مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام

أبي بكر أحمد بن موسى ابن مردويه الإصفهاني

مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن موسى ابن مردويه الإصفهاني


المحقق: عبدالرزاق محمّد حسين حرز الدين
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ٢
ISBN: 964-7489-08-0
الصفحات: ٤٢٣

١
٢

٣

الاهداء

الی من هما اوجبُ حقّاً علیّ

واقدمُ احساناً الیّ

واعظمُ منّة لدیّ

الی والدیّ

اللهم اجعله حطة لذنوبهما

وزیادةً في حسناتهما

ووسیلة لنجاتهما

عبدالرزاق حرز الدین

١٤/شوال/١٤٢٠

٤

قالوا في الإمام ابن مردويه

قال أبو بكر الذكواني الأصبهاني (ت ٤١٩ ه‍) : هو أكبر من أن ندلّ عليه وعلى فضله وعلمه وسيره ، وأشهر بالكثرة والثقة من أن يوصف حديثه.

سير أعلام النبلاء ، ج ١٧ ، ص ٣٠٩.

وقال الذهبي (ت ٧٤٨ ه‍) : الحافظ المجوّد العلّامة ، محدّث أصبهان ، كان من فرسان الحديث ، فهما يقظا متقنا ، كثير الحديث جدّا ، ومن نظر في تواليفه عرف محلّه من الحفظ.

سير أعلام النبلاء ، ج ١٧ ، ص ٣٠٨.

وقال الصفدي (ت ٧٦٤ ه‍) : الحافظ العلّامة ، خرّج حديث الأئمّة ، وسمع الكثير بأصبهان والعراق.

الوافي بالوفيات ، ج ٨ ، ص ٨٠١.

وقال ابن تغري بردى (ت ٨٧٤ ه‍) : كان إماما حافظا ثقة سمع الكثير.

النجوم الزاهرة ، ج ٤ ، ص ٢٤٥.

وقال الداودي (ت ٩٤٥ ه‍) : الحافظ الكبير ، الثبت العلّامة ، عمل المستخرج على صحيح البخاري ، وكان قيّما بهذا الشأن ، بصيرا بالرجال ، طويل الباع ، مليح التصانيف.

طبقات المفسرين ، ج ١ ، ص ٩٤.

وقال ابن العماد الحنبلي (ت ١٠٨٩ ه‍) : كان إماما في الحديث ، بصيرا بهذا الشأن.

شذرات الذهب ، ج ٣ ، ص ١٩٠.

وقال ابن الغزي (ت ١١٦٧ ه‍) : أحمد بن موسى بن مردويه. الإمام الحبر ، البحر الحجة ، الحافظ أبو بكر الأصبهاني.

ديوان الإسلام ، ج ٤ ، ص ٢٧١.

٥
٦

تصدير

لا ريب في أنّ الجهود التي بذلها أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان لها بالغ الأثر في نشر الإسلام وتحقيق غاياته. ومن الطبيعي أنّ بعضهم كانت لهم تضحيات أكثر من غيرهم وكان لهم فضل الأسبقية في دخول الإسلام ، وقد سمّى الرسول الكريم تلك التضحيات «فضائل» ، وطفق يثني على أصحابها بآيات المدح والتكريم.

وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام أوّل من آمن بالرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ووقف إلى جانبه منذ البداية متحمّلا ألوان الأذى والمشقّة ، وبقى ظهيرا له في جميع المواقف والشدائد. ومن الطبيعي والحالة هذه أن يكون أكثر أصحاب الرسول فضلا ، وهذا ما صرّح به الرسول في مواقف شتّى ، حيث قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «هذا عليّ أقدمكم سلما وإسلاما». (١) يتّضح لنا بكل جلاء من خلال دراسة الأحاديث الواردة عن رسول الله في فضائل ومناقب الصحابة أنّ أيا منهم لا يتحلّى بمثل هذه الفضائل جملة.

وعلى الرغم من محاولات خلفاء بني أميّة وبني العباس منع نشر الأحاديث الواردة في ذكر فضائله ، غير أنّ الكثير منها بقى في المصادر الحديثيّة لدى الشيعة

__________________

(١) راجع : الحديث ٤٢ ، ومع اختلاف يسير في : شواهد التنزيل ، ج ٢ ، ص ٣٥٧ (ح ١٠٠٣).

