التفسير الأثري الجامع - ج ٦

الشيخ محمّد هادي معرفة

التفسير الأثري الجامع - ج ٦

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي معرفة


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التمهيد ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5079-07-4
ISBN الدورة:
978-600-5079-08-1

الصفحات: ٥٥٩

[٢ / ٧١٤٥] قال : «وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستغفر الله في الوتر سبعين مرّة ويقول : هذا مقام العائذ بك من النار ، سبع مرّات» (١).

[٢ / ٧١٤٦] قال : «وكان عليّ بن الحسين سيّد العابدين عليه‌السلام يقول : العفو العفو ثلاثمائة مرّة في الوتر في السحر» (٢).

[٢ / ٧١٤٧] وبإسناده عن معروف بن خربوذ ، عن أحدهما يعني أبا جعفر وأبا عبد الله عليه‌السلام قال : «قل في قنوت الوتر ، وذكر دعاء طويلا ثمّ قال : واستغفر الله سبعين مرّة» (٣).

[٢ / ٧١٤٨] وروى محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن معاوية بن عمّار ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في قول الله عزوجل (وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)(٤) : «في الوتر في آخر الليل سبعين مرّة» (٥).

ورواه الصدوق عن أبيه عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن معاوية بن عمّار ، مثله ، إلّا أنّه قال : (وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، قال : «كانوا يستغفرون الله في آخر الوتر في آخر اللّيل سبعين مرّة» (٦).

[٢ / ٧١٤٩] وعنه عن صفوان عن منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال لي : «استغفر الله في الوتر سبعين مرّة» (٧).

ورواه الكليني ، عن محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى عن منصور بن حازم ، مثله (٨).

[٢ / ٧١٥٠] وعنه عن فضالة عن حسين بن عثمان عن سماعة عن أبي بصير قال : قلت له : المستغفرين بالأسحار؟ فقال : «استغفر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في وتره سبعين مرّة» (٩).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٤٨٩ / ١٤٠٦.

(٢) المصدر : ٤٨٩ ـ ٤٩٠ / ١٤٠٨.

(٣) المصدر : ٤٩٠ / ١٤٠٩.

(٤) الذاريات ٥١ : ١٨.

(٥) التهذيب ٢ : ١٣٠ / ٤٩٨.

(٦) علل الشرائع : ٣٦٤ / ١ ، باب ٨٦.

(٧) التهذيب ٢ : ١٣٠ / ٥٠٠.

(٨) الكافي ٣ : ٤٥٠ / ٣٣.

(٩) التهذيب ٢ : ١٣٠ / ٥٠١.

١٤١

١١ ـ باب استحباب نصب اليسرى وعدّ الأذكار باليمنى في الوتر

[٢ / ٧١٥١] روى محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن عبد الله بن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «استغفر الله في الوتر سبعين مرّة تنصب يدك اليسرى وتعدّ باليمنى الاستغفار» (١).

١٢ ـ باب استحباب رفع اليدين بالقنوت مقابل الوجه حال الاختيار وكراهة مجاوزتهما للرأس واستحباب التكبير عند رفعهما

[٢ / ٧١٥٢] روى محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ـ في حديث ـ قال : «ترفع يديك في الوتر حيال وجهك وإن شئت تحت ثوبك» (٢).

ورواه الصدوق بإسناده عن عبد الله بن سنان ، مثله.

[٢ / ٧١٥٣] وبإسناده عن عمّار الساباطي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أخاف أن أقنت وخلفي مخالفون. فقال : «رفعك يديك يجزي» يعني رفعهما كأنّك تركع (٣).

[٢ / ٧١٥٤] وبإسناده عن عليّ بن محمّد بن سليمان ، قال : كتبت إلى الفقيه عليه‌السلام (٤) أسأله عن القنوت؟ فكتب : «إذا كانت ضرورة شديدة فلا ترفع اليدين وقل ثلاث مرّات : بسم الله الرحمان الرحيم» (٥).

[٢ / ٧١٥٥] وبإسناده عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام ـ في حديث ـ : «لا ترفع يديك بالدعاء في المكتوبة تجاوز بهما رأسك» (٦).

[٢ / ٧١٥٦] وروى الفضل بن الحسن الطبرسي : عن محمّد بن مسلم وزرارة وحمران ، عن أبي

__________________

(١) الفقيه ١ : ٤٨٩ / ١٤٠٦ ؛ علل الشرائع : ٣٦٤ / ٢ ، باب ٨٦.

(٢) التهذيب ٢ : ١٣١ / ٥٠٤ ، أورد صدره في الحديث ١ من الباب ١٣ من هذه الأبواب ؛ الفقيه ١ : ٤٨٩ / ١٤٠٧.

(٣) التهذيب ٢ : ٣١٦ / ١٢٨٨.

(٤) هو الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام.

(٥) التهذيب ٢ : ٣١٥ / ١٢٨٦.

(٦) المصدر ٢ : ٦٥ / ٢٣٣.

١٤٢

جعفر وأبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً)(١) : «أنّ التبتّل هنا رفع اليدين في الصلاة» (٢).

[٢ / ٧١٥٧] قال : وفي رواية أبي بصير : «هو رفع يدك إلى الله وتضرّعك إليه» (٣).

قال الشيخ حرّ العاملي : وتقدّم في باب تكبيرة الإحرام ما يدلّ على استحباب التكبير عند رفع اليدين بالقنوت تكبيرة الإحرام (٤).

١٣ ـ باب جواز الدعاء في القنوت على العدوّ وتسميته

[٢ / ٧١٥٨] روى محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «تدعو في الوتر على العدوّ وإن شئت سمّيتهم وتستغفر» (٥).

وروى محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن عبد الله بن سنان ، مثله.

[٢ / ٧١٥٩] وروى محمّد بن إدريس في آخر السرائر ، نقلا من كتاب محمّد بن عليّ بن محبوب عن محمّد بن الحسين عن الحسن بن عليّ بن فضّال عن أبي إسحاق ثعلبة عن عبد الله بن هلال ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ـ في حديث ـ قال : «إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد قنت ودعا على قوم بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم وفعله عليّ عليه‌السلام بعده» (٦).

[٢ / ٧١٦٠] وروى محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي في كتاب الرجال ، عن حمدويه عن محمّد بن عيسى عن إبراهيم بن عقبة ، قال : كتبت إليه يعني أبا الحسن الثالث عليه‌السلام : جعلت فداك قد

__________________

(١) المزّمّل ٧٣ : ٨.

(٢) مجمع البيان ١٠ : ١٦٤.

(٣) المصدر.

(٤) في البابين ٥ و ٩ من أبواب التكبير من كتاب وسائل الشيعة.

