عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ - ج ١

الشيخ أحمد بن يوسف [ السمين الحلبي ]

عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن يوسف [ السمين الحلبي ]


المحقق: الدكتور محمّد التونجي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٩

أو صلاة. وفي الحديث : «طرأ عليّ حزبي» (١) وقوله : (أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ)(٢) أي جنده وأنصاره.

والحزب أيضا : النّوبة في ورد الماء. والحازب : ما نابك من شغل. وفي الحديث : «كان إذا إذا حزبه شيء فزع إلى الصلاة» (٣) أي نابه وطرأ.

ح ز ن :

الحزن والحزن نعتان كالعدم والعدم : خشونة في النفس لما يلحقها من الغمّ ؛ يقال : حزن يحزن حزنا فهو حزين. وأحزنته وحزنته قيل : بمعنى ، وقيل : أحزنته : جعلت له ما يحزن به (٤). ويقال : أحزنته فهو محزون ولا يقال : محزن وإن كان الأصل كما جببته فهو مجبوب ، وأصله من الأرض الحزنة أي الخشنة ؛ يقال : أرض حزنة ، وواد حزن ويضادّه السّهل. وقد حزن حزونة مثل سهل سهولة ، ويضادّ الحزن الفرح ، وباعتبار الخشونة بالغمّ يقال : خشنت مصدره إذا حزنته.

قوله : (وَلا تَحْزَنْ)(٥) ليس بنهي (٦) عن تحصيل الحزن لأنّ ذلك لا يدخل على الإنسان باختياره إنما المراد عن تعاطي أسبابه كما أشار إليه من قال (٧) : [من الطويل]

ومن سرّه أن لا يرى ما يسوءه

فلا يتّخذ شيئا يخاف له فقدا

وفيه حثّ على أنّ الإنسان ينبغي أن يوظب نفسه على ما عليه جبلّة (٨) الدّنيا ، حتى إذا دهمه داهية من نوائبها لم يجزع لها لما عنده ، ولهذا قال تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ

__________________

(١) النهاية : ١ / ٣٧٦ ، اللسان ـ مادة حزب.

(٢) ٢٢ / المجادلة : ٥٨.

(٣) النهاية : ١ / ٣٧٧.

(٤) ذكر أحد المعلقين في هامش ح الآية : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٣٨ / البقرة ٢).

(٥) ٨٨ / الحجر : ١٥.

(٦) في الأصل : نهي.

(٧) من شواهد الراغب في المفردات : ١١٦.

(٨) كذا في س ، وفي ح : جبلت.

٤٦١

الْخَوْفِ وَالْجُوعِ) الآية (١) لأنّ أحد الإنسان على غيره ونعيه أعظم من إعلامه.

وعن بعضهم أنه نعي إليه أخوه فقال : سبقك بها غيرك. فقال المخبر : لم يعلم به أحد قبلي! قال : بلى قد أخبرني بذلك قوله : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ)(٢). وقرىء (لا يَحْزُنْكَ)(٣) من حزن وأحزن (٤) ، وكذا كلّ مضارع إلا التي في الأنبياء (٥) حسبما بينّاه في «العقد» وغيره.

فصل الحاء والسين

ح س ب :

الحسبان : الظنّ ، قال تعالى : (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً)(٦). وقد يجيء يقينا كقول الشاعر (٧) : [من الطويل]

حسبت التّقى والمجد خير تجارة

رباحا إذا ما المرء أصبح باقلا

أي علمت ، لأنّ الظنّ لا يجدي في اعتقاد ذلك شيئا. وبالاعتبارين قرىء قوله تعالى : (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ)(٨) ، برفع الفعل ونصبه ، وتحقيقه في غير هذا. وحسب ينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ، وأحكامهما محرّرة في غير هذا ، ولها أخوات.

والحساب : استعمال العدد والتقدير ، ومنه قوله تعالى : (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ

__________________

(١) ١٥٥ / البقرة : ٢. والجملة بعدها ناقصة ومضطربة.

(٢) ١٨٥ / آل عمران : ٣.

(٣) ٤١ / المائدة : ٥.

(٤) «لا يحزنك» خفيفة مفتوحة الياء ، قراءة غير نافع ، وهي لغة قريش ، وأهل المدينة. «لا يحزنك» يجعلونها من «أحزن» ، والعرب تقول أحزنته وحزنته ، والثانية قراءة نافع (معاني القرآن للأخفش : ٢ / ٤٦٩ ، وحاشيته).

(٥) يعني قوله تعالى : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) (١٠٣ / الأنبياء : ٢١).

(٦) ١٨ / الكهف : ١٨.

(٧) ساقطة من ح.

(٨) ٧١ / المائدة : ٥.

٤٦٢

حُسْباناً)(١) أي يجريان بحساب وتقدير لا يعلمه إلّا مقدّره أو من أطلعه من خلقه عليه ، فلا يجاوزان ما قدّر لهما من حركتهما (٢). (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ)(٣) ، قيل : جمع حساب والأصوب أنه مصدر ؛ يقال : حسب الشيء يحسبه حسبانا وحسبانا كالغفران والسّكران.

وقول : (وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً)(٤) قال ابن عرفة : عذابا ، وقال الأصمعيّ : الحسبان : المرامي الصّغار ، ومنه قسيّ الحسبان وهي معروفة (٥). قال : وقيل حسبانا أي عذاب حسبان من السماء ، وذلك الحسبان حساب ما كسبت يداك. قلت : وهذا معنى قول الراغب (٦). قيل : معناه نارا وعذابا ، وإنما هو في الحقيقة ما يحاسب عليه فيجازى بحسبه. وفي الحديث في الريح : «اللهمّ لا تجعلها عذابا ولا حسبانا» (٧).

وقوله تعالى : (فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً)(٨) أي أوقفناها على جميع أعمالها فلا تنكر منه شيئا ، كما يقف المحاسب على ما يحاسب عليه. (ومن نوقش الحساب عذب) (٩) أي من استولى عليه لا بدّ أن يؤاخذ.

