عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ - ج ١

الشيخ أحمد بن يوسف [ السمين الحلبي ]

عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن يوسف [ السمين الحلبي ]


المحقق: الدكتور محمّد التونجي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٩

ويأسن أسونا فهو آسن. وأسن يأسن فهو آسن بالقصر (١). وقد قرىء (٢)(آسِنٍ) بالوجهين إذا تغيّرت رائحته تغيّرا منكرا يتأذّى بها. وأسن الرجل إذا مرض من أسن الماء فغشي عليه. قال الشاعر : [من البسيط]

يميد [في](٣) الرمح ميد المائح الأسن

وتأسّن الرجل : اعتلّ ، تشبيها به ، ومثله أجن وأجن يأجن أجونا /.

أ س و :

الأسوة والإسوة ، بالضمّ والكسر ، مثل القدوة والقدوة ، وهي الحالة التي يكون الإنسان عليها في اتّباع غيره سواء في (٤) حسن أو قبح ، نفع أو ضرّ. قال تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)(٥) قرىء بالوجهين (٦) ، أي اتّباعه (٧) واجب عليكم. يقال : تأسّيت به أي اتبعته في فعله مثل اقتديت. والتّأسية : التعزية ؛ وهو أن يقول : فلان قد أصابه ما أصابك فصبر ، فتأسّ به في ذلك (٨). وفي حديث قيلة : «آسني لما أمضيت وأعنّي على ما أبقيت» (٩) أي : عزّني وصبّرني. وروى الأزهريّ : أسني لما ، أي عوّضني (١٠). والأسي : العوض.

__________________

(١) لأنهم أحيانا يطلقون الممدود (بالمد) على المقصور.

(٢) قراءة ابن كثير وحده (المبسوط : ٤٠٨).

(٣) ساقطة من الأصل ، وهو عجز لزهير ، وصدره (شعر زهير : ٢٨١)

يغادر القرن مصفرّا أنامله

والأسن هنا : من يغشى عليه من ريح البئر.

(٤) وفي س : من.

(٥) ٢١ / الأحزاب : ٣٣.

(٦) قرأ عاصم بضم الألف في جميع القرآن ، وقرأ باقي السبعة بكسر الألف حيث كان (المبسوط : ٣٥٧).

(٧) وفي س : في اتباعه.

(٨) تأسّ به : تعزّ به.

(٩) النهاية : ١ / ٥٠.

(١٠) وهو رأي ابن منظور كذلك.

١٠١

أ س ي :

الأسى : الحزن. يقال : أسيت عليه أسى. قال تعالى : (فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ)(١)(فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ)(٢). وحقيقته إتباع الفائت ، فهو قريب من التأسّي. ويقال : أسيت له أي لأجله. قال (٣) :

أسيت لأخوالي ربيعة

قال الراغب : وأصله من الواو كقولهم : رجل أسوان أي حزين. والأسو : إصلاح الجرح ، وأصله إزالة الأسى نحو : كربت النّخل أي أزلت الكرب عنه. يقال : أسوته أسوءه. والآسي ؛ طبيب الجرح ، ويجمع على أساة كقوله (٤) : [من الوافر]

فلو أنّ الأطبّا كان حولي

وكان مع الأطباء الأساة

وأسيت بين القوم : أي أصلحت بينهم. وقوله : [من الطويل]

فآليت لا آسى على إثر هالك

قد الآن من حزن على هالك قدي

أي (٥) حلفت لا أحزن على أحد يموت بعده لأنّ مصيبته جلّت على سائر المصائب.

فصل الألف والشين

أ ش ر :

قال تعالى : (سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ)(٦) ، قال القتيبيّ : الفرح المتكبر. وقال الهرويّ : الأشر : اللجوج في الكذب. وقوله : فعله أشرا وبطرا ، أي لجّ

__________________

(١) ٩٣ / الأعراف : ٧.

(٢) ٢٦ / المائدة : ٥.

(٣) الشطر في المفردات : ٢٨.

(٤) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن : ١ / ٩١ من غير عزو ، وكذا في مجالس ثعلب : ٨١.

(٥) ساقط من هنا حتى ختام المادة من س.

(٦) ٢٦ / القمر : ٥٤. بطر متكبّر.

١٠٢

في البطر. قال الراغب (١) : الأشر : شدّة البطر ؛ فالأشر أشدّ من البطر ، والبطر أشدّ من الفرح ، وإن كان مذموما في أكثر الأحوال ، فقد يمدح في بعض المواضع. وذلك أنّ الفرح قد يكون من سرور (٢) بحسب قضية العقل ، والأشر لا يكون إلا فرحا بحسب قضيّة الهوى.

وقولهم : ناقة مئشير (٣) أي نشيطة تشبيها بذلك. وقيل : هي الضّامر (٤) تشبيها بالرّعاء (٥) المأشورة.

فصل الألف والصاد

أ ص ب ع :

الإصبع معروف ، وفيه عشر لغات : تثليث الهمزة ، مع تثليث الباء ، والعاشرة أصبوع. وهو اسم يقع على الأنملة والبرجمة والسّلامى والأطرة والظّفر. وقوله تعالى : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ)(٦) تنبيه على أنّهم لفرط فزعهم من شدة صوت الرّعد أدخلوا جميع أصابعهم ودسّوها في أصمخة آذانهم برأس السياق. ويستعار في النعمة كاليد فيقال : لفلان عليّ إصبع أي يد ، ويستعار أيضا للأثر الحسّيّ.

أ ص ر :

الإصر : الثّقل. والإصر : العهد. قال تعالى : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ)(٧) أي ثقل ما كانوا كلّفوه من أنّهم إذا أصابهم نجاسة قرضوا في أيديهم كانت أو ثيابهم أو غير ذلك ، وهو

__________________

(١) المفردات : ٢٨.

(٢) الحرف (من) ساقط من س.

(٣) مئشير : يستوي فيها التذكير والتأنيث.

(٤) وفي س. الضامن.

(٥) ساقطة من ح.

(٦) ١٩ / البقرة : ٢.