(٥) التهذيب ٢ : ١٣١ / ٥٠٤ ، أورد ذيله في الحديث ١ من الباب ١٢ من هذه الأبواب ؛ الفقيه ١ : ٤٨٩ / ١٤٠٧.

(٦) مستطرفات السرائر : ٩٨ / ٢٠.

١٤٣

عرفت بغض هؤلاء الممطورة ، فأقنت عليهم في صلاتي؟ قال : «نعم ، اقنت عليهم في صلاتك» (١).

وعن محمّد بن الحسن البرائي عن أبي عليّ عن إبراهيم بن عقبة قال : كتبت إلى العسكري عليه‌السلام ، وذكر مثله (٢).

١٤ ـ باب استحباب ذكر الأئمّة عليه‌السلام وتسميتهم جملة في القنوت وغيره

[٢ / ٧١٦١] روى محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن الحلبيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال له : «أسمّي الأئمّة في الصلاة؟ فقال : أجملهم».

وروى محمد بن الحسن بإسناده عن أبان بن عثمان ، مثله ، وبإسناده عن أحمد بن محمّد ، عن بكر بن محمّد الأزدي ، عن أبان بن عثمان ، مثله (٣).

[٢ / ٧١٦٢] وبإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيّوب عن أبان عن عبيد الله الحلبيّ قال في قنوت الجمعة : «اللهمّ صلّ على محمّد وعلى أئمّة المسلمين ، اللهمّ اجعلني ممّن خلقته لدينك وممّن خلقت لجنّتك» قلت : أسمّي الأئمّة؟ قال : «سمّهم جملة» (٤).

١٥ ـ باب استحباب الرجوع إلى القنوت إذا نسيه إن ذكر قبل وصول يديه إلى ركبتيه

[٢ / ٧١٦٣] روى محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سهل ، عن أبيه قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل نسي القنوت في المكتوبة؟ قال : لا إعادة عليه (٥).

[٢ / ٧١٦٤] وبإسناده عن مصدّق بن صدقة عن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن الرجل ينسى القنوت في الوتر أو غير الوتر ، فقال : «ليس عليه شيء. وقال : إن ذكره وقد أهوى إلى الركوع قبل أن يضع يديه على الركبتين فليرجع قائما وليقنت ثمّ ليركع ، وإن وضع يده على الركبتين فليمض في

__________________

(١) رجال الكشّي ٢ : ٧٦٢ / ٨٧٩. والممطورة كناية عن الفرقة الواقفيّة ، تشبيها لهم بالكلاب الّتي بلّها المطر ، حيث ينبغي الاجتناب عنه بشدّة.

(٢) المصدر : ٧٦١ / ٨٧٥.

(٣) الفقيه ١ : ٣١٧ / ٩٣٨ و ٤٩٣ / ١٤١٥ ؛ التهذيب ٢ : ١٣١ / ٥٠٦ و ٢ : ٣٢٦ / ١٣٣٨.

(٤) التهذيب ٣ : ١٨ / ٦٣.

(٥) التهذيب ٢ : ١٦١ / ٩٣٢ ؛ الاستبصار ١ : ٣٤٥ / ١٢٩٩.

١٤٤

صلاته وليس عليه شيء» (١).

[٢ / ٧١٦٥] وبإسناده عن أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدّق عن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إن نسي الرجل القنوت في شيء من الصلاة حتّى يركع فقد جازت صلاته وليس عليه شيء وليس له أن يدعه متعمّدا» (٢) أي ليس ينبغي له.

١٦ ـ باب استحباب استقبال القبلة وقضاء القنوت إن نسيه ثمّ ذكره بعد الفراغ ولو في الطريق

[٢ / ٧١٦٦] روى محمّد بن يعقوب عن حريز عن زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : رجل نسي القنوت فذكره وهو في بعض الطريق ، فقال : يستقبل القبلة ، ثمّ ليقله. ثمّ قال : «إنّي لأكره للرجل أن يرغب عن سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو يدعها» (٣).

وروى محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن إسماعيل ، مثله.

[٢ / ٧١٦٧] وبإسناده عن أبي أيّوب عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال في الرجل إذا سها في القنوت : «قنت بعد ما ينصرف وهو جالس» (٤).

١٧ ـ باب استحباب قنوت المسبوق مع الإمام وإجزائه له

[٢ / ٧١٦٨] روى محمّد بن الحسن بإسناده عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الرجل يدخل الركعة الأخيرة من الغداة مع الإمام فقنت الإمام ، أيقنت معه؟ قال : «نعم ، ويجزيه من القنوت لنفسه» (٥).

١٨ ـ باب استحباب قضاء القنوت لمن نسيه وذكره بعد الركوع وحكم الوتر والغداة

[٢ / ٧١٦٩] روى محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن مسلم وزرارة بن أعين قالا : سألنا أبا

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٣١ / ٥٠٧.

(٢) المصدر : ٣١٥ / ١٢٨٥.

(٣) الكافي ٣ : ٣٤٠ / ١٠ ؛ التهذيب ٢ : ٣١٥ / ١٢٨٣.

(٤) التهذيب ٢ : ١٦٠ / ٦٣١ ؛ الاستبصار ١ : ٣٤٥ / ١٢٩٨.

(٥) التهذيب ٢ : ٣١٥ / ١٢٨٧.

١٤٥

جعفر عليه‌السلام عن الرجل ينسى القنوت حتّى يركع؟ قال : «يقنت بعد الركوع فإن لم يذكر فلا شيء عليه» (١).

[٢ / ٧١٧٠] وبإسناده عن حريز ، عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القنوت ينساه الرجل؟ فقال : «يقنت بعد ما يركع ، فإن لم يذكر حتّى ينصرف فلا شيء عليه» (٢).

[٢ / ٧١٧١] وبإسناده عن عبيد زرارة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل ذكر أنّه لم يقنت حتّى ركع؟ فقال «يقنت إذا رفع رأسه» (٣).

[٢ / ٧١٧٢] وبإسناده عن معاوية بن عمّار ، قال : سألته عن الرجل ينسى القنوت حتّى يركع ، أيقنت؟ قال : لا (٤). أي لا يجب.

[٢ / ٧١٧٣] وروى محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن معاوية بن عمّار أنّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن القنوت في الوتر؟ قال : قبل الركوع. قال : فإن نسيت ، أقنت إذا رفعت رأسي؟ فقال : لا (٥).

[٢ / ٧١٧٤] وروى عليّ بن جعفر في كتابه عن أخيه قال : سألته عن رجل نسي القنوت حتّى ركع ، ما حاله؟ قال : «تمّت صلاته ولا شيء عليه» (٦).