٧

والسنّة ، وهذا القدر ينمّ بحدّ ذاته عن حقائق مهمّة بشأن شخصيّته ، بحيث لا تكاد تجد كتابا من الكتب الجامعة للأحاديث إلّا وفيه شيئا من تلك الأحاديث ، بل حتّى أنّ بعضها خصّص لذكر فضائله.

شخصيات سنّية مهمّة كالنسائي جعلت مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام موضوعا لكتاب أفرد لهذا الغرض وجاء تحت عنوان «خصائص أمير المؤمنين». وهذا ما يعكس إغفالهم لمزايا أمير المؤمنين عليه‌السلام.

وكذلك دوّن الحافظ المحدّث أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصفهاني (ت ٤١٠ ه‍) خصائص أمير المؤمنين وما ورد في مدحه من أحاديث الرسول وكلمات الصحابة. ولكن ممّا يبعث على الأسف هو أنّ هذا الكتاب مفقود حاليا ولم يبق منه إلّا ما نقلته عنه كتب السنّة والشيعة من روايات وأخبار.

والكتاب الذي بين يديك عبارة عن جهود بذلت في سبيل اقتطاف ما ورد من مناقبه في المصادر الحديثية المختلفة ، وتمّت بذلك إعادة تدوين الكتاب المفقود.

وجرى أيضا جمع بعض الروايات التي تنصّ على أنّ بعض الآيات القرآنيّة نزلت في شأن أمير المؤمنين عليه‌السلام تحت عنوان «ما نزل من القرآن في علي» ويبدو أنّ هذا الموضوع يمثّل بابا من أصل كتاب «مناقب عليّ بن أبي طالب» لابن مردويه.

تبنّى مهمّة جمع هذه الأحاديث الأخ الفاضل عبد الرزاق محمّد حسين حرز الدين ، وكتب مقدّمة شرح فيها سيرة المؤلّف. ولا يسعنا هنا إلّا أن نتقدّم له بوافر الشكر والتقدير ، متمنّين له الموفقية والنجاح.

مركز البحوث في دار الحديث

٨

مقدّمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

وبعد ، في أثناء مطالعاتي لاستخراج «تفسير أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي» ، وما أوردته من شواهد في هوامش الكتاب ، تكرر لي الوقوف على قبسات ممّا رواه الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه في كتابه المناقب ، وما فيه من شهادات في أفضليّة أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام ونصوص بأحقيّته ، وعلمت بعد حين أن الكتاب كباقي كتبه ، من المصادر التي أخنى عليها الدهر وضيّعت ، فرأيت حينها تدوين ما عثرت عليه من نقول عن كتاب المناقب.

ثمّ عقدت العزم بعد ذلك ـ بتوفيق الله وتسديده ـ على إحياء ما قام به هذا الحافظ الكبير ، واستخراج بقايا سفره القيّم ، وجمع شوارده من بطون الكتب ، ليضع الكتاب نفسه من جديد في مكانه بين المصادر الحديثيّة ، وأصبح بعد جهد ـ وله تعالى الحمد ـ كتاب ثري المحتوى ، وجمع فأوعى.

على أنّ الكتاب الّذي بين أيدينا مؤلّف ممّا حظي من كتاب المناقب بالبقاء إلى يومنا هذا وتهيّأ لنا جمعه ، وما ألحقناه به ـ ممّا روي عن ابن مردويه في شأن مناقب أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام ـ برجاء وجودها في الكتاب الأصل.

وقد عمدت في تبويب الكتاب إلى إنشاء الفصول وفروعها بما يتلائم وطبيعة

٩

الأحاديث المستخرجة ، غير مبتعد عن أساليب المتقدّمين في تأليفاتهم ، وكذا أدرجت أحاديث الفصل الواحد بما ينسجم وتسلسلها معنى أو زمنا.

ومع وجود أكثر من مضمون للحديث الواحد تجنبت تكرار الحديث في فصول الكتاب ، وأوردته ضمن الفصل الأبرز أهميّة.

ثمّ إنّي ألحقت بكتاب المناقب ما نزل من القرآن في شأن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وجعلتها مرتبة حسب ورودها في المصحف الشريف.

ونقلت في هوامش الكتاب ما أمكنني استقصاءه ممّا رواه الحفّاظ والمحدّثون من شواهد ، تعضيدا لأحاديث المتن.

