النيابة في الحج

الشيخ عبد الرضا البهادلي

النيابة في الحج

المؤلف:

الشيخ عبد الرضا البهادلي


الموضوع : الفقه
الناشر: مركز عين للدراسات والبحوث المعاصرة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٧

الامر الاول : من استقر عليه الحج ولم يرج تمكنه.

من استقرّ عليه الحجّ وسوّف وأهمل حتّى مرض أو كبر وضعف من أداء الحجّ بنفسه ، أو كان أداؤه حرجاً عليه بحيث لا يتمكّن من مباشرة الحجّ بنفسه.

اتفق فقهاء المذهب ان من استقر عليه الحج ، ولم يتمكن من الاداء والمباشرة بنفسه لمرض لا يرجى زواله او حصر او هرم بحيث لا يقدر على اداء الحج فيجب الاستنابة(١).

قال العلامة الحليقدس‌سره : (العبادات قد تقبل النيابة على بعد ، لكن جازت في الحج عند العجز عن المباشرة إما بموت أو كبر لا يتمكن معه من الركوب والتثبت على الدابة ، أو زمانة أو عضب كذلك ، أو مرض لا يرجى زواله)(٢).

وقد استدل الفقهاء على جواز الحج عن الحي العاجز بعدة

__________________

(١) انظر : العاملي : محمد بن علي : مدارك الأحكام : ٧ ، ١١٤ ، وانظر : الجواهري : محمد حسن : جواهر الكلام ، ج ١٧ ، ص ٣٦٣. وانظر : اليزدي : محمد كاظم : العروة الوثقى : ٦ ، ٢٠٢. وانظر السيد الخونساري : أحمد بن السيّد يوسف : جامع المدارك ، ج٢ ، ص ٣٠٥. وانظر الشيخ فاضل اللنكراني : أحكام الحج من تحرير الوسيلة ، ص ٤١ ـ ٤٢

(٢) العلامة الحلي : الحسن بن يوسف : تذكرة الفقهاء (ط. ج) : ج ٧ : ص ١٢٦.

٢٠١

روايات :

منها ما عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : (إن عليا عليه‌السلام رأى شيخا لم يحج قط ، ولم يطق الحج من كبره ، فأمره أن يجهز رجلا فيحج عنه)(١).

ومنها ما عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : (كان علي عليه‌السلام يقول : لو أن رجلا أراد الحج فعرض له مرض أو خالطه سقم فلم يستطع الخروج فليجهز رجلا من ماله ثم ليبعثه مكانه)(٢).

الامر الثاني : الموسر المستطيع ولكن لا يستطيع عام الاستطاعه.

قال السيد الخوئي قدس‌سره : (أنّ من كان موسراً ومستطيعاً من حيث المال في هذه السنة ، ولكن لايتمكّن من المباشرة لعروض مانع من الموانع كمرض أو حصر أو نحوهما ، فالمشهور أيضاً وجوب الاستنابة)(٣).

واستدل الخوئي برواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ـ في

__________________

(١) الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة : ج١١ : ص ٦٤.

(٢) الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج ٤ : ٢٧٣.

(٣) السيد الخوئي : أبو القاسم بن علي أكبر : كتاب الحج : ج ١ : ص ٢٣٩.

٢٠٢

حديث ـ قال : (وإن كان موسرا وحال بينه وبين الحج مرض أو حصر أو أمر يعذره الله فيه فإنّ عليه أن يحج عنه من ماله صرورة لا مال له)(١).

الامر الثالث : العاجز الذي يرجى زوال عذره

لهذه الحالة توجد عدة صور

الصورة الاولى : يجب الاعادة مع زوال العذر

لو استناب الشخص مع رجائه زوال العذر فالمشهور بين الاعلام بوجوب الاعادة.

قال السيد اليزدي قدس‌سره : (ولو استناب مع كون العذر مرجو الزوال لم يجز عن حجة الإسلام فيجب عليه بعد زوال العذر)(٢).

وقال الامام الخميني قدس‌سره : (ولو استناب مع رجاء الزوال لم يجز عنه ، فيجب بعد زواله)(٣).

الصورة الثانية : لا تجب الاعادة مع زوال العذر

ذهب السيد الخوئي الى عدم الاعادة حيث قال : وإن اتفق

__________________

(١) الطوسي : أبو جعفر محمد بن الحسن : تهذيب الاحكام : ج ٥ : ص ١٤.

