النيابة في الحج

الشيخ عبد الرضا البهادلي

النيابة في الحج

المؤلف:

الشيخ عبد الرضا البهادلي


الموضوع : الفقه
الناشر: مركز عين للدراسات والبحوث المعاصرة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٧

قد وردت روايات كثيرة على وجوب الحج صادرة من منبع القدس والطهارة وقد استدل بها فقهاء الامامية على الوجوب ومن هذه الروايات.

١ ـ عن الشيخ الكليني رحمه‌الله ، عن عمر ابن أذينة رحمه‌الله ؛ قال : (كتبت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام بمسائل بعضها مع ابن بكير وبعضها مع أبي العباس فجاء الجواب باملائه : سألت عن قول الله (عز وجل) : ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا يعني به الحج والعمرة جميعا لأنهما مفروضان. وسألته عن قول الله (عز وجل) : وأتموا الحج والعمرة لله(١). قال : يعني بتمامهما أداءهما واتقاء ما يتقي المحرم فيهما. وسألته عن قول الله (عز وجل) : الحج الأكبر(٢). ما يعني بالحج الأكبر؟ فقال : الحج الأكبر الوقوف بعرفة ورمي الجمار ، والحج الأصغر العمرة)(٣).

٢ ـ عن الشيخ الكليني ، عن الفضل أبي العباس ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في قول الله عز وجل : (وأتموا الحج والعمرة لله) قال : هما

__________________

(١) سورة البقرة : الاية ١٩٦.

(٢) سورة التوبة : الاية ٣.

(٣) الشيخ الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج٤ : ص ٢٦٥.

٢١

مفروضان)(١).

٣ ـ عن الشيخ الكليني ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام الحج على الغني والفقير؟ فقال : الحج على الناس جميعا كبارهم وصغارهم فمن كان له عذر عذره الله)(٢).

٤ ـ عن الشيخ الكليني ، عن ذريح المحاربي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (من مات ولم يحج حجة الاسلام لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا)(٣).

الأمر الثالث : ما قاله الفقهاء في وجوب الحج

١ ـ قال الشيخ المفيد : قال الله عز وجل : (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ، فأوجب تعالى الحج ، وفرضه على كل

__________________

(١) الشيخ الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج٤ : ص ٢٦٥. الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة (آل البيت) ، ج ١١ : ص ٧.

(٢) الشيخ الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج٤ : ص ٢٦٥. الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة (آل البيت) ، ج ١١ : ص ١٧.

(٣) الشيخ الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج٤ : ص ٢٦٥ ، البرقي : أحمد بن محمد : المحاسن : ج ١ : ص ٨٨.

٢٢

حر ، بالغ ، مستطيع إليه السبيل)(١).

٢ ـ قال المحقق الحلي : (والحج فرض على كل مكلف مستطيع ، من الذكور والإناث ، وعلى ذلك (إجماع المسلمين) كافة ، ويدل عليه أيضا : قوله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال (بني الإسلام علي خمس ، شهادة إلا إله إلا الله ، وأقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج ، وصيام شهر رمضان)(٢)

٣ ـ قال الجواهري : (هو فرض على كل من اجتمعت فيه الشرائط الآتية من الرجال والنساء والخناثي كتابا وسنة وإجماعا من المسلمين بل ضرورة من الدين يدخل من أنكره في سبيل الكافرين ، بل لعل تأكد وجوبه كذلك فضلا عن أصل الوجوب ، كما هو واضح (و) لذا سمى الله تعالى تركه كفرا في كتابه العزيز)(٣).

٤ ـ وقال صاحب العروة : (من أركان الدين الحج ، وهو واجب على كل من استجمع الشرائط الآتية من الرجال والنساء والخناثى

__________________

(١) الشيخ المفيد : محمَّد بن محمَّد بن النعمان : المقنعة : ص ٣٨٤.

(٢) المحقق الحلي : جعفر بن الحسن : المعتبر : ج ٢ : ص ٧٤٥ ـ ٧٤٦.

(٣) الشيخ الجواهري : محمد حسن : جواهر الكلام : ج١٧ : ٢٢٠.

