عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ - ج ٢

الشيخ أحمد بن يوسف [ السمين الحلبي ]

عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أحمد بن يوسف [ السمين الحلبي ]


المحقق: الدكتور محمّد التونجي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٤

باب الصاد

فصل الصاد والباء

ص ب أ :

قوله تعالى : (وَالصَّابِئِينَ)(١). قيل : هم كانوا على دين نوح عليه‌السلام فخرجوا منه. وكلّ من خرج من دين إلى آخر فقد صبأ ، مأخوذ من صبأ ناب البعير : إذا خرج وطلع. وقيل : هم قوم عبدوا الملائكة. وقيل : عبدوا الكواكب. وقيل : هم نوع من النّصارى ، فخالفوهم في أصول دينهم (٢) وقرأ العامة بالهمز ، ونافع وحده بلا همز ، فقيل : مخفّف منه (٣). وقيل : إنّما قراءته من صبا يصبو : إذا مال. وهؤلاء قد مالوا إلى دين غير دينهم. وروى أبو عبيدة عن ابن عباس رضي الله عنهما (٤) إنكارها وأنه كان يقول : ما الصابئون ، إنّما هي الصابيون. ولا تردّ بمثل هذه الحكاية قراءة متواترة.

ص ب ب :

قوله تعالى : (أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا)(٥). الصبّ : السّكب بسرعة وكثرة. وقيل : الصبّ : إراقة المائعات من علوّ. يقال : صبّه فانصبّ وتصبّب. ومنه قولهم : تصبّب زيد عرقا. والصّبيب : العرق ، بمعنى مصبوبا. وأنشد (٦) : [من الرجز]

هواجر تجتلب الصّبيبا

__________________

(١) ٦٢ البقرة : ٢ ، وغيرها.

(٢) انظر كتابنا «معجم أعلام القرآن» مادة ـ صابئون.

(٣) قرأ الأعرج : «الصابيين» من غير همز (مختصر الشواذ : ٦).

(٤) جملة الدعاء غير مذكورة في ح.

(٥) ٢٥ عبس : ٨٠.

(٦) ورد الشطر في اللسان ـ مادة صبب.

٣٦١

وقال أبو عمرو : والصّبيب : الجليد. وأنشد لابن عباب (١) : [من الطويل]

ولا كلب إلا والج أنفه استه

وليس بها إلا صبا وصبيبها

قوله تعالى : (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ)(٢) من باب الاستعارة البليغة ؛ جعل السّوط مما يصبّ إيذانا بسرعة لحاقة بمن يقع به ، وأنه في نزوله عليه كنزول الشيء (٣) المصبوب. وأشياء أخر يطول الكتاب بذكرها ، فلله درّ فصاحة القرآن ، لا تنحصر وجوهها.

ويقال : صبّ إلى كذا صبابة بمعنى سالت نفسه محبة نحو (٤) من يهواه. والصّبّ : من به صبابة. وهو صبّ بكذا : مولع به. وفي الحديث : «كان يختضب بالصّبيب» (٥) الصّبيب هنا قال أبو عبيد : أظنّه ماء ورق السّمسم أو نحوه من نبات الأرض ، ولون مائه أحمر يعلوه سواد (٦). وفي غير هذا هو العرق كما تقدّم. وقيل : الدّم. والصّبابة : البقيّة من الماء في الإناء. وفي الحديث : «إنّ الدّنيا آذنت بصرم وولّت حذّاء فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء» (٧).

الصّبابة : البقيّة اليسيرة. وحذّاء قال : معناها مسرعة. وقيل : الصّبابة والصّبّة : ما من شأنها أن تصبّ. وتصاببت الإناء : شربت صبابته. وتصبصب : ذهبت صبابته.

ص ب ح :

قوله تعالى : (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً)(٨). الصّبح والصّباح : أوّل النهار ، وهو وقت احمرار الأفق بحاجب الشمس. قوله تعالى : (فالِقُ الْإِصْباحِ)(٩) أي ضوء النهار. والإصباح

__________________

(١) قاله في صفة الشتاء. والبيت من شواهد اللسان ـ مادة صبب.

(٢) ١٣ الفجر : ٨٩.

(٣) الكلمة ساقطة من س.

(٤) الكلمة ساقطة من ح.

(٥) النهاية : ٣ ٥.

(٦) وكذا كلام ابن الأثير مضافا إليه كلام الهروي.

(٧) النهاية : ٣ ٢٦ و ٥ ، والحديث لعقبة بن عامر ، وتتمته من اللسان.

(٨) ٣ العاديات : ١٠٠.

(٩) ٩٦ الأنعام : ٦.

٣٦٢

في الأصل : مصدر أصبح. فالمعنى : جاعل ذلك. وشبّهه (١) كالبيضة التي تفلق عن الشيء ، كأنّ ضوء النهار كان محتجبا في شيء انفلق عنه. قوله : (فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ)(٢) نسب الذّمّ إلى صباحهم مبالغة في إساءتهم ، كقوله : ساء يومه. فساء يجوز أن تكون الجارية مجرى بئس. فالمخصوص بالذمّ محذوف ، أي صباحهم. والصّبوح : الشراب أول النهار. والغبوق : آخره.

يقال : صبحته ، أي سقيته صبوحا ، مثل : غبقته. والصّبحان : المصطبح. قوله تعالى : (فِيها مِصْباحٌ)(٣) المصباح هنا : السّراج ، وبه شبّه النجم. ومنه قوله تعالى : (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ)(٤). وقيل : هي أعلام الكواكب. والمصباح أيضا : مقرّ السّراج. والمصباح أيضا : ما يسقى منه ، ومن الإبل : ما يبرك فلا ينهض حتى يصبح. وصبحتهم ماء كذا : أتيتهم به صباحا.

والصّبح : شدّة حمرة في الشّعر تشبيها بالصّباح أو المصباح. وصبح وجه فلان : حسن ، أخذا من المصباح. والصّباحة : الملاحة من ذلك. وقولهم : أصبح (٥) استطالة له. وعليه قول امرئ القيسر (٦) : [من الطويل]

ألا أيّها الليل الطويل ألا انجل

بصبح وما الإصباح منك بأمثل

وفي الحديث : «نهى عن الصّبحة» (٧) هي النّوم وقت ارتفاع النهار ، لأنه وقت الذّكر وطلب المعاش. وصبحت القوم ـ مخفّفا ومثقّلا ـ : أغرت عليهم صباحا. قال الشاعر : [من الوافر]

صبحنا الخزرجية مرهفات

أبان ذوي أرومتها ذووها

__________________

(١) وفي س : شبه.