١٩ ـ باب جواز القنوت بغير العربية مع الضرورة ، وأن يدعو الإنسان بما شاء

[٢ / ٧١٧٥] روى محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد عن عليّ بن مهزيار ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يتكلّم في صلاة الفريضة بكلّ شيء يناجي ربّه عزوجل؟ قال : نعم (٧).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٦٠ / ٦٢٨ ؛ الاستبصار ١ : ٣٤٤ / ١٢٩٥.

(٢) التهذيب ٢ : ١٦٠ / ٦٢٩ ؛ الاستبصار ١ : ٣٤٤ / ١٢٩٦.

(٣) التهذيب ٢ : ١٦٠ / ٦٣٠ ؛ الاستبصار ١ : ٣٤٤ / ١٢٩٧.

(٤) التهذيب ٢ : ١٦١ / ٦٣٣ ؛ الاستبصار ١ : ٣٤٥ / ١٣٠٠.

(٥) الفقيه ١ : ٤٩٣ / ١٤١٨.

(٦) مسائل عليّ جعفر : ١٧٦ / ٣٢١. تقدّم ما يدلّ على بعض المقصود في الحديث ٢ من الباب ١٥ من هذه الأبواب.

(٧) التهذيب ٢ : ٣٢٦ / ١٣٣٧.

١٤٦

[٢ / ٧١٧٦] وروى محمّد بن عليّ بن الحسين قال : قال أبو جعفر الثاني عليه‌السلام : «لا بأس أن يتكلّم الرجل في صلاة الفريضة بكلّ شيء يناجي به ربّه عزوجل» (١).

[٢ / ٧١٧٧] قال : وقال الصادق عليه‌السلام : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» (٢).

[٢ / ٧١٧٨] قال : وقال الصادق عليه‌السلام : «كلّ ما ناجيت به ربّك في الصلاة فليس بكلام» (٣). أي كلام مبطل للصلاة.

٢٠ ـ باب جواز الجهر والإخفات في القنوت

[٢ / ٧١٧٩] روى محمّد بن الحسن بإسناده عن عليّ بن يقطين قال : سألت أبا الحسن الماضي عليه‌السلام عن الرجل هل يصلح له أن يجهر بالتشهّد والقول في الركوع والسجود والقنوت؟ فقال : «إن شاء جهر وإن شاء لم يجهر» (٤).

[٢ / ٧١٨٠] وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن العمركي عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل ، له أن يجهر بالتشهّد والقول في الركوع والسجود والقنوت؟ فقال : «إن شاء جهر وإن شاء لم يجهر» (٥).

وروى عبد الله بن جعفر عن عبد الله بن الحسن ، عن جدّه عليّ بن جعفر ، مثله (٦).

٢١ ـ باب استحباب الجهر بالقنوت في الصلاة الجهريّة وغيرها إلّا للمأموم

[٢ / ٧١٨١] روى محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن زرارة قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : «القنوت كلّه جهار» (٧).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣١٦ / ٩٣٦.

(٢) المصدر : ٣١٨ / ٩٣٧ ، في حديث.

(٣) الفقيه ١ : ٢٠٨ / ٩٣٨.

(٤) التهذيب ٢ : ١٠٢ / ٣٨٥.

(٥) التهذيب ٢ : ٣١٣ / ١٢٧٢ ، أورده في الباب ٢٥ من أبواب الركوع.

(٦) قرب الإسناد : ١٩٨.

(٧) الفقيه ١ : ٣١٨ / ٩٤٤ ، أورد ذيله في الحديث ٢ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

١٤٧

ورواه ابن إدريس في آخر السرائر ، نقلا من كتاب حريز بن عبد الله ، عن زرارة ، مثله (١).

[٢ / ٧١٨٢] وبإسناده عن أبي بكر بن أبي سماك قال : صلّيت خلف أبي عبد الله عليه‌السلام الفجر فلمّا فرغ من قراءته في الثانية جهر بصوته نحوا ممّا كان يقرأ وقال : «اللهمّ اغفر لنا وعافنا واعف عنّا في الدنيا والآخرة إنّك على كلّ شيء قدير» (٢).

٢٢ ـ باب استحباب طول القنوت خصوصا في الوتر

[٢ / ٧١٨٣] روى محمّد بن عليّ بن الحسين قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أطولكم قنوتا في دار الدنيا أطولكم راحة يوم القيامة في الموقف» (٣).

[٢ / ٧١٨٤] وروى بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عن آبائه عليه‌السلام عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أطولكم قنوتا في دار الدنيا أطولكم راحة يوم القيامة في الموقف» (٤).

وروى عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن صفوان بن يحيى ، مثله (٥).

[٢ / ٧١٨٥] وروى محمّد بن مكّي الشهيد في الذكرى ، قال : ورد عنهم عليه‌السلام : «أفضل الصلاة ما طال قنوتها» (٦).

[٢ / ٧١٨٦] قال : وروى عليّ بن إسماعيل الميثمي في كتابه بإسناده إلى الصادق عليه‌السلام قال : «صلّ يوم الجمعة الغداة بالجمعة والإخلاص ، واقنت في الثانية بقدر ما قمت في الركعة الأولى» (٧).

يقول الشيخ حرّ العاملي : والقنوتات المرويّة عنهم عليهم‌السلام المشتملة على الأدعية الطويلة كثيرة جدّا.

__________________

(١) مستطرفات السرائر : ٧٢ / ٤.

(٢) الفقيه ١ : ٤٠٠ / ١١٨٩ ، أورده في الحديث ٣ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

(٣) الفقيه ١ : ٤٨٧ / ١٤٠٣.

(٤) ثواب الأعمال : ٣٣.

(٥) أمالي الصدوق : ٥٩٩ / ٨٢٨ ـ ٧.

(٦) الذكرى : ١٨٥.

(٧) المصدر.

١٤٨

٢٣ ـ باب كراهة ردّ اليدين من القنوت على الرأس والوجه في الفرائض ، واستحبابه في نوافل اللّيل والنهار

[٢ / ٧١٨٧] روى صاحب كتاب الاحتجاج بالإسناد إلى محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنّه كتب إلى صاحب الزمان عليه‌السلام يسأله عن القنوت في الفريضة إذا فرغ من دعائه أن يردّ يديه على وجهه وصدره ، للحديث الّذي روي : «أنّ الله جلّ جلاله أجلّ من أن يردّ يدي عبده صفرا ، بل يملأهما من رحمته» أم لا يجوز؟ فإنّ بعض أصحابنا ذكر أنّه عمل في الصلاة؟ فأجاب عليه‌السلام : «ردّ اليدين من القنوت على الرأس والوجه غير جائز في الفرائض ، والّذي عليه العمل فيه إذا رجع يده في قنوت الفريضة وفرغ من الدعاء أن يردّ بطن راحتيه على صدره تلقاء ركبتيه على تمهّل ويكبّر ويركع». والخبر صحيح ، وهو في نوافل النهار واللّيل دون الفرائض ، والعمل به فيها أفضل (١).