(٢) السيد اليزدي : محمد كاظم : العروة الوثقى : ج ٤ : ص ٤٤٠.

(٣) الامام الخميني : روح الله بن مصطفى : تحرير الوسيلة : ج١ : ص٣٨٢.

٢٠٣

الارتفاع بعد ذلك فالمشهور أنه يجب عليه مباشرة وإن كان بعد اتيان النائب ، بل ربما يدعي عدم الخلاف فيه.

ثم قال السيد الخوئي قدس‌سره : (لكن الأقوى عدم الوجوب لأن ظاهر الأخبار أن حج النائب هو الذي كان واجبا على المنوب عنه فإذا أتى به فقد حصل ما كان واجبا عليه ولا دليل على وجوبه مرة أخرى)(١).

الصورة الثالثة : لا تجب الاعادة مع حصول الياس

اذا حصل الياس بعد نيابة النائب فلا يجب الاعادة على المنوب عنه.

قال الامام الخميني قدس‌سره : (ولو حصل اليأس بعد عمل النائب فالظاهر الكفاية)(٢).

وقال السيد اليزدي قدس‌سره : (ولو استناب مع رجاء الزوال وحصل اليأس بعد عمل النائب فالظاهر الكفاية وعن صاحب المدارك عدمها ووجوب الإعادة لعدم الوجوب مع عدم اليأس فلا يجزئ عن الواجب ، وهو كما ترى)(٣).

__________________

(١) الخوئي : أبو القاسم بن علي أكبر : كتاب الحج : ج١ : ص ٢٤٢.

(٢) الخميني : روح الله بن مصطفى : تحرير الوسيلة : ج ١ : ص ٣٨٢.

(٣) السيد اليزدي : محمد كاظم : العروة الوثقى : ج ٤ : ص ٤٤٠.

٢٠٤

الصورة الرابعة : لا تجب الاستنابة مع رجاء زوال العذر

قال صاحب المدارك قدس‌سره : (وانما تجب الاستنابة مع اليأس من البرء ، فلو رجا البرء لم تجب عليه الاستنابة إجماعا ، ولو حصل له اليأس بعد الاستنابة وجبت عليه الإعادة ، لأن ما فعله أولا لم يكن واجبا ، فلا يجزي عن الواجب)(١).

الامر الرابع : وجوب الاستنابة للحي العاجز فوري

الشخص الذي استقر عليه الحج ولم يتمكن بنفسه يجب عليه الاستننابة ووجوب الاستنابة كما صرح الفقهاء فوري كوجوب الحج.

قال الميرزا جواد : (ووجوب الاستنابة كوجوب الحج فوري)(٢).

وقال السيد السيستاني دام ظله : (ووجوب الاستنابة فوري كفورية الحج المباشري)(٣).

الامر الخامس : اذا لم يتمكن المعذور من الاستنابة

__________________

(١) السيد العاملي : محمد بن علي الموسوي : مدارك الأحكام : ج٧ : ص ٥٧.

(٢) الشيخ التبريزي : جواد بن الحاج علي : مناسك الحج : ص ٣٤. وكذا الروحاني : محمد الروحاني : مناسك الحج : ص ٢٨.

(٣) السيستاني : علي محمد باقر : مناسك الحج : ص ٣٤.

٢٠٥

قال السيد الخوئيقدس‌سره : (إذا لم يتمكن المعذور من الاستنابة لعدم وجود النائب أو وجوده مع عدم رضاه إلا بأخذ مال كثير يبلغ الحرج والاجحاف ، أو يبلغ حد الضرر الزائد على المتعارف ، لا تجب الاستنابة لعدم القدرة ، أو لنفي الحرج أو لنفي الضرر بناءا على ما ذكرنا من جريانه حتى في الأحكام الضررية إذا كان الضرر اللازم أزيد من المتعارف الذي يقتضيه طبع الحج)(١).

