التفسير الأثري الجامع - ج ٥

الشيخ محمّد هادي معرفة

التفسير الأثري الجامع - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي معرفة


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التمهيد ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5079-06-7
ISBN الدورة:
978-600-5079-08-1

الصفحات: ٥٦٠

المشركون للبراز تركوهم عند البراز والغائط. فينطلق أبو مرثد فيجعل الرجل منهم على عنقه حتّى إذا أخرجه من مكّة كسر قيده بفهر (١) ويلحقه بالمدينة ، كان ذلك دأبه. فانطلق يوما حتّى انتهى إلى مكّة ، فلقيته عناق وكان يصيب منها في الجاهليّة. فقالت : أبا مرثد ، مالك فيّ حاجة؟ فقال : إنّ الله قد حرّم الزنا! فلمّا أيست منه أنذرت به كفّار مكّة فخرجوا يطلبونه. فاستتر منهم بالشجر فلم يقدروا عليه فلمّا رجعوا احتمل بعض المسلمين حتّى أخرجه من مكّة فكسر قيده. ورجع إلى المدينة فأتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبره بالخبر. فقال : والّذي بعثك بالحقّ لو شئت أن آخذهم وأنا مستتر بالشجرة لفعلت! فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اشكر ربّك أبا مرثد إنّ الله ـ عزوجل ـ حجزهم عنك». فقال أبو مرثد : يا رسول الله إنّ عناق أحبّها وكان بيني وبينها في الجاهليّة ، أفتأذن لي في تزويجها ، فإنّها لتعجبني. فأنزل الله : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) يصدّقن بتوحيد الله (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ) يعني مصدّقة بتوحيد الله (خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) لقوله : إنّها لتعجبني (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)(٢).

[٢ / ٦٥٢٢] وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنّحاس في ناسخه والبيهقي في سننه عن ابن عبّاس في قوله : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) قال : استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب ، فقال : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ)(٣). (٤)

[٢ / ٦٥٢٣] وأخرج الواحدي وابن عبّاس من طريق السدّي عن أبي مالك عن ابن عبّاس في هذه الآية : (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ) قال : «نزلت في عبد الله بن رواحة وكانت له أمة سوداء وأنّه غضب عليها فلطمها ، ثمّ إنّه فزع فأتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبره خبرها. فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما هي يا

__________________

(١) الفهر : الحجر الرقيق.

(٢) تفسير مقاتل ١ : ١٩٠ ـ ١٩١ ؛ وراجع : الثعلبي ٢ : ١٥٤. والبغوي ١ : ٢٨٣ ـ ٢٨٤ وابن أبي حاتم ٢ : ٣٩٨ / ٢١٠٠.

(٣) المائدة ٥ : ٥.

(٤) الدرّ ١ : ٦١٤ ؛ الطبري ٢ : ٥١١ / ٣٣٦٨ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٣٩٧ / ٢٠٩٥ ، وزاد : قال أبو محمّد : وروي عن عكرمة وسعيد بن جبير والحسن ومكحول والضحّاك والربيع بن أنس وزيد بن أسلم ، نحو ذلك ؛ البيهقي ٧ : ١٧١.

٥٠١

عبد الله؟ قال : تصوم ، وتصلّي ، وتحسن الوضوء ، وتشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك رسوله. فقال : يا عبد الله هذه مؤمنة. فقال عبد الله : فو الّذي بعثك بالحقّ لأعتقها ولأتزوّجها ، ففعل. فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا : نكح أمة ، وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم ، فأنزل الله فيهم : (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ)».

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدّي مثله سواء (١).

[٢ / ٦٥٢٤] وأخرج عبد الرزّاق عن قتادة وابن جرير والبيهقي عن شقيق قال : تزوّج حذيفة يهوديّة فكتب إليه عمر : خلّ سبيلها! فكتب إليه : أتزعم أنّها حرام فأخلّي سبيلها؟ فقال : لا أزعم أنّها حرام ، ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات (٢) منهنّ! (٣)

[٢ / ٦٥٢٥] وعن قتادة : تزوّج حذيفة يهوديّة أو نصرانيّة ... (٤)

__________________

(١) الدرّ ١ : ٦١٥ ؛ الطبري ٢ : ٥١٥ / ٣٣٧٩ ؛ الثعلبي ٢ : ١٥٥ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢٢٤ ؛ الوسيط ١ : ٣٢٧ ؛ أسباب نزول الآيات : ٤٥ ، وفيه : «لأعتقنّها ولأتزوّجنّها» بدل «لأعتقها ولأتزوّجها» ؛ ابن عساكر ٢٨ : ٩٠ ـ ٩١ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٣٩٨ / ٢١٠٢.

(٢) المومسات : العاهرات.

(٣) الدرّ ١ : ٦١٥ ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ٦ : ٧٨ / ١٠٠٥٧ ؛ الطبري ٢ : ٥١٤ / ٣٣٧٧ ؛ البيهقي ٧ : ١٧٢ ؛ البغوي ١ : ٢٨٤.

(٤) الطبري ٢ : ٥١٢ / ٣٣٧٣.

٥٠٢

قال تعالى :

(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢) نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٢٢٣))

وهنا توجيه آخر إلى تلك العلاقات بين الزوج وزوجه ، يرفعها عن مستوى لذّة الجسد إلى حيث مبتغاه ـ سبحانه وتعالى ـ ليسموا بأهدافها إلى حيث مستوى الإنسان الرفيع.

إنّ المباشرة في تلك العلاقة السامية وسيلة وليست غاية ـ كما في سائر الأحياء ـ وسيلة لتحقيق هدف أعمق في طبيعة الحياة ، هدف النسل وامتداد الحياة في طريقها السويّ السليم ، حيث مرضاة الله ـ سبحانه ـ

إنّ المباشرة في المحيض ، قد تكون تحقّق تلك اللّذّة الحيوانيّة ـ مع ما ينشأ عنها من أذى ومن أضرار صحّيّة مؤكّدة للرجل والمرأة ـ لكنّها لا تحقّق الهدف الأسمى ، فضلا عن انصراف الفطرة السليمة النظيفة عنها في تلك الحال ومن ثمّ جاء ذلك النهي إجابة على ذلك السؤال : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) ينقين من الدم ، ويتطهّرن بعد النقاء. (فَإِذا تَطَهَّرْنَ) فعند ذلك (فَأْتُوهُنَ) إن شئتم ولكن (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) في منبت الإخصاب (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) عمّا فرط منهم من سوء التجاوز لحدود الله ، (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) الّذين يبغون طهارة الحياة ، فلا تتلوّث بالأكدار والأقذار.

وفي هذا الظلّ يصوّر لونا من ألوان العلاقة الزوجيّة يناسبه ويتّسق معه مع خطوطه : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) موضع إخصاب وإنتاج ، ومن ثمّ (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ) الّذي جعل الله لكم (أَنَّى شِئْتُمْ) أيّ زمان وأيّ مكان شئتم ، بعد أن كان لكم مباحا على إطلاقه.

ولكن من وظيفة المؤمن الواعي أن يجعل أهدافه في الحياة وفي لذائذها متوافقة ومترافقة مع

٥٠٣

رضى الله ، ووفق غايات أرادها الله ، وقد فطر الناس عليها.

والعمل إذا كان وفق رضى الله وعلى امتداد مرضاته تعالى ، فإنّه العمل الناجح الناجع. ومن ثمّ (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ) :

نقاط ثلاث تشكّل اتّزان الحياة على المنهج الّذي يريده الله ..

١ ـ إخلاص العمل لله ، ليكون ذخرا له ينفعه (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)(١).

٢ ـ رعاية تقوى الله ، ليكون حفاظ على العمل حتّى نهاية المطاف.

٣ ـ العقيدة بلقاء الآخرة ، لتكون رقابة عليه طول سلوكه في الحياة.

