النيابة في الحج

الشيخ عبد الرضا البهادلي

النيابة في الحج

المؤلف:

الشيخ عبد الرضا البهادلي


الموضوع : الفقه
الناشر: مركز عين للدراسات والبحوث المعاصرة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٧

أبا الحسن عليه‌السلام : (كم أشرك في حجتي؟ قال : كم شئت)(١).

ومنها : عن الحر العاملي ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (قلت له : أشرك أبوي في حجتي؟ قال : نعم ، قلت : أشرك إخوتي في حجتي؟ قال : نعم ، إن الله عز وجل جاعل لك حجا ، ولهم حجا ، ولك أجر لصلتك إياهم(٢)

ومنها : عن الحر العاملي ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يشرك أباه وأخاه وقرابته في حجه ، فقال : إذن يكتب لك حجا مثل حجهم ، وتزداد أجرا بما وصلت)(٣).

عن محمد بن الحسن ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لو أشركت ألفا في حجتك لكان لكل واحد حجة من غير أن تنقض حجتك شيئا(٤).

الامر الرابع : جوزا الجماعة عن واحد في الواجب والمستحب

__________________

(١) الشيخ الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة (آل البيت) : ج١١ : ص ٢٠٢.

(٢) الشيخ الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة (آل البيت) : ج١١ : ص ٢٠٢.

(٣) الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة (آل البيت) : ج١١ : ص ٢٠٢.

(٤) الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة (آل البيت) : ج١١ : ص ٢٠٢.

١٦١

قال السيد اليزدي قدس‌سره : (يجوز أن ينوب جماعة عن الميت أو الحي في عام واحد في الحج المندوب تبرعا أو بالإجارة ، بل يجوز ذلك في الواجب أيضا)(١).

وقال السيد الخوئيقدس‌سره في شرح كتاب الحج : (لا ريب في جواز تعدد النائب ووحدة المنوب عنه عكس المسألة السابقة ، في الحج المندوب عن الحي أو الميت في عام واحد كما هو الظاهر من النصوص وكذا يجوز في الحج الواجب والمندوب عن الحي العاجز الذي لا يتمكن من المباشرة لاطلاق الأدلة بأن يجهز ويرسل جماعة ليحجوا عنه ، كما أنه يجوز التعدد في الحج الواجب المختلف عن الحي أو الميت كما إذا كان على الميت أو الحي العاجز حجان مختلفان نوعا كحج الاسلام والنذر)(٢).

وقال الفاضل اللنكراني رحمه‌الله : (يجوز ان ينوب جماعة عن الميت أو الحيّ في عام واحد في الحج المندوب تبرّعا أو بالإجارة ، بل يجوز ذلك في الحج الواجب أيضا ، كما إذا كان على الميت حجّان مختلفان نوعا ، كحجة الإسلام والنذر ، أو متحدان نوعا

__________________

(١) السيد اليزدي : محمد كاظم : العروة الوثقى : ج٤ : ص ٥٧٠.

(٢) السيد الخوئي : أبو القاسم بن علي أكبر : كتاب الحج : ج ٢ : ص ٩٨.

١٦٢

كحجتين للنذر)(١).

__________________

(١) الشيخ اللنكراني : تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة (كتاب الحج) : ج٢ : ص ١٢١.

١٦٣

المبحث الثاني

شرائط النائب

المطلب الاول : البلوغ

المشهور بين الفقهاء اشتراط البلوغ في النائب(١). في الحج الواجب فلا تصح نيابة الصبي عندهم ، ولكن هناك من جوز نيابة الصبي من الفقهاء ، ونتعرض لذلك في عدة امور.

الامر الاول : اقوال الفقهاء في شرطية البلوغ

١ ـ قال الشيخ الطوسيقدس‌سره : (ويجوز أن يحج العبد عن غيره إذا أذن له مولاه ... فأما الصبي فلا يصح أن يحج عن غيره)(٢). والعبارة تشمل بإطلاقها الصبي المميز.

٢ ـ وقال العلامة الحلي قدس‌سره : (يشترط في النائب ..... والبلوغ)(٣).