وقوله : (يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ)(١٠) فيه أوجه ، أحدها : لا يضيّق عليه بل يعطيه عطاء من لا يحاسب ، من قولهم : حاسبته إذا ضايقته. ثانيها : يعطيه أكثر ممّا يستحقّه. والاستحقاق هنا مجاز. ثالثها : يعطيه ولا يأخذ منه خلاف حال أهل الدنيا. ورابعها : يعطيه ما لا يحصره البشر كثرة. خامسها : يعطيه أكثر مما يحاسبه. سادسها : يعطيه بحسب ما يعلمه من مصلحته لا على حسب حسابهم ، وذلك نحو ما نبّه عليه بقوله : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ

__________________

(١) ٩٦ / الأنعام : ٦. قال الأخفش : معناه بحساب فحذف الباء (اللسان ـ حسب).

(٢) وفي ح : حرتهما ، وفي س : حزبهما ، ولعلها كما ذكرنا.

(٣) ٤٠ / يس : ٣٦.

(٤) ٤٠ / الكهف : ١٨. وقال ابن منظور : نارا.

(٥) جاء في اللسان : الحسبان : سهام صغار يرمى بها عن القسيّ الفارسية ، واحدتها حسبانة.

(٦) المفردات : ١١٦.

(٧) النهاية : ١ / ٣٨٣ ، وليس هناك عذابا.

(٨) ٨ / الطلاق : ٦٥.

(٩) النهاية : ٥ / ١٠٦.

(١٠) ٢١٢ / البقرة : ٢.

٤٦٣

النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ) الآية (١). سابعها : يعطى المؤمن ولا يحاسب عليه ، لأن المؤمن لا يأخذ من الدنيا إلا قدر ما يجب وكما يجب وفي وقت ما يجب ، ولا ينفق إلا كذلك ، ويحاسب نفسه فلا يحاسبه الله تعالى حسابا يضرّه. كما روي : «من حاسب نفسه في الدنيا لم يحاسبه الله يوم القيامة». ثامنها : يقابل [الله](٢) المؤمنين يوم القيامة لا بقدر استحقاقهم بل بأكثر منه كما أشار إليه بقوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً)(٣). وعلى هذه الأوجه يجيء قوله تعالى : (فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ)(٤). ولا تعارض بين قوله : (يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) وبين قوله : (عَطاءً حِساباً)(٥). لأن معنى «حسابا» أي كافيا ، وليس معناه تضييقا ولا تقتيرا.

وقوله : (أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ)(٦) عبارة عن عدم الحجر في التصرّف وإطلاق العبارة في البسط. وقيل : معناه : تصرّف فيه تصرّف من لا يحاسب أي (٧) تناول كما يجب على ما يجب (٨). وقوله : (بِغَيْرِ حِسابٍ) يجوز تعلقه بقوله : (عَطاؤُنا) وتعلّقه بفعل الأمر ، والثاني أوضح.

والحسيب بمعنى المحاسب ، نحو الحبيط والجليس ، قال تعالى : (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)(٩). ثم يعبر به عن المكافىء بالحساب. وقوله : (كَفى بِاللهِ حَسِيباً)(١٠) أي محاسبا لهم لأنه لا يخفى عليه من أعمالهم شيء. وحسب : اسم بمعنى

__________________

(١) ٣٣ / الزخرف : ٤٣.

(٢) إضافة المحقق.

(٣) ٢٤٥ / البقرة : ٢.

(٤) ٤٠ / غافر : ٤٠.

(٥) ٣٦ / النبأ : ٧٨.

(٦) ٣٩ / ص : ٣٨.

(٧) في الأصل : أن ، ولعل الصواب ما ذكرنا.

(٨) في الأصل : ما لا يجب ، والتصويب من المفردات : ١١٧.

(٩) من الآية السابقة.

(١٠) ١٤ / الإسراء : ١٧.

٤٦٤

كاف (١) نحو (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)(٢) أي الله كافينا ، ولذلك لا يتعرّف بالإضافة في أخوات لها مذكورة في كتب العربية (٣). ويختصّ بزيادة الباء إذا ابتدىء بها نحو : بحسبك زيد. قوله : (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) أي رقيبا يحاسبهم على ما عملوا.

وقوله : (ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ)(٤) قيل : معناه : ما [عليك] من عملهم ، فسمّاه بالحساب الذي هو منتهى الأعمال. وقيل : معناه : ما [عليك] من كفايتهم بل الله يكفيهم وإياك ، من قوله : (عَطاءً حِساباً) أي كافيا نحو قولهم : حسبي كذا ، وقيل : هو بمعنى قوله تعالى : (لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)(٥).

وقولهم : احتسب ولده عند الله ، أي اعتدّه عند الله. والحسب (٦) : فعل ما يحسب به عند الله. وفي الحديث / : «من قام رمضان إيمانا واحتسابا» (٧) أي معتدّا أجره ، وأصله افتعال من الحساب أو من الحسبان أي اعتقد به في حسابه وظنّه. وقال الهرويّ : معناه طلبا لوجه الله تعالى ولثوابه (٨). وعن عمر : «أيّها الناس احتسبوا أعمالكم فإنه من احتسب عمله كتب له أجر عمله وأجر حسبته» (٩) ؛ الحسبة : اسم من الاحتساب ، وفلان يحتسب الأخبار ، ويتحسّبها أي يطلبها ويتوقّعها. وفي الحديث : «إنّ المسلمين كانوا يتحسّبون الصلاة فيجيئونها بلا داع» (١٠) أي يتوخّون وقتها ويطلبونه.

وفي الحديث : «تنكح المرأة لميسمها وحسبها» (١١). قال الهرويّ : احتاج أهل

__________________

(١) ومحاسب.

(٢) ١٧٣ / آل عمران : ٣.

(٣) أي لا يضاف إلا إلى ضمير المخاطب إذا كان طلبيا. وغير الطلبي يضاف إلى الظاهر والمضمر. والأخوات هي : قعد ، وقعيد ، وعمر المسبوقة باللام (شرح الكافية الشافية : ٢ / ٨٧٥).

(٤) ٥٢ / الأنعام : ٦.

(٥) ١٠٥ / المائدة : ٥.

(٦) وفي المفردات (ص ١١٧) : والحسبة فعل ما يحتسب به ... ولعله أصوب.

(٧) النهاية : ١ / ٣٨٢.

(٨) وذكره ابن الأثير من غير عزو (النهاية : ١ / ٣٨٢).

(٩) النهاية : ١ / ٣٨٢ ، وفيه : فإن من.

(١٠) النهاية : ١ / ٣٨٢ ، مع اختلاف طفيف.