(٢) ١٧٧ الصافات : ٣٧.

(٣) ٣٥ النور : ٢٤.

(٤) ٥ الملك : ٦٧.

(٥) من قولهم المشهور : «أصبح كرى».

(٦) من معلقته ، كما في الديوان : ٣٦. وفي المتن : فيك بأمثل ، والتصويب منه.

(٧) النهاية : ٣ ٧.

٣٦٣

وقال الحماسيّ ، في التّشديد ، وهو أنصف شعر قيل (١) : [من الطويل]

فلم أر مثل الحيّ حيا مصبّحا

ولا مثلنا يوم التقينا فوارسا

أكرّ وأحمى للحقيقة منهم

وأضرب منّا بالسيوف القوانسا

ص ب ر :

قوله تعالى : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ)(٢). الصبر في الأصل : الحبس. ومنه قوله تعالى : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ)(٣) أي احبسها. وقال قطريّ بن الفجاءه (٤) : [من الوافر]

فصبرا في مجال الموت صبرا

فما نيل الخلود بمستطاع

أي احبس نفسك في موطن الحرب. فأقام المصدر مقام فعله ، وكذا : (اصْبِرُوا وَصابِرُوا)(٥) أي احبسوا أنفسكم عن شهواتها. فالصبر : حبس النّفس عن الشّهوات وعلى امتثال المأمورات واجتناب المنهيّات. وقيل : الصّبر : الإمساك في ضيق. صبرت الدابّة : أمسكتها للعلف. فقال بعضهم : الصّبر : حبس النفس عمّا يقتضيه العقل والشرع عما يقتضيان حبسها عنه. قال : فالصبر لفظ عامّ ، وربّما خولف بين أسمائه بسبب اختلاف مواقعه ؛ فإن كان حبس النّفس لمصيبة سمّي صبرا لا غير ، ويضادّه : الجزع ، وهو المراد بقوله تعالى : (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) الآية (٦) ، (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ)(٧). وإن كان في حرب سمي شجاعة ، ويضادّه : الجبن. وإن كان في نائبة مضجرة سمي رجب الصّدر ، ويضادّه : الضّجر. وإن كان في إمساك كلام سمي كتمانا ، ويضادّه : المذل. وقد سمّى الله تعالى كلّ ذلك صبرا. ونبّه عليه بقوله :

__________________

(١) البيتان مطلع لقصيدة للعباس بن مرداس ، والأبيات تعدّ من المنصفات (الحماسة : ١ ٤٤٠).

(٢) ٤٣ الشورى : ٤٢.

(٣) ٢٨ الكهف : ١٨.

(٤) البيت من شواهد أوضح المسالك : ٢ ٣٩. وفي الأصل : على مجال ، وهو وهم.

(٥) ٢٠٠ آل عمران : ٣.

(٦) ١٥٤ و ١٥٥ البقرة : ٢.

(٧) ١٠ الزمر : ٣٩.

٣٦٤

(وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ)(١)(وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ)(٢).

قوله : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ)(٣) هو الصبر المتعارف. وقيل : هو الصوم. ومن ثم سمي رمضان شهر الصّوم ، لأنّ فيه حبس النفس عن الملاذّ الدّنيوية من أكل وشرب وجماع ، ولا سيّما الأبرار الذين قال فيهم عليه الصلاة والسّلام : «إنه يسلم من السّبّ والغيبة حتى لو شتم أحدهم لا يردّ بل يقول : إني امرؤ صائم» وقال عليه الصلاة والسّلام : «صيام شهر الصّبر (٤) وثلاثة أيام من كلّ شهر يذهب وحر الصّدر».

قوله تعالى : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)(٥) أي ما أجرأهم على تعاطي أسباب دخول النار من المعاصي. قيل : هي لغة. يقال : هو أصبر على كذا منك. وما أصبره عليك! أي أجرأه. واحتجّ أبو عبيد على كونه لغة في الجرأة بقول بعض العرب لخصمه : ما أصبرك على الله! أي ما أجرأك على اليمين! قال بعضهم : هذا تصور مجاز بصورة حقيقة ، لأنّ ذلك معناه : ما أصبرك على إعداء الله! إذ اجترأت على ارتكاب ذلك. وإلى هذا يعود قول من قال : ما أبقاهم على النار! وقول من قال : ما أعملهم بعمل أهل النار! وذلك أنه قد يوصف بالصبر من لا صبر له في الحقيقة اعتبارا بحال الناظر إليه ، أي من رآهم يقول : وإن لم يكونوا متّصفين بالصّبر ، هذا صفة تعجب فكيف ترد من الباري تعالى؟ فأجيب بأنه جاء باعتبار المخاطبين. ولنا فيه كلام أوسع من هذا.

قوله تعالى : (اصْبِرُوا وَصابِرُوا)(٦) أي احبسوا أنفسكم على العبادة ، وجاهدوا أهواءكم. قوله : (وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ)(٧) أي تحمل الصّبر بجهدك. قوله : (يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا)(٨) أي بما تحمّلوه من الصّبر في الوصول إلى مرضاته تعالى.

__________________

(١) ١٧٧ البقرة : ٢.

(٢) ٣٥ الحج : ٢٢.

(٣) ٤٥ البقرة : ٢.

(٤) وفي س : الصوم. والتصويب من المفردات : ٢٧٤.

(٥) ١٧٥ البقرة : ٢.

(٦) ٢٠٠ آل عمران : ٣.

(٧) ٦٥ مريم : ١٩.

(٨) ٧٥ الفرقان : ٢٥.