__________________

(١) ابن فهد الحلّي ، جمال الدين أحمد بن محمّد الأسدي ، الرسائل العشر : ص ١٩٧. الشهيد الأوّل ، محمّد ابن مکّي العاملي ، اللمعة الدمشقية في ‌فقه الإمامية : ص ٦٤. الشهيد الأوّل ، محمّد بن مكّي العاملي ، الدروس الشرعية في‌ فقه الإمامية : ج ١ : ص ٣٦٥.

(٢) الطوسي : أبو جعفر محمّد بن الحسن : المبسوط في فقه الإمامية : ج١ : ص ٣٠٢.

(٣) العلامة الحلي : تحرير الأحكام : ج ٢ ، ص ٩١.

١٦٤

٣ ـ وقال الشهيد الاول قدس‌سره : (ويشترط في النائب في الحج البلوغ)(١).

٤ ـ وقال السيد اليزدي قدس‌سره : (البلوغ على المشهور فلا يصح نيابة الصبي عندهم ، وإن كان مميزا ، وهو الأحوط)(٢).

٥ ـ وقال السيد الخوئي قدس‌سره : (والصحيح أن يقال : إن نيابة الصبي في الحج الواجب بحيث توجب سقوط الواجب عن ذمة المنوب عنه غير ثابتة وتحتاج إلى الدليل ولا دليل)(٣).

٦ ـ وقال الامام الخميني قدس‌سره : (يشترط في النائب امور : الأوّل : البلوغ على الأحوط)(٤).

الامر الثاني : في صحة نيابة المييز

ذهب جمع من الفقهاء الى القول صريحا بصحة نيابة الصبي المميز واستظهر ذلك من عبائر بعضهم ، وتردد جمع اخر في هذه المسالة.

١ ـ قال النراقي قدس‌سره : (ذهب جمع من المتأخرين إلى جواز

__________________

(١) الشهيد الاول : محمد بن مكي العاملي : شرح اللمعة : ج ٢ : ص ١٨٣.

(٢) انظر العلامة الحلي : الحسن بن يوسف : تحرير الاحكام : ج٢ : ص ٩١.

(٣) الخوئي : أبو القاسم بن علي أكبر : كتاب الحج : ج٢ : ص ١١.

(٤) الامام الخميني : روح الله مصطفى : تحرير الوسيلة : ج١ : ص ٣٩١.

١٦٥

نيابة المميز ، كالمحقق الأردبيلي والمدارك والمفاتيح وشرحه ، ومال إليه في الذخيرة)(١).

٢ ـ وقال الاردبيلي قدس‌سره : (يشترط في النائب كمال العقل والاسلام ، ولا نيابة المميز على رأي)(٢).

٣ ـ وقال المحقق السبزواري قدس‌سره : (ويشترط في النائب كمال العقل والاسلام)(٣). حيث اكتفى بذكر شرط العقل والاسلام ولم يتشرط البلوغ.

وقال العاملي قدس‌سره : وشرائط النائب ثلاثة : (الاسلام ، وكمال العقل ، ثم قال وكذا الصبي غير المميز. وهل تصح نيابة المميز؟ قيل : لا ، لاتصافه بما يوجب رفع القلم. وقيل : نعم ، لأنه قادر على الاستقلال بالحج ندبا(٤). ثم قال في شرحه ، ورجح بعض مشايخنا المعاصرين جواز نيابته مع الوثوق بإخباره ، وليس ببعيد من

__________________

(١) المحقق النراقي : أحمد بن محمّد مهدي : مستند الشيعة : ج ١١ : ص ١١٠.

(٢) المحقق الأردبيلي : الشيخ أحمد بن محمّد : مجمع الفائدة : ج ٦ : ص ١٣٧.

(٣) المحقق السبزواري : محمد باقر بن المولى محمد مؤمن : ذخيرة المعاد (ط. ق) : ج ١ ، ق ٣ : ص ٥٦٧.

(٤) العاملي : السيد محمد بن علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي : مدارك الأحكام : ج ٧ : ص ١١٠.

١٦٦

الصواب)(١).

واما عبائر من تردد من الفقهاء في صحة نيابة الصبي المميز منها :

١ ـ قال المحقق الحلي قدس‌سره : (وشرائط النائب ثلاثة : الإسلام ، وكمال العقل ، ثم قال وهل يصح نيابة المميز؟ قيل : لا ، لاتصافه بما يوجب رفع القلم ، وقيل : نعم ، لأنه قادر على الاستقلال بالحج ندبا)(٢).

