النيابة في الحج

الشيخ عبد الرضا البهادلي

النيابة في الحج

المؤلف:

الشيخ عبد الرضا البهادلي


الموضوع : الفقه
الناشر: مركز عين للدراسات والبحوث المعاصرة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٧

اولا : (لأن المقدمات الخارجية لا دخل لها في صحة الأعمال فإن الحج اسم لأعمال مخصوصة ووجوب الاتيان من البلد لو قلنا به فهو واجب آخر لا دخل له في صحة الأعمال هذا بالنسبة إلى براءة ذمة الميت وسقوط الواجب عنه.

ثانيا : انما الكلام في صحة الإجارة إذا خالف الوصية واستأجره من الميقات ، والظاهر فساد الإجارة لأن المرخص من التصرف في مال الميت إنما هو الاستئجار من البلد وإما من غيره فغير مأذون فيه ولكن المؤجر يضمن للمستأجر أجرة المثل وفساد الإجارة لا ينافي صحة العمل الصادر من المستأجر وفراغ ذمة الميت به)(١).

المخالفة الثالثة : تغيير نية الاحرام لتكون له

وهو فيما اذا اخذ مالا ليحج عن غيره فحج عن نفسه ، وقع اختلاف بين الفقهاء في ذلك فهل تكون الحجة لصاحب المال ، او تكون للنائب او لا تكون لاحدهما.

قال المحقق البحراني قدس‌سره : (اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في ما لو عقد الأجير الاحرام عن المنوب عنه ثم نقل النية إلى نفسه ، ثم قال : وبالجملة فالمسألة لا تخلو من شوب الاشكال

__________________

(١) الخوئي : أبو القاسم بن علي أكبر : كتاب الحج : ج١ : ص ٣٢٤.

٢٢١

وإن كان قول الشيخ ـ الطوسي لما عرفت ـ لا يخلو من قوة. والله العالم)(١).

اولا : تقع عن المنوب عنه

قال الشيخ الطوسي قدس‌سره : (إذا أحرم عمن استأجره سواء كانت في حجة الفرض أو التطوع. ثم نقل الإحرام إلى نفسه لم يصح نقله ، ولا فرق بين أن يكون الإحرام بالحج أو بالعمرة فإن النقل لا يصح أبدا فإن مضى على هذه النية وقعت الحجة عمن بدأ بنيته لأن النقل ما يصح ، وإنما قلنا : ذلك لأن صحة النقل يحتاج إلى دليل. فإذا ثبت هذا فالأجرة يستحقها على من وقعت الحجة عنه لأن اعتقاده أنه يحج عن نفسه لا يؤثر في وقوع الحجة عن غيره فلم تسقط الأجرة بحال(٢).

وقال يحيى بن سعيد الحلي قدس‌سره : (إذا أخذ مالا ليحج عن غيره ، فحج عن نفسه فهي عن صاحب المال على ما روي)(٣).

وقال الشيخ الجواهري : المسألة (الخامسة إذا عقد الاحرام عن

__________________

(١) المحقق البحراني : الحدائق الناضرة : ج ١٤ : ص ٣٠٠ ـ ٣٠١.

(٢) الطوسي : المبسوط : ج ١ : ص ٣٠٠.

(٣) الحلي : يحيى بن سعيد : الجامع للشرايع : ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦.

٢٢٢

المستأجر عنه) مثلا (ثم نقل النية إلى نفسه لم يصح) بلا خلاف ولا إشكال فلا يترتب له ثواب ولا غيره ، (نعم) عن الخلاف والمبسوط والجواهر والمعتبر والجامع والمنتهى والتحرير أنه (إذا أكمل الحج وقعت عن المستأجر عنه ويستحق الأجرة) ولعله لاستحقاق المنوب عنه أفعالها بالاحرام عنه ، فلا يؤثر العدول بعد أن صار كالأجير الخاص الذي استحقت منفعته الخاصة ، بل ربما ظهر من خبر أبي حمزة عن الصادق عليه‌السلام : (في رجل أعطى رجلا مالا ليحج عنه فحج عن نفسه قال : هي عن صاحب المال) أن ذلك كذلك حتى لو أحرم لنفسه ، وفي الدروس بعد أن حكى ذلك عن الشيخ قال : بناء على أن نية الاحرام كافية عن نية باقي الأفعال وأن الاحرام يستتبع باقي الأفعال وأن النقل فاسد لمكان النهي إلى أن حكى مضمون خبر أبي حمزة ، ثم قال : وهذا أبلغ من الأول. (و) كيف كان ففي المتن (يظهر لي أنها لا تجزي عن أحدهما) وحينئذ لا أجرة ، ووافقه الفاضل في القواعد وبعض متأخري المتأخرين ، لأن الأعمال بالنيات ، فلا تقع عن النائب بعد كون الاحرام لغيره ، لعدم صحة النقل اتفاقا كما في المدارك ، وأما عن المنوب عنه فلانتفاء النية في باقي الأفعال ، والرواية ضعيفة متروكة الظاهر محتملة لإرادة الثواب له ، وفيه أن عدم النية بعد الاستحقاق عليه شرعا