وقد التزمت بإثبات كافة النصوص عن مصادرها كما هي دون حذف أو إضافة ، سوى ما أشرت له.

راجيا أن ينتفع بكتابي هذا أهل العلم ومحبّو أهل بيت النبوّة عليهم‌السلام ، وخدمتهم عليهم‌السلام قصدت ، وشفاعتهم أمّلت ، والله من وراء القصد.

عبد الرزاق حرز الدين

٢٣ / شوال / ١٤٢٠

١٠

ترجمة ابن مردويه

ولد أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه (١) بن فورك بن موسى بن جعفر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.

ذكر ذلك الذهبي (ت ٧٤٨ ه‍) (٢) ، والداوودي (ت ٩٤٥ ه‍) (٣) ، وسزكين (٤) ،

__________________

(١) في هامش الإكمال (ج ١ ، ص ٤٧٣) : أمّا أبو مسلم يوسف بن محمّد بن آدم بن عيسى بن بزدويه. أراه بناء على طريقة اللغويين في مثله ممّا ختم ب «ويه» ينطقونه بفتح ما قبل «ويه» ثمّ بفتح الواو ، وسكون التحتيّة ، وكسر الهاء. وطريقة أهل الحديث ، ضمّ ما قبل «ويه» ثمّ إسكان الواو ، وفتح الياء.

وقال ابن حجر في تبصير المنتبه (ج ١ ، ص ١١١) : «بويه» هو مثل الأوّل ، جدّ ملوك العجم «بويه» ، إلّا أنّ المحدّثين يكرهون قول «ويه» فقالوا بدل «بويه» : «بويه» كما قالوا في راهويه : راهويه ، وهذا الاسم إنّما يوجد في المتأخرين بعد الثلاثمائة. انتهى.

قلت : وليس كما قال ابن حجر بأنّ «الاسم إنّما يوجد في المتأخرين بعد الثلاثمائة» ، فعمرو بن عثمان بن قنبر سيبويه توفّي عام ١٨٨ ه‍.

وفي المعجم الفارسي المسمّى ب «لغتنامه دهخدا» : (ج ٤٩ ، ص ٢٨٤) قال ما ترجمته : «ويه» تلحق بالكلمة للدلالة على معان عدّة وهي كما يلي :

ألف. التصغير. مثل بالويه [بال : حوت خطير من حيتان البحر].

ب. الشبيه أو المثيل. مثل سيبويه ، مشكويه [سيب : تفاح. مشك : المسك].

ج. ذو أو صاحب. مثل برزويه ، دادويه [برز : الجمال. داد : العدل].

قلت : ولمّا كانت كلمة «مرد» تعني : الرجل والشجاع والبطل ، فيستفاد من ذلك أنّ كلمة «مردويه» تعني : شبيهه ، أو مثيله.

(٢) سير أعلام النبلاء ، ج ١٧ ، ص ٣٠٨ ؛ تذكرة الحفّاظ ، ج ٣ ، ص ١٠٥٠.

(٣) طبقات المفسرين ، ج ١ ، ص ٩٤.

(٤) تاريخ التراث العربي ، ج ١ ، ص ٤٦٢.

١١

والزركلي. (١)

مكانته وأقوال العلماء فيه

ذكر أصحاب التراجم بعض أحوال ابن مردويه وآثاره.

فتحدّث الذهبي عن مبلغ شيوخ ابن مردويه وقال : «وقلّ من يبلغ ما بلغه الطبراني ، وشيوخه نحو من ألف ، وكذا الحاكم وابن مردويه». (٢) بل ذهب بعضهم إلى القول بتقدّم ابن مردويه على الحاكم النيسابوري فيما بلغه.

حكى الذهبي عن أبي موسى في ترجمة ابن مردويه أنّه قال : «لو كان ابن مردويه خراسانيّا ، كان صيته أكثر من صيت الحاكم». (٣) وأشارت المصادر إلى نباهة ابن مردويه ، وتورّعه في الرواية ، وتثبّته في النقل ، وإتقانه وضبطه.

