عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ - ج ١

الشيخ أحمد بن يوسف [ السمين الحلبي ]

عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن يوسف [ السمين الحلبي ]


المحقق: الدكتور محمّد التونجي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٩

النّقاخ : الماء (١) ، والبرد : النوم (٢). وعليه حمل قوله : (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً)(٣).

وقيل : البرد : الراحة نظرا إلى ما يجده الإنسان من لذاذة البرد في الحرّ. وعيش بارد أي طيب من ذلك. والأبردان : الغداة والعشيّ لكونهما أبرد أوقات النهار. والبرد : ما يتصلّب من ماء المطر لما يصيبه من البرد ، يقال : سحاب أبرد وبرد : ذو برد (٤). وقوله تعالى : (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ)(٥). قال ثعلب : فيه قولان أحدهما وينزّل من السماء أمثال الجبال من البرد (٦). وقيل : سمي بردا لأنّه يبرّد وجه الأرض أي يفسدها. وأبردت السحابة : جاءت ببرد. وفي الحديث : (٧) «أصل كلّ داء البردة» ، قال الهرويّ : يعني الطعام والتّخمة والثّقل على المعدة ، سمّيت بردة لأنّها تبرد المعدة فلا تستمرىء الطعام.

وقال الراغب : إنّ التّخمة سمّيت بذلك لأنها عارضة من البردة الطّبيعيّة التي تعجز عن الهضم. والبرود يقال للشيء الذي يبرد به ، فيكون بمعنى فاعل ، ومنه : ماء برود ، وللشيء الذي يبرّد فيكون بمعنى مفعول ، ومنه : ثغر برود ، وكحل برود وبردت الحديد : سحلته تشبيها ببردته أي قتلته. والبرادة : ما يسقط. والمبرد : الآلة التي يبرد بها /.

والبرد في الطريق : هم الذين يلزم كلّ واحد منهم موضعا منه معلوما. ثمّ قيل لكلّ سريع : بريد ، ومنه بريدا (٨) الطائر لجناحيه تشبيها بذلك.

وقوله : (كُونِي بَرْداً وَسَلاماً)(٩) أي ذات برد ضدّ حرارتها ، وذات سلامة لأنه ربّما

__________________

(١) الماء العذب كما في اللسان.

(٢) لعل الشاعر هنا يريد برد الريق.

(٣) ٢٤ / النبأ : ٧٨.

(٤) في الأصل : وبرد ، وهو وهم.

(٥) ٤٣ / النور : ٢٤.

(٦) سقط القول الثاني من الأصل ، ويقول ابن منظور : «والثاني وينزّل من السماء من جبال فيها بردا» ، وانظر الغريبين : ١ / ١٥١.

(٧) النهاية : ١ / ١١٥ ، وهو حديث ابن مسعود.

(٨) في الأصل : بريد ، ورأينا التثنية للسياق.

(٩) ٦٩ / الأنبياء : ٢١.

٢٠١

يتأذّى بالبرد. وفي التفسير : لو لم يقل : (وَسَلاماً) لهلك ببردها. وفي الحديث (١) : «إذا أبردتم إليّ بريدا» أي أرسلتم إليّ رسولا. ويقال : الحمّى بريد الموت. وقال الشاعر (٢) : [من الرجز]

رأيت للموت بريدا مبردا

وفيه (٣) : «لا أحبس البرد» و «لمّا لقيه بريدة (٤) صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال له : من أنت؟ قال : بريدة. قال : برد أمرنا» أي سهل ، وقيل : ثبت.

ب ر ر :

البرّ : خلاف البحر ، ولتصوّر التّوسّع فيه أطلق على التّوسّع في الجنة (٥) فقيل : البرّ وهو ضدّ الجور. قال تعالى : (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)(٦). ومنه برّ الوالدين وهو الإتساع في إكرامهما وطاعتهما. وقوله تعالى : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى)(٧) في الآية تنبيه على أنّ هذه هي أفعال البرّ قولا وعملا واعتقادا.

وقولهم : برّ في يمينه ، أي صدّقها في ما يحلف بها عليه. وقولهم في إجابة المؤذن عند التّثويب : «صدقت وبررت» أي فعلت البرّ. يقال : بررت بالكسر يبرّ بالفتح. وقوله : (وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ)(٨)(وَبَرًّا بِوالِدَتِي)(٩) ممّا تقدّم. وحجّ مبرور أي مقبول كأنك بررته أي أطعته. فمن ثمّ قيل : ويقال : رجل بارّ وبرّ ، فقيل بوصفه على حدة ، وقيل : مقصور من

__________________

(١) النهاية : ١ / ١١٦.

(٢) رجز ذكر في الغريبين : ١ / ١٥٢ ، وفي اللسان ، وفي تهذيب اللغة : ١٤ / ١٠٦.

(٣) أي من الحديث : «إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد» أي لا أحبس الرسل الواردين عليّ (النهاية : ١ / ١١٥).

(٤) هو بريدة الأسلميّ ، قاله (ص) لأبي بكر (النهاية : ١ / ١١٥).

(٥) يعرفه الراغب بقوله : التوسع في فعل الخير. وانظر التحليل بعد صفحة في النص.

(٦) ٢٨ / الطور : ٥٢.

(٧) ١٨٩ / البقرة : ٢.

(٨) ١٤ / مريم : ١٩.

(٩) ٣٢ / مريم : ١٩.

٢٠٢

بارّ ، والجمع أبرار. قال تعالى : (إِنَّ الْأَبْرارَ)(١)(إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ)(٢). فالأبرار يجوز ان يكون جمعا لبارّ نحو : صاحب وأصحاب ، أو لبرّ نحو ربّ وأرباب. قال الراغب : وجمع البارّ (٣) أبرار وبررة. وقال تعالى في وصف الملائكة : (كِرامٍ بَرَرَةٍ)(٤). ف «بررة» خصّ بها الملائكة في القرآن من حيث إنه أبلغ من «أبرار» فإنه جمع برّ ، وهو أبلغ من «بار» ، كما أن عدلا أبلغ من عادل. قلت : هذا بناء منه على أنّ «برّا» مصدر في الأصل وهو مسموع بل وصف بزنة فعل كصعب وضخم وثمّ.