فمن جمعت فيه هذه الخصال ، فهو ممّن ضمن له النجاح والفلاح في الدارين ، ومن ثمّ (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) بهذا الفوز العظيم.

[٢ / ٦٥٢٦] قال مقاتل بن سليمان في قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً) : يعني قذر. نزلت في عمرو بن الدحداح الأنصاري من قضاعة فلمّا نزلت هذه الآية لم يؤاكلوهنّ في إناء واحد وأخرجوهنّ من البيوت والفرش كفعل العجم ، فقال ناس من العرب للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قد شقّ علينا اعتزال الحائض ، والبرد شديد ، فإن آثرناهم بالثياب هلك سائر البيت! وإن آثرنا أهل البيت ، هلكت النساء بردا. فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّكم لم تؤمروا أن تعزلوهنّ من البيوت ، إنّما أمرتم باعتزال الفرج إذا حضن ، ويؤتين إذا طهرن ، وقرأ عليهم : (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) يعني يغتسلن (٢)(فَإِذا تَطَهَّرْنَ) يعني اغتسلن من المحيض (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) أي يؤتين غير حيض في فروجهنّ الّتي نهي عنها في الحيض (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) من الذنوب (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) من الأحداث والجنابة والحيض (٣).

[٢ / ٦٥٢٧] وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنّحاس في ناسخه والبيهقي في سننه

__________________

(١) الشعراء ٢٦ : ٨٨ ـ ٨٩.

(٢) ولعلّه على قراءة التشديد. والمشهور : التخفيف وفسّر بالنقاء من الدم. (مجمع البيان ٢ : ٣١٩).

(٣) تفسير مقاتل ١ : ١٩١ ـ ١٩٢.

٥٠٤

عن ابن عبّاس في قوله : (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ) يقول : اعتزلوا نكاح فروجهنّ (١).

[٢ / ٦٥٢٨] وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي رزين : (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) قال : من قبل الطهر ولا تأتوهنّ من قبل الحيض (٢).

[٢ / ٦٥٢٩] وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن الحنفيّة : (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) قال : من قبل التزويج ، من قبل الحلال (٣).

[٢ / ٦٥٣٠] وأخرج عبد الرزّاق في المصنّف عن مجاهد : (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) قال : من حيث يخرج الدم ، فإن لم يأتها من حيث أمر ، فليس من التوّابين ولا من المتطهّرين (٤).

قوله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ...)

[٢ / ٦٥٣١] أخرج سعيد بن منصور والدارمي وابن أبي حاتم عن جابر : أنّ اليهود قالوا للمسلمين : من أتى امرأته وهي مدبرة جاء الولد أحول. فأنزل الله : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ)

__________________

(١) الدرّ ١ : ٦٢١ ؛ الطبري ٢ : ٥١٩ / ٣٣٩٢ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٤٠١ / ٢١١٥ ، وزاد : قال أبو محمّد : وروي عن مجاهد ومقاتل بن حيّان نحو ذلك ؛ البيهقي ١ : ٣٠٩ ، كتاب الحيض ؛ التبيان ٢ : ٢٢٠ ؛ مجمع البيان ٢ : ٨٦ ـ ٨٧ بلفظ : اجتنبوا مجامعتهنّ في الفرج ، عن ابن عبّاس وعائشة والحسن وقتادة ومجاهد ؛ وهو قول محمّد بن الحسن ، قال الطبرسي (ره) : ويوافق مذهبنا أنّه لا يحرم منها غير موضع الدم فقط.

(٢) الدرّ ١ : ٦٢٥ ؛ المصنّف ٣ : ٣٤٨ / ٥ ، الطبري ٢ : ٥٢٨ / ٣٤٣٧ ؛ القرطبي ٣ : ٩١ ، عن ابن عبّاس وأبي رزين والضحّاك ؛ ابن كثير ١ : ٢٦٧ ، بلفظ : قال أبو رزين وعكرمة والضحّاك وغير واحد : فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ يعني طاهرات غير حيّض ؛ الثعلبي ٢ : ١٥٩ ؛ التبيان ٢ : ٢٢٢ ، بلفظ : قال السدّي والضحّاك : من قبل الطهر دون الحيض ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢٣٨ ، عن ابن زيد والضحّاك ورواية عطيّة عن ابن عبّاس ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٤٠١ / ٢١١٦ ، و ٤٠٢ / ٢١٢١ : بلفظ : قال : من قبل الطهر ، وزاد : قال أبو محمّد : وروي عن عكرمة والربيع بن أنس وقتادة والضحّاك ومقاتل بن حيّان وعطاء الخراساني ، نحو ذلك.

(٣) الدرّ ١ : ٦٢٥ ؛ المصنّف ٣ : ٣٤٩ / ٤ ، باب ١٠٨ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٤٠٢ / ٢١٢٢ ؛ القرطبي ٣ : ٩١ ، بلفظ : قال محمّد بن الحنفيّة : المعنى من قبل الحلال لا من قبل الزنى ؛ الطبري ٢ : ٥٢٩ / ٣٤٤٢ ؛ البغوي ١ : ٢٨٩ ؛ الثعلبي ٢ : ١٥٩ ؛ مجمع البيان ٢ : ٨٧ ؛ التبيان ٢ : ٢٢٢ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢٣٨.

(٤) الدرّ ١ : ٦٢٥ ؛ المصنّف ١ : ٣٣١ / ١٢٧٢.

٥٠٥

أَنَّى شِئْتُمْ) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج» (١).

[٢ / ٦٥٣٢] وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري وأبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه عن جابر قال : كانت اليهود تقول : إذا أتى الرجل امرأته من خلفها في قبلها ثمّ حملت جاء الولد أحول. فنزلت : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) إن شاء مجبّية (٢) وإن شاء غير مجبّية غير أنّ ذلك في صمام واحد (٣). (٤)

[٢ / ٦٥٣٣] وروى عن محمّد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : كان اليهود يقولون : من جامع امرأته وهي مجبّية من دبرها في قبلها كان ولدها أحول ، فذكر ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : كذبت اليهود فأنزل الله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)(٥).

[٢ / ٦٥٣٤] وأخرج ابن أبي شيبة في المصنّف وعبد بن حميد وابن جرير عن مرّة الهمداني : أنّ بعض اليهود لقي بعض المسلمين فقال له : تأتون النساء وراءهنّ! كأنّه كره الإبراك! فذكروا ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فنزلت : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ...) الآية. فرخّص الله للمسلمين أن يأتوا النساء في الفروج كيف شاؤوا وأنّى شاؤوا ، من بين أيديهنّ ومن خلفهنّ (٦).

__________________

(١) الدرّ ١ : ٦٢٧ ؛ سنن سعيد ٣ : ٨٣٩ / ٣٦٦ ، بلفظ : عن جابر : قال : قالت اليهود : إنّما يكون الولد أحول إذا أتى الرجل امرأته من خلفها فأنزل الله عزوجل : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) من بين يديها ومن خلفها ولا يأتيها إلّا في المأتي. قال : سنده صحيح ؛ الدارمي ٢ : ١٤٥ ـ ١٤٦ ، إلى قوله : أَنَّى شِئْتُمْ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٤٠٤ / ٢١٣٣ ؛ ابن كثير ١ : ٢٦٨ ؛ الوسيط ١ : ٣٢٩ ، إلى قوله : أَنَّى شِئْتُمْ.

(٢) أي منكبّة على وجهها كهيئة الساجدة.

(٣) أي مسلك واحد. الصّمام : ما تسدّ به الفرجة ، فسمّي الفرج به. ويروى : من سمام واحد ، وهو من سمام الإبرة : ثقبها.

