التفسير الأثري الجامع - ج ٥

الشيخ محمّد هادي معرفة

التفسير الأثري الجامع - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي معرفة


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التمهيد ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5079-06-7
ISBN الدورة:
978-600-5079-08-1

الصفحات: ٥٦٠

إله إلّا الله».

ويستحبّ إتمام الصلاة في الحرمين. ويكره الصلاة في أربعة مواضع في طريق مكّة : البيداء ، وذات الصلاصل ، وضجنان ، ووادي الشقرة.

فهذه سياقة التمتّع. فإن حجّ قارنا أو مفردا أحرم من الميقات وتوجّه إلى عرفات ويقف بها على ما بيّنّاه ويرجع إلى المشعر ويسوق باقي المناسك على ما شرحناه. فإذا فرغ من مناسك الحجّ كلّها خرج إلى التنعيم أو إلى مسجد عليّ أو مسجد عائشة وأحرم من هناك ، ودخل مكّة وطاف بالبيت أسبوعا وصلّى عند المقام ركعتين ، وخرج إلى الصفا ، وسعى بين الصفا والمروة أسبوعا على الصفة الّتي ذكرناها ، ثمّ يقصّر من شعر رأسه ويطوف طواف النساء ، وقد أحلّ من كلّ شيء أحرم منه ، وقد فرغ من حجّه وعمرته.

وإن أراد أن يعتمر عمرة أخرى نافلة كان له ذلك ، بعد أن يكون بين العمرتين عشرة أيّام.

زيارة مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

ثمّ يتوجّه إلى المدينة لزيارة النبيّ هناك وزيارة الأئمّة والشهداء بها عليه وعليهم‌السلام (١).

فإذا خرج من مكّة متوجّها إلى المدينة لزيارة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبلغ مسجد الغدير فليدخله وليصلّ فيه ركعتين ، فإذا بلغ معرّس النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) نزل فيه وصلّى ركعتين ، ليلا كان أو نهارا.

واعلم أنّ للمدينة حرما مثل حرم مكّة ، وحدّه ما بين لابتيها ، وهو من ظلّ عاير إلى ظلّ وعير ، لا يعضد شجرها ، ولا بأس أن يؤكل صيدها إلّا ما صيد بين الحرّتين.

ويستحبّ أن يدخل المدينة على غسل ، وكذلك إذا أراد دخول مسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فليكن على غسل ، فإذا دخله أتى قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وزاره وسلّم عليه ، وقام عند الأسطوانة المقدّمة من جانب القبر الأيمن ، عند رأس القبر ، عند زاوية القبر وأنت مستقبل القبلة ومنكبك الأيسر إلى جانب القبر

__________________

(١) سيأتي حديث التأكيد على إتباع الحجّ بزيارة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنّها من تمام الحجّ.

(٢) هو مسجد ذي الحليفة على ستّة أميال من المدينة. كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعرّس فيه ثمّ يرحل لغزاة أو غيرها. والتعريس : نومة المسافر بعد إدلاجه من اللّيل ، فإذا كان وقت السحر أناخ ونام نومة خفيفة ثمّ يثور مع انفجار الصبح لوجهته. (معجم البلدان ٥ : ١٥٥).

٢٢١

ومنكبك الأيمن ممّا يلي المنبر ، فإنّه موضع رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وقل : «أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، وأشهد أنّك رسول الله ، وأنّك محمّد بن عبد الله ، وأشهد أنّك قد بلّغت رسالات ربّك ، ونصحت لأمّتك ، وجاهدت في سبيل الله ، وعبدت الله حتّى أتاك اليقين ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأدّيت الّذي عليك من الحقّ وأنّك قد رؤفت بالمؤمنين وغلظت على الكافرين ، فبلغ الله بك أفضل شرف محلّ المكرّمين ، الحمد لله الّذي استنقذنا بك من الشرك والضلالة ، اللهمّ فاجعل صلواتك وصلوات ملائكتك المقرّبين وأنبيائك المرسلين وعبادك الصالحين وأهل السماوات والأرضين ، ومن سبّح لك ، يا ربّ العالمين ، من الأوّلين والآخرين ، على محمّد عبدك ورسولك ونبيّك وأمينك ونجيّك وحبيبك وصفيّك وخاصّتك وصفوتك وخيرتك من خلقك. اللهمّ ، أعطه الدرجة الرفيعة ، وآته الوسيلة من الجنّة ، وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأوّلون والآخرون. اللهمّ إنّك قلت : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً)(١) وإنّي أتيتك (٢) مستغفرا تائبا من ذنوبي ، وإنّي أتوجّه بك إلى الله ربّي وربّك ليغفر لي ذنوبي».

وإن كانت لك حاجة فاجعل قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خلف كتفيك واستقبل القبلة وارفع يديك ، وسل حاجتك ، فإنّها أحرى أن تقضى إن شاء الله تعالى.

فإذا فرغت من الدعاء عند القبر فائت المنبر فامسحه بيدك وخذ برمّانتيه ، وهما السفلاوان ، وامسح وجهك وعينيك به ، فإنّ فيه شفاء للعين وقم عنده (٣) ، واحمد الله تعالى وأثن عليه وسل حاجتك ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة ، ومنبري على ترعة من ترع الجنّة» (٤).

ثمّ تأتي مقام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتصلّي فيه ما بدا لك. وأكثر من الصلاة في مسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّ الصلاة فيه بألف صلاة.

وإذا دخلت المسجد أو خرجت منه ، فصلّ على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وصلّ في بيت فاطمة عليها‌السلام ، وائت مقام جبرئيل وهو تحت الميزاب ، فإنّه كان مقامه إذا استأذن على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقل : «أسألك أي

__________________

(١) النساء ٤ : ٦٤.

(٢) الخطاب إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(٣) أي عند المنبر.

(٤) الكافي ٤ : ٥٥٤ / ٣.

٢٢٢

جواد أي كريم أي قريب أي بعيد ، أن تردّ عليّ نعمتك».

ثمّ زر فاطمة عليهما‌السلام من عند الروضة. واختلف في موضع قبرها ، فقال قوم : هي مدفونة في الروضة. وقال آخرون : في بيتها. وقال فرقة ثالثة : هي مدفونة بالبقيع. والّذي عليه أكثر أصحابنا : أنّ زيارتها من عند الروضة ، ومن زارها في هذه الثلاث المواضع كان أفضل.