قال الذهبي في ترجمة الحافظ الطبراني :

«سليمان بن أحمد بن أيّوب اللخمي الطبراني ، الحافظ الثبت المعمّر ، أبو القاسم ، لا ينكر له التفرّد في سعة ما روى. ليّنه الحافظ أبو بكر بن مردويه لكونه غلط أو نسي ، فمن ذلك أنّه وهم ، وحدّث بالمغازي عن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن البرقي ، وإنّما أراد عبد الرحيم أخاه ، فتوهّم أنّ شيخه عبد الرحيم اسمه أحمد ، واستمر على هذا يروي عنه ويسميه أحمد ، وقد مات أحمد قبل دخول الطبراني إلى مصر بعشر سنين أو أكثر». (٤) وقال حفيده أبو بكر أحمد بن محمّد بن أحمد بن مردويه : «رأيت من أحوال جدّي من الديانة في الرواية ما قضيت منه العجب من تثبته وإتقانه. واهدي له ،

__________________

(١) الأعلام ، ج ١ ، ص ٢٦١.

(٢). سير أعلام النبلاء ، ج ١٧ ، ص ٣٦.

(٣) المصدر السابق ، ص ٣٠٨.

(٤) ميزان الاعتدال ، ج ٢ ، ص ١٩٥.

١٢

فقال : إن قبلتها فلا آذن لك بعد في دخول داري ، وإن ترجع تزد عليّ كرامة». (١) وحكى الذهبي عمّن سمع أبا بكر بن مردويه أنّه قال : «ما كتبت بعد العصر شيئا قطّ ـ وقال ـ : عميت قبل كل أحد ـ يعني : من أقرانه ـ ، وسمع أنّه كان يملي حفظا بعد ما عمي». (٢) وكغيره ممّن عشق الحديث النبوي الشريف رحل ابن مردويه في طلبه ، وتذكر لنا المصادر التاريخيّة أنّه قدم العراق لأجل ذلك.

قال رحمه‌الله : «دخلت بغداد ، وتطلّبت حديث إدريس بن جعفر العطار ، عن يزيد بن هارون ، وروح بن عبادة ...». (٣) وأشاد العلماء والمترجمون بجهود ابن مردويه في جمع التفاصيل عن الأخبار والروايات والأحاديث المختلفة ، وأسبغوا عليه من النعوت والألقاب ما يبرز مكانته العلميّة.

قال أبو نعيم (ت ٤٣٠ ه‍) في ترجمته : «أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ ، جمع حديث الأئمّة والشيوخ والتفسير ، وله المصنفات». (٤) ووصفه الذهبي (ت ٧٤٨ ه‍) ب «الحافظ الثبت العلّامة». (٥) وب «الحافظ المجوّد العلّامة ، محدّث أصبهان». (٦)

ونقل عن أبي بكر بن أبي عليّ أنّه قال : «هو أكبر من أن ندلّ عليه وعلى فضله وعلمه وسيره ، وأشهر بالكثرة والثقة من أن يوصف حديثه». (٧)

وقال الذهبي : «كان من فرسان الحديث ، فهما يقظا متقنا ، كثير الحديث جدّا ،

__________________

(١ و ٢) سير أعلام النبلاء ، ج ١٧ ، ص ٣٠٨.

(٣) لسان الميزان ، ج ٣ ، ص ٧٥.

(٤) تاريخ أصبهان ، ج ١ ، ص ٢٠٦.

(٥) تذكرة الحفاظ ، ج ٣ ، ص ١٠٥٠.

(٦) سير أعلام النبلاء ، ج ١٧ ، ص ٣٠٨.

(٧) المصدر السابق.

١٣

ومن نظر في تواليفه عرف محلّه من الحفظ. ومن تصانيفه كتاب المستخرج على صحيح البخاري بعلوّ في كثير من أحاديث الكتاب حتّى كأنّه لقي البخاري». (١)

وقال الصفدي (ت ٧٦٤ ه‍) في ترجمته : «الحافظ العلّامة ... خرّج حديث الأئمّة ، وسمع الكثير بأصبهان والعراق». (٢)

وقال ابن تغري بردى (ت ٨٧٤ ه‍) : «كان إماما حافظا ثقة سمع الكثير». (٣)

وقال الداوودي (ت ٩٤٥ ه‍) في ترجمته : «أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني ، الحافظ الكبير ، الثبت العلّامة ، عمل المستخرج على صحيح البخاري ، وكان قيّما بمعرفة هذا الشأن ، بصيرا بالرجال ، طويل الباع ، مليح التصانيف». (٤)

وقال ابن العماد الحنبلي (ت ١٠٨٩ ه‍) : «كان إماما في الحديث ، بصيرا بهذا الشأن». (٥)