٢٣

بالكتاب والسنة والإجماع من جميع المسلمين. بل بالضرورة ، ومنكره في سلك الكافرين وتاركه عمدا مستخفا به بمنزلتهم ، وتركه من غير استخفاف من الكبائر(١).

٥ ـ وقال السيد الخوئي : لا ريب في أن الحج من أهم الواجبات الإلهية ، ومن أركان الدين ومما بني عليه الإسلام ، وفي روايات كثيرة ذكرها الخاصة ، والعامة : (إن الإسلام بني على خمس ، ومنها الحج) (٢). وصرح الكتاب والعزيز بتشريعه ، ووجوبه فقال تعالى : (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين) (٣). والمستفاد من الأدلة وجوبه على جميع الناس من الرجال ، والنساء ، والخناثى ، من دون اختصاص له بطائفة دون أخرى(٤).

٦ ـ وقال الشيخ لطف الله الصافي : وجوب الحج الحج هو من

__________________

(١) السيد اليزدي : محمد كاظم : العروة الوثقى : ج ٤ : ص ٣٤٢.

(٢) الشيخ الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي ، ج٢ ، ص ١٨. تكملة الحديث عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) : قال : بني الاسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشئ كما نودي بالولاية.

(٣) سورة ال عمران : الاية ٩٧.

(٤) السيد الخوئي : أبو القاسم بن علي أكبر : كتاب الحج : ج ١ : ص ٩ ـ ١٠.

٢٤

أركان الدين ، ووجوبه على من توفرت فيه الشروط ضروري بين المسلمين ، وقد صرح به الكتاب المبين ، ومنكره في سلك الكافرين ، وتاركه مستخفا بمنزلة ، الكفار ، وتركه من غير استخفاف من الكبائر(١).

الأمر الرابع : وجوب الحج مرة واحدة في الأصل

ربما هناك من يتوهم أن وجوب الحج واجب كل سنة على المسلمين ، ولكن دلالة الاية والروايات تدل على أن الحج واجب على المسلم مرة واحدة في العمر وما زاد فهو مستحب للمؤمن كي لا تبقى مكة معطلة كما ورد في الأخبار.

١ ـ قال المحقق الحلي : ولا يجب بأصل الشرع إلا مرة واحدة ، وهي حجة الإسلام(٢).

٢ ـ وقال الشيخ صاحب الجواهر : نعم (لا يجب بأصل الشرع إلا مرة واحدة) إجماعا بقسميه من المسلمين فضلا عن المؤمنين ، مضافا إلى الأصل ، واقتضاء إطلاق الأمر في الكتاب والسنة ذلك كما حقق في محله ، وإلى غير ذلك من النصوص الكثيرة جدا

__________________

(١) الشيخ الصافي : لطف الله محمد جواد : مناسك الحج : ص ٩.

(٢) المحقق الحلي : جعفر بن الحسن بن يحيى : شرائع الإسلام : ج ١ : ص ١٦٣.

٢٥

الدالة صريحا وظاهرا على اختلاف دلالتها(١).

٣ ـ قال الشيخ الشهيد الثاني في تعليقه على الشرائع : ولا يجب بأصل الشرع إلا مرة. أراد بأصل الشرع ما وجب بغير سبب من قبل المكلف كالنذر والافساد فإن الشرع أوجبه لكن لا بأصله(٢).

٤ ـ وقال الشيخ الفياض : ولا يجب في أصل الشرع إلا مرة واحدة في تمام العمر ، وهو المسمى بحجة الإسلام أي الحج الذي بني عليه الإسلام مثل الصلاة والصوم والخمس والزكاة ، وما نقل عن الصدوق في العلل من وجوبه على أهل الجدة كل عام على فرض ثبوته شاذ مخالف للإجماع والأخبار ، ولابد من حمله على بعض المحامل كالأخبار الواردة بهذا المضمون من إرادة الاستحباب المؤكد أو الوجوب على البدل بمعنى أنه يجب عليه في عامه وإذا تركه ففي العام الثاني وهكذا ، ويمكن حملها على الوجوب الكفائي فإنه لا يبعد وجوب الحج كفاية على كل أحد في كل عام إذا كان متمكنا بحيث لا تبقى مكة خالية من الحجاج ،

__________________

(١) الشيخ الجواهري : محمد حسن : جواهر الكلام : ج ١٧ : ص ٢٢٠.

