مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام

أبي بكر أحمد بن موسى ابن مردويه الإصفهاني

مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن موسى ابن مردويه الإصفهاني


المحقق: عبدالرزاق محمّد حسين حرز الدين
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ٢
ISBN: 964-7489-08-0
الصفحات: ٤٢٣

وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ). (١)

١٤٨. ابن مردويه ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اللهمّ من كنت مولاه فعليّ مولاه. اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، واخذل من خذله ، وابغض من بغضه». (٢)

١٤٩. ابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا : «اللهمّ من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، واخذل من خذله ، وانصر من نصره ، وأحبّ من أحبّه ، وابغض من أبغضه». (٣)

١٥٠. ابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : لمّا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من كنت مولاه فعليّ مولاه» يوم غدير خم ، قال حسان بن ثابت : أفتأذن يا رسول الله أن أقول أبياتا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «قل على بركة الله» ، فقال حسان :يا معشر قريش ، اسمعوا شهادة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال :

يناديهم يوم الغدير نبيّهم

بخمّ وأسمع بالرسول مناديا

فقال : فمن مولاكم ووليّكم؟

فقالوا ، ولم يبدوا هناك معاديا

إلهك مولانا وأنت وليّنا

ولن تجدنّ في ذلك اليوم عاصيا

فقال له : قم يا عليّ ، فإنّني

رضيتك من بعدي إماما وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليّه

فكونوا له أنصار صدق مواليا

هناك دعا : اللهمّ وال وليّه

وكن للذي عادى عليّا معاديا

فخصّ بها دون البريّة كلّها

عليّا وسماه الوزير المؤاخيا (٤)

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية ٦٧. لاحظ ص ٢٣٩.

(٢) أرجح المطالب ، ص ٥٦٤.

(٣) مفتاح النجا ، ص ٥٨.

ورواه ابن مردويه كما في القول المستحسن (ص ٢٩٩).

(٤) أرجح المطالب ، ص ٥٧٠ ، قال فيه : أخرجه أبو بكر بن مردويه وأبو نعيم في ما نزل من القرآن في عليّ ،

١٢١

١٥١. ابن مردويه ، عن زيد بن عليّ ، عن أبيه عليه‌السلام : إنّ أبا ذر لقيه عليّ عليه‌السلام ، فقال أبو ذر : أشهد لك بالولاء والرخاء والوصيّة. (١)

١٥٢. ابن مردويه ، عن سلمان والمقداد وعمار ، مثله. (٢)

١٥٣. ابن مردويه ، عن حبيب بن يسار ، عن أبي رميلة ، أنّ ركبا أربعة أتوا عليّا عليه‌السلام حتّى أناخوا بالرحبة ، ثمّ أقبلوا إليه ، فقالوا : السّلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، قال : «وعليكم السّلام ، أنّى أقبل الركب؟» ، قالوا : أقبل مواليك من أرض كذا وكذا ، قال : «أنّى أنتم مواليّ؟» قالوا : سمعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم غدير خم يقول : «من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه». (٣)

١٥٤. ابن مردويه ، قال رياح بن الحرث : كنت في الرحبة مع أمير المؤمنين عليه‌السلام إذ أقبل ركب يسيرون حتى أناخوا بالرحبة ، ثمّ أقبلوا يمشون حتّى أتوا عليّا عليه‌السلام فقالوا : السّلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، قال : «من القوم؟» قالوا : مواليك يا أمير المؤمنين ، قال : فنظرت إليه وهو يضحك ويقول : «من أين وأنتم قوم عرب!» قالوا : سمعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم غدير خم وهو آخذ بعضدك يقول : «أيّها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟» قلنا : بلى يا رسول الله ، فقال : إنّ الله مولاي ، وأنا مولاى المؤمنين ، وعليّ مولى من كنت مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه» ، فقال :«أنتم تقولون ذلك؟» ، قالوا : نعم ، قال : «وتشهدون عليه؟» ، قالوا : نعم ، قال :

__________________

وأخطب خوارزم في المناقب ، وسبط بن الجوزي في تذكرة الخواص ، والسيوطي في كتابه المسمى أزهار فيما عقده الشعراء من الأشعار ، ومحمّد بن يوسف الكنجي الشافعي في كفاية الطالب ، والحمويني في فرائد السمطين ، والنطنزي في الخصائص العلويّة.

(١) مناقب آل أبي طالب ، ج ٢ ، ص ٢٤٧.

(٢) المصدر السابق.

(٣) كشف الغمّة ج ١ ، ص ٣١٨.