(٤) الدرّ ١ : ٦٢٦ ؛ المصنّف ٣ : ٣٤٧ / ٢ ، باب ١٠٧ ؛ البخاري ٥ : ١٦٠ ؛ أبو داوود ١ : ٤٧٩ / ٢١٦٣ ، باب ٤٦ ؛ الترمذي ٤ : ٢٨٣ / ٤٠٦٢ ؛ النسائي ٥ : ٣١٣ ـ ٣١٤ / ٨٩٧٣ و ٨٩٧٤ ، باب ٢٣ ؛ ابن ماجة ١ : ٦٢٠ / ١٩٢٥ ، باب ١٩ ؛ الطبري ٢ : ٥٣٨ / ٣٤٧٥ ؛ الحلية ٣ : ١٥٤ ؛ البيهقي ٧ : ١٩٤ ؛ البغوي ١ : ٢٩٠ / ٢٤٣ ؛ القرطبي ٣ : ٩١ ؛ ابن كثير ١ : ٢٦٧ ـ ٢٦٨ ؛ التبيان ٢ : ٢٢٤ ، باختصار عن جابر وابن عبّاس ، وقال : «رواه أيضا أصحابنا».

(٥) الثعلبي ٢ : ١٦١ ؛ مجمع البيان ٢ : ٨٨ ، بمعناه عن ابن عبّاس وجابر ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢٤٠ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٣٤٠ / ٢٦٤.

(٦) الدرّ ١ : ٦٢٧ ؛ المصنّف ٣ : ٣٤٨ / ٩ ، باب ١٠٧ ، وفيه : «أتى بعض» بدل قوله : «لقى بعض» ؛ الطبري ٢ : ٥٣٣ / ٣٤٥٣.

٥٠٦

[٢ / ٦٥٣٥] وأخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال : كانت الأنصار تأتي نساءها مضاجعة ، وكانت قريش تشرح شرحا كثيرا (١) ، فتزوّج رجل من قريش امرأة من الأنصار ، فأراد أن يأتيها فقالت : لا ، إلّا كما نفعل! فأخبر بذلك رسول الله ، فأنزل الله : (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) أي قائما وقاعدا ومضطجعا ، بعد أن يكون في صمام واحد (٢).

[٢ / ٦٥٣٦] وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن أبي هلال : أنّ عبد الله بن عليّ حدّثه : إنّه بلغه أنّ ناسا من أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جلسوا يوما ورجل من اليهود قريب منهم ، فجعل بعضهم يقول : إنّي لآتي امرأتي وهي مضطجعة. ويقول الآخر : إنّي لآتيها وهي قائمة ، ويقول الآخر : إنّي لآتيها على جنبها وباركة. فقال اليهودي : ما أنتم إلّا أمثال البهائم ، ولكنّا إنّما نأتيها على هيئة واحدة. فأنزل الله : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) الآية (٣).

[٢ / ٦٥٣٧] وأخرج عبد بن حميد عن الحسن : أنّ اليهود كانوا قوما حسدا فقالوا : يا أصحاب محمّد إنّه ـ والله ـ ما لكم أن تأتوا النساء إلّا من وجه واحد ، فكذّبهم الله فأنزل : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) فخلّى بين الرجال وبين نسائهم يتفكّه الرجل من امرأته ؛ يأتيها إن شاء من قبل قبلها وإن شاء من قبل دبرها ، غير أنّ المسلك واحد (٤)!

[٢ / ٦٥٣٨] وقال مقاتل بن سليمان في قوله : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) وذلك أنّ حييّ بن أخطب ونفرا من اليهود قالوا للمسلمين : إنّه لا يحلّ لكم جماع النساء إلّا مستلقيات ، وإنّا نجد في كتاب الله أنّ جماع المرأة غير مستلقية ذنبا عند الله! فقال المسلمون لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّا كنّا في الجاهليّة وفي الإسلام نأتي النساء على كلّ حال ، فزعمت اليهود إنّه ذنب عند الله إلّا مستلقيات ، فأنزل الله : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) يعني مزرعة للولد (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) في الفروج (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) من الولد (وَاتَّقُوا اللهَ) يعظكم فلا تقربوهنّ حيضا ثمّ حذّرهم فقال ـ سبحانه ـ : (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ) فيجزيكم بأعمالكم (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) يعني المصدّقين بأمر الله ونهيه بالجنّة (٥).

__________________

(١) شرح فلان جاريته إذا أتاها مستلقية على قفاها. وفي حديث مقاتل الآتي : جماع النساء مستلقيات.

(٢) الدرّ ١ : ٦٢٧ ؛ ابن عساكر ٢٣ : ٣١٤.

(٣) الدرّ ١ : ٦٢٧ ؛ الطبري ٢ : ٥٣٤ / ٣٤٥٦.

(٤) الدرّ ١ : ٦٢٨.

(٥) تفسير مقاتل ١ : ١٩٢.

٥٠٧

[٢ / ٦٥٣٩] وأخرج عبد الرزّاق وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب من طريق صفيّة بنت شيبة عن أمّ سلمة قالت : لمّا قدم المهاجرون المدينة أرادوا أن يأتوا النساء من أدبارهنّ في فروجهنّ فأنكرن ذلك ، فجئن إلى أمّ سلمة فذكرن لها ذلك فسألت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن ذلك فقال : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) صماما واحدا (١).

[٢ / ٦٥٤٠] وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والدارمي وعبد بن حميد والترمذي وحسّنه وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عبد الرحمان بن سابط قال : سألت حفصة بنت عبد الرحمان فقلت لها : إنّي أريد أن أسألك عن شيء ، وأنا أستحي أن أسألك عنه. قالت : سل يا بن أخي عمّا بدا لك. قال : أسألك عن إتيان النساء في أدبارهنّ؟ فقالت : حدّثتني أمّ سلمة قالت : كانت الأنصار لا تجبّي ، وكانت المهاجرون تجبّي ، وكانت اليهود تقول : إنّه من جبّى امرأته كان الولد أحول ، فلمّا قدم المهاجرون المدينة نكحوا في نساء الأنصار فجبّئوهنّ ، فأبت امرأة أن تطيع زوجها وقالت : لن تفعل ذلك حتّى نسأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأتت أمّ سلمة فذكرت لها ذلك ، فقالت : اجلسي حتّى يأتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلمّا جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استحيت الأنصاريّة أن تسأله ، فخرجت فذكرت ذلك أمّ سلمة للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : ادعوها لي. فدعيت ، فتلا عليها هذه الآية : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) صماما واحدا. قال : والصمام السبيل الواحد (٢).

[٢ / ٦٥٤١] وأخرج ابن جرير عن ابن عبّاس : (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ) قال : منبت الولد (٣).

__________________

(١) الدرّ ١ : ٦٢٨ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٣٤٠ ـ ٣٤١ / ٢٦٥ ، بلفظ : .. عن حفصة ابنة عبد الرحمان عن أمّ سلمة أنّها سألت عن الرجل يأتي امرأته مجبّية ، فسألت أمّ سلمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) صماما واحدا ؛ الشعب ٤ : ٣٥٥ / ٥٣٧٧ ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ١١ : ٤٤٣ / ٢٠٩٥٩ ، وفيه : «سماما واحدا» بدل قوله : «صماما واحدا». وقد مرّ تفسير كلّ من الصّمام والسّمام ؛ الكبير ٢٣ : ٣٥٦ / ٨٣٧.

(٢) الدرّ ١ : ٦٢٨ ـ ٦٢٩ ؛ المصنّف ٣ : ٣٤٨ / ٨ ، باب ١٠٧ ؛ مسند أحمد ٦ : ٣٠٥ ، بخلاف في اللفظ ؛ الدارمي ١ : ٢٥٦ ؛ الترمذي ٤ : ٢٨٣ ـ ٢٨٤ / ٤٠٦٣ ؛ الطبري ٢ : ٥٣٨ ـ ٥٣٩ / ٣٤٧٦ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٤٠٤ / ٢١٣١ ، باختصار ؛ البيهقي ٧ : ١٩٥ ، باختصار.