(٢) الشهيد الثاني : زين الدين بن علي الجبعي العاملي : مسالك الأفهام : ج ٢ : ص ١٢١.

٢٦

لجملة من الأخبار الدالة على أنه لا يجوز تعطيل الكعبة عن الحج ، والأخبار الدالة على أن على الإمام كما في بعضها وعلى الوالي كما في آخر أن يجبر الناس على الحج والمقام في مكة وزيارة الرسول (صلى الله عليه وآله) والمقام عنده وأنه إن لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت المال(١).

القسم الثاني : الحج المستحب وفيه عدة امور

الامر الاول : الادلة على استحباب الحج

كما ان الحج واجب في اصل الشريعة لمن استطاع اليه سبيلا ، كذلك الحج مستحب وتدل عليه جملة من الروايات الشريفة اما بنحو الخصوص واما بنحو العموم.

١ ـ عن الشيخ الكليني عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : «قال لي إبراهيم بن ميمون : كنت جالساً عند أبي حنيفة فجاء رجل فسأله فقال : ما ترى في رجل قد حجّ حجّة الإسلام ، الحجّ أفضل أم يعتق رقبة؟ قال : بل يعتق رقبة ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) الحجّة أفضل من عتق رقبة ورقبة ورقبة

__________________

(١) الشيخ الفياض : محمد اسحاق : تعاليق مبسوطة : ج ٨ : ص ٣٢ ـ ٣٥.

٢٧

حتّى عدّ عشراً)(١).

٢ ـ عن الشيخ الكليني عن عبد الله بن سنان قال «سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : من رجع من مكَّة وهو ينوي الحجّ من قابل زيد في عمره)(٢).

٣ ـ عن الشيخ الكليني ، عن عيسى بن أبي منصور قال : قال لي جعفر بن محمد (عليهما السلام) : يا عيسى إني أحب أن يراك الله عز وجل فيما بين الحج إلى الحج وأنت تتهيأ للحج(٣).

٤ ـ عن الشيخ الكليني ، عن إسحاق بن عمار قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : من اتخذ محملا لحج كان كمن ربط فرسا في سبيل الله عز وجل(٤).

الامر الثاني : أقوال الفقهاء في استحباب الحج

١ ـ قال الشيخ ضياء العراقي عند تعرضه الى مبحث الحج فقال الحج : (وهو واجب مع وجود شرائطه ، ومندوب عند عدمها ،

__________________

(١) الشيخ الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج٤ : ص ٢٥٩.

(٢) الشيخ الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج٤ : ص ٢٨١.

(٣) الشيخ الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج٤ : ص ٢٨١.

(٤) الشيخ الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج٤ : ص ٢٨١.

٢٨

بأصل الشرع)(١).

٢ ـ وقال السيد الخوئي : (يستحب لمن يمكنه الحجّ أن يحجّ وإن لم يكن مستطيعاً ، أو أنّه أتى بحجّة الإسلام ويستحب تكراره في كلّ سنة لمن يتمكَّن من ذلك)(٢).

الامر الثالث : موارد الاستحباب في الحج

١ ـ استحباب نيّة العود عند خروجه من مكة وكراهة عدم العود ويؤيّده خبر عبدالله بن سنان قال «سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : من رجع من مكّة وهو ينوي الحجّ من قابل زيد في عمره)(٣).

وكذا يكره نيّة عدم العود ، ويدل على ذلك موثقة الحسين الأحمسي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «من خرج من مكّة وهو لا يريد العود إليها فقد اقترب أجله ودنا عذابه)(٤).

٢ ـ استحباب اختياره على غيره

__________________

(١) العراقي : ضياء الدين : شرح تبصرة المتعلمين : ج ٣ ، ص ٢٦٩.

(٢) الخلخالي : تقرير بحث السيد الخوئي للخلخالي : شرح المناسك ـ الحج (موسوعة الإمام الخوئي) : ج ٢٨ : ص ١٤٥.

(٣) الشيخ الحر العاملي : محمد بن الحسن وسائل الشيعة : ج١١ : ص ١٥١.