وإذا وقف عليها للزيارة فليقل : «يا ممتحنة ، امتحنك الله الّذي خلقك قبل أن يخلقك ، فوجدك لما امتحنك صابرة ، وزعمنا أنّا لك أولياء ومصدّقون وصابرون ، لكلّ ما أتانا به أبوك صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأتى به وصيّه ، فإنّا نسألك إن كنّا صدّقناك إلّا ألحقتنا بتصديقنا لهما ، لنبشّر أنفسنا بأنّا قد طهرنا بولايتك».

ويستحبّ أيضا أن تقول : «السّلام عليك يا بنت رسول الله ، السّلام عليك يا بنت نبيّ الله ، السّلام عليك يا بنت حبيب الله ، السّلام عليك يا بنت خليل الله ، السّلام عليك يا بنت صفيّ الله ، السّلام عليك يا بنت أمين الله ، السّلام عليك يا بنت خير خلق الله ، السّلام عليك يا بنت أفضل أنبياء الله ورسله وملائكته ، السّلام عليك يا بنت خير البريّة ، السّلام عليك يا سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين ، السّلام عليك يا زوجة وليّ الله وخير الخلق بعد رسول الله ، السّلام عليك يا أمّ الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة ، السّلام عليك أيّتها الصدّيقة الشهيدة ، السّلام عليك أيّتها الرضيّة المرضيّة ، السّلام عليك أيّتها الفاضلة الزكيّة ، السّلام عليك أيّتها الحوراء الإنسيّة ، السّلام عليك أيّتها التقيّة النقيّة ، السّلام عليك أيّتها المحدّثة العليمة ، السّلام عليك أيّتها المظلومة المغصوبة ، السّلام عليك أيّتها المضطهدة المقهورة ، السّلام عليك يا فاطمة بنت رسول الله ورحمة الله وبركاته ، صلّى الله عليك وعلى روحك وبدنك ، أشهد أنّك مضيت على بيّنة من ربّك ، وأنّ من سرّك فقد سرّ رسول الله ، ومن جفاك فقد جفا رسول الله ، ومن قطعك فقد قطع رسول الله ، لأنّك بضعة منه وروحه الّذي بين جنبيه ، أشهد الله ورسله وملائكته أنّي راض عمّن رضيت عنه ، ساخط على من سخطت عليه ، متبرّئ ممّن تبرّأت منه ، موال لمن واليت ، معاد لمن عاديت ، مبغض لمن أبغضت ، محبّ لمن أحببت ، وكفى بالله شهيدا وحسيبا وجازيا ومثيبا».

ثمّ تصلّي على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى الأئمّة عليهم‌السلام.

فإذا أردت وداع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فائت قبره بعد فراغك من حوائجك فودّعه واصنع مثل ما صنعت عند وصولك وقل : «اللهمّ ، لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر نبيّك ، فإن توفّيتني قبل ذلك فإنّي

٢٢٣

أشهد في مماتي على ما أشهد عليه في حياتي : أن لا إله إلّا أنت ، وأنّ محمّدا عبدك ورسولك».

ويستحبّ إتيان المساجد كلّها : مسجد قباء ، فإنّه المسجد الّذي أسّس على التقوى من أوّل يوم. ومشربة أمّ إبراهيم ، ومسجد الفضيخ ، ومسجد الأحزاب ، وهو مسجد الفتح ، وقبور الشهداء بأحد ، وتزور قبر حمزة هناك. وتقول إذا أتيت قبور الشهداء : «السّلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار».

وتقول عند مسجد الفتح : «يا صريخ المكروبين ، ويا مجيب دعوة المضطرّين ، اكشف غمّي وهمّي وكربي ، كما كشفت عن نبيّك غمّه وهمّه وكربه ، وكفيته هول عدوّه في هذا المكان».

ثمّ تأتي قبور الأئمّة الأربع بالبقيع : الحسن بن عليّ ، وعليّ بن الحسين ، ومحمّد بن عليّ ، وجعفر بن محمّد عليهم‌السلام فتزورهم هناك ، فإنّ قبورهم في مكان واحد.

فإذا جئتهم فاجعل القبر بين يديك وقل وأنت على غسل : «السّلام عليكم أئمّة الهدى ، السّلام عليكم أهل التقوى ، السّلام عليكم الحجّة على أهل الدنيا ، السّلام عليكم القوّام في البريّة بالقسط ، السّلام عليكم أهل الصفوة ، السّلام عليكم أهل النجوى ، أشهد أنّكم قد بلّغتم ونصحتم وصبرتم في ذات الله ، وكذّبتم وأسيء إليكم فعفوتم ، وأشهد أنّكم الأئمّة الراشدون المهتدون ، وأنّ طاعتكم مفروضة ، وأنّ قولكم الصدق ، وأنّكم دعوتم فلم تجابوا ، وأمرتم فلم تطاعوا ، وأنّكم دعائم الدين وأركان الأرض ، لم تزالوا بعين الله ينسخكم في أصلاب كلّ مطهّر وينقلكم من أرحام المطهّرات ، لم تدنّسكم الجاهليّة الجهلاء ، ولم تشرك فيكم فتن الأهواء ، طبتم وطاب منبتكم ، منّ بكم علينا ديّان الدين ، فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، وجعل صلاتنا عليكم رحمة لنا وكفّارة لذنوبنا ، إذ اختاركم الله لنا وطيّب خلقنا بما منّ به علينا من ولايتكم ، وكنّا عنده مسمّين بعلمكم ، مقرّين بفضلكم ، معترفين بتصديقنا إيّاكم. وهذا مقام من أسرف وأخطأ واستكان وأقرّ بما جنى ، ورجا بمقامه الخلاص ، وأن يستنقذه بكم مستنقذ الهلكى من الرّدى ، فكونوا لي شفعاء ، فقد وفدت إليكم ، إذ رغب عنكم أهل الدنيا واتّخذوا آيات الله هزوا واستكبروا عنها ، يا من هو ذاكر لا يسهو ، ودائم لا يلهو ، ومحيط بكلّ شيء ، لك المنّ بما وفّقتني وعرّفتني أئمّتي عليهم‌السلام إذ صدّ عنهم عبادك وجحدوا معرفتهم ، واستخفّوا بحقّهم ، ومالوا إلى سواهم ، فكانت المنّة منك عليّ مع أقوام خصصتهم بما خصصتني به. فلك الحمد إذ كنت عندك في مقامي هذا مذكورا مكتوبا ، ولا تحرمني ما رجوت

٢٢٤

ولا تخيّبني فيما دعوت ، بحرمة محمّد وآله الطاهرين ، وصلّى الله على محمّد وآل محمّد».