(١١) النهاية : ١ / ٣٨١ ، وفيه : الحسب هاهنا الفعال الحسن.

٤٦٥

العلم إلى (١) معرفة الحسب لأنه مما يعتبر به مهر مثل المرأة (٢). فقال شمر : الحسب الفعال (٣) والحسب للرجل ولآبائه مأخوذ من الحساب إذا حسبوا مناقبهم ، وذلك أنّهم إذا تفاخروا عدّ كلّ واحد منهم مناقبه ومآثر آبائه وحسبها ؛ فالحسب : العدّ ، الحسب : المعدود نحو : النّقص والمنقوص والعدّ والمعدود (٤). وللحسب معنى آخر وهو : عدّد ذوي قرابته ، سمي حسبا لكثرة عدده. قال : ويبين ذلك الحديث : «لمّا قدم وفد هوازن يتكلمون في سبيهم قال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : اختاروا إحدى الطائفتين : إمّا المال وإمّا السّبي. فقالوا : أمّا إذا خيّرتنا بين المال والحسب فإنّا نختار الحسب ، فاختاروا أبناءهم ونساءهم» (٥).

والحسبانة : الوسادة الصغيرة ؛ حسّبت الرجل : أجلسته عليها ، وحسّبوا ضيفهم : أكرموه ، من ذلك. والحسب : الخلق ومنه الحديث : «كرم الرجل دينه وحسبه خلقه» (٦) أي أن خلقه بمنزلة حسبه من قرابته ؛ فإن كان حسنا زانه وإن كان سيئا شانه.

والمشهور أنّ حسب يرادف الظنّ في أحد وجهيها وهو الغالب. وقد أبدى الراغب بينهما فرقا فقال : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ)(٧) مصدره الحسبان ، وهو أن يحكم لأحد النقيضين من غير أن يخطر الآخر بباله فيحسبه ويعقد عليه الأصبع ويكون بعرض أن يعتريه شكّ. ويقاربه الظنّ لكنّ الظنّ أن يخطر النقيضين (٨) فيغلب أحدهما على الآخر.

وقوله تعالى : (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)(٩) قيل : هو افتعال من حسب بمعنى ظنّ ، والمعنى من حيث لا يقدره ولا يظنّه. وقيل : بل هو من حسب بمعنى العدّ ،

__________________

(١) ساقطة من ح.

(٢) والرأي نسبه ابن منظور إلى الأزهري.

(٣) وفي ح : الفعل.

(٤) وفي الأصل : النقص والنقص ، والعد والعد ، والتصويب من اللسان (مادة حسب).

(٥) النهاية : ١ / ٣٨٢ ، وفيه شرح للحديث.

(٦) النهاية : ١ / ٣٨١ ، وفيه «حسب المرء خلقه وكرمه دينه» ، وما ذكرناه رواية الهروي وابن منظور.

(٧) وفي المفردات (ص ١١٨) : بباله.

(٨) ٢١٤ / البقرة : ٢.

(٩) ٣ / الطلاق : ٦٥.

٤٦٦

والمعنى : من حيث لم يكن في حسبانه.

وقوله تعالى : (حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ)(١) أي كافيك. يقال : أحسبني كذا : كفاني. وأحسبته : أعطيته عطاء حتّى قال : حسبي ، ومنه (حِساباً)(٢). وفي قوله : (وَمَنِ اتَّبَعَكَ) أوجه (٣) ؛ أحدها : أنّه عطف على الضمير المجرور أي وحسب من اتّبعك ، والبصريّ يمنع هذا. والثاني : أن تقديره : وفيمن اتّبعك كفاية إذا نصرهم الله ؛ قال هذين الوجهين الهرويّ وغيره. والثالث : أنه عطف على الجلالة المعظمة ، وكان من قال بالوجهين الأولين فسّر من هذا ، لأنه قال : لا يلزم أن يكون المؤمنون كافين لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وليس الأمر كذلك. وجواب هذا أنّ الله هو الذي جعل المؤمنين يكفونه أمر عدوّه ؛ فلا محذور في كونهم كافين ويكون في المعنى لقوله : (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ)(٤) ، وقد أتقنّا ذلك في «الدّر» وغيره. وقوله : (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)(٥) أي كفى بنفسك لنفسك محاسبا.

ح س د :

قال تعالى : (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ)(٦) قال ابن عرفة : الحسد أن يتمنّى زوال نعمة أخيه وكونها له دونه ، والغبط : أن يتمنّى مثلها له من غير زوالها عنه. وقيل : الحسد تمنّي زوال النعمة ، وربّما يكون مع ذلك سعي في إزالتها. وقال ابن الأعرابيّ : الحسد مأخوذ من الحسد (٧) وهو القراد ، والمعنى أنه يقشر القلب كما تقشر القراد الجلد وتمتصّ الدم.

والحسد مذموم والغبط محمود ، وكذلك جاء في الحديث : «المنافق يحسد والمؤمن

__________________

(١) ٦٤ / الأنفال : ٨.

(٢) من قوله تعالى (السابق) : عَطاءً حِساباً (٣٦ / النبأ : ٧٨).

(٣) كذا في س ، وفي ح : وجه.

(٤) ٦٢ / الأنفال : ٨.

(٥) ١٤ / الإسراء : ١٧.

(٦) ٥ / الفلق : ١١٣.

(٧) وفي اللسان : الحسدل.

٤٦٧

يغبط» (١). فأمّا قوله عليه الصلاة والسّلام : «لا حسد إلا في اثنتين» (٢) فمجاز ، والمعنى : لا حسد لا يضرّ ، قاله ابن الأنباري. وقولهم : لا أعدم الله لك حاسدا ، كناية له بالنعمة إذ لا يحسد إلا ذو نعمة.

