التفسير الأثري الجامع - ج ٥

الشيخ محمّد هادي معرفة

التفسير الأثري الجامع - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي معرفة


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التمهيد ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5079-06-7
ISBN الدورة:
978-600-5079-08-1

الصفحات: ٥٦٠

فطرك بهذا النبيذ؟! فقال : ادن منّي يا أبا هريرة فرفعته إليه فإذا هو ينشّ فقال : «خذ هذه واضرب بها الحائط ، فإنّ هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر» (١).

واحتجّوا أيضا بما :

[٢ / ٦٣٢٩] أسندوه إلى سفيان عن يحيى بن سعيد قال : سمعت سعيد بن المسيّب يقول : تلقّت ثقيف عمر بشراب فدعا به ، فلمّا قرّبه إلى فيه كرهه فخلطه بالماء فقال : هكذا فافعلوا.

[٢ / ٦٣٣٠] واحتجّوا بما أسندوه إلى أبي رافع أنّ عمر بن الخطّاب قال : إذا خشيتم من نبيذ لشدّته فاكسروه (٢).

واحتجّوا بما قاله بعض أصحابنا ، وهو عبد الله بن المبارك : معناه أكسره بالماء من قبل أن يشتدّ.

ودليل هذا التأويل ما :

[٢ / ٦٣٣١] روى ابن شهاب هو سفيان بن يزيد أنّ عمر خرج عليهم فقال : إنّي وجدت من فلان ريح الشراب ، فزعم أنّه شرب الطلاء ، فإنّي سائل عمّا يشرب ، فإن كان مسكرا جلدته فجلد عمر الحدّ تامّا.

[٢ / ٦٣٣٢] وروى إبراهيم عن ابن سيرين قال : يعد عصيرا ممّن يتّخذه طلاء ولا يتّخذه خمرا.

قال أبو سعيد : الطلاء الّذي قد طبخ حتّى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه ، سمّي بذلك لأنّه شبيه بطلاء الإبل في ثخنه وسواده (٣).

قال عبيد بن الأبرص :

هي الخمر تكنّى الطّلاء

كما الذئب يكنّى أبا جعدة (٤)

قال الثعلبي : الطلاء الّذي ورد فيه الرخصة إنّما هو الرّبّ فإنّه إذا طبخ حتّى يرجع إلى الثلث فقد ذهب سكره وشرّه وخلا شيطانه.

واحتجّوا أيضا بما :

__________________

(١) أبو داوود : ٢ / ١٩٢ / ٣٧١٦ ؛ النسائي ٣ : ٢٣٧ / ٥٢١٣.

(٢) النسائي ٣ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ / ٥٢١٤.

(٣) البيهقي ٨ : ٢٩٥.

(٤) المصدر.

٤٦١

[٢ / ٦٣٣٣] روى هشيم عن المغيرة عن إبراهيم أنّه أهدي له بطّيخ خاثر فكان تبيّنه ويلغي فيه المسكر.

[٢ / ٦٣٣٤] وعن مغيرة عن أبي معشر عن إبراهيم قال : لا بأس بنبيذ البطّيخ.

[٢ / ٦٣٣٥] وعن أبي أسامة قال : سمعت ابن المبارك يقول : ما وجدت الرخصة في المسكر عن أحد صحيح إلّا عن إبراهيم.

[٢ / ٦٣٣٦] وعن حمّاد بن سلمة عن عمر عن أنس قال : كان لأمّ سلمة قدح فقالت : سقيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلّ الشراب : الماء والعسل واللبن والنبيذ.

[٢ / ٦٣٣٧] وعن ابن شبرمة قال : قال طلحة بن مصرف لأهل الكوفة في النبيذ فقال : يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ، قال : وكان المقداد والزبير يسقيان اللبن في العسل فقيل لطلحة : ألا نسقيهم النبيذ؟ قال : إنّي أكره أن يسكر مسلم في سنتي.

[٢ / ٦٣٣٨] وعن سفيان قال : ذكر قول طلحة عند أبي إسحاق في النبيذ فقال ابن إسحاق : قد سقيته أصحاب عليّ وأصحاب عبد الله في الخوافي قبل أن يولد طلحة ، وعن ابن شبرمة قال : رحم الله إبراهيم شدّد الناس في النبيذ ورخّص فيه.

واحتجّوا أيضا بما :

[٢ / ٦٣٣٩] أسندوه إلى عبد الله بن بريدة عن أبيه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينما هو يسير إذ حلّ بقوم فسمع لهم لغطا فقال : ما هذا الصوت؟ قالوا : يا نبيّ الله لهم شراب يشربونه ، فبعث النبيّ إليهم فدعاهم فقال : في أيّ شيء تنبذون؟ قالوا : ننبذ في النقير وفي الدباء وليس لنا ظروف ، فقال : لا تشربوا إلّا ما أوكيتم عليه ، قال : فلبث بذلك ما شاء الله أن يلبث ، فرجع إليهم فإذا هم قد أصابهم وباء وصفروا فقال : ما لي أراكم قد هلكتم؟ قالوا : يا نبيّ الله أرضنا وبيئة وحرّمت علينا إلّا ما أوكينا عليه قال : اشربوا ، وكلّ مسكر حرام (١).

قالوا : أراد بهذا الخمر الّذي يحصل منه السكر ، لأنّ التنبّذ ذلك الطرب والنشاط ولا يحصلان إلّا عن شراب مسكر.

[٢ / ٦٣٤٠] روى أبو الزبير عن جابر أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ينبذ له في قدر.

__________________

(١) النسائي ٣ : ٢٢٦ / ٥١٦٥.

٤٦٢

قال الثعلبي : ويحتمل أنّ لهذه الأخبار وأمثالها معنيين : أحدهما أنّها كانت قبل تحريم الخمر ، والمعنى الآخر وهو أقربهما إلى الصواب أنّهم أرادوا بالنبيذ : الماء الّذي ألقي فيه التمر أو الزبيب حتّى أخذ من قوّته وحلاوته قبل أن يشتدّ ويسكر.

يدلّ عليه ما :

[٢ / ٦٣٤١] روي عن ابن عبّاس أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصنع له النبيذ فيشربه يومه والغد وبعد الغد.

[٢ / ٦٣٤٢] وروى الأعمش عن يحيى بن أبي عمرو عن ابن عبّاس قال : كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينبذ له نبيذ الزبيب من الليل ويجعل في سقاء فيشربه يومه ذلك والغد وبعد الغد ، فإذا كان من آخر الآنية سقاه أو شربه فإن أصبح منه شيء أراقه.

[٢ / ٦٣٤٣] وعن عبد الله بن الديلمي عن أبيه فيروز قال : «قدمت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلت : يا رسول الله إنّا أصحاب كرم ، وقد أنزل الله تحريم الخمر ، فماذا نصنع؟ قال : تتّخذونه زبيبا ، قلت : فنصنع بالزبيب ماذا؟ قال : تنقعونه على غدائكم ، وتشربونه على عشائكم ، وتنقعونه على عشائكم ، وتشربونه على غدائكم ، قلت : أفلا نؤخّره حتّى يشتدّ؟ قال : فلا تجعلوه في السلال واجعلوه في الشنان ، فإنّه إن تأخّر صار خمرا».