٢ ـ وقال العلامة الحلي قدس‌سره : (ولو كان الصبي مميزا ، قيل : لا يصح أن يكون نائبا ، لأنه ليس بمكلف ، فلا تصح منه العبادة ولا نية القربة ، ولأنه يعلم من نفسه أنه غير مكلف ولا مؤاخذ بما يصدر عنه ، فلا تحصل الثقة بأفعاله. وقيل : تصح ، لأن حجه عن نفسه صحيح فكذا عن غيره. ويحتمل الفرق ، لأن الصحة لا تقتضي الإجزاء فجاز أن تكون النيابة غير مجزئة ، كما لا تجزئ المباشرة عن حجة الإسلام)(٣).

__________________

(١) العاملي : السيد محمد بن علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي : مدارك الأحكام : ج ٧ : ص ١١٠.

(٢) المحقق الحلي : جعفر بن الحسن : شرائع الإسلام : ج ١ : ص ١٦٩.

(٣) العلامة الحلي : الحسن بن يوسف : تذكرة الفقهاء (ط. ج) : ج٧ : ص ١١٠.

١٦٧

الامر الثالث : ما استدل به على عدم جواز نيابة الصبي غير المميز :

اولا : قال المحقق البحرانيقدس‌سره : (إنما هو عدم الدليل في المقام ، لأن العبادات بأي كيفية وعلى أي نحو موقوفة على التوقيف ، ولم يرد في المقام نص بجواز نيابته ، وكذلك إنه لعلمه برفع القلم عنه وعدم مؤاخذته بما يصدر منه فلا يمكن الوثوق بأخباره)(١).

ثانيا : قال المحقق النراقيقدس‌سره : (يمكن الاستدلال على عدم الجواز برواية عمار الواردة في استئجار الصلاة والصوم المتقدمة في كتاب الصلاة(٢). إما من جهة الاجماع المركب وعدم الفصل بينهما وبين الحج ، أو من جهة اشتمال أفعال الحج على الصلاة أيضا ، المؤيدين بقوله عليه‌السلام : (الطواف بالبيت صلاة)(٣). ومن ذلك

__________________

(١) المحقق البحراني : يوسف بن احمد : الحدائق الناضرة : ج ١٤ : ص ٢٣٨.

(٢) والرواية ما رواه باسناده إلى عمار بن موسى الساباطي من كتاب أصله المروي عن الصادق (عليه السلام) ـ : وعن الرجل تكون عليه صلاة أو يكون عليه صوم ، هل يجوز له أن يقضيه رجل غير عارف؟ قال : (لا يقضيه الا مسلم عارف) ، الحر العاملي ، الوسائل ، ج٨ ، ص ٢٧٨.

(٣) ابن أبي جمهور الأحسائي : محمد بن علي بن إبراهيم بن حسن الدرامي : عوالي اللئالي : ج١ : ص ٢١٤. عبد الله بن عبد الرحمن : سنن الدارمي : ج٢ : ص ٤٤.

١٦٨

يظهر أن الأظهر : عدم صحة إجارة غير المكلف(١).

ثالثا : وقال صاحب الرياضقدس‌سره : (وفي المميز قولان ، أجودهما وأشهرهما ، لا للأصل المتقدم المعتضد بما قيل من خروج عباداته عن الشرعية ، وإنما هي تمرينية ، فلا تجزئ عمن تجب عليه أو يندب إليها ، لأن التمرينية ليست بواجبة ولا مندوبة ، لاختصاصهما بالمكلف ، مع أنه لا ثقة بقوله إذا أخبر عن الأفعال أو نياتها)(١).

رابعا : وقال السيد الخوئي قدس‌سره : (مقتضى القاعدة اشتغال ذمة المنوب عنه بالواجب وعدم سقوطه عنه بفعل الصبي ، وإن كانت عباداته شرعية ، فإن عدم فراغ ذمة المنوب عنه لا ينافي شرعية عبادات الصبي ، إذ لا ملازمة بين شرعية عباداته وسقوط الواجب عن ذمة المنوب عنه. والحاصل : مقتضى الأصل عدم فراغ ذمة المنوب عنه)(١).