رفع اليدين بالدعاء والابتهال إلى الله

وهنا ناسب الكلام عن رفع اليدين بالدعاء والابتهال إلى الله ، في مطلق الدعوات ، كما كان يفعله رسول الله وآله الطيّبون عليهم‌السلام.

[٢ / ٧١٨٨] روى أحمد بن فهد الحلّي مرفوعا إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يرفع يديه إذا ابتهل ودعا ، كما يستطعم المسكين (٢).

[٢ / ٧١٨٩] وروى أبو جعفر الصدوق بالإسناد إلى هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ـ في حديث ـ أنّ سائلا سأله عن الفرق بين أن ترفعوا أيديكم إلى السماء وبين أن تخفضوها نحو الأرض؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ذلك في علمه وإحاطته وقدرته سواء ، ولكنّه ـ عزوجل ـ أمر أولياءه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش ، لأنّه جعله معدن الرزق». قال : فثبّتنا ما ثبّته القرآن والأخبار عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قال : «ارفعوا أيديكم إلى الله ـ عزوجل ـ». قال الصادق عليه‌السلام : «وهذا

__________________

(١) الاحتجاج ٢ : ٣٠٨.

(٢) عدّة الداعي : ١٨٢ ؛ الوسائل ٧ : ٤٦ / ٣ ، باب ١٢ ، من أبواب الدعاء.

١٤٩

يجمع عليه فرق الأمّة كلّها» (١).

[٢ / ٧١٩٠] وعن صفوان عن الرضا عليه‌السلام ـ في حديث ـ : أنّ أبا قرّة (٢) قال له : ما بالكم إذا دعوتم رفعتم أيديكم إلى السّماء؟! فقال أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : «إنّ الله استعبد خلقه بضروب من العبادة ـ إلى أن قال ـ واستعبد خلقه عند الدعاء والطلب والتضرّع ، ببسط الأيدي ورفعهما إلى السماء ، لحال الاستكانة وعلامة العبوديّة والتذلّل له» (٣).

[٢ / ٧١٩١] وروى أبو جعفر الكليني بالإسناد إلى محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر الباقر صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قول الله ـ عزوجل ـ : (فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ)(٤)؟ فقال : «الاستكانة هي الخضوع ، والتضرّع رفع اليدين والتضرّع بهما» (٥).

[٢ / ٧١٩٢] وروى أبو جعفر الصدوق بالإسناد إلى ابن أبي عمير عن أبي أيّوب عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الآية؟ قال : «التضرّع رفع اليدين» (٦).

ورواه الشيخ ـ في الأمالي ـ عن جماعة بالإسناد إلى عمرو بن خالد عن محمّد وزيد ابني عليّ بن الحسين عليهما‌السلام عن أبيهما عن أبيه الحسين عليه‌السلام مثله (٧).

[٢ / ٧١٩٣] وقال : «وفيما أوحى الله إلى موسى عليه‌السلام : ألق كفّيك ذلّا بين يديّ ، كفعل العبد المستصرخ إلى سيّده. فإذا فعلت ذلك رحمت وأنا أكرم الأكرمين وأقدر القادرين» (٨).

[٢ / ٧١٩٤] وروى أبو جعفر الكليني بالإسناد إلى محمّد بن مسلم ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «مرّ بي رجل وأنا أدعو في صلاتي بيساري. فقال : يا عبد الله ، بيمينك! فقلت : يا عبد الله ، إنّ لله ـ تبارك وتعالى ـ حقّا على هذه كحقّه على هذه!»

__________________

(١) التوحيد : ٢٤٨ ؛ الوسائل ٧ : ٤٧ / ٥.

(٢) هو موسى بن طارق اليماني الزبيدي. كان محدّثا وقاضيا بزبيد. قال ابن حبّان : كان ممّن جمع وصنّف وتفقّه وذاكر. وقال ابن حجر : ثقة يغرب وكان من التاسعة (تهذيب التهذيب ١٠ : ٣٤٩ / ٦٢٤).

(٣) الاحتجاج ٢ : ١٨٧ ـ ١٨٨ ؛ الوسائل ٧ : ٤٧ ـ ٤٨ / ٦.

(٤) المؤمنون ٢٣ : ٧٦.

(٥) الكافي ٢ : ٣٤٨ / ٢ و ٣٤٩ / ٦.

(٦) معاني الأخبار : ٣٦٩ / ١ ؛ الوسائل ٧ : ٤٦ / ٢.

(٧) الأمالي : ٥٨٥ / ١٢١١ ـ ١٦ ؛ الوسائل ٧ : ٤٧.

(٨) الكافي ٨ : ٤٦ / ٨.

١٥٠

وقال : «الرغبة : تبسط يديك وتظهر باطنهما. والرهبة : تظهر ظهرهما. والتضرّع : تحرّك السبّابة اليمنى يمينا وشمالا. والتبتّل : تحرّك السبّابة اليسرى ترفعها في السماء رسلا (١) وتضعها. والابتهال : تبسط يدك وذراعك إلى السماء ، والابتهال حين ترى أسباب البكاء» (٢).

[٢ / ٧١٩٥] وروى بالإسناد إلى إسحاق عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «الرغبة : أن تستقبل ببطن كفّيك إلى السماء. والرهبة : أن تجعل ظهر كفّيك إلى السماء. وقوله تعالى : (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً)(٣) ، قال : الدعاء بإصبع واحدة تشير بها. والتضرّع ، تشير بإصبعيك وتحرّكهما. والابتهال : رفع اليدين وتمدّهما ، وذلك عند الدمعة ، ثمّ ادع!» (٤).

[٢ / ٧١٩٦] وعن عليّ بن إبراهيم بالإسناد إلى محمّد بن مسلم وزرارة ، قالا : قلنا لأبي عبد الله عليه‌السلام : «كيف المسألة إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ؟ قال : تبسط كفّيك. قلنا : كيف الاستعاذة؟ قال : تفضي بكفّيك. والتبتّل : الإيماء بالإصبع. والتضرّع : تحريك الإصبع. والابتهال : أن تمدّ يديك جميعا» (٥).

[٢ / ٧١٩٧] وعن محمّد بن يحيى بالإسناد إلى أبي خالد عن مروك بيّاع اللؤلؤ عمّن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ذكر (٦) الرغبة وأبرز باطن راحتيه إلى السماء. وهكذا الرهبة ، وجعل ظهر كفّيه إلى السماء. وهكذا التضرّع ، وجعل أصابعه يمينا وشمالا. وهكذا التبتّل ، ويرفع أصابعه مرّة ويضعها أخرى. وهكذا الابتهال ، ومدّ يده تلقاء وجهه إلى القبلة. قال : «ولا تبتهل حتّى تجري الدمعة» (٧).