[٢ / ٦٣٤٤] وعن نافع عن ابن عمر أنّه كان ينبذ له في سقاء للزبيب غدوة فيشربه من اللّيل ، وينبذ له عشوة فيشربه غدوة ، وكان يغسل الأسقية ولا يجعل فيها نردينا (١) ولا شيئا ، قال نافع : وكنّا نشربه مثل العسل.

[٢ / ٦٣٤٥] وعن بسّام قال : سألت أبا جعفر (أي الباقر) عليه‌السلام عن النبيذ قال : «كان عليّ بن الحسين (أي السجّاد زين العابدين عليه‌السلام) ينبذ له من اللّيل فيشربه غدوة ، وينبذ له غدوة فيشربه من اللّيل».

[٢ / ٦٣٤٦] وعن عبد الله قال : سمعت سفيان ـ وسئل عن النبيذ ـ قال : أنبذ عشاء واشربه غدوة.

فهذه الأخبار تدلّ على أنّه نقيع الزبيب والتمر قبل أن يشتدّ ، وبالله التوفيق.

***

وقال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبو ثور وأكثر أهل الآثار : إنّ الخمر كلّ شراب مسكر ، سواء كان عصير العنب ، ما أريد منها مطبوخا كان أو نيّا ، وكلّ شراب مسكر فهو حرام قليله وكثيره ،

__________________

(١) النردين : نبات طيّب الرائحة.

٤٦٣

وعلى شاربه الحدّ إلّا أن يتناول المطبوخ بعد ذهاب ثلثه فإنّه لا يحدّ وشهادته لا تردّ ، والّذي يدلّ على حجّة هذا المذهب من اللغة أنّ الخمر أصله الستر ، ويقال لكلّ شيء ستر شيئا من شجر أو حجر أو غيرهما خمر ، وقال : وخمر فلان في خمار الناس ، ومنه خمار المرأة وخمرة السجادة. والخمر سمّي بذلك لأنّه يستر العقل.

يدلّ عليه ما :

[٢ / ٦٣٤٧] روى الشعبي عن ابن عمر قال : خطب عمر فقال : إنّ الخمر نزل تحريمها ، وهي من خمسة أشياء : العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل والخمر ما خامر العقل.

[٢ / ٦٣٤٨] وقال أنس بن مالك : سمّيت خمرا لأنّهم كانوا يدعونها في الدنان حتّى تختمر وتتغيّر.

[٢ / ٦٣٤٩] وقال سعيد بن المسيّب : إنّما سمّيت الخمر ، لأنّها تركت حتّى صفا صفوها ورسب كدرها.

[٢ / ٦٣٥٠] وقال أنس : لقد حرّمت الخمر ، وإنّما عامّة خمورهم يومئذ الفضيخ قال : وما كان بالمدينة يصنعون الخمر وما عندهم من العنب ما يتّخذون ، وإنّما نسمع الخمور في بلاد الأعاجم ، وكنّا نشرب الفضيخ من التمر والبسر. والفضيخ ما افتضخ من التمر والبسر من غير أن تمسّه النار.

[٢ / ٦٣٥١] وفيه روي عن ابن عمر أنّه قال : ليس بالفضيخ ولكنّه الفضوخ.

ودليلهم من السنّة ما :

[٢ / ٦٣٥٢] روى نافع عن ابن عمر أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «كلّ مسكر خمر ، وكلّ مسكر حرام» (١).

[٢ / ٦٣٥٣] وعن سالم بن عبد الله عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كلّ مسكر خمر وما أسكر كثيره فقليله حرام» (٢).

[٢ / ٦٣٥٤] وعن أبي عثمان عمرو بن سالم الأنصاري عن القاسم عن عائشة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «ما أسكر الغرق منه فملء كفّك منه حرام». والغرق إناء يحمل ستّة عشر رطلا.

[٢ / ٦٣٥٥] وعن أبي الغصن الملقّب بحجى قال : قال لي هشام بن عروة : هل تشرب النبيذ؟ قلت : نعم والله إنّي لأشربه. قال : إنّ أبي حدّثني عن عائشة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «كلّ مسكر حرام أوّله

__________________

(١) مسند أحمد ٢ : ٢٩.

(٢) المصدر : ٩١.

٤٦٤

وآخره» (١).

[٢ / ٦٣٥٦] وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ من التمر لخمرا ، وإنّ من العنب لخمرا ، وإنّ من الزبيب لخمرا ، وإنّ من العسل لخمرا ، وإنّ من الحنطة لخمرا ، وإنّ من الشعير لخمرا ، وإنّ من الذرّة لخمرا وأنا أنهاكم عن كلّ مسكر».

[٢ / ٦٣٥٧] وعن ابن سيرين قال : جاء رجل إلى ابن عمر فقال : إنّ أهلنا ينبذون لنا شرابا عشاء فإذا أصبحنا شربناه. فقال : أنهاك عن المسكر قليله وكثيره ، واعبد الله ـ عزوجل ـ أنا أنهاك عن المسكر قليله وكثيرة واعبد الله ـ عزوجل ـ كان أهل خيبر ينبذوه شرابا لهم كذا وكذا يسمّونه كذا وكذا ، وأنّ أهليك ينبذون شرابا من كذا وكذا يسمّونه كذا وكذا وهي الخمر ، حتّى عدّله أربعة أشربة آخرها العسل (٢).

[٢ / ٦٣٥٨] وعن عكرمة قال : دخل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على بعض أزواجه وقد نبذوا العصير لهم في كوز فأراقه وكسر الكوز!

[٢ / ٦٣٥٩] وروى عبادة بن الصامت أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «ليستحلّنّ ناس من أمّتي الخمر باسم يسمّونها إيّاه» (٣).

[٢ / ٦٣٦٠] ويروى عنه أنّه قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أمّا الخمر لم تحرّم لاسمها إنّما حرّمت لما فيها ، وكلّ شراب عاقبته الخمر فهو حرام» (٤).

. وحكي أنّ رجلا من حكماء العرب قيل له : لم لا تشرب النبيذ؟ فقال : الله منحني عقلي صحيحا ، فكيف أدخل عليه ما يفسده (٥)(٦).

***

وقد عقد أبو جعفر الكليني في الكافي أبوابا بشأن الخمر وحرمتها وأنّها لم تزل محرّمة في الشرائع كلّها :

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ للذهبي ٣ : ١٠٠٠ ؛ الكامل ٣ : ١٠٧.

(٢) النسائي ٤ : ١٨٦ / ٦٨٢٢.

(٣) مسند أحمد ٥ : ٣١٨.

(٤) الدار قطني ٤ : ٢٥٦ / ٥٩.

(٥) كتاب ذمّ السكر لابن أبي الدنيا : ٧٧ ، وفيه : والله ما أرضى عقلي صحيحا ...