(٧) ١٥٧ / الأعراف : ٧.

١٠٣

المراد بقوله : (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا)(١). وقوله : (وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي)(٢) أي عهدي وميثاقي.

والأصل في الإصر أنه عقد الشيء وحبسه ، يقال : أصرته فهو مأصور. والمأصر : محبس (٣) السفينة. فمعنى (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ) أي الأمور التي تثبّطهم وتقيّدهم عن فعل الخيرات ، وعمّا يصلون به إلى الثواب.

والإصر : العهد المؤكّد الذي يثبّط ناقضه عن الخيرات والثواب. وقرىء قوله : ويضع عنهم إصرهم وآصارهم إفرادا وجمعا. والإصار : الطّنب والأوتاد التي تثبّت بها الخيمة. وما يأصرني عنك شيء أي ما يحبسني.

والأيصر : كساء يشدّ فيه الحشيش ويجعل على السّنام ، ليتمكّن من ركوب البعير. وقال ابن عرفة في قوله : (وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً) أي عهدا لا يعبأ به. الأزهريّ : عقوبة ذنب يشقّ علينا. والأصل ما قدّمته. وفي الحديث : «من غسل واغتسل وغدا وابتكر إلى الجمعة ، ودنا ولغا كان له كفلان من الإصر» (٤). قال شمر : هو إثم العقد إذا ضيّعه ، أراد نصيبان (٥) من الوزر ، للغوه. وفي حديث ابن عمر : «من حلف على يمين فيها إصر فلا كفّارة لها» (٦) يعني بها الحلف بطلاق أو عتاق أو نذر ، لأنها أثقل الأيمان وأضيقها مخرجا.

والآصرة : القرابة ، قال : [من البسيط]

صل الذي والتي مني بآصرة

وإن نأى عن مدى مرماهما الرّحم

__________________

(١) ٢٨٦ / البقرة : ٢.

(٢) ٨١ / آل عمران : ٣.

(٣) في الأصل : عسر ، وصوّبناه من المفردات واللسان.

(٤) النهاية : ١ / ٥٢ ، مع بعض الاختلاف في الرواية ، وتمامه في الغريبين : ١ / ٥٣. والحديث في النص ناقص.

(٥) وفي الأصل : يصان. والتصويب من الغريبين : ١ / ٥٣.

(٦) النهاية ١ / ٥٢.

١٠٤

أ ص ل :

قال تعالى : (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ)(١).

الآصال (٢) جمع أصيل ، والأصيل والأصيلة : العشية. قال الهرويّ : وهو ما بين العصر إلى المغرب. ويجمع على أصل (٣) كرغيف ورغف ، وآصال كشريف وأشراف ، وأصائل جمع لأصيلة. ويقال : أصيلان ، فقيل : هو جمع لأصيل ، كرغيفان (٤) ورغيف ثم صغّر على لفظه. وهذا عند البصريين مردود لعلة ذكرتها في شرح قصيدة النابغة. وذكرت هناك ترجمة ملخّصها (٥) أن أصيلان تصغير أصلان (٦) مراد به المصدر كالغفران ، وتبدل نونه لاما. وينشد قوله (٧) : [من البسيط]

وقفت فيها أصيلانا أسائلها

وأصيلالا ؛ بالنون واللام.

وآصلنا : دخلنا في الأصيل. والأصلة : الأفعى. وشبّه الرأس الصغير الكثير الحركة برأس الحية. قال طرفة : [من الطويل]

أنا الرجل الضّرب الذي تعرفونه

خشاش كرأس الحية المتوقّد (٨)

وأصل الشيء قاعدته التي (٩) يرتفع بارتفاعها. والأصل ما منه الشيء أيضا. ويقال للأب : أصل. وفلان لا أصل ولا فصل.

__________________

(١) ٢٠٥ / الأعراف : ٧.

(٢) الكلمة ساقطة من س.

(٣) وفي س : أصيل ، وهو وهم من الناسخ.

(٤) وفي س : كزعفران ، وهو وهم.

(٥) في الأصل : ملخصة ، ولعلها كما ذكرنا.

(٦) وهذا تصغير نادر لأنه إنما يصغر من الجمع ما كان على بناء أدنى العدد ، وأبنية أدنى العدد أربعة : أفعال ، وأفعل ، وأفعلة ، وفعلة ، وليست أصلان واحدة منها فوجب أن يحكم عليه بالشذوذ (وانظر اللسان ـ مادة أصل).

(٧) صدر البيت الثاني من معلقة النابغة ، وعجزه (الديوان : ٢) :

عيّت جوابا وما بالرّبع من أحد

(٨) من ديوان طرفة : ٥٠. الضرب : الرجل الخفيف اللحم ، وهي صفة حميدة عند العرب.

(٩) وفي ح : الذي.

١٠٥

فصل الألف والفاء

أ ف ف :

قال تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ)(١). وقال : (أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ)(٢). فأفّ : كلمة يضجر بها ، وهي اسم فعل مضارع معناه أتضجّر (٣) ك «ويّ» بمعنى أعجب. وفيها لغات كثيرة تصل إلى نحو الأربعين ، ذكرتها مضبوطة في «الدرّ المصون» ، ولم يذكر منها الهرويّ غير عشرة (٤). ومعنى الآية : لا تقل لهما أدنى ما يفهمان عنك به التضجّر ، فكيف بما فوقه؟

وأصله من الأفّ وهو وسخ الآذان. والتّفّ : وسخ الأظفار ، وقيل : الأفّ : الاحتقار ، وأصله من الأفف ، وهو الشيء القليل. وأفّفت له : أي قلت له ذلك استقذارا له وعليه (أُفٍّ لَكُمْ)(٥). وفي الحديث : «ألقى طرف ثوبه على أنفه وقال أفّ أفّ» (٦) معناه الاستقذار لما شمّه.

أ ف ق :

قال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ)(٧) أي النّواحي جمع أفق ، نحو عنق وأعناق. وقيل : الواحد إفق نحو حمل وأحمال. قال : [من البسيط]

تهمي تصب أفقا من بارق تشم

يروى أفقا وإفقا ، والبيت على القلب أصله : تهمي تصب بارقا من أفق ، أي من أيّ جهة وناحية ، والنسب إليه أفقيّ.

