التفسير الأثري الجامع - ج ٥

الشيخ محمّد هادي معرفة

التفسير الأثري الجامع - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي معرفة


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التمهيد ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5079-06-7
ISBN الدورة:
978-600-5079-08-1

الصفحات: ٥٦٠

[٢ / ٦٠٨٩] وعن السّكونيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «للجنّة باب يقال له : باب المجاهدين يمضون إليه فإذا هو مفتوح وهم متقلّدون بسيوفهم ، والجمع في الموقف والملائكة ترحّب بهم ، قال : فمن ترك الجهاد ألبسه الله ذلّا وفقرا في معيشته ومحقا في دينه. إنّ الله أغنى أمّتي بسنابك خيلها ومراكز رماحها».

[٢ / ٦٠٩٠] وبإسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «خيول الغزاة في الدّنيا خيولهم في الجنّة ، وإنّ أردية الغزاة لسيوفهم».

[٢ / ٦٠٩١] وقال : قال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أخبرني جبرئيل بأمر قرّت به عيني وفرح به قلبي ، قال : يا محمّد من غزى من امّتك في سبيل الله فأصابه قطرة من السّماء أو صداع ، كتب الله له شهادة يوم القيامة». (١)

[٢ / ٦٠٩٢] وقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «جاهدوا تغنموا». (٢)

[٢ / ٦٠٩٣] وقال : قيل للنّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما بال الشهيد لا يفتن في قبره؟ قال : «كفى بالبارقة فوق رأسه فتنة». (٣)

[٢ / ٦٠٩٤] وعن سويد القلانسيّ ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أيّ الجهاد أفضل؟ فقال : «من عقر جواده واهريق دمه في سبيل الله». (٤)

[٢ / ٦٠٩٥] وعن الحسن بن محبوب ، عن بعض أصحابه قال : كتب أبو جعفر عليه‌السلام في رسالته إلى بعض خلفاء بني اميّة : «ومن ذلك ما ضيّع الجهاد الذي فضّله الله عزوجل على الأعمال ، وفضّل عامله على العمّال تفضيلا في الدّرجات والمغفرة ، والرحمة ، لأنّه ظهر به الدّين ، وبه يدفع عن الدّين ، وبه اشترى الله من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنّة بيعا مفلحا منجحا ، اشترط عليهم فيه حفظ الحدود ، وأوّل ذلك الدعاء إلى طاعة الله من طاعة العباد ، وإلى عبادة الله من عبادة العباد ، وإلى ولاية الله من ولاية العباد ، فمن دعي إلى الجزية فأبى قتل وسبي أهله ، وليس الدّعاء من طاعة عبد إلى طاعة عبد مثله ، ومن أقرّ بالجزية لم يتعدّ عليه ولم تخفر ذمّته ، وكلّف دون طاقته ، وكان الفيء للمسلمين عامّة غير خاصّة ، وإن كان قتال وسبي سير في ذلك بسيرته ، وعمل فيه في ذلك بسنّته

__________________

(١) الكافي ٥ : ٢ ـ ٣ / ١ ـ ٣.

(٢) المصدر : ٨ / ١٤.

(٣) المصدر : ٥٤ / ٥.

(٤) المصدر : ٥٤ / ٧.

٣٤١

من الدّين ثمّ كلّف الأعمى والأعرج والّذين لا يجدون ما ينفقون على الجهاد بعد عذر الله عزوجل إيّاهم ، ويكلّف الذين يطيقون ما لا يطيقون ، وإنّما كانوا أهل مصر يقاتل من يليه يعدل بينهم في البعوث فذهب ذلك كلّه حتّى عاد الناس رجلين : أجير موتجر بعد بيع الله ، ومستأجر صاحبه غارم بعد عذر الله وذهب الحجّ وضيّع ، وافتقر الناس ، فمن أعوج ممّن عوّج هذا ، ومن أقوم ممّن أقام هذا؟ فردّ الجهاد على العباد وزاد الجهاد على العباد إنّ ذلك خطأ عظيم».

[٢ / ٦٠٩٦] وبإسناده عن حيدرة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض». (١)

[٢ / ٦٠٩٧] وعن أبي البختري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ جبرئيل أخبرني بأمر قرّت به عيني ، وفرح به قلبي ، قال : يا محمّد من غزا غزاة في سبيل الله من أمّتك فما أصابه قطرة من السّماء أو صداع إلّا كانت له شهادة يوم القيامة». (٢)

[٢ / ٦٠٩٨] وعن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إنّ عليّ بن الحسين عليه‌السلام كان يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما من قطرة أحبّ إلى الله عزوجل من قطرة دم في سبيل الله».

[٢ / ٦٠٩٩] وعن ابن محبوب رفعه أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام خطب يوم الجمل ـ إلى أن قال ـ : فقال : «أيّها النّاس إنّ الموت لا يفوته المقيم ، ولا يعجزه الهارب ، ليس عن الموت محيص ومن لم يمت يقتل ، وإنّ أفضل الموت القتل والّذي نفسي بيده لألف ضربة بالسّيف أهون عليّ من ميتة على فراش». (٣)

[٢ / ٦١٠٠] وعن أبي عبد الرّحمان السّلمي قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «أمّا بعد فإنّ الجهاد باب من أبواب الجنّة فتحه الله لخاصّة أوليائه ـ إلى أن قال ـ : هو لباس التقوى ، ودرع الله الحصينة ، وجنّته الوثيقة ، فمن تركه ألبسه الله ثوب الذلّ ، وشمله البلاء ، وديّث بالصغار والقماءة ، وضرب على قلبه بالأسداد ، واديل الحقّ منه بتضييع الجهاد ، وسيم الخسف ، ومنع النّصب». (٤)

[٢ / ٦١٠١] وعن أبي حفص الكلبيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ الله عزوجل بعث رسوله بالإسلام إلى الناس عشر سنين فأبوا أن يقبلوا حتّى أمره بالقتال ، فالخير في السّيف وتحت السّيف والأمر يعود

__________________

(١) المصدر : ٣ ـ ٤ / ٤ و ٥.

(٢) المصدر : ٨ / ٨.

(٣) المصدر : ٥٣ ـ ٥٤ / ٣ و ٤.

(٤) المصدر : ٤ / ٦ ؛ نهج البلاغة : الخطبة رقم ٢٧.

٣٤٢

كما بدأ». (١)

[٢ / ٦١٠٢] وعن ابن محبوب رفعه قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «إنّ الله فرض الجهاد وعظّمه وجعله نصره وناصره ، والله ما صحلت دنيا ولا دين إلّا به». (٢)

[٢ / ٦١٠٣] وعن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اغزوا تورّثوا أبنائكم مجدا».