(٤) الشيخ الحر العاملي : محمد بن الحسن وسائل الشيعة : ج١١ : ص ١٥١.

٢٩

وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عمر بن يزيد قال. سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : حجة أفضل من سبعين رقبة لي ، قلت : ما يعدل الحج شئ؟ قال : ما يعدله شئ ، والدرهم في الحج أفضل من ألفي ألف فيما سواه في سبيل الله(١).

٣ ـ استحباب اختيار الحج المندوب على الصدقة

عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : درهم تنفقه في الحج أفضل من عشرين ألف درهم تنفقها في حق(٢).

٤ ـ استحباب اختياره على العتق

عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : لئن أحج حجة أحب إلي من أن أعتق رقبة ورقبة ورقبة ، حتى انتهى إلى عشرة ، ومثلها ومثلها حتى انتهى إلى سبعين(٣).

٥ ـ استحباب اختياره على الجهاد

عن محمد بن عبد الله قال : قلت للرضا (عليه السلام) : إن أبي

__________________

(١) الشيخ الحر العاملي : محمد بن الحسن وسائل الشيعة : ج١١ : ص ١١١.

(٢) الشيخ الحر العاملي : محمد بن الحسن وسائل الشيعة : ج١١ : ص ١١٥.

(٣) الشيخ الحر العاملي : محمد بن الحسن وسائل الشيعة : ج١١ : ص ١٢٠.

٣٠

حدثني عن آبائك (عليهم السلام) أنه قيل لبعضهم : إن في بلادنا موضع رباط يقال له : قزوين ، وعدو يقال له ، الديلم ، فهل من جهاد ، أو هل من رباط؟ فقال : عليكم بهذا البيت فحجوه ، ثم قال : فأعاد عليه الحديث ثلاث مرات كل ذلك يقول : عليكم بهذا البيت فحجوه(١).

٦ ـ استحباب تكرار الحج والعمرة

عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عمن حج أربع حجج ماله من الثواب؟ قال : يا منصور ، من حج أربع حجج لم تصبه ضغطة القبر أبدا(٢).

٧ ـ استحباب الحج والعمرة عينا

عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لا يحالف الفقر والحمى مدمن الحج والعمرة(٣).

__________________

(١) الشيخ الحر العاملي : محمد بن الحسن وسائل الشيعة : ج١١ : ص ١٢٣.

(٢) الشيخ الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة : ج١١ : ص ١٢٣.

(٣) الشيخ الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة : ج١١ : ص ١٣٣.

٣١

المطلب الثالث : فضل الحج

الحج من اعظم الشعائر وافضلها ، وهو اعظم وسيلة يمكن للانسان ان يقترب بها من الله تبارك وتعالى ، ففي طريق الحج تحمل المشقة العظيمة ، والابتعاد عن الاهل والزوجة والاطفال والوطن ، وكذلك كبح جماح الشهوات والغرائز ، وكثير من الامور التي تطرأ في الحج ، ولذا يعتبر الحج رياضة روحية ونفسية لا يمكن تحصيلها في غيرها من العبادات ، ومن فضل الله والطافه تبارك وتعالى أن جعل للأعمال العبادية ثوابا وفضلا وجزاء ، وهذا الجزاء والثواب والفضل يخفف على صاحبه التعب والمشقة ، بل يحول المشقة إلى سعادة وطمأنينة وراحة ، وقد ذكر الفقهاء في كتبهم الفقهية روايات كثيرة تدل وتشير الى فضل الحج في الإسلام(١) ، ننقل بعض من هذه الرويات :

١ ـ عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي عن معاوية بن عمار ، عن أبي ـ عبد الله عليه السلام ، قال : قال علي بن الحسين عليهما السلام : (أما علمت أنه إذا كان عشية عرفة برز الله في ملائكته إلى سماء الدنيا ثم يقول : انظروا إلى عبادي ، أتوني شعثا غبرا ، أرسلت

__________________

(١) المفيد : محمد بن محمد النعمانم العكبري : المقنعه : ص ٣٨٦. الحلي : يحيى بن سعيد الحلي : الجامع للشرائع : ١٦٨. المحقق البحراني : الحدائق الناظرة : ج١٤ ، ١٥.