وقال ابن الغزي (ت ١١٦٧ ه‍) : «أحمد بن موسى بن مردويه. الإمام الحبر ، البحر الحجّة ، الحافظ أبو بكر الأصبهاني». (٦)

وقال فؤاد سزكين في وصفه : «كان محدّثا ومفسّرا ومؤرّخا وجغرافيّا». (٧)

وتتضح منزلة ابن مردويه من بين أقرانه من الحفّاظ والمحدّثين ممّا قاله ابن قيم الجوزيّة (ت ٧٥١ ه‍) عقب إيراده حديث بني المنتفق ، قال :

«هذا حديث كبير جليل ، تنادي جلالته وفخامته وعظمته على أنّه قد خرج من مشكاة النبوّة ، لا يعرف إلّا من حديث عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ، ج ١٧ ، ص ٣٠٨.

(٢) الوافي بالوفيّات ، ج ٨ ، ص ٨٠١.

(٣) النجوم الزاهرة ، ج ٤ ، ص ٢٤٥.

(٤) طبقات المفسرين ، ج ١ ، ص ٩٤.

(٥) شذرات الذهب ، ج ٣ ، ص ١٩٠.

(٦) ديوان الإسلام ، ج ٤ ، ص ٢٧١.

(٧) تاريخ التراث العربي ، ج ١ ، ص ٤٦٢.

١٤

المدني ، رواه عنه إبراهيم بن حمزة الزبيري ، وهما من كبار علماء المدينة ، ثقتان محتج بهما في الصحيح ، أحتج بهما إمام أهل الحديث محمّد بن إسماعيل البخاري ، ورواه أئمّة أهل السنّة في كتبهم ، وتلقّوه بالقبول ، وقابلوه بالتسليم والانقياد ، ولم يطعن أحد منهم فيه ولا في أحد من رواته. فممّن رواه :

الإمام ابن الإمام ، أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل في مسند أبيه ، وفي كتاب السنّة.

ومنهم : الحافظ الجليل أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل في كتاب السنّة له.

ومنهم : الحافظ أبو أحمد محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان العسّال في كتاب المعرفة.

ومنهم : حافظ زمانه ، ومحدّث أوانه ، أبو القاسم ، سليمان بن أحمد بن أيّوب الطبراني في كثير من كتبه.

ومنهم : الحافظ أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن حيّان أبو الشيخ الأصبهاني في كتاب السنّة.

ومنهم : الحافظ بن الحافظ أبو عبد الله محمّد بن إسحاق بن محمّد بن يحيى بن مندة ، حافظ أصبهان.

ومنهم : الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه.

ومنهم : حافظ عصره ، أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الأصبهاني.

وجماعة من الحفّاظ سواهم يطول ذكرهم». (١) وتتضح منزلة ابن مردويه أيضا من كلام لتاج الدين السبكي (ت ٧٧١ ه‍) حول أهميّة الأسانيد ، وذكر فيه طبقات الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، قال :

«... وقال الأوزاعي : ما ذهاب العلم إلّا ذهاب الإسناد.

__________________

(١) زاد المعاد ، ج ٣ ، ص ٦٧٧.

١٥

وقال يزيد بن زريع : لكلّ دين فرسان ، وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد.

فرضي الله عنهم ، هم القوم ، بهم كمّل الله النعماء. فأين أهل عصرنا من حفّاظ هذه الشريعة : أبي بكر الصدّيق ، وعمر الفاروق ، وعثمان ذو النورين ، وعليّ المرتضى؟! ...

ومن طبقة أخرى من التابعين : أويس القرني ، وعلقمة بن قيس ... ـ إلى أن قال ـ : وأبي عبد الله بن مندة ، وأبي عبد الله بن الحسين بن أحمد بن بكير ، وأبي عبد الله الحاكم ، وعبد الغني بن سعيد الأزدي ، وأبي بكر بن مردويه ... فهؤلاء مهرة هذا الفن. وقد أغفلنا كثيرا من الأئمّة ، وأهملنا عددا صالحا من المحدّثين ، وإنّما ذكرنا من ذكرناه لننبّه بهم على من عداهم ، ثمّ أفضى الأمر إلى طيّ بساط الأسانيد رأسا ، وعدّ الإكثار منها جهالة ووسواسا». (١)

ألقابه

نقل الموفق الخوارزمي (ت ٥٦٨ ه‍) (٢) والأمر تسري (٣) وصف ابن مردويه ب «طراز (٤) المحدّثين». وابن طاوس (ت ٦٦٤ ه‍) (٥) ودرويش برهان (ق ١٠ ه‍) (٦) ب «ملك الحفّاظ ، طراز المحدّثين». والعلّامة الحلّي (ت ٧٢٦ ه‍) (٧) ب «سند الحفّاظ».