٢٢٣

وصيرورته كالأجير الخاص غير قادح بناء على ملك المستأجر له ما يقع منه من العمل ، خصوصا إذا كان الواقع العمل المستأجر عليه ، ونية القربة بعد فرض حصولها لا تنافي المعنى المعاملي ، وحينئذ فالرواية المزبورة مع تنزيلها على المعنى المزبور ليست متروكة الظاهر ، على أنها منجبرة في خصوص الفرض بفتوى من عرفت ، والله العالم(١).

ثانيا : التردد في وقوعها عن المنوب عنه

قال المحقق الحلي قدس‌سره : (ولو استأجره فأحرم عن نفسه ، فإن كان زمان الإجارة معينا لم يقع عن نفسه وفي وقوعه عن المستأجر تردد ، وقد روى ما يدل على وقوعه عن المستأجر ، روى ابن أبي حمزة والحسين عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل أعطى رجلا ما لا يحج به عنه ، فحج عن نفسه ، قال عليه‌السلام هي عن صاحب المال)(٢)(٣).

ثالثا : عدم الاجزاء عن احدهما

وقال المحقق الحلي قدس‌سرهفي الشرائع : (إذا عقد الإحرام عن

__________________

(١) الجواهري : محمد حسن : جواهر الكلام : ج١٧ : ص ٤٠٤.

(٢) الطوسي : أبو جعفر محمد بن الحسن : تهذيب الاحكام : ج٥ : ٤٦١.

(٣) المحقق الحلي : جعفر بن الحسن : المعتبر : ج ٢ : ص ٧٧٧.

٢٢٤

المستأجر عنه ، ثم نقل النية إلى نفسه لم يصح. فإذا أكمل الحجة وقعت عن المستأجر عنه ، ويستحق الأجرة. ويظهر لي أنها لا تجزي عن أحدهما(١).

وقال الشيخ العاملي قدس‌سره صاحب المدراك : (والأصح ما اختاره المصنف من عدم إجزاء الحج مع النقل عن أحدهما ، أما عن النائب فلعدم صحة النقل اتفاقا ، وأما عن المنوب عنه فلانتفاء النية في باقي الأفعال)(٢).

المخالفة الرابعة : ارتكاب شيء من المحظورات او افساد الحج.

لا يوجد خلاف بين الاعلام ان النائب اذا اتى بما يوجب الكفارة فهي من ماله(٣).

قال المحقق الحليقدس‌سره : (وكل ما يلزم النائب من كفارة ففي

__________________

(١) المحقق الحلي : جعفر بن الحسن : شرائع الإسلام : ج ١ : ص ١٧٢.

(٢) العاملي : محمد بن علي الموسوي : مدراك الاحكام : ج ٧ : ص ١٤٧.

(٣) اليزدي : العروة الوثقى : ٤ ، ٥٥٩. السيد الگلپايگاني : مناسك الحج : ٥٤. السيد السيستاني : مناسك الحج : ٥٧. الشيخ لطف الله الصافي : مناسك الحج : ٢٣. الشيخ وحيد الخراساني : مناسك الحج : ٤٩. الميرزا جواد التبريزي : مناسك الحج : ٥٧.

٢٢٥

ماله ، ولو أفسده ، حج من قابل)(١).