الامر الرابع : جواز نيابة الصبي المميز في الحج المستحب

لا يوجد خلاف بين الاعلام الفقهاء في جواز نيابة الصبي المميز في الحج المستحب

__________________

(١) المحقق النراقي : محمد مهدي : مستند الشيعة : ج ١١ : ص ١١١.

(٢) السيد الطباطبائي : علي محمد : رياض المسائل : ج ٦ : ص ٩٠.

(٣) الخوئي : أبو القاسم بن علي أكبر : كتاب الحج : ج ٢ : ص ١٢.

١٦٩

قال السيد اليزدي قدس‌سره : (وإن كان لا يبعد دعوى صحة نيابته في الحج المندوب بإذن الولي)(١).

وقال السيد الخوئي قدس‌سره : (نعم لا يبعد صحة نيابته في الحج المندوب بإذن الولي)(٢).

وقال السيد السيستاني دام ظله : (نعم لا يبعد صحة نيابته في الحج المندوب بإذن الولي)(٣).

وقال الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله : (وتصح نيابته في الحج المندوب بإذن الولي)(٤).

وقال الشيخ التبريزي قدس‌سره : (نعم لا يبعد صحة نيابته في الحج المندوب بإذن الولي(٥).

وقال السيد الخوئيقدس‌سره في تعليقه على صحة النيابة في الاستحباب :

__________________

(١) السيد اليزي : محمد كاظم : العروة الوثقى : ج ٤ : ص ٥٣٣.

(٢) الخوئي : أبو القاسم بن علي أكبر : كتاب الحج : ج٣ : ص ١٥٥.

(٣) السيد السيستاني : علي محمد باقر : مناسك الحج : ص ٤٩.

(٤) الشيخ وحيد الخراساني : محمد حسين بن الشيخ حسن بن الشيخ إسماعيل : مناسك الحج : ص ٤٣

(٥) الميرزا جواد التبريزي : جواد بن الحاج علي : مناسك الحج : ص ٤٩.

١٧٠

١ ـ أن أدلة المستحبات في نفسها شاملة للصبي ، ومشروعيتها له لا تحتاج إلى دليل بالخصوص.

٢ ـ ورد النص في خصوص نيابة الحج وغيره من العبادات عن الميت ما يشمل باطلاقه نيابة الصبي عن الميت كصحيحة معاوية بن عمار (ما يلحق الرجل بعد موته؟ فقال : والولد الطيب يدعو لوالديه بعد موتهما ، ويحج ويتصدق ويعتق عنهما ويصلي ويصوم عنهما)(١). فإنها مطلقة تشمل عموم الولد كبيرا وصغيرا ، ولكن لا نحتمل اختصاص صحة نيابته بالوالدين.

٣ ـ وكذا ورد النص في النيابة عن الحي ما يشمل باطلاقه الصبي كما في معتبرة يحيى الأزرق (من حج عن انسان اشتركا)(٢). إن اطلاق قوله : (من حج) يشمل الصبي ، والظاهر من التعبير (عن انسان) هو الحي. وأما السند فلا بأس به لأن يحيى الأزرق ، وإن كان مشتركا بين الثقة وغيره ، ولكن الظاهر انصرافه إلى يحيى بن عبد الرحمن الثقة لأنه من مشاهير الرواة ، وممن له كتاب. وأما

__________________

(١) الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة الى تحصيل مسائل الشريعة : ج ٢ : ص ٤٤٥.

(٢) الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة الى تحصيل مسائل الشريعة : ج١١ : ص ١٦٥.

١٧١

الاشتراط بإذن الولي فإن كانت النيابة بالإجارة ـ كما هو الغالب ـ فلتوقف صحة معاملاته على إذن الولي ، وإن كانت بالتبرع فلأجل أن استيفاء منافع الصبي بدون إذن الولي غير جائز كما هو واضح)(١).

المطلب الثاني : العقل

لا خلاف بين الفقهاء في شرطية العقل ، فان المجنون لا يمكن ان يتحصل منه القصد الى الفعل فلا تصح نيابته ، وقد فرقوا بين الجنون الادواري والجنون المطبق.

لا خلاف بين الاعلام في عدم جواز نيابة المطبق(٢).

قال المحقق الحليقدس‌سره : (ولا يصح نيابة (المجنون) لأنه ليس من أهل الخطاب ، ولأنه متصف بما يوجب رفع القلم ، فلا حكم لفعله)(٣).