الاشتراك في كنيتيه

يكنّى أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك ، ب «ابن مردويه» نسبة إلى جدّه

__________________

(١) طبقات الشافعية الكبرى ، ج ١ ، ص ٣١٤.

(٢) المناقب ، ص ٦٨ ، ٨٩ ، ١١٧ ...

(٣) أرجح المطالب ، ص ٦.

(٤) الطراز : الجيّد من كلّ شيء (لسان العرب).

(٥) اليقين ، ص ٩.

(٦) درّ بحر المناقب ، ص ٥ ، ٩٠.

(٧) نهج الحق ، ص ٣٥٨.

١٦

الأوّل ، وب «ابن فورك» نسبة إلى جدّه الثاني.

الاشتراك الأوّل

يكنّى أحمد بن موسى بن مردويه ب «ابن مردويه الكبير» ، أمّا «الصغير» فهو حفيده أبو بكر أحمد بن محمّد بن أحمد بن موسى بن مردويه. (١)

الاشتراك الثاني

وهو لثلاثة محدّثين ، وهم :

١. أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك (ت ٤١٠ ه‍) (٢) ، وهو صاحب الترجمة.

٢. أبو بكر محمّد بن الحسن بن فورك الأصفهاني ، توفّى قبل الحاكم بسنة واحدة (ت ٤٠٥ ه‍). (٣) ٣. أبو بكر عبد الله بن محمّد بن محمّد بن فورك بن عطاء الأصفهاني القبّاب (ت ٣٧٠ ه‍). (٤)

مؤلّفاته

يعد أبو بكر بن مردويه من المحدّثين المكثرين في التأليف ، والمتضلّعين في التصنيف في مختلف العلوم.

فقد صنّف في علوم التفسير ، والحديث ، والرجال ، والطب ، والجغرافيا ، وغير ذلك.

ومن المؤسف حقّا أن نرى جميع كتبه قد ضاعت بمرور الزمن ، ولم يصل

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ، ج ٤ ، ص ١٢١٢ ؛ الرسالة المستطرفة ، ص ٢١.

(٢) سير أعلام النبلاء ، ج ١٧ ، ص ٣٠٨.

(٣) المصدر السابق ، ج ٧ ، ص ٢١٤.

(٤) نفس المصدر ، ج ١٦ ، ص ٢٥٧.

١٧

لوقتنا الحاضر سوى صحائف من كتابه معجم البلدان و «ثلاثة مجالس» من أماليه الثلاثمائة تحتفظ بها بعض مكتبات العالم.

وبعد استقصائنا للمصادر أمكننا تدوين ثبت بمؤلّفاته وهي :

١. تفسير القرآن (التفسير المسند للقرآن) ، في سبعة مجلدات.

ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج ١٧ ، ص ٣٠٨) ، والداوودي في طبقات المفسرين (ج ١ ، ص ٩٤) ، وابن الغزي في ديوان الإسلام (ج ٤ ، ص ٢٧١) ، ونقل عنه ابن حجر في الإصابة كثيرا ، وفي تهذيب التهذيب (ج ٨ ، ص ١٩٢) قال : «... وجدت الحديث في تفسير ابن مردويه».

٢. الأمالي (الثلاثمائة مجلس).

ذكره السمعاني في الأنساب (ج ٥ ، ص ٦٠٠). وقال في ترجمة الوزير أبي الفتح أحمد بن عليّ نظام الملك : «سمعت منه مجلسا من أمالي أبي بكر بن مردويه».

وذكره سزكين في تاريخ التراث العربي (ج ١ ، ص ٤٦٢). (١) ٣. المستخرج على صحيح البخاري.

أورد ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج ٧ ، ص ٣٠٨). والداوودي في طبقات المفسرين (ج ١ ، ص ٩٤).

٤. كتاب الصحيح.