١٢٢

«صدقتم» ، فانطلق القوم وتبعتهم ، فقلت لرجل منهم : من أنتم يا عبد الله؟

قالوا : نحن رهط من الأنصار ، وهذا أبو أيوب صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فأخذت بيده ، فسلمت عليه وصافحته. (١)

ك. إخبار النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بما يجري عليه عليه‌السلام بعد وفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله

١٥٥. ابن مردويه ، بإسناده عن عبد الرزاق ، عن أبيه ، عن مينا ، عن ابن مسعود ، قال :كنت مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد تنفس الصعداء ، فقلت : مالك يا رسول الله؟ قال :«نعيت إلى نفسي يا ابن مسعود» ، قلت : استخلف ، قال : «من؟» ، قلت :أبا بكر ، فسكت ، ثمّ مضى ساعة ثمّ تنفس ، فقلت : ما شأنك يا رسول الله؟ قال : «نعيت إلى نفسي» ، قلت : فاستخلف ، قال : «من؟» ، قلت : عليّ بن أبي طالب ، فسكت ، ثمّ قال : «والّذي نفسي بيده ، لئن أطاعوه ليدخلنّ الجنّة أجمعين أكتعين». (٢)

١٥٦. ابن مردويه ، بإسناده إلى ابن عباس ، قال : خرجت أنا والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّ ، فرأيت حديقة ، فقلت : ما أحسن هذه يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله! فقال : «حديقتك في الجنّة أحسن منها» ، ثمّ مررنا بحديقة ، فقال عليّ : «ما أحسن هذه يا رسول

__________________

(١) كشف الغمّة ج ١ ، ص ٣١٨.

(٢) مناقب آل أبي طالب ، ج ٢ ، ص ٢٦٢. قال : كتابي أبي بكر بن مردويه ومحمّد السمعاني بإسنادهما عن عبد الرزاق ...

ورواه الطبراني في المعجم الكبير (ج ١٠ ، ص ٦٧ ، ح ٩٩٧٠). قال : حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الديري ، حدّثنا عبد الرزاق ، عن أبيه ، عن مينا ، عن عبد الله بن مسعود قال : كنت مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة وفد الجن ، فتنفس ، فقلت :مالك يا رسول الله؟ قال : «نعيت إلى نفسي يا ابن مسعود» ، قلت : استخلف ، قال : «من؟» قلت : أبو بكر ، قال :فسكت ، ثمّ مضى ساعة ثمّ تنفس ، فقلت : ما شأنك بأبي أنت وامّي يا رسول الله؟ قال : «نعيت إلى نفسي يا ابن مسعود» ، قلت : فاستخلف ، قال : «من؟» قلت : عمر ، فسكت ، ثمّ مضى ساعة ثمّ تنفس ، فقلت : ما شأنك ، قال :«نعيت إلى نفسي يا ابن مسعود» ، قلت : فاستخلف ، قال : «من؟» قلت : عليّ بن أبي طالب ، قال : «أما والّذي نفسي بيده ، لئن أطاعوه ليدخلنّ الجنّة أجمعين أكتعين». ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من تاريخ دمشق (ج ٣ ، ص ٩٥ ، ح ١١٢٤).

١٢٣

الله!» ، قال : حتّى مررنا بسبع حدائق ، فقال : «حدائقك في الجنّة أحسن منها» ، ثمّ ضرب بيده على رأسه ولحيته وبكى ، حتّى علا بكاؤه ، قال عليّ عليه‌السلام : «ما يبكيك يا رسول الله؟» قال : «ضغائن في صدور قوم ، لا يبدونها لك حتّى يفقدوني». (١)

١٥٧. ابن مردويه ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد السري بن يحيى التميمي ، حدّثنا المنذر بن محمّد بن المنذر ، حدّثنا أبي ، حدّثنا عمي الحسين بن يوسف بن سعيد بن أبي الجهم ، حدّثني أبي ، عن أبان بن تغلب ، عن مسلم ، قال :سمعت أبا ذر والمقداد بن الأسود وسلمان الفارسي ، قالوا : كنّا قعودا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما معنا غيرنا ، إذ أقبل ثلاثة رهط من المهاجرين البدريين ، فقال رسول الله : «تفترق امتي بعدي ثلاث فرق ، فرقة أهل حق لا يشوبونه بباطل ، مثلهم كمثل الذهب كلّما فتنته بالنّار ازداد جودة وطيبا ، وإمامهم هذا أحد الثلاثة ، وهو الّذي أمر الله به في كتابه (إِماماً وَرَحْمَةً) (٢) ، وفرقة أهل باطل لا يشوبونه بحقّ ، مثلهم كمثل خبث الحديد ، كلّما فتنته بالنّار ازداد

__________________

(١) نهج الحق ، ص ٣٣٠ ، قال : ومن كتاب المناقب لأبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ بإسناده إلى ابن عبّاس ...

ورواه ابن مردويه على ما رواه الكركي في نفحات اللاهوت (ص ١١٣).

ورواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (ج ١٢ ، ص ٣٩٨) قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن كثير الدورقي ـ أبو العباس ـ وأحمد بن زهير ، قالا :حدّثنا الفيض بن وثيق بن يوسف بن عبد الله بن عثمان بن أبي العاص ، حدّثنا الفضل بن عميرة ، حدّثني ميمون الكردي ـ مولى عبد الله بن عامر ، أبو نصير ـ عن أبي عثمان النهدي ، عن عليّ بن أبي طالب ، قال : «مررت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بحديقة ، فقلت : يا رسول الله ، ما أحسنها!» ، قال : «لك في الجنّة خير منها» ، حتّى مررت بسبع حدائق ـ وقال أحمد بن زهير : بتسع حدائق ـ كل ذلك أقول له ، ويقول : «لك في الجنّة خير منها». قال : «ثمّ جذبني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبكى. فقلت : يا رسول الله ، ما يبكيك؟!» قال : «ضغائن في صدور رجال عليك ، ابن يبدوها لك ، للأمر بعدي». فقلت : «بسلامة من ديني؟» قال : «نعم ، بسلامة من دينك».