__________________

(١) ٢٣ / الإسراء : ١٧.

(٢) ٦٧ / الأنبياء : ٢١.

(٣) في الأصل : الضجر ، ولعلها كما ذكرنا.

(٤) جمع ابن مالك هذه العشر لغات في بيت واحد ، وهو قوله :

فأفّ ثلّث ونوّن إن أردت وقل :

أفّى وأفّي وأف وأفّة تصب

(٥) ٦٧ / الأنبياء : ٢١.

(٦) النهاية : ١ / ٥٥.

(٧) ٥٣ / فصلت : ٤١.

١٠٦

والآفق : الذاهب في الآفاق / وبه شبّه الذي بلغ النهاية في الكرم ، فقيل له : آفق ، لأنه ذهب في آفاق الكرم. والآفاقيّ (١) هو الضارب في الآفاق للتكسّب. وفي حديث لقمان بن عاد : «صفّاق أفّاق» (٢). ويستعار ذلك لمن سبق في (٣) الفضل. يقال : أفقه يأفقه (في الفضل) (٤). والأفيق : الجلد لم يتمّ دبغه ، وهو قبل ذلك منيئة (٥) ، وفي الحديث : «دخل عليه وعنده أفيق» (٦).

أ ف ك :

الإفك : أشدّ الكذب. قال تعالى : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً)(٧) ، وأصله من الصّرف (٨) لأنّ الكذب صرف الكلام عمّا ينبغي أن يكون عليه. والإفك : صرف الشيء عما يحقّ أن يكون عليه. قال تعالى : (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)(٩)؟ أي : تصرفون عن وجه الصّواب. ومنه قيل للرياح العادلة عن مهابّها : مؤتفكات أي مصروفات عن مهابّها. وقال الشاعر (١٠) : [من المنسرح]

إن (١١) تك عن أحسن المروءة مأ

فوكا ففي آخرين قد أفكوا

ورجل مأفوك أي مصروف العقل. وقوله : (يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ)(١٢) أي يصرف عن الحقّ من صرف في سابق علم الله تعالى. وقوله : (أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا)(١٣) أي

__________________

(١) لم يذكر ابن منظور ولا ابن دريد هذه النسبة وإنما ذكرا أفقي (بضمتين وبفتحتين) ، ولعلها الأفّاق

(٢) قاله لقمان يصف أخاه. والحديث في النهاية : ١ / ٥٦.

(٣) الحرف ساقط من س.

(٤) ساقط من ح.

(٥) المنيئة : الجلد أول ما يدبغ ثم أفيق ، ثم يكون أديما (اللسان).

(٦) حديث عمر (النهاية : ١ / ٥٥).

(٧) ١٧ / العنكبوت : ٢٩.

(٨) يعني من الصرف عن الحق.

(٩) ٩٥ / الأنعام : ٦.

(١٠) البيت منسوب إلى عمرو بن أذينة في اللسان ، وورد اسمه عروة في الصحاح وشرح القاموس مادة ـ أفك.

(١١) في الأصل : فإن ، ولا يستقيم وزنه بالفاء.

(١٢) ٩ / الذاريات : ٥١.

(١٣) ٢٢ / الأحقاف : ٤٦.

١٠٧

لتصرفنا عن عبادتها. واستعملوا الإفك هنا لاعتقادهم أنّ ذلك من الكذب ، وقيل : أرادوا لتخدعنا عنها بالإفك. وقوله : (أَ إِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ)(١)؟. قال الراغب : يصحّ أن يجعل تقديره : أتريدون آلهة من الإفك؟ ويصحّ أن يجعل إفكا مفعول تريدون ، وتجعل آلهة بدلا منه [ويكون قد](٢) سمّاهم إفكا قلب على الإفك (٣) ، يكون إفكا منعوتا على إسقاط الخافض ، وهو يرجع في المعنى إلى الوجه الثاني ، لأنه لو انحلّ إلى التركيب الذي قدّره لكان من الإفك ل «آلهة». وقيل : إفكا مفعول له ، وفيه غير ذلك من الأوجه ، وقد حرّرتها في غير هذا الموضع.

(وَالْمُؤْتَفِكاتِ)(٤) : مدائن قوم لوط لانقلابها وانصرافها عن جهاتها. وتفسير ذلك قوله تعالى : (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى)(٥) أي قلبها ، من أهواه إذا رماه من علوّ. وفي حديث أنس (٦) : «البصرة إحدى المؤتفكات» يعني أنها غرقت مرتين. وتقول العرب : إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض ؛ أي الرياح إذا كثرت كثر نبات الأرض.

وأفك يأفك فهو أفك وأفّاك مثال مبالغة ؛ قال تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ)(٧) أي كثير الكذب.

أ ف ل :

الأفول ؛ الغيبوبة تكون في الكواكب ، قال تعالى : (فَلَمَّا أَفَلَ قالَ : لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ)(٨). يقال : أفل ، يأفل. يأفل (٩) : إذا غاب.

الأفال : صغار الغنم. والأفيل : الفصيل الضّئيل.

__________________

(١) ٨٦ / الصافات : ٣٧.

(٢) نقص أضفناه من المفردات : ١٩.

(٣) ساقط من س من هنا إلى الإفك في السطر الثاني.

(٤) ٧٠ / التوبة : ٩.

(٥) ٥٣ / النجم : ٥٣.

(٦) حين نصح ابنه النضر بعدم نزوله البصرة. وتمام الخبر في النهاية : ١ / ٥٦ ، وفي اللسان مادة ـ أفك ، وفي الغريبين : ١ / ٥٩.

(٧) ٧ / الجاثية : ٤٥.

(٨) ٧٦ / الأنعام : ٦.

(٩) الفعل من باب ضرب ونصر وعلم ، والمصدر أفول وأفل ، كذا قال صاحب القاموس.