قال الشيخ الجواهري قدس‌سره : ((وكلما يلزم النائب من كفارة) في الجناية في الاحرام والهدي في التمتع والقران (ففي ماله) دون المنوب عنه بلا خلاف أجده بيننا كما اعترف به بعضهم بل عن الغنية الاجماع عليه في الكفارة ، مضافا إلى أن ذلك عقوبة على فعل صدر منه ، فهو كما لو قتل نفسا أو أتلف مالا لأحد ، وإلى دخول الهدي في العمل المستأجر عليه ، وهو واضح(٢).

وقال الروحاني : (إذا أتى النائب بما يوجب الكفارة فهي من ماله ، سواء كانت النيابة بإجارة أو بتبرع)(٣).

وقال العلامة السبحاني : (ولو ارتكب النائب أحد المحرّمات فالكفارة عليه لا على المنوب عنه)(٤).

وقال المحقق العامليقدس‌سره : قوله : (وكل ما يلزم النائب من كفارة ففي ماله). المراد : كفارات الإحرام ، وإنما كانت في مال النائب لأنها عقوبة على جناية صدرت عنه ، أو ضمان في مقابلة إتلاف

__________________

(١) المحقق الحلي : جعفر بن الحسن : شرائع الإسلام : ج١ : ص ١٧١.

(٢) الجواهري : محمد حسن : جواهر الكلام : ج١٧ : ص ٣٩٨.

(٣) الروحاني : محمد الروحاني : مناسك الحج : ص ٤٥.

(٤) السبحاني : جعفر بن محمد حسين : مناسك الحج وأحكام العمرة : ص ١١.

٢٢٦

وقع منه ، فاختصت بالجاني(١).

وقال الفياض في تعليقه على ذلك : (للروايات التي تنص على أن الكفارات التي تترتب على ممارسة أشياء معينة أوان الاحرام للحج أو العمرة انما هي من أحكام المحرم ، فإنه إذا احرم حرمت عليه تلك الأشياء المعينة ، وإذا مارسها فعليه الإثم والكفارة)(٢).

وفي موثقة إسحاق الصحيحة عمن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه : (في الرجل يحج عن آخر فاجترح في حجه شيئا يلزمه فيه الحج من قابل أو كفارة؟ قال : (هي للأول تامة ، وعلى هذا ما اجترح)(٣).

وفي أخرى كذلك أيضا : (فإن ابتلى بشئ يفسد عليه حجه حتى يصير عليه الحج من قابل ، أيجزئ عن الأول؟ قال : (نعم) ، قلت : لأن الأجير ضامن للحج؟ قال : نعم)(٤).

__________________

(١) السيد محمد العاملي : محمد بن علي بن الحسين : مدارك الأحكام : ج٧ : ص ١٣٣.

(٢) الشيخ الفياض : محمد اسحاق : تعاليق مبسوطة : ج ٨ : ص ٣٨١.

(٣) الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج٤ : ص ٥٤٤.

(٤) الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة : ج ١١ : ص ١٨٥.

٢٢٧

المخالفة الخامسة : عدم التقيد بسنة الحج

قال السيد اليزدي قدس‌سره : (إذا آجر نفسه للحج في سنة معينة لا يجوز له التأخير ، بل ولا التقديم إلا مع رضى المستأجر ، ولو أخر لا لعذر أثم وتنفسخ الإجارة إن كان التعيين على وجه التقييد ، ويكون للمستأجر خيار الفسخ لو كان على وجه الشرطية ، وإن أتى به مؤخرا لا يستحق الأجرة على الأول وإن برئت ذمة المنوب عنه به ، ويستحق المسماة على الثاني إلا إذا فسخ المستأجر فيرجع إلى أجرة المثل ، وإذا أطلق الإجارة وقلنا بوجوب التعجيل لا تبطل مع الإهمال وفي ثبوت الخيار للمستأجر حينئذ وعدمه وجهان من أن الفورية ليست توقيتا ، ومن كونها بمنزلة الاشتراط)(١).

وقال السيد الخوئي قدس‌سره في بيان هذه المسالة : (أما التأخير فلا يجوز له مطلقا سواء كان التعيين على وجه التقييد كما استظهرناه في هذه الموارد أو على وجه الاشتراط كما هو المفروض في كلام المصنف. فلو أهمل وتخلف وآخره لا لعذر فلا ريب في أنه آثم)(٢).

__________________

(١) السيد اليزدي : محمد كاظم : العروة الوثقى : ج ٤ : ص ٥٥٣.

