عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ - ج ١

الشيخ أحمد بن يوسف [ السمين الحلبي ]

عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن يوسف [ السمين الحلبي ]


المحقق: الدكتور محمّد التونجي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٩

خ وض :

قوله تعالى : (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا)(١). الخوض : الدخول / في الحديث ، وأصله الدخول في الماء ؛ يقال : خاض البحر يخوضه ، ثم استعير للدخول في الحديث والحرب. فقيل : فلان يخوض أي يتكلم بما لا ينبغي ، وغلب على الرديء من الكلام. قال تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا)(٢). وتخاوضوا في الحديث وتفاوضوا فيه بمعنى.

(وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ)(٣) أي نوافقهم أو نرضى بما يقولون وإن لم نتكلم. ولذلك قال : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ)(٤) ، لأنّ من رضي فعلا أو سكت عليه عدّ كأنه فاعله. وقوله : (كَالَّذِي خاضُوا) حذفت نونه تخفيفا ، كما حذف الآخر نون التثنية في قوله (٥) : [من الكامل]

أبني كليب إنّ عمّيّ اللّذا

قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا

وقيل : الذي بمنزلة حرف مصدري أي كخوضهم وليس بصحيح. وقد أتقنّا ذلك في غير هذا.

خ وف :

قوله تعالى : (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)(٦).

الخوف : توقّع المكروه ، ويعبّر عنه بالجزع. وقيل : هو توقّع المكروه لأمارة مظنونة أو معلومة ، كما أن الطمع والرجاء توقع المحبوب لأمارة مظنونة أو معلومة. ويقابله الأمن لما

__________________

(١) ٦٩ / التوبة : ٩.

(٢) ٦٨ / الأنعام : ٦.

(٣) ٤٥ / المدثر : ٧٤.

(٤) ٦٨ / الأنعام : ٦.

(٥) البيت للأخطل كما في ديوانه : ٤٤ ، والخزانة : ٢ / ٤٩٩ ، والكتاب : ١ / ١٨٦. وعزاه ابن يعيش (٣ / ١٥٤) إلى الفرزدق وهو وهم. من قصيدة يهجو فيها جريرا وهو من كليب بن يربوع.

(٦) ٤ / قريش : ١٠٦.

٦٢١

فيه من الطمأنينة. والخوف فيه قلق واضطراب. والخوف يكون في الأمور الدنيوية والأخروية. وخوف الله تعالى لا يراد به ما يتعارفه الناس من الرعب كاستشعار الخوف من الأسد ، إنما المراد به الانزجار عن المعاصي وتحرّي الطاعات وعملها. ولهذا قال بعض العلماء : لا يعدّ خائفا من لم يكن للذنوب تاركا.

وقوله : (ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ)(١). فتخويفه إياهم : حثّهم على التحرّز من معاصيه. قوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما)(٢) فسّر بمعنى عرفتم. وحقيقته : إن وقع لكم خوف لمعرفتكم. قوله : (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ)(٣). فتخويف الشيطان أولياءه ـ وهم أتباعه ـ فيما يأمرهم به أن يجعلهم خائفين عاقبة ما يسوّل لهم فيه ، كتخويفه إياهم الإملاق ، فيأمرهم بقتل الأولاد مثلا. ونهي الله تعالى عن مخافة أوليائه عبارة عن أمرهم بائتمار ما أمر الله ، والنهي عما أمرهم به الشيطان. فكأنه قال : لا تأتمروا للشيطان وائتمروا لله تعالى.

قوله : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ)(٤) كأن خوفه منهم لعدم مراعاتهم الشريعة وأمر الدين ، لا أن يرثوا ماله كما ظنّه بعض الجهال. [فالقنيّات](٥) الدنيوية عند الأولياء أخسّ من أن يشفقوا (٦) عليها فضلا عن الأنبياء.

قوله : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً)(٧) قيل : الخيفة : الهيئة التي يكون عليها الإنسان من الخوف كالجلسة. وإنما أوجس ذلك على غيره لئلا يفتتن إذا رأى السحر ، أو اعتراه ما يعتري البشر ، ثم ثابت إليه نفسه المعصومة الشريفة ، ولذلك عقّبه بقوله : (قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى).

__________________

(١) ١٦ / الزمر : ٣٩.

(٢) ٣٥ / النساء : ٤.

(٣) ١٧٥ / آل عمران : ٣.

(٤) ٥ / مريم : ١٩.

(٥) بياض في الأصل ، والإضافة من المفردات : ١٦٢.

(٦) وفي الأصل : يستبقوا ، ولعلها كما ذكرنا.

(٧) ٦٧ / طه : ٢٠.

٦٢٢

قوله : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً)(١) أي على حالة مثلك من يلازمها ، إشارة إلى قوله عليه‌السلام : «أنا أعرفكم بالله وأخوفكم منه» (٢). قوله : (وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ)(٣) إشارة إلى أن الخوف منهم لربّهم حالة لا تفارقهم. وهو أبلغ من وصفهم بمطلق الخوف ، كقوله : (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ)(٤) ، ولذلك عدل عنه في هذه الآية لما قرن بذكر تسبيح الرعد.

والتخوّف : ظهور الخوف من الإنسان ، كقوله تعالى : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ)(٥). ولذلك عبر به عن التنقّص في قولهم : تخوّفه الدهر أي تنقّصه. وعن عمر رضي الله عنه أنه قرأها على المنبر في حال خطبته فقال : «ما التخوّف؟» فسكتوا ، فقال رجل : التخوّف : التنقّص ، هذه لغتنا. وأنشد لابن مقبل (٦) : [من البسيط]

تخوّف السّير منها تامكا قردا

كما تخوّف عود النّبعة السّفن

أي تنقّص سنامها ـ يعني الناقة ـ والتامك : السّنام ، والقرد : المجتمع ، والسّفن : آلة تنحت بها الأعواد والخشب. ويحكى أن عمر قال عندها : «احفظوا ديوان العرب ؛ فإنّ فيه تفسير كتابكم». فالمعنى أنه يأخذهم على تنقّص في أبدانهم وأموالهم وثمارهم.