والبرّ : الحنطة لكونه أوسع الأطعمة.

والبرير : ثمر الأراك تشبيها بالبرّ في الأكل. والبربرة : حكاية لصوت كثرة الكلام. وقولهم : «لا يعرف الهرّ من البرّ» (٥) من ذلك. وفي الحديث : «لهم تغذمر وبربرة» (٦) ، التّغذمر : التكلم بكلام فيه كثرة ، والبربرة : حكاية الصوت (٧). وقيل : هو البرّ المعروف. وأبرّ على صاحبه : زاد عليه في ذلك. وأبررت : صرت ذا بر في يميني.

وقوله : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ)(٨) قال الهرويّ : هو الجنة. قلت : هذا ممّا فسّر فيه الشيء بغايته أو بما تسبّب عنه ، فإنّ الجنة غاية البرّ ومتسبّبة عنه ، كما قررت عليه أول هذا الموضوع.

وقوله : (أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ)(٩) يريد بسعة الإحسان وكثرة العبادة. ومنه : البريّة ، عند قوم لإتّساعها.

__________________

(١) ٥ / الانسان : ٧٦.

(٢) ١٨ / المطففين : ٨٣.

(٣) في الأصل : لبار وأبرار ، وصوّبناه من المفردات : ٤١.

(٤) ١٦ / عبس : ٨٠.

(٥) هذا من كلام العرب السائر ، ومعناه : لا يعرف من يكرهه ممن يبرّه ، وقيل : الهرّ هو السنّور والبرّ : هو الفأر أو دويّبة تشبهها في إحدى اللغات ، وقيل غير ذلك.

(٦) من حديث الإمام علي مع أهل الطائف (اللسان ـ مادة برر) ولم يشرح التغذمر.

(٧) وفي اللسان : البربرة : التخليط في الكلام مع غضب ونفور ، وهو أقرب.

(٨) ٩٢ / آل عمران : ٣.

(٩) ٤٤ / البقرة : ٢.

٢٠٣

ب ر ز :

البروز : الكشف والظهور ، ومنه البراز : الأرض المكشوفة الفضاء.

وبرز : حصل في البراز. والمبارزة في الحرب أن (١) يبرز للغريم لأنه يظهر نفسه ويبرز بها من الصّفّ. وقد يكون البروز بالذات نحو : (وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً)(٢) ، ومنه : (وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ)(٣). وفيه تنبيه (٤) أنهم لم يخف منهم عليه شيء ، وإنّ الأرض ليس عليها بناء ولا جبل ولا ساتر ، بل هي فضاء مكشوفة.

وبرز فلان : كناية عن التغوّط. وعدل مبرز العدالة أي مظهرها لما يتعاطاها من صفاتها الظاهرة. وامرأة برزة : إذا كانت تبرز ، ويقال : هي العفيفة لأنّ العفّة رفعتها ، لا أنّ اللفظة اقتضت ذلك ، قاله الراغب (٥).

وفي حديث أمّ معبد : «كانت امرأة برزة تحتبي بفناء القبّة» (٦). قال الهرويّ : البرزة الكهلة التي لا تحتجب احتجاب الشّوابّ ، وهي مع ذلك عفيفة. ورجل برز إذا كان منكشف الحال. قال العجاج (٧) : [من الرجز].

برز وذو العفافة البرزيّ

وذهب إبريز : خالص ظاهر الجودة. وفي الحديث : «ومنه ما يخرج كالذّهب الإبريز» (٨) يقال : إبريز وإبريزيّ.

ب ر ز خ :

والبرزخ : هو الحاجز بين الشّيئين. قال تعالى : (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ)(٩) أي بينهما فاصل

__________________

(١) وفي س : وأن.

(٢) ٤٧ / الكهف : ١٨.

(٣) ٤٨ / إبراهيم : ١٤.

(٤) بياض في ح ، وفي س : منبه ، ولعلها كما ذكرنا.

(٥) المفردات : ٤٣.

(٦) النهاية : ١ / ١١٧.

(٧) الديوان : ١ / ٤٩٣.

(٨) النهاية : ١ / ١٤.

(٩) ٢٠ / الرحمن : ٥٥.

٢٠٤

وحاجز ، فلا يبغي (١) هذا على كلّ حاجز بين شيئين فهو مومق وبرزخ ، فهما في رأي العين مختلطان ، وفي قدرته منفصلان. فهذا معنى قوله : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ)(٢).

وقوله : (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ)(٣) أي حاجز بين الدنيا والأخرى ، وهو مدة لبثهم في القبور. فقيل : هو البرزخ إلى يوم القيامة ، وهو الحائل (٤) بين الناس وبين المنازل الرفيعة ، وذلك إشارة إلى قوله : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ)(٥). وبتلك العقبة موانع لا يصل إليها إلا الصالحون. وقد فسّرها تعالى بقوله : (فَكُّ رَقَبَةٍ)(٦). فسمّى هذه الأشياء عقبة لمشقّتها على الأنفس.

وأصل برزخ : برزه (٧) فعرّبته العرب ، نصّ عليه الراغب. وفي حديث عليّ أنّه «صلّى (٨) بقوم فأسوى (٩) برزخا» ، قال أبو عبيد : أسوى : أسقط ، والمراد بالبرزخ : الذي أسقطه من ذلك الموضع إلى الموضع الذي انتهى إليه من القرآن.

ب ر ص :

البرص ؛ داء معروف عسر الزوال أو ممتنعه ، ولذلك جعل زواله معجزة لعيسى عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ)(١٠). وقيل للقمر أبرص لتلك النكتة المشار إليها في قوله (١١) : [من الطويل]

__________________

(١) لعله يريد : هذا على ذاك وكلّ.

(٢) ١٩ و ٢٠ / الرحمن : ٥٥.

(٣) ١٠٠ / المؤمنون : ٢٣.

(٤) في الأصل : الإحالة ، ولعل الصواب ما ذكرنا.

(٥) ١١ / البلد : ٩٠.

(٦) ١٣ / البلد : ٩٠.

(٧) في الأصل : برز ، ولعل الصواب ما ذكرنا. والكلمة الأعجمية المختومة بهاء غير ملفوظة (عندهم) تحوّل هاؤها لدى التعريب إلى قاف أو خاء أو جيم.