الامر السادس : لا يجوز التبرع عن الحي العاجز بالحج

قال السيد الخوئي قدس‌سره : (المستفاد من النصوص لزوم الاحجاج والارسال إلى الحج والتجهيز إليه ، ونشك في سقوط ذلك بفعل الغير تبرعا ومقتضى الأصل عدمه ، بل مقتضي الاطلاق المستفاد من الروايات وجوب الاستنابة ، وأن يكون حج الغير مستندا إليه بالتسبيب ، فإن الواجب عليه اتيان الحج مباشرة أو تسبيبا وشئ منهما لا يصدق على الحج التبرعي ، فإن الظاهر من قوله عليه‌السلام : ((ليجهز رجلا) كما في روايات الشيخ الكبير أن يكون الحج الصادر من الغير بأمره وتسبيبه ولا دليل على سقوطه بفعل الغير تبرعا)(٢).

__________________

(١) الخوئي : أبو القاسم بن علي أكبر : كتاب الحج : ج١ : ص ٢٥٠.

(٢) انظر : الخوئي : أبو القاسم بن علي أكبر : كتاب الحج : ج١ : ص ٢٥١.

٢٠٦

الامر السابع : تكفي الاستنابة من الميقات

قال السيد الخوئي : (وذلك لأن المذكور في صحيح معاوية بن عمار ، والحلبي وابن سنان (أن يجهز رجلا ليحج عنه وأن يحج عنه من ماله) ولم يؤخذ الابتداء من مكان خاص ، أو من بلده ، فلو أعد مالا وجهز رجلا ليحج عنه من أي مكان كان صدق أنه جهز رجلا للحج عنه)(١).

المطلب الرابع : ان يكون المنوب عنه ميتا

وهذا من شروط صحة النيابة في الحج فالمنوب عنه اما ان يكون عاجزا عن اداء الحج او ميتا ولم يختلف الفقهاء في جواز النيابة عن الميت بل هي مسألة اجماعية في ذلك(٢). وفي ذلك عدة امور

الامر الاول : صحة الاجارة حال موت المنوب عنه

قال العلامة الحلي قدس‌سره : (الاستيجار للحج جائزة وتبرء ذمة

__________________

(١) انظر : الخوئي : أبو القاسم بن علي أكبر : كتاب الحج : ج١ : ص ٢٥٢.

(٢) انظر : ابن زهرة الحلبي : حمزة بن علي : غنية النزوع : ١٩٦ ـ ١٩٧. القمي : علي بن محمد : جامع الخلاف والوفاق ، ص ٢٢٢. وكذا انظر : العلامة الحلي : الحسن بن يوسف : تحرير الأحكام ، ج ٢ ، ص ١٠١. وكذا انظر المحقق الحلي : جعفر بن الحسن : المعتبر : ٢ ، ٧٦٥. المرتضى : علي بن الحسين الناصريات : ٣١٣.

٢٠٧

المحجوج عنه ، إذا كان ميتا)(١).

وقال الشهيد الاول قدس‌سره : (شرط النيابة في الواجب موت المنوب)(٢).

وقال المحقق السبزواري قدس‌سره : (ومن شرائط النيابة موت المنوب أو عجزه)(٣)

وقال صاحب الحدائق قدس‌سره : (من شرائط النيابة في الواجب أيضا موت المنوب عنه)(٤).

قال السيد اليزدي قدس‌سره : (ويشترط فيه أيضا كونه ميتا ، فلا تصح النيابة عن الحي)(٥).

وقال الامام الخميني قدس‌سره : (ويشترط كونه ميتا أو حيا عاجزا في

__________________

(١) المحقق الحلي : جعفر بن الحسن : المعتبر : ج ٢ : ص ٧٦٥.

(٢) الشهيد الاول : شمس الدين أبو عبد الله محمد بن جمال الدين : الدروس : ج ١ : ص ٣٢٠.

(٣) المحقق السبزواري : محمد باقر بن المولى محمد مؤمن : ذخيرة المعاد (ط. ق) : ج ١ ، ق ٣ : ص ٥٦٨.

(٤) المحقق البحراني : يوسف بن أحمد بن إبراهيم : الحدائق الناظرة : ج ١٤ : ص ٢٤٣.

(٥) اليزدي : محمد كاظم : العروة الوثقى : ج ٤ : ص ٥٣٧.

٢٠٨

الحج الواجب)(١).

الامر الثاني : فروع في الميت

الفرع الاول : قضاء الحج من اصل التركة من استقر عليه الحج ولم يوص.