(٢) الخوئي : أبو القاسم بن علي أكبر : كتاب الحج : ج٢ : ص ٧٣.

٢٢٨

المطلب الثالث : افتراق النائب عن المنوب

وقع خلاف بين الاعلام ان النائب يعمل بتقليد نفسه او يعمل على طبق تكليف المنوب عنه. ونذكر في ذلك ثلاثة اقوال :

اولا : يعمل على تقليد المنوب عنه

قال السيد الخوئي قدس‌سره : (سؤال ٥٦٣ : عمل النائب في الحج هل هو على تقليد نفسه أم تقليد المنوب عنه؟ الخوئي : على تقليد المنوب عنه ، والله العالم)(١).

ثانيا : يعمل على تقليد نفسه الا اذا شرط عليه العمل طبق تقليد المنوب عنه.

قال السيد الكلبايكاني قدس‌سره : (س ـ ٢٩٧ ـ النائب في الحج هل يعمل وفق تقليد المنوب عنه؟ بسمه تعالى : يجب على النائب العمل وفق تقليد نفسه ، إلا إذا اشترط عليه العمل وفق تقليد المنوب عنه ، عندئذ تجب مراعاة ذلك مع الاتيان بما هو واجب أو شرط في صحة العمل وفق تقليد نفسه ، والله العالم)(٢).

وقال السيد السيستاني دام ظله السؤال١ : (هل يجب أن تكون أعمال النائب في الحجّ على طبق تقليده أو لابد من أن تكون

__________________

(١) السيد الخوئي : ابو القاسم علي اكبر : صراط النجاة : ج١ : ص ٢١٥.

(٢) السيد الگلپايگاني : محمد رضا : إرشاد السائل : ص ٨١.

٢٢٩

مطابقة لتقليد المنوب عنه.؟

الجواب : (يعمل على طبق تقليد نفسه ، نعم إذا كان أجيراً وفرض تقييد متعلق الإجارة بالصحيح في نظر المنوب عنه أو المستأجر صريحا أو لانصراف إطلاقه إليه كانت وظيفته حينئذٍ العمل بمقتضاه ما لم يتيقن بفساد العبادة معه)(١).

ثالثا : اذا كان المنوب عنه ميتا فعلى تقليد نفسه

قال الشيخ التبريزي قدس‌سره : (يضاف إلى جوابه يقصد السيد الخوئي قدس‌سره : (إلا إذا كان المنوب عنه ميتا ولم يوص بالحج فإن النائب يأتي عندئذ على حسب تقليد نفسه)(٢).

خلاصة الفصل الثالث :

تعرضنا في هذا الفصل الى عدة مباحث مهمة ، وهي شرائط النيابة ، ومنها قصد النية فبعض الفقهاء اعتبروا قصد النية وبعضهم لم يعتبرها بل يستحب ذكر المنوب عنه ، وكذلك تعرضنا الى التبرع عن الميت وذكرنا انه لا خلاف بين الاعلام في ذلك ، واما التبرع عن الحي فذكرنا ان الفقهاء اختلفوا الى اقوال متعددة ، ثم قلنا لا

__________________

(١) موقع السيد السيستاني :

http : //www. sistani. org/arabic/book/٣٤٨٧/١٤

(٢) الميرزا جواد التبريزي : جواد علي : صراط النجاة : ج١ : ص ٢١٥.

٢٣٠

تشترط المماثلة بين النائب والمنوب عنه ، وبعد ذلك تعرضنا الى الاقوال في الحج الصرورة وقد وقع الخلاف بين الفقهاء في هذه الحج الصرورة للمراة فهل يجوز الحج الصرورة لللمراة ام لا ، وقد قلنا كذلك ان النيابة يشترط فيها سعة الوقت وقد اختلف الفقهاء فيمن ضاق وقته بين الاجزاء وعدم الاجزاء ، وقد قلنا انه لا يجوز النيابة عن المتعدد في الواجب وتجوز في المستحب ، وكذلك قلنا انه يجوز ان ينوب جماعة عن واحد.

وفي المبحث الثاني ، تعرضنا الى شرائط النائب التي يجب ان تتوفر وقد اتفق الفقهاء في بعض الشرائط واختلفوا في بعضها الاخر فمن اتفاقهم انهم اتفقوا على شرط العقل والاسلام وان يكون قادرا على افعال الحج ، واختلفوا في بقية الشرائط من البلوغ والايمان والعدالة ومعرفة النائب في افعال الحج ومشغولية ذمة النائب.