ثمّ ادع لنفسك بما أحببت ، فإذا أردت وداعهم ، فقل : «السّلام عليكم أئمّة الهدى ورحمة الله وبركاته ، أستودعكم الله وأقرأ عليكم السّلام ، آمنّا بالله وبالرسول وبما جئتم به ودللتم عليه ، اللهمّ ، فاكتبنا مع الشاهدين». ثمّ ادع الله كثيرا واسأله أن لا يجعله آخر العهد من زيارتهم (١).

***

والأيّام المعدودات هي يوم النحر وثلاثة أيّام التشريق.

أمّا الأيّام المعلومات ، الواردة في سورة الحجّ : (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ)(٢) ، فالمشهور : أنّها العشر الأوّل من ذي حجّة.

قال أبو عليّ الطبرسيّ : قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) : هذا أمر من الله للمكلّفين أن يذكروه في أيّام معدودات ، وهي أيّام التشريق ثلاثة أيّام بعد النحر. والأيّام المعلومات عشر ذي الحجّة. عن ابن عبّاس والحسن وأكثر أهل العلم ، وهو المرويّ عن أئمّتنا. والذكر المأمور به هو أن تقول عقيب خمس عشرة صلاة : «الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، والحمد لله على ما أولانا ، والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام».

قال : وأوّل التكبير عندنا عقيب الظهر من يوم النحر ، وآخره عقيب صلاة الفجر من اليوم الرابع من النحر. هذا لمن كان بمنى. ومن كان بغيرها من الأمصار يكبّر عقيب عشر صلوات ؛ أوّلها صلاة الظهر من يوم النحر. قال : هذا هو المرويّ عن الإمام الصادق عليه‌السلام (٣).

قلت : والتعبير بالمعدودات ، يعني العدد القليل من الأيّام ، بحيث لا تثقل مداومة الذكر فيها. وهي الثلاثة أيّام التشريق ، ملحقا بها يوم النحر قبلها ، نظرا لبدء الذكر ـ المأمور به في تلك الأيّام ـ من ظهر يوم النحر.

[٢ / ٥٧٠٨] ومن ثمّ ورد عن ابن عبّاس : أنّ الأيّام المعدودات أربعة أيّام : يوم النحر وثلاثة أيّام بعده.

__________________

(١) مصباح المتهجّد : ٦٧٤ ـ ٧١٤ ؛ وقد وقع بعض التصحيح أو التكميل على نسخ الكافي ٤ : ٣٩٨ ـ ٥٥٩. والوسائل ١٣ : ٣٣٣ ـ ٣٤٣. وكامل الزيارات : ١٥ ـ ٢٧. والبحار ٩٩ : ١٣٩ ـ ١٤٥ و ١٩١ ـ ٢٠٢ و ٢٠٣ ـ ٢١١.

(٢) الحجّ ٢٢ : ٢٨.

(٣) مجمع البيان ٢ : ٥٢ ـ ٥٣.

٢٢٥

أخرجه ابن أبي حاتم ، وزاد : وروي نحو ذلك عن ابن عمر وابن الزبير وأبي موسى ومجاهد وعطاء والحسن وإبراهيم والضحّاك وأبي مالك وعكرمة وسعيد بن جبير والسدّي والزّهري وقتادة والربيع بن أنس ومقاتل بن حيّان وعطاء الخراساني ويحيى بن كثير (١).

وهكذا التعبير بمن تعجّل في يومين ، يؤكّد على إرادة هذه الأيّام ، دون العشر الأوّل من ذي الحجّ. إذ النفر الأوّل إنّما هو في اليوم الثاني من أيّام التشريق.

[٢ / ٥٧٠٩] وروى أبو جعفر الكليني عن الإمامين الباقر والصادق عليهما‌السلام في قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) : «أنّ التكبير بمنى في دبر خمسة عشر صلاة ، وفي سائر الأمصار في دبر عشر صلوات. وأوّل التكبير من دبر صلاة الظهر من يوم النحر ، إلى صلاة الفجر من اليوم الثالث ، فإذا نفر الناس في النفر الأوّل ، (٢) أمسك أهل الأمصار عن التكبير ، وكبّر أهل منى ما داموا فيها إلى النفر الأخير» (٣).

[٢ / ٥٧١٠] وعن منصور بن حازم عن الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) قال : «هي أيّام التشريق» (٤). وهكذا روى العيّاشيّ عن حمّاد عنه عليه‌السلام.

[٢ / ٥٧١١] وكذا عن محمّد بن مسلم عنه عليه‌السلام ، قال : «التكبير في أيّام التشريق في دبر الصلوات» (٥).

[٢ / ٥٧١٢] وأخرج ابن جرير عن مجاهد والحسن وإبراهيم وعطاء بن أبي رباح : أنّ الأيّام المعدودات هي أيّام التشريق بمنى (٦).

[٢ / ٥٧١٣] وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والمروزي ـ في العيدين ـ وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب والضياء في المختارة من طرق ، عن ابن عبّاس ،

__________________

(١) ابن أبي حاتم ٢ : ٣٦١ / ١٨٩٥ ؛ ابن كثير ١ : ٢٥٢ ؛ الدرّ ١ : ٥٦٢.

(٢) وهو اليوم الثاني من أيّام التشريق.

(٣) الكافي ٤ : ٥١٦ / ١ و ٢ ؛ التهذيب ٣ : ١٣٩ / ٤٤ و ٤٥ ؛ البرهان ١ : ٤٤٣ ؛ نور الثقلين ١ : ٢٠٠ ـ ٢٠١.

(٤) الكافي ٤ : ٥١٦ / ٣.

(٥) العيّاشيّ ١ : ١١٨ / ٢٧٩ و ٢٨٠ ؛ قرب الإسناد : ١٧ / ٥٥ ؛ البحار ٩٦ : ٣٠٩ و ٣١٠ / ٢١ و ٢٧.