قال العلامة الحليقدس‌سره : (إذا كملت شرائط الحج فأهمل ، أثم ، فإن حج في السنة المقبلة ، برئت ذمته ، ويجب عليه المبادرة على الفور ولو مشيا. وإن مات ، وجب أن يخرج عنه حجة الإسلام وعمرته من صلب المال ، ولا تسقط بالموت عند علمائنا أجمع)(٢).

وقال الشيخ الجواهريقدس‌سره : (فإن لم يفعل حتى (مات) ولو لعدم تمكنه (قضي عنه) أي فعل عنه (من أصل تركته) كسائر الديون لا من الثلث بلا خلاف أجده فيه بيننا ، بل الاجماع بقسميه عليه أيضا)(٣).

ومستند الحكم هذه الرويات

منها : صحيحة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه‌السلام في حديث قال :

__________________

(١) الامام الخميني : روح الله بن مصطفى بن أحمد : تحرير الوسيلة : ج١ : ص ٣٩٢.

(٢) العلامة الحلي : الحسن بن يوسف : تذكرة الفقهاء (ط. ج) : ج ٧ : ص ٩٦.

(٣) الجواهري : محمد حسن : جواهر الكلام : ج ١٧ : ص ٣١٤.

٢٠٩

(يقضى عن الرجل حجة الاسلام من جميع ماله)(١).

ومنها : موثقة سماعة بن مهران قال سئلت ابا عبد اللّه عليه‌السلام : (عن الرجل يموت ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها وهو موسر فقال : يحج عنه من صلب ماله لا يجوز غير ذلك)(٢).

ومنها : صحيحة بريد العجلى عن ابى عبد اللّه عليه‌السلام : (قال سالته عن رجل استود عنى مالا وهلك وليس لولده شيء ولم يحج حجة الاسلام قال : حج عنه وما فضل فاعطهم)(٣).

الفرع الثاني : لو اوصى بحجة الاسلام

١ ـ قال ابن حمزة قدس‌سره : (وإن أوصى بحجة الإسلام كان من أصل المال)(٤).

٢ ـ وقال السيد الگلپايگاني قدس‌سره : (لو أوصى بحجة الاسلام أو النذري ، أخرجت من أصل التركة)(٥).

٣ ـ وقال الشيخ الفياض قدس‌سره : (تقضى حجة الإسلام من أصل

__________________

(١) الطوسي : ابو جعفر محمد بن الحسن : التهذيب : ج١٥ : ص ٤٠٤.

(٢) الطوسي : ابو جعفر محمد بن الحسن : التهذيب : ج١٥ : ص ١٥.

(٣) الكليني : محمد بن يعوب : الكافي : ج٤ : ص ٣٠٦.

(٤) ابن حمزة الطوسي : محمد بن علي : الوسيلة : ص ٣٧٧.

(٥) الگلپايگاني : محمد رضا : مناسك الحج : ص ٥٧.

٢١٠

التركة .... ، وإن أوصى بها من غير تعيين كونها من الأصل أو الثلث فكذلك أيضا)(١).

وقد استدل على ذلك بالروايات

منها ما عن معاوية بن عمار عن ابى عبد اللّه عليه‌السلام : (قال سئلت عن رجل مات واوصى ان يحج عنه قال ان كان صرورة حج عنه من وسط المال وان كان غير صرورة فمن الثلث)(٢).

ومنها رواية حارث بيّاع الانماط انه سئل ابو عبد اللّه عليه‌السلام : (عن رجل اوصى بحجة فقال ان كان صرورة فهى من صلب ماله انما هى دين عليه وان كان قد حج فهى من الثلث)(٣).

الفرع الثالث : لو اوصى باخراج حجة الاسلام من الثلث

قال السيد اليزدي قدس‌سره : (وأما إن أوصى بإخراجها من الثلث وجب إخراجها منه ، وتقدم على الوصايا المستحبة وإن كانت متأخرة عنها في الذكر ، وإن لم يف الثلث بها أخذت البقية من الأصل)(٤).

__________________

(١) الفياض : محمد إسحاق : تعاليق مبسوطة : ج ٨ : ص ٢١٢.

(٢) الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج٧ : ص ١٨.

(٣) الطوسي : ابو جعفر محمد بن الحسن : التهذيب : ج٩ : ص ٢٢٩.

(٤) اليزدي : محمد كاظم : العروة الوثقى : ج٤ : ٤٥٦.