١٠٨

فصل الألف والكاف

أ ك ل :

الأكل بالفتح : المصدر ، وبالضمّ الشيء المأكول. قال تعالى : (أُكُلُها دائِمٌ)(١) أي مأكولها ، أي ليست كثمار الدّنيا وفواكهها التي تجيء وقتا دون وقت. يقال : أكل وأكل ، وقرىء بهما. وقوله : (آتَتْ أُكُلَها)(٢) أي ما تثمره فيؤكل.

والأكلة بالفتح : المرّة ، وبالكسر : الهيئة ، وبالضمّ : الشيء المأكول ، نحو : اللّقمة والمضغة وهو قدر ما يؤكل ويمضغ ويلقم. وقوله : (وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ)(٣) أي مع كونها تسقى بماء واحد فهي مختلفة الثّمار طعما ولونا وريحا. وقوله : (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ)(٤) كناية عن سعة الرّزق. وقوله : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ)(٥) ذكر الأكل بعد سائر وجوه التصرّف ؛ فإنه أغلب التصرّفات أو جعل كناية عن إنفاق أموالهم.

وقوله : (تَأْكُلُهُ النَّارُ)(٦) كناية عن ذهابه بإحراق النار. وكانوا إذا قرّبوا قربانا فإن كان مقبولا نزلت نار من السماء فأكلته. ومنه : أكلت النار الحطب. وفي الحديث : «كما تأكل النار الحطب» (٧).

وأكيلة الأسد : الفريسة. والأكيل : المؤاكل كالخليط. والأكول من الغنم وغيره : الكثير الأكل. وقوله : (إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً)(٨) تنبيه على أنّهم يتعاطون ما يؤدّي

__________________

(١) ٣٥ / الرعد : ١٣.

(٢) ٣٣ / الكهف : ١٨.

(٣) ٤ / الرعد : ١٣.

(٤) ٦٦ / المائدة : ٥.

(٥) ٢ / النساء : ٤.

(٦) ١٨٣ / آل عمران : ٣.

(٧) ابن ماجه ، الزهد : ٢٢. وأوله : «الحسد يأكل الحسنات كما ..».

(٨) ١٠ / النساء : ٤.

١٠٩

إلى دخول النار في أجوافهم. وقولهم : هم (١) أكلة رأس ، كناية عن قلّتهم ، أي أنّ الرأس الواحدة تشبعهم (٢).

والأكلة : جمع آكل نحو كفرة وكافر. ويعبّر بالأكل عن الفساد ، ومنه : في رأسه إكال ، وتأكّلت أسنانه. وفي الحديث : «نهى عن المؤاكلة» (٣) تفسيره أن يكون لرجل على الغير دين فيطالبه فيهدى إليه ما يؤكل ليؤخّر عليه الطلب. وقوله : «ما زالت أكلة خيبر» (٤) بضمّ الهمزة فقط ، لأنّه لم يأكل إلا لقمة واحدة. وعندي أنها لو فتحت لأفادت ذلك مرة واحدة ، فهما متلازمان. وفي الحديث : «نهى المصدّق عن أخذ الأكولة» (٥) ، قيل : هي الخصيّ ، وقيل : ما سمّن للأكل. وفي الحديث (٦) : «ليضربنّ أحدكم أخاه بمثل آكلة اللحم» ، قيل : هي السكين ، وقيل : هي عصا محدّدة (٧) الطرفين ، وقيل : السّياط.

وقوله : (كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ)(٨) من أحسن الكنايات ؛ وذلك أنّ العصف هو ورق الزرع كالتبن ونحوه ، فشبّههم به بعد أن أكل. أراد أن يشبّههم بالزّبل ، فنزّه اللفظ عن ذكره كعادة آداب القرآن. ومثله في المعنى : (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ)(٩) أي يتخلّيان ، ومن كان كذلك فلا يصلح أن يعبد من دون الله.

وميكائيل : اسم أعجميّ. قيل : إنّ معناه عبد الله ، وإيل اسم الله بلغتهم (١٠).

__________________

(١) ساقطة من س.

(٢) من قلّتهم يكفيهم رأس واحد.

(٣) الحديث مع شرحه في النهاية : ١ / ٥٨.

(٤) وتمام الحديث : «ما زالت أكلة خيبر تعادّني» وهو في الشاة المسمومة ، وانظر تفصيله في النهاية : ١ / ٥٩. والأكلة (بالضم) اللقمة.

(٥) في النهاية : «دع الرّبّى والماخض والأكولة» والأكولة : التي تسّمن للأكل ، أو الخصي من الغنم (١ / ٥٨).

(٦) هو حديث عمر ، وذكر ابن الأثير التفسيرات كلها : ١ / ٥٨.

(٧) في الأصل : محدّد. ولم يذكر الهروي معنى السكين.

(٨) ٥ / الفيل : ١٠٥

(٩) ٧٥ / المائدة : ٥.

(١٠) أي باللغة العبرية ، والله عندهم : LE.

١١٠

فصل الألف واللام

أ ل ت :

الألت : النقص. قال تعالى : (وَما أَلَتْناهُمْ)(١)(لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ)(٢) معناه لا ينقصكم. يقال : ألته يألته ، وألتّه يألته (٣) ، (ما أَلَتْناهُمْ) بالوجهين ، وفيه لغة ثالثة ؛ لاته يليته مثل باعه يبيعه ، ورابعة ألاته يليته كأباعه يبيعه أي عرضه للبيع. وفي بعض الأدعية : «الحمد لله الذي لا يلات ولا يفات ولا تشتبه عليه اللغات».

يقال : لاته عن كذا حبسه عنه ، وفي حديث عبد الرحمن (٤) : «لا تغمدوا سيوفكم عن (٥) أعدائكم فتؤلتوا أعمالكم» ، قال الهرويّ : أي تنقصوها. ولم أسمع : أولت يؤلت إلا في هذا الحديث.

أ ل ف :

الألفة : اجتماع مع التئام ، يقال : ألّفت بين القوم. قال تعالى : (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ)(٦). يقال : ألف المكان يألفه ألفا إذا أحبّه ، ولم يطب نفسا بفراقه.