(٦) الطبري ٢ : ٤١٣ ـ ٤١٤.

٢٢٦

قال : الأيّام المعلومات أيّام العشر ، والأيّام المعدودات أيّام التشريق (١).

[٢ / ٥٧١٤] وأخرج الطبراني عن عبد الله بن الزبير ، قال : أيّام معدودات ، هنّ أيّام التشريق. يذكر الله فيهنّ بتسبيح وتهليل وتكبير وتحميد (٢).

[٢ / ٥٧١٥] وأخرج ابن أبي الدنيا والمحاملي ـ في أماليه ـ والبيهقي عن مجاهد ، قال : الأيّام المعلومات ، العشر. والأيّام المعدودات ، أيّام التشريق (٣).

***

أمّا الأيّام المعلومات ـ الواردة في سورة الحجّ ـ فالمشهور على أنّها العشر الأوّل من ذي الحجّ ، وقد عرفت ذلك وصرّحت به الروايات عن السلف.

لكن هناك من حاول الجمع بين المعلومات والمعدودات ، ولو في بعض الوقت :

[٢ / ٥٧١٦] روى نافع عن ابن عمر : أنّ الأيّام المعدودات والأيّام المعلومات ، يجمعهما أربعة أيّام : يوم النحر وثلاثة أيّام بعده ؛ فيوم النحر معلوم غير معدود ، ويومان بعده معلومان معدودان ، واليوم الرابع معدود لا معلوم. (٤) قال القرطبي : وهذا مذهب مالك وغيره.

وقال أبو حنيفة والشافعيّ : الأيّام المعلومات العشر من أوّل يوم من ذي الحجّة ، وآخرها يوم النحر ، لم يختلف قولهما في ذلك ، ورويا ذلك عن ابن عبّاس.

وروى الطّحاويّ عن أبي يوسف أنّ الأيّام المعلومات أيّام النحر (الأضحى ويومان بعده). قال أبو يوسف : روي ذلك عن عمر وعليّ! وإليه أذهب. لأنّه تعالى قال : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ). وحكى الكرخي عن محمّد بن الحسن : أنّ الأيّام المعلومات أيّام النحر الثلاثة : يوم الأضحى ويومان بعده. قال الكيا الطبريّ : فعلى قول أبي يوسف ومحمّد لا فرق بين المعلومات والمعدودات ، لأنّ المعدودات المذكورة في القرآن أيّام التشريق بلا خلاف ، ولا يشكّ أحد أنّ المعدودات لا تتناول أيّام العشر ، لأنّ الله تعالى يقول : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ، وليس في العشر حكم يتعلّق بيومين دون الثالث. وقد روي عن ابن عبّاس : أنّ

__________________

(١) الدرّ ١ : ٥٦٢ ؛ الطبري ٢ : ٤١٣ ؛ البيهقي ٥ : ٢٢٨ ؛ الشعب ٣ : ٣٥٩ ؛ البخاري ٢ : ٧.

(٢) الدرّ ١ : ٥٦٢ ؛ مجمع الزوائد ٣ : ٢٥٠.

(٣) الدرّ ١ : ٥٦٢ ؛ الشعب ٣ : ٣٥٩ ؛ سنن البيهقي ٥ : ٢٢٨.

(٤) القرطبي ٣ : ٢.

٢٢٧

المعلومات العشر ، والمعدودات أيّام التشريق ، وهو قول الجمهور.

قال القرطبيّ : وقال ابن زيد : الأيّام المعلومات عشر ذي الحجّة وأيّام التشريق ، وفيه بعد ، لما ذكرناه ، وظاهر الآية يدفعه. وجعل الله الذكر في الأيّام المعلومات والمعدودات ، على خلاف قوله. فلا معنى للاشتغال به! (١).

قال ابن العربيّ ـ في المسألة الثانية حول قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) ـ : تحديد هذه الأيّام وتعيينها ، مسألة غريبة ، قال علماؤنا : أيّام الرمي معدودات وأيّام النحر معلومات. فاليوم الأوّل (يوم النحر) معلوم غير معدود ، واليومان بعده معلومان معدودان ، واليوم الرابع معدود غير معلوم. والّذي أصارهم إلى ذلك أنّهم قالوا : المراد بقوله تعالى : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) ـ بعد قوله تعالى : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) ـ أنّها أيّام منى ، وأنّ المراد بالذكر : التكبير عند الرمي فيها. قال : واعلموا أنّ أيّام منى ثلاثة :

[٢ / ٥٧١٧] روى الترمذيّ والنسائيّ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «من أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر ، فقد أدرك أيّام منى ثلاثة. فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه» (٢).

قال : ومن ثمّ قال علماؤنا : اليوم الأوّل غير معدود (٣) ، لأنّه ليس من الأيّام الّتي تختصّ بمنى ، في قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) ، ولا من الّتي عنى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله : «أيّام منى ثلاثة». وكان معلوما ، لأنّ الله تعالى قال : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ). ولا خلاف أنّ المراد به النحر ، وكان النحر في اليوم الأوّل وهو يوم الأضحى والثاني والثالث ، ولم يكن في الرابع نحر ، فكان الرابع غير مراد في قوله تعالى : (مَعْلُوماتٍ) ؛ لأنّه لا ينحر فيه. وكان ممّا يرمى فيه فصار معدودا في ذلك لأجل الرمي ، غير معلوم ، لعدم النحر فيه.

قال : والحقيقة أنّ يوم النحر معدود بالرمي ، معلوم بالذبح ، لكنّه عند علمائنا ليس مرادا في قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ)(٤).

[٢ / ٥٧١٨] وأخرج ابن جرير عن عمرو بن أبي سلمة ، قال : سألت ابن زيد عن الأيّام المعدودات ، والأيّام المعلومات؟ فقال : الأيّام المعدودات : أيّام التشريق ، والأيّام المعلومات : يوم

__________________

(١) المصدر : ٢ ـ ٣.

(٢) الترمذي ٤ : ٢٨٢ / ٤٠٥٨ ؛ النسائي ٢ : ٤٢٤ / ٤٠١٢.

(٣) أي غير معدود من أيّام منى.

(٤) أحكام القرآن ١ : ١٤٠ ـ ١٤١.