٣٦٥

قوله عزوجل : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)(١) أي أمر صبر. والأصل النصب على المصدر ونيابة عن الفعل ، إلا أنّ الرفع أبلغ لما قرّرناه في : «قالوا سلاما قال سلام» (٢). ولذلك أتى الشاعر بهذا الأصل على النصب في قوله : [من الرجز]

يشكو إليّ جملي طول السّرى

صبرا جميلا فكلانا مبتلى

ومعنى الآية : الحثّ على الصبر. والصبور : القادر على الصبر الذي له فيه ملكة. والصابر يقال إذا كان فيه ضرب من التكلّف والمجاهدة ؛ قاله الراغب (٣) وفيه نظر من حيث إنّ فعولا وفعالا مبالغة. وفعل لا يدلّ على التكلّف (٤) ، بل يدلّ عليه تفعّل ، ويدلّ عليه قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)(٥).

وقد يعبّر عن الانتظار بالصّبر لمّا كان حقّ الانتظار لا ينفكّ عن الصبر ، بل هو نوع من الصبر ؛ وعليه قوله تعالى : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ)(٦) أي انتظر حكمه لك على الكفار الذين عاندوك. وقال المبرّد : الصبر ثلاثة أنواع : حبس ، وإكراه ، وجرأة. وحكي من كلامهم : أصبره الحاكم على اليمين ، أي ألجأه إليها. وفي الحديث : «اقتلوا القاتل واصبروا الصابر» (٧) ؛ وذلك أنّ رجلين قتلا رجلا ؛ أمسكه أحدهما وقتله الآخر ، أي احبسوا الذي حبسه للموت حتى يموت كفعله به. كذا فسّره الهرويّ (٨). والحكم عندنا ليس كذلك. وقيل : الصّبر أن يحبس ، أي يوقف وهو ينظر لنفسه فيقتل ، وهو أشدّ القتلات. ولذلك نهى عن القتل صبرا ، أي تؤخذ ذاته فيرمى عرضا. وقد قتل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعض الكفار صبرا لمصلحة ، ومنهم النّضر القاتل أخيه قتيلة في شعر صبرا : [من الوافر]

__________________

(١) ١٨ يوسف : ١٢ ، وغيرها.

(٢) ٦٩ هود : ١١.

(٣) المفردات : ٢٧٤.

(٤) وفي س : التكليف.

(٥) ٥ إبراهيم : ١٤ ، وغيرها.

(٦) ٤٨ الطور : ٥٢ ، وغيرها.

(٧) النهاية : ٣ ٨.

(٨) وكذا قال ابن الأثير.

٣٦٦

يقاد إلى المنية متعبا ..... (١)

ص ب ع :

قوله تعالى : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ)(٢) الأصابع جمع إصبع ، هذا العضو المعروف. وفيه عشر لغات ؛ تثليث الهمزة ، مع تثليث الباء ، والعاشرة أصبوع. وصبعته : أصبت إصبعه ، وهي مؤنثة. وعليه قوله (٣) : [من الرجز]

هل أنت إلا إصبع دميت

وفي سبيل الله ما لقيت!

ص ب غ :

قوله تعالى : (صِبْغَةَ اللهِ)(٤) أي دين الإسلام ، استعار له هذا الاسم إشعارا بأنّ الله تعالى هو الذي يفعل ذلك ، وكما يفعل الصبّاغ في الثوب المصبوغ. وقصد تعالى بذلك المشاكلة ، وذلك أنّ النصارى كانوا إذا ولد لهم ولد غمسوه في ماء المعموديّة ، ويقولون : الآن صار نصرانيا. ويقولون : قد انصبغ بالنّصرانية. فقال تعالى ذلك مقابلة لقولهم. ويقرب منه قول الآخر : [من الكامل]

قالوا اقترح شيئا نجد لك طبخه

قلت : اطبخوا لي جبّة وقميصا

فعبّر عن ملة الإسلام بالصّبغة. وقيل : سمّيت الملة صبغة لأنّ النصارى امتنعوا من تطهير أولادهم بالختان. وابتدعوا تطهيرهم بماء أصفر يصبغون به أولادهم. يقال : صبغته أصبغه ، بتثليث عين المضارع ، صبغا وصبغا وصبغة وصباغا (٥).

قوله : (وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ)(٦) يعني أنّ الزيت مصطبغ به للأكل يصبغ به مرة (٧).

__________________

(١) كلمتان غير مقروءتين.

(٢) ١٩ البقرة : ٢.

(٣) روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه دميت إصبعه في حفر الخندق فقال (اللسان ـ مادة صبع).

(٤) ١٣٨ البقرة : ٢.

(٥) أضافت النسخة س : تصبغا. ولم يرد ذلك في اللسان.

(٦) ٢٠ المؤمنون : ٢٣.

(٧) وفي س : جرة.

٣٦٧

والصّبغ والصّباغ : ما يصبغ به ، وذلك نحو : دبغ ودباغ ، ولبس ولباس. وقيل : (صِبْغَةَ اللهِ) ، أي ما أوجده في الناس من العقول المتمّيزين به عن البهائم كالفطرة في قوله : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها)(١) قال الراغب (٢) فكانت النصارى إذا ولد لهم ولد غمسوه بعد السابع في ماء المعمودية ، يزعمون أنّ ذلك صبغة الله ، فأنزل الله تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) الآية (٣).

ص ب و :

قوله تعالى : (أَصْبُ إِلَيْهِنَ)(٤) أي أمل. يقال : صبا يصبو : إذا مال نحو محبوبه. صبى وصباء وصبوا وصبوة. وقيل : صبا معناه : نزع واشّتاق ، وفعل فعل الصّبيان. وأصباني فصبوت. والريح الصّبا : المستقبل للقبلة ؛ سمّيت بذلك لأنّ من هبّت عليه صبا إلى وطنه ونزع إلى إلفه. وأنشد (٥) : [من الطويل]

ألا يا صبا نجد متى همت من نجد؟

فقد زادني مسراك وجدا على وجد

وصابيت السيف : أغمدته مقلوبا. وصابيت الرّمح : أملته وهيّأته للطّعن. وفي الحديث : «رأى حسينا يلعب مع صبوة في السّكّة» (٦) أي صبية جمع صبيّ ، وهما لغتان نحو : عنيان وعنوان ، وقنيت (٧) وقنوت. وتصابى : رجع إلى فعل الصّبيان.

ص ب ي :

قوله تعالى : (نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)(٨) أي من لم يبلغ الحنث (٩) ، وقد

__________________

(١) ٣٠ الروم : ٣٠.

