماعيل بن موسى ، حدّثنا أبو معاذ صالح بن ميثم ، عن الحارث بن حصيرة قال : قال عمر بن عبد العزيز : ما علمنا أنّ أحدا كان في هذه الامّة بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أزهد من عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام. (١)

٩٣. ابن مردويه ، عن أبي مريم السلوي : قال رسول الله لعليّ عليه‌السلام :

«يا عليّ ، إنّ الله قد زيّنك بزينة لم تزين العباد بزينة هي أحبّ إلى الله منها : الزهد في الدنيا ، وجعلك لا تنال من الدنيا شيئا ولا تنال الدنيا منك شيئا ،

__________________

(١) المناقب ، الخوارزمي ، ص ١١٧ ، ح ١٢٨ ، قال : أخبرني شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني المعروف بالمروزي ـ فيما كتب إليّ من همدان ـ ، أخبرنا الحافظ أبو عليّ الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد بأصبهان ـ فيما أذن لي في الرواية عنه ـ ، أخبرنا الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ، أخبرنا الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه ...

روى ابن عساكر في ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من تاريخ دمشق (ج ٣ ، ص ٢٥٢ ، ح ١٢٦٩). قال :أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر ، أنبأنا محمّد بن عليّ بن الفتح ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن إسماعيل بن سمعون ، أنبأنا عمر بن الحسن بن عليّ بن الشيباني ، أنبأنا حسين بن فهم ، أنبأنا يحيى بن معين ، أنبأنا عليّ بن الجعد ، عن حسن بن صالح قال : تذاكروا الزّهاد عند عمر بن عبد العزيز فقال قائلون : فلان. وقال قائلون :فلان. فقال عمر بن عبد العزيز : أزهد الناس في الدنيا عليّ بن أبي طالب.

٩٥

ووهب لك حبّ المساكين ، فرضوا بك إماما ورضيت بهم أتباعا». (١)

٩٤. ابن مردويه ، أنّه لمّا أقبل عليّ عليه‌السلام من اليمن تعجّل إلى النبيّ واستخلف على جنده الّذين معه رجلا من أصحابه ، فعمد ذلك الرجل فكسا كلّ رجل من القوم حلّة من البزّ الّذي كان مع عليّ ، فلمّا دنى جيشه خرج عليّ ليتلقاهم ، فإذا هم عليهم الحلل. فقال : «ويلك! ما هذا؟» قال : كسوتهم ليتجمّلوا إذا قدموا في الناس. قال : «ويلك! من قبل أن ينتهي إلى رسول الله» ، قال :فانتزع الحلل من الناس وردّها في البز ، وأظهر الجيش شكاية لما صنع بهم. (٢)

٩٥. ابن مردويه ، أنبأنا أبو بكر الشافعي ، أنبأنا معاذ بن المثنى ، أنبأنا مسدد ، أنبأنا عبد الله بن داوود ، عن زيد بن أسامة ، عن سعيد الرجاني ، قال : اشترى عليّ قميصين سنبلانيين انبجانيين بسبعة دراهم ، فكسا قنبر أحدهما ، فلمّا أراد أن يلبس قميصه فإذا إزاره مرقوع برقعة من أديم. (٣)

٩٦. ابن مردويه ، أنبأنا أبو بكر الشافعي ، أنبأنا معاذ بن المثنى ، أنبأنا مسدد ، أنبأنا عبد الوارث ، عن أبي عمرو بن العلاء عن أبيه ، قال : خطب عليّ وقال : أيّها الناس والله الّذي لا إله إلّا هو ، ما رزأت من مالكم قليلا ولا كثيرا إلّا هذه

__________________

(١) ملحقات إحقاق الحق ، ج ٤ ، ص ٤٩٠.

ورواه أبو نعيم في حلية الأولياء (ج ١ ، ص ٧١). قال : حدّثنا أبو الفرج أحمد بن جعفر النسائي ، حدّثنا محمّد بن جرير ، حدّثنا عبد الأعلى بن واصل ، حدّثنا مخوّل بن إبراهيم ، حدّثنا عليّ بن حزوّر ، عن الأصبغ بن نباتة قال : سمعت عمّار بن ياسر يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا عليّ ، إنّ الله تعالى قد زيّنك بزينة لم تزين العباد بزينة أحب إلى الله تعالى منها ، هي زينة الأبرار عند الله عزوجل : الزهد في الدنيا. فجعلك لا تزرأ من الدنيا شيئا ، ولا تزرأ الدنيا منك شيئا ، ووهب لك حب المساكين ، فجعلك ترضى بهم أتباعا ، ويرضون بك إماما».

ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من تاريخ دمشق (ج ٢ ، ص ٢١٢ ، ح ٧١٥).

ورواه ابن المغازلي في مناقب أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام (ص ١٠٥ ، ح ١٤٨).

(٢) مناقب آل أبي طالب ، ج ١ ، ص ٣٧٧.

(٣) ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من تاريخ دمشق ، ج ٣ ، ص ٢٣٩ ، ح ١٢٥٦. قال : أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد ، أنبأنا أبو منصور بن شكرويه ، أنبأنا أبو بكر بن مردويه ...