(٦) الثعلبي ٢ : ١٤١ ـ ١٥٠.

٤٦٥

[٢ / ٦٣٦١] روى عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه عن حمّاد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ عن الإمام أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : «ما بعث الله ـ عزوجل ـ نبيّا قطّ إلّا وفي علم الله أنّه إذا أكمل له دينه كان فيه تحريم الخمر ، ولم تزل الخمر حراما. إنّ الدين إنّما يحوّل من خصلة إلى أخرى فلو كان ذلك جملة قطع بهم دون الدين (١)».

[٢ / ٦٣٦٢] وعن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيّوب عن موسى بن بكر عن زرارة عن الإمام أبي جعفر عليه‌السلام قال : «ما بعث الله ـ عزوجل ـ نبيّا قطّ إلّا وفي علم الله ـ تبارك وتعالى ـ أنّه إذا أكمل له دينه كان فيه تحريم الخمر ولم تزل الخمر حراما ، إنّما الدين يحوّل من خصلة إلى أخرى ولو كان ذلك جملة قطع بهم دون الدين».

[٢ / ٦٣٦٣] وعن حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ما بعث الله ـ عزوجل ـ نبيّا قطّ إلّا وفي علم الله أنّه إذا أكمل دينه كان فيه تحريم الخمر ، ولم تزل الخمر حراما وإنّما ينقلون من خصلة إلى خصلة ، ولو حمل ذلك عليهم جملة لقطع بهم دون الدين» قال : وقال أبو جعفر عليه‌السلام : «ليس أحد أرفق من الله ـ عزوجل ـ فمن رفقه ـ تبارك وتعالى ـ أنّه نقلهم من خصلة إلى خصلة ولو حمل عليهم جملة لهلكوا».

[٢ / ٦٣٦٤] وعن ابن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع الشامي قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الخمر؟ فقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الله ـ عزوجل ـ بعثني رحمة العالمين ، ولأمحق المعازف والمزامير وأمور الجاهليّة والأوثان. وقال : أقسم ربّي أن لا يشرب عبد لي في الدنيا خمرا إلّا سقيته مثل ما شرب منها من الحميم يوم القيامة ، معذّبا أو مغفورا له ، ولا يسقيها عبد لي صبيّا صغيرا أو مملوكا إلّا سقيته مثل ما سقاه من الحميم يوم القيامة ، معذّبا بعد أو مغفورا له».

[٢ / ٦٣٦٥] وبنفس الإسناد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من شرب الخمر بعد ما حرّمها الله ـ عزوجل ـ على لساني فليس بأهل أن يزوّج إذا خطب ، ولا يشفّع إذا شفع ، ولا يصدّق إذا حدّث ، ولا يؤتمن على أمانة ، فمن ائتمنه بعد علمه فيه ، فليس للّذي ائتمنه على الله ضمان ولا له أجر ولا خلف».

__________________

(١) يعني إنّ الله سبحانه إنّما يحمل التكاليف على العباد شيئا فشيئا جلبا لقلوبهم ولو حملها عليهم دفعة واحدة لنفروا عن الدين ولم يؤمنوا.

٤٦٦

[٢ / ٦٣٦٦] وعن الحسين بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «يؤتى شارب الخمر يوم القيامة مسودّا وجهه مدلعا لسانه يسيل لعابه على صدره ، وحقّ على الله أن يسقيه من طينة خبال ـ أو قال : من بئر خبال ـ ، قال : قلت : وما بئر خبال؟ قال : بئر يسيل فيها صديد الزناة (١)».

[٢ / ٦٣٦٧] وعن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «شارب الخمر لا يعاد إذا مرض ، ولا يشهد له جنازة ، ولا تزكّوه إذا شهد ، ولا تزوّجوه إذا خطب ، ولا تأتمنوه على أمانة».

[٢ / ٦٣٦٨] وعن صفوان ، عن العلاء ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «شارب الخمر إن مرض فلا تعودوه ، وإن مات فلا تحضروه ، وإن شهد فلا تزكّوه ، وإن خطب فلا تزوّجوه ، وإن سألكم أمانة فلا تأتمنوه».

[٢ / ٦٣٦٩] وعن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيّوب عن بشير الهذليّ عن عجلان أبي صالح قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : المولود يولد فنسقيه من الخمر؟ فقال : «من سقى مولودا خمرا أو قال : مسكرا سقاه الله من الحميم وإن غفر له».

[٢ / ٦٣٧٠] وعن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختريّ ؛ ودرست ؛ وهشام بن سالم جميعا ، عن عجلان أبي صالح قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «قال الله ـ عزوجل ـ : من شرب مسكرا أو سقاه صبيّا لا يعقل سقيته من ماء الحميم معذّبا أو مغفورا له ، ومن ترك المسكر ابتغاء مرضاتي أدخلته الجنّة وسقيته من الرحيق المختوم وفعلت به من الكرامة ما أفعل بأوليائي».

[٢ / ٦٣٧١] وعن ابن فضّال عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «شارب الخمر يوم القيامة يأتي مسودّا وجهه مائلا شقّه ، مدلعا لسانه ينادي العطش العطش».

[٢ / ٦٣٧٢] وعن أبان بن عثمان عن حمّاد بن بشير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من شرب الخمر بعد أن حرّمها الله تعالى على لساني فليس بأهل أن يزوّج إذا خطب ، ولا يصدّق إذا حدّث ، ولا يشفّع إذا شفع ، ولا يؤتمن على أمانة ، فمن ائتمنه على أمانة فأكلها أو ضيّعها فليس للّذي ائتمنه على الله أن يأجره ، ولا يخلف عليه».

قال الإمام أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّي أردت أن أستبضع بضاعة إلى اليمن فأتيت أبي أبا جعفر عليه‌السلام

__________________

(١) الصديد : القيح والدم.

٤٦٧

فقلت له : إنّني أريد أن أستبضع فلانا بضاعة. فقال لي : أما علمت أنّه يشرب الخمر! فقلت : قد بلغني من المؤمنين أنّهم يقولون ذلك. فقال لي : صدّقهم فإنّ الله ـ عزوجل ـ يقول : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ)(١) ثمّ قال : إنّك إن استبضعته فهلكت أو ضاعت فليس لك على الله أن يأجرك ولا يخلف عليك! فاستبضعته فضيّعها ، فدعوت الله أن يأجرني! فقال : يا بنيّ مه ، ليس لك على الله أن يأجرك ولا يخلف عليك. قال : قلت له : ولم؟ فقال لي : إنّ الله يقول : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً)(٢) ، فهل تعرف سفيها أسفه من شارب الخمر» (٣).

قال : ثمّ قال عليه‌السلام : «لا يزال العبد في فسحة من الله حتّى يشرب الخمر ، فإذا شربها خرق الله عنه سرباله (٤) وكان وليّه وأخوه إبليس وسمعه وبصره ويده ورجله يسوقه إلى كلّ ضلال ويصرفه عن كلّ خير».