٢١١

وقال السيد الخوئي قدس‌سره : (وأما إن أوصى باخراجها من الثلث وجب اخراجها منه وتقدم على الوصايا المستحبة وإن كانت متأخرة عنها بالذكر. وإن لم يف الثلث بها أخذت البقية من الأصل)(١).

وقد استدل على ذلك بالرواية الخاصة ، مثل ما روي عن معاوية بن عمار قال : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة أوصت بمال في الصدقة والحج والعتق ، فقال : ابدأ بالحج فإنه مفروض فإن بقي شئ فاجعل في الصدقة طائفة وفي العتق طائفة)(٢).

الفرع الرابع : حج النذر عن الميت

ويوجد في حج النذر عن الميت قولان بعضهم قال يخرج من الثلث ، والاخر يخرج من اصل التركة لانه دين.

قال المحقق البحراني قدس‌سره : (اختلف الأصحاب(رضوان الله عليهم) في أن من مات وعليه حجة الاسلام وأخرى منذورة قد استقرتا في ذمته ، بعد الاتفاق على أن مخرج حجة الاسلام من أصل التركة ـ في أن مخرج حجة النذر هل هو من الأصل أيضا أو

__________________

(١) الخوئي : أبو القاسم بن علي أكبر : كتاب الحج : ج١ : ص ٢٩٧.

(٢) الشيخ الصدوق : علي بن الحسين بن موسى بن بابويه : من لا يحضره الفقيه : ج ٢ : ص ٤٤٢.

٢١٢

من الثلث؟ قولان ، أولهما لابن إدريس وعليه أكثر المتأخرين ، والثاني للشيخ في النهاية والمبسوط والتهذيب ، ونقله في المختلف عن ابن الجنيد قال)(١).

القول الاول : تخرج المنذورة من الثلث

وقال المحقق الحلي قدس‌سره : (من مات وعليه حجة الإسلام وأخرى منذورة أخرجت حجة الإسلام من الأصل ، والمنذورة من الثلث)(٢).

قال ابن فهد الحلي : من مات وعليه حجة الإسلام وأخرى منذورة ، أخرجت حجة الإسلام من الأصل ، والمنذورة من الثلث ، وفيه وجه آخر(٣).

وقال الشيخ الفاضل الآبي قدس‌سره : (من مات وعليه حجة الإسلام وأخرى منذورة أخرجت

حجة الإسلام من الأصل والمنذورة من الثلث)(٤).

القول الثاني : تخرج من الاصل

__________________

(١) المحقق البحراني : يوسف بن أحمد بن إبراهيم : الحدائق الناظرة : ج١٤ : ص ٢٣٦.

(٢) المحقق الحلي : جعفر بن الحسن : المختصر النافع : ص ٧٨.

(٣) ابن فهد الحلي : أحمد بن محمّد الأسدي : المهذب البارع : ج ٢ : ص ١٣٩.

(٤) الفاضل الآبي : زين الدين أبي علي الحسن : كشف الرموز : ج ١ : ص ٣٣٥.

٢١٣

وقال السيد اليزدي قدس‌سره : (والأقوى أن حج النذر أيضا كذلك ، بمعنى أنه يخرج من الأصل كما سيأتي الإشارة إليه)(١).

وقال السيد الكلبايكانيقدس‌سره : (تقضى حجة الاسلام من أصل التركة ، وكذلك الحج المنذور يخرج من الأصل)(٢).

الفرع الخامس : ما لو كان عليه مستحقات زائدا حجة الاسلام وقصرت التركة عن الوفاء بالجميع.

قال السيد الخمينيقدس‌سره : (ولو كان عليه دين أو خمس أو زكاة وقصرت التركة فإن كان المال المتعلق به الخمس أو الزكاة موجودا قدما فلا يجوز صرفه في غيرهما ، وإن كانا في الذمة فالأقوى توزيعه على الجميع بالنسبة ، فإن وفت حصة الحج به فهو ، وإلا فالظاهر سقوطه وإن وفت ببعض أفعاله كالطواف فقط مثلا ، وصرف حصته في غيره ، ومع وجود الجميع توزع عليها ، وإن وفت بالحج فقط أو العمرة فقط ففي مثل حج القران والافراد لا يبعد وجوب تقديم الحج وفي حج التمتع فالأقوى السقوط وصرفها في الدين)(٣).

__________________

(١) اليزدي : محمد كاظم : العروة الوثقى : ج٤ : ص ٤٥٦.