قوله : (يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً)(٧) ؛ قيل : خوفا من المسافر وطمعا من المقيم. وقيل : خوفا ممّا يخشى ضرره ، إذ ليس كلّ موضع ولا كلّ وقت ينفع فيه المطر ، وطمعا ممّا ينتفع به. ونصبه على المفعول من أجله ، وفيه بحث ليس هذا موضعه.

قوله : (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً)(٨) أي خوفا من عقابه وطمعا في ثوابه ، أي خائفين

__________________

(١) ٢٠٥ / الأعراف : ٧.

(٢) رواه البخاري في كتاب الإيمان : ١٣ ، وفي مسند أحمد «إني لأعلمكم ...» وانظر كشف الخفاء : ١ / ٢٣١ ، الحديث رقم ٦٠٧.

(٣) ١٣ / الرعد : ١٣.

(٤) ٥٠ / النحل : ١٦.

(٥) ٤٧ / النحل : ١٦.

(٦) البيت من شواهد اللسان (خوف). السفن : الحديدة التي تبرد بها القسيّ.

(٧) ١٢ / الرعد : ١٣.

(٨) ٥٦ / الأعراف : ٧.

٦٢٣

طامعين ، أو لأجل الخوف. وفيه إشارة إلى استواء الرّجاء والخوف كقوله عليه الصلاة والسّلام : «لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا» (١).

خ ول :

قوله تعالى : (وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ)(٢) أي أعطيناكم ومكنّاكم ، من خوّلته في نعمتي. والتّخويل في الأصل إعطاء الخول. والخول : الأتباع والرعاة والزراع. قال : [من البسيط]

والناس خول لمن دامت له نعم

والخول : جمع ، الواحد خايل نحو خادم وخدم ، وكلّ من أعطى إعطاء على غير جزاء يقال له خول. قال تعالى : (ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً)(٣). وقيل : أعطاه ما يصير له خولا كالعبيد والدوابّ ونحوهم. وقيل : أعطاه ما يحتاج إلى تعهده ، مكن قولهم : فلان خال مال وخايل مال ، أي حسن القيام عليه.

والخال أيضا : شامة في الجسد ، وشيء يعلّق للوحش يخيّل له به. وفي الحديث : «كان يتخوّلنا بالموعظة» (٤) أي يتعهّدنا. وروي «يتحوّلنا» بالحاء المهملة. أي يتطلّب أحوالنا. والمخيلة : التكبّر. وفي الحديث (٥) : «كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خلّتان : سرف ومخيلة». وفي حديث عمر : «إنا لا نخول عليك» (٦) أي لا نتكبّر. يقال : خال الرجل واختال : تكبّر فهو خال ومختال أي متكبر.

والمخيلة أيضا : السحابة الخليقة بالمطر. يقال : أخالت السماء فهي مخيلة. وأخيل زيد : تخيّل مطرا في السماء ، ذكره الهرويّ في هذه المادة ، وكان من حقّه أن يقال :

__________________

(١) كشف الخفاء : ٢ / ٢٣٤ ، رقمه ٢١٣١ ، وهو كلام صحيح.

(٢) ٩٤ / الأنعام : ٦.

(٣) ٤٩ / الزمر : ٣٩.

(٤) النهاية : ٢ / ٨٨. وانظر فيه لرواية الحاء.

(٥) الحديث لابن عباس كما في النهاية : ٢ / ٩٤.

(٦) النهاية : ٢ / ٨٩ ، في حديث طلحة قال لعمر.

٦٢٤

تخوّل ، نحو : تقوّس. والظاهر أنه من ذات الياء ، فسيأتي.

خ ون :

قوله تعالى : (لا تَخُونُوا اللهَ)(١). الخيانة : مخالفة الحقّ بنقض العهد في السرّ وضدّها الأمانة. قيل : والخيانة والنفاق واحد ، إلا أنّ الخيانة تقال اعتبارا بالعهد والأمانة ، والنفاق اعتبارا بالدين ، ثم يتداخلان. وقيل : أصل الخيانة أن ينقض المؤتمن عهدا لك ، قاله الهرويّ. وأنشد لزهير (٢) : [من الوافر]

بآرزة الفقارة لم يخنها

قطاف في الرّكاب ولا خلاء /

أي لم ينقض فقارها (٣). فخيانة العبد ربّه ألّا يؤدي الأمانات التي ائتمنه عليها وتحمّلها ، كقوله : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ)(٤) ثم قال : (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ).

قوله : (تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ)(٥). الاختيان : مراودة الخيانة ، ولذلك قال : «تختانون» ولم يقل : تخونون ، لأن القوم لم يخونوا أنفسهم بل كانوا يتردّدون في ذلك ؛ فإنّ الاختيان تحرك شهوة الإنسان لتحرّي الخيانة. وقيل : بل هو بمعنى تخونون ، وقد وقع ذلك من بعضهم فيما ذكره بعضهم (٦).

قوله : (وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ)(٧). قيل : هي صفة لفرقة أو جماعة ، أي (٨) على جماعة خائنة أو فرقة خائنة. وقيل : على خائن منهم ، والتاء للمبالغة كراوية وداهية. وقيل : الخائنة بمعنى مصدر جاء على فاعلة كالعافية والكاذبة نحو : قم قائما في

__________________

(١) ٢٧ / الأنفال : ٨.

(٢) شعر زهير : ١٢٧ ، أرز : تدانى والفقارة : الفقرة. القطاف : مقاربة الخطو وضيقه. الخلاء : البروك في عناد. الركاب : الإبل ، واحدتها راحلة من غير لفظها.