(٣) الدرّ ١ : ٦٣١ ؛ الطبري ٢ : ٥٣٢ / ٣٤٤٦ ؛ التبيان ٢ : ٢٢٢ ، بلفظ : إنّ معناه : مزرع أولادكم ، كأنّه قيل : محترث لكم ، في قول ابن عبّاس والسدّي ؛ مجمع البيان ٢ : ٨٨ ، بلفظ : إنّ معناه مزدرع لكم ومحترث لكم ، عن ابن عبّاس والسدّي.

٥٠٨

[٢ / ٦٥٤٢] وأخرج الواحدي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عبّاس قال : نزلت هذه الآية في المهاجرين لمّا قدموا المدينة ، ذكروا إتيان النساء فيما بينهم وبين الأنصار واليهود من بين أيديهنّ ومن خلفهنّ إذا كان المأتي واحدا في الفرج ، فعابت اليهود ذلك إلّا من بين أيديهنّ خاصّة ، وقالوا : إنّا نجد في كتاب الله أنّ كلّ إتيان تؤتى النساء غير مستلقيات دنس عند الله ، ومنه يكون الحول والخبل ، فذكر المسلمون ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالوا : إنّا كنّا في الجاهليّة وبعد ما أسلمنا نأتي النساء كيف شئنا ، وإنّ اليهود عابت علينا ، فأكذب الله اليهود ونزلت : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) يقول : الفرج مزرعة الولد ، فأتوا حرثكم أنّى شئتم ، من بين يديها ومن خلفها في الفرج (١).

[٢ / ٦٥٤٣] وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في سننه عن ابن عبّاس قال : ائت حرثك من حيث نباته. وفي لفظ : اسق نباتك من حيث نباته (٢).

[٢ / ٦٥٤٤] وأخرج ابن جرير عن ابن عبّاس : (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) قال : يأتيها كيف شاء ما لم يكن يأتيها في دبرها أو في الحيض (٣).

[٢ / ٦٥٤٥] وروى العيّاشيّ بالإسناد إلى زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «سألته عن قول الله : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) قال : من قبل» (٤).

[٢ / ٦٥٤٦] وقال عليّ بن إبراهيم قوله : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) أي متى شئتم ، وتأوّلت العامّة في قوله : (أَنَّى شِئْتُمْ) أي حيث شئتم في القبل والدبر. وقال الصادق عليه‌السلام : «أي

__________________

(١) الدرّ ١ : ٦٣٥ ؛ أسباب النزول : ٤٨ ؛ الثعلبي ٢ : ١٦١ ، بمعناه عن الحسن وقتادة والمقاتلان والكلبي.

(٢) الدرّ ١ : ٦٣١ ؛ البيهقي ٧ : ١٩٦ ؛ الطبري ٢ : ٥٣٤ / ٣٤٥٩ ؛ النسائي ٥ : ٣٢١ / ٩٠٠٣ ، باب ٢٩.

(٣) الدرّ ١ : ٦٣١ ؛ الطبري ٢ : ٥٣٢ / ٣٤٤٨ ، وفي الرقم ٣٤٤٩ بلفظ : قال : ائتها أنّى شئت مقبلة ومدبرة ، ما لم تأتها في الدبر والمحيض ؛ الوسيط ١ : ٣٢٩ ، بلفظ : قال ابن عبّاس في هذه الآية : ائتها كيف شئت في الفرج.

(٤) نور الثقلين ١ : ٢١٧ ؛ العيّاشي ١ : ١٣٠ / ٣٣٥ ؛ البحار ١٠١ : ٢٩ / ٦ ، باب ٣٢ ؛ كنز الدقائق ٢ : ٣٣٦ ؛ البرهان ١ : ٤٧٧ / ١٧.

٥٠٩

متى شئتم في الفرج» (١).

[٢ / ٦٥٤٧] وأخرج عبد بن حميد عن ابن الحنفيّة في قوله : (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) قال : إذا شئتم (٢).

[٢ / ٦٥٤٨] وروى العيّاشي بالإسناد إلى صفوان بن يحيى عن بعض أصحابنا قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) فقال : من قدّامها ومن خلفها في القبل» (٣).

[٢ / ٦٥٤٩] وعن معمر بن خلاد عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام أنّه قال : «أيّ شيء يقولون في إتيان النساء في أعجازهنّ؟ قلت : بلغني أنّ أهل المدينة لا يرون به بأسا ، قال : إنّ اليهود كانت تقول إذا أتى الرجل من خلفها خرج ولده أحول فأنزل الله : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) يعني من خلف أو قدّام خلافا لقول اليهود ، ولم يعن في أدبارهنّ» (٤). وعن الصادق عليه‌السلام مثله.

[٢ / ٦٥٥٠] وعن الفتح بن يزيد الجرجاني قال : كتبت إلى الرضا عليه‌السلام في مثله فورد منه الجواب : «سألت عمّن أتى جاريته في دبرها ؛ والمرأة لعبة لا تؤذى ، وهي حرث كما قال الله» (٥).

[٢ / ٦٥٥١] وأخرج البيهقي وابن أبي شيبة عن الثوري عن الصلت بن بهرام عن أبي المعتمر عن أبي جويرة قال : سأل رجل عليّا عليه‌السلام عن إتيان امرأة في دبرها ، فقال : «سفلت سفل الله بك ، ألم

__________________

(١) نور الثقلين ١ : ٢١٦ ؛ القمّي ١ : ٧٣ ، وزاد : والدليل على قوله «في الفرج» قوله تعالى : نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فالحرث الزرع والزرع في الفرج في موضع الولد ؛ البحار ١٠٠ : ٢٨٨ / ٢٤ ، باب ٨ ؛ البرهان ١ : ٤٧٤ / ٦ ، من قوله : قال الصادق عليه‌السلام.

(٢) الدرّ ١ : ٦٤٠.

(٣) نور الثقلين ١ : ٢١٧ ؛ العيّاشي ١ : ١٣٠ / ٣٣٣ ؛ البحار ١٠١ : ٢٨ / ٣ ، باب ٣٢ ؛ كنز الدقائق ٢ : ٣٣٥ ؛ البرهان ١ : ٤٧٦ ـ ٤٧٧ / ١٥ ؛ الصافي ١ : ٣٩٤.

(٤) نور الثقلين ١ : ٢١٧ ؛ العيّاشي ١ : ١٣٠ / ٣٣٤ ؛ البحار ١٠١ : ٢٨ ـ ٢٩ / ٤ و ٥ ، باب ٣٢ ؛ الاستبصار ٣ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥ / ٨٧٧ ـ ١١ ؛ التهذيب ٧ : ٤١٥ / ١٦٦٠ ـ ٣٢ ، باب ٣٦ ؛ كنز الدقائق ٢ : ٣٣٥ ؛ البرهان ١ : ٤٧٧ / ١٦ ؛ الصافي ١ : ٣٩٤.

(٥) نور الثقلين ١ : ٢١٧ ؛ العيّاشي ١ : ١٣١ / ٣٣٧ ؛ البحار ١٠١ : ٢٩ / ٨ ، باب ٣٢ ؛ كنز الدقائق ٢ : ٣٣٦ ؛ البرهان ١ : ٤٧٧ / ١٩ ؛ الصافي ١ : ٣٩٥.

٥١٠

تسمع قول الله عزوجل : (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ!»)(١)

[٢ / ٦٥٥٢] وروى الكليني بإسناده إلى أبان ، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «سألته عن إتيان النساء في أعجازهنّ ، فقال : هي لعبتك لا تؤذها» (٢).

[٢ / ٦٥٥٣] وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «سألته عن الرجل يأتي أهله في دبرها ، فكره ذلك وقال وإيّاكم ومحاشّ النساء (٣) وقال : إنّما معنى (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) أيّ ساعة شئتم» (٤).