[٢ / ٦١٠٤] وبهذا الإسناد أنّ أبادجانة الأنصاري اعتمّ يوم أحد بعمامة ، وأرخى عذبة العمامة بين كتفيه حتّى جعل يتبختر ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ هذه لمشية يبغضها الله عزوجل إلّا عند القتال في سبيل الله». (٣)

[٢ / ٦١٠٥] وعن معمّر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «الخير كلّه في السّيف ، وتحت السّيف ، وفي ظلّ السّيف ، قال : وسمعته يقول : إنّ الخير كلّ الخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة». (٤)

[٢ / ٦١٠٦] وعن سعدان ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «من قتل في سبيل الله لم يعرّفه الله شيئا من سيّئاته». (٥)

[٢ / ٦١٠٧] وروى الشيخ الطائفة الطوسي بإسناده عن زيد بن عليّ ، عن أبيه عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «للشّهيد سبع خصال من الله : أوّل قطرة من دمه مغفور له كلّ ذنب ، والثانية يقع رأسه في حجر زوجتيه من الحور العين ، وتمسحان الغبار عن وجهه ، وتقولان : مرحبا بك ، ويقول هو مثل ذلك لهما ، والثالثة يكسى من كسوة الجنّة ، والرابعة تبتدره خزنة الجنّة بكلّ ريح طيّبة أيّهم يأخذه معه ، والخامسة أن يرى منزله ، والسادسة يقال لروحه : اسرح في الجنّة حيث شئت ، والسابعة أن ينظر في وجه الله وأنّها لراحة لكلّ نبيّ وشهيد».

[٢ / ٦١٠٨] وبإسناده إلى السّكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «فوق كلّ ذي برّ برّ حتّى يقتل الرجل في سبيل الله ، فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه برّ ، وفوق كلّ ذي عقوق عقوق حتّى يقتل أحد والديه ، فإذا قتل أحد والديه فليس فوقه عقوق».

__________________

(١) المصدر : ٧ / ٧.

(٢) المصدر : ٨ / ١١.

(٣) المصدر : ٨ / ١٢ ـ ١٣.

(٤) المصدر : ٨ ـ ٩ / ١٥.

(٥) المصدر : ٥٤ / ٦.

٣٤٣

[٢ / ٦١٠٩] وعن عثمان بن مظعون قال : قلت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ نفسي تحدّثني بالسّياحة وأن ألحق بالجبال ، فقال : «يا عثمان لا تفعل فإنّ سياحة امّتي الغزو والجهاد».

[٢ / ٦١١٠] وعن سعد بن سعد الأشعري ، عن أبي الحسن الرّضا عليه‌السلام قال : سألته عن قول أمير المؤمنين عليه‌السلام : «لألف ضربة بالسّيف أهون من موت على فراش؟» فقال : «في سبيل الله». (١)

[٢ / ٦١١١] وروى أبو جعفر الصدوق بإسناده عن الفضل بن شاذان ، عن الرّضا عليه‌السلام في كتابه إلى المأمون قال : «والجهاد واجب مع الإمام العادل». (٢)

[٢ / ٦١١٢] وعن ابن عائشة بإسناد ذكره إنّ عليّا عليه‌السلام قال في خطبة له : «أمّا بعد فإنّ الجهاد باب من أبواب الجنّة ، فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله الذّلّ وسيم الخسف وديّث بالصّغار». (٣)

[٢ / ٦١١٣] وعن إسماعيل بن مسلم السّكوني ، عن الصّادق جعفر بن محمد عليه‌السلام ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «خيول الغزاة خيولهم في الجنّة». (٤)

[٢ / ٦١١٤] وبإسناده عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «ومن خرج في سبيل الله مجاهدا فله بكلّ خطوة سبعمأة ألف حسنة ، ويمحى عنه سبعمأة ألف سيّئة ، ويرفع له سبعمأة ألف درجة ، وكان في ضمان الله بأيّ حتف مات كان شهيدا ، وإن رجع رجع مغفورا له ، مستجابا دعاؤه». (٥)

[٢ / ٦١١٥] وروى أحمد بن محمّد بن خالد البرقي بإسناده عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أيّ الأعمال أفضل؟ قال : «الصّلاة لوقتها ، وبرّ الوالدين ، والجهاد في سبيل الله». (٦)

اشتراط إذن الوالدين في الجهاد

[٢ / ٦١١٦] روى أبو جعفر الصدوق بإسناده ، عن جابر ، عن أبي عبد الله الصّادق عليه‌السلام قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله إنّي راغب في الجهاد نشيط ، قال : «فجاهد في سبيل الله فإنّك إن تقتل كنت حيّا عند الله ترزق ، وإن تمت فقد وقع أجرك على الله ، وإن رجعت خرجت من الذنوب كما ولدت ، فقال : يا رسول الله إنّ لي والدين كبيرين يزعمان أنّهما يأنسان بي ويكرهان

__________________

(١) التهذيب ١٢١ ـ ١٢٣ / ٢٠٨ ـ ٢١٥.

(٢) العيون ٢ : ١٣٢ / ١ ، باب ٣٥.

(٣) المعاني : ٣١٠ / ١.

(٤) الأمالي : ٦٧٣ / ٩٠٨.

(٥) ثواب الأعمال : ٢٩٣.

(٦) المحاسن ١ : ٢٩٢ / ٤٤٥.

٣٤٤

خروجي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أقم مع والديك ، فو الّذي نفسي بيده لأنسهما بك يوما وليلة خير من جهاد سنة». (١)

[٢ / ٦١١٧] وأيضا عن جابر قال : أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجل فقال : إنّي رجل شاب نشيط واحبّ الجهاد ولي والدة تكره ذلك ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ارجع فكن مع والدتك ، فو الّذي بعثني بالحقّ لأنسها بك ليلة خير من جهاد في سبيل الله سنة». (٢)

استخلاف الغازي بخير

[٢ / ٦١١٨] روى محمّد بن الحسن الطوسي بإسناده عن عيسى بن عبد الله القميّ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «ثلاثة دعوتهم مستجابة : أحدهم الغازي في سبيل الله فانظروا كيف تخلفونه».

[٢ / ٦١١٩] وبإسناده عن وهب بن جعفر ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من بلغ رسالة غاز كان كمن أعتق رقبة وهو شريكه في ثواب غزوته». (٣)

[٢ / ٦١٢٠] وروى الشيخ الكليني بإسناده عن السّكونيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من اغتاب مؤمنا غازيا وآذاه وخلفه في أهله بسوء نصب له ميزان عمله يوم القيامة فيستغرق حسناته ثمّ يركس في النار إذا كان الغازي في طاعة الله عزوجل». (٤)

وجوبه على الرجل دون المرأة

[٢ / ٦١٢١] روى الشيخ الكليني بإسناده عن الأصبغ بن نباته قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «كتب الله الجهاد على الرّجال والنساء فجهاد الرّجل بذل ماله ونفسه حتّى يقتل في سبيل الله ، وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته».

[٢ / ٦١٢٢] وفي حديث آخر : «وجهاد المرأة حسن التبعّل». (٥)

__________________

(١) الأمالي : ٥٤٦ ـ ٥٤٧ / ٧٢٩.

(٢) المصدر.

(٣) التهذيب ٦ : ١٢٢ ـ ١٢٣ / ٢١٢ ـ ٢١٣.

(٤) الكافي ٥ : ٨ / ١٠.

(٥) المصدر : ٩ / ١.