(٣) وفي الأصل : فراهها ، يريد أنها مدمجة الفقار متداخلته.

(٤) ٧٢ / الأحزاب : ٣٣.

(٥) ١٨٧ / البقرة : ٢.

(٦) الأولى للصحابة والثانية للمفسرين.

(٧) ١٣ / المائدة : ٥.

(٨) في الأصل : أو ، ولعل التصويب مناسب للسياق.

٦٢٥

أحد الوجهين. وسمعت راعية الإبل وثاغية الشاء أي رعاءها وثغاءها.

ومعنى : (أَماناتِكُمْ)(١) ، قيل : أمانة بعضكم لبعض كقوله : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ)(٢)(فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ)(٣). وقيل : هي مصدر مضاف لمفعوله أي التي ائتمنكم الله عليها من [أداء] فرائضه ولزوم أوامره. ويقال : خنت فلانا وخنت أمانته بمعنى.

والخوان : المائدة سواء كان عليها طعام أو (٤) لا. تصوّروا فيه الخيانة حال فقد الطعام بخلاف المائدة. ويقال فيه : إخوان أيضا بلفظ إخوان جمع أخ. قال الغرثان (٥) : [من الطويل]

ومتحر مئناث تجرّ حوارها

وموضع إخوان إلى جنب إخوان

فوزن إخوان هذا (٦) إفعال ، ووزن إخوان جمعا فعلان فاعرفه به ، وقد ذكر الهرويّ الخوان في مادة خ وي وليس بصواب. على أنه قيل : إنه معرّب (٧).

خ وي :

قوله تعالى : (خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها)(٨) أي ساقطة. وأصل الخواء : الخلاء. يقال : خوت الدار تخوي خوى وخواية وخويّا : إذا خلت وبقيت بلا أنيس. وخوى النجم

__________________

(١) من الآية الأولى في المادة ، وتمامها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).

(٢) ٢٩ / النساء : ٤.

(٣) ٦١ / النور : ٢٤.

(٤) في الأصل : أم.

(٥) ذكره ابن منظور ـ مادة خون ، من غير عزو.

(٦) يعني المائدة.

(٧) خوان : فارسية ، وهي عندهم ما يوضع عليه الطعام. من المصدر «خوردن» بمعنى الأكل (معجم المعربات الفارسية : ٧٠).

(٨) ٢٥٩ / البقرة : ٢ ، وغيرها.

٦٢٦

وأخوى : إذا لم يكن عند سقوطه مطر ، تشبيها بذلك. وأخوى أبلغ من خوى ، كما أنّ أسقى أبلغ من سقى.

وخوّى الرجل نحو خوي فهو خو : خلا جوفه من الزاد. وخوى الجوز تشبيها بذلك. قوله : (أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ)(١) أي انقطعت من أصلها حتى خلا مكانها ، كقوله في موضع آخر : (مُنْقَعِرٍ)(٢).

والتّخوية : ترك ما بين الشيئين فرجة. ومنه : «كان يخوّي في سجوده» (٣) «وكان إذا سجد خوّى» (٤) أي جافى (٥) من : خوّى البعير في مبركه ، وخوّى الفرس ما بين يديه ورجليه. و «أخذت أبا جهل خوّة فلا ينطق» (٦) أي فترة. وأصلها من خوى إذا خلا بطنه فجاع فلحقته تلك الخوّة. ثم استعملت في كلّ فترة ، وإن لم تكن من جوع.

فصل الخاء والياء

خ ي ب :

قوله تعالى : (وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ)(٧). الخيبة : فوت الطلب وعدم الظفر بالبغية. قوله : (فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ)(٨) أي لم يدركوا ما طلبوا.

__________________

(١) ٧ / الحاقة : ٦٩.

(٢) ٢٠ / القمر : ٥٤.

(٣) النهاية : ٢ / ٩٠.

(٤) النهاية : ٢ / ٩٠ ، وخوّى : جافى بطنه عن الأرض ورفعها.

(٥) وفي الأصل : تجافى.

(٦) النهاية : ٢ / ٩٠. وهذا ليس موضعه هنا ، والهاء فيها زائدة.

(٧) ١٥ / إبراهيم : ١٤.

(٨) ١٢٧ / آل عمران : ٣.

٦٢٧

خ ي ر :

قوله : (بِيَدِكَ الْخَيْرُ)(١). الخير : ما يرغب فيه كلّ أحد كالعقل والعدل والفضل والنفع. وقيل : الخير ضربان : ضرب مطلق ، وهو أن يرغب فيه كلّ أحد بكلّ حال كما وصف عليه الصلاة والسّلام به الجنة في قوله : «لا خير بخير بعده النار ، ولا شرّ بشرّ بعده الجنة» (٢). وضرب (٣) خير مقيد ، وهو أن يكون خير الواحد شرّا لآخر كالمال مثلا ؛ فإنه خير لمن عمل فيه صالحا ، وشرّ لمن اكتسبه من حرام. كما قيل : إنّ الرجل يكسب مالا فيدخل به النار ، فيرثه ولده فيعمل فيه خيرا ، فيدخل الجنة. وإليه الإشارة بقوله : (ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ)(٤). وبهذا الاعتبار سماه الله خيرا. قال : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ)(٥) أي المال. وقيل في قوله : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً)(٦) أي مالا كثيرا.

وشاور بعض موالي عليّ رضي الله عنه عليّا في مال يوصي به فقال : «لا ، إنّ الله قال : إن ترك خيرا ، وليس مالك بكثير». وقال بعض العلماء : «إنما سمي المال ها هنا خيرا لمعنى لطيف وهو أن المال إنما تحسن الوصية به إذا كان مجموعا من وجه مباح». وعليه قوله : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ)(٧).