[٢ / ٧١٩٨] وعن عدّة من أصحابنا بالإسناد إلى أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الدعاء ورفع اليدين؟ فقال : «على أربعة أوجه : أمّا التعوّذ ، فتستقبل القبلة بباطن كفّيك. وأمّا الدعاء في الرزق ، فتبسط كفّيك وتفضي بباطنهما إلى السماء. وأمّا التبتّل ، فإيماء بإصبعك السبّابه. وأمّا الابتهال ، فرفع يديك تجاوز بهما رأسك. ودعاء التضرّع ، أن تحرّك إصبعك السبّابة ممّا يلي

__________________

(١) أي برفق.

(٢) الكافي ٢ : ٤٨٠ / ٤ ؛ الوسائل ٧ : ٤٨ / ١ ، باب ١٣.

(٣) المزّمّل ٧٣ : ٨.

(٤) الكافي ٢ : ٤٧٩ / ١ ؛ الوسائل ٧ : ٤٩ / ٢.

(٥) الكافي ٢ : ٤٨١ / ٧ ؛ الوسائل ٧ : ٤٩ / ٣.

(٦) الضمير في «قال» للراوي وفي «ذكر» للإمام.

(٧) الكافي ٢ : ٤٨٠ / ٣ ؛ الوسائل ٧ : ٤٩ / ٤.

١٥١

وجهك ، وهو دعاء الخيفة» (١).

[٢ / ٧١٩٩] وروى أبو جعفر الصدوق بالإسناد إلى العمركي عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : «التبتّل ، أن تقلب كفّيك في الدعاء إذا دعوت. والابتهال ، أن تبسطهما وتقدّمهما. والرغبة أن تستقبل القبلة براحتيك السماء وتستقبل بهما وجهك. والرهبة ، أن تكفىء كفّيك فترفعهما إلى الوجه. والتضرّع ، أن تحرّك إصبعيك وتشير بهما».

قال الصدوق : وفي حديث آخر : «أنّ البصبصة أن ترفع سبّابتيك إلى السماء وتحرّكهما وتدعو» (٢).

[٢ / ٧٢٠٠] وروى الصفّار بالإسناد إلى أبي بصير وداوود الرّقّي عن معاوية بن عمّار ومعاوية بن وهب عن ابن سنان ـ في حديث ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه لمّا دعا على داوود بن عليّ (٣) رفع يديه فوضعهما على منكبيه ، ثمّ بسطهما ثمّ دعا بسبّابتيه ، فقلت له : فرفع اليدين ما هو؟ قال : الابتهال. قلت : فوضع يديك وجمعهما؟ قال : التضرّع. قلت : ورفع الإصبع؟ قال : البصبصة (٤).

[٢ / ٧٢٠١] وروى عبد الله بن جعفر بالإسناد إلى أبي البختري عن جعفر بن محمّد عن أبيه ، أنّه كان يقول : «إذا سألت الله فاسأله ببطن كفّيك ، وإذا تعوّذت فبظهر كفّيك ، وإذا دعوت فبإصبعيك» (٥).

[٢ / ٧٢٠٢] وروى أبو جعفر الكليني بالإسناد إلى ابن القدّاح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «ما أبرز عبد يده إلى الله العزيز الجبّار إلّا استحيى الله ـ عزوجل ـ أن يردّها صفرا ، حتّى يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء. فإذا دعا أحدكم فلا يردّ يده حتّى يمسح على وجهه ورأسه» (٦).

__________________

(١) الكافي ٢ : ٤٨٠ ـ ٤٨١ / ٥ ؛ الوسائل ٧ : ٤٩ ـ ٥٠ / ٥.

(٢) معاني الأخبار : ٣٦٩ ـ ٣٧٠ / ١ ؛ الوسائل ٧ : ٥٠ / ٦.

(٣) داوود بن عليّ ، هذا قاتل المعلّى بن خنيس من قوام أبي عبد الله عليه‌السلام ، فأخذه داوود بأمر المنصور الخليفة ، وسأله عن شيعة أبي عبد الله عليه‌السلام وأن يكتبهم له ، فقال : ما أعرف من أصحاب أبي عبد الله عليه‌السلام أحدا ، فأمر بقتله وصلبه ، فعظم ذلك على أبي عبد الله عليه‌السلام واشتدّ عليه ، حتّى دعا عليه ، فمات وكان ذلك عام ١٣٣. (راجع : رجال الطوسي ٢ : ٦٧٩ ؛ جامع الرواة ، الأردبيلي ٢ : ٢٤٨).

(٤) بصائر الدرجات : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ / ٢ ؛ الوسائل ٧ : ٥٠ ـ ٥١ / ٨.

(٥) قرب الإسناد : ١٤٥ / ٥٢١ ؛ الوسائل ٧ : ٥١ / ٩.

(٦) الكافي ٢ : ٤٧١ / ٢ ؛ الوسائل ٧ : ٥١ / ١ ، باب ١٤.

١٥٢

قال الصدوق : قال الصادق عليه‌السلام : «ما بسط عبد يده ... ـ وذكر مثله ، إلّا أنّه قال : ـ فلا يردّ يديه حتّى يمسح بهما على وجهه ورأسه» قال : وفي خبر آخر : «على وجهه وصدره» (١).

قال الحرّ العاملي : وتقدّم في أبواب القنوت ما يدلّ على أنّ ذلك مخصوص بغير الدعاء في الفرائض (٢).

ملحوظة

هنا سؤال : كيف جاز رفع اليدين إلى السماء عند الدعاء والابتهال إلى الله ـ سبحانه ـ وهل كان تعالى في جهة الفوق أم ماذا؟

جاء في كثير من الآيات والآثار ، ذكر العلوّ والفوقيّة له تعالى (٣). وأنّه في السماء (٤). ويدبّر الأمر من السماء (٥) أو تعرج إليه الملائكة والروح (٦) أو تنزل الملائكة من عنده (٧) وما إلى ذلك ، ممّا جعل بعضهم يحسب أنّه تعالى قابع هناك في زاوية السماء ، وأخذ من ظاهرة رفع اليدين إلى السماء عند الدعاء والابتهال شاهدا على ذلك (٨).