__________________

(١) انظر الخوئي : أبو القاسم بن علي أكبر : كتاب الحج : ج ٣ : ص ١٥٧ ، ١٥٨. وكذا انظر الشيخ الفياض : محمد اسحاق : تعاليق مبسوطة : ج ٨ : ص ٣٣٠ ـ ٣٣٣.

(٢) ابن العلامة : : ايضاح الفوائد : ج١ : ص ٢٢٧. الكركي : علي بن حسين بن علي بن محمد بن عبد العالي : جامع المقاصد : ج٣ ، ص ١٤٢.

(٣) المحقق الحلي : جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد : المعتبر : ج ٢ : ص ٧٦٦.

١٧٢

وقال الشهيد الاول قدس‌سره : (ويشترط في النائب العقل ، فلا تصح نيابة المجنون)(١).

قال المحقق النراقيقدس‌سره : (لا تصح نيابة المجنون والطفل الغير المميز بالاجماع المحقق والمحكي ، له ، ولارتفاع تحقق القصد منهما)(٢).

وقال السيد اليزديقدس‌سره : (فلا تصح نيابة المجنون الذي لا يتحقق منه القصد مطبقا كان جنونه أو أدواريا في دور جنونه)(٣).

وقال الحكيم قدس‌سره : (ينبغي عد ذلك من الضروريات ، لأن الحج عبادة ، فلا تصح بدون القصد. والظاهر أن مرادهم بالقصد القصد الخاص بالعقل ، لا مطلق القصد ، فإن المجنون ربما يتأتى منه القصد ، لكنه غير معتد به عند العقلاء ، فكما لا يوجب عقابا لا يوجب ثوابا)(٤).

ومن الفقهاء من جوز النيابة للنائب اذا كان جنونه ادورايا.

__________________

(١) الشهيد الاول : محمد بن جمال الدين مكي العاملي : الدروس : ج١ : ص ٣٢٠.

(٢) المحقق النراقي : محمد مهدي : مستند الشيعة : ج ١١ : ص ١٠٨.

(٣) السيد اليزدي : محمد كاظم : العروة الوثقى : ج ٤ : ٥٣٤.

(٤) السيدالحكيم : محسن بن مهدي بن صالح بن أحمد : مستمسك العروة ، ج ١١ : ص ٦ ـ ٧.

١٧٣

قالالشيخ زين الدين قدس‌سره : (يشترط في النائب أن يكون عاقلا ، ثم قال وتصح نيابته إذا وقعت في دور إفاقته من الجنون وكان دور الإفاقة يفي بجميع الأعمال ، ويصح للولي أو الوصي أن يستأجره لذلك إذا اطمأن بأن دور إفاقته يفي بالأعمال جميعا)(١).

المطلب الثالث : الاسلام

لا خلاف في شرطية الاسلام بين الفقهاء. ونستعرض هذا الشرط ضمن امرين.

الامر الاول : اقوال الفقهاء

قال المحقق الحليقدس‌سره : (ويشترط فيه : الإسلام)(٢).

وقال في الشرائع : (فلا تصح : نيابة الكافر ، لعجزه عن نية القربة)(٣).

وقال الشيخ ابن فهد الحلي قدس‌سره : (ويشترط فيه الإسلام ..... فلا تصح نيابة الكافر)(٤).

وقال صاحب الرياضقدس‌سره : (ويشترط فيه : الاسلام ، فلا تصح

__________________

(١) الشيخ زين الدين : محمد امين زين الدين : كلمة التقوى : ج٣ : ص ١٣٠.

(٢) المحقق الحلي : جعفر بن الحسن : المختصر النافع : ٧٧.

(٣) المحقق الحلي : جعفر بن الحسن : شرائع الاسلام : ج١ : ١٦٩.

(٤) ابن فهد : أحمد بن فهد الحلي : كان المهذب البارع : ج٢ : ١٣٢.

١٧٤

نيابة الكافر)(١).

وقال المحقق البحرانيقدس‌سره : (الاسلام فلا تصح نيابة الكافر ، لأنه عاجز عن نية القربة التي هي شرط في صحة العمل المستأجر عليه)(٢).