وقوله : (أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ)(٨). فسمّى المال خيرا بالنسبة إلى غير الممدود لهم كما تقدّم ، فمن ورث مالا وعمل فيه بخير (٩) والخير والشرّ

__________________

(١) ٢٦ / آل عمران : ٣.

(٢) ورد ذكره في المفردات كذلك : ١٦٠.

(٣) ساقطة من ح.

(٤) ٩ / التغابن : ٦٤. سمي اليوم بيوم التغابن ـ وهو يوم البعث ـ لأن أهل الجنة يغبن فيه أهل النار بما يصير إليه أهل الجنّة من النعيم ويلقى فيه أهل النار من عذاب الجحيم (تفسير الطبري : ٢٨ / ١٢٢. وانظر التفصيل في معجم أعلام القرآن ـ يوم التغابن).

(٥) ٨ / العاديات : ١٠٠.

(٦) ١٨٠ / البقرة : ٢.

(٧) ٢٧٢ / البقرة : ٢ ، وغيرها.

(٨) الآيتين ٥٥ و ٥٦ / المؤمنون : ٢٣.

(٩) الكلام ناقص في الأصل.

٦٢٨

أفعلا تفضيل بمعنى أخير وأشرّ ، إلا أنّه لا ينطق بهذا الأصل إلا في ضرورة أو نذور كقوله : «بلال خير الناس وابن الأخير». وقرىء شاذا : (سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ)(١).

قوله : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)(٢) يجوز أن يكون غير تفضيل أي خير من الخيور ، وأن يكون التفضيل أي : خير من غيره. قوله : (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ)(٣). يجوز أن يكون جمع خير الذي لا تفضيل فيه أي : خيور وحسان صفتها. ثم يجوز أن يكون على بابه وأن يكون عبّر به عن نساء الجنة. وجعلهم نفس الخير مبالغة فوصفهم بالحسان لذلك. وقيل : خيرات فخفّف من خيّرات جمع خيّرة ، نحو هين في هيّن. يقال : رجل خير وامرأة خيرة أي .... (٤). والخيّر والخيّرة : من اختصّ بصفة الخير.

قوله : (حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي)(٥) أي حبّ الخيل ، وكان عرض عليه (٦) خيل فلم يصلّ العصر حتى غابت الشمس فأمر بضرب (٧) عراقيبها وأعناقها بالسيوف غضبا لله تعالى. وكان هذا إذ ذاك مباحا. والعرب تسمي الخيل الخير. وكان زيد الخيل (٨) فسماه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم زيد الخير. وقال : «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» (٩).

قوله : (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ)(١٠). قيل : المال. قوله : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَ)(١١). قال ابن عرفة : لم يكنّ في زمانهنّ خيرا منهنّ.

__________________

(١) ٢٦ / القمر : ٥٤. قرأ أبو قلابة : «الكذاب الأشرّ» ، وقرأ مجاهد والأزدي بضمتين «الأشر» (مختصر الشواذ : ١٤٧ و ١٤٨). والجملة قبله رجز مرّ ذكره.

(٢) ١٨٤ / البقرة : ٢.

(٣) ٧٠ / الرحمن : ٥٥.

(٤) بياض في الأصل قدر كلمة ، ونرجح أن يكون النقص أكثر من كلمة.

(٥) ٣٢ / ص : ٣٨.

(٦) الضمير عائد على سليمان عليه‌السلام.

(٧) الكلمتان ساقطتان من ح.

(٨) اسمه زيد بن مهلهل ولكثرة خيله لقب زيد الخيل. كان شاعرا وخطيبا كريما جميلا. أدرك الإسلام ووفد في وفد طيء على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم سنة ٩ فأسلم وسر به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسماه زيد الخير.

(٩) النهاية : ٣ / ٢٧١ ، أي ملازم لها كأنه معقود فيها. كشف الخفاء : ١ / ٤٧٨ رقمه ١٢٧٢.

(١٠) ٤٩ / فصلت : ٤١.

(١١) ٥ / التحريم : ٦٦.

٦٢٩

وقيل : معناه إذا أغضبن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان غيرهنّ خيرا منهنّ ، بل والعياذ بالله يكنّ شرّ الناس أجمعين.

قوله : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها)(١) بمعنى إمّا بتخفيف ما كان ثقيلا كثبات الواحد للإثنين بعد أن كان الثبات لعشرة. وإما بكثرة ثوابه وإن كان أثقل ، كصوم رمضان. وقد كان ثلاثة من كلّ شهر أو يوم عاشوراء.

قوله : (أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)(٢) أي الاختيار. قوله : (فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى)(٣) هذا بمعنى التفضيل كقوله : زيد أفضل الناس. ويجوز أن يكون الخير من بين جنس الزاد. قوله : (وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ)(٤). الاختيار : الاصطفاء. يقال : اخترت هذا ، ويجوز أن يكون ذلك إشارة إلى اتخاذه إياهم خيرا ، أو أن يكون إشارة إلى اختيارهم على غيرهم ، واصطفائهم من بينهم كما تقدّم وهو الأظهر. والاختيار في عرف الفقهاء والمتكلمين هو ضدّ الإكراه. والمختار هو ضدّ المكروه. والمختار مشترك بين الفاعل والمفعول فيقال : زيد مختار لغيره ، أي اختار غيره ، أو هو / اختيار غيره. وقيل : المختار في عرف المتكلمين يقال لكلّ فعل يفعله الإنسان لا (٥) على سبيل الإكراه. فقولهم : هو مختار لكذا. يريدون به ما يراد بقولهم : فلان له اختيار ؛ فإنّ الاختيار أخذ ما يراه الخير.

والخير يقابل بالشرّ تارة ، وهو الغالب ، وبالضّرّ أخرى. قال تعالى : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ)(٦). فالخير هنا : العافية والنفع بالصحّة لاستعمال بدنه في عبادة ربه التي هي أمّ الخيور كلّها. والاستخارة من العبد لربّه : طلب ما عنده من الخير. وقوله : استخار الله مجازا له من ذلك ، أي ما ولّاه خير ما سأله.