ورواه الموفّق الخوارزمي في المناقب (ص ٦٥ ، ح ٣٥).

(٢) سورة هود ، الآية ١٧.

١٢٤

خبثا ، وإمامهم هذا أحد الثلاثة ، وفرقة أهل ضلالة مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، وإمامهم هذا أحد الثلاثة». قال : فسألته عن أهل الحق وإمامهم.

فقال : «هذا عليّ بن أبي طالب ، إمام المتقين» ، وأمسك عن الاثنين فجهدت أن يسميهما فلم يفعل. (١)

١٥٨. ابن مردويه ، بإسناده عن عقبة بن عامر ، قال : أتيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ظهيرة ، فقال لي :«ما جاء بك يا جهني في هذا الوقت؟» ، قال : قلت : أمر عرض لي. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «وما ذاك يا جهني؟» ، قال : قلت : يا رسول الله ، ما تقول في هؤلاء القوم الّذين يقاتلون معك؟ منهم من يقول : أبو بكر خير هذه الامّة من بعدك ، ومنهم من يقول : عمر خير هذه الامّة من بعدك ، فإن حدّث بك حدّث اتبعناه؟ فقال : «اتبعوا من اختاره الله من بعدي ، ومن اشتق له من أسمائه ، ومن زوّجه الله ابنتي من عنده ، ومن وكل به ملائكته يقاتلون معه عدوّه» ، قلت : ومن هو يا رسول الله؟ قال : «عليّ بن أبي طالب». (٢)

__________________

(١) الطرائف ، ص ٢٤١ ، ح ٣٤٦.

ورواه ابن مردويه كما في اليقين (الباب ١٨٥ ، ص ١٨٢) ، قال فيه : الإمام الحافظ ملك الحفاظ طراز المحدثين أحمد بن موسى بن مردويه في كتابه المناقب : حدّثني إسماعيل بن عليّ بن رزين الواسطي ، قال : حدّثنا الهيثم ابن عدي الطائي ، قال : حدّثنا حمّاد بن عيسى ، قال : حدّثنا عليّ بن هاشم ، قال : حدّثني أبي هاشم بن البريد وابن أذينة ، عن أبان بن تغلب ، وذكر تمام السند وذكر مثله.

روى الموفّق الخوارزمي في المناقب (ص ٣١٧ ، ح ٣١٨) ، قال : وبهذا الإسناد عن الإمام محمّد بن أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاذان هذا ، حدّثني أحمد بن محمّد بن سليمان ، عن جعفر بن محمّد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن داوود بن الحصين ، عن عمر بن اذينة ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن عليّ بن الحسين ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا عليّ ، مثلك في أمّتي مثل المسيح عيسى بن مريم ، افترق قومه ثلاث فرق : فرقة مؤمنون وهم الحواريّون ، وفرقة عادوه وهم اليهود ، وفرقة غلوا فيه فخرجوا من الإيمان ، وإنّ أمّتي ستفترق فيك ثلاث فرق : فرقة شيعتك وهم المؤمنون ، وفرقة أعداؤك وهم الناكثون ، وفرقة غلوا فيك وهم الجاحدون الضالون. فأنت يا عليّ وشيعتك في الجنّة ، ومحبّوا شيعتك في الجنّة ، وعدوّك والغالي فيك في النار».

(٢) الأربعين في إمامة الأئمّة الطاهرين ، ص ٧٤.

١٢٥

١٥٩. ابن مردويه ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم بن يوسف ، قال : حدّثنا عمران بن عبد الرحيم قال : حدّثنا محمّد بن عليّ بن الحكيم ، قال : حدّثنا محمّد بن سعد أبو الحسين ، عن الحسن بن عمارة ، عن الحكيم بن عتبة ، عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله ، قال : خرج عمر بن الخطّاب إلى الشام وأخرج معه العبّاس بن عبد المطلب ، قال : فجعل الناس يتلقون العبّاس ويقولون : السّلام عليك يا أمير المؤمنين ، وكان العبّاس رجلا جميلا فيقول : هذا صاحبكم ، فلمّا كثر عليه ، التفت إلى عمر فقال : ترى أنا والله أحق بهذا الأمر [منك ، فقال عمر : اسكت! أولى والله بهذا الأمر] (١) منّي ومنك رجل خلفته أنا وأنت بالمدينة ، عليّ بن أبي طالب. (٢)