(٢) المفردات : ٢٧٤.

(٣) ١٣٨ البقرة : ٢.

(٤) ٣٣ يوسف : ١٢.

(٥) البيت لمجنون ليلى (الديوان : ١١٢). وفيه : متى هجت ، وهو المشهور ولعل الناسخ أخطأ في النسخ ، والعجز يؤكده.

(٦) النهاية : ٣ ١٠.

(٧) وفي س : فتيت.

(٨) ٢٩ مريم : ١٩.

(٩) الحنث : الإدراك.

٣٦٨

تقدّم في مادة (ش ي خ) الكلام على ذلك مستوفى ، فأغنى عن إعادته. والظاهر أنّ لام صبيّ يجوز أن تكون واوا وأن تكون ياء (١) لما قدّمته في جمعه من قولهم : صبية وصبوة. فعلى الأول أصله صبوى ، فأدغم بعد قلبه.

فصل الصاد والحاء

ص ح ب :

قوله تعالى : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ)(٢) أصلها الاجتماع طال زمنها أو قصر. وقيل : الصاحب : الملازم إنسانا كان أو حيوانا أو مكانا أو زمانا. قيل : لا فرق بين أن تكون المصاحبة بالبدن ، وهو الأصل والأكثر ، وبالعناية والهمّة. قال الراغب : ولا يقال في العرف إلا لمن كثرت ملازمته. يقال لمالك الشيء : هو صاحبه. (ويقال أيضا : لمن يملك التصرّف فيه) (٣). قوله : (إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ)(٤) القائل هو محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والمقول له أبو بكر. ومن ثمّ قيل : من أنكر صحبة أبي بكر فقد كفر لأنّه أثبت له صاحبا. وقام الإجماع على أنه لم يكن معه في الغار غير أبي بكر.

قوله : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً)(٥) فهذا معنى من يملك التصرّف ، أي ما جعلنا الموكلين بها المعذّبين بها. فأصحاب النار يطلق على المعذّبين والمعذّبين. وقد يضاف الصاحب إلى مسوسه نحو صاحب الجيش ، وإلى سائسه نحو صاحب الأمير. قيل : والمصاحبة والاصطحاب أبلغ من الاجتماع ، لأجل أنّ المصاحبة تقتضي طول لبثه. فكلّ اصطحاب اجتماع من غير عكس.

__________________

(١) الواو القياس ، والياء أكثر استعمالا.

(٢) ٨٢ البقرة : ٢ ، وغيرها.

(٣) ساقط ما بين قوسين من س.

(٤) ٤٠ التوبة : ٩.

(٥) ٣١ المدثر : ٧٤.

٣٦٩

قوله : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ)(١). سمّاه مصاحبة تنبهة أنكم صحبتموه وجرّبتموه وعرفتم ظاهره وباطنه ، ولم تجدوا به خبلا ولا جنّة.

والإصحاب للشيء : الانقياد له. وأمّا عند أهل الأصول فاختلفوا في الصّحبة بالنسبة إلى من يسمّى صحابيا ، والصحيح أنه من رآه مسلما وإن لم يرو عنه ولم تطل صحبته. ويقال : أصحب الرجل : إذا كبر ابنه وصحبه. وأصحب فلان فلانا : جعل صاحبا له. وعليه قوله تعالى : (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ)(٢) أي لا يكون لهم من جهتنا من يصحبهم ، وما يصحبهم من سكينة وروح وترفيق ونحو ذلك ممّا يصحبه أولياءه (٣).

وأديم مصحب : أصحب الشعر الذي عليه ولم يجزّ عنه. وقيل معنى قوله : (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) أي لا يجاوزون. ومن صحبه الله لم يضرّه شيء. يقال : أصحبك الله ، أي حفظك. ومنه الحديث : «اللهمّ أصحبنا بصحبة واقلبنا بذمّة» (٤) أي اصحبنا بحفظك في سفرنا واقلبنا بأمانك وعهدك إلى بلدنا. فعلى الأول : هو من أصحاب. وعلى الثاني : من صحب. وإلى الأول نحا المازنيّ وفسّره بمعنى المنع. وحكي : أصحبت الرجل : منعته. والصّحابة مصدر صحبه. ويكون جمع صاحب أيضا ، قيل : ولا تجمع فاعل على فعالة إلا هذا الحرف. وفي الحديث : «إنكنّ صواحب يوسف» (٥) ويروى «صواحبات» جمع الجمع. وأنشدوا (٦) : [من الرجز]

فهنّ يعلكن حدائداتها

حدائدات جمع حدائد ، وحدائد جمع حديدة ، كذلك صواحبات جمع صواحب ، وصواحب جمع صاحبة.

__________________

(١) ١٨٤ الأعراف : ٧.

(٢) ٤٣ الأنبياء : ٢١.

(٣) التعريف هنا من المفردات : ٢٧٥.

(٤) النهاية : ٣ ١١.

(٥) صحيح البخاري ، الأنبياء : ١٩.

(٦) من شواهد ابن منظور ، مادة ـ صحب.

٣٧٠

ص ح ف :

قوله تعالى : (يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً)(١) الصحف جمع صحيفة. والصحيفة : التي يكتب فيها. وأصل الصحيفة : المبسوط من كلّ شيء. ومنه صحيفة الوجه. والمصحف : هو الجامع للصحف المكتوبة. والجمع مصاحف. وغلب على ما كتب من القرآن. والتّصحيف : قراءة المصحف وروايته على غير ما هو لاشتباه حروفه. ثم اتّسع فجعل كلّ تغيير لفظ بما يقرب منه تصحيفا. وقد وقع ذلك لجماعة من العلماء ، حتى يحكى أنّ حمّادا قرأ : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ)(٢)(أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ)(٣)(شَأْنٌ يُغْنِيهِ)(٤) ؛ وفي ذلك تصانيف.

وقوله : (صُحُفاً مُطَهَّرَةً فِيها كُتُبٌ) إشارة إلى ما تضمّنه القرآن الكريم من الزيادة التي ليست في غيره من كتب الله تعالى. والصّحفة (٥) : مثل قصعة عريضة ؛ خاطبهم الله تعالى بما يألفون ، فقال : (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ)(٦).