__________________

(١) ١٠٦ / البقرة : ٢.

(٢) ٣٦ / الأحزاب : ٣٣.

(٣) ١٩٧ / البقرة : ٢.

(٤) ٣٢ / الدخان : ٤٤.

(٥) ساقطة من ح.

(٦) ١٧ / الأنعام : ٦.

٦٣٠

والخيرة : الهيئة التي تحصل للمستخير والمختار ، نحو القعدة والجلسة للقاعد والجالس (١). والاختيار : طلب ما هو خير فعله. وقد يقال لما يراه الإنسان خيرا وإن لم يكن خيرا. وخايرت فلانا في كذا فخرته.

وقوله : (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً)(٢) أي قوة واكتسابا للمال وحسن دين. وقيل : إن علمتم أن ذلك يعود عليكم وعليهم بجريان القدر وأحلى النجوم ، ويحصل فكّ رقابهم ، فيحصل لكم ثواب العتق ، لأنّ الكتابة مستحبّة لأمين قويّ على الكسب ، لأنّه ربّما يكاتب عاجزا ، فإذا عتق ضاع لعجزه عن نفقته على نفسه ، ولأنه إذا كاتبه وهو غير كسوب ربما يوهب له مال فيؤدّيه في كتابته فيعتق ، فيصير ضائعا ، فهذا لا تستحبّ كتابته بل تكره.

وخيار الشيء جيّده. وفي الحديث : «وأعطه جملا خيارا رباعيا» (٣) ويستوي فيه المذكر والمؤنث ؛ يقال : جمل خيار وناقة خيار. وتخاير الرجلان إذا طلب كلّ منهما أن يغلب الآخر في خير ما فعلاه. وتخاير صبيّان إلى الحسن بن عليّ في خطّ كتباه فقال له : «احذر يا بنيّ ؛ فإنّ الله سائلك عن هذا» وهذا شأن مثل أمير المؤمنين في هذا القدر فكيف في غيره؟ ولا غرو من باب مدينة العلم أن يصدر عنه مثل هذا التأديب.

خ ي ط :

قوله تعالى : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ)(٤). الخيط الأبيض : المراد به بياض النهار ، والخيط الأسود : المراد به سواد الليل. وهذا من أبلغ الاستعارات حيث شبّه ضوء النّهار وظلام الليل لامتدادهما بخطّين ممتدّين هذه صفتهما. وقيل : بل فهموا أولا حقيقة الخيطين. فكانوا يأكلون ويشربون في الليل ، ويجعلون عندهم خيطين أسود وأبيض ، إلى أن يبان هذا من هذا. وعن عديّ بن حاتم : «عمدت إلى حبالين

__________________

(١) يريد : لحال القاعد والجالس.

(٢) ٣٣ / النور : ٢٤. والكلام بعد (وقيل) غامض غير مترابط المعنى.

(٣) النهاية : ٢ / ٩١.

(٤) ١٨٧ / البقرة : ٢.

٦٣١

أسود وأبيض». ولما أخبر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال له : «إنك لعريض الوساد» (١) ، يعني بذلك بعد فهمه لهذه الاستعارة. وما أحسن هذه الكناية منه عليه الصلاة والسّلام عن عبارته ، حيث عرّض وساده. وأين هذا من قولهم في مثله : عريض القفا؟ قال الشاعر : [من الطويل]

عريض القفا ميزانه في شماله

قد انحصّ من حسب القراريط شاربه

ويقال : إنّه لم يزل الأمر كذلك حتى نزل قوله : (مِنَ الْفَجْرِ). ويروى أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما قال لعديّ ما قال له : «إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل».

ويجمع خيط على خيوط. وقوله : (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ)(٢) هو الإبرة. يقال : خياط ومخيط نحو : إزار ومئزر ، وخلاب ومخلب. والخياط أيضا : الخيط نفسه. وفي الحديث : «أدّوا الخياط والمخيط» (٣) ، أي الخيط والإبرة ، وهذا من أمثلتهم في الأشياء المستبعدة ، والمتعذّرة ، نحو : لا أفعل كذا حتى يبيضّ القار ، ويشيب الغراب. وإلا فمعلوم أن الجمل لا يتصوّر ولوجه في خرم الإبر. وقد تقدّم أنّ ابن عباس كان يقول : إنه القلس (٤) ـ وهو الحبل الغليظ ـ في مادة ج م ل.

والخيط (٥) من النّعام : جماعتها تشبيها بالخيط ، والجمع خيطان. ونعامة خيطاء : ممتدّة العنق كأنه خيط. وخاط الشيء يخيطه ، وخيّطه تخييطا. وخيّط الشيب في رأسه (٦) : بدا كالخيط.

__________________

(١) وفي النهاية : ٣ / ٢١٠ : «إن وسادك لعريض» ، وفي رواية : «إنك لعريض القفا». وفيه : كنى بالوساد عن النوم ، أو عن موضع الوساد من رأسه وعنقه.

(٢) ٤٠ : الأعراف / ٧ ، وقرأه مجاهد «جمّل».

(٣) النهاية : ٢ / ٩٢.

(٤) القلس : كلمة يونانية الأصل معناها حبل ضخم للسفن.

(٥) بفتح الخاء وكسرها.

(٦) يأتي لازما ومتعديا.