ح س ر :

قوله تعالى : (مَحْسُوراً)(٣) أي منقطعا بك ، من قولهم : بعير حسير أي معيا قد انقطع عن الانبعاث لعيّه وكلاله. وأصل الحسر : كشف اللبس عما عليه. حسر عن ذراعه ، وحسر شعره. والحاسر : من لا درع عليه ، ومنه حديث أبي عبيدة (٤) : «كان على الحسّر» (٥) ؛ الحسّر جمع حاسر. والمحسرة : المكنسة. وفلان كريم المحسر كناية عن المخبر. وناقة حسير : انحسر عنها اللحم والقوّة ، والجمع حسرى قاله علقمة : [من الطويل]

بها جيف الحسرى فأمّا عظامها

فبيض ، وأما جلدها فصليب (٦)

وبعير حاسر لانحسار قواه أو لحمه. ويقال فيه : حاسر اعتبارا بأنه قد حسر بنفسه قواه ، ومحسورا باعتبار أنّ التعب قد حسره. وفي الحديث : «حسر أخي فرسا له» (٧) ويقال : حسرت الدابة : أتعبت. وفي الحديث : «الحسير لا يعقر» (٨) يعني إذا تعبت الدابة وحسرت فلتركب ولا تعقر (٩) وفي حديث جابر : «فأخذت هذا (١٠) فكسرته وحسرته»

__________________

(١) من كلام الفضيل بن عياض ، كذا في الكشف : ٢ / ٤٠٧ ، الحديث رقم ٢٦٩٤.

(٢) النهاية : ١ / ٣٨٣.

(٣) ٢٩ / الإسراء : ١٧.

(٤) في الأصل : عبيد ، وهو وهم.

(٥) النهاية : ١ / ٣٨٤ ، حين كان يوم الفتح. والحسّر : الرجّالة.

(٦) من قصيدته المشهورة «طحابك قلب» (شرح بائية علقمة : ٢٤).

(٧) النهاية : ١ / ٣٨٤ ، وفي الحديث ذكر لخالد بن الوليد.

(٨) النهاية : ١ / ٣٨٤.

(٩) يقول ابن الأثير : «مخافة أن يأخذها العدوّ ، ولكن يسيّبها».

(١٠) كذا في س ، وفي النهاية (١ / ٣٨٤): «حجرا يريد غصنا».

٤٦٨

يعني غصنا (١) فكسرته وقشرته. وقولهم : حسرت الدابة أنضيتها بالتعب حتى كأنّك جرّدتها من يدها وقواها.

وقوله : (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ)(٢) أي كليل تعبان ، وهو مجاز واستعارة من الحيوان للحاسّة ، ثم يجوز أن يكون بمعنى حاسر ومحسور ، بحسب المعنيين المتقدمين.

وقوله : (وَلا يَسْتَحْسِرُونَ)(٣) أي لا يكلّون ولا ينقطعون عن العبادة ، ولذلك عقبه بقوله : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ)(٤) ، يقال : حسر واستحسر بمعنى إذا أعيا. وقيل : معناه لا يملّون. وفي الحديث : «ادعوا الله ولا تستحسروا (٥) أي لا تملّوا ، وهو عندي راجع إلى معنى الانقطاع والاعياء.

وقال الراغب (٦) : وقوله تعالى في وصف الملائكة : «ولا يستحسرون» قلت : لأن في استفعل دلالة الطلب حقيقة أو مجازا ، فنفى ذلك عنهم ، ولو نفى عنهم مجرّد الفعل لم يكن فيه هذه المبالغة ، فإنّ قولك : زيد لا يستعطي أبلغ من قولك : لا يعطى (٧) أي يتناول ؛ فإنه لا يلزم من نفي التّناول عنه أن لا يكون قد سأله ، والحسرة من ذلك وهو أنّ الحسرة : الغمّ على ما فات والندم كأنّه انحسر عنه الجهل الذي حمله على ما ارتكبه أو انحسر عنه (٨) قواه من فرط الغمّ أو أدركه إعياء عن تدارك ما فرط منه.

وقيل : الحسرة : شدة الندم / حتى يحسر النادم كما يحسر الذي تقدم به دابّته ، أي تنقطع عنه في السفر البعيد. وقوله تعالى : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ)(٩) معناه : يا حسرة هذا

__________________

(١) وفي ح : حصنا.

(٢) ٤ / الملك : ٦٧.

(٣) ١٩ / الأنبياء : ٢١.

(٤) الآية بعدها.

(٥) النهاية : ١ / ٣٨٤.

(٦) المفردات : ١١٨.

(٧) وفي الأصل : لا يعطوا ، ولعلها كما ذكرنا.

(٨) ساقطة من ح.

(٩) ٣٠ / يس : ٣٦.

٤٦٩

وقتك لا وقت يتحسّر فيه عليهم غير هذا الوقت ، وهو من (١) أبلغ مجازات القرآن. وقوله : (يا حسرتا) (٢) أي يا حسرتي ، فأبدل الياء ألفا (٣). وقال الأزهريّ : قد علم أن الحسرة لا تدعى ودعاؤها تنبيه للمخاطبين. وقال ابن عرفة : أي يا حسرتهم على أنفسهم.

ح س س :

قوله تعالى : (فَتَحَسَّسُوا)(٤) أي تطلّبوه بحواسّكم ، وتحسّس في الخير وتجسّس في الشرّ ، وقد تقدّم تقريره في مادة الجيم. وفي الحديث : «لا تحسّسوا ولا تجسّسوا» (٥) ؛ قال الحربيّ (٦) : معنى الحرفين واحد وهما التطلّب بمعرفة ، قال ابن الأنباريّ : إنما سبق أحدهما على الآخر لاختلاف اللفظين نحو : بعدا وسحقا. وقيل : التجسّس : البحث عن عورات الناس ، والتحسس : استماع حديثهم.

قوله تعالى : (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ)(٧) أي تقتلونهم وتستأصلونهم. ومنه : البرد محسّة (٨) للنّبت أي مهلك له وذاهب به ومحرق له. وأصله من الحاسّة وهي القوة التي تدرك بها الأعراض الحسية. والحواسّ : المشاعر. يقال : حسست وحست وحسيت بقلب الثانية ياء. وأحسست وأحست بحذف أحد السينين من فعل وأفعل. قال الشاعر (٩) : [من الوافر]

سوى (١٠) أنّ العتاق من المطايا

حسين (١١) به فهنّ إليه شوس

__________________

(١) ساقطة من ح.

(٢) يقول ابن هشام : «بقلب الكسرة التي قبل الياء المفتوحة فتحة فتنقلب الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها». (شرح قطر الندى : ٢٠٥).

(٣) ٥٦ / الزمر : ٣٩.

(٤) ٨٧ / يوسف : ١٢.

(٥) النهاية : ١ / ٣٨٤.

(٦) لعله إبراهيم بن إسحاق الحربي صاحب «غريب الحديث». والحربي : نسبة إلى محلة ببغداد (اللباب : ١ / ٣٥٥).