١٦٠. ابن مردويه ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم بن يوسف ، قال : حدّثنا عمران بن عبد الرحيم ، قال : حدّثنا يحيى الحماني ، قال : حدّثنا الحكم بن ظهير ، عن عبد الله بن محمّد بن عليّ ، عن أبيه عن ابن عبّاس ، قال : كنت أسير مع عمر ابن الخطاب في ليلة ، وعمر على بغل وأنا على فرس ، فقرأ آية فيها ذكر عليّ بن أبي طالب ، وقال : أم والله يا بني عبد المطلب ، لقد كان صاحبكم أولى بهذا الأمر منّي ومن أبي بكر. فقلت في نفسي : لا أقالني الله إن أقلتك ، فقلت : أنت تقول ذلك يا أمير المؤمنين ، وأنت وصاحبك اللذان وثبتما وانتزعتما منّا الأمر دون الناس ، فقال : إليكم يا بني عبد المطلب ، أما إنّكم أصحاب عمر بن الخطاب ـ وتأخرت وتقدّم هنيئة ـ فقال : سر لا سرت ، فقال : أعد عليّ كلامك ، فقلت : إنّما ذكرت شيئا فرددت جوابه ، ولو سكتّ سكتنا ، فقال : والله ، إنّا ما فعلنا عداوة ، ولكن استصغرناه ، وخشينا أن لا

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من النسخة المطبوعة ، وأثبتناه من المخطوطة.

(٢) اليقين ، الباب ٢٢٠ ، ص ٢٠٦.

١٢٦

تجتمع عليه العرب وقريش لمّا وترها. فأردت أن أقول : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يبعثه في الكتيبة فينطح كبشها فلم يستصغره ، [فتستصغره] (١) أنت وصاحبك ، فقال : لا جرم ، فكيف ترى؟! والله ما نقطع أمرا دونه ، ولا نعمل شيئا حتّى نستأذنه. (٢)

ل. حديث المناشدة

١٦١. ابن مردويه ، حدّثنا سليمان بن أحمد ، حدّثني عليّ بن سعيد الرازي ، حدّثني محمّد بن حميد ، حدّثني زافر بن سليمان بن الحارث بن محمّد ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال : كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الأصوات بينهم ، فسمعت عليّا عليه‌السلام يقول : بايع الناس أبا بكر وأنا والله ، أولى بالأمر وأحق به ، فسمعت وأطعت ؛ مخافة أن يرجع الناس كفّارا ، يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف ، ثمّ بايع أبو بكر لعمر وأنا والله ، أولى بالأمر منه ، فسمعت وأطعت ؛ مخافة أن يرجع الناس كفّارا ، ثمّ أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان إذن لا أسمع ولا أطيع ، إنّ عمر جعلني في خمس نفر أنا سادسهم.

لأيم الله ، لا يعرف لي فضل في الصلاح ولا يعرفونه لي كما نحن فيه شرع سواء. وأيم الله ، لو أشاء أن أتكلّم ثمّ لا يستطيع عربهم ولا عجمهم ولا المعاهد منهم ولا المشرك أن يردّ خصلة منها.

ثمّ قال : أنشدكم الله أيّها الخمسة ، أمنكم أخو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غيري؟ قالوا :لا.

قال : أمنكم أحد له أخ مثل أخي المزيّن بالجناحين ، يطير مع الملائكة في الجنّة؟ قالوا : لا.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من النسخة المخطوطة.

(٢) اليقين ، الباب ٢٢٠ ، ص ٢٠٥.

١٢٧

قال : أمنكم أحد له عمّ مثل عمّي حمزة بن عبد المطلب ، أسد الله وأسد رسوله غيري؟ قالوا : لا.

قال : أمنكم أحد له ابن عم مثل ابن عمّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قالوا : لا.

قال : أمنكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، سيّدة نساء هذه الامّة؟ قالوا : لا.

قال : أمنكم أحد له سبطان مثل الحسن والحسين سبطى هذه الامّة ، ابنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غيري؟

قالوا : لا.

قال : أمنكم أحد قتل مشركي قريش غيري؟ قالوا : لا.

قال : أمنكم أحد وحّد الله قبلي؟ قالوا لا.

قال : أمنكم أحد صلّى القبلتين غيري؟ قالوا : لا.

قال : أمنكم أحد أمر الله بمودّته غيري؟ قالوا : لا.

قال : أمنكم أحد غسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غيري؟ قالوا : لا.

قال : أمنكم أحد سكن المسجد يمرّ فيه جنبا غيري؟ قالوا : لا.

قال : أمنكم أحد ردّت عليه الشمس بعد غروبها حتّى صلّى العصر غيري؟

قالوا : لا.

قال : أمنكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين قرّب إليه الطير فأعجبه ، فقال :«اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير» ، فجئت وأنا لا أعلم ما كان من قوله ، فدخلت فقال : «وإليّ يا رب ، وإليّ يا ربّ» غيري؟

قالوا : لا.

قال : أفيكم أحد كان أقتل للمشركين عند كل شديدة تنزل برسول الله منّي؟

قالوا : لا.

قال : أفيكم أحد كان أعظم عناء عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منّي حتّى اضطجعت على فراشه ، ووقيته بنفسي وبذلت مهجتي غيري؟ قالوا : لا.

قال : أفيكم أحد كان يأخذ الخمس غيري وغير زوجتي فاطمة؟ قالوا : لا.

١٢٨

قال : أمنكم أحد كان له سهم في الخاص وسهم في العام غيري؟ قالوا : لا.