فصل الصاد والخاء

ص خ خ :

قوله تعالى : (فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ)(٧) هي القيامة. سميت بذلك لأنها ذات أهوال. وأصله من صخّ يصخّ صخّا فهو صاخّ ، أي صاخ صياخا مقطّعا يقطع قلب سامعه. فالصيخ شدة صوت ذي النطق. فالصاخّة هي التي تصخّ الأسماع ، أي تصمها حسبما أشير إليه بقوله تعالى : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ)(٨).

__________________

(١) ٢ البينة : ٩٨.

(٢) ٢ ص ٣٨ ، يريد «غرّة».

(٣) ١٥٦ الأعراف : ٧ ، يريد «أساء» بالسين المهملة.

(٤) ٣٧ عبس : ٣. يريد «يعنيه» بالعين المهملة.

(٥) وفي س : والصفحة وهو تصحيف.

(٦) ٧١ الزخرف : ٤٣.

(٧) ٣٣ عبس : ٨٠.

(٨) ٧٣ الأعراف : ٧.

٣٧١

ص خ ر :

قوله تعالى : (الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ)(١). جابوا أي قطعوا. والصّخر : الحجر الصلب ، أشار إلى قوله تعالى : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً)(٢). وصخر : علم لرجل مشهور أخو الخنساء الذي تقول فيه (٣) : [من البسيط]

وإنّ صخرا لتأتمّ الهداة به

كأنه علم في رأسه نار

فصل الصاد والدال

ص د د :

قوله تعالى : (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ)(٤) الصّدّ : المنع ، مأخوذ من صدّ الجبل ، وهو ما يحول بينك وبينه. ومنه الصّديد : وهو ما حال بين اللحم والجلد من القيح ، وعليه قوله تعالى : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ)(٥). والصّديد : قد يكون انصرافا عن الشيء وامتناعا نحو قوله تعالى : (يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً)(٦) وقد يكون صرفا ومنعا ، نحو : (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ)(٧) الصدّ : الإعراض. ومنه قوله تعالى : (إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)(٨) وقرئ بكسر الصاد أي يضجّون (٩) ؛ يقال : صدّ يصدّ أي ضجّ ، وذلك أنه لما نزل قوله تعالى : (إِنَّكُمْ وَما

__________________

(١) ٩ الفجر : ٨٩.

(٢) ١٤٩ الشعراء : ٢٦.

(٣) ورواية البيت في أنيس الجلساء : ٤٢.

أغرّ أبلج تأتمّ الهداة به

 .................

(٤) ٤٧ الأنفال : ٨.

(٥) ١٦ إبراهيم : ١٤.

(٦) ٦١ النساء : ٤.

(٧) ٢٤ النمل : ٢٧ ، وغيرها.

(٨) ٥٧ الزخرف : ٤٣.

(٩) قال الفراء : حدثني أبو بكر بن عياش عن عاصم أنه ترك يصدون (بضم الصاد) من قراءة أبي عبد الرحمن وقرأ يصدون (بكسرها) (معاني القرآن : ٣ ٣٦).

٣٧٢

تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ)(١). قال الزّبعرى : خصمت (٢) محمدا وربّ الكعبة ، قد عبد المسيح وعزير فنحن نرضى أن يكون الهنا معهما. فضجّ القوم ولغطوا حتى نزل قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى)(٣). ويروى أنه عليه الصلاة والسّلام قال له : «ما أجهلك بلغة قومك ، لو أراد ذلك لقال : ومن تعبدون».

وصدّ : يكون متعديا للثاني بنفسه وبحرف الجر ؛ ومن الأول قوله تعالى : (وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ)(٤). ومن الثاني قوله : (وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ)(٥) ، قوله : (فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى)(٦) أي تتعرّض. تصدّى له : إذا تعرّض. والصّدّاد (٧) : بثلاث دالات ، فأبدل آخرها ياء نحو تطبّب ، وقال الشاعر (٨) : [من الوافر]

من المتصدّيات بغير سوء

تسيل إذا مشت سيل الحباب

والأصل فيه الصدد وهو القرب والمؤاخرية. وكلّ ما قابلك فهو متصدّ ومتصدّد.

ص د ر :

قوله تعالى : (حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ)(٩) أي ترجع من سقيهم غنمهم. وصدر : إذا تعدّى بعن اقتضى معنى الانصراف ؛ تقول : صدرت الإبل عن الماء صدرا. وقرئ «يصدر» (١٠) أي يردون مواشيهم. قوله : (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً)(١١) أي يرجعون ؛

__________________

(١) ٩٨ الأنبياء : ٢١.

(٢) في ح : حضمت ، أي غلبته في الخصومة ، مثل حججته.

(٣) ١٠١ الأنبياء : ٢١.

(٤) ٤٣ النمل : ٢٧.

(٥) ٣٧ الزخرف : ٤٣.

(٦) ٦ عبس : ٨٠.

(٧) وفي الأصل : والأصداد.

(٨) البيت من شواهد اللسان ـ مادة صدي.

(٩) ٢٣ القصص : ٢٨.

(١٠) إما أن يكون هذا على نية التعدي ؛ بذكر مواشيهم وهي مفعول به ثم حذف ، وإما أن الفعل غير متعد لفظا ولا معنى.

(١١) ٦ الزلزلة : ٩٩.

٣٧٣

يقال : صدر عن كذا : رجع عنه ، وصدر إلى كذا : صار إليه. والوارد : الجائي. والصادر : المنصرف. قوله تعالى : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي)(١) لصدر : الجارحة ، ثم استعير لمقدّم الشيء كصدر القناة وصدر المجلس والكتاب والكلام. وصدره : أصاب صدره ، نحو كبده ، أو قصد قصده. ورجل مصدور : يشتكي صدره. والصّدار : ثوب يغطي الصدر ، وذلك على بناء دثار ولباس ، ويقال له أيضا الصّدرة. فقوله تعالى : (لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)(٢) إشارة إلى هذه الجوارح. قال بعض الحكماء : حيثما ذكر الله القلب فإشارة إلى العلم والعقل ، نحو : «إنّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» (٣) وحيثما ذكر الصدر فإشارة إلى ذلك ، وإلى سائر القوى من الشهوة والهوى والغضب.