(٨) ساقطة من الأصل فأضفناها من النهاية (١ / ١١٨) ومن اللسان (مادة ـ برزخ).

(٩) في الأصل : فاستوى ، والتصويب من النهاية واللسان.

(١٠) ٤٩ / آل عمران : ٣.

(١١) في الأصل : في آخر وجه ، وبها لا يستقيم.

٢٠٥

وذي شامة سوداء في آخر الوجه

مجلّلة لا تنقضي لزمان

والبريص : اللمعان ، وبه شبّه البرص. وسامّ أبرص : دويبّة معروفة ، وقد سميت بذلك لبريص لونها (١). ومقلوبه : البصرة ، وهي الحجارة التي فيها بصيص.

والبرص : أبغض شيء ، ولذلك سمّوا جذيمة الأبرش (٢) ، وإنّما هو الأبرص ، إلا أن العرب هابته وكرهوا التلفظ به فغيّرته.

ب ر ق :

البرق : لمعان يشبه النار. واختلف فيه ، فقيل : هو لمعان السحاب ، وقيل : شرر يخرج من اصطكاك الأجرام. وقيل : هو سوط يزجر به الملك السحاب ، كما يزجر الإبل سائقها وقد استوفينا فيه القول في التفسير.

ويقال : برق الشيء وأبرق أي لمع ، ومنه البوارق : السيوف. وفي حديث : «الجنة تحت البارقة» (٣) أي السيف يعني الجهاد. وأبرق بسيفه أي ألمع به.

وقوله : (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ)(٤) تقرأ بفتح الراء وكسرها (٥) أي حار من الفزع والدّهش. ومنه ما كتب به عمر وإلى عمر (٦) : «إنّ البحر [خلق](٧) عظيم يركبه خلق ضعيف ، دود على

__________________

(١) لم تذكر المعاجم سبب تسمية هذه الدويبة. والاسم مضاف غير مركب ولا مصروف. ويقولون : هما اسمان جعلا اسما واحدا إن شئت أعربت الأول وأضفته إلى الثاني ، وإن شئت بنيت الأول على الفتح وأعربت الثاني إعراب ما لا ينصرف (اللسان ـ برص).

(٢) هو جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم التنوخي القضاعي ، يقال له الوضّاح والأبرش (توفي نحو ٣٦٦ ق. ه). ثالث ملوك الدولة التنوخية في العراق ، فملك الحيرة والأنبار والرقة و.. طمع باحتلال مشارف الشام فحاربه ملكها عمرو بن الظرب (أبو الزباء) فقتله وانتهب ملكه. فجمعت الزباء جند أبيها عمرو وراسلت جذيمة فجاءها فقتلته ثأرا لأبيها (الكامل : ١ / ١١٩ ، تاريخ اليعقوبي : ١ / ١٦٩ ، الأعلام : ٢ / ١٠٥).

(٣) هو حديث عمار بن ياسر ، ويعني : «الجنة تحت البارقة» (النهاية : ١ / ١٢٠).

(٤) ٧ / القيامة : ٧٥.

(٥) كما تقرأ «بلق» باللام (مختصر الشواذ : ١٦٥) ، وذكر فتح الراء الراغب في (المفردات : ٤٣).

(٦) الكلمتان ساقطتان من س.

(٧) إضافة من النهاية : ١ / ١٢٠.

٢٠٦

عود بين غرق وبرق» البرق : الدّهش والفزع ، ومنه حديث ابن عباس : «لكلّ داخل برقة» (١) أي دهشة.

وقوله : (يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً)(٢) أي خوفا للمسافر وطمعا للمقيم. وتصوّر من البرق تارة اختلاف اللون ، فقيل : البرقة : الأرض مختلفة ألوان الحجارة ، ومنه قول طرفة : [من الطويل]

لخولة أطلال ببرقة ثهمد

ظللت بها أبكي وأبكي إلى الغد (٣)

والأبرق : المكان ذو البرقة. وقال الهرويّ : يقال للمكان الذي خلط ترابه حصىّ : أبرق وبرقة. قلت : ولذلك قيل للشاة التي في خلال لونها الأبيض طاقات سود برقاء ، وفي الحديث : «أبرقوا فإنّ دم عفراء أزكى عند الله من دم سوداوين» (٤) أي ضحّوا بالبرقاء. والأبرق أيضا : جبل فيه سواد وبياض /. وسميت العين برقاء لذلك ، وناقة بروق منه لأنها تلمع بذنبها.

ومن ذلك : برق طعامه أي جعل فيه شيء من زيت أو سمن يلمع به. وقيل ذلك في قوله عليه الصلاة والسّلام : «أبرقوا» أي اطلبوا الدّسم والسمن الذي يبرق به الطعام ، وتصوّر به من البرق ما يظهر من تخويفه ، فقيل : أبرق فلان وأرعد إذا تهدّد ، قال الشاعر .. (٥) والبروق : شجر يخضرّ لمجرّد رؤية السحاب ، وفي المثل : «أشكر من بروق» (٦).

__________________

(١) النهاية : ١ / ١٢٠.

(٢) ١٢ / الرعد : ١٣.

(٣) الصدر مطلع معلقته ، أما العجز فلبيت منسوب إليه (انظر الحاشية الثانية ص ٩٥ من شرح القصائد العشر).

(٤) النهاية : ١ / ١١٩.

(٥) فراغ في الأصل ، ولعل شاهده لابن الأحمر كما في اللسان ـ مادة برق :

يا جلّ ما بعدت عليك بلادنا

وطلابنا ، فابرق بأرضك وارعد

(٦) المثل مذكور في (المستقصى : ١ / ١٩٦) وفيه «بروقة» ، لكن الزمخشري يختلف عن السمين في تعريف الشجرة فيقول : «هي شجيرة تخضرّ إذا غامت السماء ، وتهلك إذا جيدت».

٢٠٧

والبراق : دابّة يركبها الأنبياء عليهم‌السلام وقد ركبها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كأنه سمّي بذلك لسرعته كسرعة البرق. وفي الحديث : «يضع حافره حيث ينتهي بصره» (١).