(٧) ١٥٢ / آل عمران : ٣. الحسّ : القتل الذريع (اللسان).

(٨) أي يحسه ويحرقه (اللسان).

(٩) البيت لأبي زبيد (الطائي) كما في معاني القرآن للفراء : ١ / ٢١٧ ، واللسان.

(١٠) في المصدرين السابقين : خلا.

(١١) كذا في المصدر ، وفي الأصل : أحسن.

٤٧٠

فحسست (١) على وجهين : أحدهما أصبته بحسّي بمعنى عنته ورمقته. والثاني. أصبت حاسّه نحو كبدته. وقيل : ولمّا كان ذلك قد يتولّد منه القتل عبّر به عن القتل. ومنه : جراد محسوس أي مطبوخ.

ويقال : حسست بمعنى فهمت وعلمت ، لكن لا يقال إلا فيما كان من جهة الحاسّة. وأما أحسسته (٢) فحقيقته : أدركته بحاسّتي. قوله : (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ)(٣) تنبيه أنه قد ظهر منهم الكفر ظهورا بان للحسّ فضلا عن الفهم ، وكذلك : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا)(٤) وقال الهرويّ : (فَلَمَّا أَحَسَ) أي علم ، وأصله في اللغة أبصر ثم وضع موضع العلم والوجود. ومنه (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ)(٥) أي هل ترى؟ وهذا تفسير للفظ ببعض مدلولاته لأنّ البصر من جملة الحواسّ الخمس. وقد قدّمنا أنّه ما كان عن حاسّة بصر كانت أو غيره. وقوله : (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ) هل تجد بحاسّتك أحدا منهم؟

وقوله تعالى : (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها)(٦) حركة لهبها. والحسّ والحسيّس : الحركة. وفي الحديث : «كان في مسجد الخيف فسمع حسّ حية» (٧) أي حركتها ، وهو أن تسمع ما يقرب منك ولا تراه. والحسّ : داء يأخذ عند الولادة (٨) ، وعن عمر أنّه [مرّ بامرأة قد ولدت فدعا لها بشربة من سويق ، وقال : اشربي هذا فإنه](٩) يقطع الحسّ».

وحسّ بمعنى أوّه ، ومنهم من ينوّنه ، ومنه الحديث : «أصاب قدمه قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : حسّ» (١٠) ومن كلامهم : فما قال : حسّ ولا بسّ ، وجىء به من

__________________

(١) وفي المفردات (ص ١١٦) : فأحسست.

(٢) وفي الأصل : أحسست ، ولعلها كما ذكرنا.

(٣) ٥٢ / آل عمران : ٣.

(٤) ١٢ / الأنبياء : ٢١.

(٥) ٩٨ / مريم : ١٩.

(٦) ١٠٢ / الأنبياء : ٢١.

(٧) النهاية : ١ / ٢٨٤.

(٨) ويقول ابن منظور : «بعد الولادة» (مادة ـ حسس). ويقول ابن الأثير : «عند الولادة بعدها».

(٩) في الأصل نقص أضفناه من النهاية : ١ / ٣٨٥. وفي الأصل : «أنه أتي بمولود سريّة ... (بياض) وقال : هذا يقطع الحسّ».

(١٠) النهاية : ١ / ٣٨٥.

٤٧١

حسّك وبسّك أي من حيث شئت. والحساس : سوء الخلق جيء به على بناء الأدواء والعلل كالزّكام والسّعال.

ح س م :

قال تعالى : (وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً)(١) أي مذهبة لأثرهم وقاطعة لأعمارهم. وأصل الحسم إزالة أثر الشيء. يقال : قطعه فحسمه ، وحسم الداء : إزالة أثره بالكيّ ، وفي الحديث : «كوى سعدا في أكحله (٢) ثم حسمه» أي قطع الدم بالكيّ. «وأتي بسارق فقال : اقطعوه ثم احسموه» (٣). والمحسوم : الفطم لقطعه عن الرضاع وعن [الغذاء](٤). [وسمي السيف](٥) حساما لقطعه الأشياء. هذا مقتضى هذا اللفظ ، ومعنى الآية عليه واضح. وقال ابن عرفة : معناه متتابعات. وقال الأزهريّ : معناه متتابعة لم يقطع أوّلها عن آخرها كما تتابع الكيّ على المقطوع ليحسم دمه أي يقطعه. ثم قيل لكلّ شيء توبع : حاسم وجمعه حسوم مثل شاهد وشهود. وقال الليث أي شؤما ونحسا ، من الحسم أي يحسم عنهم كلّ خير. وقيل : دائمة ، وقيل : تفنيهم وتذهبهم ، وكلّ هذا تفسير باللازم لا بمقتضى اللفظ كما نبّهنا عليه أوّل هذا الموضوع. وحسوم يجوز أن يكون مفردا وأن يكون جمعا كما تقدّم ، وقد حققناه في غير هذا.

ح س ن :

قوله تعالى : (وَحُسْنُ مَآبٍ)(٦) الحسن هو الشيء المبهج (٧) من ينظر إليه ، والمرغوب فيه ، وذلك إمّا من جهة العقل أو الشرع أو الهوى أو الحسّ. وقوله : (آتِنا فِي

__________________

(١) ٧ / الحاقة : ٦٩.

(٢) في الأصل : الحلة ، والتصويب من النهاية : ١ / ٣٨٦. والحسم : كيّ العرق بالنار (اللسان).

(٣) النهاية : ١ / ٣٨٦ ، أي اقطعوا يده ثم أكووها لينقطع الدم.

(٤) بياض في الأصل والإضافة من اللسان ـ مادة حسم.

(٥) تابع البياض ، والإضافة من المفردات ص : ١١٨.

(٦) ٢٩ / الرعد : ١٣ ، وغيرها.

(٧) وفي الأصل : المهيج ، ولعلها كما ذكرنا.

٤٧٢

الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً)(١) هي النعمة ، سميت بذلك لأنّها تبهج صاحبها ويرغب فيها ، والسيئة تضادّها ، وهما من أسماء الأجناس المشتملة على أنواع ، فيفسّران في كلّ موضع بما يليق به. فقوله : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ)(٢) أي حسب (٣) وظفر على عدوّ ، وسعة في المال ، (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ)(٤). وقد بينّا مجيء إن مع الحسنة ومجيء إن مع السيئة في غير هذا الموضوع. ومثله : (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ)(٥)(وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ)(٦)(إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ)(٧). وقوله : (وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً)(٨) أي لسان صدق. وقوله : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ)(٩) أي من ثواب وزيادة زلفى.