[٢ / ٦٣٧٣] وعن عمرو بن خالد عن زيد بن عليّ عن آبائه عليهم‌السلام قال : «لعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الخمر وعاصرها ومعتصرها وبايعها ومشتريها وساقيها وآكل ثمنها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه».

[٢ / ٦٣٧٤] وعن خضر الصيرفيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من شرب النبيذ على أنّه حلال خلّد في النار ، ومن شربه على أنّه حرام عذّب في النار».

[٢ / ٦٣٧٥] وعن نصر بن مزاحم ودرست الواسطيّ عن زرارة ، وغيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «شارب المسكر لا عصمة بيننا وبينه».

[٢ / ٦٣٧٦] وعن إسماعيل بن محمّد المنقريّ عن يزيد بن أبي زياد عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «من شرب المسكر ومات وفي جوفه منه شيء لم يتب منه بعث من قبره مخبّلا مايلا شدقه سايلا لعابه ، يدعو بالويل والثبور».

[٢ / ٦٣٧٧] وعن خلف بن حمّاد عن عمر بن أبان ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «من شرب مسكرا ، كان حقّا على الله أن يسقيه من طينة خبال! قلت : وما طينة خبال؟ فقال : صديد البغايا».

[٢ / ٦٣٧٨] وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا أصلّي على غريق

__________________

(١) التوبة ٩ : ٦١.

(٢) النساء ٤ : ٥.

(٣) وقد روي هذا الخبر بالنسبة إلى إسماعيل بن جعفر.

(٤) السربال : القميص.

٤٦٨

خمر» (١).

[٢ / ٦٣٧٩] وعن الشيبانيّ عن يونس بن ظبيان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «يا يونس بن ظبيان ، أبلغ عطيّة عنّي أنّه من شرب جرعة من خمر لعنه الله وملائكته ورسله والمؤمنون ، فإن شربها حتّى يسكر منها نزع روح الإيمان من جسده وركّبت فيه روح سخيفة خبيثة ملعونة فيترك الصلاة ، فإذا ترك الصلاة عيّرته الملائكة وقال الله له : عبدي كفرت وعيّرتك الملائكة سوءة لك عبدي (٢) ثمّ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : سوءة سوءة كما تكون السوءة والله لتوبيخ الجليل جلّ اسمه ساعة واحدة أشدّ من عذاب ألف عام. قال : ثمّ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : (مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً)(٣)(٤) ثمّ قال : يا يونس ملعون ملعون من ترك أمر الله ـ عزوجل ـ إن أخذ برّا دمّرته وإن أخذ بحرا غرقته ، يغضب لغضب الجليل عزّ اسمه».

[٢ / ٦٣٨٠] وعن محمّد بن خالد عن مروك عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنّ أهل الرّيّ (٥) في الدنيا من المسكر يموتون عطاشا ويحشرون عطاشا ويدخلون النار عطاشا».

[٢ / ٦٣٨١] وعن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن عليّ عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله ، وزاد : «ولو أنّ رجلا كحّل عينه بميل من خمر كان حقيقا على الله أن يكحّله بميل من نار».

[٢ / ٦٣٨٢] وعن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا ينال شفاعتي من استخفّ بصلاته ولا يرد عليّ الحوض ، لا والله لا ينال شفاعتي من شرب المسكر ولا يرد عليّ الحوض لا والله».

***

[٢ / ٦٣٨٣] وعن عبد الرحمان بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من شرب مسكرا انحبست صلاته أربعين يوما ، وإن مات في الأربعين مات ميتة جاهليّة ، فإن تاب تاب الله عليه».

[٢ / ٦٣٨٤] وعن داوود بن الحصين ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من شرب مسكرا لم تقبل منه

__________________

(١) في حديث وحشي أنّه مات غريقا في الخمر أي متناهيا في شربها والإكثار منه ، مستعار من الغرق.

(٢) (سوءة) كلمة تقبيح.

(٣) الأحزاب ٣٣ : ٦١.

(٤) ثُقِفُوا أي وجدوا ، ولعلّ الاستشهاد لبيان أنّ من صار ملعونا بلعن الله تعالى ترتفع عنه ذمّة الله وأمانه لقوله : (أَيْنَما ثُقِفُوا).

(٥) الرّيّ خلاف العطش. (القاموس).

٤٦٩

صلاته أربعين يوما ، فإن مات في الأربعين مات ميتة جاهليّة ، وإن تاب تاب الله عليه».

[٢ / ٦٣٨٥] وعن ابن أبي عمير عن مهران بن محمّد عن رجل عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «من شرب مسكرا لم تقبل منه صلاته أربعين يوما وإن عاد سقاه الله من طينة خبال ، قال : قلت : وما طينة خبال؟ فقال : ماء يخرج من الزناة».

[٢ / ٦٣٨٦] وعن عبد الرحمان بن الحجّاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين يوما».

[٢ / ٦٣٨٧] وعن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : «من شرب من الخمر شربة لم يقبل الله منه صلاة أربعين يوما».

[٢ / ٦٣٨٨] وعن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إنّ لله ـ عزوجل ـ عند فطر كلّ ليلة من شهر رمضان عتقاء يعتقهم من النار ، إلّا من أفطر على مسكر. ومن شرب مسكرا لم تحتسب له صلاته أربعين يوما ، فإن مات فيها مات ميتة جاهليّة».

[٢ / ٦٣٨٩] وعن أبي بصير عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : إنّه لمّا احتضر أبي عليه‌السلام قال لي : «يا بنيّ إنّه لا ينال شفاعتنا من استخفّ بالصلاة ، ولا يرد علينا الحوض من أدمن هذه الأشربة! فقلت : يا أبه وأيّ الأشربة؟ فقال : كلّ مسكر!».

[٢ / ٦٣٩٠] وعن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من شرب مسكرا لم تقبل منه صلاته أربعين ليلة».

[٢ / ٦٣٩١] وعن الحسين بن المختار عن عمرو بن شمر قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «من شرب شربة خمر لم يقبل الله منه صلاته سبعا ومن سكر لم تقبل منه صلاته أربعين صباحا».

[٢ / ٦٣٩٢] وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من شرب خمرا حتّى يسكر لم يقبل الله منه صلاته أربعين صباحا».

[٢ / ٦٣٩٣] وعن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من شرب شربة من خمر لم يقبل الله منه صلاته أربعين يوما».

إنّ الخمر رأس كلّ شرّ

[٢ / ٦٣٩٤] عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن إسماعيل بن بشّار عن أبي

٤٧٠

عبد الله عليه‌السلام قال : «سأله رجل فقال له : أصلحك الله شرب الخمر شرّ أم ترك الصلاة؟ فقال : شرب الخمر ، ثمّ قال : أو تدري لم ذاك؟ قال : لا ، قال : لأنّه يصير في حال لا يعرف معها ربّه».

[٢ / ٦٣٩٥] وعن أبي جميلة عن الحلبيّ وزرارة ومحمّد بن مسلم وحمران بن أعين عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قالا : «إنّ الخمر رأس كلّ إثم».