٢٢٨

عرفة ، ويوم النحر ، وأيّام التشريق! (١)

[٢ / ٥٧١٩] وهكذا أخرج البغوي عن ابن عبّاس : «المعلومات يوم عرفة ويوم النحر وأيّام التشريق» (٢).

[٢ / ٥٧٢٠] وأخرج عن محمّد بن كعب : هما شيء واحد ، وهي أيّام التشريق (٣).

[٢ / ٥٧٢١] وروى ابن بابويه بالإسناد إلى زيد الشحّام عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله ـ عزوجل ـ : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) قال : «المعلومات والمعدودات واحدة وهي أيّام التشريق» (٤).

ومنهم من يرى العكس ، فيجعل المعدودات أيّام العشر ، والمعلومات أيّام النحر.

[٢ / ٥٧٢٢] أخرج الثعلبي عن حمّاد بن إبراهيم : الأيّام المعدودات أيّام العشر ، والأيّام المعلومات أيّام النحر (٥).

[٢ / ٥٧٢٣] وهكذا ذكر الفرّاء : أنّ المعلومات : أيّام التشريق ، والمعدودات : العشر (٦).

[٢ / ٥٧٢٤] وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة أنّه سئل عن أيّام التشريق ، لأيّ شيء سمّيت التشريق؟ فقال : كانوا يشرّقون لحوم ضحاياهم وبدنهم ، يشرّقون القديد (٧)(٨).

[٢ / ٥٧٢٥] وبعد فقد قال الشيخ الطوسي : والآية تدلّ على وجوب التكبير في هذه الأيّام. وهو أن يقولوا : «الله أكبر الله أكبر لا إله إلّا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد» وبه قال الحسن والجبّائي وزاد أصحابنا على هذا القدر : «الله أكبر على ما هدانا ، والحمد لله على ما أولانا» (٩).

__________________

(١) الطبري ٢ : ٤١٤ / ٣٠٩٩ ؛ ابن كثير ٣ : ٢٢٧ ، بلفظ : قال ابن وهب : حدّثني ابن زيد بن أسلم عن أبيه أنّه قال : المعلومات يوم عرفة ويوم النحر وأيّام التشريق.

(٢) البغوي ١ : ٢٦١.

(٣) المصدر.

(٤) نور الثقلين ١ : ٢٠١ ؛ معاني الأخبار : ٢٩٧ / ٣ ، باب معنى الأيّام المعلومات والأيّام المعدودات ؛ العيّاشيّ ١ : ١١٨ / ٢٧٨ ؛ البحار ٩٦ : ٣٠٩ / ٢٤ و ٢٥ ، باب ٥٤ ؛ البرهان ١ : ٤٤٦ / ١٦.

(٥) الثعلبي ٢ : ١١٧.

(٦) مجمع البيان ٢ : ٥٣ ؛ التبيان ٢ : ١٧٥ ؛ أبو الفتوح ٣ : ١٣٨.

(٧) شرّق اللّحم : قدّده ، وشرّق القديد : عرضه للشمس ليجفّ.

(٨) الدرّ ١ : ٥٦٦.

(٩) التبيان ٢ : ١٧٥.

٢٢٩

[٢ / ٥٧٢٦] وروى أبو جعفر الكليني بالإسناد إلى محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ)؟ قال : «التكبير في أيّام التشريق من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثالث (١). وفي الأمصار عشر صلوات» (٢)(٣).

[٢ / ٥٧٢٧] وعن زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : التكبير في أيّام التشريق في دبر الصلوات؟ فقال : التكبير بمنى في دبر خمسة عشر صلاة ، وفي سائر الأمصار في دبر عشر صلوات. وأوّل التكبير في دبر صلاة الظهر يوم النحر ، يقول فيه :

«الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام».

قال : وإنّما جعل في سائر الأمصار في دبر عشر صلوات ، لأنّه إذا نفر الناس في النفر الأوّل أمسك أهل الأمصار عن التكبير ، وكبّر أهل منى ما داموا بمنى إلى النفر الأخير (٤).

ما ورد في فضل أيّام الحجّ وترغيب الدعاء فيها وعرض المسألة

[٢ / ٥٧٢٨] أخرج ابن أبي شيبة وأبو داوود والترمذي وصحّحه والنسائي وابن أبي الدنيا في الأضاحي والحاكم وصحّحه عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يوم عرفة ويوم النحر وأيّام التشريق عيدنا أهل الإسلام ، وهنّ أيّام أكل وشرب» (٥).

[٢ / ٥٧٢٩] وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عبّاس ، سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ونحن بمنى : «لو يعلم أهل الجمع بمن حلّوا لاستبشروا بالفضل بعد المغفرة» (٦).

[٢ / ٥٧٣٠] وأخرج البزّار وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبّان والبيهقي عن جابر ، أنّ

__________________

(١) خمس عشرة صلوات. من ظهر يوم النحر فإلى الفجر من اليوم الثالث عشر.

(٢) لأنّها إلى الفجر من اليوم الثاني عشر.

(٣) الكافي ٤ : ٥١٦ / ١.

(٤) المصدر / ٢.

(٥) الدرّ ١ : ٥٥٥ ـ ٥٥٦ ؛ المصنّف ٢ : ٥١٥ / ٤ ، باب ١١٦ ؛ أبو داوود ١ : ٥٤١ / ٢٤١٩ ، باب ٤٨ ؛ الترمذي ٢ : ١٣٥ / ٧٧٠ ، باب ٥٨ ؛ النسائي ٢ : ١٥٥ / ٢٨٢٩ ، باب ١٠٣ ؛ الحاكم ١ : ٤٣٤ ؛ البيهقي ٤ : ٢٩٨.

(٦) الدرّ ١ : ٥٦٤ ؛ الشعب ٣ : ٤٧٧ / ٤١١٣ ؛ الكبير ١١ : ٤٤ ـ ٤٥ / ١١٠٢٢ ؛ مجمع الزوائد ٣ : ٢٧٧ ، باب فضل الحجّ.

٢٣٠

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «أفضل أيّام الدنيا أيّام العشر ـ يعني عشر ذي الحجّة ـ قيل : وما مثلهنّ في سبيل الله؟ قال : ولا مثلهنّ في سبيل الله إلّا رجل عفّر وجهه بالتراب. وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ، ينزل الله ـ تبارك وتعالى ـ إلى سماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء ، فيقول : انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا ضاحين ، جاؤوا من كلّ فجّ عميق ، يرجون رحمتي ويستعيذون من عذابي ولم يروه ، فلم ير يوما أكثر عتيقا وعتيقة من النار منه!» (١).