وتعرضنا في المبحث الثالث ، الى شرائط المنوب عنه وهي الاسلام ، والايمان ، والميت ، والعاجز ، وقد وقع الخلاف في الايمان والاسلام فهل يجوز النيابة عن غير المسلم والمؤمن ام يجوز ، وكذلك تعرضنا الى الوصية بالحج والمنذور فهل تخرج من الاصل ام من الثلث.

واما في المبحث الاخير ، فهي في مخالفات النائب وقسمناها الى

٢٣١

المخالفات في الهيئة وهي فيما اذا خالف النائب ولم ياتي بالنوع الذي شرط عليه من انواع الحج ، وكذلك المخالفة في البلد وتغيير النية ، وكذلك تعرضنا في اختلاف النائب عن المنوب في التقليد.

٢٣٢

الفصل الرابع

النيابة في العمرة والمناسك الاخرى

المبحث الاول

النيابة في العمرة المفردة وحكمها

المطلب الاول : العمرة في اللغة والاصطلاح

اولا : العمرة لغة :

العمرة ، بالضم : هي الزيارة التي فيها عمارة الود(١).

والاعتمار والعمرة الزيارة التي فيها عمارة الود(٢).

ثانيا : العمرة اصطلاحا :

قال الشيخ الطوسي قدس‌سره : (عبارة عن زيارة البيت الحرام لاداء مناسك عنده)(٣).

وقال العلامة الحلي قدس‌سره : (وفي الشرع عبارة عن زيارة البيت

__________________

(١) الزبيدي : محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق : تاج العروس : ج ٧ : ص ٢٦١.

(٢) الراغب الأصفهانى : الحسين بن محمد بن المفضل : مفردات غريب القرآن : ص ٣٤٧.

(٣) الشيخ الطوسي : أبو جعفر محمد بن الحسن : المبسوط : ج ١ : ص ٢٩٦.

٢٣٣

الحرام لأداء مناسك عنده)(١).

وقال الشيخ بان ادريس الحلي قدس‌سره : (وفي الشريعة عبارة عن زيارة البيت الحرام ، لأداء مناسك عنده)(٢).

المطلب الثاني : انواع العمرة

تنقسم العمرة الى العمرة المفردة والى عمرة التمتع(٣).

قال الشيخ اسحاق الفياض : (العمرة كالحج(٤) ، فقد تكون واجبة

__________________

(١) العلامة الحلي : الحسن بن يوسف : تذكرة الفقهاء : ج ٧ : ص ٨.

(٢) الشيخ ابن ادريس الحلي : محمّد بن منصور بن أحمد : السرائر : ج ١ : ص ٥٠٦.

(٣) المحقق النراقي : محمد مهدي : مستند الشيعة : ج١١ : ص ١٦.

(٤) قال الشيخ الفياض : العمرة تشبه الحج في الجهات التالية : الأولى : كما أن الحج ينقسم إلى الواجب والمستحب تارة ، والى التمتع والافراد تارة أخرى ، كذلك العمرة تنقسم تارة إلى العمرة الواجبة والمستحبة ، وأخرى إلى المتعة والمفردة. الثانية : ان العمرة تشبه الحج في جملة من واجباتها من الاحرام والطواف وصلاته والسعي بين الصفا والمروة ، وتفترق في جملة أخرى منها ، وهي التي يمارسها الحاج في خارج مكة كالوقوف بالموقفين واعمال منى ، بينما تقتصر واجبات العمرة في داخل مكة ما عدا الإحرام. الثالثة : ان العمرة تشبه الحج في انه مستحب عموما باستثناء الحجة الأولى للمستطيع ، فإنها واجبة باسم حجة الاسلام ، سواء أكانت متعة أم كان افرادا أم قرانا ، والعمرة مستحبة عموما باستثناء العمرة الأولى للمستطيع ، فإنها واجبة عليه شريطة أن يكون موطنه ومسكنه دون ستة عشر فرسخا إلى المسجد الحرام. المصدر : الفياض : محمد اسحاق : تعاليق مبسوطة : ج ١٠ : ص ٨١ ـ ٨٦.