والإلف والأليف : المؤلف والألف والإلاف بمعنى. قال الشاعر (٧) : [من الوافر]

زعمتم أنّ إخوتكم قريش

لهم إلف وليس لكم (٨) إلاف

__________________

(١) ٢١ / الطور : ٥٢ ، أي ما نقصّنا الآباء بهذا الإلحاق.

(٢) ١٤ / الحجرات ٤٩.

(٣) لم يرد هذا الفعل في اللسان. وفي المصباح : آلته يؤلته. وفي الغريبين (٦٤) : لاته يليته. وتقول العرب : ألتّك بالله ، أي نشدتك الله.

(٤) من حديث عبد الرحمن بن عوف في الشورى. النهاية : ١ / ٥٩.

(٥) في الأصل : على ، وصوّبناه من النهاية.

(٦) ٦٣ / الأنفال : ٨.

(٧) البيت لمساور بن هند في هجاء بني أسد ، ذكره أبو تمام في باب الهجاء.

(٨) في الأصل لهم.

١١١

والمؤلّفة : ضربان ؛ ضرب ضعفاء الإسلام ، وضرب كفار ؛ ولكن يتألّفون بالعطاء لعلّهم يسلمون (١). وقوله : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ)(٢) فالإيلاف مصدر آلف يؤلف ، بمعنى ألف الثلاثيّ ؛ ففعل وأفعل بمعنى.

ويقال : آلفته المكان ، فيتعدّى لاثنين. وقال الأزهريّ : الإيلاف شبه الإجارة بالخفارة. يقال : ألّف يؤلّف ، وآلف يؤلف إذا أجاز الحمائل بالخفارة. والحمائل جمع حمولة ، وذلك أنّ قريشا لم يكن لهم زرع ولا ضرع. وكانوا يرحلون رحلتين ؛ رحلة في الشتاء ورحلة في الصيف ... (٣) والناس يتخطّفون (٤). فكان المعنى : اعجبوا لإيلاف. وقيل : اللام متعلقة بقوله : (فَلْيَعْبُدُوا). وقيل : بآخر الفيل (٥) ، وتحقّق هذا في موضع آخر. وقرىء : «لإلاف» و «لإيلاف» ، و (إِيلافِهِمْ) بلا خلاف ، مع أنه رسم «إلا فهم» بغير ياء (٦).

والألف : عدد معروف يميّز (٧) بواحد مخصوص ، قال تعالى : (أَلْفَ سَنَةٍ)(٨). ويثنّى ، ويجمع على آلاف وألوف. وسميت بذلك / لائتلاف الأعداد فيها ، وذلك أنّ الأعداد آحاد وعشرات ومئون وألوف ، فإذا بلغت الألف فقد ائتلفت ، وما بعده يكون مكرّرا.

وآلفت الدراهم أي بلغت بها الألف ، نحو ماءيت.

وأوالف الطير ما لزم مكانه. قال (٩) : [من الرجز]

أوالفا مكة من ورق الحمى

يريد الحمام.

__________________

(١) في الأصل : يسلموا.

(٢) ١  و ٢ / قريش : ١٠٦.

(٣) فراغ قدر كلمة في ح ، ولا فراغ في س ، ولعلها كلمة آمنين ، مأخوذة من اللسان مادة ـ ألف.

(٤) وقد ورد في القرآن في هذا المعنى (أَ وَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) ، ٦٧ / العنكبوت : ٢٩.

(٥) آخر سورة الفيل.

(٦) انظر تفصيل ذلك في مختصر الشواذ : ١٨٠.

(٧) وفي س : مميز.

(٨) ٩٦ / البقرة : ٢.

(٩) الرجز للعجاج كما في ديوانه : ٢ / ٤٥٢. وقال صاحب التاج : هكذا أورده في العباب. قلت : أراد بالأوالف هنا أوالف الطير التي قد ألفت الحرم.

١١٢

قيل : (وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ)(١) الذين يتحرّى بهم بتفقّدهم أن يصيروا من جملة من وصفهم الله تعالى بقوله : (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ).

والتأليف : التركيب بشرط ملاءمته ؛ فكلّ تأليف تركيب من غير عكس. ولذلك قيل : التأليف ما جمع فيه بين أجزاء مختلفة ورتّب ترتيبا قدّم فيه ما حقّه أن يتقدّم وأخّر فيه ما حقّه أن يتأخّر.

والألف من حروف الهجاء ، يطلق على حروف المدّ وعلى الهمزة. وقد تقدّمت انقساماتها فلا نعيدها.

أ ل ك :

ألك : أرسل. والمألكة : الرسالة. قال :

أبلغ أبا دختنوس مألكة (٢)

يريد من الكذب.

والمألك (٣) والألوك : الرسالة يقال : ألكني إلى زيد أي أبلغه رسالتي. قال (٤) : [من الطويل]

ألكني إليها بالسّلام فإنّه (٥)

ينكّر إلمامي بها ويشهّر

وقال (٦) : [من الطويل]

__________________

(١) ٦٠ / التوبة : ٩.

(٢) لم يتمّ الناسخ البيت ، واكتفى بذكر كلمتين من العجز ، وتمام العجز :

عن الذي قد يقال م الكذب

وفي اللسان أن أبا دختنوس هو لقيط بن زرارة.

(٣) في الأصل : الملوكة ، ولعلها كما ذكرنا.

(٤) البيت لعمر بن أبي ربيعة (الديوان : ٩٣) ، وهو من شواهد اللسان ـ ألك.

(٥) كذا في س والديوان واللسان. وفي ح : رسالة. ورواية أخرى : يشهّر .. وينكّر.

(٦) صدر بيت لعمرو بن شأس ، وعجزه (الديوان : ٩٠).