[٢ / ٦٥٥٤] وأخرج ابن أبي شيبة والدارمي والبيهقي في سننه عن ابن مسعود قال : محاشي النساء عليكم حرام. قال ابن كثير : هذا الموقوف أصحّ. قال الحفاظ : في جميع الأحاديث المرفوعة في هذا الباب وعدّتها نحو عشرين حديثا كلّها ضعيفة لا يصحّ منها شيء ، والموقوف منها هو الصحيح. وقال الحافظ ابن حجر في ذلك : منكر لا يصحّ من وجه ، كما صرّح بذلك البخاري ، والبزّار ، والنسائي ، وغير واحد (٥).

[٢ / ٦٥٥٥] وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري : حدّثني إسماعيل بن حسين قال : حدّثني إسرائيل بن روح قال : سألت مالك بن أنس : ما تقول في إتيان النساء في أدبارهنّ؟ قال : ما أنتم إلّا قوم عرب ، هل يكون الحرث إلّا موضع الزرع؟ لا تعدوا الفرج ، قلت : يا أبا عبد الله (كنية مالك) إنّهم يقولون إنّك تقول ذلك! قال : يكذبون عليّ ، يكذبون عليّ.

__________________

(١) البيهقي ٧ : ١٩٨ ، كتاب النكاح ، باب إتيان النساء في أدبارهنّ ؛ المصنّف ٣ : ٣٦٤ / ١١ ، باب ١٢٤ ؛ ابن كثير ١ : ٢٧٢.

(٢) الكافي ٥ : ٥٤٠ / ١ ؛ الصافي ١ : ٣٩٥.

(٣) محاشّ جمع محشّة : الدبر : الإست. وفي حديث آخر : محاشي النساء جمع محشاة : أسفل الأمعاء ، أيضا عن الدبر.

(٤) نور الثقلين ١ : ٢١٧ ؛ العيّاشي ١ : ١٣٠ ـ ١٣١ / ٣٣٦ ؛ البحار ١٠١ : ٢٩ / ٧ ، باب ٣٢ ؛ كنز الدقائق ٢ : ٣٣٦ ؛ البرهان ١ : ٤٧٧ / ١٨ ؛ الصافي ١ : ٣٩٤.

(٥) الدرّ ١ : ٦٣٤ ـ ٦٣٥ ؛ المصنّف ٣ : ٣٦٣ / ٦ ، باب ١٢٤ ؛ الدارمي ١ : ٢٥٩ ـ ٢٦٠ ، بلفظ : «عن أبي القعقاع الجرمي قال : جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال : يا أبا عبد الرحمان آتي امرأتي حيث شئت؟ قال : نعم. قال : ومن أين شئت؟ قال : نعم ، قال : وكيف شئت؟ قال : نعم. فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمان إنّ هذا يريد السوء! قال : لا ، محاشّ النساء عليكم حرام ، سئل عبد الله تقول به؟ قال : نعم!» ؛ البيهقي ٧ : ١٩٩ ، بخلاف في اللفظ ؛ ابن كثير ١ : ٢٧١.

٥١١

قال ابن كثير : فهذا هو الثابت عنه وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهم قاطبة وهو قول سعيد بن المسيّب وأبي سلمة وعكرمة وطاووس وعطاء وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير ومجاهد بن جبر والحسن وغيرهم من السلف إنّهم أنكروا ذلك أشدّ الإنكار (١).

[٢ / ٦٥٥٦] هذا وقد أخرج الخطيب ـ في رواة مالك ـ عن أبي سليمان الجرجاني ، قال : سألت مالكا عن ذلك فأجاب بأنّه يفعله (٢).

[٢ / ٦٥٥٧] وهكذا ابن جرير ـ في كتاب النكاح ـ من طريق ابن وهب عن مالك ، قال. إنّه مباح (٣).

[٢ / ٦٥٥٨] وأخرج الطبري عن روح ، قال : شهدت ابن أبي مليكة يسأل عن ذلك. فأجاب بأنّه فعله ، ولكن في لفظ قبيح يستنكر ذكره (٤).

[٢ / ٦٥٥٩] وأخرج الطحاوي والحاكم ـ في مناقب الشافعي ـ والخطيب عن محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم أنّه سمع الشافعيّ يقول : ما صحّ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تحليله ولا تحريمه شيء ، والقياس : أنّه حلال (٥).

[٢ / ٦٥٦٠] وأخرج الحاكم عن ابن عبد الحكم : أنّ الشافعي ناظر محمّد بن الحسن في ذلك ، فاحتجّ عليه ابن الحسن بأنّ الحرث إنّما يكون في الفرج ، فقال له : فيكون ما سوى الفرج محرّما ، فالتزمه فقال : أرأيت لو وطئها بين ساقيها أو في أعكانها أفي ذلك حرث؟ قال : لا. قال : أفيحرم؟ قال : لا. قال : فكيف تحتجّ بما لا تقول به؟ قال الحاكم : لعلّ الشافعي كان يقول ذلك في القديم ، وأمّا في الجديد فصرّح بالتحريم (٦).

[٢ / ٦٥٦١] وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن سعيد بن المسيب في قوله : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) قال : إن شئت فاعزل وإن شئت فلا تعزل (٧)!

__________________

(١) ابن عساكر ٨ : ٣٢٤ ؛ ابن كثير ١ : ٢٧٢.

(٢) الدرّ ١ : ٦٣٨.

(٣) المصدر.

(٤) الطبري ٢ : ٥٣٦ / ٣٤٦٩ ؛ الدرّ ١ : ٦٣٨.

(٥) ابن كثير ١ : ٢٧٢ ؛ الدرّ ١ : ٦٣٨.

(٦) الدرّ ١ : ٦٣٨.

(٧) الدرّ ١ : ٦٣٩ ؛ المصنّف ٣ : ٣٤٩ / ١٢ ، باب ١٠٧ ؛ الطبري ٢ : ٥٣٧ / ٣٤٧٢ ؛ البغوي ١ : ٢٩١ ؛ الثعلبي ٢ : ١٦١.

٥١٢

[٢ / ٦٥٦٢] وأخرج عبد الرزّاق والبيهقي عن ابن عبّاس أنّه سئل عن العزل؟ فقال : ما كان ابن آدم ليقتل نفسا قضى الله خلقها ، هو حرثك إن شئت أعطشته وإن شئت سقيته. قيل : وكانت اليهود تزعم : أنّ العزل هي الموؤدة الصغرى (١)!

[٢ / ٦٥٦٣] وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن منيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه والضياء في المختارة عن زائدة بن عمير قال : سألت ابن عبّاس عن العزل فقال : إنّكم قد أكثرتم ، فإن كان قال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئا فهو كما قال ، وإن لم يكن قال فيه شيئا فأنا أقول : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) فإن شئتم فاعزلوا ، وإن شئتم فلا تفعلوا (٢).

قوله تعالى : (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ)

[٢ / ٦٥٦٤] أخرج عبد الرزّاق في المصنّف وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقى عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لو أنّ أحدكم إذا أتى أهله قال : بسم الله ، اللهمّ جنّبنا الشيطان ، وجنّب الشيطان ما رزقتنا ، فقضى بينهما ولد لم يضرّه الشيطان أبدا» (٣).

__________________

(١) الدرّ ١ : ٦٤٠ ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ٧ : ١٤٦ / ١٢٥٧٢ ؛ وفيه : «هو حرثك إن شئت سقيت وإن شئت أعطشت» ؛ البيهقي : ٧ : ٢٣٠ ؛ النسائي ٥ : ٣٤٤ / ٩٠٩١ ، باب ٤٥ ؛ مجمع الزوائد ٤ : ٢٩٧ ؛ البغوى ١ : ٢٩١ ، بلفظ : «حرثك إن شئت فأعطش وإن شئت فأرو» ؛ مختصر زوائد مسند البزّار ١ : ٥٨١ / ١٠٣١.