وقد فرّقوا بين الحسنة والحسن والحسنى ؛ فالحسن يقال في الأعيان والأحداث ، وكذا الحسنة وصفا ، فلو صارت اسما فالمتعارف أنّها في الأحداث. والحسنى لا يقال إلا في الأحداث دون الأعيان. والحسن أكثر ما يقال في تعارف العامة في المستحسن بالبصر ؛ يقال : رجل حسن وحسّان ، وامرأة حسنة وحسّانة. وأكثر ما ورد الحسنى في القرآن للمستحسن بالبصيرة.

قوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى)(١٠) أي أحسنوا عبادة ربّهم بأن أتوا بها على نحو ما أمروا. والحسنى تأنيث الحسن وهي الجنة ولا شيء أحسن منها إلا «الزيادة» (١١) المذكورة بعدها ؛ وفي التفسير : النظر إلى وجهه الكريم كما ثبت وصحّ. قوله : (يَأْخُذُوا

__________________

(١) ٢٠١ / البقرة : ٢.

(٢) ٧٨ / النساء : ٤.

(٣) وفي المفردات (ص ١١٨) : خصب ، ولعلها أصوب.

(٤) أي جدب وضيق وخيبة.

(٥) ٥٠ / التوبة : ٩.

(٦) ١٢٠ / آل عمران : ٣.

(٧) ١٢٠ / آل عمران : ٣.

(٨) ١٢٢ / النحل : ١٦.

(٩) ٧٩ / النساء : ٤.

(١٠) ٢٦ / يونس : ١٠.

(١١) يعني قوله تعالى : (... الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) وهذه الزيادة هي النظر إلى وجه الله تعالى.

٤٧٣

بِأَحْسَنِها)(١) يجوز أن يريد ما أمرنا به من أن يترك الإنسان ما وجب له تكرّما كمن وجب له القصاص فعفا ، وكمن جنى عليه لئيم وقدر أن ينفذ غيظه فكظمه ، وأن يريد بأحسنها ، وكذا (يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)(٢) ، وقيل : معناه الأبعد عن الشّبه. ومنه : «فمن اتّقى الشّبهات فقد استبرأ لدينه» (٣).

وقوله : (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)(٤) أي لا أحد أيقن حكما ، فإن قيل : حكمه تعالى حسن للموقن وغيره فلم خصّ / الموقنين؟ قيل : القصد بذلك إلى ظهور حسنه والاطلاع عليه ، وذلك إنّما يظهر لمن أيقن بالله وزكّى نفسه دون الجهل (٥) بالله وخفائه. (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ)(٦)(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)(٧).

قوله : (هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ)(٨) يعني الظفر بكم ، أو الشهادة إن قتلنا ، وأنّث لأنه أراد الخصلتين (٩). وقوله : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ)(١٠) ؛ قيل : الحسنات جميع أفعال الخير. وقيل : هي هنا الصلوات الخمس تكفّر ما بينها ، وهو حسن لموافقة الحديث في ذلك. وقوله : (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ)(١١) أي يدفعون ما يرد عليهم من الكلام السيء بالكلام الحسن نحو : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً)(١٢). قوله : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)(١٣) تأنيث الأحسن ؛ فهي مفردة كقوله :

__________________

(١) ١٤٥ / الأعراف : ٧.

(٢) ١٨ / الزمر : ٣٩.

(٣) صحيح البخاري ، الإيمان : ٣٩.

(٤) ٥٠ / المائدة : ٥.

(٥) في الأصل : الجهلة ، ولعلها كما ذكرنا.

(٦) ٤٣ / العنكبوت : ٢٩.

(٧) ٥٥ / الذاريات : ٥١.

(٨) ٥٢ / التوبة : ٩.

(٩) وهذا رأي ثعلب (اللسان ـ مادة حسن).

(١٠) ١١٤ / هود : ١١.

(١١) ٢٢ / الرعد : ١٣.

(١٢) ٦٣ / الفرقان : ٢٥.

(١٣) ١٨٠ / الأعراف : ٧ ، و «الحسنى» هنا اسم تفضيل ، في حين أنها في آخر الصفحة السابقة مؤنثة للحسن.

٤٧٤

(مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى)(١) ، ولو كان في غير القرآن لجاز الحسن كقوله : (لَإِحْدَى الْكُبَرِ)(٢) ، ومعنى الآية ، أنّ المشركين كانوا يسمّون آلهتهم بما يقرب من أسمائه تعالى فيقولون : اللات والعزّى مقاربة لله والعزيز ، وهذا إلحاد في أسمائه. ونزل : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ)(٣).

قوله : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً)(٤) أي يحسن بهما حسنا. وقوله : (لِلنَّاسِ حُسْناً)(٥) أي ما فيه الحسن ، وقرىء حسنا أي كلاما أو قولا حسنا فاكتفي بالنّعت. ويجوز أن تكون القراءة كذلك لكن على حذف مضاف أي : قولا ذا حسن ، أو جعل القول معنى الحسن مبالغة (٦).

وقوله : (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ)(٧) باستقامة وسلوك طريق درج عليها سلفهم الصالح. قوله : (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)(٨) أي ممّن يحسن إلى خلق الله ، روي أنه كان ينصر المظلوم ويعود المريض ويصبّر المصاب. وقيل : «من المحسنين» لتعبير الرؤيا.

قوله : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ)(٩) يقال باعتبارين ؛ أحدهما : الإنعام على غيرك ، تقول : أحسنت إلى فلان. والثاني : باعتبار إحسانه في فعل شيء وإتقانه نحو : علمت علما حسنا ، وعملت عملا حسنا فقد أحسنت في ذلك. فالآية تحتمل الأمرين أي ما جزاء من أنعم على خلقي إلا أن أنعم عليه في دار كرامتي بما ذكرت قبل ذلك وبعده ، أو ما جزاء من أحسن في عبادتي وطاعتي فأدّاها على علم منه وحسن عمل إلا أن أحسن إليه في

__________________

(١) ٢٣ / طه : ٢٠.

(٢) ٣٥ / المدثر : ٧٤.

(٣) ١١٠ / الإسراء : ١٧.