[٢ / ٦٣٩٦] وعن زيد الشحّام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الخمر رأس كلّ إثم».

[٢ / ٦٣٩٧] وعن أبي أسامة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «الشرب مفتاح كلّ شرّ ، ومدمن الخمر كعابد وثن ، وأنّ الخمر رأس كلّ إثم ، وشاربها مكذّب بكتاب الله تعالى ، لو صدّق كتاب الله حرّم حرامه».

[٢ / ٦٣٩٨] وعن ابن مسكان ، عمّن رواه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال : «إنّ الله ـ عزوجل ـ جعل للشرّ أقفالا وجعل مفاتيحها ـ أو قال : مفاتيح تلك الأقفال ـ الشراب».

[٢ / ٦٣٩٩] وعن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : «إنّ الله جعل للمعصية بيتا ، ثمّ جعل للبيت بابا ، ثمّ جعل للباب غلقا ، ثمّ جعل للغلق مفتاحا ، فمفتاح المعصية الخمر».

[٢ / ٦٤٠٠] وعن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن أحدهما عليهما‌السلام قال : «ما عصي الله ـ عزوجل ـ بشيء أشدّ من شرب الخمر ؛ إنّ أحدهم ليدع الصلاة الفريضة ويثب على أمّه وأخته وابنته وهو لا يعقل».

[٢ / ٦٤٠١] وعن محمّد بن الحسين رفعه قال : قيل لأمير المؤمنين عليه‌السلام : «إنّك تزعم أنّ شرب الخمر أشدّ من الزنا والسرقة؟ فقال عليه‌السلام : نعم ، إنّ صاحب الزنا لعلّه لا يعدوه إلى غيره ، وإنّ شارب الخمر إذا شرب الخمر زنى وسرق وقتل النفس الّتي حرّم الله وترك الصلاة».

[٢ / ٦٤٠٢] وعن محمّد بن يحيى عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «شرب الخمر مفتاح كلّ شرّ».

***

[٢ / ٦٤٠٣] وعن أبي أيّوب الخزّاز عن عجلان أبي صالح قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «من شرب المسكر حتّى يفنى عمره كان كمن عبد الأوثان ، ومن ترك مسكرا مخافة من الله أدخله الله الجنّة وسقاه من الرحيق المختوم».

٤٧١

[٢ / ٦٤٠٤] وعن العبّاس بن عامر عن أبي جميلة عن زيد الشحّام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «مدمن الخمر يلقى الله ـ عزوجل ـ كعابد وثن».

[٢ / ٦٤٠٥] وعن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : قال : «مدمن الخمر يلقى الله ـ عزوجل ـ حين يلقاه كعابد وثن».

[٢ / ٦٤٠٦] وعن الحسين بن المختار عن عمرو بن عثمان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «مدمن الخمر يلقى الله حين يلقاه كعابد وثن».

[٢ / ٦٤٠٧] وعن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «مدمن الخمر يلقى الله ـ عزوجل ـ يوم يلقاه كافرا».

[٢ / ٦٤٠٨] وعن عبد الرحمان بن الحجّاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «مدمن الخمر يلقى الله تبارك وتعالى يوم يلقاه كعابد وثن».

[٢ / ٦٤٠٩] وعن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «مدمن الخمر كعابد وثن ، إذا مات وهو مدمن عليه يلقى الله ـ عزوجل ـ حين يلقاه كعابد وثن».

[٢ / ٦٤١٠] وعن محمّد بن داذويه قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام أسأله عن شارب المسكر ، قال : فكتب عليه‌السلام : «شارب الخمر كافر».

[٢ / ٦٤١١] وعن أبي الجارود ، قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «حدّثني أبي عن أبيه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «مدمن الخمر كعابد وثن» قال : قلت له (أي لأبي) : وما المدمن؟ قال : «الّذي إذا وجدها شربها».

[٢ / ٦٤١٢] وعن منصور بن حازم قال : حدّثني أبو بصير وابن أبي يعفور قالا : سمعنا أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «ليس مدمن الخمر الّذي يشربها كلّ يوم ، ولكن الّذي يوطّن نفسه أنّه إذا وجدها شربها».

[٢ / ٦٤١٣] وعن نعيم البصريّ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «مدمن المسكر الّذي إذا وجده شربه».

تحريم الخمر في الكتاب

[٢ / ٦٤١٤] روى أبو جعفر الكليني بالإسناد إلى عليّ بن يقطين قال : «سأل المهديّ (العبّاسيّ) أبا الحسن (موسى بن جعفر) عليه‌السلام عن الخمر هل هي محرّمة في كتاب الله ـ عزوجل ـ؟ فإنّ الناس إنّما

٤٧٢

يعرفون النهي عنها ولا يعرفون التحريم لها! فقال له أبو الحسن عليه‌السلام : بل هي محرّمة في كتاب الله ـ عزوجل ـ يا أمير المؤمنين. فقال له : في أيّ موضع هي محرّمة في كتاب الله ـ جلّ اسمه ـ يا أبا الحسن؟ فقال : قول الله ـ عزوجل ـ : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ)(١).

فأمّا قوله : (ما ظَهَرَ مِنْها) يعني الزنا المعلن ونصب الرايات الّتي كانت ترفعها الفواجر للفواحش في الجاهليّة. وأمّا قوله ـ عزوجل ـ : (وَما بَطَنَ) يعني ما نكح من الآباء لأنّ الناس كانوا قبل أن يبعث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كان للرجل زوجة ومات عنها تزوّجها ابنه من بعده إذا لم تكن أمّه فحرّم الله ذلك ، وأمّا الإثم فإنّها الخمرة بعينها وقد قال الله ـ عزوجل ـ في موضع آخر : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ)(٢). فأمّا الإثم في كتاب الله فهي الخمرة والميسر وإثمهما أكبر كما قال الله تعالى ، قال : فقال المهديّ : يا عليّ بن يقطين هذه والله فتوى هاشميّة ، قال : قلت له : صدقت والله يا أمير المؤمنين ، الحمد الله الّذي لم يخرج هذا العلم منكم أهل البيت قال : فو الله ما صبر المهديّ أن قال لي : صدقت يا رافضيّ!».

[٢ / ٦٤١٥] وروي : «أنّ أوّل ما نزل في تحريم الخمر قول الله ـ عزوجل ـ (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) فلمّا نزلت هذه الآية أحسّ القوم بتحريمها وتحريم الميسر وعلموا أنّ الإثم ممّا ينبغي اجتنابه ولا يحمل الله ـ عزوجل ـ عليهم من كلّ طريق ، لأنّه قال : ومنافع للناس ، ثمّ أنزل الله آية أخرى : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(٣) ، فكانت هذه الآية أشدّ من الأولى وأغلظ في التحريم. ثمّ ثلّث بآية أخرى فكانت أغلظ من الآية الأولى والثانية وأشدّ فقال عزوجل : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)(٤) فأمر عزوجل باجتنابها وفسّر عللها الّتي لها ومن أجلها حرّمها. ثمّ بيّن الله ـ عزوجل ـ تحريمها وكشفه في الآية الرابعة مع ما دلّ عليه في هذه الآي المذكورة المتقدّمة بقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ) وقال عزوجل في الآية

__________________

(١) الأعراف ٧ : ٣٣.