٣٢

إليهم رسولا من وراء وراء؟ ، فسألوني ودعوني أشهدكم أنه حق علي أن أجيبهم اليوم ، قد شفعت محسنهم في مسيئهم ، وقد تقبلت من محسنهم فأفيضوا مغفورا لكم ، ثم يأمر ملكين فيقومان بالمأزمين ، هذا من هذا الجانب وهذا من هذا الجانب ، فيقولان : اللهم سلم سلم فما تكاد ترى من صريع ولا كسير)(١).

٢ ـ عن البرقي عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قال أبو جعفر عليه السلام : (ان العبد المؤمن إذا أخذ في جهازه لم يرفع قدما ولم يضع قدما الا كتب الله له بها حسنة ، حتى إذا استقل لم يرفع بعيره خفا ولم يضع خفا الا كتب الله له بها حسنة ، حتى إذا قضى حجه مكث ذا الحجة ومحرما وصفرا يكتب له الحسنات ولا يكتب عليه السيئات الا أن يأتي بكبيرة)(٢).

٣ ـ عن البرقي ، عن معاوية بن عمار ، عن ابي عبدالله عليه السلام أنه قال : (إن حملان الحاج وضمانه على الله عز وجل فإذا دخل المسجد الحرام وكل الله به ملكين يحصيان عليه طوافه وسعيه وصلاته ، فإذا كان عشية عرفة ضربا على منكبه الأيمن يقولان : يا

__________________

(١) البرقي : أحمد بن محمد : المحاسن : ج ١ : ص ٦٣. الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة (آل البيت) ، ج ١٣ ، ص ٥٥٢.

(٢) البرقي : أحمد بن محمد : المحاسن : ج١ : ص ٦٣.

٣٣

هذا ما مضى قد كفيته ، فانظر كيف تكون فيما تستقبل)(١).

٤ ـ عن الشيخ الطوسي ، عن معاوية بن عمار ، عن ابي عبدالله عليه السلام : (قال : الحاج يصدرون على ثلاثة أصناف : فمعتق من النار ، وصنف يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، وصنف يخلف في أهله وماله ، فذلك أدنى ما يرجع به)(٢).

٥ ـ روى الشيخ الحر العاملي بسنده عن محمد بن مسلم عن ابي الحسن عليه السلام قال : (دخل عليه رجل فقال له : قدمت حاجا؟ قال : نعم ، قال : وتدري ما للحاج من الثواب؟ قال : لا أدري ، جعلت فداك! قال : من قدم حاجا حتى إذا دخل مكة دخل متواضعا فإذا دخل المسجد الحرام قصر خطاه من مخافة الله فطاف بالبيت طوافا وصلى ركعتين كتب الله له سبعين ألف حسنة ، وحط عنه سبعين ألف سيئة ، ورفع له سبعين ألف درجة ، وشفعه في سبعين ألف حاجة ، وحسب له عتق سبعين ألف رقبة ، قيمة كل رقبة عشرة آلاف درهم)(٣).

__________________

(١) البرقي : أحمد بن محمد : المحاسن : ج١ : ص ٦٣.

(٢) الشيخ الطوسي : محمد بن الحسن : تهذيب الاحكام : ج٥ : ص ٢١. الشيخ الصدوق : علي بن الحسين : ثواب الاعمال : ٤٨.

(٣) الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة (آل البيت) : ج ١١ : ص ١٢١.

٣٤

المطلب الرابع : شروط وجوب الحج

فالشروط التي اعتبرها الفقهاء بعد فرض الشروط العامة في كل تكليف وهي العقل والاسلام هي :

الاول : البلوغ والعقل

وعليه اجماع العلماء من فقهاء اهل البيت عليهم السلام

قال المحقق الحلي : (الأول البلوغ وكمال العقل فلا يجب على الصبي ، ولا على المجنون)(١).

وقال العلامة الحلي : الأول : (البلوغ والعقل لا خلاف بين العلماء كافة في أن الصبي لا يجب عليه الحج ، لفقد شرط التكليف فيه)(٢).

وقال ابن العلامة الحلي : عند ذكره لشرائط الحج : (البلوغ والعقل ، فلا يجب على الصبي ولا على المجنون الحج)(٣).