بآية ما كانوا ضعافا ولا عزلا

١١٣

ألكني إلى قومي العداة (١) رسالة

والملك : واحد الملائكة مشتقّ من ذلك ، والأصل مألك ، فقدّمت العين وهي اللام ، وأخرت الفاء فصارت ملأكا ، واستثقلت الهمزة ، فنقلت حركتها إلى الساكن قبلها وحذفت (٢) ، كقولهم : مره وكمه في المرأة والكمأة. والميم مزيدة ووزنه الآن : مفل وهذا تصريف واضح ، فلمّا جمع ردّ إلى أصله (من الهمزة) (٣) وبقي على قلبه فقيل : ملائكة ووزنها مفاعلة. وقيل : أصله ملأكة بتقدّم اللام من لأك أي أرسل أيضا. ثم فعل به من النّقل ما تقدّم ففيه نقل من غير قلب ، فوزنه معل. ويدلّ على أنّ هذا أصل بنفسه قوله (٤) : [من الطويل]

فلست لأنسيّ ولكن لملأك

تنزّل من جوّ السماء يصوب

وقيل : هو من لاك اللقمة في فيه يلوكها أي يديرها. والملك من هذا المعنى فيكون قد حذف العين ، ووزنه مفل (٥) ثم عادت العين في الجمع. ووزن الملائكة على هذين مفاعلة من غير قلب. وقيل : هو من الملك فميمه أصلية ، ثم زيدت فيه الهمزة إمّا قبل اللام وإما بعدها كما زيدت في شأمل وشمأل ، وفعل به ما فعل في مألك وملأك (٦) المتقدّمين. فوزن ملك فعل ، وملائكة فعائلة. وإنّ ما أحوجنا إلى هذا كلّه وجود هذه (٧) الهمزة في الجمع.

أ ل ل :

الإلّ : الحال الظاهرة من عهد وحلف وقرابة. ألّ يئلّ أي لمع يلمع ، والألّة : الحربة

__________________

(١) وفي الديوان : السّلام ، ص ٩٣.

(٢) في الأصل : مفعل ، وهو وهم. انظر في ذلك : المنصف : ١٠٢ ، الروض الأنف : ٢ / ١٢٢ ، إصلاح المنطق : ٧٠ ، ٧١ ، وغيرها.

(٣) ساقط من ح.

(٤) البيت لعلقمة بن عبدة ، من بائيته المشهورة (المفضليات : ٣٩٤).

(٥) كذا في س وهو الصواب ، وفي ح : معل.

(٦) كذا في س ، وفي ح : أملاك.

(٧) ساقط من س.

١١٤

اللامعة ، وألّ بها أي ضرب بها. وألّ الفرس : أسرع. وأصله أنه (١) إذا عدا لمع بذنبه ، واستعير لذلك. قال : [من الرجز]

إن تقتلوا اليوم فما لي علّه

هذا سلاح كامل وإلّه

وذو عذارين سريع السّلّه

فقوله : (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً)(٢) أي لا يرقبون عهدا ولا قرابة ولا حلفا. وقيل : الإلّ والإيل من أسماء الله تعالى ، قال الراغب : وليس بصحيح (٣). قلت : يمكن أن يقوّي ما ذكر بأنّه قد أضيف إلى الله تعالى في حديث لقيط : «أنبئك بمثل ذلك ، في إلّ الله» أي في قدرته وإلهيته (٤). فلو كان اسما لله لما أضيف إليه لا سيما وقد فسّره العلماء بالقدرة والإلهية. وفي حديث الصدّيق رضي الله عنه ، وقد عرض عليه كلام مسيلمة الكذاب لعنه الله : «إنّ هذا لم يخرج من إلّ» (٥) يعني من ربوبيّة. ومن هنا غلط من جعله اسما لله. وفي الحديث : «عجب ربّكم من إلّكم وقنوطكم» (٦). قال أبو عبيد : المحدّثون يروونه بكسر الهمزة ، والمحفوظ عندنا (٧) فتحها ، وهو أشبه بالمصادر ؛ كأنه أراد : من شدة قنوطكم. ويجوز أن يكون من رفع الصّوت بالبكاء (٨). يقال : ألّ الرجل يئلّ (٩) أللا وألّا وأليلا ، ومنه يقال : له الويل والأليل. قال الكميت (١٠) : [من البسيط]

وأنت ما أنت في غبراء مظلمة

إذا دعت ألليها (١١) الكاعب الفضل

__________________

(١) ساقطة من ح.

(٢) ١٠ / التوبة : ٩.

(٣) لعله يقصد أنها ليست بالعربية ، ذلك أنها بالعبرية (إل بهمزة مائلة) اسم الله (المفردات : ٢٠).

(٤) كذا في س ، وهو كذلك في النهاية : ١ / ٦١ ، وفي ح : الإلهية.

(٥) النهاية : ١ / ٦١.

(٦) النهاية : ١ / ٦١.

(٧) يعني عند علماء اللغة.

(٨) قول أبي عبيد مذكور في النهاية ، بينما في اللسان : رفع الصوت بالدعاء.

(٩) كذا في اللسان ، وفي الأصل يؤلّ ، ويؤيده الهروي في الغريبين : ١ / ٧١.

(١٠) البيت في الغريبين : ٧١ ، وفي اللسان ـ مادة ألل.

(١١) وفي الأصل : إليها وهو وهم.

١١٥

وفي حديث أمّ زرع : «بنت أبي زرع وفيّ الإلّ كريم الخلّ برود الظّلّ» (١) ، أي وفيّ العهد ، وذكّرت على معنى التّشبيه أي بنت أبي زرع مثل رجل وفيّ العهد.

والأللان : صفحتا السكين.

أ ل م :

الألم : شدة الوجع يقال : ألم الرجل يألم ألما ، قال تعالى : (فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ)(٢) ، وهو ألم ، وآلمته أؤلمه إيلاما ، فأنا مؤلم وهو مؤلم. وقوله : (عَذابٌ أَلِيمٌ)(٣). بمعنى مؤلم. قال أبو عبيدة : أليم أي مؤلم (٤). يقال : آلمني الشيء وألمت الشيء. وقوله : (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ)(٥). قال ابن عرفة : أليم أي ذو ألم ، وسميع ذو سماع. قال : ولا أدري ما معنى ما قال أبو عبيدة. قلت : ما قاله أبو عبيدة أوضح من كون أليم بمعنى مؤلم. وأما قوله : آلمني الشيء ـ بالفتح ـ وألمت الشيء ـ أي بالكسر ـ فهو كما قال ابن عرفة : لا يدرى معناه.