٣٤٥

أقسام الجهاد وكفر منكره

[٢ / ٦١٢٣] روى الكليني بإسناده عن فضيل بن عياض قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الجهاد أسنّة أم فريضة؟ فقال : «الجهاد على أربعة أوجه ، فجهادان فرض ، وجهاد سنّة لا يقام إلّا مع الفرض ، وجهاد سنّة ، فأمّا أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي الله عزوجل وهو من أعظم الجهاد ، ومجاهدة الّذين يلونكم من الكفار فرض ، وأمّا الجهاد الّذي هو سنّة لا يقام إلّا مع فرض فإنّ مجاهدة العدوّ فرض على جميع الأمّة ولو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب وهذا هو من عذاب الأمّة ، وهو سنّة على الإمام وحده أن يأتي العدوّ مع الأمّة فيجاهدهم ، وأمّا الجهاد الّذي هو سنّة فكلّ سنّة أقامها الرجل وجاهد في إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال ، لأنّها إحياء سنّة ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء».

[٢ / ٦١٢٤] وبإسناده إلى حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سأل رجل أبي عليه‌السلام عن حروب أمير المؤمنين عليه‌السلام وكان السائل من محبّينا ، فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : «بعث الله محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخمسة أسياف : ثلاثة منها شاهرة فلا تغمد حتّى تضع الحرب أوزارها ولن تضع الحرب أو زارها حتّى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت الشمس من مغربها أمن الناس كلّهم في ذلك اليوم فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ، وسيف منها مكفوف وسيف منها مغمود سلّه إلى غيرنا ، وحكمه إلينا.

فأمّا السيوف الثلاثة المشهورة ، فسيف على مشركي العرب. قال الله عزوجل : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ)(١)(فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ)(٢) فهؤلاء لا يقبل منهم إلّا القتل أو الدخول في الإسلام وأموالهم وذراريهم سبي على ما سنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّه سبى وعفى وقبل الفداء.

والسيف الثاني على أهل الذّمة قال الله تعالى : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً)(٣) نزلت هذه الآية في أهل الذّمة ، ثمّ نسخها قوله عزوجل : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ

__________________

(١) التوبة ٩ : ٥.

(٢) التوبة ٩ : ١١.

(٣) البقرة ٢ : ٨٣.

٣٤٦

وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ)(١) فمن كان منهم في دار الإسلام فلن يقبل منهم إلّا الجزية أو القتل وما لهم فيء وذراريهم سبي وإذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرّم علينا سبيهم ، وحرمت أموالهم ، وحلّت لنا مناكحتهم ، ومن كان منهم في دار الحرب حلّ لنا سبيهم ، ولم تحلّ لنا مناكحتهم ، ولم يقبل منهم إلّا الدخول في دار الإسلام أو الجزية أو القتل.

والسّيف الثالث سيف على مشركي العجم يعني الترك والديلم والخزر ، قال الله عزوجل في أوّل السورة الّتي يذكر فيها الّذين كفروا فقصّ قصّتهم ثمّ قال : (فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها)(٢) فأمّا قوله : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ) يعنى بعد السبي منهم (وَإِمَّا فِداءً) يعني المفادات بينهم وبين أهل الإسلام ، فهؤلاء لن يقبل منهم إلّا القتل أو الدخول في الإسلام ، ولا تحلّ لنا مناكحتهم ماداموا في دار الحرب.

وأمّا السيف المكفوف فسيف على أهل البغي والتأويل ، قال الله عزوجل : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ)(٣) فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ منكم من يقاتل بعدي علي التّأويل كما قاتلت على التنزيل فسئل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هو؟ فقال : خاصف النّعل ، يعني أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقال عمّار بن ياسر : قاتلت بهذه الراية مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثا ، وهذه الرابعة ، والله لو ضربونا حتّى يبلغونا السعفات من هجر (٤) لعلمنا أنّا على الحقّ وأنّهم على الباطل وكانت السّيرة فيهم من أمير المؤمنين عليه‌السلام ما كان من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أهل مكّة يوم فتح مكّة فإنّه لم يسب لهم ذرّيّة ، وقال : من أغلق بابه فهو أمن ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ، وكذلك قال أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم البصرة نادى : لا تسبوا لهم ذرّيّة ، ولا تجهزوا على جريح ، ولا تتبعوا مدبرا ومن أغلق بابه وألقى سلاحه فهو آمن.

وأمّا السّيف المغمود فالسّيف الّذي يقوم به القصاص ، قال الله عزوجل : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ

__________________

(١) التوبة ٩ : ٢٩.

(٢) محمّد ٤٧ : ٤.

(٣) الحجرات ٤٩ : ٩.

(٤) السعفة : غصن النخل. والهجر : بلدة باليمن. وإنّما خصّ هجر لبعد المسافة أو لكثرة النخل بها.

٣٤٧

بِالْعَيْنِ)(١) فسلّه إلى أولياء المقتول وحكمه إلينا ، فهذه السّيوف الّتي بعث الله بها محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فمن جحدها أو جحد واحدا منها أو شيئا من سيرها أو أحكامها فقد كفر بما أنزل الله على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم». (٢)

[٢ / ٦١٢٥] وروى أبو جعفر الطوسي عن أبي البختريّ ، عن جعفر ، عن أبيه قال : قال عليّ عليه‌السلام : «القتال قتالان : قتال أهل الشرك لا ينفر عنهم حتّى يسلموا أو يؤتوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، وقتال لأهل الزيغ لا ينفر عنهم حتّى يفيئوا إلى أمر الله أو يقتلوا». (٣)

[٢ / ٦١٢٦] وروى أبو جعفر الصدوق بإسناده عن وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : «القتل قتلان : قتل كفّارة ، وقتل درجة ، والقتال قتالان : قتال الفئة الكافرة حتّى يسلموا ، وقتال الفئة الباغية حتّى يفيئوا». (٤)

المرابطة في سبيل الله

[٢ / ٦١٢٧] روى الشيخ الطائفة الطوسي بإسناده ، عن محمّد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قال : «الرّباط ثلاثة أيّام ، وأكثره أربعون يوما ، فإذا كان ذلك فهو جهاد».

[٢ / ٦١٢٨] وعن يونس قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام : جعلت فداك إنّ رجلا من مواليك بلغه أنّ رجلا يعطي سيفا وقوسا في سبيل الله فأتاه فأخذهما منه وهو جاهل بوجه السّبيل ، ثمّ لقيه أصحابه فأخبروه أنّ السّبيل مع هؤلاء لا يجوز ، وأمروه بردّهما؟ قال : فليفعل ، قال : قد طلب الرّجل فلم يجده وقيل له : قد شخص الرّجل ، قال : فليرابط ولا يقاتل ، قال : مثل قزوين وعسقلان والديلم وما أشبه هذه الثغور؟ فقال نعم ، قال : فإن جاء العدوّ إلى الموضع الذي هو فيه مرابط كيف يصنع؟ قال : يقاتل عن بيضة الإسلام ، قال : يجاهد؟ قال : لا إلّا أن يخاف على دار المسلمين ، أرأيتك لو أنّ الروم دخلوا على المسلمين لم ينبغ لهم أن يمنعوهم؟ قال : يرابط ولا يقاتل ، وإن خاف على بيضة الإسلام والمسلمين قاتل فيكون قتاله لنفسه ليس للسلطان ، لأنّ في دروس الإسلام دروس دين محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. (٥)

__________________

(١) المائدة ٥ : ٤٥.

(٢) الكافي ٥ : ٩ ـ ١٢ / ١ و ٢.