والإبريق : معروف وهو ما له عروة بخلاف الكوب فإنّه لا عروة له ، وسمّي بذلك لبريقه (٢). وفي حديث صفية : «كأنّ عنقه إبريق فضة» (٣) وجمعه أباريق ، قال تعالى : (وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ)(٤). وقال الشاعر : (٥) [من البسيط]

أفنى تلادي وما جمّعت من نشب

قرع القواقيز أفواه الأباريق

والإبريق : إفعيل ، والأباريق : أفاعيل. وبرق نجدة : علم لشخص بعينه ، وأصله جملة فعلية .. (٦) وشاب قرناها وتأبّط شرا.

ب ر ك :

البركة : كثرة الخير وتزايده. وقيل : إقامة الخير ، من برك البعير (إذا برك في مكانه وثبت في مبركه. ومنه : بركة الماء لثبوت الماء فيها ، وخصّت البركة بثبوت الخير الإلهي والفيض الرّبانيّ. وأصل ذلك كلّه) (٧) من برك البعير وهو صدره (٨) وتصوّر منه اللزوم فقيل : ابتركوا في الحرب ،. وبراكاء الحرب وبراكاؤها (٩) لموضعها الذي يلزمه الأبطال.

وابتركت (١٠) الدابة : وقفت لتبرك ، وقوله تعالى : (لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ

__________________

(١) ورواية الحديث في صحيح مسلم باب الإيمان : «يضع حافره عند منتهى طرفه».

(٢) الصواب أن الإبريق فارسية ، راجع كتابنا «معجم الألفاظ الفارسية المعربة» ، ويؤيدنا ابن منظور.

(٣) رواه ابن سعد وأبو نعيم والبيهقي (سبل الهدى والرشاد : ٢ / ٦١).

(٤) ١٨ / الواقعة : ٥٦.

(٥) البيت للأقيشر الأسدي ، وهو من الشواهد النحوية المشهورة (مغني اللبيب : ٥٣٦ ، أوضح المسالك : ٢ / ٢٤٤) واسم الشاعر المغيرة بن عبد الله.

(٦) كلمة غير واضحة في الأصل. وحديثه عن الأسماء المرتجلة المكونة من جمل.

(٧) الكلام ساقط من س.

(٨) وفي س : تصدره.

(٩) في الأصل : بركاء الحرب وبركاؤها. ويضيف الراغب : «وبروكاؤها» (المفردات : ٤٤).

(١٠) في الأصل : وأبركت ، والتصويب من المفردات.

٢٠٨

وَالْأَرْضِ)(١) فبركات السماء : مطرها ، وبركات الأرض : نباتها. والمبارك : اسم مفعول من ذلك وهو ما فيه البركة. قال تعالى : (وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ)(٢)(فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ)(٣) ذلك لما فيه من أصول الخيرات الثابتة الدنيوية والدينية ، وكلّ ما لا يتحقّق فيه زيادة فيحصل في متعلقاته إذا فسّرناها بالزيادة. فقولنا تبارك وتعالى أي تزايد خيره على خلقه ، و (فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) أي كثر خيرها لأنها مدّ في زمانها. قال الأزهريّ : تبارك أي تعالى وتعاظم. ابن عرفة : هو تفاعل من البركة وهو الكثرة والإتساع. قلت : يريد ما ذكرته ، ولا يقال ذلك إلّا لله تعالى ، فلا يقال : تبارك فلان ، نصّ عليه أهل العلم.

قال الراغب : وكلّ موضع ذكر فيه لفظة «تبارك» فهو تنبيه على اختصاصه بالخيرات المذكورة مع ذكر تبارك وقوله : (وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ) تنبيه على ما يقتضيه من الخيرات الإلهية. وقوله : (وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً)(٤) إشارة إلى قوله : (فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ)(٥) وقوله : (أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً)(٦). أي مكانا يوجد فيه الخير الإلهيّ يصدر من حيث لا يحسّ وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر. قيل : كلّ ما شاهد منه زيادة غير محسوسة ، قيل لتلك الزّيادة بركة ولما هي فيه مبارك. وإلى هذا أشار عليه الصلاة والسّلام : «ما ينقص مال من صدقة» (٧) لا إلى النقصان المحسوس كما أشار إليه بعض الزنادقة ، وقد قيل له ذلك [فقال :](٨) بيني وبينك الميزان.

وقوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً)(٩) إشارة إلى ما يفيضه علينا من نعمه المتكاثرة قال الراغب : بواسطة هذه النجوم والنّيرات. وقوله تعالى : (بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها)(١٠) ، يقال : بورك الشيء وبورك فيه.

__________________

(١) ٩٦ / الأعراف : ٧.

(٢) ٥٠ / الأنبياء : ٢١.

(٣) ٣ / الدخان : ٤٤.

(٤) ٩ / ق : ٥٠.

(٥) ٢١ / الزمر : ٣٩.

(٦) ٢٩ / المؤمنون : ٢٣.

(٧) صحيح الترمذي ، باب الزهد ، الحديث : ١٧ ، وفيه : «.. مال عبد ..».

(٨) ساقط من الأصل ، أضفناه من مفردات الراغب : ٤٤.

(٩) ٦١ / الفرقان : ٢٥.

(١٠) ٨ / النمل : ٢٧.

٢٠٩

ب ر م :

قوله تعالى : (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً)(١). إبرام الأمر : إحكامه ، وأصله من أبرمت الحبل أي فتلته فتلا محكما فهو مبروم وبريم ، أبرمته فبرم. قال زهير : [من الطويل]

لعمري (٢) لنعم السيّدان وجدتما

على كلّ حال من سحيل ومبرم

ومنه قيل لمن لا يدخل معهم في [الميسر](٣) : برم. كما سمّوا البخيل (٤) مغلول اليد.

ورجل مبرم أي ملحّ شديد تشبيها لمن برم الحبل. وكلّ ذي لونين من سواد وبياض : بريم تشبيها بالحبل [ذي الطّاقين](٥) ، بيض وسود. وغنم بريم لذلك.

والبرمة : القدر من ذلك لإحكامها. برمة وبرام (٦). نحو : حفرة وحفار (٧) وجعل على بناء المفعول نحو ضحكة وهزأة (٨) أي يضحك منه. كذلك القدر مبرمة أي محكمة. وفي حديث خزيمة : «أينعت العنمة وسقطت البرمة» (٩). قال الهرويّ : البرمة ثمر الطّلح (١٠) ، والجمع برم. ومنه «ملأ الله سمعه من البرم» (١١).