ولأبي العبّاس أحمد بن إبراهيم الواسطي ، المعروف بابن شيخ الحزاميّين (٦٥٧ ـ ٧١١) كلام عن ذلك فنّد فيه مزاعم أهل التشبيه ، فذكر منها ما يعالج غالبيّة الأسئلة الموجّهة بهذا الصدد :

قال : إنّه تعالى كان ولا مكان ، لا خلأ ولا ملأ ، فلم يكن فوق ولا تحت ولا جهة من الجهات ، إذ لا موجود سواه تعالى. ولمّا خلق الله هذا الكون ذا الجهات الستّ ، انتزعت له تعالى صفة الخالقيّة والإبداع وتكوين الأكوان. ولا شكّ أنّه تعالى قبل أن يخلق الكون لم يكن في كون ، وهكذا بعد ما خلق الكون ، لم يحلّ في كون. فلم يزل كائنا لا في كون. ولم يزل موجودا لا في جهة ، كما كان قبل

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٢٥ / ٩٥٣ ؛ الوسائل ٧ : ٥٢ / ٢.

(٢) تقدّم في الباب ٢٣ من أبواب القنوت.

(٣) طه ٢٠ : ٥. فاطر ٣٥ : ١٠. النساء ٤ : ١٥٨.

(٤) الملك ٦٧ : ١٦.

(٥) السجدة ٣٢ : ٥.

(٦) المعارج ٧٠ : ٤.

(٧) النحل ١٦ : ١٠٢.

(٨) راجع : ابن خزيمة ـ كتاب التوحيد والصفات : ١١٠. والإبانة لأبي الحسن الأشعري : ٣٥ ـ ٣٦.

١٥٣

أن يكوّن الكون ويوجّه الجهات!

وبعد فنسبة ذاته المقدّسة إلى الأكوان والجهات نسبة الترفّع والتعالي عنها ؛ لأنّها محدثات ، ولا تناسب بين الحادث الممكن بالذات ، والأزليّ الواجب بالذات. إنّه تعالى فوق كلّ شيء ومتعال عنها ، لأنّه أوجدها وأحدثها ، والمخلوق تحت رتبة الخالق والصانع فوق المصنوع ، تحتيّة لا بالجهة ، وفوقيّة لا بالجهة ، بل بالاعتبار والسببيّة المنتزعة ممّا بينهما من نسبة قائمة.

وهذا إذا ما لاحظنا من تباين ما بين عالم المادّة وعالم ما وراء المادّة. وبما أنّنا عائشون في وسط من العالم المادّي ، فإذا ما أردنا الإشارة إلى العالم الآخر غير المادّي ، أشرنا ـ طبعا ـ إلى خارج عالمنا هذا ، وهذه الإشارة تقع إلى جهة «فوق» ، لا بما أنّه «فوق» بل باعتبار أنّ كلّ خارج عن هذا العالم المادّي ـ في المحسوس ـ فوق من كلّ الجهات ، حيث الواقف في مركز فضاء كرويّ الشكل ، إذا أراد الإشارة إلى خارجها ، لا بدّ أن يشير إلى خارج سطح الكرة ، الّذي هو فوق بالنسبة إليه من كلّ الجهات.

وهكذا بالنسبة إلينا ونحن عائشون على الأرض ، إذا أردنا الإشارة إلى خارج عالمنا هذا ، إشارة بالحسّ ، لا بدّ أن تقع إشارتنا إلى خارج هذا المحيط ، وهو فوق في جميع أكناف الأرض.

وعليه فإذا ما اعتبرنا أنّ تدابير هذا العالم المادّي في جميع أرجائه ، تنحدر من عالم وراء المادّة من عند ربّنا العزيز الحكيم ، صحّ إطلاق الفوق عليه تعالى ، وهكذا التعبير بالنزول من عنده والصعود إليه وما أشبه ، لا يراد التحديد والجهة المادّيّة ، بل الاعتباريّة ، بالنظر إلى ما بين العالمين من تباين وفرق ، ذاك في ذروة العلى والشرف والغنى ، وهذا في خسّة الحضيض والذلّ والافتقار.

قال تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ)(١) ، أي ننزّله إلى عالم المادّة تنزيلا بمجرّد الاعتبار. حتّى إذا ما نبت نبت أو نما زرع أو استخرج معدن من تحت الأرض ، أو اصطيد سمك من جوف البحر ، كان ذلك من بركات صاحب العرش العلى ، أسبغه علينا أهل الأرض (٢).

__________________

(١) الحجر ١٥ : ٢١.

(٢) رسالة ابن شيخ الحزاميّين : ٣٩ ـ ٥٥. نشرت ضمن مجموعة «أربح البضاعة» بمكّة المكرّمة : ١٣٩٣ ه‍.

١٥٤

إذن فرفع الرأس واليدين إلى السماء حالة الضراعة إلى الله والابتهال إليه ، إنّما هو لهذا الإحساس الباطني : أنّ البركات تنزل من عالم أرفع ، هو محيط بنا وفوق من كلّ جهات الأرض.

الإنسان بفطرته يدرك بأنّ تدابير شؤون هذه الحياة المادّيّة ، إنّما تتّخذ في عالم آخر وراء عالمنا المادّي ، حيث يشاهد أنّ ما أحاط به من مظاهر الحياة ، إنّما هي جميعا أمثاله ، ذوات حاجة وافتقار إلى مدبّر شؤونها ، ومن يقوم بسداد خللها ، فلابدّ أنّ وراء هذا المظهر ذي النقص والعجز ، من جهاز مقتدر غنيّ ، هو الّذي يكفل تدابير عالمنا المادّي ، وليس سوى كونه خارج هذا الإطار المفتقر بالذات.

وإذا كان الإنسان يرى من ذاك العالم اللّامادّي وراء هذا العالم ، فإنّه يراه محيطا به من كلّ الجوانب ، إحاطة المدبّر ـ بالكسر ـ بالمدبّر ـ بالفتح ، وأعلا منه ، علوّ الكمال على النقص ، ومتبائنا منه ، تبائن القدرة عن العجز.

وبعد ، فإذا كان الإنسان يرى ما بين العالمين هذا التباعد ، وكان يرى من عالم الشهود مدّ بصره في جميع جوانبه ، يا ترى ، فأين يقع عالم الغيب؟! لا بدّ أنّه محيط بهذا العالم ، وإذا كان محيطا به فهو فوقه وأعلا منه ، لأنّ كلّ محيط بجسم كرويّ هو فوقه من جميع جوانبه لا محالة. هكذا يتصوّره تجسيم الخيال. إذن فعالم الغيب المدبّر لعالم الشهود هو فوقه وفوق ما نعيش فيه من المادّيّات السّفلى ، قياسا لغير المحسوس بالمحسوس في كلّ ما يتصوّره الإنسان من شؤون ما وراء محسوسه ، إذا ما قاسه بما لديه من محسوسات.