(٣) التهذيب ٤ : ١١٤ / ٣٣٥.

(٤) الخصال : ٦٠ / ٨٣.

(٥) التهذيب ٦ : ١٢٥ / ٢١٨ و ٢١٩ ؛ الكافي ٥ : ٢١ / ٢.

٣٤٨

[٢ / ٦١٢٩] وبإسناده عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل دخل أرض الحرب بأمان فغزا القوم الذين دخل عليهم قوم آخرون ، قال : «على المسلم أن يمنع نفسه ويقاتل عن حكم الله وحكم رسوله ، وأمّا أن يقاتل الكفّار على حكم الجور وسنّتهم فلا يحلّ له ذلك». (١)

[٢ / ٦١٣٠] وروى الحميري بإسناده عن محمد بن عيسى عن الرّضا عليه‌السلام أنّ يونس سأله وهو حاضر عن رجل من هؤلاء مات وأوصى أن يدفع من ماله فرس وألف درهم وسيف لمن يرابط عنه ويقاتل في بعض هذه الثغور ، فعمد الوصيّ فدفع ذلك كلّه إلى رجل من أصحابنا فأخذه منه وهو لا يعلم ، ثمّ علم أنّه لم يأن لذلك وقت بعد ، فما تقول ، يحلّ له أن يرابط عن الرّجل في بعض هذه الثغور أم لا؟ فقال : يردّ إلى الوصيّ ما أخذ منه ولا يرابط ، فإنّه لم يأن لذلك وقت بعد ، فقال : يردّه عليه ، فقال يونس : فإنّه لا يعرف الوصيّ ، قال : يسأل عنه ، فقال له يونس بن عبد الرّحمان : فقد سأل عنه فلم يقع عليه كيف يصنع؟ فقال : إن كان هكذا فليرابط ولا يقاتل ، قال : فإنّه مرابط فجاءه العدوّ حتّى كاد أن يدخل عليه كيف يصنع ، يقاتل أم لا؟ فقال له الرّضا عليه‌السلام : إذا كان ذلك كذلك فلا يقاتل عن هؤلاء ، ولكن يقاتل عن بيضة الإسلام فإنّ في ذهاب بيضة الإسلام دروس ذكر محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له يونس : يا سيّدي فإنّ عمّك زيدا قد خرج بالبصرة وهو يطلبني ولا آمنه على نفسي فما ترى لي أخرج إلى البصرة أو أخرج إلى الكوفة؟ فقال : بل اخرج إلى الكوفة فإذا مرّ فصر إلى البصرة. (٢)

من يجوز له جمع العساكر والجهاد

[٢ / ٦١٣١] روى ثقة الإسلام الكليني بإسناده عن أبي عمرو الزهري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : أخبرني عن الدعاء إلى الله والجهاد في سبيله أهو لقوم لا يحلّ إلّا لهم ولا يقوم به إلّا من كان منهم أم هو مباح لكلّ من وحّد الله عزوجل وآمن برسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ ومن كان كذا فله أن يدعو إلى الله عزوجل وإلى طاعته وأن يجاهد في سبيل الله؟ فقال : «ذلك لقوم لا يحلّ إلّا لهم ، ولا يقوم بذلك إلّا من كان منهم ، فقلت : من أولئك؟ فقال : من قام بشرائط الله عزوجل في القتال والجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء إلى الله عزوجل ، ومن لم يكن قائما بشرائط الله عزوجل في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد والدعاء إلى الله حتّى يحكم في نفسه بما أخذ الله عليه من شرائط

__________________

(١) التهذيب ٦ : ١٣٥ ـ ١٣٦ / ٢٢٩.

(٢) قرب الاسناد : ٣٤٥ ـ ٣٤٦ / ١٢٥٣.

٣٤٩

الجهاد ، قلت : بيّن لي يرحمك الله.

فقال : إنّ الله عزوجل أخبر في كتابه الدعاء إليه ، ووصف الدعاة إليه فجعل ذلك لهم درجات يعرف بعضها بعضا ، ويستدلّ ببعضها على بعض ، فأخبر أنّه تبارك وتعالى أوّل من دعا إلى نفسه ودعا إلى طاعته واتّباع أمره ، فبدأ بنفسه فقال : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(١) ثمّ ثنّى برسوله فقال : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(٢) يعني القرآن ، ولم يكن داعيا إلى الله عزوجل من خالف أمر الله ويدعو إليه بغير ما أمر في كتابه الّذي أمر أن لا يدعى إلّا به ، وقال في نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(٣) يقول : تدعو ، ثمّ ثلّث بالدعاء إليه بكتابه أيضا فقال تبارك وتعالى : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) أي يدعو (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ)(٤) ثمّ ذكر من أذن له في الدعاء إلى بعده وبعد رسوله في كتابه فقال : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.)(٥)

ثمّ أخبر عن هذه الأمّة وممّن هي وأنّها من ذريّة إبراهيم وذريّة إسماعيل من سكّان الحرم ممّن لم يعبدوا غير الله قطّ الذين وجبت لهم الدعوة ، دعوة إبراهيم وإسماعيل من أهل المسجد الّذين أخبر عنهم في كتابه أنّه أذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا ، الّذين وصفناهم قبل هذه في صفة أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذين عناهم الله تبارك وتعالى في قوله : (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)(٦) يعني أوّل من اتّبعه على الإيمان به والتصديق له بما جاء به من عند الله عزوجل من الامّة الّتي بعث فيها ومنها وإليها قبل الخلق ممّن لم يشرك بالله قطّ ، ولم يلبس إيمانه بظلم ، وهو الشّرك.

ثمّ ذكر أتباع نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأتباع هذه الامّة التي وصفها في كتابه بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وجعلها داعية إليه ، وأذن لها في الدعاء إليه ، فقال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(٧) ثمّ وصف أتباع نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المؤمنين فقال عزوجل : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً)(٨) الآية ، وقال : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ

__________________

(١) يونس ١٠ : ٢٥.

(٢) النحل ١٦ : ١٢٥.

(٣) المؤمنون ٢٣ : ٧٣.

(٤) الإسراء ١٧ : ٩.

(٥) آل عمران ٣ : ١٠٤.

(٦) يوسف ١٢ : ١٠٨.

(٧) الأنفال ٨ : ٦٤.

(٨) الفتح ٤٨ : ٢٩.

٣٥٠

آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ)(١) يعني اولئك المؤمنين ، وقال : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)(٢) ثمّ حلّاهم ووصفهم كيلا يطمع في اللّحاق بهم إلّا من كان منهم ، فقال فيما حلّاهم به ووصفهم : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) إلى قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ. الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(٣) وقال في صفتهم وحليتهم أيضا : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ)(٤) ـ وذكر الآيتين ـ.