قال الأزهريّ : البرم الكحل (١٢) المذاب والآنك (١٣). ومنه البيرم. والبيرم في غير

__________________

(١) ٧٩ / الزخرف : ٤٣.

(٢) في شعر زهير (ص ١٥) وشرح القصائد التسع (١ / ٣١٨) : يمينا.

(٣) فراغ في الأصل أضفناه من قاموس المحيط والمفردات. السحيل : الخيط المفرد ، والمبرم : المفتول. ويقول الشنتمري : قوله «من سحيل ومبرم» يقول : على كل حال من شدة الأمر وسهولته.

(٤) في الأصل : المتخبّل ، ولعل الصواب ما ذكرنا.

(٥) فراغ في الأصل ، ولعل السياق يناسب ما ذكرنا.

(٦) ويعني : برمة جمعها برام.

(٧) وفي المفردات (ص ٤٥) : حضرة وحضار.

(٨) يطرد في كلام العرب قولهم : ضحكة و ـ بسكون العين ، غير أن شارح المفردات فتحها فوهم.

(٩) النهاية : ١ / ١٢١.

(١٠) وفي النهاية : زهر الطلح.

(١١) ورواية ابن الأثير : «.. صبّ في أذنيه البرم» (النهاية : ١ / ١٢١).

(١٢) فراغ قدر كلمة في الأصل ، أضفناه من اللسان والقاموس (مادة ـ برم) ومن النهاية.

(١٣) لم نجد هذه اللفظة في شرح البرم بالمظانّ ، وهي فارسية معناها الرصاص.

٢١٠

هذا : عتلة (١) النجّار. والبيرم : البرطيل ، حجارة عريضة (٢)

ب ر ه ن :

البرهان : هو الدليل القاطع ، فهو أخصّ من الدليل الواضح. قال الراغب : (٣) والبرهان أوكد الأدلّة ، وهو ما يقتضي الصدق أبدا لا محالة ، ودلالة تقتضي الكذب أبدا ، ودلالة إلى الكذب أقرب ، ودلالة لهما على السواء. واختلفوا في نونه هل هي أصلية أم زائدة؟

قال الهرويّ : هو رابعيّ ، ولذا ترسم مادته بباء وراء وهاء ونون. ويؤيده قولهم : برهن يبرهن برهنة ، فتثبت النون في تصاريفه. إلا أنّ الظاهر زيادتها اشتقاقا من البره ، وهو بياض. يقال : بره يبره : إذا أبيضّ. ورجل أبره ، وامرأة برهاء ، وقوم بره أي بيض ، وامرأة برهرهة أي شابّة بيضاء. فسمي الدليل الواضح بذلك لظهوره وسطوعه بجلاء بياضه (٤) وإضاءته ، ولذلك وصفوه بالساطع والنيّر في قولهم : برهان ساطع نيّر فهو مصدر لبره ويبره كالرّجحان والنّقصان. فيكون وزنه على الأول فعلالا وعلى الثاني فعلانا : قال امرؤ القيس : [من الطويل]

برهرهة (٥) بيضاء غير مفاضة

ترائبها مصقولة كالسّجنجل

قيل : جمع بين اللفظين لمّا اختلفا.

ب ر ي :

البريّة هي الخلق ، مشتقّة من البرى أي بفيه التراب ، كقولهم : رغم أنفه. والبرى أيضا

__________________

(١) الكلمة فارسية.

(٢) البرطيل : حجر أو حديد طويل صلب خلقة تنقر به الرحى.

(٣) المفردات : ٤٥. وشاهده : (قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ).

(٤) في الأصل : البياضة. ويصف ابن الأثير البرهرهة فيقوال : «كأنها ترعد رطوبة» (النهاية : ١ / ١٢٢).

(٥) رواية الديوان (ص ٣٤) : مهفهفة ، وهي في الأصل : برهوهة.

٢١١

الورى عند من لم يهمز. والبرى أيضا التراب. ومنه قولهم : بفي فلان البرى (١) ، من ذلك الحديث : «اللهمّ صلّ على محمد عدد البرى» يجوز أن يراد به التراب (٢) ، أو الورى جميعهم. وقد تقدّم أنه يجوز أن يكون البريّة (٣) أصلها الهمز.

فصل الباء والزاي

ب ز غ :

البزوغ : الطلوع مفاجأة ، من ذلك (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً)(٤) أي طالعا منتشر الضّوء ، وبزغ ناب الصبيّ : تشبيها به. وأصله من بزغ البيطار الدابة (٥) أي أسال (٦) دمها فبزغت (هي. فبزغ) (٧) يكون قاصرا ومتعديا. يقال : بزغت الشمس تبزغ بزوغا ، وبزقت تبزق بمعناه. وفي حديث خيبر «أتيناها حين بزقت الشمس وبزغت» (٨).

فصل الباء والسين

ب س ر :

البسر : تقطيب الوجه وعبوسته من الكراهة /. ومنه قوله تعالى : (باسِرَةٌ)(٩)

__________________

(١) جملة تقال في الدعاء عليه.

(٢) حديث علي بن الحسين (رضي) ، وهو في النهاية : «.. عدد الثرى والبرى والورى» (١ / ١٢٣)

(٣) الصواب أن البرى هنا التراب ، انظر الحاشية السابقة.

(٤) ٧٧ / الأنعام : ٦.

(٥) وفي اللسان : بزغ البيطار أشاعر الدابة ، وهو أصوب.

(٦) وفي الأصل : سال ، والسياق يقتضي التعدية.

(٧) ساقط من س.

(٨) لعله يقصد الحديثين وهما : «حين بزغت الشمس» ، وحديث أنس : «أتينا أهل خيبر حين بزقت الشمس» فدمجهما (النهاية : ١ / ١٢٥).

(٩) ٢٤ / القيامة : ٧٥.