وقال الشهيد الاول : (أحدها : البلوغ ، فلا يجب على الصبي ، وثانيها : العقل ، فلا يجب على المجنون ولا يصح منه)(٤).

__________________

(١) المحقق الحلي : شرائع الإسلام : ج ١ : ص ١٦٤.

(٢) العلامة الحلي : تذكرة الفقهاء (ط. ج) : ج ٧ : ص ٢٣ ـ ٢٤.

(٣) ابن العلامة : إيضاح الفوائد : ج ١ : ص ٢٦٤.

(٤) الشهيد الاول : الدروس : ج ١ : ص ٣٠٦ ـ ٣٠٧.

٣٥

وقال صاحب الحدائق : (كمال العقل فلا يجب على الصبي ولا على المجنون وهو قول العلماء كافة)(١).

قال صاحب الجواهر : (وشرائط وجوبها خمسة) : (الأول كمال العقل والبلوغ ، فلا يجب) الحج (على الصبي) المميز وغيره (ولا على المجنون) المطبق والأدواري الذي تقصر نوبته عن أداء تمام الواجب أو ما في حكمه إجماعا بقسميه ، ونصوصا)(٢).

ادلة الشرط الاول عند فقهاء الشريعة

١ ـ عن الشيخ ـ النعمان المغربي : عن علي عليه‌السلام أنه قال : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن الطفل حتى يحتلم)(٣).

٢ ـ عن الشيخ الكليني عن شهاب ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ...... قال : (وسألته عن ابن عشر سنين يحج؟ قال : عليه حجة الاسلام إذا احتلم وكذلك الجارية عليها الحج إذا طمثت)(٤).

__________________

(١) البحراني : يوسف بن احمد : الحدائق الناضرة : ج١٤ : ص ٥٩.

(٢) الجواهري : محمد حسن : جواهرلكلام : ج ١٧ : ٢٢٩.

(٣) القاضي المغربي : النعمان بن محمد : دعائم الاسلام : ج١ : ص ١٩٤. السجستاني : سنن أبي داود : ج ٢ ، ٣٣٩.

(٤) الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة (آل البيت) ، ج ١١ ، ص ٤٥.

٣٦

٣ ـ عن الشيخ الكليني ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (ولو أن غلاما حج عشر حجج ثم احتلم كانت عليه فريضة الاسلام)(١).

ثانيا : الحرية :

ومن الشروط التي اشترطت في الحج ان يكون المكلف حرا وليس مملوكا ، فالعبد المملوك لا يجب عليه الحج وهذا ايضا مما لا خلاف فيه بين الاعلام كما صرحوا بذلك.

قال المحقق الحلي : (الشرط الثالث : (الحرية) ، فلا يجب على العبد ، وعليه إجماع العلماء ، وذلك لان منافعه مستحقة للمولى ، فلا يجوز صرفها في غير ما يأذن فيه ، وإذا أذن له صح ، لكن لا يجزيه عن حجة الإسلام)(٢).

وقال العلامة الحلي : (الثاني : الحرية ، فالعبد لا يجب عليه الحج وإن أذن مولاه ، ولو تكلفه بإذن لم يجزئه عن حجة الإسلام إلا أن يدرك عرفة أو المشعر معتقا)(٣).

__________________

(١) الكليني : محمد بن يعقوب بن اسحاق : الكافي : ج٤ : ص ٢٧٨. الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة (آل البيت) ، ج ١١ ، ص ٤٦.

(٢) المحقق الحلي : جعفر بن الحسن : المعتبر : ج ٢ : ص ٧٤٩.

(٣) الحلي : الحسن بن يوسف : قواعد الأحكام : ج١ : ص ٤٠٣.

٣٧

وقال الشيخ صاحب الجواهر : (الشرط (الثاني الحرية ، فلا يجب الحج) ولا العمرة (على المملوك وإن أذن له مولاه) وتشبث بالحرية وبذل له الزاد والراحلة ، للأصل والاجماع بقسميه منا ومن غيرنا)(١).

وقال النراقي : (الشرط الثالث : الحرية. فلا يجب على المملوك ، إجماعا محققا ، ومحكيا مستفيضا ، له ، وللنصوص المستفيضة ، وإطلاقها ـ كإطلاق الفتاوى ، بل صريح بعضها يشمل ما لو أذن له المولى أيضا. نعم ، يصح منه الحج إذا أذن له المولى ، بالاجماع والنصوص ، ولا يجزئه عن حجة الاسلام(٢).