ثمّ أخبر أنّه اشترى من هؤلاء المؤمنين ومن كان على مثل صفتهم (أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ) ، ثمّ ذكر وفاءهم له بعهده ومبايعته فقال : (وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) فلمّا نزلت هذه الآية : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ)(٥) قام رجل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : أرأيتك يا نبيّ الله الرّجل يأخذ سيفه فيقاتل حتّى يقتل إلّا أنّه يقترف من هذه المحارم أشهيد هو؟ فأنزل الله عزوجل على رسوله : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ)(٦) ـ وذكر الآية ـ فبشّر الله المجاهدين من المؤمنين الّذين هذه صفتهم وحليتهم بالشهادة والجنّة وقال : التائبون من الذنوب ، العابدون الّذين لا يعبدون إلّا الله ولا يشركون به شيئا ، الحامدون الّذين يحمدون الله على كلّ حال في الشّدة والرّخاء ، السائحون وهم الصّائمون ، الراكعون السّاجدون وهم الذين يواظبون على الصّلوات الخمس والحافظون لها والمحافظون عليها في ركوعها وسجودها وفي الخشوع فيها وفي أوقاتها ، الآمرون بالمعروف بعد ذلك ، والعاملون به والناهون عن المنكر والمنتهون عنه.

قال : فبشّر من قتل وهو قائم بهذه الشروط بالشهادة والجنّة ، ثمّ أخبر تبارك وتعالى أنّه لم يأمر بالقتال إلّا أصحاب هذه الشروط فقال عزوجل : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ)(٧) وذلك أنّ جميع ما بين السّماء والأرض لله عزوجل ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولأتباعهم من المؤمنين من أهل هذه الصّفة ، فما كان عن الدنيا في

__________________

(١) التحريم ٦٦ : ٨.

(٢) المؤمنون ٢٣ : ١.

(٣) المؤمنون ٢٣ : ٢ ـ ١١.

(٤) الفرقان ٢٥ : ٦٨.

(٥) التوبة ٩ : ١١١.

(٦) التوبة ٩ : ١١٢.

(٧) الحجّ ٢٢ : ٣٩ ـ ٤٠.

٣٥١

أيدي المشركين والكفّار والظلمة والفجّار من أهل الخلاف لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمولّي عن طاعتهما ممّا كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات وغلبوهم على ما أفاء الله على رسوله فهو حقّهم أفاء الله عليهم وردّه إليهم ، وإنّما كان معنى الفيء كلّ ما صار إلى المشركين ثمّ رجع ممّا كان غلب عليه أو فيه. فما رجع إلى مكانه من قول أو فعل فقد فاء مثل قول الله عزوجل : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي رجعوا ، ثمّ قال : (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(١) وقال : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) أي ترجع (فَإِنْ فاءَتْ) أي رجعت (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)(٢) يعني بقوله : «تفيء» ترجع فذلك الدليل على أنّ الفيء كلّ راجع إلى مكان قد كان عليه أو فيه ، ويقال للشمس إذا زالت قد فائت الشمس حين يفيء الفيء عند رجوع الشمس إلى زوالها ، وكذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفّار فإنّما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفّار إيّاهم ، فذلك قوله : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) ما كان المؤمنون أحقّ به منهم ، وإنّما أذن للمؤمنين الّذين قاموا بشرائط الإيمان الّتي وصفناها ، وذلك أنّه لا يكون مأذونا له في القتال حتّى يكون مظلوما ، ولا يكون مظلوما حتّى يكون مؤمنا ، ولا يكون مؤمنا حتّى يكون قائما بشرائط الإيمان الّتي اشترط الله عزوجل على المؤمنين والمجاهدين فإذا تكاملت فيه شرائط الله عزوجل كان مؤمنا ، وإذا كان مؤمنا كان مظلوما ، وإذا كان مظلوما كان مأذونا له في الجهاد لقول الله عزوجل : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).

وإن لم يكن مستكملا لشرائط الإيمان فهو ظالم ممّن يبغي ويجب جهاده حتّى يتوب وليس مثله مأذونا له في الجهاد والدعاء إلى الله عزوجل لأنّه ليس من المؤمنين المظلومين الّذين أذن لهم في القرآن في القتال ، فلمّا نزلت هذه الآية : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) في المهاجرين الّذين أخرجهم أهل مكّة من ديارهم وأموالهم أحلّ لهم جهادهم بظلمهم إيّاهم ، وأذن لهم في القتال.

فقلت : فهذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي أهل مكّة لهم ، فما بالهم في قتالهم كسرى وقيصر ومن دونهم من مشركي قبائل العرب؟

فقال : لو كان إنّما أذن في قتال من ظلمهم من أهل مكّة فقط لم يكن لهم إلى قتال جموع كسرى

__________________

(١) البقرة ٢ : ٢٢٦ ـ ٢٢٧.

(٢) الحجرات ٤٩ : ٩.

٣٥٢

وقيصر وغير أهل مكّة من قبائل العرب سبيل ، لأنّ الذين ظلموهم غيرهم ، وإنّما أذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكّة لإخراجهم إيّاهم من ديارهم وأموالهم بغير حقّ ، ولو كانت الآية إنّما عنت المهاجرين الّذين ظلمهم أهل مكّة ، كانت الآية مرتفعة الفرض عمّن بعدهم إذ لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد وكان فرضها مرفوعا عن الناس بعدهم إذا لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد وليس كما ظننت ولا كما ذكرت ، لكن المهاجرين ظلموا من جهتين : ظلمهم أهل مكّة بإخراجهم من ديارهم وأموالهم فقاتلوهم بإذن الله لهم في ذلك ، وظلمهم كسرى وقيصر ومن كان دونهم من قبائل العرب والعجم بما كان في أيديهم ممّا كان المؤمنون أحقّ به منهم ، فقد قاتلوهم بإذن الله عزوجل لهم في ذلك ، وبحجّة هذه الآية يقاتل مؤمنو كلّ زمان.

وإنّما أذن الله عزوجل للمؤمنين الّذين قاموا بما وصف الله عزوجل من الشرائط الّتي شرطها الله عزوجل على المؤمنين في الإيمان والجهاد ومن كان قائما بتلك الشرائط فهو مؤمن وهو مظلوم ومأذون له في الجهاد بذلك المعنى ، ومن كان على خلاف ذلك فهو ظالم وليس من المظلومين ، وليس بمأذون له في القتال ، ولا بالنهي عن المنكر والأمر بالمعروف ، لأنّه ليس من أهل ذلك ، ولا مأذون له في الدعاء إلى الله عزوجل لأنّه ليس يجاهد مثله ، وأمر بدعائه إلى الله. ولا يكون مجاهدا من قد أمر المؤمنون بجهاده وخطر الجهاد عليه ومنعه منه ، ولا يكون داعيا إلى الله عزوجل من أمر بدعائه مثله إلى التوبة والحقّ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به ، ولا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه ، فمن كانت قد تمّت فيه شرائط الله عزوجل الّتي وصف بها أهلها من أصحاب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو مظلوم فهو مأذون له في الجهاد ، كما أذن لهم في الجهاد ، لأنّ حكم الله عزوجل في الأوّلين والآخرين وفرائضه عليهم سواء إلّا من علّة أو حادث يكون ، والأوّلون والآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء ، والفرائض عليهم واحدة ، يسأل الآخرون من أداء الفرائض عمّا يسأل عنه الأوّلون ، ويحاسبون عمّا به يحاسبون ، ومن لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين فليس من أهل الجهاد وليس بمأذون له فيه حتّى يفيء بما شرط الله عزوجل فإذا تكاملت فيه شرائط الله عزوجل ، على المؤمنين والمجاهدين فهو من المأذونين لهم في الجهاد ، فليتّق الله عزوجل عبد ولا يغترّ بالأماني الّتي نهى الله عزوجل عنها من هذه الأحاديث الكاذبة على الله الّتي يكذّبها القرآن ، ويتبرّأ منها ومن حمتلها ورواتها ، ولا يقدم على الله عزوجل بشبهة لا يعذر بها ، فإنّه ليس وراء المتعرض

٣٥٣

للقتل في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها ، وهي غاية الأعمال في عظم قدرها.