٢١٢

ولذلك قابلها بقوله : (وُجُوهٌ [يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ] ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ)(١) وقوله : (ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ)(٢). كرّر ذلك ، لأنّ البسر أخصّ لدلالته على شدّة الكراهة. وأصل ذلك كلّه أنّ البسر استعجال الشيء قبل حينه. يقال : بسر الرجل حاجته أي طلبها قبل أوانها ، فمعنى عبس وبسر : أظهر العبوس (٣) قبل وقته. وقيل لما لم يدرك من البلح : بسر ، لذلك (٤).

فإن قيل : قوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) ليس يفعلون ذلك قبل الوقت. وقد قلت : إنّ ذلك يكون قبل وقته. قيل : إشارة إلى حالهم قبل الإنتهاء بهم إلى النار. فخصّ لفظ البسر تنبيها أنّ ذلك مع ما ينالهم من بعد يجري مجرى التكلّف (٥) ، ومجرى ما يفعل قبل وقته. ويؤيّد هذا قوله تعالى : (تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ)(٦). وفي الحديث : «كانت تلقاني مرة بالبشر ومرة بالبسر» (٧) ، البسر كما تقدّم : القطوب. وفيه : «كان إذا نهض في سفرته قال : اللهمّ بك ابتسرت ، وإليك توجّهت» (٨) ابتسرت : بدأت سفري ، وكلّ ما أخذته غضّا فقد بسرته.

والبسر أيضا : انتباذ التّمر مع البسر ، فيلقى على التمر. والبسر : تقاضي الدّين قبل أجله. وعصر الدّمل قبل تقيّحه ، وهو من الاستعجال كما تقدّم. والبسر أيضا : ضرب الفحل للناقة على غير ضبعة (٩). ومنه قول الحسن للوليد (١٠) : «لا تبسر» (١١) أي لا تحمل

__________________

(١) ٣٩ / عبس : ٨٠.

(٢) ٢٢ / المدثر : ٧٤.

(٣) وفي الأصل : العبوسة.

(٤) في الأصل : الموت ، والمعنى يقتضي ما ذكرنا.

(٥) الكلام منقول من المفردات : ٤٦ ، من غير إشارة.

(٦) ٢٥ / القيامة : ٧٥.

(٧) هو حديث سعد حين أسلم وراغمته أمه (النهاية : ١ / ١٢٦).

(٨) النهاية : ١ / ١٢٦.

(٩) الضّبع والضبعة : شدة شهوة الفحل للناقة.

(١٠) في النهاية (١ / ١٢٦) أن الحسن قاله للوليد التيّاس.

(١١) هذا ضبط النهاية ، أما ضبط اللسان فبضم الأول وكسر الثالث.

٢١٣

على الشاة وليست بصارفة ، ولا على الناقة وليست بضبعة المشتهية للنّزوان.

ب س س :

البسّ : الفتّ. قال تعالى : (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا)(١) أي فتّت وتحطّمت ومنه : بسست الحنطة والخبز ، ومنه سميت مكة الباسّة ، لأنها تحطّم الملحدين فيها (٢).

وقيل : بسست الإبل وأبسستها أي سقتها (٣) ، وأصلها أن يقال لها : بس بس تزجر بذلك لتسرع. ومنه : انبسّت الحية : انسابت انسيابا سريعا. وبسست الناقة أيضا (٤) قلت لها ذلك عند الحلب لتدرّ. ومنه ناقة بسوس أي لا تدرّ إلا على بساس. فيكون قوله : (بُسَّتِ الْجِبالُ) موافقا لقوله : (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ)(٥) وفي الحديث : «يخرج قوم من المدينة إلى الشام والعراق يبسّون والمدينة خير لهم» (٦) أي يسرعون.

وقيل : بسّت : نسفت ، لقوله : (فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً)(٧).

ب س ط :

البسط : الإتساع في الشيء. ومنه بسط الرزق ، والبساط : المفترش من ذلك لإتّساعه ، فعال بمعنى مفعول. قال تعالى : (جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً)(٨). والبسط : النّشر يقابل القبض. وبسيط الأرض : مبسوطها.

__________________

(١) ٥ / الواقعة : ٥٦.

(٢) وانظر معجم أعلام القرآن (مادة ـ مكة) لترى أسماءها كلها.

(٣) والمعنى في المفردات (٤٦) : زجرتها عند السّوق ، وهو أقرب.

(٤) وأبسستها.

(٥) ٢٠ / النبأ : ٧٨.

(٦) النهاية : ١ / ١٢٦.

(٧) ١٠٥ / طه : ٢٠.

(٨) ١٩ نوح : ٧١.

٢١٤

وقوله : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ)(١) أي وسّعه عليهم ونشره فيهم. وقوله : (وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ)(٢) أي إنبساطا وتوسّعا في العلم وطولا وتماما في الجسم. وقيل : بسطة في العلم إن انتفع بالعلم ونفع به غيره. ولا شكّ في زيادة ذلك.

وبسط اليد وقبضها كناية عن الجود والبخل. ومنه : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ)(٣) وقوله : (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ)(٤) تعبير عن التّبذير والإسراف المنهيّ عنهما. وقوله : (كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ)(٥) مثل في الدّعاء غير المتقبّل ، وفي المثل : «كالقابض على الماء» (٦).

وقد يراد ببسط اليد الصّولة والضّرب والأذى ، ومنه : (وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ)(٧)(وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ)(٨).

والبسط : (٩) الناقة التي تترك مع ولدها كأنها مبسوطة عليه ، كالنّقض والنّكث بمعنى المنقوض والمنكوث ، وقد أبسط ناقته (١٠). وفي حديث وفد كلب «أنه كتب لهم كتابا فيه : [عليهم في](١١) الهمولة الراعية البساط الظّؤار (١٢)». يروى البساط بكسر الباء وضمّها ، فبالكسر جمع بسط للناقة المذكورة نحو قدح وقداح. وبالضمّ جمعها أيضا نحو ظئر وظؤار (١٣). ويقال : ناقة بسوط.

__________________

(١) ٢٧ / الشورى : ٤٢.

(٢) ٢٤٧ / البقرة : ٢٣.

(٣) ٦٤ / المائدة : ٥.

(٤) ٢٩ / الإسراء : ١٧.

(٥) ١٤ / الرعد : ١٣.

(٦) المستقصي : ٢ / ٢٠٨ : يضرب لمن ليس بيده شيء مما أخذ.