(٤) ٨ / العنكبوت : ٢٩.

(٥) ٨٣ / البقرة : ٢.

(٦) وأما من قرأ «حسنى» فزعم الفارسي أنه اسم مصدر. وزعم الأخفش أن هذه القراءة خطأ لا يجوز أن يقرأ به (اللسان ـ مادة حسن).

(٧) ١٠٠ / التوبة : ٩.

(٨) ٣٦ / يوسف : ١٢.

(٩) ٦٠ / الرحمن : ٥٥.

٤٧٥

الآخرة أو في الدارين ؛ فإنّ كرمه واسع. وما أحسن ما رمز إليه أمير المؤمنين بقوله : «الناس أبناء ما يحسنون»! أي أنهم منسوبون إلى ما يعلمونه من العلوم أو الأعمال الحسنة ، فأمّا السيئة فإنّها لا نسبة إليها كولد الزّنا. إلا أن بعضهم فرّق بين الإحسان والإنعام ، قال : الإحسان أعمّ من الإنعام.

وقوله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ)(١) فالإحسان فوق العدل ، وذلك أنّ العدل هو أن يعطي ما عليه ويأخذ ماله ، والإحسان أن يعطي ما عليه ويأخذ أقلّ ممّا له ؛ فالإحسان زائد عليه. فتحرّي العدل واجب ، وتحرّي الإحسان ندب وتطوّع. قال : ولذلك عظّم ثواب المحسنين فقال : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(٢). وفي الحديث : «إنّ الله كتب الإحسان على كلّ شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة» (٣) سمّى ما يتحرّاه الإنسان من أحسن الطرائق إحسانا. وفي الحديث (٤) : «ما الإحسان؟ قال : أن تعبد الله» إلى آخره (٥) فجعله هذه الأعمال على وجهها إحسانا هو إحسان في الحقيقة إلى نفس العابد ، فإنّ المعبود لا ينقصه طاعة ، كما لا تضرّه معصية.

فصل الحاء والشين

ح ش ر :

قال تعالى : (وَحَشَرْناهُمْ)(٦) أي جمعناهم. والحشر : الجمع ، وقيل : الحشر : إخراج الجماعة عن مقرّهم وإزعاجهم عند الحرب وغيرها. وفي الحديث : «النساء لا

__________________

(١) ٩٠ / النحل :.

(٢) ١٩٥ / البقرة : ٢.

(٣) سنن الترمذي ، الديات : ١٤.

(٤) هو حديث الإيمان ، النهاية : ١ / ٣٨٧.

(٥) وتتمته : «كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» (النهاية : ١ / ٣٨٧).

(٦) ٤٧ / الكهف : ١٨.

٤٧٦

يعشرن ولا يحشرن» (١) فيه قولان : أحدهما : لا يخرجن إلى الغزو ، واختاره الهروي (٢). والثاني : لا يحشرن إلى المصدّق بل يأتي إليهنّ فيأخذ صدقاتهنّ ، وهو ضعيف ، لأنهنّ والرجال في ذلك سواء. ولا يقال الحشر إلا في الجماعة كقوله : (وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ)(٣) ، ولا يقال : حشرت زيدا ، قاله الراغب وليس بشيء (٤) لقوله : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى قالَ : رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي)(٥).

وسمي يوم القيامة يوم الحشر كما سمي يوم البعث ويوم النّشر والحشر ، يقال في الأناسيّ وغيرهم كقوله تعالى : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ)(٦)(وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ). وقالوا : حشرت السنة مال بني فلان ، أي أزالته عنهم. والحشر : الجلاء والإخراج ، ومنه قوله تعالى : (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ)(٧). قال القتيبيّ : هو الجلاء لأنّ بني النّضير هم أول من أخرج عن ديارهم وأجلوا عنها. وقال الأزهريّ : هو أول حشر إلى الشام ، ثمّ يحشر الناس إليها يوم القيامة. وفي الحديث : «انقطعت الهجرة إلا من ثلاث : جهاد أو نيّة أو حشر» (٨) أي لا هجرة إلا أن يجاهد ، أو ينوي تغيير منكر إن لم يقدر على إزالته بيده ، أو جلاء عن تلك الديار القائم بها المنكر. ورجل حشر الأذنين أي في أذنيه انتشار وحدّة.

ح ش ي (٩) :

وقوله تعالى : (وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ)(١٠) حاشا : حرف استثناء ، ومثله خلا وعدا ؛

__________________

(١) وفي ح : لا يعشرون ولا يحشرون ، وهو وهم. والحديث في النهاية : ١ / ٣٨٩.

(٢) وهو مذكور في النهاية.

(٣) ١٧ / النمل : ٢٧.

(٤) لم يرد ذكر هذا القول عند الراغب في مادة «حشر».

(٥) الآيتين ١٢٤ و ١٢٥ / طه : ٢٠.

(٦) ٥ / التكوير : ٨١.

(٧) ٢ / الحشر : ٥٩ ، نزلت في بني النضير.

(٨) النهاية : ١ / ٣٨٨.

(٩) ترد «حاشا» في كتب اللغة في مادة «حوش» انظر اللسان ، المفردات ... ويقول ابن الأثير : وذكره ابن الأثير في الياء ، وإنما هو من الواو.

(١٠) ٣١ / يوسف : ١٢.

٤٧٧

تقول : قام القوم حاشا زيد ، وعدا زيد ؛ بجرّ زيد ونصبه مع الثلاثة : إلا أنّ الأغلب حرفية حاشا وفعلية أخواتها. وقد ينصب بحاشا (١) على أنها فعل كقولهم : «غفر الله لي ولمن سمع دعائي حاشا الشيطان وابن الأصبغ» بنصب الشيطان وما عطف عليه. وأنشدوا (٢) : [من الوافر]

حشا رهط النبيّ فإنّ منهم

بحورا لا تكدّرها الدلاء

بنصب رهط. وقد تجر بعد [ها](٣) كقوله : [من الوافر]

أتجتاحهم قتلا وأسرا

عدا الشمطاء والطفل الصغير

والتزم سيبويه حرفية حاشا وفعليّة عدا (٤) ، والسماع يردّ عليه. وليس للردّ دليل على فعليتها. يقول النابغة (٥) : [من البسيط]

ولا أحاشي من الأقوام من أحد

لما بينّاه في موضع آخر. وتدخل «ما» على : عدا وخلا فتلتزم فعليّتها خلافا للجرميّ (٦). ولا تتصل بحاشا إلا في قليل ، وأصلها من الحشى وهو الناحية. فمعنى : قاموا حاشا زيدا أي جعلته في ناحية غير ناحيتهم ، / وتنوّن على أنها مصدر. ويقال فيها حاش بحذف الألف الأخيرة (٧) ، وحشى بحذف الوسطى ، وقد قرىء بذلك كلّه ، وحقّقنا الكلام في هذا الحرف في غير هذا الموضع. وأما عبارات أهل العلم في هذه الآية فقال المفسرون : معناه معاذا لله. وقال أبو بكر : أعزل فلانا من وصف القوم بالحشى ، أي

__________________

(١) وهو رأي المبرد ، والقول منسوب إلى رواية أبي عمرو الشيباني عن بعض العرب كما في شرح المفصل : ٨ / ٤٧.