(٢) البقرة ٢ : ٢١٩.

(٣) المائدة ٥ : ٩٠.

(٤) المائدة ٥ : ٩١.

٤٧٣

الأولى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) ثمّ قال في الآية الرابعة : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ) فخبّر الله ـ عزوجل ـ أنّ الإثم في الخمر وغيرها وأنّه حرام وذلك أنّ الله ـ عزوجل ـ إذا أراد أن يفترض فريضة أنزلها شيئا بعد شيء حتّى يوطّن الناس أنفسهم عليها ويسكنوا إلى أمر الله ـ عزوجل ـ ونهيه فيها وكان ذلك من فعل الله ـ عزوجل ـ على وجه التدبير فيهم أصوب وأقرب لهم إلى الأخذ بها وأقلّ لنفارهم منها».

ما أسكر كثيره فقليله حرام

[٢ / ٦٤١٦] عن ابن أبي عمير عن كليب الصيداوي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : خطب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال في خطبته : «كلّ مسكر حرام».

[٢ / ٦٤١٧] وعن أبي الربيع الشاميّ قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّ الله ـ عزوجل ـ حرّم الخمر بعينها فقليلها وكثيرها حرام ، كما حرّم الميتة والدم ولحم الخنزير ، وحرّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الشراب من كلّ مسكر ، وما حرّمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد حرّمه الله ـ عزوجل ـ».

[٢ / ٦٤١٨] وعن عطاء بن يسار عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كلّ مسكر حرام ، وكلّ مسكر خمر».

[٢ / ٦٤١٩] وعن معاوية بن وهب قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّ رجلا من بني عمّي وهو رجل من صلحاء مواليك ، أمرني أن أسالك عن النبيذ فأصفه لك ، فقال عليه‌السلام له : أنا أصفه لك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كلّ مسكر حرام فما أسكر كثيره فقليله حرام» ، قال : قلت : فقليل الحرام يحلّه كثير الماء! فردّ عليه بكفّه مرّتين لا ، لا».

[٢ / ٦٤٢٠] وعن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن النبيذ! فقال : «حرّم الله الخمر بعينها ، وحرّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الأشربة كلّ مسكر».

[٢ / ٦٤٢١] وعن كليب الأسدي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن النبيذ فقال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطب الناس فقال في خطبته : «أيّها الناس ألا إنّ كلّ مسكر حرام ، ألا وما أسكر كثيره فقليله حرام».

[٢ / ٦٤٢٢] وعن صفوان الجمّال قال : كنت مبتلى بالنبيذ معجبا به ، فقلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : «جعلت فداك أصف لك النبيذ؟ قال : فقال لي : بل أنا أصفه لك : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كلّ مسكر حرام

٤٧٤

وما أسكر كثيره فقليله حرام فقلت له : هذا نبيذ السقاية بفناء الكعبة! فقال لي : ليس هكذا كانت السقاية ، إنّما السقاية زمزم ، أفتدري من أوّل من غيّرها؟ قال : قلت : لا ، قال : العبّاس بن عبد المطلّب كانت له حبلة أفتدري ما الحبلة؟ قلت : لا ، قال : الكرم فكان ينقع الزبيب غدوة ويشربونه بالعشيّ وينقّعه بالعشيّ ويشربونه من الغد ، يريد به أن يكسر غلظ الماء عن الناس وإنّ هؤلاء قد تعدّوا فلا تشربه ولا تقربه».

[٢ / ٦٤٢٣] وعن عثمان بن عيسى عن سماعة قال : سألته عن التمر والزبيب يطبخان للنبيذ؟ فقال : لا ، وقال : كلّ مسكر حرام وقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كلّ ما أسكر كثيره فقليله حرام ، وقال : لا يصلح في النبيذ الخميرة وهي العكرة» (١).

[٢ / ٦٤٢٤] وعن الفضيل بن يسار قال : ابتدأني أبو عبد الله عليه‌السلام يوما من غير أن أسأله فقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كلّ مسكر حرام» ، قال : قلت : أصلحك الله ، كلّه حرام؟ فقال : «نعم ، الجرعة منه حرام».

[٢ / ٦٤٢٥] وعن أبي الصباح الكناني قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «حرّم الله الخمرة قليلها وكثيرها ، كما حرّم الميتة والدم ولحم الخنزير ، وحرّم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الأشربة المسكر وما حرّم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد حرّمه الله ـ عزوجل ـ وقال : ما أسكر كثيره فقليله حرام».

[٢ / ٦٤٢٦] وعن عبد الرحمان بن الحجّاج قال : استأذنت لبعض أصحابنا على أبي عبد الله عليه‌السلام فسأله عن النبيذ فقال : حلال ، فقال : أصلحك الله إنّما سألتك عن النبيذ الّذي يجعل فيه العكر فيغلي حتّى يسكر ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كلّ مسكر حرام» فقال الرجل : أصلحك الله فإنّ من عندنا بالعراق يقولون : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّما عنى بذلك القدح الّذي يسكر! فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّ ما أسكر كثيره فقليله حرام» ، فقال له الرجل : فأكسره بالماء؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لا وما للماء أن يحلّل الحرام ، اتّق الله ـ عزوجل ـ ولا تشربه».

[٢ / ٦٤٢٧] وعن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن حنان ، قال : سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في النبيذ؟ فإنّ أبا مريم يشربه! ويزعم أنّك أمرت بشربه فقال : «معاذ الله أن أكون آمر بشرب مسكر ، والله إنّه لشيء ما اتّقيت فيه سلطانا ولا غيره. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كلّ مسكر حرام ، فما

__________________

(١) العكرة درديّ كلّ شيء.

٤٧٥

أسكر كثيره فقليله حرام» (١).

***

أمّا الميسر فهو القمار بالقداح ، كان شائعا عند العرب ، كانوا يجعلون عشرة قداح (جمع قدح ، وهو السهم الّذي هو أصغر من النبل) وهذه القداح هي : الفذّ والتوأم والرقيب والحلس والنافس والمسبل والمعلّى والسفيح والمنيح والوغد ، فالسبعة الأول لها حظوظ والثلاثة الأخيرة لا حظوظ لها وتسمّى الأغفال ، فإذا أرادوا التقامر اشتروا جزورا بثمن مؤجّل إلى ما بعد التقامر ، وقسّموه أبداء أي أجزاء ثمّ يجعلون تلك القداح في خريطة من جلد ، ووكّلوا بها رجلا ، وكانوا يغشون عينه بمغمضة ويجعلون على يديه خرقة بيضاء يسمّونها المجول ، ثمّ يجثوا على ركبتيه ، ويخضخض الخريطة ويدفعها دفعة واحدة على اسم واحد من المقامرين ، ثمّ تعاد الجلجلة (الخضخضة). فمن خرجت له السهام الأغفال الّتي لا حظوظ لها ، يدفعون ثمن الجزور.