(٧) ٩٣ / الأنعام : ٦.

(٨) ٢ / الممتحنة : ٦٠.

(٩) في اللسان بضم الباء وكسرها ، وفي المفردات بفتحها.

(١٠) أي تركها مع ولدها.

(١١) الإضافة من اللسان والنهاية : ١ / ١٢٧.

(١٢) في الأصل : الطوال ، والتصويب من اللسان والنهاية. والهمولة : الإبل الراعية.

(١٣) وذكر ابن منظور أنها ثلاثية ، وبالفتح : الأرض الواسعة.

٢١٥

ب س ق :

البسوق : الطّول. وقوله تعالى : (وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ)(١) أي طوال. وبسق فلان الناس (٢) أي طالهم وزاد عليهم في الفضل وحسن الذّكر. وفي حديث محمد ابن الحنفية : «قلت لأبي : كيف بسق أبو بكر أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟» أي كيف فاقهم؟ (٣).

وأما بسق وبصق أي ألقى ريقه فأصله بزق. ومنه بسقت الناقة أي وقع (٤) في ضرعها لبن قليل كالبساق (٥) وليس من الأصل (٦).

ب س ل :

البسل : منع الشيء وإنضمامه. ولدلالته على المنع قيل للمحرّم والمرتهن : المبسل. ومنه قوله تعالى : (أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ)(٧) أي تمنع الثواب أو هي مرتهنة بكسبها. ومنه قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)(٨). وقيل : «تبسل» نفس أي تسلم للهلكة.

والمستبسل (٩) : الذي يقع في مكروه ولا مخلص له منه. وأبسل فلان بجريرته أي أسلم للتّهلكة. وقوله : (أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا)(١٠) يحتمل كلّ ذلك ، ولتضمّنه معنى

__________________

(١) ١٠ / ق : ٥٠.

(٢) تتعدى بسق بعلى ، والصواب أن يقول : على الناس ، يقول ابن منظور : «بسق على قومه : علاهم في الفضل».

(٣) النهاية : ١ / ١٢٨ ، وفيه : أي كيف ارتفع ذكره دونهم.

(٤) في الأصل : ولع ، وهو وهم.

(٥) في الأصل : البساق ، وصوّبناه من المفردات : ٤٦.

(٦) في الأصل : الأول ، وصوبناه من المفردات.

(٧) ٧٠ / الأنعام : ٦.

(٨) ٣٨ / المدثر : ٧٤.

(٩) في الأصل : المبتسل.

(١٠) ٧٠ / الأنعام : ٦.

٢١٦

الإنضمام استعير لتقطّب الوجه ، فقيل : شجاع باسل أي كريه الوجه مقطّبه. وأسد باسل من ذلك.

والبسل وإن كان بمعنى الحرام إلا أنه أخصّ من الحرام ، لأنّ الحرام يقال في الممنوع بقهر وبغيره ، والبسل لا يقال إلا في الممنوع بقهر ، وقيل للشجاعة البسالة (١) إمّا لأنّ الشجاع يوصف وجهه بالعبوس ، وإمّا لكونه محرّما على أقرانه لشجاعته ، وإما لأنه [وضع] ما تحت يده من أعدائه.

وأبسلت المكان : جعلته بسلا أي محرّما على غيري. والبسلة : أجرة الراقي ، لأنّهم اشتقّوا ذلك من لفظه حيث يقول : أبسلت فلانا أي جعلته بسلا أي محرّما على الشيطان ، أو جعلته بسلا أي شجاعا على مقاومة الشيطان ومدافعته ومدافعة الهوامّ والحيّات. وقال الشاعر (٢) : [من الطويل]

أجارتكم بسل علينا محرّم

وجارتنا حلّ لكم وحليلها؟

فالبسل هنا : ممنوع. وقال آخر : [من الكامل]

بسل عليك ملامتي [وعتابي](٣)

أو في الدعاء ، عن عمر أنه كان يقول : «آمين وبسلا يا ربّ» (٤) أي إيجابا يا ربّ ، قال بعضهم : البسل يكون بمعنى التوكيد ، وبمعنى الحرام ، وبمعنى الحلال (٥) ، فالحرام قد تقدّم ، والتوكيد كما في قول عمر ، والحلال كقوله : [من الطويل]

دمي ، إن أحلّت هذه ، لكم بسل (٦)

__________________

(١) في الأصل : بسالة.

(٢) البيت للأعشى (الديوان : ١٧٥).

(٣) الإضافة من اللسان ، والشطر عجز لضمرة النهشلي ، وصدره :

بكرت تلومك بعد وهن في النّدى

(٤) النهاية : ١ / ١٢٨ ، من غير نداء.

(٥) أي أن البسل من الأضداد.

(٦) عجز لابن همّام ، وصدره (اللسان ـ مادة بسل) :

أيثبت ما زدتم وتلغى زيادتي

٢١٧

وقيل : بسلا بمعنى آمين ، قاله ابن الأنباريّ وأنشد (١) : [من الرجز]

لا خاب من نفعك من رجاكا

بسلا ، وعادى الله من عاداكا

ب س م :

البسم : ابتداء الضّحك والأخذ فيه. وقيل : هو الضّحك من غير قهقهة وفي الحديث : «كان ضحكه تبسّما» (٢) قوله تعالى : (فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها)(٣) أي أسرع في الضّحك وشرع فيه. قال في الكشّاف (٤) : أي جاوز حدّ التّبسّم إلى الضّحك. قلت : وحينئذ تقول النحاة في تبسّم زيد ضاحكا : إنّ ضاحكا حال مؤكّدة (٥) ، وليس بواضح لأنّ فيها معنى زائدا على عاملها.

وكان ضحك سليمان عليه‌السلام فرحا بفضل الله ، لما ترتّب على ذلك من منافع الدّنيا والآخرة ، لأنّها معجزة يؤمن بها كلّ من عرفها ، ولم يكن أشرا وبطرا وسفها كضحك بعض اللّاهين.

فصل الباء والشين

ب ش ر :

قوله تعالى : (لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ)(٦). البشر : الخلق ، سمّوا بشرا / اعتبارا بظهور جلدهم من الشّعر والصوف والوبر بخلاف الحيوانات فإنها مستترة بما ذكر (٧). وذلك أنّ

__________________

(١) يستشهد ابن منظور على هذا المعنى بقول المتلمّس ، كما في اللسان.