الامر الثاني : الادلة على شرط الاسلام

استدل المحقق النراقي على شرطية الاسلام :

١ ـ بالاجماع.

٢ ـ وبكون الكافر نجسا لا يجوز له دخول مسجد الحرام المتوقف بعض أعمال الحج عليه.

٣ ـ وبروايتي مصادف : إحداهما : أتحج المرأة عن الرجل؟

__________________

(١) الطباطبائي : علي محمد : رياض المسائل ، ج ٦ : ص ٧.

(٢) المحقق البحراني : يوسف بن احمد : الحدائق الناظرة : ج ١٤ : ص ٢٤٠.

١٧٥

٤ ـ قال : (نعم ، إذا كانت فقيهة مسلمة)(١). وقريبة منها الأخرى)(٢). (٣).

واستدل المحقق البحراني قدس‌سره على عدم صحة نيابة الكافر حيث قال : (وذلك : لأنه عاجز عن نية القربة التي هي شرط في صحة العمل المستأجر عليه)(٤).

__________________

(١) الطوسي : محمد بن الحسن : الاستبصار : ج٢ : ص ٣٢٢. عن الحسن بن محبوب عن مصادف قال : (سألت أبا عبد الله عليه السلام تحج المرأة عن الرجل؟ قال : نعم إذا كانت فقيهة مسلمة وكانت قد حجت ، رب امرأة خير من رجل)

(٢) الشيخ الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة : ج١١ : ص ١٧٧. وهذه الرواية عن ابن رئاب ، عن مصادف ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : (في المرأة تحج عن الرجل الصرورة ، فقال : إن كانت قد حجت وكانت مسلمة فقيهة فرب امرأة أفقه من رجل).

(٣) المحقق النراقي : محمد مهدي : مستند الشيعة : ج ١١ : ص ١١٢.

(٤) المحقق البحراني : الحدائق الناضرة : ج ١٤ : ص ٢٣٩. المحقق الحلي : شرائع الاسلام : ج١ ، ص ١٦٩. السيد محمد العاملي : مدارك الأحكام : ج ٧ ـ شرح ص ١١٠.

١٧٦

المطلب الرابع : الايمان(١).

يوجد قولان في شرط الايمان ، فبعض الفقهاء وهو المشهور اشترطوا الايمان في النائب ومنهم من لم يشترط ذلك ذكرهما الحدائق حيث قال : يوجد قولان(٢). ويقع البحث في ذلك في ثلاثة اُمور :

الامر الاول : المشهور هو شرط الايمان

قال السيد اليزدي قدس‌سره : (بشرطية الايمان واستدل له بعدم صحة عمل غير المؤمن وإن كان معتقدا بوجوبه وحصل منه نية القربة ، ودعوى أن ذلك في العمل لنفسه دون غيره كما ترى)(٣).

وقال السيد السيستاني دام ظله بشرطية الايمان : (اذ لا عبرة بنيابة غير المؤمن وإن أتى بالعمل على طبق مذهبنا على الأحوط(٤).

الامر الثاني : الدليل على شرط الايمان

قال النراقي قدس‌سره : ويمكن الاستدلال على عدم الصحة(أي :

__________________

(١) الايمان : هو الاعتقاد بولاية اهل البيت عليهم السلام وانهم عدل القران الذين تركهم النبي بعد في منصب الخلافة والولاية على الناس.

(٢) المحقق البحراني : الحدائق الناضرة : ج ١٤ : ص ٢٤٠.

(٣) اليزدي : محمد كاظم : العروة الوثقى : ج ٤ : ص ٥٣٤.

(٤) السيستاني : علي محمد باقر : مناسك الحج : ص ٤٩.

١٧٧

صحة نيابة غير المؤمن) برواية عمار(١) المشار إليها في نيابة المميز ، المتقدمة في بحث الصلاة بالتقريب المتقدم في المميز. وعلى هذا ، فالأظهر : عدم الصحة)(٢).

واستدل الحكيمقدس‌سره في المستمسك برواية عمار : (قال : نعم قد يستدل عليه بما في رواية عمار ، التي رواها ابن طاووس باسناده عن عمار بن موسى من كتاب أصله المروي عن الصادق (ع) : (في الرجل يكون عليه صلاة أو صوم ، هل يجوز أن يقضيه غير عارف؟ قال عليه‌السلام : لا يقضيه إلا مسلم عارف)(٣). بناء على جواز التعدي عن موردها إلى ما نحن فيه ، كما هو غير بعيد)(٤).