[٢ / ٥٧٣١] وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأضاحي والبيهقي عن أنس بن مالك قال : كان يقال في الأيّام العشر : بكلّ يوم ألف يوم ، ويوم عرفة عشرة آلاف يوم ، يعني في الفضل (٢).

[٢ / ٥٧٣٢] وأخرج الحاكم وصحّحه من طريق أبي الطفيل عن عليّ وعمّار ، «أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يجهر في المكتوبات ببسم الله الرحمان الرحيم ويقنت في الفجر ، وكان يكبّر من يوم عرفة صلاة الغداة ، ويقطعها صلاة العصر آخر أيّام التشريق» (٣).

[٢ / ٥٧٣٣] وأخرج ابن أبي الدنيا عن جابر بن عبد الله قال : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا صلّى صلاة الغداة يوم عرفة وسلّم جثا على ركبتيه فقال : الله أكبر لا إله إلّا الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ، إلى آخر أيّام التشريق يكبّر في العصر» (٤).

[٢ / ٥٧٣٤] وأخرج البيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال : كان أكثر دعاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم عرفة : «لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، بيده الخير ، وهو على كلّ شيء قدير» (٥).

[٢ / ٥٧٣٥] وأخرج المروزي عن الزّهري قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكبّر أيّام التشريق كلّها (٦).

[٢ / ٥٧٣٦] وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم عن شقيق قال : كان عليّ يكبّر بعد الفجر غداة عرفة ،

__________________

(١) الدرّ ١ : ٥٤٧ ؛ مختصر زوائد مسند البزّار ١ : ٤٥٦ ـ ٤٥٧ / ٧٧٧ ؛ أبو يعلى ٤ : ٦٩ ـ ٧٠ / ٢٠٩٠ ؛ ابن خزيمة ٤ : ٢٦٣ ؛ ابن حبّان ٩ : ١٦٤ / ٣٨٥٣ ؛ شعب الإيمان ٣ : ٤٦٠ / ٤٠٦٨ ؛ مجمع الزوائد ٣ : ٢٥٣.

(٢) الدرّ ١ : ٥٥٥ ؛ شعب الإيمان ٣ : ٣٥٨ / ٣٧٦٦ ؛ ابن عساكر ٥٤ : ٢٣٩ ، باب ٦٧٦٣.

(٣) الدرّ ١ : ٥٥٦ ؛ الحاكم ١ : ٢٩٩ ، كتاب صلاة العيدين ؛ كنز العمّال ٨ : ١١٦ / ٢٢١٦٦.

(٤) الدرّ ١ : ٥٥٦.

(٥) الدرّ ١ : ٥٤٧ ـ ٥٤٨ ؛ شعب الإيمان ٣ : ٣٥٨ / ٣٧٦٧.

(٦) الدرّ ١ : ٥٦٢.

٢٣١

ثمّ لا يقطع حتّى يصلّي العصر من آخر أيّام التشريق (١).

[٢ / ٥٧٣٧] وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والمروزي في العيدين والحاكم عن عبيد بن عمير قال : كان عمر يكبّر بعد صلاة الفجر من يوم عرفه إلى صلاة الظهر أو العصر من آخر أيّام التشريق (٢).

[٢ / ٥٧٣٨] وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والحاكم عن عمير بن سعيد قال : قدم علينا ابن مسعود ، فكان يكبّر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيّام التشريق (٣).

[٢ / ٥٧٣٩] وأخرج البيهقي في سننه عن سالم بن عبد الله بن عمر : أنّه رمى الجمرة بسبع حصيات يكبّر مع كلّ حصاة : الله أكبر الله أكبر ، اللهمّ اجعله حجّا مبرورا ، وذنبا مغفورا ، وعملا مشكورا. وقال : حدّثني أبي أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان كلّما رمى بحصاة يقول مثل ما قلت (٤).

[٢ / ٥٧٤٠] وأخرج البخاري والنسائي وابن ماجة عن ابن عمر : أنّه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات ، يكبّر على كلّ حصاة ثمّ يتقدّم حتّى يسهل ، فيقوم مستقبل القبلة ، فيقوم طويلا ويدعو ، ويرفع يديه ويقوم طويلا ، ثمّ يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ، ثمّ ينصرف ويقول : هكذا رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يفعله (٥).

__________________

(١) الدرّ ١ : ٥٥٦ ؛ المصنّف ٢ : ٧٢ / ١ ؛ الحاكم ١ : ٢٩٩ ، كتاب صلاة العيدين ، بلفظ : عن شقيق قال : «كان عليّ يكبّر بعد صلاة الفجر غداة عرفة ثمّ لا يقطع حتّى يصلّي الإمام من آخر أيّام التشريق ثمّ يكبّر بعد العصر» ؛ البيهقي ٣ : ٣١٤ ؛ كنز العمّال ٥ : ٢٤١ / ١٢٧٥٥.

(٢) الدرّ ١ : ٥٥٦ ؛ المصنّف ٢ : ٧٢ / ٥ ، باب ٦ ، بلفظ : عن عبيد بن عمير عن عمر أنّه كان يكبّر من صلاة الغداة يوم عرفة إلى صلاة الظهر من آخر أيّام التشريق ؛ الحاكم ١ : ٢٩٩ ، كتاب صلاة العيدين ، وليس فيه قوله : «أو العصر».

(٣) الدرّ ١ : ٥٥٦ ؛ المصنّف ٢ : ٧٢ / ٢ ، باب ٦ ، بلفظ : عن عمير بن سعيد عن عليّ «أنّه كان يكبّر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر ...» ؛ الحاكم ١ : ٢٩٩ ـ ٣٠٠ ، كتاب صلاة العيدين ؛ الثعلبي ٢ : ١١٨.