قال تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ)(١). تنزيلا من عالم الغيب إلى عالم الشهود ، الأمر الّذي دعا بالمؤمنين وغير المؤمنين من سائر الموحّدين ، بل ومن كلّ من يعتقد بما وراء الحسّ ، أنّ الرحمة والبركات تنزل من عند الله العليّ القدير ، من عالم هو أسمى وأسنى : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ)(٢) وهكذا أجاب الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام في جواب عبد الله بن سبأ حينما سأله عن سبب رفع اليدين إلى السماء عند الدعاء :

__________________

(١) الحجر ١٥ : ٢١.

(٢) الذاريات ٥١ : ٢٢.

١٥٥

[٢ / ٧٢٠٣] روى أبو جعفر الصدوق ـ في حديث الأربعمائة ـ بالإسناد إلى أبي بصير ومحمّد بن مسلم عن الإمام أبي عبد الله عن أبائه عليهم‌السلام عن الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه علّم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه :

وكان ممّا قال : «إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء ، ولينصب في الدعاء». فقام عبد الله بن سبأ وقال : يا أمير المؤمنين ، أليس الله في كلّ مكان؟ قال : بلى! قال : فلم يرفع العبد يديه إلى السماء؟ قال عليه‌السلام : «أما تقرأ : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ)(١). فمن أين يطلب الرزق إلّا من موضعه ، وموضع الرزق وما وعد الله ـ عزوجل ـ السماء» (٢).

[٢ / ٧٢٠٤] وتقدّم نظيره عن الصادق عليه‌السلام حينما نفى عن الله المكان ، فسأله سائل عن الفرق بين رفع اليدين وخفضهما؟ فقال عليه‌السلام : «ذلك في علمه وإحاطته وقدرته سواء ، ولكنّه ـ عزوجل ـ أمر أولياءه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش ، لأنّه جعله معدن الرزق ، فثبّتنا ما ثبّته القرآن ، والأخبار عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قال : «ارفعوا أيديكم إلى الله عزوجل! قال : وهذا يجمع عليه فرق الأمّة كلّها» (٣).

ولنا في البحث عن نفي التشبيه عنه تعالى كلام مسهب أوردناه في التمهيد عند شبهة الأشاعرة ومن حذا حذوهم من أهل التشبيه والتجسيم (٤).

قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً)

تلك الصلاة الّتي تجب المحافظة على إتمامها والإكمال من جميع شرائطها ، إنّما هي إذا كان الجوّ أمنا يمكن الإتيان بها كملا وفق توظيفها التامّ : أمّا إذا كان الخوف لا يدع مجالا لإقامة الصلاة على وجهها الأتمّ ، فبما أنّ الإسلام دين يسر وسماح (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٥) ، فإنّ

__________________

(١) الذاريات ٥١ : ٢٢.

(٢) الخصال ـ حديث الأربعمائة ـ : ٦٢٨ ـ ٦٢٩ ؛ البحار ٩٠ : ٣٠٨ ـ ٣٠٩ / ٧.

(٣) التوحيد : ٢٤٨ ؛ الوسائل ٧ : ٤٧ / ٥ ؛ البحار ٩٠ : ٣٠٩ / ٨.

(٤) التمهيد ٣ : ١٠٩ ـ ١١٩.

(٥) الحجّ ٢٢ : ٧٨.

١٥٦

الصلاة حينذاك وعند الخوف ، تؤدّى على أيّ وجه ممكن ، فمثلا يتّجه الراكب المناضل حيث توجّهت به راحلته. والراجل المقاتل حيث اقتضى به الحال وأتيح له المجال.

وأمّا إذا ساد الأمن فالصلاة يؤتى بها حسبما فرضها الله تامّة كاملة (فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ).

وسيأتي الكلام عن صلاة الخوف في الحرب بخصوصها عند تفسير الآية : ١٠٢ من سورة النساء.

[٢ / ٧٢٠٥] روى أبو جعفر الكليني بالإسناد إلى أبان عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) كيف يصلّي ، وما يقول إذا خاف من سبع أو لصّ ، كيف يصلّي؟ قال : «يكبّر ويؤمي إيماء برأسه» (١).

[٢ / ٧٢٠٦] وروى أبو جعفر الصدوق عن أبي بصير أنّه قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «إن كنت في أرض مخوفة فخشيت لصّا أو سبعا فصلّ الفريضة وأنت على دابّتك» (٢).

[٢ / ٧٢٠٧] قال : وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «الّذي يخاف اللّصوص يصلّي إيماء على دابّته» (٣).

[٢ / ٧٢٠٨] وقال : وروى عبد الرحمان بن أبي عبد الله عن الصادق عليه‌السلام في صلاة الزحف قال : «تكبير وتهليل» (٤).

[٢ / ٧٢٠٩] وروى القاضي نعمان المصري عن أبي جعفر عليه‌السلام ، أنّه سئل عن الصلاة في شدّة الخوف والجلاد ، وحيث لا يمكن الركوع والسجود ، فقال : «يومئون إيماء على دوابّهم ، ووقوفا على

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٥٧ / ٦ ؛ التهذيب ٣ : ٢٩٩ ـ ٣٠٠ / ٩١٢ ـ ٣ ، باب ٢٩. العيّاشي ١ : ١٤٧ ـ ١٤٨ / ٤٢٣ و ٤٢٥ ؛ البرهان ١ : ٥١٠ / ١ ؛ نور الثقلين ١ : ٢٣٩ / ٩٤٧ ؛ البحار ٨٦ : ١١٦ ـ ١١٧ / ١٠ ، باب ٣.

(٢) الفقيه ١ : ٤٦٥ ـ ٤٦٦ / ١٣٤٢ ، باب صلاة الخوف والمطاردة والمواقفة والمسايفة ؛ الكافي ٣ : ٤٥٦ / ٣.

(٣) الفقيه ١ : ٤٦٦ / ١٣٤٣ ؛ نور الثقلين ١ : ٢٤٠ / ٩٥٣.

(٤) نور الثقلين ١ : ٢٣٩ / ٩٥١ ؛ الفقيه ١ : ٤٦٥ / ١٣٤١ ؛ العيّاشي ١ : ١٤٨ / ٤٢٦ ، وفيه : يكبّر ويهلّل ، يقول : الله أكبر ، يقول الله : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) ؛ البرهان ١ : ٥١١ / ٥ ؛ كنز الدقايق ٢ : ٣٧٠ ؛ البحار ٨٦ : ١١٧ / ١٠ ، باب ٣.

١٥٧

أقدامهم ، وتلا قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) فإن لم يقدروا على الإيماء ، كبّروا مكان كلّ ركعة تكبيرة» (١).

[٢ / ٧٢١٠] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : (فَرِجالاً) قال : مشاة (أَوْ رُكْباناً) قال : لأصحاب محمّد على الخيل في القتال ، إذا وقع الخوف فليصلّ الرجل إلى كلّ جهة ، قائما أو راكبا أو ما قدر ، على أن يومىء إيماء برأسه أو يتكلّم بلسانه (٢).