وقوله : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) سؤال لإصلاح قواه. وكذا قوله : (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ)(٤) إشارة إلى اشتفائهم ، من قوله : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)(٥) أي العقول فيما بين سائر القوى ، وليست بمهتدية (٦)

__________________

(١) ٢٥ طه : ٢٠.

(٢) ٤٦ الحج : ٢٢.

(٣) ٣٧ ق : ٥٠.

(٤) ١٤ التوبة : ٩.

(٥) ٤٦ الحج : ٢٢.

(٦) جاء في هامش الورقة ١٩٢ من النسخة ح تحت توقيع «ابن تمجيد» قوله : فائدة : الفرق بين المصدر واسم المصدر أن المصدر موضوع للحدث من حيث اعتبار تعلقه بالمنسوب إليه على وجه الإبهام. ولذا يقتضي الفاعل والمفعول ويحتاج إلى تعيينهما في استعماله. واسم المصدر موضوع لنفس الحدث من حيث هو بلا اعتبار تعلقه بالمنسوب إليه وإن كان له تعلق في الواقع ، ولذا لا يقتضي الفاعل والمفعول وتعيينهما. وقال بعض المغاربة : إن المعنى الذي عبر عنه بالفعل الحقيقي الذي مبدؤه الفعل الصناعي إن اعتبر فيه تلبّس الفاعل به وصدوره منه وتجدده ، فاللفظ الموضوع بإزائه بهذا القيد يسمى مصدرا وإن لم يعتبر فيه ذلك. فاللفظ الموضوع بإزاء ذلك مطلقا من هذا القيد هو اسم مصدر.

وتبعه كلام تحت توقيع «مفيد» قوله : الفرق بين المصدر واسم المصدر أن الأول هو الذي له فعل يجري عليه كالانطلاق في انطلق. والثاني اسم بمعناه وليس له فعل يجري عليه كالقهقرى فإنه لنوع من الرجوع ولا فعل له. وقد يقولون : مصدر واسم مصدر في الشيئين المتقاربين لفظا وأحدهما للفعل والآخر للآلة التي يستعمل بها الفعل كالطهور والطهور ؛ بالضم والفتح. فالأول مصدر والثاني اسم ما يتطهر به ؛ كذا في أمالي ابن الحاجب نقل ـ سلمه الله ـ أن الفعل المعبر عنه بالفعل الحقيقي أن اعتبر تلبّس الفاعل وتجدده. فاللفظ الدال عليه المصدر وإن لم يعتبر فاسم المصدر ، أقول : كل يستعمل لكلّ والدعوى لا ـ

٣٧٤

ص د ع :

قوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ)(١) أي شقّ قلب من تأمره ، يشير إلى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر صعب يكاد يشقّ ، وقيل : شقّ جماعاتهم بالتوحيد. وقيل :

إجهر بالقرآن. وقيل : أظهر. وقيل : احكم بالحقّ ، واقصد بالأمر. وكلّها متقاربة. وقال ابن عرفة : أراد فرّق بين الحقّ والباطل. يقال : تصدّع القوم إذا تفرّقوا. وعن ثعلب قال : قال أعرابيّ يحضر مجلس أبي عبد الله ـ وكان أبو عبد الله ربما يأخذ عنه ـ : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) أي أقصد. والعرب تقول : صدعت فلانا : قصدته. وأصل الصّدع الشقّ في الأجسام الصلبة. يقال : انصدع الحديد والزجاج ، صدعته فانصدع ، وصدّعته فتصدّع. وعنه استعير : صدع الأمر أي فصله. ومنه استعير الصّداع : وهو شبه الاشتقاق في الرأس من (٢) الوجع. ومنه قيل للفجر : صديع ، وصدعت الفلاة : قطعتها. وتصدّع القوم : تفرّقوا. قوله : (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ)(٣) أي يتفرّقون : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ)(٤). وصدعت

__________________

ـ تصدق دون شاهد. والتحقيق أن ذلك لما لم يكن على قياس المصادر قيل له اسم المصدر كما في اسم الجمع ، كذا في «كشف الكشاف». أقول : أما الاسميّ من المصدر ففي المشهور بمعنى الأثر أو المفعول. لكنه قال في «الصحاح» : العرف إنصافه الاعتراف. ومنه قولهم : له علي ألف عرف ، أي اعتراف وهو تأكيد. وأما الحاصل بالمصدر فقد ذكره ... في مسألة خلق الأعمال من «شرح المقاصد» : المراد بأفعال العباد المختلف في كونها بخلق العبد أو بخلق الرب تعالى هو ما يقع بكسب العبد ويستند إليه كالصلاة والصوم ونحو ذلك مما يسمى بالحاصل بالمصدر لا اسم المصدر ، وقال في أول بحث المقدمات الأربع في «التلويح» : إن كثيرا من المصادر مما يحصل به الفاعل معنى ثابت قائم به كما إذا قام فحصل له هيئة هي القيام ، أو نسخي فحصل له صفة هي الحرارة بلفظ الفعل وكثير من صيغ المصادر قد يطلق على نفس اتباع الفاعل ، ذلك الأمر وهو المعنى المصدري ويسمى تأثيرا كإحداث الحركة وإيجادها في ذات الموقع والمحدث ، فإنه يحركه كإيقاع الحركة في جسم آخر حتى يكون تحريكا ، وكإيقاعه القيام والقعود في ذاته. وقد يطلق على الوصف الحاصل من المصدر ، ويكون وصفا كالقيام أو كيفية كالحرارة. ثم إن الفرق بين أن والفعل وصريح المصدر أن المصدر جملة لاحتماله الفاعل والمفعول ونفس المصدر ، والفعل يفصح عن ذلك كله مع بيان الزمان بصيغته. وليس في صيغة المصدر شيء من ذلك.

(١) ٩٤ الحجر : ١٥.

(٢) وفي الأصل : مثل ، ولعلها كما ذكرنا.

(٣) ٤٣ الروم : ٣٠.

(٤) ٧ الشورى : ٤٢.

٣٧٥

الرداء : شققته. قوله : (وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ)(١) لأنها تشقّ بالنبات. وفي الحديث : «فإذا صدع من الدجّال» (٢) ؛ الصّدع : الرّبعة من الرجال بين رجلين.