قال : أفيكم أحد يطهّره كتاب الله غيري حتّى سد النبيّ أبواب المهاجرين وفتح بابي إليه حتّى قام إليه عماه : حمزة والعبّاس فقالا : يا رسول الله ، سددت أبوابنا وفتحت باب عليّ؟ فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما أنا فتحت بابه ولا سددت أبوابكم ، بل الله فتح بابه وسدّ أبوابكم» ، قالوا : لا.

قال : أفيكم أحد تمّم الله نوره من السماء حين قال : (فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) (١) غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أفيكم أحد ناجى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ست عشر مرة غيري حين قال :(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) (٢)؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : هل فيكم أحد ولي غمّض رسول الله غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال أفيكم أحد آخر عهده برسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين وضعته في حفرته غيري؟

قالوا : لا. (٣)

__________________

(١) سورة الروم ، الآية ٣٨.

(٢) سورة المجادلة ، الآية ١٢.

(٣) المناقب ، الخوارزمي ، ص ٣١ ، ح ٣١ ، قال : أخبرني الشيخ الإمام شهاب الدين أفضل الحفّاظ أبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمروزي ـ فيما كتب إليّ من همدان ـ أخبرنا الحافظ أبو عليّ الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد بأصبهان ـ فيما أذن لي في الرواية عنه ـ أخبرنا الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني ـ سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ـ أخبرني الإمام الحافظ طراز المحدّثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني ، قال الشيخ الإمام شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني ، وأخبرنا بهذا الحديث عاليا الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الأصفهاني ـ في كتابه إليّ من أصبهان سنة ثمان وثمانين وأربعمائة ـ عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه ...

ورواه ابن مردويه على ما رواه ابن طاوس في الطرائف (ص ٤١١).

ورواه ابن المغازلي في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (ص ١١٢ ، ح ١٥٥). قال : أخبرنا أبو طاهر محمّد بن عليّ بن محمّد البيّع البغدادي ، أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن محمّد بن أحمد بن أبي مسلم الفرضي ، حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد المعروف بابن عقدة الحافظ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن سعيد الأحمسي

١٢٩

١٦٢. ابن مردويه ، قال : حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن أبي دارم ، قال : حدّثنا المنذر بن محمّد ، قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثني عمّي ، قال : حدّثني أبي ، عن أبان بن تغلب ، عن عامر بن واثلة ، قال : كنت على الباب يوم الشورى وعليّ عليه‌السلام في البيت فسمعته يقول : استخلف أبو بكر وأنا في نفسي أحق بها منه ، فسمعت وأطعت ، وأنتم تريدون أن تستخلفوا عثمان إذن لا أسمع ولا أطيع. جعلني عمر في خمسة أنا سادسهم ، ولا يعرف لهم عليّ فضل فنحن سواء ، أما والله لأحاجنّهم بخصال لا تستطيع عربهم ولا عجمهم ، المعاهد منهم والمشرك أن ينكر منها خصلة واحدة.

ثمّ قال : أنشدكم بالله أيّها النفر جميعا أمنكم من أمنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غيري؟

قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أيّها النفر جميعا أمنكم أحد وحّد الله عزوجل قبلي؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أيّها النفر جميعا أمنكم أحد هو المصلّي القبلتين قبلي؟

قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أيّها النفر جميعا أمنكم أحد له عمّ مثل عمّي حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسول الله غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أمنكم من سيّد الشهداء عمّه غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله هل فيكم من له ابن عمّ مثل ابن عمّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟

قالوا : اللهمّ لا.

__________________

حدّثنا نصر ـ وهو ابن مزاحم ـ حدّثنا الحكم بن مسكين ، حدّثنا أبو الجارود وابن طارق ، عن عامر بن واثلة ، وأبو ساسان وأبو حمزة ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن عامر بن واثلة ، قال : كنت مع عليّ عليه‌السلام في البيت يوم الشورى فسمعت عليّا يقول لهم : «لأحتجنّ عليكم بما لا يستطيع عربيكم ولا عجميكم يغيّر ذلك». ثمّ قال :«أنشدكم بالله أيّها النفر جميعا! أفيكم أحد وحّد الله قبلي؟» ، قالوا : اللهمّ لا. قال : «فأنشدكم بالله هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر الطيّار في الجنّة مع الملائكة غيري؟» ، قالوا : اللهمّ لا ، ثمّ ساق عليه‌السلام ٢٧ فقرة من مناشداته.

ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من تاريخ دمشق (ج ٣ ، ص ١١٣ ، ح ١١٤٠).

١٣٠

قال : أنشدكم بالله أمنكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله سيّدة نساء هذه الامّة غيري؟ قالوا : لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم أحد له سبطان مثل الحسن والحسين سبطي هذه الامّة ابني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم أحد غسّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم أحد أمر الله بمودته غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم أحد سكن المسجد يمرّ فيه جنبا غيري؟ قالوا :اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم أحد ردّت عليه الشمس بعد غروبها غيري؟

قالوا : اللهمّ لا.

قال : أمنكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين قرّب إليه الطائر المشوي فأعجبه : «اللهمّ ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير» غيري؟

قالوا : اللهمّ لا.