[٢ / ٧٢١١] وقال مقاتل بن سليمان في قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ) العدوّ فصلّوا (فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) يقول : على أرجلكم أو على دوابّكم فصلّوا ركعتين حيث كان وجهه ، إذا كان الخوف شديدا ، فإن لم يستطع السجود فليومىء برأسه إيماء وليجعل السجود أخفض من الركوع ولا يجعل جبهته على شيء ، ثمّ قال ـ سبحانه ـ : (فَإِذا أَمِنْتُمْ) العدوّ (فَاذْكُرُوا اللهَ) يقول فصلّوا لله (كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)(٣).

[٢ / ٧٢١٢] وأخرج البزّار عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «صلاة المسايفة ركعة ، أيّ وجه كان الرجل يجزىء عنه ، فإن فعل ذلك لم يعده» (٤).

[٢ / ٧٢١٣] وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مجاهد قال : يصلّي ركعتين ، فإن لم يستطع فركعة ، فإن لم يستطع فتكبيرة حيث كان وجهه. (٥)

[٢ / ٧٢١٤] وعن الضحّاك في قوله : (فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) قال : ذلك عند القتال يصلّي حيث كان وجهه راكبا أو راجلا إذا كان يطلب أو يطلبه سبع ، فليصلّ ركعة يومىء إيماء ، فإن لم يستطع فليكبّر

__________________

(١) دعائم الإسلام ١ : ١٩٩ ، كتاب الصلاة ، ذكر صلاة الخوف ؛ البحار ٨٦ : ١٢٠ / ١٥ ، باب ٣ ؛ مستدرك الوسائل ٦ : ٥٢٣.

(٢) الدرّ ١ : ٧٣٦ ؛ الطبري ٢ : ٧٧٦ / ٤٣١٤ ، بلفظ : عن مجاهد في قول الله : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في القتال على الخيل فإذا وقع الخوف فليصلّ الرجل على كلّ جهة قائما أو راكبا أو كما قدر على أن يومىء برأسه أو يتكلّم بلسانه.

(٣) تفسير مقاتل ١ : ٢٠١.

(٤) الدرّ ١ : ٧٣٦ ؛ مختصر زوائد مسند البزّار ١ : ٢٩٦ ـ ٩٢٧ / ٤٥٣ ، باب صلاة الخوف.

(٥) الدرّ ١ : ٧٣٦ ؛ المصنّف ٢ : ٣٤٨ / ٧ ، باب ٢٩٦ ، بلفظ : عن مجاهد قال : يجزيه تكبيرة عند السلّة (أي عند استلال السيوف) إذا لم يستطع.

١٥٨

تكبيرتين (١).

[٢ / ٧٢١٥] وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن جابر بن عبد الله قال : إذا كانت المسايفة فليومىء برأسه حيث كان وجهه ، فذلك قوله : (فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً)(٢).

[٢ / ٧٢١٦] وعن مجاهد عن ابن عبّاس ، قال : فرض الله الصلاة على لسان نبيّكم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحضر أربعا ، وفي السفر ركعتين ، وفي الخوف ركعة (٣).

[٢ / ٧٢١٧] وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : (فَإِذا أَمِنْتُمْ) فصلّوا الصلاة كما افترض عليكم ، إذا جاء الخوف كانت لهم رخصة (٤).

__________________

(١) الطبري ٢ : ٧٧٧ بعد رقم ٤٣١٥ ؛ القرطبي ٣ : ٢٢٤ ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ٢ : ٥١٤ / ٤٢٦٣ ، بلفظ : عن جابر عن الضحّاك في قوله : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) قال : تجزىء تكبيرتان حيث كان توجّهه.

(٢) الدرّ ١ : ٧٣٦ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٤٥٠ / ٢٣٨٤ ، وزاد : وروي عن الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وعطاء وعطيّة والحكم وحمّاد وقتادة نحو ذلك ؛ ابن كثير ١ : ٣٠٣.

(٣) مسلم ٢ : ١٤٣ ، كتاب الصلاة ؛ أبو داوود ١ : ٢٨١ / ١٢٤٧ ، باب ٢٨٧ ؛ المصنّف ٢ : ٣٥٠ / ١٣ ، باب ٢٩٧ ؛ النسائي ١ : ١٤١ / ٣١٨ ، باب ٣ ؛ الطبري ٢ : ٧٨١ / ٤٣٣٨ ؛ الثعلبي ٢ : ٢٠٠ ؛ البغوي ١ : ٣٢٦ ـ ٣٢٧ / ٢٨٢ ، وزاد : هو قول عطاء وطاووس والحسن ومجاهد وقتادة : إنّه يصلّي في حال شدّة الخوف ركعة ؛ أبو الفتوح ٣ : ٣٢٣.

(٤) الدرّ ١ : ٧٣٧ ؛ الطبري ٢ : ٧٨٢ / ٤٣٤٠.

١٥٩

قال تعالى :

(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٤٠) وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١) كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢٤٢))

وهذا من تمام الكلام بشأن النساء اللّاتي فارقن أزواجهنّ ، إمّا بالوفاة أو بالطلاق ، وأنّ لهنّ حقّا حتّى بعد المفارقة ، فلا يهملن ولا يضيّعن.

أمّا المتوفّى عنها زوجها (١) ، فلها ـ وراء ميراثها ـ حقّ البقاء على عيشتها لمدّة حول ، فلا تخرج إن رأت من مشاعرها أو من الملابسات الراهنة ما يدعوها إلى البقاء. وعلى الورثة أن يسمحوا لها بذلك ، ولا يعنّفوها بالخروج ، لكنّها إن خرجت من طيب نفسها ، كان لها ذلك ، كما لها أن تتزوّج بعد العدّة (انقضاء أربعة أشهر وعشر ليال). وليس للورثة أن يتدخّلوا في شؤونها ، وقد ملكت حرّيتها حينذاك.

فالعدّة فريضة عليها كما قرّرته الآية السابقة ، والاستمتاع بعيشتها الأولى لمدّة سنة حقّ لها ، كما في هذه الآية ، ولا منافاة بينهما ، بعد إمكان الجمع بين المفادين.

نعم بعضهم يرى أنّ هذه الآية منسوخة بتلك ، ولا ضرورة لافتراض النسخ ، لاختلاف الجهة كما رأينا ، فهذه تقرّر حقّا لها إن شاءت استعملته ، وتلك تقرّر حقّا عليها لا مفرّ منه.

وسنشرح هذه الناحية.

__________________

(١) سيأتي الكلام عن أنّ هذه ما إذا لم يكن لها ولد من زوجها المتوفّى ، وإلّا فلها البقاء متى شاءت في ظلّ ميراث ولدها من الدار والعقار.

١٦٠