(٢) ورد الحديث عند الترمذي (باب المناقب ، رقم ١٠): «ما كان ضحك رسول الله (ص) إلا تبسما».

(٣) ١٩ / النمل : ٢٧.

(٤) الكشاف للزمخشري.

(٥) الحال المؤكدة إما لعاملها لفظا ومعنى نحو «وأرسلناك للناس رسولا» ، أو معنى فقط نحو «فتبسّم ضاحكا» ، وهو المقصود والواضح (أوضح المسالك : ٢ / ١٠١).

(٦) ٢٩ / المدثر : ٧٤.

(٧) ويقول ابن فارس في المجمل : سموا بشرا لظهورهم.

٢١٨

البشرة ظاهر الجلد ، والأدمة : باطنه ، نقله الراغب عن عامّة الأدباء (١). وجمعها بشر وأبشار.

والبشر : مجتمع فيه الواحد والجمع كقوله : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ)(٢)(ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ)(٣) ، لكنّه يثنّى كقوله : (أَ نُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا)(٤) ، وينبغي أن يكون هذا مثل ذلك في دلاص وهجان ، أعني أنه جمع تكسير. والتعبير فيه تقديريّ لوجود التّثنية ، كما قال سيبويه في هذه الأحرف (٥).

قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً)(٦) إنّما قال : (بَشَراً) لأنّه خصّ في القرآن كلّ موضع اعتبر في الإنسان حسيّه وظاهره بلفظ البشر.

ولما أراد الكفار الغضّ من الأنبياء عليهم الصلاة والسّلام اعتبروا ذلك (فَقالُوا أَ بَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ)(٧)(أَ نُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ)(٨)(ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ). وقوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) تنبيه أنّ الناس يتساوون في البشرية ولكن يتفاضلون في المعارف الجليلة (٩). ولقد أعقبه بقوله : (يُوحِي إِلَيَ)(١٠) يعني أنا وإن شاركتكم في البشريّة إلا أنّ الله تعالى خصّني من بينكم بهذا الإيحاء. تنبيها بما ميّز به عليهم. وقوله : (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ)(١١) تنبيه أنه لحسنه الفائق يمتنع أن يكون بشرا بل ملك ، لأن البشر يقدّم لهم مثل هذا. وفي

__________________

(١) ويتابع الراغب (ص ٤٧) قوله : «وقال أبو زيد بعكس ذلك وغلط أبو العباس وغيره.

(٢) ١١٠ / الكهف : ١٨.

(٣) ١٥ / يس : ٣٦.

(٤) ٤٧ / المؤمنون : ٢٣.

(٥) يقول سيبويه (الكتاب : ٣ / ٦٣٩): «وزعم الخليل أن قولهم : هجان للجماعة بمنزلة ظراف ، وكسّروا عليه فعّالا ... وقالوا : درع دلاص وأدرع دلاص ، كأنه كجواد وجياد ، وقالوا : دلص كقولهم هجن. يدلك على أن دلاصا وهجانا جمع» وهكذا عدّهما جمعا مكسّرا.

(٦) ٥٤ / الفرقان : ٢٥.

(٧) ٢٤ / القمر : ٥٤.

(٨) ٤٧ / المؤمنون : ٢٣.

(٩) في الأصل : الحلية ، ولعله كما ذكرنا.

(١٠) ٥٠ / سبأ : ٣٤.

(١١) ٣٣ / المؤمنون : ٢٣.

٢١٩

الأذهان إنه لا أحسن وأضوأ من الملك ، كما أنّه لا أقبح من الشيطان. وإنه لم ير لا هذا ولا ذاك. وتعلق بها من يفضّل الملك على البشر ، ولا دليل له فيه لما ذكرنا ، ولو سلم فالزيادة في الحسن لا تقتضي التّفضيل.

وقوله : (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا)(١) إشارة إلى الملك تشبّه لها في صورة بشر.

وبشرت الأديم : أخذت بشرته. والبشارة : أول خبر سار ، ولذلك لو قال (٢) لعبيده : من بشّرني بولادة ذكر فهو حرّ ، فبشّروه جميعا دفعة واحدة عتقوا جميعا. وإن بشّروه على التعاقب عتق أولهم فقط بخلاف قوله : من أخبرني ، فإنّ من أخبره أولا كان أو آخرا عتق. وهل يختصّ بالسارّ؟ المشهور نعم ، ولا يقع في شرّ إلا على سبيل التهكّم كقوله تعالى : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)(٣) يعني أنّ أسرّ ما يسمعون من الخبر بما ينالهم من العذاب ، ونحوه (٤) : [من الوافر]

تحيّة بينهم ضرب وجيع

وقيل : يستعمل في الخير والشرّ ، لأن البشارة عبارة عن خبر يتغيّر له البشر ، وذلك يكون في الشرّ كما يكون في الخير ، وقد أتقنت الكلام في ذلك في غير هذا الموضوع. ويقال : بشرت وبشّرت ، خفيفا ومثقلا ، وأبشرت كأكرمت. قال (٥) : [من الطويل]

بشرت عيالي إذ رأيت صحيفة

عليك (٦) من الحجّاج يتلى كتابها

وقرىء يبشّر ويبشر ، ولم يرد في القرآن الماضي إلا مثقلا. قال الراغب : بين هذه الألفاظ فروق ، فبشرته عامّ ، وأبشرته نحو أحمدته ، وبشّرته على التكثير. ومن ورود أبشر في القرآن قوله : (وَأَبْشِرُوا)(٧) فقد جاءت ثلاث لغات في القرآن ، إلا أنه لم يرد من ماضيها إلا التكثير كما تقدّم.

__________________

(١) ١٧ / مريم : ١٩.

(٢) الفاعل : أحدهم.

(٣) ٢١ / آل عمران : ٣.

(٤) الشطر من شواهد الراغب في مفرداته : ٤٨.

(٥) من شواهد الفرّاء في معاني القرآن (١ / ٢١٢) وقد نسبه إلى بعض العرب.

(٦) وفي معاني القرآن : أتتك.

(٧) ٣٠ / فصلت : ٤١.

٢٢٠