فليحكم امرؤ لنفسه وليرها كتاب الله عزوجل ويعرضها عليه فإنّه لا أحد أعلم بالمرء من نفسه ، فإن وجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد فليقدم على الجهاد ، وإن علم تقصيرا فليصلحها وليقمها على ما فرض الله تعالى عليها من الجهاد ثمّ ليقدم بها وهي طاهرة مطهّرة من كلّ دنس يحول بينها وبين جهادها. ولسنا نقول لمن أراد الجهاد وهو على خلاف ما وصفنا من شرائط الله عزوجل على المؤمنين والمجاهدين : لا تجاهدوا ، ولكن نقول : قد علمناكم ما شرط الله عزوجل على أهل الجهاد الّذين بايعهم واشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنان ، فليصلح امرؤ ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك ، وليعرضها على شرائط الله عزوجل ، فإن رأى أنّه قد وفى بها وتكاملت فيه فإنّه ممّن أذن الله عزوجل له في الجهاد ، وإن أبى إلّا أن يكون مجاهدا على ما فيه من الإصرار على المعاصي والمحارم والإقدام على الجهاد بالتخبيط والعمى والقدوم على الله عزوجل بالجهل والروايات الكاذبة فلقد لعمري جاء الأثر فيمن فعل هذا الفعل أنّ الله تعالى ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ، فليتّق الله عزوجل امرؤ وليحذر أن يكون منهم ، فقد بيّن لكم ولا عذر لكم بعد البيان في الجهل ولا قوّة إلّا بالله وحسبنا الله عليه توكّلنا وإليه المصير». (١)

[٢ / ٦١٣٢] وبإسناده عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال : «كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليه‌السلام بمكّة إذ دخل عليه أناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وحفص بن سالم مولى ابن هبيرة وناس من رؤسائهم ، وذلك حدثان قتل الوليد ـ إلى أن قال : ـ فأسندوا أمرهم إلى عمرو بن عبيد فتكلّم فأبلغ وأطال ، فكان فيما قال ، أن قال : قد قتل أهل الشام خليفتهم وضرب الله بعضهم ببعض ، وشتّت أمرهم ، فنظرنا فوجدنا رجلا له عقل ودين ومروّة وموضع ومعدن للخلافة وهو محمّد بن عبد الله بن الحسن فأردنا أن نجتمع عليه فنبايعه ، ثمّ نظهر معه فمن كان تابعنا فهو منّا ، وكنّا منه ، ومن اعتزلنا كففنا عنه ، ومن نصب لنا جاهدناه ونصبنا له على بغيه وردّه إلى الحقّ وأهله وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك فتدخل معنا فإنّه لا غنى بنا عن مثلك لموضعك وكثرة شيعتك ، فلمّا فرغ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أكلّكم على مثل ما قال عمرو؟ قالوا : نعم. فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ قال : إنّما نسخط إذا عصي الله ، فأمّا إذا أطيع رضينا ـ إلى أن قال : ـ يا

__________________

(١) الكافي ٥ : ١٣ ـ ١٩ / ١ ؛ التهذيب ٦ : ١٢٧ ـ ١٣٤ / ٢٢٤.

٣٥٤

عمرو أرأيت لو بايعت صاحبك الّذي تدعوني إلى بيعته ثمّ اجتمعت لكم الأمّة فلم يختلف عليكم رجلان فيها فأفضيتم إلى المشركين الّذين لا يسلمون ولا يؤدّون الجزية أكان عندكم وعند صاحبكم من العلم ما تسيرون فيه بسيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المشركين في حروبه؟ قال : نعم ، قال : فتصنع ماذا؟ قال : ندعوهم إلى الإسلام ، فإن أبوا دعوناهم إلى الجزية ، قال : إن كانوا مجوسا ليسوا بأهل الكتاب؟ قال : سواء ، قال : وإن كانوا مشركي العرب وعبدة الأوثان؟ قال : سواء ، قال : أخبرني عن القرآن تقرأ؟ قال : نعم ، قال : اقرأ : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ)(١) فاستثناء الله تعالى واشتراطه من أهل الكتاب فهم والّذين لم يؤتوا الكتاب سواء؟ قال : نعم ، قال : عمّن أخذت ذا؟ قال : سمعت الناس يقولون ، قال : فدع ذا ، ثمّ ذكر احتجاجه عليه وهو طويل. إلى أن قال : ثم أقبل على عمرو بن عبيد فقال : يا عمرو اتّق الله وأنتم أيّها الرهط فاتّقوا الله فإنّ أبي حدّثني وكان خير أهل الأرض وأعلمهم بكتاب الله وسنّة نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضالّ متكلّف». (٢)

الدعاء إلى الإسلام قبل القتال

[٢ / ٦١٣٣] روى ثقة الإسلام الكليني بإسناده عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى اليمن فقال : «يا عليّ لا تقاتلنّ أحدا حتّى تدعوه إلى الإسلام ، وأيم الله لئن يهدي الله عزوجل على يديك رجلا خير لك ممّا طلعت عليه الشمس وغربت ولك ولاؤه يا عليّ». (٣)

[٢ / ٦١٣٤] وعن أبي عمرة السلمي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «سأله رجل فقال : إنّى كنت أكثر الغزو وأبعد في طلب الأجر وأطيل في الغيبة فحجر ذلك عليّ فقالوا : لا غزو إلّا مع إمام عادل ، فما ترى أصلحك الله؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن شئت أن أجمل لك أجملت ، وإن شئت أن ألخّص لك

__________________

(١) التوبة ٩ : ٢٩.

(٢) الكافي ٥ : ٢٣ ـ ٢٧ / ١ ؛ التهذيب ٦ : ١٤٨ ـ ١٥١ / ٢٦١.

(٣) الكافي ٥ : ٢٨ / ٤ ؛ التهذيب ٦ : ١٤١ / ٢٤٠.