قال الزمخشري : والميسر : القمار ، مصدر من يسر ، كالموعد والمرجع ، يقال : يسرته إذا قمرته. واشتقاقه من اليسر ، لأنّه أخذ مال الرجل بيسر وسهولة من غير كدّ ولا تعب. أو من اليسار ، لأنّه سلب يساره (٢).

وألحق الفقهاء كلّ قمار بالميسر ، لوحدة المناط ، ولعموم النصّ :

[٢ / ٦٤٢٨] روى أبو إسحاق الثعلبيّ عن ابن عبّاس ، قال : كان الرجل في الجاهليّة يقامره الرجل على أهله وماله ، فأيّهما قمر صاحبه ذهب بماله وأهله (٣) ..

قال أبو إسحاق : فأصل هذا القمار ، الّذي كانت العرب تفعله ، وإنّما نهى الله تعالى في هذه الآية عن أنواع القمار كلّها.

[٢ / ٦٤٢٩] هكذا روى ليث عن طاووس ومجاهد وعطاء ، قالوا : كلّ شيء فيه قمار فهو الميسر ، حتّى لعب الصبيان بالعود والكعاب (٤).

[٢ / ٦٤٣٠] وعن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إيّاكم وهاتين

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٩٥ ـ ٤٠٩.

(٢) الكشّاف ١ : ٢٦١ ـ ٢٦٢ ؛ التحرير والتنوير ٢ : ٣٢٩ ـ ٣٣٠.

(٣) الثعلبيّ ٢ : ١٥٠.

(٤) المصدر : ١٥١.

٤٧٦

الكعبتين الموسومتين ، فإنّهما من ميسر العجم» (١).

[٢ / ٦٤٣١] وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عن أبيه «أنّ عليّا عليه‌السلام قال ـ في النرد والشطرنج ـ : هي من الميسر» (٢).

[٢ / ٦٤٣٢] وعن القاسم بن محمّد أنّه قال : كلّ شيء (لعبة) ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو الميسر (٣).

قال ابن الأثير :

[٢ / ٦٤٣٣] ومنه حديث عليّ عليه‌السلام : «الشطرنج ميسر العجم» شبّه اللعب به بالميسر ، وهو القمار بالقداح. قال : وكلّ شيء فيه قمار فهو من الميسر ، حتّى لعب الصبيان بالجوز (٤).

[٢ / ٦٤٣٤] وأخرج أبو عبيد والبخاري في الأدب المفرد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : الميسر القمار (٥).

[٢ / ٦٤٣٥] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الميسر القمار ، وإنّما سمّي الميسر لقولهم أيسر جزورا ، كقولك ضع كذا وكذا (٦).

[٢ / ٦٤٣٦] وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحّاس في ناسخه عن ابن عبّاس في قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) قال : الميسر القمار ، كان الرجل في الجاهليّة يقامر عن أهله وماله ، فأيّهما قمر صاحبه ذهب بأهله وماله. وفي قوله : (قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ) يعني ما ينقص من الدين عند شربها (وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) يقول : فيما يصيبون من لذّتها وفرحها إذا شربوها (وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ

__________________

(١) الثعلبيّ ٢ : ١٥١ ؛ الأدب المفرد للبخاري : ٢٧١ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٣٣٧ / ٢٥٧.

(٢) الثعلبيّ ٢ : ١٥١ ؛ الطبري ٢ : ٤٨٩.

(٣) الثعلبيّ ٢ : ١٥١ ؛ الطبري ٢ : ٤٨٧ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٣٩١ ؛ البيهقي ١٠ : ٢١٧.

(٤) النهاية ٥ : ٢٩٦ ـ ٢٩٧.

(٥) الدرّ ١ : ٦٠٦ ؛ الأدب المفرد : ٢٦٩ / ١٢٦٠ ؛ الطبري ٢ : ٤٨٧ / ٣٢٩٠ ، وفيه : «القمار من الميسر» ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٣٩٠ / ٢٠٥٠ ؛ البيهقي ١٠ : ٢١٣ ؛ ابن كثير ٢ : ٩٤.

(٦) الدرّ ١ : ٦٠٦ ؛ الطبري ٢ : ٤٨٥ / ٣٢٧٥ ، وفيه : «لقولهم أيسروا جزورا» ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٣٩٠ / ٢٠٥١ ، وفيه : أيسروا جزورا ـ وزاد : قال أبو محمّد : وروي عن عبد الله بن مسعود وابن عبّاس وعطاء وطاووس وسعيد بن جبير والحسن وابن سيرين وقتادة والسدّي وعطاء الخراساني نحو ذلك.

٤٧٧

مِنْ نَفْعِهِما) يقول : ما يذهب من الدين ، والإثم فيه ، أكبر ممّا يصيبون من لذّتها وفرحها إذا شربوها (١).

[٢ / ٦٤٣٧] وعن ابن جريج عن مجاهد ، قال : الميسر قداح العرب وكعاب فارس. قال : وقال ابن جريج : وزعم عطاء بن ميسرة أنّ الميسر القمار كلّه (٢).

[٢ / ٦٤٣٨] وعن الحسن : الميسر القمار (٣).

[٢ / ٦٤٣٩] وعن محمّد بن سيرين ، قال : كلّ قمار ميسر حتّى اللعب بالنرد ، وعلى القيام والصياح والريشة ، يجعلها الرجل في رأسه (٤).

[٢ / ٦٤٤٠] وعن أبي الأحوص ، قال : قال عبد الله بن مسعود : إيّاكم وهذه الكعاب الموسومة الّتي تزجرون بها زجرا ، فإنّهنّ من الميسر! (٥)

[٢ / ٦٤٤١] وعن يزيد بن شريح أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «ثلاث من الميسر : الصفير بالحمام ، والقمار ، والضرب بالكعاب» (٦).

[٢ / ٦٤٤٢] وقال مقاتل بن سليمان : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) يعني القمار نزلت في عبد الرحمان بن عوف وعمر بن الخطّاب ونفر من الأنصار وذلك أنّ الرجل كان يقول في الجاهليّة أين أصحاب الجزور؟ فيقوم نفر فيشترون الجزور فيجعلون لكلّ رجل منهم سهما ، ثمّ يقرعون ،

__________________

(١) الدرّ ١ : ٦٠٦ ؛ الطبري ٢ : ٤٨٧ / ٣٢٨٦ ، و ٤٨٨ / ٣٢٩٥ ، و ٤٩٠ / ٣٢٩٩ ، و ٤٩١ / ٣٣٠٣ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٣٩١ / ٢٠٥٩ ، و ٣٩٢ / ٢٠٦١ و ٢٠٦٦ ؛ الثعلبيّ ٢ : ١٥٠ ؛ البغوي ١ : ٢٨٠.

(٢) الطبري ٢ : ٤٨٨ / ٣٢٩١.