٩٦

ـ وأخرج قارورة من كمّ قميصه فيها طيب فقال : ـ أهداها إليّ دهقان. (١)

٩٧. ابن مردويه ، أنبأنا أبو بكر الشافعي ، أنبأنا معاذ بن المثنى ، أنبأنا مسدد ، أنبأنا عبد الله بن داوود ، عن ربح [كذا] ، عن أبي موسى ، عن عبد الله بن أبي سفيان قال : أهدى إليّ دهقان من دهاقين السواد بردا وإلى الحسن والحسين بردا مثله ، فقام عليّ يخطب بالمدائن يوم الجمعة فرآه عليهما ، فبعث إليّ وإلى الحسن والحسين فقال : «ما هذان البردان؟» قال : «بعث إليّ وإلى الحسين دهقان من دهاقين السواد». قال : فأخذهما فجعلهما في بيت المال. (٢)

__________________

(١) ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من تاريخ دمشق ، ج ٣ ، ص ٢٣٢ ، ح ١٢٤٢ ، قال : أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل ، أنبأنا أبو منصور بن شكرويه ، أنبأنا أبو بكر بن مردويه ...

(٢) ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من تاريخ دمشق ، ج ٣ ، ص ٢٣٠ ، ح ١٢٣٨ ، قال : أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد ابن الفضل ، أنبأنا أبو منصور بن شكرويه ، أنبأنا أبو بكر بن مردويه ...

٩٧
٩٨

الفصل الثامن

في أنّه عليه‌السلام أقرب الناس من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والخليفة بعده

أ. توسّط بيته عليه‌السلام بيوت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

٩٨. ابن مردويه ، قال رجل لابن عمر : حدّثني عن عليّ بن أبي طالب.

قال : تريد أن تعلم ما كانت منزلته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فانظر إلى بيته من بيوت رسول الله ، هو ذاك بيته أوسط بيوت النبيّ. (١)

ب. قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ أخي ، رفيقي ، خير إخوتي ، أخي في الدنيا والآخرة

سيأتي ما يدل عليه في نزول قوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) (٢) وقوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ، ج ٢ ، ص ٦٠ ، قال فيه : «البخاري ، وابن مردويه ...».

روى النسائي في خصائص الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (ص ٢٠٤ ، ح ١٠٧) قال : «أخبرنا إسماعيل بن يعقوب بن إسماعيل قال : حدّثني أبو موسى ـ وهو محمّد بن موسى بن عين ـ قال : حدّثني أبي ، عن عطاء ، عن سعد بن عبيدة ، قال : جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عليّ رضي الله عنه ، فقال : لا تسألني عن عليّ ولكن انظر إلى بيته من بيوت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم».

قال [الرجل] : فإنّي أبغضه. قال [ابن عمر] : أبغضك الله عزوجل.

(٢) سورة الأنفال ، الآية ٧٥ ، لا حظ ص ٢٥٠ ، سورة الأحزاب ، الآية ٦ ، لا حظ ص ٢٩٩.

٩٩

إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ). (١)

٩٩. ابن مردويه ، عن زيد بن أرقم ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال لعليّ : «أنت أخي ورفيقي». (٢)

١٠٠. ابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خير إخوتي عليّ ، وخير أعمامي حمزة». (٣)

١٠١. ابن مردويه ، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ، قال : آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين المهاجرين والأنصار ، كان يؤاخي بين الرجل ونظيره ، ثمّ أخذ بيد عليّ فقال : «هذا أخي».

قال حذيفة : فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سيّد المرسلين ، وإمام المتقين ، ورسول ربّ العالمين الّذي ليس له شبه ولا نظير ، وعليّ أخوه! (٤)

١٠٢. ابن مردويه ، عن جابر ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال : «مكتوب على باب الجنّة : محمّد رسول الله ، عليّ بن أبي طالب أخو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام». (٥)

__________________

(١) سورة الحجر ، الآية ٤٧ ، لا حظ ص ٢٧٠.

(٢) مناقب سيّدنا عليّ ، ص ٤٠.

سيأتي مثل الحديث في نزول قوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) [الحجر ، الآية ٤٧].

(٣) أرجح المطالب ، ص ٤٢٨.

ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من تاريخ دمشق (ج ١ ، ص ١٣٨). قال : «أخبرنا أبو سعد [المطرز] محمّد بن محمّد ، وأبو عليّ الحسن بن أحمد في كتابيهما ، قالا : أنبأنا أبو نعيم ، أنبأنا مخلد بن جعفر ، أنبأنا الحسن بن عليّ الآدمي ، أنبأنا صهيب بن محمّد بن عباد ، أنبأنا إسماعيل بن عمرو الكوفي ، عن عمرو بن ثابت ، عن عبد الرحمن بن عابس ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : " خير إخوتي عليّ ، وخير أعمامي حمزة".

(٤) أرجح المطالب ، ص ٤٢٤. وقال فيه : «أخرجه أحمد في المناقب ، وابن مردويه».

(٥) توضيح الدلائل ، ص ٢٠٨.

ورواه أبو نعيم في حلية الأولياء (ج ٧ ، ص ٢٥٦). قال : «حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسن وسليمان بن أحمد ومحمّد بن عليّ بن سهل والحسن بن عليّ بن الخطاب ، قالوا : حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدّثنا

١٠٠