(٢) السيد الگلپايگاني : محمد رضا : مناسك الحج : ص ٣٧.

(٣) الامام الخميني : روح الله بن مصطفى : تحرير الوسيلة : ج ١ : ص ٣٨٥.

٢١٤

وقال السيد اليزدي قدس‌سره : (ولو كان عليه دين أو خمس أو زكاة وقصرت التركة فإن كان المال المتعلق به الخمس أو الزكاة موجودا قدم لتعلقهما بالعين ، فلا يجوز صرفه في غيرهما ، وإن كانا في الذمة فالأقوى أن التركة توزع على الجميع بالنسبة ، كما في غرماء المفلس ، وقد يقال بتقدم الحج على غيره ، وإن كان دين الناس ، لخبر معاوية بن عمار الدال على تقديمه على الزكاة ، ونحوه خبر آخر لكنهما موهونان بإعراض الأصحاب مع أنهما في خصوص الزكاة ، وربما يحتمل تقديم دين الناس لأهميته ، والأقوى ما ذكر من التخصيص ، وحينئذ فإن وفت حصة الحج به فهو ، وإلا فإن لم تف إلا ببعض الأفعال كالطواف فقط أو هو مع السعي فالظاهر سقوطه وصرف حصته في الدين أو الخمس أو الزكاة ، ومع وجود الجميع توزع عليها ، وإن وفت بالحج فقط أو العمرة ففي مثل حج القران والإفراد تصرف فيهما مخيرا بينهما ، والأحوط تقديم الحج ، وفي حج التمتع الأقوى السقوط وصرفها في الدين وغيره ، وربما يحتمل فيه أيضا التخيير. أو ترجيح الحج لأهميته أو العمرة لتقدمها ، لكن لا وجه لها بعد كونهما في التمتع عملا واحدا ،

٢١٥

وقاعدة الميسور لا جابر لها في المقام)(١).

__________________

(١) اليزدي : محمد كاظم : العروة الوثقى : ج ٤ : ص ٤٥٩.

٢١٦

المبحث الرابع

مخالفات النائب وما تفترق فيه افعال النائب عن المنوب

عنه

المطلب الاول : مخالفات النائب

المخالفة الاولى : في الهيئة

إذا عين المستنيب نوعا خاصا للنائب كالتمتع أو الإفراد أو القران ، فلا يجوز العدول الى غيره(١).

وقال العاملي قدس‌سره : (ومقتضى قواعد الإجارة أنه يعتبر في صحة الإجارة على الحج تعيين النوع الذي يريده المستأجر لاختلافها في الكيفية والأحكام ، وأن الأجير متى شرط عليه نوع معين وجب عليه الإتيان به ، لأن الإجارة إنما تعلقت بذلك المعين ، فلا يكون الآتي بغيره آتيا بما استؤجر عليه ، سواء كان أفضل مما استؤجر عليه أم لا)(٢).

ولهذه المخالفة ثلاث حالات :

الحالة الأولى : إن أمر النائب بالتمتع فافرد ، لا يجزي ، لأنه لم

__________________

(١) الطوسي : أبو جعفر محمد بن الحسن : المبسوط : ج١ : ص ٣٢٤. العلامة الحلي : الحسن بن يوسف : تذكرة الفقهاء : ج ٧ : ١٣٩

(٢) العاملي : محمد بن علي : مدارك الأحكام : ج ٧ : ص ١٢٠.

٢١٧

يفعل ما استأجر عليه

قال العلامة الحلي قدس‌سره : (ولو أمره بالتمتع فأفرد ، فالأقرب أنه لا يستحق أجرا ، لأنه لم يفعل ما استؤجر له)(١).

الحالة الثانية : ان امر النائب بالتمتع فقرن ، لم يجزه لانه لم يفعل ما استاجره فيه.

قال الشيخ الطوسي قدس‌سره : (وإن استأجره ليتمتع ففعل فقد أجزأه ، ويلزم دم المتعة الأجير لأنه من متضمن العقد إلا أن يشرط المستأجر على نفسه ذلك فيجزي عنه ، وإن خالفه إلى القران لم يجزه لأنه لم يفعل من استأجره فيه)(٢).