٣٥٥

لخّصت؟ فقال : بل أجمل ، فقال : إنّ الله يحشر الناس على نيّاتهم يوم القيامة ، قال : فكأنّه اشتهى أن يلخّص له ، قال : فلخّص لي أصلحك الله ، فقال : هات ، فقال الرجل : غزوت فواقعت المشركين فينبغي قتالهم قبل أن أدعوهم؟ فقال : إن كانوا غزوا وقوتلوا وقاتلوا فإنّك تجترئ بذلك ، وإن كانوا قوما لم يغزوا ولم يقاتلوا فلا يسعك قتالهم حتّى تدعوهم ، فقال الرّجل : فدعوتهم فأجابني مجيب وأقرّ بالإسلام في قلبه ، وكان في الإسلام فجير عليه في الحكم وانتهكت حرمته وأخذ ماله واعتدي عليه ، فكيف بالمخرج وأنا دعوته؟ فقال : إنّكما مأجوران على ما كان من ذلك وهو معك يحوطك «يحفظك» من وراء حرمتك ، ويمنع قبلتك ، ويدفع عن كتابك ، ويحقن دمك خير من أن يكون عليك يهدم قبلتك وينتهك حرمتك ، ويسفك دمك ، ويحرق كتابك». (١)

[٢ / ٦١٣٥] وبإسناده عن الزهري قال : دخل رجال من قريش على عليّ بن الحسين عليهما‌السلام فسألوه كيف الدعوة إلى الدين؟ فقال : «تقول : بسم الله الرحمان الرحيم أدعوك إلى الله عزوجل وإلى دينه ، وجماعه أمران : أحدهما معرفة الله عزوجل ، والآخر العمل برضوانه ، وإنّ معرفة الله عزوجل أن يعرف بالوحدانيّة والرأفة والرحمة والعزّة والعلم والقدرة والعلوّ على كلّ شيء ، وأنّه النافع الضّار القاهر لكلّ شيء ، الّذي لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، وأنّ ما جاء به هو الحقّ من عند الله عزوجل ، وما سواه هو الباطل ، فإذا أجابوا إلى ذلك فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين». (٢)

الجهاد بأمر الإمام العادل وإذنه

[٢ / ٦١٣٦] روى ثقة الإسلام الكليني بإسناده عن بشير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : إنّي رأيت في المنام أنّي قلت لك : إنّ القتال مع غير الإمام المفترض طاعته حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير ، فقلت لي : نعم هو كذلك ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «هو كذلك هو كذلك». (٣)

[٢ / ٦١٣٧] وبإسناده عن عبد الملك بن عمرو قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : «يا عبد الملك مالي لا أراك تخرج إلى هذه المواضع الّتي يخرج إليها أهل بلادك؟ قال : قلت : وأين؟ قال : جدّة وعبّادان

__________________

(١) الكافي ٥ : ٢٠ ـ ٢١ / ١ ؛ التهذيب ٦ : ١٣٥ / ٢٢٨.

(٢) الكافي ٥ : ٣٦ / ١ ؛ التهذيب ٦ : ١٤١ / ٢٣٩.

(٣) الكافي ٥ : ٢٧ / ٢.

٣٥٦

والمصيصة وقزوين ، فقلت : انتظارا لأمركم والاقتداء بكم ، فقال : أي والله ، لو كان خيرا ما سبقونا إليه ، قال : قلت : له : فإنّ الزّيدية يقولون : ليس بيننا وبين جعفر خلاف إلّا أنّه لا يرى الجهاد ، فقال : أنا لا أراه؟! بلى والله إنّي لأراه ولكنّي أكره أن أدع علمي إلى جهلهم». (١)

[٢ / ٦١٣٨] وبالإسناد إلى سماعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لقي عباد البصريّ عليّ بن الحسين عليه‌السلام في طريق مكّة ، فقال له : يا عليّ بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته ، وأقبلت على الحجّ ولينه ، إنّ الله عزوجل يقول : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ)(٢) الآية. فقال عليّ بن الحسين عليه‌السلام : أتمّ الآية فقال (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ) الآية ، فقال عليّ بن الحسين عليه‌السلام : إذا رأينا هؤلاء الّذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحجّ» (٣).

[٢ / ٦١٣٩] وبإسناده عن عبد الله بن المغيرة قال : «قال محمّد بن عبد الله للرّضا عليه‌السلام وأنا أسمع : حدّثني أبي عن آبائك عليهم‌السلام ، عن آبائه أنّه قال له بعضهم : إنّ في بلادنا موضع رباط يقال له : قزوين ، وعدوا يقال له : الدّيلم فهل من جهاد أو هل من رباط؟ فقال : عليكم بهذا البيت فحجّوه ، فأعاد عليه الحديث فقال : عليكم بهذا البيت فحجّوه ، أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته ينفق على عياله من طوله ينتظر أمرنا ، فإن أدركه كان كمن شهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدرا ، فإن مات ينتظر أمرنا كان كمن كان مع قائمنا صلوات الله عليه هكذا في فسطاطه ـ وجمع بين السبّابتين ـ ولا أقول : هكذا ـ وجمع بين السبّابة والوسطى ـ فإنّ هذه أطول من هذه ، فقال : أبو الحسن عليه‌السلام صدق». (٤)

[٢ / ٦١٤٠] وروى أبو جعفر الطوسي بإسناده عن أبي حمزة الثمالي قال : قال رجل لعليّ بن الحسين عليه‌السلام : أقبلت على الحجّ وتركت الجهاد فوجدت الحجّ أيسر عليك ، والله يقول : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ) الآية ، فقال عليّ بن الحسين عليه‌السلام اقرأ ما بعدها ، قال : فقرأ : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ) إلى قوله : (وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ)(٥) قال : فقال عليّ بن الحسين عليه‌السلام : إذا ظهر هؤلاء لم نؤثر على الجهاد شيئا. (٦)

[٢ / ٦١٤١] وبإسناده عن محمّد بن عبد الله السمندري قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّي أكون

__________________

(١) المصدر : ١٩ / ٢.

(٢) التوبة ٩ : ١١١.

(٣) الكافي ٥ : ٢٥٧ ـ ٢٥٨ / ٢٤.

(٤) المصدر : ٢٢ / ٢.

(٥) التوبة ٩ : ١١١ ـ ١١٢.

(٦) التهذيب ٦ : ١٣٤ / ٢٢٥.

٣٥٧

الباب يعني باب الأبواب فينادون السلاح فأخرج معهم؟ قال : فقال لي : أرأيتك إن خرجت فأسرت رجلا فأعطيته الأمان وجعلت له من العقد ما جعله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للمشركين أكان يفون لك به؟ قال : قلت : لا والله جعلت فداك ما كانوا يفون لي به ، قال : فلا تخرج ، قال : ثمّ قال لي : أما إنّ هناك السيف». (١)

[٢ / ٦١٤٢] وروى أبو جعفر الصدوق بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «لا يخرج المسلم في الجهاد مع من لا يؤمن على الحكم ، ولا ينفذ في الفيء أمر الله عزوجل ، فإنّه إن مات في ذلك المكان كان معينا لعدوّنا في حبس حقّنا والإشاطة بدمائنا وميتته ميتة جاهلية». (٢)

[٢ / ٦١٤٣] وبإسناده عن الأعمش عن جعفر بن محمّد عليه‌السلام في حديث شرائع الدّين قال : «والجهاد واجب مع إمام عادل ومن قتل دون ماله فهو شهيد». (٣)

[٢ / ٦١٤٤] وروى الحسن بن عليّ بن شعبة عن الرّضا عليه‌السلام في كتابه إلى المأمون قال : «والجهاد واجب مع إمام عادل ، ومن قاتل فقتل دون ماله ورحله ونفسه فهو شهيد ، ولا يحلّ قتل أحد من الكفّار في دار التقيّة إلّا قاتل أو باغ وذلك إذا لم تحذر على نفسك ، ولا أكل أموال الناس من المخالفين وغيرهم ، والتقيّة في دار التقيّة واجبة ، ولا حنث على من حلف تقيّة يدفع بها ظلما عن نفسه». (٤)

آداب الجهاد

[٢ / ٦١٤٥] روى الشيخ الكليني بإسناده عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا بعث بسريّة دعا لها». (٥)

[٢ / ٦١٤٦] وبإسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أراد أن يبعث سريّة دعاهم فأجلسهم بين يديه ثمّ يقول : سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله ، لا تغلوا ولا

__________________

(١) المصدر : ١٣٥ / ٢٢٧.