٦٣٢

خ ي ل :

قوله تعالى : (وَالْخَيْلَ)(١) ، اسم جمع واحده فرس. وفرس يقع للذكر والأنثى. فالذّكر حصان والأنثى رملة وحجر. وهو نظير الناس ؛ فإنه اسم جمع ومفرده إنسان ، وإنسان يقع للذكر والأنثى. ونظير الإبل ؛ فإنه اسم جمع واحده بعير ، وبعير عند الجمهور يقع للناقة والجمل. وقيل : الخيل في الأصل اسم للأفراس والفرسان جميعا. قال تعالى : (وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ)(٢). ويستعمل في كلّ واحد منهما منفردا نحو : «يا خيل الله اركبي» (٣). فهذا للفرسان. وقوله عليه‌السلام : «عفوت لكم عن صدقة الخيل» (٤) بمعنى الأفراس. قلت : أمّا يا خيل الله اركبي فهو من اختصار الكلام ، وذلك على حذف مضاف تقديره : يا ركاب خيل الله. ونظره الهرويّ بقوله عليه الصلاة والسّلام : «لا يفضض الله فاك» (٥) أي لا يسقط أسنانك. فعبّر عنها بالفم اختصارا.

وأصل الخيل من لفظ الخيلاء ، وهي التكبر والعجب لما قيل : إنه لا يركب أحد الخيل إلا حصل له في نفسه خيلاء ونخوة. قال هذا (٦) القائل والخيل في الأصل اسم للأفراس والفرسان جميعا. وفي الحقيقة فالخيلاء إنما حصلت للراكب ، ولكن المركوب سبب فيها ، فلذلك سمي بها.

قوله : (وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ)(٧). قيل : هذا استعارة وتخييل لغلبة وسوسته للناس وكثرة طواعيّتهم له فيما يأمرهم به ، فهو بمنزلة رجل أجلب على قوم فقهرهم وأسرهم. وقيل : كلّ خيل تسعى في معصية الله ، وكلّ ماش في معصية الله فهو من خيله ورجله.

__________________

(١) ٨ / النحل : ١٦.

(٢) ٦٠ / الأنفال : ٨.

(٣) النهاية : ٢ / ٩٤. ويقول ابن الأثير : هذا على حذف المضاف ، أراد : يا فرسان خيل الله اركبي.

(٤) وفي النهاية : (٣ / ٢٦٥): «قد عفوت عن الخيل ... فأدوا زكاة أموالهم».

(٥) النهاية : ٣ / ٤٥٣.

(٦) ساقطة من س. وهذا القائل يعني الراغب.

(٧) ٦٤ / الإسراء : ١٧.

٦٣٣

وأصل الخيال : الصورة المجرّدة كالصورة المتصوّرة في المنام ، أو في المرآة أو في القلب بعيد غيبوبة المرئيّ. ثم تستعمل في صورة كلّ متصوّر في كلّ شخص دقيق يجري مجرى الخيال. والتخييل : تصوّر خيال الشيء في النفس. والتخيّل : تصور ذلك. وخلت بمعنى ظننت ، يقال اعتبارا بتصوّر خيال المظنون.

ويقال : خيّلت السماء : أبدت خيالا للمطر. وفلان مخيل بكذا (١) أي حقيق. وحقيقته أنه مظهر خيال ذلك. والخيلاء : التكبّر من تخيّل فضيلة يراها الإنسان من نفسه. ومنه اشتقّ لفظ الخيل لما يحصل لراكبها من الخيلاء على ما مرّ شرحه.

والمخيلة (٢) : المظنّة ، ونحو : كان في مخيلتي كذا أي ظنّي. والمخيلة : السحابة الخليقة بالمطر كما تقدّم. وتقدّم في مادة خ ول أن الخيلاء من تلك المادة ، وتقدّم فيها أن في الحديث : «إنا لا نخول عليك» (٣) أي لا نتكبر. فيجوز أن يكون / في هذه اللفظة لغتان ، ولذلك ذكرنا ذلك في البابين.

والأخيل : الشّقرّاق (٤) لكونه متلوّنا ، فيخال في كلّ وقت أنه غير اللون الأول. ولهذا قيل : [من مجزوء الكامل]

كأبي براقش كلّ لو

ن لونه يتخيّل

وقيل : الأخيل : طائر ذو نقط فيه خيلان جمع خال ، وهو الشامة التي تكون في الجسد. قال الشاعر (٥) : [من الطويل]

فما طائري فيها عليك بأخيلا

فمنعه من الصرف للوزن وتوهّم الصفة لما ذكرنا. والصحيح في القياس والفصيح في

__________________

(١) في الأصل : وفلان خيل لكذا ، والسياق يقتضي ما ذكرنا.

(٢) والمخيّلة.

(٣) النهاية : ٢ / ٨٩.

(٤) وفي الأصل : الشقراوة ، والتصويب من اللسان (خيل).

(٥) البيت للأسد كما في اللسان ـ مادة برقش. وانظر المفردات : ١٦٢ لوهمه.

٦٣٤

الاستعمال أن يكون مصروفا. وفي الحديث : «نستخيل الرّهام» (١) أي إذا نظرت إليها خلتها ماطرة. قوله تعالى : (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ)(٢) يشبّه. وكلّ ما لا أصل له فهو تخييل وتخايل.

خ ي م :

قوله تعالى : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ)(٣) ؛ الخيام جمع خيمة. ويقال : إنّ الخيمة أصلها ما كان من شجر. وفي المتعارف ما كان من دغل (٤). ويقال : البيت أعمّها ؛ فإن كان من وبر أو صوف فهو خباء ، وإن كان من شجر فهو خيمة ، وإن كان من صوف فهو مظلّة ، وإن كان من أدم فهو طراف وقبّة.