وقال العلامة الحلي قدس‌سره : (فإذا أمره بالحج متمتعا فامتثل ، أجزأه إجماعا ، ودم المتعة لازم للأجير ، لأنه من مقتضيات العقد ، كفعل من الأفعال ، إلا أن يشترطه على المستأجر فيلزمه ، وإن خالفه إلى القران ، لم يجزئه ، لأنه لم يفعل ما استأجره فيه)(٣).

الحالة الثالثة : اذا امر النائب بالقران فافرد او تمتع ، فان افرد لم يجزه لانه لم يفعل ما استاجره فيه ، وان خالفه وتمتع جاز لانه عدل

__________________

(١) العلامة الحلي : الحسن بن يوسف : تذكرة الفقهاء (ط. ج) : ج٧ : ص ١٤٩.

(٢) الطوسي : أبو جعفر محمد بن الحسن : المبسوط : ج ١ : ص ٣٢٤.

(٣) العلامة الحلي : الحسن بن يوسف : تذكرة الفقهاء (ط. ج) : ج٧ : ص ١٤٧.

٢١٨

الى ما هو الأفضل.

قال العلامة الحلي قدس‌سره : (وإن استأجره للقران فقرن ، صح لأنه استأجره له ، والهدي الذي به يكون قارنا لازم للأجير ، لأن إجارته تتضمنه ، فإن شرطه على المستأجر ، جاز. وإن خالفه وتمتع ، قال الشيخ رحمه الله : جاز ، لأنه عدل إلى ما هو الأفضل ، ويقع النسكان معا عن المستأجر ، وإن أفرد ، لم يجزئه ، لأنه لم يفعل ما استأجره فيه)(١).

واستدل لذلك بعدة روايات منها :

ما عن الحسن بن محبوب ، عن علي عليه‌السلام : (في رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها حجة مفردة ، قال : ليس له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج ، لا يخالف صاحب الدراهم)(٢).

وعن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما‌السلام : (في رجل أعطى رجلا دراهم يحج عنه حجة مفردة ، أيجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال : نعم ، إنما خالف إلى الفضل)(٣)

__________________

(١) العلامة الحلي : الحسن بن يوسف : تذكرة الفقهاء (ط. ج) : ج ٧ : ص ١٤٦.

(٢) الطوسي : أبو جعفر محمد بن الحسن : الاستبصار : ج٢ : ص ٣٢٣.

(٣) الطوسي : أبو جعفر محمد بن الحسن : الاستبصار : ج٢ : ص ٣٢٣.

٢١٩

المخالفةالثانية : المخالفة في البلد(١)

وهو فيما أوصى الميت بالحج عنه من البلد ولكن حُج عنه من غير البلد فيكون الحج الصحيح وبرئت ذمة المنوب عنه ولكن في الاجارة اشكال كما صرح بذلك السيد الخوئي.

قال السيد اليزديقدس‌سره : (إذا أوصى بالبلدية أو قلنا بوجوبها مطلقا فخولف واستؤجر من الميقات أو تبرع عنه متبرع منه برئت ذمته وسقط الوجوب من البلد ، وكذا لو لم يسع المال إلا من الميقات)(٢).

وقال السيد الخوئي قدس‌سره معلقا على متن العروة في كتاب الحج :

__________________

(١) المراد من البلد : قال السيد اليزدي : الظاهر أن المراد من البلد هو البلد الذي مات فيه ، كما يشعر به خبر زكريا بن آدم : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل مات وأوصى بحجة ، أيجزيه أن يحج عنه من غير البلد الذي مات فيه؟ فقال (عليه السلام) : ما كان دون الميقات فلا بأس به. مع أنه آخر مكان كان مكلفا فيه بالحج ، وربما يقال : إنه بلد الاستيطان لأنه المنساق من النص والفتوى ، وهو كما ترى ، وقد يحتمل البلد الذي صار مستطيعا فيه ، ويحتمل التخيير بين البلدان التي كان فيها بعد الاستطاعة ، والأقوى ما ذكرنا وفاقا لسيد المدارك ، ونسبه إلى ابن إدريس أيضا وإن كان الاحتمال الأخير وهو التخيير قويا جدا. اليزدي : محمد كاظم : العروة الوثقى : ٤ ، ٤٦٥ ـ ٤٦٦.

(٢) اليزدي : محمد كاظم : العروة الوثقى : ج ٤ : ص ٤٦٥.

٢٢٠