وقال صاحب العروة : (من الشروط : الحرية ، فلا يجب على المملوك وإن أذن له مولاه وكان مستطيعا من حيث المال ، بناء على ما هو الأقوى من القول بملكه أو بذل له مولاه الزاد والراحلة ، نعم لو حج بإذن مولاه صح بلا إشكال ، ولكن لا يجزيه عن حجة الإسلام)(٣).

ادلة الشرط الثاني عند فقهاء الشريعة

__________________

(١) انظر : الجواهري : محمد حسن : جواهر الكلام : ج١٧ : ٢٤١.

(٢) المحقق النراقي : احمد بن مهدي : مستند الشيعة : ج ١١ : ص ٢٢.

(٣) اليزدي : محمد كاظم : العروة الوثقى : ج ٤ : ـ ص ٣٥٣.

٣٨

١ ـ عن البيهقي ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : (وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه حجة)(١)

٢ ـ عن الشيخ الكليني ، عن مسمع بن عبدالملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (لو أن عبدا حج عشر حجج كانت عليه حجة الاسلام أيضا إذا استطاع إلى ذلك سبيلا)(٢).

٣ ـ عن الشيخ الطوسي ، عن الفضل بن يونس ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام في الموثق : (ليس على المملوك حج ولا عمرة حتى يعتق)(٣).

٤ ـ وعن الشيخ الطوسي : عن آدم بن علي ، عن ابي الحسن عليه‌السلام : (ليس على المملوك حج ولا جهاد ، ولا يسافر إلا بإذن مالكه)(٤).

قال السيد الخوئي : نعم إن هناك رواية واحدة معارضة للروايات

__________________

(١) البيهقي : أحمد بن الحسين : سنن البيهقي : ٤ج : ص ٣٢٥.

(٢) الكليني : محمد بن يعقوب بن اسحاق : الكافي : ج٤ : ص ٢٧٨. الحر العاملي : الوسائل ، ج ٨ ، ص ٣٦ ، أبواب وجوب الحج باب ١٩ ح ١.

(٣) الطوسي : محمد بن الحسن : تهذيب الاحكام : ج٥ : ص ٤. الكليني : محمد بن يعقوب بن اسحاق : الكافي : ج٤ ، ص ٢٧٨.

(٤) الطوسي : محمد بن الحسن : تهذيب الاحكام : ج٥ : ص ٤.

٣٩

المتقدمة وقد أطلق فيها حجة الاسلام على حج العبد ، وهي رواية أبان بن محمد عن حكم بن حكيم الصيرفي : (أيما عبد حج به مواليه فقد قضى حجة الاسلام)(١). ولكن لشذوذها ومخالفتها للروايات المشهورة لا بد من طرحها أو حملها على ادراك ثواب حجة الاسلام كما في الجواهر أو حملها على حجة الاسلام من العبد حال عبوديته فلا ينافي ذلك ثبوت حجة الاسلام المطلوبة من الأحرار عليه إذا أعتق(٢).

ثالثا : الزاد والراحلة :

ومن شروط وجوب الحج لزوم توفر الزاد والراحلة للمؤمن المكلف الذي يريد الحج الى بيت الله الحرام فبدون الزاد والراحلة لا يمكن ان يسافر المكلف ، وهذا من لطف الله تعالى في وجوب الحج ، وهذا الشرط اتفاقي بين أعلام الشيعة الأمامية كما صرح بذلك فقهاء الشيعة الأمامية.

قال الشيخ المفيد : (ثم وجود الراحلة بعد ذلك ، والزاد)(٣).

وقال المرتضى : (أن الاستطاعة التي يجب معها الحج ..... والزاد

__________________

(١) الشيخ الطوسي : محمد بن الحسن : الاستبصار : ج٢ : ص ١٤٨.

(٢) الخوئي : ابو القاسم علي اكبر : كتاب الحج : ج٣ : ص ٢٨.

(٣) المفيد : محمد بن محمد النعمان العكبري : المقنعه : ص ٣٨٤.

٤٠