ص د ف :

قوله تعالى : (يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا)(٣) أي يعرضون إعراضا شديدا. وأصله من صدفي الجبل وهما ناحيتاه. وفي الحديث : «كان إذا مرّ بصدف مائل أسرع المشي» (٤) ؛ قال أبو عبيد : الصّدف والهدف : كلّ بناء عظيم مرتفع. وقيل : هو مأخوذ من الصدف في رجل البعير ، وهو الميل. وقيل : من الصلابة. ومنه : صدف الجبل لصلابته. وقيل : من الصّدف الذي يخرج من البحر ، يعني : في صلابته أيضا. قوله : (بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ)(٥) أي ناحيتي الجبل ، لأنّ كلّ جبل يصادف ـ أي يقابل ـ الآخر. وقرئ بضمّتين ، وبضمة وسكون. وفتحتين. وهي لغات.

ص د ق :

قوله تعالى : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ)(٦) سأل ربّه أن يجعله صالحا بحيث إنه إذا أثنى عليه غيره كان صادقا لا كاذبا. ونحوه قول الشاعر (٧) : [من الطويل]

إذا نحن أثنينا عليك بصالح

فأنت كما نثني وفوق الذي نثني

فالصدق والكذب يتقابلان ، وهل بينهما واسطة أم لا؟ الجمهور أنه لا واسطة ، وأثبتها الجاحظ. ودليل ذلك في غير هذا الموضوع ، وأصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبلا ، وعدا كان أو غيره. ولا يكونان بالقصد الأول إلا بالخير دون غيره من أصناف الكلام ،

__________________

(١) ١٢ الطارق : ٨٦.

(٢) النهاية : ٣ ١٧.

(٣) ١٥٧ الأنعام : ٦.

(٤) النهاية : ٣ ١٧. ويقول ابن الأثير : بفتحتين وضمتين.

(٥) ٩٦ الكهف : ١٨.

(٦) ٨٤ الشعراء : ٢٦.

(٧) البيت من مفردات الراغب ، وفيه : فأنت الذي (المفردات : ٢٧٨).

٣٧٦

ولذلك قال تعالى : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً)(١). وقوله : (إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ)(٢). وقد يكونان بالعرض في غيره من أنواع الكلام كالاستفهام والأمر والدعاء ، وذلك نحو قول القائل : أزيد في الدار؟ فإنّ في ضمنه إخبارا بكونه جاهلا حال زيد. وكذا إذا قال : واسني ؛ فإنّ في ضمنه أنه محتاج إلى المواساة. وإذا قال : لا تؤذني ، ففي ضمنه أنه يؤذيه ، قاله الراغب (٣) وفيه نظر من حيث إنّ التصديق والتكذيب لم يردا على معنى الاستفهام وما بعده إنما وردا على ما هو لازم له ، ولا كلام في ذلك فلم يصحّ أن يقال إنهما وردا على غير الخبر.

واختلف الناس في الصدق ؛ فقيل : هو مطابقة الخبر للمخبر عنه في نفس الأمر ، وفي اعتقاد المخبر ، وإليه نحا الراغب فقال : والصدق مطابقة القول المضمر والمخبر عنه معا.

ومتى انخرم شرط من ذلك لم يكن صدقا بل إمّا لا يوصف بالصدق ، وإما أن يوصف تارة بالصدق ، وتارة بالكذب على نظرين مختلفين كقول الكافر دون اعتقاد : محمد رسول الله ، فإنّ هذا يصحّ أن يقال : صدق لكون المخبر عنه كذلك ، وأن يقال : كذب لمخالفة قوله ضميره : وللوجه الثاني إكذاب (٤) الله المنافقين حيث قالوا : (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ)(٥) فقال : (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ)(٦) انتهى. وقد أجيب عنه بأنّ المعنى في تسميتها شهادة قوله : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ)(٧) أي حقّق رؤيته. فهذا أصدق بالفعل وهو التحقيق. قوله تعالى : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ)(٨) أي حقّق ما أورده قولا بما تحرّاه فعلا ، ويعبّر عن كلّ فعل فاضل ظاهرا وباطنا بالصدق ، فيضاف إليه ذلك الفعل الذي يوصف به كقوله تعالى : (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ)(٩). وقوله تعالى : (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ

__________________

(١) ٨٧ النساء : ٤.

(٢) ٥٤ مريم : ١٩.

(٣) المفردات : ٢٧٧.

(٤) في الأصل : أكذب.

(٥) ١ المنافقون : ٦٣.

(٦) تتمة الآية السابقة.

(٧) ٢٧ الفتح : ٤٨.

(٨) ٣٣ الزمر : ٣٩.

(٩) ٥٥ القمر : ٥٤.

٣٧٧

صِدْقٍ)(١). وقوله تعالى : (رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ)(٢). وقوله : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ)(٣). ويستعملان في أفعال الجوارح فيقال : صدق في القتال إذا وفّى حقّه وفعل ما يجب وكما يجب ، وكذب في القتال عكسه. قوله : (صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ)(٤) أي حقّقوا العهد بما أظهروه من أفعالهم. قوله : (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ)(٥) أي ليسأل من صدق بلسانه عن صدق فعله ، تنبيها أنه لا يكفي الاعتراف بالحقّ دون تحرّيه بالفعل. وصدقت فلانا : نسبته إلى الصّدق. وأصدقته : وجدته صادقا. ويقال : هما واحد ، ويقالان فيهما جميعا. ويستعمل التصديق في كلّ ما فيه تحقيق يقال : صدقني. قوله : (وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا)(٦) أي مصدق ما تقدّم. و «لسانا» نصب على الحال. وفي المثل «صدقني من يكن لم يكذبني فيما استخبرته» (٧). والصداقة صدق الاعتقاد في الموّدة ، وذلك مختصّ بالإنسان دون غيره.

قوله تعالى : (وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ)(٨) إشارة إلى نحو قوله : (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)(٩) والصّدقة : ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة كالزكاة ، لكن الصدقة في الأصل ، تقال للمتطوع به والزكاة للواجب. وقيل : يسمّى الواجب صدقة إذا تحرّى صاحبها الصّدق في فعله ، فعليه قوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً)(١٠) وهي الزكاة. يقال : صدّق وتصدّق ، ويقال لما تجافى عنه الإنسان من حقّه : تصدّق به نحو قوله

__________________

(١) ٢ يونس : ١٠.