و «ألم» من أوائل السور ، وكذلك الحروف المقطّعة ، للناس فيها أقوال كثيرة فصلتها (٦) في التفسير الكبير إلى نحو ثلاثين قولا ، منها : أنها جيء بها للإعلام بأنّ ما أتى به الرسول من جنس هذه الأحرف التي ينطقون بها ، ويؤلّفون (٧) منها كلامهم ، فعجزكم عن الإتيان بمثله مع فصاحتكم دليل على صدقه ، وهذا أحسن الوجوه. وقيل : هي بعض أسماء الله تعالى ؛ فالألف من الله ، ولام من لطيف ، وميم من عليم ، ويروى عن ابن عباس.

وبسط هذا في الكتاب المشار إليه.

__________________

(١) في الأصل : «وفي إل كريم الجد» وصوبناه من النهاية : ١ / ٦١ ، وفيه لم تذكر الصفة الأخيرة ، بينما ذكرها الهروي : ١ / ٧٢.

(٢) ١٠٤ / النساء : ٤.

(٣) ١٠ / البقرة : ٢.

(٤) في مجاز القرآن : ١ / ٣٢ «عَذابٌ أَلِيمٌ» * أي موجع من الألم ، وهو في موضع مفعل.

(٥) ١٠٤ / النساء : ٤.

(٦) في الأصل : وصلتها ، وهو وهم.

(٧) وفي س : ويقولون.

١١٦

أ ل ه :

الله : هذا الاسم المعظّم ، للناس فيه أقوال كثيرة ومسألات (١) شهيرة قد أتقنتها والحمد لله في «التفسير الكبير» وكتاب «الدرّ المصون». ولنذكر هنا بعض ذلك فنقول : اختلف الناس في الجلالة المعظمّة ؛ هل هو مشتقّ أو مرتجل (٢)؟ والقائلون بالاشتقاق اختلفوا ؛ فقيل : هو من أله فلان يأله ألاهة أي عبد عبادة ؛ فإلاه فعال بمعنى معبود. ومنه قيل للشمس إلاهة (٣) لأنّ بعض الناس عبدوها. قال (٤) : [من الوافر]

تروّحنا من اللّعباء عصرا (٥)

فأعجلنا الإلاهة أن تؤوبا

وقيل : من (٦) أله أي تحيّر. وقيل (٧) : معناه ما أشار إليه عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه (٨) : «كلّ دون صفاته تحبير الصفات ، وضلّ (٩) هناك تصاريف اللغات» أي أنّ العبد إذا تفكّر فيه تحيّر. وفي الحديث : «تفكّروا في آلاء الله ولا تتفكروا في الله» (١٠).

فإذا ثبت أنّ أصله إلاه فقد أدخلوا عليه الألف واللام فصار الإله ، ثم نقلوا حركة الهمزة إلى لام التعريف وحذفوها. والتقى مثلان فأدغموه وفخّموه تعظيما. وقيل : بل حذفت همزته كما حذفت همزة الناس ، وأصله الأناس. ويدلّ على ذلك مراجعة الأصل فيهما. قال : [من الطويل]

__________________

(١) كذا رسمها في الأصل ، ولعل لها قراءة أخرى.

(٢) قال أبو حيان في البحر المحيط : ١ / ١٣٣ : «... والذي ينبغي اعتقاده أنه غير مشتق ، بل اسم مرتجل دالّ على ذات ..» ولسيبويه قولان في (الله) انظر الكتاب : ١ / ٣٠٩ و ٢ / ١٤٤ طبعة بولاق.

(٣) وفي الأصل : اللاهة.

(٤) ينسب البيت إلى مية بنت أم عتبة بنت الحارث (اللسان ـ أله) ويروى لغيرها. وانظر الغريبين : ١ / ٧٣ ، وألفاظ ابن السكيت : ٣٨٧.

(٥) قوله عصرا : هكذا رواية اللسان والتهذيب ، ورواية المحكم : قسرا وآلهة. واللعباء : مكان بين الربذة وبين أرض بني سليم.

(٦) الحرف ساقط من س.

(٧) ساقط من س.

(٨) جملة الدعاء من س.

(٩) في الأصل : وكل.

(١٠) النهاية : ١ / ٦٣ ، والآلاء : النعم ، واحدها ألّا بالفتح والقصر وقد تكسر الهمزة.

١١٧

معاذ الإله أن تكون كظبية (١)

ولا دمية ولا غفلّة ربرب

وقال الآخر : [من الخفيف]

والمنايا يطلعن على الأناس الآمنينا

واختصّ بالباري تعالى فلم يجسر أحد من المخلوقين أن (٢) يتسمّى به ، ولذلك قال تعالى : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا)(٣). وهذا بخلاف بقية أسمائه ؛ فإنّه قد تجاسر عليه الكذاب (٤) ، فتسمّى ، عليه اللعنة ، الرحمن الرحيم. وكذا الإله قبل النقل والتفخيم يختصّ به تعالى. وأمّا إله فقد يقع على المعبود بالباطل ، قال تعالى : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ)(٥).

وقيل : هو مشتقّ من وله أي دهش ، ومن إخوانه (٦) دله وعله ، أي أنّ كلّ مخلوق قد وله نحوه وفزع إليه ، وذلك إمّا بالتّسخير فقط (كالجمادات والحيوانات ، وإمّا بالتسخير) (٧) والإرادة معا كبعض الناس. ومن ثمّ قال بعض الحكماء : [الله محبوب](٨) الأشياء كلّها ، وعليه (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ، وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)(٩)

فأصله ولاه بمعنى مألوه أي مفزوع إليه ، فأبدلت الواو المكسورة همزة كهي في وشاح ووعاء حيث قالوا فيهما إشاح وإعاء ، ثم أدخلوا عليه الألف ، وفعل به ما تقدّم ، وعليه قول الخليل ، وعليه اعتراضات أجبت عنها.