قال : أمنكم أحد كان أقتل للمشركين عند كلّ شديدة نزلت برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منّي؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أمنكم أحد له مثل الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة غيري؟

قالوا : اللهمّ لا.

قال : أمنكم أحد كان أعظم عناء منّي عن رسول الله حتّى اضطجعت على فراشه ووقيته بنفسي وبذلت له دمي؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم أحد كان يأخذ الخمس غيري وغير فاطمة؟ قالوا :اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم من كان له سهم في الخاص وسهم في العام غيري؟

قالوا : اللهمّ لا.

١٣١

قال : أنشدكم بالله أمنكم أحد يظهر بابه غيري حين سدّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أبواب المهاجرين جميعا وفتح بابي حتّى قام إليه عمّاه حمزة والعبّاس فقالا : يا رسول الله ، سددت أبوابنا وفتحت باب عليّ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما أنا فتحت بابه ، ولا أنا سددت أبوابكم ، بل الله فتح بابه وسدّ أبوابكم»؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم أحد تمّم الله تعالى نوره من السماء حتّى قال (فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) (١) غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم أحد ناجى الله ست عشرة مرّة غيري حين قال :(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) (٢)؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم أحد ولّي تغميض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غيري؟ قالوا :اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم أحد تولى دفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى وضعه في روضته غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم من نصبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم غدير خمّ للولاية غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم من جعله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من نفسه كهارون من موسى غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم من أعطاه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الراية ، ففتح الله على يده خيبر غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أمنكم أحد نادى عليه جبرئيل عليه‌السلام : أن لا فتى إلّا عليّ ولا سيف إلّا ذو الفقار غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

__________________

(١) سورة الروم ، الآية ٣٨.

(٢) سورة المجادلة ، الآية ١٢.

١٣٢

قال : أمنكم أحد أخا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووزيره غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أمنكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هو منّي وأنا منه غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أمنكم أحد أنزل الله تعالى فيه : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (١) غيري؟

قالوا : اللهمّ لا.

قال : أمنكم أحد هو قسيم الجنّة والنار غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أمنكم أوّل وارد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على الحوض غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم أحد يشري نفسه ابتغاء مرضات الله غيري؟ قالوا :اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم المؤدّي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم من نزل فيه : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (٢) فكنت سابق هذه الامّة تدرون غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم من يقضي دين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله أمنكم من نزل فيه : (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) (٣) قال :بعليّ بن أبي طالب هل تدرون ذلك غيري؟ قالوا : اللهمّ لا.

قال : أنشدكم بالله هل تعلمون تفسير هذه الآية : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً) (٤) فالفاسق الوليد بن عتبة والمؤمن أنا غيري؟ قالوا : اللهمّ لا. (٥)

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية ٥٥.

(٢) سورة الواقعة ، الآية ١١.

(٣) سورة الأحزاب ، الآية ٢٥.

(٤) سورة السجدة ، الآية ١٨.

(٥) الدرّ النظيم ، ج ١ ، الورقة ١١١ ، قال : حدّث أبو المظفر عبد الواحد بن حمد بن محمّد بن شيدة المقري ، قال :حدّثنا عبد الرزاق بن عمر الطهراني ، قال : حدّثنا أبو بكر أحمد بن موسى الحافظ ...

١٣٣

م. الخطبة الشقشقيّة

١٦٣. ابن مردويه ، عن سليمان بن أحمد الطبراني ، أخبرنا أحمد بن عليّ الأبّار ، أخبرنا إسحاق بن سعيد أبو سلمة الدمشقي ، أخبرنا خليد بن دعلج ، عن عطا بن أبي رباح ، عن ابن عباس : كنّا مع عليّ عليه‌السلام بالرحبة ، فجرى ذكر الخلافة ومن تقدم عليه فيها ، فقال : أما والله ، لقد تقمّصها فلان ، وإنّه ليعلم أن محلّي منها محلّ القطب من الرحا ، ينحدر عنّي السيل ، ولا يرقى إليّ الطير.

فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتّى يلقى ربّه. فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا ، حتّى مضى الأوّل لسبيله فأدلى بها إلى فلان بعده.

شتّان ما يومي على كورها

ويوم حيّان أخي جابر

فيا عجبا! بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته ، لشدّ ما تشطّرا ضرعيها ، فصيّرها في حوزة خشناء ، يغلظ كلّمها ، ويخشن مسّها ، ويكثر العثار فيها والاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصّعبة ، إن أشنق لها خرم ، وإن أسلس لها تقحّم. فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس ، وتلوّن واعتراض.

فصبرت على طول المدّة ، وشدّة المحنة ، حتّى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم. فيا لله وللشورى! متى اعترض الريب فيّ مع الأوّل منهم حتّى صرت أقرن إلى هذه النظائر! لكنّني أسفت إذ أسفوا ، وطرت إذ طاروا. فصغا رجل منهم لضغنه ، ومال الآخر لصهره ، مع هن وهن. إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيّه بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أبيه يخضمون

١٣٤

مال الله خضم الإبل نبتة الربيع ، إلى أن انتكث فتله ، وأجهز عليه عمله ، وكبت به بطنته.