الامر الثالث : المخالف في عدم شرط الايمان

انكر شرط الايمان عدد من الفقهاء حيث صرح بذلك النراقي وصاحب الحدائق.

قال المحقق البحراني قدس‌سره : (وفي اشتراط الايمان في النائب قولان ، ظاهر أكثر المتأخرين ـ حيث حكموا باسلام المخالفين ـ

__________________

(١) الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة : ج٨ : ص ٢٧٨.

(٢) المحقق النراقي : محمد مهدي : مستند الشيعة : ج ١١ : ١١٢.

(٣) الحر العاملي : محمد بن الحسن : وسائل الشيعة : ج٨ : ص ٢٧٨.

(٤) الحكيم : محسن بن مهدي بن صالح : مستمسك العروة : ج : ١١ : ص ٧.

١٧٨

صحة نيابتهم فلا يشترط الايمان عندهم(١).

وقال المحقق النراقي قدس‌سره : (الايمان ، اشترطه بعضهم ، ولكن الأخبار الواردة في عدم صحة عباداته ظاهرة في عبادات نفسه ، ولذا ذهب جمع إلى الصحة)(٢).

وقال العلامة الحلي قدس‌سره : (أما المخالف فيجوز أن ينوب عن المؤمن ، ويجزئ عن المنوب إذا لم يخل بركن ، لأنها تجزئ عنه)(٣).

المطلب الخامس : العدالة(٤)

اختلف في شرط العدالة فبعض الفقهاء اعتبره وبعضهم لم

__________________

(١) المحقق البحراني : يوسف بن أحمد بن إبراهيم : الحدائق الناضرة : ج ١٤ : ص ٢٤٠.

(٢) المحقق النراقي : محمد مهدي : مستند الشيعة : ج ١١ : ١١٢.

(٣) العلامة الحلي : الحسن بن يوسف : تذكرة الفقهاء (ط. ج) : ج٧ : ص ١١١.

(٤) عرفت العدالة بتعريفات متعددة : وقال السيد اليزدي : العدالة عبارة عن ملكة إتيان الواجبات وترك المحرمات ، وتعرف بحسن الظاهر الكاشف عنها علما أو ظنا ، العروة الوثقى : السيد اليزدي : ج ١ : ص ٢٦.

وقال السيد الخوئي : (العدالة عبارة عن الاستقامة في جادة الشريعة المقدسة ، وعدم الانحراف عنها يمينا وشمالا ، بأن لا يرتكب معصية بترك واجب ، أو فعل حرام ، من دون عذر شرعي ، ولا فرق في المعاصي في هذه الجهة ، بين الصغيرة ، والكبيرة) ، الخوئي : أبو القاسم بن علي أكبر : منهاج الصالحين : ج ١ : ص ٩.

١٧٩

يعتبره ، وانما اعتبر الوثاقة. وبعضهم لا يشترط حتى الوثاقة. والبحث يقع ضمن.

الامر الاول : في اشتراط العدالة

قال المحقق السبزواري قدس‌سره : (واشترط المتأخرون في الحج الواجب عدالة الأجير بناء على أن الاتيان بالحج الصحيح انما يعلم باخبار الثبت ، والفاسق لا تعويل على اخباره لاية التثبت)(١). (٢).

وقال الفاضل الهنديقدس‌سره : ((والأقرب اشتراط العدالة) في النائب كما في الكافي (لا بمعنى عدم الاجزاء لو حج الفاسق) بل بمعنى عدم براءة ذمة الولي أو الوصي أو المنوب باستنابته لعدم الوثوق بقوله ، وإن شوهد أتيا بالأفعال لاحتمال نيتها عن نفسه أو غير المنوب وإيقاعها بلا نية)(٣).

__________________

(١) قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات : ٦]

(٢) المحقق السبزوراي : محمد باقر بن المولى محمد مؤمن : ذخيرة المعاد (ط. ق) : ج ١ ق ٣ : ص ٥٦٧.

(٣) الفاضل الهندي : بهاء الدين محمد بن الحسن : كشف اللثام (ط. ج) : ج ٥ : ص ١٥٢.

١٨٠