(٢) الدرّ ١ : ٦٣٨ ـ ٦٣٩ ؛ المصنّف ٣ : ٣٤٧ / ٢ ، باب ١٠٧ ؛ الطبري ٢ : ٥٣٧ / ٣٤٧٣ ؛ الأوسط ٢ : ٣٩ ـ ٤٠ / ١١٧١ ؛ الحاكم ٢ : ٢٧٩ ؛ مجمع الزوائد ٤ : ٢٩٧ ، قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح خلا زائدة بن عمير وهو ثقة.

(٣) الدرّ ١ : ٦٤٠ ـ ٦٤١ ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ٦ : ١٩٦ / ١٠٤٦٦ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ٣ : ٤٠١ / ١ ، باب ١٥٣ ؛ مسند أحمد ١ : ٢٤٣ ؛ البخاري ١ : ٤٤ ـ ٤٥ ؛ مسلم ٤ : ١٥٥ ؛ أبو داوود ١ : ٤٧٩ / ٢١٦١ ، باب ٤٦ ؛ الترمذي ٢ : ٢٧٧ / ١٠٩٨ ، باب ٨ ؛ النسائي ٥ : ٣٢٧ / ٩٠٣٠ ، باب ٣٥ ؛ البيهقي ٧ : ١٤٩ ؛ كنز العمّال ١٦ : ٣٤٥ ـ ٣٤٦ / ٤٤٨٤٧ ؛ القرطبي ٣ : ٩٦ ؛ ابن كثير ١ : ٢٧٣ ؛ البغوي ١ : ٢٩٢ ـ ٢٩٣ / ٢٤٧ ؛ الثعلبي ٢ : ١٦٣ ؛ مجمع البيان ٢ : ٩٠ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢٤٤.

٥١٣

[٢ / ٦٥٦٥] وقال البغوي : وقيل : (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) يعني طلب الولد ، أخبرنا عن أبي هريرة : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلّا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له» (١).

[٢ / ٦٥٦٦] وأخرج عبد الرزّاق وابن أبي شيبة عن أبي وائل قال : جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال له : إنّي تزوّجت جارية بكرا ، وإنّي قد خشيت أن تفركني (٢). فقال عبد الله : إنّ الإلف من الله ، وإنّ الفرك من الشيطان ؛ ليكرّه إليه ما أحلّ الله له ، فإذا أدخلت عليك فمرها أن تصلّي خلفك ركعتين وقل : «اللهمّ بارك في أهلي وبارك لهم فيّ وارزقني منهم وارزقهم منّي ، اللهمّ اجمع بيننا ما جمعت إلى خير ، وفرّق بيننا إذا فرّقت إلى خير» (٣).

[٢ / ٦٥٦٧] وأخرج ابن جرير عن ابن عبّاس (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) قال : التسمية عند الجماع يقول : بسم الله (٤).

[٢ / ٦٥٦٨] وقال مجاهد : (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) يعني : إذا أتى أهله فليدع (٥).

[٢ / ٦٥٦٩] وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) قال : الولد (٦).

__________________

(١) البغوي ١ : ٢٩٣ / ٢٤٨ ؛ مجمع البيان ٢ : ٨٩ ؛ مسند أحمد ٢ : ٣٧٢ ؛ مسلم ٥ : ٧٣ ؛ أبو داوود ١ : ٦٥٩ / ٢٨٨٠ ، باب ١٤ ؛ الترمذي ٢ : ٤١٨ / ١٣٩٠ ، باب ٣٦.

(٢) فركه يفركه : أبغضه. قيل : هو خاصّة ببغضة الزوجين.

(٣) الدرّ ١ : ٦٤١ ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ٦ : ١٩١ / ١٠٤٦١ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ٣ : ٤٠٢ / ٥ ، باب ١٥٣ ، وفيه : «... والفرك من الشيطان يريد أن يكرّه إليكم ما أحلّ الله ، لكن فإذا أتتك فمرها أن تصلّي وراءك ركعتين ...» ؛ الكبير ٩ : ٢٠٤ / ٨٩٩٣ ؛ مجمع الزوائد ٤ : ٢٩٢ ، قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

(٤) الدرّ ١ : ٦٤٠ ؛ الطبري ٢ : ٥٤٢ / ٣٤٨٠ ؛ القرطبي ٣ : ٩٦ ، عن ابن عبّاس وعطاء ، بلفظ : «أي قدّموا ذكر الله عند الجماع» ؛ ابن كثير ١ : ٢٧٣ ، بلفظ : «تقول بسم الله التسمية عند الجماع».

(٥) البغوي ١ : ٢٩٢ ؛ الثعلبي ٢ : ١٦٣ ؛ مجمع البيان ٢ : ٩٠ ، بلفظ : قيل : هو الدعاء عند الجماع ، عن مجاهد ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢٤٤.

(٦) الدرّ ١ : ٦٤٠ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٤٠٥ / ٢١٣٧ ؛ البغوي ١ : ٢٩٣.

٥١٤

قال تعالى :

(وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٤) لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٢٥))

هناك كانت عادة جاهليّة سيّئة : كانوا إذا أرادوا الامتناع من فعل خير ، أو عدم الإحجام في فعل شرّ ، حلفوا أيمانا مغلّظة على ما أرادوا تركه أو فعله ، ليجعلوا الأيمان عرضة لتوجّه اللّائمة ، وعذرا يتذرّعون إليه ، وبذلك كانوا يحسبون من أنفسهم طلقا عن كلّ لائمة تتوجّه إليهم.

فكانوا إذا كرهوا امرأة من نسائهم حلفوا هجرانها ، ويحسبونه عذرا يصرف عنهم اللّائمة!

[٢ / ٦٥٧٠] قال ابن عبّاس وكثير من السلف أتباعه : لا تجعلنّ عرضة يمينك أن لا تصنع الخير ، ولكن كفّر عن يمينك واصنع الخير (١).

[٢ / ٦٥٧١] وفي حديث أبي هريرة فيما رواه مسلم : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فيكفّر عن يمينه ، وليفعل الّذي هو خير» (٢).

[٢ / ٦٥٧٢] وفيما رواه البخاري : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «والله لأن يلجّ أحدكم بيمينه في أهله ، آثم له عند الله من أن يعطي كفّارته الّتي افترض الله عليه» (٣).

وعلى هذا يكون معنى الآية : لا تجعلوا الحلف بالله سدّا مانعا دون عمل البرّ والتقوى والإصلاح بين الناس ، فلو كنتم حلفتم أن لا تفعلوا شيئا من ذلك ـ لأسباب وقتيّة كانت وهاجت لوقتها ـ فكفّروا عن أيمانكم وأتوا الخير. فتحقيق البرّ والإصلاح واتّقاء الفساد ، أولى بالرعاية من المحافظة على مجرّد يمين ، ربّما صدرت لا عن قصد جدّ ، (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) سميع لأقوالكم ،

__________________

(١) ابن أبي حاتم ٢ : ٤٠٧ / ٢١٤٥ ؛ الطبري ٢ : ٥٤٥ / ٣٤٨٩.

(٢) مسلم ٥ : ٨٨ ؛ الدرّ ١ : ٦٤٢ ؛ كنز العمّال ١٦ : ٧٠٥ / ٤٦٤٣٦.

(٣) البخاري ٧ : ٢١٧ ؛ ورواه أحمد في المسند ٢ : ٣١٧ ؛ وابن ماجة ١ : ٦٨٣ / ٢١١٤ ، باب ١١.

٥١٥

عليم بنيّاتكم ، فيؤاخذكم على النيّات.