٢٣٤

وقد تكون مندوبة ، وقد تكون مفردة ، وقد تكون متمتعا بها(١).

وقال الشيخ الحر العامليقدس‌سره : (

اولا : العمرة الواجبة اثنا عشر نوعا.

١ ـ عمرة التمتّع الواجبة بأصل الشرع على المستطيع.

٢ ـ العمرة التالية لحجّ الإفراد كذلك.

٣ ـ العمرة التالية لحجّ القران كذلك.

٤ ـ العمرة المفردة الواجبة بالشروع.

٥ ـ عمرة التمتّع الواجبة بالشروع.

٦ ـ العمرة الواجبة بالنذر.

٧ ـ العمرة الواجبة بالعهد.

٨ ـ العمرة الواجبة باليمين.

٩ ـ العمرة الواجبة بالإفساد.

١٠ ـ العمرة الواجبة للتحلَّل إذا فات الحجّ.

١١ ـ العمرة الواجبة بالنيابة إذا وجبت.

١٢ ـ العمرة الواجبة لدخول مكَّة أو الحرم إن وجب.

ثانيا ـ العمرة المندوبة قبل الشروع اثنا عشر نوعا.

__________________

(١) الشيخ الفياض : محمد اسحاق : تعاليق مبسوطة : ج١٠ : ص ٨١.

٢٣٥

١ ـ عمرة التمتّع سوى الواجب.

٢ ـ العمرة التالية لحجّ القران كذلك.

٣ ـ العمرة التالية لحجّ الإفراد كذلك.

٤ ـ العمرة المتطوّع بها عن الغير.

٥ ـ العمرة المفردة عن الحجّ.

٦ ـ العمرة لدخول مكَّة إذا لم يجب.

٧ ـ العمرة لدخول الحرم كذلك.

٨ ـ العمرة عند دخول كلّ شهر بعد العمرة السابقة.

٩ ـ العمرة عند مضيّ عشرة أيّام بعد السابقة.

١٠ ـ عمرة غير البالغ.

١١ ـ عمرة العبد مع الإذن.

١٢ ـ عمرة الأمة معه.)(١)

المطلب الثالث : الفرق بين العمرة المفردة وعمرة التمتع

قال السيد السيستاني(٢) : قدس‌سره تشترك العمرة المفردة مع عمرة التمتع في أعمالها ، وتفترق عنها في أمور :

(١) أن العمرة المفردة يجب لها طواف النساء ، ولا يجب ذلك

__________________

(١) الحر العاملي : محمد بن الحسن : هداية الامة الى احكام الائمة : ج٥ : ص ٤٤٩.

(٢) السيد السيستاني : علي محمد باقر : مناسك الحج : ص ٦٤ ـ ٦٥.

٢٣٦

لعمرة التمتع.

(٢) أن عمرة التمتع لا تقع إلا في أشهر الحج ، وهي : شوال ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، وتصح العمرة المفردة في جميع الشهور ، وأفضلها شهر رجب.

(٣) ينحصر الخروج عن الاحرام في عمرة التمتع بالتقصير فقط ، ولكن الخروج عن الاحرام في العمرة المفردة يتحقق بالتقصير وبالحلق ، والحلق أفضل. هذا بالنسبة إلى الرجال ، وأما النساء فيتعين عليهن التقصير مطلقا.

(٤) يجب أن تقع عمرة التمتع والحج في سنة واحدة على ما يأتي ، وليس كذلك في العمرة المفردة ، فمن وجب عليه حج الافراد والعمرة المفردة صح منه أن يأتي بالحج في سنة ، والعمرة في سنة أخرى.

(٥) أن من جامع في العمرة المفردة عالما عامدا قبل الفراغ من السعي فسدت عمرته بلا إشكال ، ووجبت عليه الإعادة بأن يبقى في مكة إلى الشهر القادم فيعيدها فيه ، وأما من جامع في عمرة التمتع فحكمه غير ذلك.

٢٣٧

المطلب الرابع : فضل العمرة

هناك روايات كثيرة ذكرت في فضل العمرة ، منها

١ ـ عمر بن أذينة عن الإمام الصادق عليه‌السلام : (سألته عن قوله تعالى : (الحج الأكبر) ، فقال : الحج الأكبر الوقوف بعرفة ورمي الجمار ، والحج الأصغر العمرة)(١).