فما راعني إلّا والناس كعرف الضبع إليّ ، ينثالون عليّ من كل جانب ، حتّى لقد وطئ الحسنان وشقّ عطفاي ، مجتمعين حولي كربيضة الغنم.

فلمّا نهضت بالأمر نكثت طائفة ، ومرقت اخرى ، وقسط آخرون ، كأنّهم لم يسمعوا الله تعالى يقول : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ). (١) بلى والله ، لقد سمعوها ودعوها ، ولكنّهم حليت الدنيا في أعينهم ، وراقهم زبرجها.

أما والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لو لا حضور الحاضر ، وقيام الحجّة بوجود الناصر ، وما أخذ الله تعالى على العلماء ألّا يقارّوا على كظّة ظالم ، ولا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أوّلها ، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز.

قالوا : وقام إليه رجل من أهل السواد عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته ، فناوله كتابا ، فأقبل ينظر فيه ، فلمّا فرغ من قراءته ، قال ابن عباس ـ رحمة الله عليه ـ : يا أمير المؤمنين لو اطّردت مقالتك من حيث أفضيت! فقال : هيهات! يا ابن عباس ، تلك شقشقة هدرت ثمّ قرّت.

قال : ابن عباس : فو الله ما أسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام ألّا يكون أمير المؤمنين بلغ منه حيث أراد. (٢)

__________________

(١) سورة القصص ، الآية ٨٣.

(٢) منهاج البراعة ، ج ١ ، ص ١٣٢ ، قال : عن الشيخ أبي نصر الحسن بن محمّد بن إبراهيم اليونارتي ، عن الحاجب أبي الوفا محمّد بن بديع وأبي الحسين أحمد بن عبد الرحمن الذكواني ، عن الحافظ أبي بكر بن مردويه الأصفهاني ...

١٣٥

__________________

ورواه ابن الجوزي في تذكرة الخواص (ص ١١٧) ، قال : خطبة اخرى تعرف بالشقشقيّة ، ذكر بعضها صاحب نهج البلاغة وأخلّ بالبعض ، وقد أتيت بها مستوفاة : أخبرنا بها شيخنا أبو القاسم النفيس الأنباري بإسناده عن ابن عباس قال : لمّا بويع أمير المؤمنين بالخلافة ناداه رجل من الصف وهو على المنبر : ما الّذي أبطأ بك إلى الآن؟ فقال ـ بديها ـ : «أما والله ، لقد تقمّصها فلان وهو يعلم أن محلّي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عنّي السيل ، ولا يرقى إليّ الطير ...» إلى آخر الخطبة.

قال العلّامة المجلسي رحمه‌الله في البحار (ج ٢٩ ، ص ٥٠٦) : رواها [أي : الشقشقيّة] ابن الجوزي في مناقبه ، وابن عبد ربه في الجزء الرابع من العقد الفريد ، وأبو عليّ الجبائي في كتابه ، وابن الخشاب في درسه ـ على ما حكاه بعض الأصحاب ـ ، والحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري في كتاب المواعظ والزواجر ـ على ما ذكره صاحب الطرائف ـ. وفسر ابن الأثير في النهاية لفظ الشقشقة ، ثمّ قال : ومنه حديث عليّ عليه‌السلام في خطبة له : «تلك شقشقة هدرت ثمّ قرّت». وشرح كثيرا من ألفاظها وقال الفيروزآبادي في القاموس ـ عند تفسيرها ـ : والخطبة الشقشقيّة العلويّة لقوله لابن عبّاس : هيهات! تلك شقشقة هدرت ثمّ قرّت.

أقول : وقد حذفتها الأيدي الأمينة على أسفار الدين والأدب من طبعات العقد الفريد اللاحقة! وإليه تعالى المشتكى.

١٣٦

الفصل التاسع اختصاصه عليه‌السلام بنجوى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

١٦٤. ابن مردويه ، عن أنس ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم دعا عليّا يوم الطائف فانتجاه ، وقال : «ما انتجيته ، ولكن الله انتجاه». (١) ١٦٥. ابن مردويه ، بإسناده إلى جابر ، قال : ناجى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الطائف عليّا عليه‌السلام فأطال نجواه ، فقال أحد الرجلين للآخر : لقد أطال نجواه مع ابن عمّه. (٢)

__________________

(١) مناقب سيّدنا عليّ ، ص ٣٤ ، قال فيه : الترمذي ، والنسائي ، عن جابر ، وابن مردويه عن أنس.

ورواه الترمذي في مناقب أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام من سننه (ج ٥ ، ص ٦٣٩). قال : حدّثنا عليّ بن المنذر الكوفي ، حدّثنا محمّد بن فضيل ، عن الأجلح ، عن الزبير ، عن جابر ، قال : دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليّا يوم الطائف فانتجاه ، فقال الناس : لقد طال نجواه مع ابن عمه! فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما انتجيته ، ولكنّ الله انتجاه».

(٢) مناقب آل أبي طالب ، ج ٢ ، ص ٢٢٢.