(٤) الدرّ ١ : ٥٦٣ ؛ البيهقي ٥ : ١٢٩ ، باب رمي الجمرة من بطن الوادي ، بلفظ : ... حدّثني زيد أبو أسامة قال : رأيت سالم بن عبد الله يعني ابن عمر استبطن الوادي ثمّ رمى الجمرة بسبع حصيات يكبّر مع كلّ حصاة : الله أكبر الله أكبر ، اللهمّ اجعله حجّا مبرورا وذنبا مغفورا وعملا مشكورا. فسألته عمّا صنع؟ فقال : حدّثني أبي أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يرمي الجمرة في هذا المكان ويقول كلّما رمى بحصاة مثل ما قلت.

(٥) الدرّ ١ : ٥٦٣ ؛ البخاري ٢ : ١٩٤ ، باب إذا رمى الجمرتين ... ، كتاب الحجّ ، بلفظ : عن ابن عمر أنّه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبّر على إثر كلّ حصاة ، ثمّ يتقدّم حتّى يسهل فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلا ويدعو ويرفع يديه ثمّ يرمي الوسطى ثمّ يأخذ ذات الشمال فيستهل ويقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلا ويدعو ويرفع يديه ويقوم طويلا ثمّ يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ثمّ ينصرف فيقول : هكذا رأيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يفعله ؛ النسائي ٢ : ٤٤١ / ٤٠٨٩ ، باب ٢٣٥ ؛ ابن ماجة ٢ : ١٠٠٩ / ٣٠٣٢ ، باب ٦٥ ، باختصار.

٢٣٢

[٢ / ٥٧٤١] أخرج الأزرقي عن ابن عبّاس ، أنّه سئل عن منى وضيقه في غير الحجّ؟ فقال : إنّ منى تتّسع بأهلها كما يتّسع الرحم للولد (١)!

قلت : حديث غريب ، فلعلّ له تأويلا. وأغرب منه الحديث التالي :

[٢ / ٥٧٤٢] وأخرج الطبراني في الأوسط والدار قطني والحاكم وصحّحه عن أبي سعيد الخدري قال : «قلنا : يا رسول الله ، هذه الأحجار الّتي يرمى بها كلّ سنة ، فنحتسب أنّها تنقص! ... قال : ما يقبل منها يرفع ، ولو لا ذلك لرأيتموها مثل الجبال» (٢).

[٢ / ٥٧٤٣] وأخرج الأزرقي عن ابن عمر ، أنّه قيل له : ما كنّا نتراءى في الجاهليّة من الحصى والمسلمون اليوم أكثر ، إنّه لضحضاح؟ فقال : إنّه ـ والله ـ ما قبل الله من امرئ حجّه إلّا رفع حصاه! (٣)

[٢ / ٥٧٤٤] وأخرج الحاكم وصحّحه عن عائشة قالت : «قيل : يا رسول الله ألا نبني لك بمنى بناء يظلّك؟ قال : لا ، منى مناخ من سبق» (٤).

[٢ / ٥٧٤٥] وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داوود والنسائي عن ابن عمر : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا قفل من غزوة أو حجّ أو عمرة يكبّر على كلّ شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ، ثمّ يقول : «لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير ، آئبون تائبون عابدون

__________________

(١) الدرّ ١ : ٥٦٤ ؛ مجمع الزوائد ٣ : ٢٦٥ ؛ قال الهيثمي : رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه من لا أعرفه. كنز العمّال ١٢ : ٢٣٠ / ٣٤٧٩٩ ؛ الأوسط ٧ : ٣٧٧ ـ ٣٧٨ / ٧٧٧٥ عن أبي الدرداء.

(٢) الدرّ ١ : ٥٦٤ ؛ الأوسط ٢ : ٢٠٩ / ١٧٥٠ ؛ الدار قطني ٢ : ٣٠٠ / ٢٨٨ ، بلفظ : عن أبي سعيد قال : قلنا يا رسول الله هذه الجمار الّتي يرمى بها كلّ عام فنحتسب أنّها تنقص! فقال : إنّه ما تقبّل منها رفع ، ولو لا ذلك لرأيتها أمثال الجبال ؛ الحاكم ١ : ٤٧٦ ؛ البيهقي ٥ : ١٢٨ ؛ مجمع الزوائد ٣ : ٢٦٠.

(٣) الدرّ ١ : ٥٦٤.

(٤) الدرّ ١ : ٥٦٤ ؛ الحاكم ١ : ٤٦٧ ، كتاب المناسك ؛ مسند أحمد ٦ : ٢٠٦ ـ ٢٠٧ ، بلفظ : عن عائشة قلنا : يا رسول الله ألا نبني لك بيتا بمنى يظلّك؟ قال : لا ، منى مناخ لمن سبق ؛ ابن ماجة ٢ : ١٠٠٠ / ٣٠٠٧ ، باب ٥٢ ؛ الترمذي ٢ : ١٨٣ / ٨٨٢ ، باب ٥٠.

٢٣٣

ساجدون لربّنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده» (١).

[٢ / ٥٧٤٦] وأخرج البيهقي عن خيثمة بن عبد الرحمان قال : إذا قضيت حجّك فسل الله الجنّة فلعله! (٢)

[٢ / ٥٧٤٧] وأخرج الحاكم وصحّحه عن عائشة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إذا قضى أحدكم حجّه فليعجّل الرحلة إلى أهله ، فإنّه أعظم لأجره» (٣).

[٢ / ٥٧٤٨] وأخرج البيهقي في الشعب عن الحسن ، أنّه قيل له : الناس يقولون : إنّ الحاجّ مغفور له؟ قال : إنّه ذلك إن يدع سيّء ما كان عليه! (٤)

[٢ / ٥٧٤٩] وأخرج الأصبهاني عن الحسن. أنّه قيل له : ما الحجّ المبرور؟ قال : أن يرجع زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة! (٥)

[٢ / ٥٧٥٠] وأخرج ابن أبي شيبة عن حبيب بن أبي ثابت قال : كنّا نتلقّي الحجّاج فنصافحهم قبل أن يقارفوا! (٦)

[٢ / ٥٧٥١] وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال : تلقّوا الحجّاج والعمّار والغزاة ، فليدعوا لكم قبل أن يتدنّسوا! (٧).