وقيل : هو من لاه يلوه ، أو من لاه يليه إذا احتجب. قيل : وهو إشارة إلى قوله : (لا

__________________

(١) وفي ح : لظبية.

(٢) وفي س : أي.

(٣) ٦٥ / مريم : ١٩.

(٤) يعني مسيلمة.

(٥) ١١٧ / المؤمنون : ٢٣.

(٦) يعني من إخوان وله.

(٧) بين قوسين ساقط من س.

(٨) فراغ قدر كلمتين في الأصل ، استدركناهما من مفردات الراغب ص ٢١.

(٩) ٤٤ / الإسراء : ١٧.

١١٨

تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ)(١) ، وإلى الباطن في قوله : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ)(٢). وفي حديث وهيب (٣) : «إذا وقع العبد في الألهانيّة (٤) لم يجد أحدا يأخذ بقلبه». قال القتيبيّ : هي فعلانية من الإله ، فقال : إله بيّن الإلهيّة والألهانيّة.

وقولهم : اللهمّ (٥) ، أصله عند البصريين يا ألله حذفت ياؤها وعوّض عنها في آخره الميم المشدّدة ، وليس ذلك في غيره. وقال الكوفيون : ليست عوضا من (يا) بل بعض فعل أصله : يا ألله أمّنا (٦) ، ثم حذف بعض الفعل لكثرة الدّور مستدلّين بأنّه قد جمع بينهما في قوله (٧) : [من الرجز].

وما عليك أن تقولي (٨) كلّما

سبّحت (٩) أو هلّلت : يا للهمّا (١٠)

أردد علينا شيخنا مسلّما

ولا دليل فيه لأنّه ضرورة.

وقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ)(١١) أي معبود فيهما. ولذلك تعلق به الجارّ. ولهذا الاسم الشريف أحكام كثيرة يختص بها دون غيره من الأعلام ذكرتها في كتابي المشار إليه.

__________________

(١) ١٠٣ / الأنعام : ٦.

(٢) ٣ / الحديد : ٥٧.

(٣) هو وهيب بن الورد ، والحديث في النهاية : ١ / ٦٢.

(٤) وفي النهاية : ألهانية الرب.

(٥) الكلمة عبرية الأصل ، وقد عربت في مرحلة قديمة من العصر الجاهلي ، أيام كان العبريون وثنيين يعبدون الآلهة ، ونطقها عندهم MEEHOLE ومعناها الآلهة ، وظلت مستعملة عندهم بمعنى الله رغم كونها في صيغة الجمع ، وهكذا نقلت إلى العربية ، وتصرّف اللغويون في تأويلها.

(٦) تمام الجملة عند اللغويين : يا الله أمّنا بخير ، أي اعتمدنا.

(٧) يريد : جمع بين النداء والميم. والشاهد من شواهد الفراء (معاني القرآن : ١ / ٢٠٣) كما أن ابن منظور ذكره في مادة ـ أله. وذكر الهروي : أنشدني الكسائي (الغريبين : ١ / ٧٤).

(٨) في الأصل : تقولن ، والتصويب من المصدرين السابقين.

(٩) وفي رواية اللسان : صليت أو سبّحت :

(١٠) رسمها الفراء : يا اللهمّ ما.

(١١) ٨٤ / الزخرف : ٤٣.

١١٩

أ ل و :

الألو : التقصير. قال تعالى : (لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً)(١) أي لا يقصّرون في إفساد أموركم ولا يبقّون غاية في اتّباعهم في الفساد. يقال : أصابه داء [الفساد](٢) ولا آلوه نصحا أي لا أقصّر في نصحه. وقال الأزهريّ : الألو يكون جهدا ويكون تقصيرا ويكون استطاعة. يقال : ما آلوه أي ما أستطيعه.

والألوّة والألوّة ، بفتح الهمزة وضمّها ، الذي يتبخّر به (٣). قال الأصمعيّ (٤) : هي فارسية عرّبت (٥). ويقال : لوّة وليّة. وتجمع الألوّة على ألاويّة ، قاله الأصمعيّ وأنشد (٦) : [من الطويل]

بساقين ساقي ذي قضين تحشّها

بأعواد رند أو ألاويّة شقرا

وألوت فلانا : أوليته تقصيرا نحو كسبته (٧) كسبا. وما (٨) ألوته جهدا أي ما أوليته تقصيرا بحسب الجهد. فجهدا تمييز قاله الراغب ، وجعل هذه المادة ومعناها فقال : إلى حرف جرّ تحدّ به النهاية (٩).

وألوت في الأمر : قصّرت فيه ، هو منه كأنه رأى فيه الانتهاء. وقوله : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ)(١٠) أي يحلفون. والأليّة : اليمين ، وضمّن معنى هذا الامتناع فتعدّى بمن. يقال : آلى من أمر الله يولي إيلاء فهو مول. قال الراغب (١١) : والأليّة : الحلف المقتضي

__________________

(١) ١١٨ / آل عمران : ٣.

(٢) فراغ في الأصل ، ولعل السياق يناسب ما ذكرنا.

(٣) يعني به العود. والكلمة وردت في الحديث : «ومجامرهم الألوّة».

(٤) الكلمتان ساقطتان من ح.

(٥) في الأصل : غريبة ، ولعل أصلها هندي ، لأن أغلب الطيوب هندي ، وفارسيتها «ألوا».

(٦) البيت مذكور في اللسان ، وفيه أن اللحياني أنشده. وفيه أيضا نصب الكلمتين الأخيرتين. وذو قضين : موضع. وساقاها : جبلاها.

(٧) في الأصل : أكسبته.

(٨) في الأصل : وأما ، ولعله كما ذكرنا.

(٩) يعني أنه ذكره في مادة «إلى» حرف الجر (المفردات : ٢٢).

(١٠) ٢٢٦ / البقرة : ٢.

(١١) ص ٢٢ من المفردات.

١٢٠