وفي التفسير إن هذه الخيام من لؤلؤ مجوّف. وتجمع على خيام وهو الكثير ، وعلى خيم. فقيل : هو مقصور من خيام نحو : مخيط ومقول قصرا من مقوال ومخياط. وقد تصوّر من لفظ الخيمة الإقامة فقيل : خيّم فلان عندنا أي أقام. وأصله أن يضرب خيمته للإقامة. ثم جعلت كلّ إقامة تخييما وإن لم يكن خيمة. ومن أحسن ما قيل في ذلك قول أبي بكر الخوارزميّ (٥) : [من الطويل]

أراك إذا (٦) أيسرت خيّمت عندنا

مقيما ، وإن أعسرت زرت لماما

فما أنت إلا البدر إن قلّ ضوؤه

أغبّ ، وإن زاد الضياء أقاما

وفي الحديث : «من أحبّ أن يستخيم له الرجال» (٧) قال ابن قتيبة : هو من خام يخيم وخيّم (٨) فهو مخيّم : إذا أقام بالمكان. قال : ومعنى الحديث : من أحبّ أن يقوم له الرجال على رأسه كما يقام (٩) بين يدي الملوك والأمراء.

__________________

(١) النهاية : ٢ / ٢٨٤ من حديث طهفة. وروي : «الجهام» (٢ / ٩٣).

(٢) ٦٦ / طه : ٢٠.

(٣) ٧٢ / الرحمن : ٥٥.

(٤) وفي الأصل : دعدل. والدغل : الشجر الكثير الملتف.

(٥) انظر : وفيات الأعيان : ٤ / ٣٣ ، واليتيمة ، ومعجم البلدان.

(٦) وفي الوفيات واليتيمة : رأيتك إن.

(٧) النهاية : ٢ / ٩٤.

(٨) خيّم يخيّم.

(٩) وفي الأصل : يقوم ، وهو وهم.

٦٣٥

تم الجزء الأول

ويليه الجزء الثاني

وأوله : باب الدال

٦٣٦

فهرسة موضوعات الكتاب

(الجزء الأول)