ورواه ابن المغازلي في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (ص ١٢٥ ، ح ١٦٤). قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن عبد الوهاب بن طاوان السمسار بقراءتي عليه فأقرّ به ، قلت له : أخبركم أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن الحسين العلوي العدل الواسطي ، حدّثنا محمّد بن محمود ، حدّثنا أبو عبد الله أحمد بن عمّار بن خالد ، حدّثنا مخوّل بن إبراهيم النهدي ، حدّثنا عبد الجبار بن العباس ، عن عمّار الدهني ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله قال : ناجى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليّا يوم الطائف فطال نجواه ، فقال أحد الرجلين : لقد أطال نجواه لابن عمّه! فلمّا بلغ ذلك النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ما أنا انتجيته ، ولكنّ الله انتجاه».

١٣٧
١٣٨

الفصل العاشر

حديث الطير (١)

١٦٦. ابن مردويه ، قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن حمّاد ، قال : حدّثنا محمّد بن خليد بن الحكم ، قال : حدّثنا محمّد بن طريف ، قال : حدّثنا مفضل بن صالح ، عن الحسن بن الحكم ، عن أنس بن مالك : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم اتي بطير ، فقال : «اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك ثلاثا» ، فدقّ الباب عليّ ، فقال : «يا أنس ، افتح له» فدخل. (٢) ١٦٧. ابن مردويه ، عن أنس بن مالك ، قال : اهدي لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم طائر فوضع بين يديه ، فقال : «اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك ، يأكل معي من هذا الطائر» ، فجاء عليّ فدقّ الباب ، فقلت : من ذا؟ قال : أنا عليّ ، قلت : النبيّ على حاجة ، فرجع ثلاث مرات كلّ ذلك يجيء ، قال : فضرب برجله فدخل ، فقال

__________________

(١) قال ابن كثير في البداية والنهاية (ج ٧ ، ص ٣٥٤) : وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنّفات مفردة ، منهم :أبو بكر بن مردويه ، والحافظ أبو طاهر محمّد بن أحمد بن حمدان ، فيما رواه شيخنا أبو عبد الله الذهبي ، ورأيت فيه مجلّدا في جمع طرقه وألفاظه لأبي جعفر بن جرير الطبري المفسّر صاحب التاريخ.

وقال الموفّق الخوارزمي في مقتل الحسين (ص ٤٦) : أخرج الحافظ ابن مردويه هذا الحديث بمائة وعشرين إسنادا. قال أبو عبد الله الحافظ : «صحّ حديث الطير ، وإن لم يخرّجاه» ، يعني : البخاري ومسلما.

(٢) العلل المتناهيّة ، ج ١ ، ص ٢٣٤ ، ح ٣٧٢.

١٣٩

النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من حبسك؟» ، قال : قد جئت ثلاث مرات كلّ ذلك يقول : النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم على حاجة ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما حملك على ذلك؟» ، قال : كنت أحبّ أن يكون رجلا من قومي. (١)

١٦٨. ابن مردويه ، قال : حدّثنا فهد بن إبراهيم البصري ، قال : حدّثنا محمّد بن زكريا ، قال : حدّثنا العبّاس بن بكار الضبي ، قال : حدّثنا عبد الله بن المثنى الأنصاري ، عن عمّه ثمامة بن عبد الله ، عن أنس بن مالك ، أنّ أمّ سلمة [قالت] : ضيّف لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم طيرا وضباعا ، فبعث إليه ، فلمّا وضع بين يديه قال : «اللهمّ جئني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير» ، فجاء عليّ ابن أبي طالب ، فقال له أنس : إنّ رسول الله على حاجة ، فرجع عليّ ، واجتهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الدعاء قال : «اللهمّ جئني بأحبّ خلقك إليك ، وأوجههم عندك» ، فجاء عليّ ، فقال له أنس : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على حاجة ، قال أنس :فرفع عليّ يده ، فركز في صدري ، ثمّ دخل ، فلمّا نظر إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قام قائما ، فضمّه إليه ، وقال : «يا ربّ وال ، يا ربّ وال ، ما أبطأ بك يا عليّ؟» ، قال : يا رسول الله ، قد جئت ثلاثا كلّ ذلك يردّني أنس. قال أنس : فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقال : «يا أنس ، ما حملك على ردّه؟».

قلت : يا رسول الله ، سمعتك تدعو ، فأحببت أن تكون الدعوة في الأنصار ، قال : «لست بأوّل رجل أحبّ قومه ، أبي الله يا أنس ، إلّا أن يكون عليّ بن أبي طالب». (٢)

١٦٩. ابن مردويه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسين قال : حدّثنا أحمد بن محمّد ابن عبد الرحمن ، قال : حدّثني عليّ بن الحسن السمالي ، قال : حدّثني محمّد بن الحسن بن الجهم ، عن عبد الله بن ميمون ، عن جعفر بن محمّد ، عن

__________________

(١) العلل المتناهيّة ، ج ١ ، ص ٢٣٢ ، ح ٣٦٧.

(٢) المصدر السابق ، ص ٢٣٤ ، ح ٣٧٣.

١٤٠