٢ ـ عن عبد الله بن طلحة النهدي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (أربعة لا ترد لهم دعوة حتى تفتح لهم أبواب السماء وتصير إلى العرش الوالد لولده ، والمظلوم على من ظلمه ، والمعتمر حتى يرجع والصائم حتى يفطر)(٢).

٣ ـ عن الحر العاملي بسنده عن الامام الرضا عليه‌السلام : (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما)(٣).

٤ ـ عن زرارة : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : (الذي يلي الحج في الفضل؟ قال : العمرة المفردة ، ثم يذهب حيث شاء)(٤).

__________________

(١) الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج ٤ : ص ٢٦٥. البروجردي : حسين بن السيد علي : جامع أحاديث الشيعة ، ج١٠ ، ص ٢٢٢.

(٢) الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج٢ : ص ٥١٠.

(٣) الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة(ال البيت) : ج١٤ : ص ٣٠١.

(٤) الطوسي : أبو جعفر محمد بن الحسن : تهذيب الاحكام : ج٥ : ص ٤٣٣.

٢٣٨

٥ ـ عن الحسين بن خالد قال : (سألت أبا الحسن موسى عليه‌السلام ..... لأن الله عز وجل أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة ، وأتم صيام شهر رمضان الفريضة بصيام النافلة ، وتمم الحج بالعمرة)(١).

المطلب الخامس : حكم العمرة

قال الشيخ الطوسيقدس‌سره : (العمرة فريضة مثل الحج. دليلنا : قوله تعالى(وأتموا الحج والعمرة لله)(٢). والإتمام لا يتم إلا بالدخول ، فوجب الدخول أيضا. وروي عن علي عليه السلام وعمر أنهما قالا : إتمامها أن تحرم بها من دويرة أهلك(٣).

__________________

(١) البرقي : أحمد بن محمد بن خالد : المحاسن : ج ٢ : ص ٣١٣.

(٢) سورة البقرة : الاية ١٩٦.

(٣) البيهقي : أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخراسان : سنن البيهقي : ج ٤ : ص ٣٤١ أحكام القرآن للجصاص ١ : ٢٦٣ ، وتفسير القرطبي ٢ : ٣٦٥.

٢٣٩

وروي عن ابن مسعود أنه قرأ : وأقيموا الحج والعمرة لله(١). وأيضا فإن الله تعالى قرن العمرة بالحج في قوله : وأتموا الحج والعمرة لله بلفظ واحد ، فإذا كان الحج واجبا فالعمرة مثله. وأيضا عليه إجماع الفرقة. وأيضا فإذا اعتمر برئت ذمته بلا خلاف ، وإذا لم يعتمر لم تبرأ ذمته بيقين ، فالاحتياط يقتضي فعليها)(٢).

وقال ابن البراج قدس‌سره : (العمرة واجبة كالحج ، والمطلق منها كالمطلق منه ، وما ليس بمطلق منها مثل ما ليس بمطلق منه. وهي على ضربين ، عمرة متمتع بها إلى الحج ، والآخر عمرة مفردة

__________________

(١) البيهقي : أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخراسان : سنن البيهقي : ج ٤ : ص ٣٤١ ، و٥ : ٣٠ ، وتفسير القرطبي ٢ : ٣٦٥. أحكام القرآن للجصاص ١ : ٢٦٣ ، وسنن البيهقي ٤ : ٣٤١ ، و٥ : ٣٠ ، وتفسير القرطبي ٢ : ٣٦٥. ، وذكر السيوطي في الدر المنثور : ج ١ : ص ٢٠٩ قائلا : وأخرج عبد بن حميد وابن أبي داود في المصاحف عن ابن مسعود أنه قرأ : وأقيموا الحج والعمرة للبيت ، ثم قال : والله لولا التحرج أني لم أسمع فيها من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لقلنا إن العمرة واجبة مثل الحج. أما القرطبي في تفسيره : ج ٢ : ص ٣٦٩ قال : وفي مصحف ابن مسعود وأتموا الحج والعمرة إلى البيت لله وروى عنه : وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت.

(٢) الطوسي : أبو جعفر محمد بن الحسن : الخلاف : ج٢ : ص ٢٦٣.

٢٤٠