(٢) أنشده الفراء كما في اللسان ، وفي الأصل : حاشا ، ولا يستقيم بها (مادة ـ حاشا).

(٣) إضافة المحقق.

(٤) انظر الكتاب : ٢ / ٣٠٩ و ٣٤٩. في حين أن الفراء يؤكد فعليتها ، وفيها ضمير يدل على الفاعلية.

(٥) من معلقة النابغة ، وصدره (الديوان : ١٣) :

ولا أرى فاعلا في الناس يشبهه

(٦) الجرمي هو صالح بن إسحاق ، الجرمي بالولاء. فقيه وعالم في اللغة والنحو من أهل البصرة وسكن بغداد. له «كتاب الأبنية» و «غريب سيبويه» ... توفي سنة ٢٢٥ ه‍.

(٧) وبها يستشهدون على فعليتها (شرح المفصل : ٨ / ٤٨) وهي قراءة الحماعة (حاش لله).

٤٧٨

بناحية ، ولا أدخله في جملتهم. وقال الأزهريّ : هي حرف استثناء ، واشتقاقه من قولك : كنت في حشى فلان ، أي ناحيته. وحاشيت فلانا ، وحشيته : نحّيته. قال : [من البسيط]

ولا أحاشي من الأقوام من أحد (١)

أي أنحّي ، ثم جعله (٢) ، وإن كان بمنزلة الإسم ، كسوى ، وقال ابن عرفة : يقال : حاش لله : أي بعيد من ذلك ، ومنه : نزلت بحياش البلاد ، أي بالبعد. قال الهرويّ : فجعله من باب الحاء والواو. قلت : يعني أنّ ذلك من قولهم : حاشه يحوشه : أي ضيّق عليه حتى أمسكه من بعد. ومنه : حشّ على الصّيد : أي جابه من أطرافه البعيدة.

والحشى : الرّبو. ورجل حشيان وحش ، وامرأة حشياء وحشية : أي أصابهما ذلك.

فصل الحاء والصاد

ح ص ب :

قوله تعالى : (حَصَبُ جَهَنَّمَ)(٣) ، الحصب ما يحصب به في النار ، أي يلقى فيها ، قاله أبو عبيد. وحصبته بكذا ، أي رميته به. وقال قتادة : أي حطب جهنم ، وبه قال عكرمة ، إلا أنّه قال : وهي لغة الحبشة (٤). قال ابن عرفة : إن أراد أنّها في الأصل كذا ثم تكلمت بها العرب واشتهرت في لغتها فذاك ، وإلا فليس في القرآن إلا عربيّ. وهذه مسألة خلاف مشهورة.

وقرىء بالضاد ـ معجمة ـ وهي ما تهيّج به النار.

وقوله : (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً)(٥) هي الريح القوية التي تقلع الحصباء وهي

__________________

(١) انظره في الصفحة السابقة.

(٢) في الأصل : جعل.

(٣) ٩٨ / الأنبياء : ٢١.

(٤) ذكر الفراء أنها في لغة أهل اليمن الحطب (اللسان ـ مادة حصب).

(٥) ٣٤ / القمر : ٥٤.

٤٧٩

صغار الحصى وكبارها (١). وقد يحصب بالبرد (٢) أيضا ، وأنشد للقطامي (٣) : [من الطويل]

تمرّ كمرّ الريح في كلّ غمرة

ويكتحل التالي بمور وحاصب

ومنه : «أمر بحصب المسجد» (٤) أي أن تجعل فيه الحصباء. والمحصّب : موضع [رمي](٥) الجمار ، سمي لما فيه من الحصباء. والتّحصيب : المبيت به (٦). والحصبة ـ بكسر العين ـ بمعنى الحاصب. قال لبيد (٧) : [من الرجز]

[جرّت عليها أن خوت من أهلها

أذيالها كلّ عصوف حصبه]

والحصبة والحصبة ـ بكسر العين وسكونها (٨) ـ بثر يخرج في الجلد معروف ؛ يقال منه : حصب جلده ـ بالكسر ـ يحصب ـ بالفتح ـ. وفي مقتل عثمان «تحاصبوا في المسجد» (٩) أي تراموا بالحصباء.

ح ص د :

قوله تعالى : (وَحَبَّ الْحَصِيدِ)(١٠) أي : حبّ الزرع الحصيد. والحصيد بمعنى المحصود ، والمراد ما يقتات به كالحنطة والشّعير والعدس والذرة. وأصل الحصد القطع للزرع ، ومنه استعير في الاستئصال والإهلاك ؛ يقال : حصدهم السيف ، وحصدهم الموت.

وقوله : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ)(١١) ، وحصاده بفتح الفاء وكسرها ، كالجداد

__________________

(١) وفي اللسان : «أي عذابا».

(٢) وفي الأصل : بالرد.

(٣) الديوان : ٥٠. التالي : التابع يعني الحمار.

(٤) النهاية : ١ / ٣٩٣ ، وفيه : «بتحصيب».

(٥) إضافة المحقق.

(٦) لأنهم ينامون فيه ساعة من الليل ، ثم يخرجون إلى مكة.

(٧) بياض موضع البيت ، ونقلناه من اللسان (مادة ـ حصب) ، والبيت غير مذكور في الديوان.

(٨) وفي اللسان : بفتحها أيضا.

(٩) النهاية : ١ / ٣٩٤.

(١٠) ٩ / ق : ٥٠.

(١١) ١٤١ / الأنعام : ٦.

٤٨٠