٣

فهرسة الكتاب للمؤلف

١٤٢

فصل الألف مع النون ، وما يتصل بهما

٢١

مقدمة المحقق

١٥٢

فصل الألف مع الهاء ، وما يتصل بهما

٢٣

بين يدي المخطوطة والمؤلف

١٥٤

فصل الألف مع الواو ، وما يتصل بهما

٣١

منهجنا في التحقيق

١٦٢

 فصل الألف مع الياء ، وما يتصل بهما

٣٧

مقدمة المؤلف

١٧١

باب الباء

٤٣

باب الهمزة المفردة

١٧١

الباء المفردة

٤٦

فصل الألف مع الباء ، وما يتصل بهما

١٧٣

فصل الباء مع الألف ، وما يتصل بهما

٥٧

فصل الألف مع التاء ، وما يتصل بهما

١٧٥

فصل الباء مع التاء ، وما يتصل بهما

٦٠

فصل الألف مع الثاء ، وما يتصل بهما

١٧٩

فصل الباء مع الثاء ، وما يتصل بهما

٦٨

فصل الألف مع الجيم ، وما يتصل بهما

١٨١

فصل الباء مع الجيم ، وما يتصل بهما

٧٣

فصل الألف مع الحاء ، وما يتصل بهما

١٨١

فصل الباء مع الحاء ، وما يتصل بهما

٧٥

فصل الألف مع الخاء ، وما يتصل بهما

١٨٤

فصل الباء مع الخاء ، وما يتصل بهما

٨٢

فصل الألف مع الدال ، وما يتصل بهما

١٨٦

فصل الباء مع الدال ، وما يتصل بهما

٨٤

فصل الألف مع الذال ، وما يتصل بهما

١٩٥

فصل الباء مع الذال ، وما يتصل بهما

٩٠

فصل الألف مع الراء ، وما يتصل بهما

١٩٦

فصل الباء مع الراء ، وما يتصل بهما

٩٥

فصل الألف مع الزاي ، وما يتصل بهما

٢١٢

فصل الباء مع الزاي ، وما يتصل بهما

٩٨

فصل الألف مع السين ، وما يتصل بهما

٢١٢

فصل الباء مع السين ، وما يتصل بهما

١٠٢

فصل الألف مع الشين ، وما يتصل بهما

٢١٨

فصل الباء مع الشين ، وما يتصل بهما

١٠٣

فصل الألف مع الصاد ، وما يتصل بهما

٢٢٢

فصل الباء مع الصاد ، وما يتصل بهما

١٠٦

فصل الألف مع الفاء ، وما يتصل بهما

٢٢٦

فصل الباء مع الضاد ، وما يتصل بهما

١٠٩

فصل الألف مع الكاف ، وما يتصل بهما

٢٢٧

فصل الباء مع الطاء ، وما يتصل بهما

١١١

فصل الألف مع اللام ، وما يتصل بهما

٢٣٣

فصل الباء مع الظاء ، وما يتصل بهما

١٢٣

فصل الألف مع الميم ، وما يتصل بهما

٢٣٤

فصل الباء مع العين ، وما يتصل بهما

٦٣٧

٢٤١

فصل الباء مع الغين ، وما يتصل بهما

٣٢٢

فصل الثاء مع القاف ، وما يتصل بهما

٢٤٧

فصل الباء مع القاف ، وما يتصل بهما

٣٢٦

فصل الثاء مع اللام ، وما يتصل بهما

٢٥١

فصل الباء مع الكاف ، وما يتصل بهما

٣٢٨

فصل الثاء مع الميم ، وما يتصل بهما

٢٥٥

فصل الباء مع اللام ، وما يتصل بهما

٣٣٣

فصل الثاء مع النون ، وما يتصل بهما

٢٦٦

فصل الباء مع النون ، وما يتصل بهما

٣٣٧

فصل الثاء مع الواو ، وما يتصل بهما

٢٦٩

فصل الباء مع الهاء ، وما يتصل بهما

٣٤٣

باب الجيم

٢٧٤

فصل الباء مع الواو ، وما يتصل بهما

٣٤٣

فصل الجيم مع الألف ، وما يتصل بهما

٢٧٨

فصل الباء مع الياء ، وما يتصل بهما

٣٤٣

فصل الجيم مع الباء ، وما يتصل بهما

٢٨٩

باب التاء المثنّاة

٣٥٣

 فصل الجيم مع الثاء ، وما يتصل بهما

٢٨٩

التاء المفردة

٣٥٥

فصل الجيم مع الحاء ، وما يتصل بهما

٢٩٠

فصل التاء مع الباء ، وما يتصل بهما

٣٥٦

فصل الجيم مع الدال ، وما يتصل بهما

٢٩٤

فصل التاء مع التاء ، وما يتصل بهما

٣٦٠

فصل الجيم مع الذال ، وما يتصل بهما

٢٩٤

فصل التاء مع الجيم ، وما يتصل بهما

٣٦٣

فصل الجيم مع الراء ، وما يتصل بهما

٢٩٥

فصل التاء مع الحاء ، وما يتصل بهما

٣٧١

فصل الجيم مع الزاي ، وما يتصل بهما

٢٩٦

فصل التاء مع الخاء ، وما يتصل بهما

٣٧٥

فصل الجيم مع السين ، وما يتصل بهما

٢٩٦

فصل التاء مع الراء ، وما يتصل بهما

٣٧٧

فصل الجيم مع العين ، وما يتصل بهما

٣٠١

فصل التاء مع السين ، وما يتصل بهما

٣٧٨

فصل الجيم مع الفاء ، وما يتصل بهما

٣٠٣

فصل التاء مع العين ، وما يتصل بهما

٣٨٠

فصل الجيم مع اللام ، وما يتصل بهما

٣٠٣

فصل التاء مع الفاء ، وما يتصل بهما

٣٨٧

فصل الجيم مع الميم ، وما يتصل بهما

٣٠٤

فصل التاء مع القاف ، وما يتصل بهما

٣٩٦

فصل الجيم مع النون ، وما يتصل بهما

٣٠٤

فصل التاء مع الكاف ، وما يتصل بهما

٤٠٥

فصل الجيم مع الهاء ، وما يتصل بهما

٣٠٥

فصل التاء مع اللام ، وما يتصل بهما

٤١٠

فصل الجيم مع الواو ، وما يتصل بهما

٣٠٩

فصل التاء مع الميم ، وما يتصل بهما

٤١٨

باب الحاء

٣١١

فصل التاء مع الواو ، وما يتصل بهما

٤١٨

فصل الحاء مع الباء ، وما يتصل بهما

٣١٢

فصل التاء مع الياء ، وما يتصل بهما

٤٢٨

 فصل الحاء مع التاء ، وما يتصل بهما

٣١٤

باب الثاء المثلثة

٤٣٠

فصل الحاء مع الثاء ، وما يتصل بهما

٣١٤

فصل الثاء مع الباء ، وما يتصل بهما

٤٣٠

فصل الحاء مع الجيم ، وما يتصل بهما

٣١٨

فصل الثاء مع الجيم ، وما يتصل بهما

٤٣٦

فصل الحاء مع الدال ، وما يتصل بهما

٣١٨

فصل الثاء مع الخاء ، وما يتصل بهما

٤٤٢

فصل الحاء مع الذال ، وما يتصل بهما

٣١٩

فصل الثاء مع الراء ، وما يتصل بهما

٤٤٣

فصل الحاء مع الراء ، وما يتصل بهما

٣٢١

فصل الثاء مع العين ، وما يتصل بهما

٤٦٠

فصل الحاء مع الزاي ، وما يتصل بهما

٦٣٨

٤٦٢

فصل الحاء مع السين ، وما يتصل بهما

٥٦٣

فصل الخاء مع التاء ، وما يتصل بهما

٤٧٦

فصل الحاء مع الشين ، وما يتصل بهما

٥٦٦

فصل الخاء مع الدال ، وما يتصل بهما

٤٧٩

فصل الحاء مع الصاد ، وما يتصل بهما

٥٦٩

فصل الخاء مع الذال ، وما يتصل بهما

٤٨٩

فصل الحاء مع الضاد ، وما يتصل بهما

٥٧٠

فصل الخاء مع الراء ، وما يتصل بهما

٤٩١

فصل الحاء مع الطاء ، وما يتصل بهما

٥٧٦

فصل الخاء مع الزاي ، وما يتصل بهما

٤٩٤

فصل الحاء مع الظاء ، وما يتصل بهما

٥٧٩

فصل الخاء مع السين ، وما يتصل بهما

٤٩٥

فصل الحاء مع الفاء ، وما يتصل بهما

٥٨١

فصل الخاء مع الشين ، وما يتصل بهما

٥٠٢

فصل الحاء مع القاف ، وما يتصل بهما

٥٨٤

فصل الخاء مع الصاد ، وما يتصل بهما

٥٠٧

فصل الحاء مع الكاف ، وما يتصل بهما

٥٨٦

فصل الخاء مع الضاد ، وما يتصل بهما

٥١١

فصل الحاء مع اللام ، وما يتصل بهما

٥٨٨

فصل الخاء مع الطاء ، وما يتصل بهما

٥١٨

فصل الحاء مع الميم ، وما يتصل بهما

٥٩٤

فصل الخاء مع الفاء ، وما يتصل بهما

٥٢٧

فصل الحاء مع النون ، وما يتصل بهما

٥٩٨

فصل الخاء مع اللام ، وما يتصل بهما

٥٣١

فصل الحاء مع الواو ، وما يتصل بهما

٦١٤

فصل الخاء مع الميم ، وما يتصل بهما

٥٤٤

فصل الحاء مع الياء ، وما يتصل بهما

٦١٨

فصل الخاء مع النون ، وما يتصل بهما

٥٥٦

باب الخاء

٦٢٠

فصل الخاء مع الواو ، وما يتصل بهما

٥٥٦

فصل الخاء مع الباء ، وما يتصل بهما

٦٢٧

فصل الخاء مع الياء ، وما يتصل بهما

٦٣٩