[٢ / ٦٥٧٣] روى أبو جعفر الكليني بالإسناد إلى إسحاق بن عمّار عن الإمام أبي عبد الله عليه‌السلام في الآية ، قال : «إذا دعيت لصلح بين اثنين فلا تقل : عليّ يمين أن لا أفعل!» (١).

[٢ / ٦٥٧٤] وروى القاضي نعمان المصري بالإسناد إلى الإمام جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، في قول الله عزوجل : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) قال : «هو الرجل يحلف ألّا يكلّم أخاه أو أباه أو أمّه ، أو ما أشبه ذلك من قطيعة رحم أو إثم ، فعليه أن يفعل ما أمر الله به ، ولا حنث عليه إن حلف ألّا يفعله» (٢).

ورواه أحمد بن محمّد بن عيسى في نوادره (٣) ورواه العيّاشي بالإسناد إلى منصور بن حازم عنه عليه‌السلام (٤).

[٢ / ٦٥٧٥] وعن أيّوب قال : سمعته (أي الإمام الصادق عليه‌السلام) يقول : «لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين ، فإنّ الله يقول : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) قال : إذا استعان رجل برجل على صلح بينه وبين رجل ، فلا تقولنّ إنّ عليّ يمينا أن لا أفعل! وهو قول الله : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ)» (٥).

[٢ / ٦٥٧٦] وأخرج عبد الحميد وابن جرير عن ابن عبّاس في الآية قال : هو أن يحلف الرجل أن لا يكلّم قرابته أو لا يتصدّق أو يكون بين رجلين مغاضبة فيحلف أن لا يصلح بينهما ويقول : قد حلفت! قال : يكفّر عن يمينه (٦).

[٢ / ٦٥٧٧] وأخرج ابن جرير بالإسناد إلى سعيد عن قتادة ، قال : لا تعتلّوا بالله أن يقول أحدكم :

__________________

(١) الكافي ٢ : ٢١٠ / ٦ ؛ البحار ٧٣ : ٤٦ / ١١ ، باب ١٠١ ؛ التهذيب ٨ : ٢٨٩ / ١٠٦٦.

(٢) دعائم الإسلام : ٩٩ / ٣١٧ ؛ مستدرك الوسائل ١٦ : ٤٣.

(٣) نوادر ابن عيسى : ٣٦ ـ ٣٧ / ٤٧ ؛ الوسائل ٢٣ : ٢٢٣.

(٤) العيّاشي ١ : ١٣١ / ٣٤٠ ؛ البحار ١٠١ : ٢٢٤ / ٣٥ ، باب ٤.

(٥) نور الثقلين ١ : ٢١٨ / ٨٣٧ ؛ العيّاشي ١ : ١٣١ / ٣٤١ ؛ البرهان ١ : ٤٧٩ / ٧ ؛ البحار ١٠١ : ٢٢٤ / ٣٦ ، باب ٤ ؛ كنز الدقائق ٢ : ٣٣٨.

(٦) الدرّ ١ : ٦٤٢ ؛ الطبري ٢ : ٥٤٤ / ٣٤٨٢.

٥١٦

إنّه تألّى (١) أن لا يصل رحما ولا يسعى في صلح ولا يتصدّق من ماله ، مهلا مهلا! بارك الله فيكم! فإنّ هذا القرآن إنّما جاء بترك أمر الشيطان ، فلا تطيعوه ، ولا تنفذوا له أمرا في شيء من نذوركم ولا أيمانكم (٢).

[٢ / ٦٥٧٨] وأخرج عبد الرزّاق عن عكرمة قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا يستلجج أحدكم باليمين في أهله فهو آثم له عند الله من الكفّارة الّتي أمر بها» (٣).

[٢ / ٦٥٧٩] وروى أبو جعفر الكليني بالإسناد إلى أحمد بن محمّد بن خالد عن يحيى بن إبراهيم عن أبيه عن أبي سلام المتعبّد أنّه سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول لسدير : «يا سدير ، من حلف بالله كاذبا كفر ، ومن حلف بالله صادقا أثم ، إنّ الله عزوجل يقول : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ»!)(٤)

[٢ / ٦٥٨٠] وقال مقاتل بن سليمان : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) نزلت في أبي بكر وفي ابنه عبد الرحمان ، حلف أبو بكر ألّا يصله حتّى يسلم. وذلك أنّ الرجل إذا حلف قال : لا يحلّ إلّا إبرار القسم ، فأنزل الله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) يقول : لا يحلف على ما هو في معصية : ألّا يصل قرابته وذلك أنّ الرجل يحلف أن لا يدخل على جاره ، ولا يكلّمه ، ولا يصلح بين إخوانه ، والرجل يريد الصلح بين الرجلين فيغضبه أحدهما أو يتّهمه فيحلف المصلح أن لا يتكلّم بينهما. قال الله ـ عزوجل ـ : لا تحلفوا ألّا تصلوا القرابة (أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا) الله (وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ) فهو خير لكم من وفاء باليمين في معصية الله (وَاللهُ سَمِيعٌ) لليمين لقولهم : حلفنا عليها (عَلِيمٌ) يقول : عالم بها. كان هذا قبل أن تنزل الكفّارة في المائدة (٥).

[٢ / ٦٥٨١] وأخرج الثعلبي عن الكلبي قال : نزلت في عبد الله بن رواحة ، ينهاه عن قطيعة ختنه على أخته ، بشير بن النعمان الأنصاري ، وذلك أنّه كان بينهما شيء فحلف عبد الله أن لا يدخل عليه ولا يكلّمه ولا يصلح عنه وعن خصم له ، وجعل يقول : قد حلفت بالله ألّا أفعل ، فلا تحلّ لي إلّا أن يبرّ يميني ، فأنزل الله هذه الآية (٦).

__________________

(١) تألّى : أقسم بالله.

(٢) الطبري ٢ : ٤٤ / ٣٤٨٣.

(٣) عبد الرزّاق ٢ : ٣٤٣ / ٢٧٠ ؛ مسند أحمد ٢ : ٢٧٨ ؛ المستدرك ٤ : ٣٠٢.

(٤) الكافي ٧ : ٤٣٤ ـ ٤٣٥ / ٤ ؛ التهذيب ٨ : ٢٨٢ ـ ٢٨٣ / ١٠٣٥ ـ ٢٧ ؛ الفقيه ٣ : ٣٧٣ / ٤٣١١ ؛ نور الثقلين ١ : ٢١٨.

(٥) تفسير مقاتل ١ : ١٩٢ ـ ١٩٣.

(٦) الثعلبي ٢ : ١٦٣ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢٤٥ ؛ القرطبي ٣ : ٩٧.

٥١٧

[٢ / ٦٥٨٢] وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : حدّثت أنّ قوله : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) الآية ، نزلت في أبي بكر في شأن مسطح (١).

[٢ / ٦٥٨٣] وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن عمرو ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من نذر فيما لا يملك فلا نذر له ، ومن حلف على معصية لله فلا يمين له ، ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له» (٢).

[٢ / ٦٥٨٤] وأخرج أحمد وأبو داوود وابن ماجة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم ، ولا في معصية الله ، ولا في قطيعة الرحم ، ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليدعها وليأت الّذي هو خير ، فإنّ تركها كفّارتها» (٣).

قوله تعالى : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ)

لا عبرة باللفظ إذا افتقد القصد ، حيث الاعتبار بالنيّات والقصود ، لا الألفاظ ، وهي قد تتجرّد عن العزم والحزم.

فالله ـ تبارك وتعالى ـ أرأف بعباده فلم يجعل الكفّارة إلّا في اليمين المعقودة ، الّتي يقصد إليها الحالف قصدا ، لا ما جرى على لسانه عفوا ولغوا.