(٣) الطبري ٢ : ٤٨٦ / ٣٢٨٠ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٣٣٦ / ٢٥٥ ، عن قتادة وعن مجاهد.

(٤) الطبري ٢ : ٤٨٦ ، بعد رقم ٣٢٧٩.

(٥) الطبري ٢ : ٤٨٥ / ٣٢٧٧ ؛ الثعلبيّ ٢ : ١٥١ / ١٢٩ ، نقلا عن النبيّ بلفظ : «إيّاكم وهاتين الكعبتين الموسومتين فإنّهما من ميسر العجم» ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢١٤ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٣٣٧ / ٢٥٧ ، بلفظ : عن أبي الأحوص قال : سمعت ابن مسعود يقول : إيّاكم وزجرا بالكعبين ، فإنّهما من الميسر ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ٦ : ١٩١ / ١٢ ، باب ١٢٢ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٣٩٠ / ٢٠٥٣ ، بلفظ : إيّاكم وهذه الكعاب المومسات فإنّها ميسر العجم. قال أبو محمّد : ويروى عن عليّ وابن عمر وعائشة نحو ذلك. والمومس : المحتكّ حتّى ينجرد ويطلق على كلّ ما يفجر به. ومن ثمّ يقال للعاهرات المعلنات للفجور : مومسات.

(٦) ابن أبي حاتم ٢ : ٣٩١ / ٢٠٥٨.

٤٧٨

فمن خرج سهمه يبرأ من الثمن حتّى يبقى آخرهم فيكون ثمن الجزور كلّه عليه وحده ، ولا حقّ له في الجزور ويقتسم الجزور بقيّتهم بينهم فذلك الميسر. قال ـ سبحانه ـ : (قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ) في ركوبهما لأنّ فيهما ترك الصلاة وترك ذكر الله ـ عزوجل ـ وركوب المحارم ، ثمّ قال ـ سبحانه ـ : (وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) يعني بالمنافع اللّذة والتجارة في ركوبهما قبل التحريم ، فلمّا حرّمهما الله قال : (وَإِثْمُهُما) بعد التحريم (أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) قبل التحريم ، وأنزل الله تحريمهما بعد هذه الآية بسنة. والمنفعة في الميسر أنّ بعضهم ينتفع به ، وبعضهم يخسر يعني المقامر ، وإنّما سمّي الميسر لأنّهم قالوا يسّروا لنا ثمن الجزور (١).

[٢ / ٦٤٤٣] وروى محمّد بن يعقوب : عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الوشّاء عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سمعته يقول : «الميسر هو القمار» (٢).

[٢ / ٦٤٤٤] وبالإسناد إلى جابر الجعفي عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : «لمّا نزل قول الله ـ عزوجل ـ على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ)(٣) قيل : يا رسول الله ما الميسر؟ قال : كلّ ما تقومر به ، حتّى الكعاب والجوز. قيل : فما الأنصاب؟ قال : ما ذبحوا لآلهتهم. قيل : فما الأزلام؟ قال : قداحهم الّتي يستقسمون بها» (٤).

[٢ / ٦٤٤٥] وعن معمر بن خلّاد عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : «النرد والشطرنج والأربعة عشر بمنزلة واحدة ، وكلّ ما قومر عليه فهو ميسر» (٥).

[٢ / ٦٤٤٦] وعن ابن أبي نجران عن مثنّى الحنّاط عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «الشطرنج والنرد هما الميسر» (٦).

[٢ / ٦٤٤٧] وعن محمّد بن سنان عن عبد الملك القميّ قال : كنت أنا وإدريس أخي عند أبي

__________________

(١) تفسير مقاتل ١ : ١٨٨.

(٢) الكافي ٥ : ١٢٤ / ٩ ؛ العيّاشيّ ١ : ٣٦٧ / ١٨٢ ؛ البحار ٧٦ : ٢٣٥ / ١٥ ، باب ٩٨ ؛ البرهان ١ : ٤٦٧ / ٣.

(٣) المائدة ٥ : ٩٠.

(٤) الكافي ٥ : ١٢٢ ـ ١٢٣ / ٢ ، كتاب المعيشة ، باب القمار والنهبة ؛ الفقيه ٣ : ١٦٠ ـ ١٦١ / ٣٥٨٦ ؛ البرهان ١ : ٤٦٧ ـ ٤٦٨ / ٤ ؛ نور الثقلين ١ : ٦٦٧ ـ ٦٦٨ / ٣٤٠.

(٥) الكافي ٦ : ٤٣٥ / ١ ؛ نور الثقلين ١ : ٢١٠.

(٦) الكافي ٦ : ٤٣٥ / ٣ ؛ كنز الدقائق ٢ : ٣٢٢ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢١٥ ؛ نور الثقلين ١ : ٢١٠.

٤٧٩

عبد الله عليه‌السلام فقال إدريس : جعلنا الله فداك ، ما الميسر؟ فقال عليه‌السلام : «هي الشطرنج فقلت : أما إنّهم يقولون : إنّها النرد ، قال : والنرد أيضا» (١).

[٢ / ٦٤٤٨] وروى العيّاشيّ بالإسناد إلى الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : «النرد والشطرنج من الميسر» (٢).

[٢ / ٦٤٤٩] وعن حمدويه عن محمّد بن عيسى ، قال : كتب إبراهيم بن عنبسة إلى أبي الحسن الهادي عليه‌السلام : إن رأى سيّدي ومولاي أن يخبرني عن قول الله ـ عزوجل ـ : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) ما الميسر جعلت فداك؟ فكتب : «كلّ ما قومر به فهو الميسر» (٣).

قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ)

لقد سألوا مرّة : (ما ذا يُنْفِقُونَ) الآية : ٢١٥» ، فكان الجواب عن النوع والجهة : (قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ....)

أمّا هنا فجاء الجواب عن المقدار والدرجة.

والعفو : خيار الشيء وأطيبه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ)(٤). (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)(٥).

والعفو : الفضل والمعروف : (إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ)(٦). (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً)(٧). (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ)(٨). (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)(٩). (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ)(١٠).

__________________

(١) الكافي ٦ : ٤٣٦ / ٨ ؛ كنز الدقائق ٢ : ٣٢٢ ؛ نور الثقلين ١ : ٢١٠.

(٢) العيّاشيّ ١ : ١٢٥ / ٣١٣ ؛ البرهان ١ : ٤٦٨ / ٦.

(٣) العيّاشيّ ١ : ١٢٥ / ٣١٢ ؛ كنز الدقائق ٢ : ٣٢١ ـ ٣٢٢ ؛ البرهان ١ : ٤٦٨ / ٥ ؛ نور الثقلين ١ : ٢٠٩ ـ ٢١٠.

(٤) البقرة ٢ : ٢٦٧.

(٥) آل عمران ٣ : ٩٢.

(٦) النساء ٤ : ١١٤.

(٧) الأحزاب ٣٣ : ٦.

(٨) البقرة ٢ : ٢٣٦.

(٩) البقرة ٢ : ٢٣٧.

(١٠) هود ١١ : ٣.

٤٨٠