ورد ذكره في هامش الإكمال : (ج ٦ ، ص ٣٣) نقلا عن كتاب الاستدراك ، لابن نقطة ، قال : «... حدّث عنه الدار قطني ... ، وأحمد بن موسى بن مردويه في صحيحه».

قال العلّامة الطباطبائي في كتابه أهل البيت في المكتبة العربيّة (ص ٥٧٧) : «لعلّه هو المستخرج على صحيح البخاري».

__________________

(١) قال سزكين : يوجد في المكتبة الظاهريّة برقم : ١٠٨ / ٨ (ثلاثة مجالس فقط ، من ١٨٢ م ـ ١٩٢ م ، في القرن السادس الهجري).

و «مختارات من الأمالي» لأبي عبد الله محمّد بن إبراهيم بن جعفر الجرجاني (ت ٤٠٨ ه‍).

١٨

٥. مسند في الحديث.

ذكره الزركلي في الأعلام (ج ١ ، ص ٢٦١).

٦. حديث الطير.

ذكره ابن كثير في البداية والنهاية (ج ٧ ، ص ٣٥٤) قال : «وقد جمع الناس في هذا الحديث ـ يعني حديث الطير ـ مصنفات مفردة ، منهم : أبو بكر بن مردويه ...».

٧. التشهّد طرقه وألفاظه (في مجلد صغير).

ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج ١٧ ، ص ٣٠٨).

ونقل عنه ابن حجر في تلخيص الحبير (ج ٣ ، ص ٥١٥) قال : «... رواه أبو بكر بن مردويه في كتاب التشهّد».

٨. جزء فيه انتقاء من حديث أهل البصرة.

ذكره سزكين في تاريخ التراث العربي (ج ١ ، ص ٤٦٢). (١) ٩. كتاب الأربعين.

ذكره زين الدين البياضي (ت ٨٧٧ ه‍) في كتابه الصراط المستقيم : (ج ١ ، ص ٦).

قال (ص ٢٧٥) : «روى ابن مردويه في كتاب الأربعين».

١٠. حديث ردّ الشمس.

ذكره البياضي في الصراط المستقيم (ج ١ ، ص ٦ و ١٥٣).

١١. كتاب المتون.

ذكره البياضي في الصراط المستقيم (ج ١ ، ص ٩).

قال (ص ١٥٣) : «أسند ابن مردويه في كتاب المتون ...».

١٢. كتاب السيرة.

ذكره الحطّاب الرعيني (ت ٩٥٤ ه‍) في مواهب الجليل (ج ٤ ، ص ١٨٩) ، قال : «ثمّ

__________________

(١) قال سزكين : يوجد في المكتبة الظاهريّة ، مجموع ٨٥ (من ١١٠ م ـ ١٢٦ ب ، في القرن السابع الهجري).

١٩

رأيت ابن مردويه أخرج في السيرة ...».

١٣. حديث السبيل.

قال ابن كثير في تفسيره (ج ١ ، ص ٣٩٤) : «وقد اعتنى الحافظ أبو بكر بن مردويه بجمع طرق هذا الحديث». وهو حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين سئل عن قول الله عزوجل : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (١) فقيل : ما السبيل؟ قال :الزاد والراحلة.

١٤. كتاب مسانيد الشعراء.

ذكره ابن كثير في تفسيره (ج ٤ ، ص ٢٥٧) ، قال : «... رواه ابن مردويه في مسانيد الشعراء».

١٥. كتاب الدعاء.

ذكره محمّد بن أبي بكر عمر الأصفهاني في الزيادات على الأنساب المتّفقة (ص ١٩٦) ، قال : «أحمد بن إسحاق السالمي : حديثه في كتاب الدعاء لابن مردويه ... وزكريا بن إسماعيل الزيدي في كتاب الدعاء لابن مردويه».

١٦. كتاب العلم.

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج ٢٠ ، ص ٤٧) : «وكتاب العلم لابن مردويه سمعه أبو سهل محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن سعدويه الأصفهاني من الحلاوي ـ وهو الحافظ محمّد بن الفضل الحلاوي ـ عنه».

وذكره ابن حجر في الإصابة (ج ٦ ، ص ٣٤١) ، قال : «... أخرجه ابن مردويه في كتاب العلم».

١٧. الأبواب.

ذكره الصفدي في الوافي بالوفيات (ج ٨ ، ص ٨٠١).

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية ٩٧.

٢٠