[٢ / ٦٥٨٥] قال أبو عليّ الطبرسيّ : اختلفوا في يمين اللغو ، فقيل : ما يجري على عادة الناس من قول : لا والله ، وبلى والله ، من غير عقد على يمين يقتطع بها مالا ولا ظلم بها أحدا قال : وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام (٤).

__________________

(١) الدرّ ١ : ٦٤٢ ؛ الطبري ٢ : ٥٤٦ / ٣٤٩٦ ؛ الثعلبي ٢ : ١٦٣ ؛ البغوي ١ : ٢٩٤ ، بلفظ : «نزلت في أبي بكر حين حلف أن لا ينفق على مسطح حين خاض في حديث الإفك» ؛ القرطبي ٣ : ٩٧ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢٤٥ ، كما في البغوي. وفيه : «مسطح بن أثاثة».

(٢) الطبري ٢ : ٥٥٨ / ٣٥٣٧ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢٥٠ ؛ الثعلبي ٢ : ١٦٥ ـ ١٦٦.

(٣) الدرّ ١ : ٦٤٣ ؛ مسند أحمد ٢ : ٢١٢ ؛ أبو داوود ٢ : ٩٥ ـ ٩٦ / ٣٢٧٤ ؛ ابن ماجة ١ : ٦٨٢ / ٢١١١ ، باب ٨ ؛ كنز العمّال ١٦ : ٧١١ / ٤٦٤٦٩.

(٤) مجمع البيان ٢ : ٩٣ ؛ التبيان ٢ : ٢٢٨ ؛ البحار ٦٦ : ٨٤ ؛ البرهان ١ : ٤٧٩ / ٣.

٥١٨

[٢ / ٦٥٨٦] وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : لا تؤاخذ حتّى تقصد الأمر ثمّ تحلف عليه بالله الّذي لا إله إلّا هو ، فتعقد عليه يمينك (١).

[٢ / ٦٥٨٧] وعن مجاهد : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) ما عقدت عليه (٢).

[٢ / ٦٥٨٨] وعن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا يمين في غضب» (٣).

[٢ / ٦٥٨٩] وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي من طريق طاووس عن ابن عبّاس قال : لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان (٤).

[٢ / ٦٥٩٠] وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : «مرّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوم ينتضلون ، ومع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجل من أصحابه ، فرمى رجل من القوم فقال : أصبت والله ، أخطأت والله ، فقال الّذي مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حنث الرجل يا رسول الله! فقال : كلّا ، أيمان الرماة لغو لا كفّارة فيها ولا عقوبة» (٥).

[٢ / ٦٥٩١] وروى العيّاشي عن أبي الصباح ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن قول الله : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) ، قال : «هو : لا والله وبلى والله وكلّا والله ، ولا يعقد عليها أو لا يعقد على شيء» (٦).

[٢ / ٦٥٩٢] وروى أبو جعفر الكليني بالإسناد إلى مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «سمعته يقول في قول الله عزوجل : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) ، قال : اللغو قول الرجل : لا والله

__________________

(١) الطبري ٢ : ٥٦٣ / ٣٥٥٢.

(٢) المصدر / ٣٥٥١.

(٣) الطبري ٢ : ٥٥٦ / ٣٥٣٠ ؛ القرطبي ٣ : ١٠٠ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢٥٠ ، عن عليّ عليه‌السلام ؛ الثعلبي ٢ : ١٦٥.

(٤) الدرّ ١ : ٦٤٤ ؛ سنن سعيد ٤ : ١٥٣٢ / ٧٨٢ ؛ ابن أبي حاتم : ٢ : ٤١٠ / ٢١٦١ ؛ البيهقي ١٠ : ٤٩ ؛ الطبري ٢ : ٥٦٦ / ٣٥٢٨ ؛ مجمع البيان ٢ : ٩٤ ، بلفظ : «هو يمين الغضبان لا يؤاخذكم بالحنث فيها» وزاد : «وبه قال سعيد بن جبير ، إلّا أنّه أوجب فيها الكفّارة» ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢٥٠ ، وكذا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٥) الدرّ ١ : ٦٤٤ ؛ الطبري ٢ : ٥٥٩ / ٣٥٤٢ ؛ القرطبي ٣ : ١٠٠ ، وفيه : «... أيمان الرماة لغو لا حنث فيها ولا كفّارة» ؛ ابن كثير ١ : ٢٧٤. وزاد : «هذا مرسل حسن عن الحسن» ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢٥٠ ؛ الثعلبي ٢ : ١٦٦ ، عن الحسين بن أبي الحسن ؛ الصغير ٢ : ١٣٦ / ١١٥١ ، بلفظ : حدّثنا يوسف بن يعقوب بن عبد العزيز الثقفي حدّثني أبي حدّثنا سفيان بن عيينة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه «أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرّ بقوم يرمون وهم يحلفون : أخطأت والله ، أصبت والله ، فلمّا رأوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمسكوا ، فقال : ارموا فإنّ أيمان الرماة لغو لا حنث فيها ولا كفّارة» ؛ مجمع الزوائد ٤ : ١٨٥.

(٦) العيّاشي ١ : ١٣١ ـ ١٣٢ / ٣٤٢ ؛ البحار ١٠١ : ٢٢٤ / ٣٧ ، باب ٤ ؛ البرهان ١ : ٤٧٩ / ٢.

٥١٩

وبلى والله ، ولا يعقد على شيء» (١).

[٢ / ٦٥٩٣] وقال مقاتل بن سليمان في قوله : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) وهو الرجل يحلف على أمر يرى أنّه فيه صادق وهو مخطئ فلا يؤاخذه الله بها ولا كفّارة عليه فيها ، فذلك اللغو.

ثمّ قال ـ عزوجل ـ : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) يعني بما عقدت قلوبكم من المأثم يعني اليمين الكاذبة الّتي حلف عليها وهو يعلم أنّه فيها كاذب ، فهذه فيها كفّارة (وَاللهُ غَفُورٌ) يعني ذا تجاوز عن اليمين الّتي حلف عليها (حَلِيمٌ) حين لا يوجب فيها الكفّارة (٢).

[٢ / ٦٥٩٤] وأخرج عبد الرزّاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عائشة : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) قالت : هو القوم يتدارؤون في الأمر ، يقول هذا : لا والله ، ويقول هذا : كلّا والله ، يتدارؤون في الأمر لا تعقد عليه قلوبهم (٣).

[٢ / ٦٥٩٥] وأخرج ابن جرير من طريق عطيّة العوفي عن ابن عبّاس قال : اللغو أن يحلف الرجل على الشيء يراه حقّا وليس بحقّ (٤).

[٢ / ٦٥٩٦] وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عبّاس (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) قال : لغو اليمين أن تحرّم ما أحلّ الله لك ، فذلك ما ليس عليك فيه كفّارة (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) قال : ما تعمّدت قلوبكم فيه المأثم ، فهذا عليك فيه الكفّارة (٥).

__________________

(١) الكافي ٧ : ٤٤٣ / ١ ، كتاب الأيمان والنذور ، باب اللغو ؛ التهذيب ٨ : ٢٨٠ / ١٠٢٣ ـ ١٥ ، كتاب الأيمان والنذور ، باب الأيمان والأقسام ؛ البرهان ١ : ٤٧٩ / ١ ؛ نور الثقلين ١ : ٦٦٥ / ٣٢٣.

(٢) تفسير مقاتل ١ : ١٩٣.

(٣) الدرّ ١ : ٦٤٤ ؛ الطبري ٢ : ٥٥٠ / ٣٥٠٢ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٣٤٢ / ٢٦٨.

(٤) الدرّ ١ : ٦٤٥ ؛ الطبري ٢ : ٥٥٢ / ٣٥١٠.

(٥) الدرّ ١ : ٦٤٥ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٤٠٩ ـ ٤١٠ / ٢١٦٠ و ٢١٦٣.

٥٢٠