(٢) العلل ٢ : ٤٦٤ / ١٣.

(٣) العيون ٢ : ١٣٢ / ١ ؛ الخصال : ٦٠٧ / ٩.

(٤) تحف العقول : ٤١٩ ـ ٤٢٠.

(٥) الكافي ٥ : ٢٩ / ٧.

٣٥٨

تمثّلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا صبيّا ولا امرأة ولا تقطعوا شجرا إلّا أن تضطرّوا إليها ، وأيّما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتّى يسمع كلام الله ، فإن تبعكم فأخوكم في الدين وإن أبى فأبلغوه مأمنه ، واستعينوا بالله». (١)

[٢ / ٦١٤٧] وعن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا بعث أميرا له على سريّة أمره بتقوى الله عزوجل في خاصّة نفسه ثمّ في أصحابه عامّة ثمّ يقول : اغز بسم الله وفي سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثّلوا ولا تقتلوا وليدا ولا متبتّلا في شاهق ، ولا تحرقوا النخل ، ولا تغرقوه بالماء ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ، ولا تحرقوا زرعا لأنّكم لا تدرون لعلّكم تحتاجون إليه ، ولا تعقروا من البهائم يؤكل لحمه إلّا ما لا بدّ لكم من أكله ، وإذا لقيتم عدوّا للمسلمين فادعوهم إلى إحدى ثلاث فإن هم أجابوكم إليها فاقبلوا منهم ، وكفّوا عنهم : ادعوهم إلى الإسلام فإن دخلوا فيه فاقبلوا منهم وكفّوا عنهم ، وادعوهم إلى الهجرة بعد الإسلام فإن فعلوا فاقبلوا منهم وكفّوا عنهم ، وإن أبوا أن يهاجروا واختاروا ديارهم وأبوا أن يدخلوا في دار الهجرة كانوا بمنزلة أعراب المؤمنين يجري عليهم ما يجري على أعراب المؤمنين ولا يجري لهم في الفيء ولا في القسمة شيئا إلّا أن يهاجروا في سبيل الله ، فإن أبوا هاتين فادعوهم إلى إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون ، فإن أعطوا الجزية فاقبل منهم وكفّ عنهم وإن أبوا فاستعن بالله عزوجل عليهم وجاهدهم في الله حقّ جهاده ، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك على أن ينزلوا على حكم الله عزوجل فلا تنزل بهم ولكن أنزلهم على حكمكم ثمّ اقض فيهم بعد ما شئتم ، فإنّكم إن أنزلتموهم على حكم الله لم تدروا تصيبوا حكم الله فيهم أم لا ، وإذا حاصرتم أهل حصن فإن آذنوك على أن تنزلهم على ذمّة الله وذمّة رسوله فلا تنزلهم ولكن أنزلهم على ذممكم وذمم آبائكم وإخوانكم ، فإنّكم إن تخفروا ذممكم وذمم آبائكم وإخوانكم كان أيسر عليكم يوم القيامة من أن تخفروا ذمّة الله وذمّة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم». (٢)

[٢ / ٦١٤٨] وروى الحميري عن الرّيان بن الصلت قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا بعث جيشا فاتّهم أميرا بعث معه من ثقاته من يتجسّس له خبره». (٣)

[٢ / ٦١٤٩] وروى السيّد الرضيّ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في كلام له في حضّ أصحابه على القتال :

__________________

(١) المصدر : ٢٧ ـ ٢٨ / ١.

(٢) المصدر : ٢٩ ـ ٣٠ / ٨.

(٣) قرب الاسناد : ٣٤٢ / ١٢٤٩.

٣٥٩

«فقدّموا الدارع ، وأخّروا الحاسر (١) ، وعضّوا على الأضراس ، فإنّه أنبى للسيوف عن الهام ، والتووا في أطراف الرماح فإنّه أمور للأسنة ، وغضّوا الأبصار فإنّه أربط للجأش وأسكن للقلوب ، وأميتوا الأصوات فإنّه أطرد للفشل ، ورايتكم فلا تميلوها ولا تخلّوها ولا تجعلوها إلّا بأيدي الشجعان منكم ، فإنّ الصابرين على نزول الحقائق (٢) هم الّذين يحفّون براياتهم ويكتنفونها حفافيها (٣) وورائها وأمامها لا يتأخّرون عنها فيسلموها ولا يتقدّمون عليها فيفردوها ، أجزأ امرؤ قرنه (٤) وآسى أخاه بنفسه ، ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه ، وأيم الله لو فررتم من سيف العاجلة لا تسلموا من سيف الآخرة ، أنتم لهاميم العرب والسّنام الأعظم. إنّ في الفرار موجدة (٥) الله ، والذلّ اللازم ، والعار الباقي ، وإنّ الفارّ غير مزيد في عمره ، ولا محجوب بينه وبين يومه ، من رايح إلى الله كالظمآن يرد الماء. الجنّة تحت أطراف العوالي (٦) ، اليوم تبلى الأخبار ، اللهم فإن ردّوا الحقّ فافضض جماعتهم ، وشتّت كلمتهم ، وأبسلهم بخطاياهم إنّهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسيم ، وضرب يفلق الهام ويطيح العظام ويندر (٧) السّواعد والأقدام وحتّى يرموا بالمناسر تتبعها المناسر (٨) ، ويرموا بالكتائب تقفوها الحلايب (٩) حتّى يجرّ ببلادهم الخميس يتلوه الخميس ، وحتّى تدعق الخيول في نواحي أرضهم وبأعنان مساربهم ومسارحهم». (١٠)

[٢ / ٦١٥٠] وروى الشيخ الكليني بإسناده عن عقيل الخزاعي أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام كان إذا حضر الحرب يوصي المسلمين بكلمات فيقول : «تعاهدوا الصّلاة ، وحافظوا عليها ، واستكثروا منها ، وتقرّبوا بها ، فإنّها كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ، وقد علم ذلك الكفّار حيث سئلوا : ما سلككم في سقر قالوا : لم نك من المصلّين ، وقد عرفها من طرقها ، وأكرم بها المؤمنين الّذين لا يشغلهم عنها

__________________

(١) الحاسر : من لا درع له.

(٢) حقائق : جمع حاقّة ، وهي النازلة الثابتة.

(٣) حفافيها : جانبيها.

(٤) أجزأ امرؤ قرنه ، أي فليكف كلّ منكم كفؤه ، فيقتله.

(٥) موجدته : غضبه.

(٦) العوالي : الرماح.

(٧) يندرها : يسقطها.

(٨) المناسر : القطعة من الجيش تكون أمام الجيش الأعظم.

(٩) الحلائب : الجماعة من الخيل تجتمع من كلّ صوب للنصرة.

(١٠) نهج البلاغه ٢ : ٢ ـ ٤ / الخطبة ١٢٣.

٣٦٠