(٢) ٨٠ الإسراء : ١٧.

(٣) ٨٤ الشعراء : ٢٦.

(٤) ٢٣ الأحزاب : ٣٣.

(٥) ٨ الأحزاب : ٣٣.

(٦) ١٢ الأحقاف : ٤٦.

(٧) لعل «يكن» مقحمة.

(٨) ١٠١ الشعراء : ٢٦.

(٩) ٦٧ الزخرف : ٤٣.

(١٠) ١٠٣ التوبة : ٩.

٣٧٨

تعالى : (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ)(١) أي من تجافى عنه. قوله : (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ)(٢) فإنه أجرى ما يتسامح به للمعسرين مجرى صدقة. ومنه ما روي عنه عليه الصلاة والسّلام : «ما تأكله العافية صدقة» (٣). ومثله قوله تعالى : (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا)(٤) سمّى إعفاءهم صدقة. قوله : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً)(٥) أي مهورهنّ ، مأخوذ من الصّدقة ، وفيه تنبيه على أنّ في إعطائه أجرا كما في إعطاء الصدقة. وقد أثبت الشارع ذلك في النفقة الواجبة كقوله عليه الصلاة والسّلام : «حتى اللقمة تضعها في في امرأتك».

يقال : صداق المرأة وصداقها وصدقتها. وقد أصدقتها ، أي أعطيتها صداقا وسميته لها. قوله تعالى : (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ)(٦) من الصدقة. وقال الراغب (٧) : من الصّدق أو الصّدقة ، وليس بذاك. قوله : (إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً)(٨) أي بليغا فيه. وهو من كثر منه الصدق. وقيل : من لم يكذب قطّ. وقيل : من لم يتأتّ منه كذب لتعوّده الصّدق. وقيل : من صدق بقوله واعتقاده وحقّق صدقه بفعله ، وهذه هي درجة الأنبياء ، ولذلك وصف بالصديقيّة خليله فقال : (إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا). وقال تعالى : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ)(٩) فهم دون الأنبياء في الفضيلة ، إذ لا فضيلة عندنا توازي النبوة خلافا لقوم خالين من المتصوّفة. قوله : (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ)(١٠) قيل : لو كانت نبية لوصفها بها ، إذ في مقام المدح إنما يوصف بالأكمل.

__________________

(١) ٤٥ المائدة : ٥.

(٢) ٢٨٠ البقرة : ٢.

(٣) وفي المفردات : ٢٧٨ «... فهو صدقة».

(٤) ٩٢ النساء : ٤.

(٥) ٤ النساء : ٤.

(٦) ١٠ المنافقين : ٦٣.

(٧) المفردات : ٢٧٨.

(٨) ٤١ مريم : ١٩.

(٩) ٦٩ النساء : ٤.

(١٠) ٧٥ المائدة : ٥.

٣٧٩

وصدق : يتعدّى للثاني بنفسه بحرف الجرّ مثل كذب. تقول : صدقته الحديث وفي الحديث. قال تعالى : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ). قوله : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ)(١) قرئ بالتشديد من التصدّق (٢) ، وبالتخفيف من تصديقهم ما [جاء به](٣) رسولهم وكتابهم ، ومن جملته الصدقة. والمصدّق أيضا : الذي يأخذ الصدقات كالعامل ، وليس مرادا هنا (٤).

ص د ي :

قوله تعالى : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً)(٥). التّصدية : التصويت بتصفيق وغيره. ومنه الصّدى : وهو ما يسمعه المصوّت في الأماكن الخالية ذوات الأجرام الصلبة كالعمران والكهوف في الجبال والبيوت المكلّسة. وقيل : الصّدى : صوت يرجع من مكان صقيل. والتّصدية : كلّ صوت يجري مجرى الصّدى في أن لا غناء فيه. فقوله تعالى : (إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) أي غناء ما يوردونه غناء الصّدى ، ومكاء الطير. والتّصدّي : أن يقابل الشيء مقابلة الصّدى ، أي الصوت الراجع من الجبل. وقد مرّ أنّ أصله صدد.

__________________

(١) ١٨ الحديد : ٥٧.

(٢) قرأ عاصم بالتخفيف للصاد ، وقرأها آخرون بالتشديد لها. وهي في قراءة أبي : إن المتصدّقين بتاء ظاهرة (معاني القرآن للفراء : ٣ ١٣٥).

(٣) إضافة يقتضيها السياق.

(٤) جاء في هامش الورقة ١٩٣ من النسخة ح : فائدة : اعلم أن في التصديقات ثلاثة مذاهب ؛ الأول مذهب الحكماء وهو أن التصديق عبارة عن نفس الحكم ، والحكم يطلق على معنيين : الأول النسبة بين بين. الثاني إسناد أمر إلى آخر إيجابا أو سلبا وهو بالمعنى الثاني عين التصديق عندهم ، لكن يشترط في وجوده ثلاث تصورات : تصور المحكوم عليه وبه والنسبة لحكمه. الثاني ما اشتهر من مذهب الإمام وهو أن التصديق عبارة عن مجموع التصورات الأربعة : تصور المحكوم عليه وبه والنسبة والتصور الذي هو الحكم. الثالث المستحدث وهو مذهب من قال إن التصديق عبارة عن التصور مع الحكم على أن يكون الحكم خارجا عن التصديق عارضا له. ثم اعلم أن الحق هو أن التصديق عبارة عن الحكم لأن الغرض من تقسيم العلم إليهما امتياز كل منهما عن الآخر بطريق يوصل إليه. وهذا إنما يحصل إذا كان عبارة عن الحكم فقط. وأما أن جعل التصديق عبارة عن المجموع أو الإدراكات المعروضة للحكم فيتجه عليه أنه ليس لشيء منهما موصل محض بل التصورات الثلاثة إنما تكتسب بالقول الشارح والحكم وحده بالحجة فلا فائدة في ضمه إليها وجعل المجموع قسما من العلم ، هكذا قيل.

(٥) ٣٥ الأنفال : ٨. المكاء والتصدية : الصفير والتصديق.

٣٨٠