[٢ / ٥٧٥٢] وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن إبراهيم قال : كان يقال : صافحوا الحجّاج قبل أن يتلطّخوا بالذنوب! (٨)

__________________

(١) الدرّ ١ : ٥٦٨ ـ ٥٦٩ ؛ الموطّأ ١ : ٤٢١ / ٢٤٣ ، باب ٥٧ ؛ البخاري ٢ : ٢٠٤ ، كتاب الحجّ ، باب ما يقول إذا رجع من الحجّ أو العمرة أو الغزو ؛ مسلم ٤ : ١٠٥ ، كتاب الحجّ ، باب ما يقول إذا قفل من سفر الحجّ وغيره ؛ أبو داوود ١ : ٦٣١ / ٢٧٧٠ ، باب ١٧٠ ؛ النسائي ٥ : ٢٣٦ ـ ٢٣٧ / ٨٧٧٣ ، باب ١١٦ ؛ الترمذي ٢ : ٢١٣ / ٩٥٧ ، باب ١٠١ ؛ كنز العمّال ٧ : ٩٩ ـ ١٠٠ / ١٨١٥٤.

(٢) الدرّ ١ : ٥٦٨ ؛ شعب الإيمان ٣ : ٤٨٣ / ٤١٣٦.

(٣) الدرّ ١ : ٥٦٨ ؛ الحاكم ١ : ٤٧٧ ، كتاب المناسك ؛ البيهقي ٥ : ٢٥٩ ، باب الاختيار في التعجيل ...

(٤) الدرّ ١ : ٥٦٨ ؛ الشعب ٣ : ٤٨٣ / ٤١٣٥ ، بلفظ : إن يدع شيئا ممّا كان عليه.

(٥) الدرّ ١ : ٥٦٨ ؛ التاريخ الكبير للبخاري ٣ : ٢٣٨ / ٨٠٨ ؛ القرطبي ٢ : ٤٠٨ ، ذيل الآية ١٩٧.

(٦) الدرّ ١ : ٥٦٨ ؛ المصنّف ٤ : ١٩١ / ١٧ ، باب ١ ؛ مسند أحمد ٢ : ١٢٠.

(٧) الدرّ ١ : ٥٦٨ ؛ المصنّف ٤ : ١٩١ / ١٤ ، باب ١ ، بلفظ : قال عمر : القوا الحاجّ والعمّار والغزاة فليدعوا لكم قبل أن يتدنّسوا ؛ كنز العمّال ٥ : ١٣٩ / ١٢٣٨٢.

(٨) الدرّ ١ : ٥٦٨.

٢٣٤

قوله تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)

وإذ كانت أيّام منى أربعة أيّام : يوم النحر وثلاثة أيّام التشريق. لكن لا يجب المكوث بها جميعا. فيجوز النفر في اليوم الثاني من أيّام التشريق ، بعد الزوال وقبل أن تغرب الشمس. والأفضل أن يقيم إلى النفر الأخير في اليوم الثالث من أيّام التشريق (١).

وفي قوله : (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ، في الموضعين ، إيحاء بعدم المنع وعدم التأثّم ، لا في التعجّل ولا في التأخّر ، حيث كان اختلاف الحجيج في النفر في اليوم الثاني أو اليوم الثالث ، كان أوهم أنّ الفرض هو أحدهما فحسب ؛ إمّا النفر أوّلا ، فلا يجوز التأخّر. أو النفر أخيرا ، فلا يجوز التعجّل. فجاءت الآية لترخّص كلا الأمرين ، من غير تحرّج في أيّ منهما.

قال الزمخشري : في الآية دلالة على أنّ التعجّل والتأخّر مخيّر فيهما ، كأنّه قيل : فتعجّلوا أو تأخّروا. فإن قلت : أليس التأخّر بأفضل؟ قلت : بلى ، ويجوز أن يقع التخيير بين الفاضل والأفضل ، كما خيّر المسافر بين الصوم والإفطار (٢) ، وإن كان الصوم أفضل!

وقيل : كان أهل الجاهليّة فريقين ، منهم من جعل المتعجّل آثما ، ومنهم من جعل المتأخّر آثما ، فورد القرآن بنفي المأثم عنهما جميعا (٣).

قوله : (لِمَنِ اتَّقى) أي هذا التخيير في النفر ، إنّما يكون لمن اتّقى محرّمات الإحرام. وهذا هو ظاهر التعبير في إطلاق الخطاب ، ونظرا لرعاية المناسبة مع سياق الكلام.

وهكذا ذكر سيّدنا العلّامة الطباطبائي : أنّ قوله تعالى : (لِمَنِ اتَّقى) نظير قوله : (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ). والمراد : أنّ هذا الحكم لمن اتّقى ، وأمّا من لم يتّق فليس له.

قال : ومن اللّازم أن تكون هذه التقوى تقوى ممّا نهى الله عنه في الحجّ ، واختصّه به ، فيؤول المعنى : أنّ الحكم إنّما هو لمن اتّقى تروك الإحرام أو بعضها (٤) ، أمّا من لم يتّق فيجب عليه أن يقيم بمنى إلى تمام أيّامها (٥).

__________________

(١) مجمع البيان ٢ : ٥٣.

(٢) بناء على فهم الترخيص من آية القصر في السفر.

(٣) الكشّاف ١ : ٢٥٠.

(٤) إشارة إلى ما ورد في بعض الروايات ـ حسبما يأتي ـ من اختصاص الاتّقاء باتّقاء الصيد.

(٥) الميزان ٢ : ٨٣.

٢٣٥

قال الزمخشري : قوله : (لِمَنِ اتَّقى) أي ذلك التخيير ونفي الإثم عن المتعجّل والمتأخّر ، لأجل الحاجّ المتّقي (١) ، لئلّا يتخالج في قلبه شيء منهما (٢) فيحسب أنّ أحدهما يرهق صاحبه آثام في الإقدام عليه ، لأنّ ذا التقوى حذر متحذّر من كلّ ما يريبه ، ولأنّه هو الحاجّ على الحقيقة عند الله (٣).

[٢ / ٥٧٥٣] وهكذا روي عن عبد الله بن عمر ، أنّ تلك الإباحة ـ أي الترخيص في التعجلّ ـ لمن اتّقى.

[٢ / ٥٧٥٤] وذكر النحّاس أنّ عبد الله بن عمر قال : أبيح ذا التعجيل لمن اتّقى. قال : فالتقدير على هذا : الإباحة لمن اتّقى (٤).

وهكذا قال القرطبي : التقدير : الإباحة لمن اتّقى. روي ذلك عن ابن عمر (٥).

[٢ / ٥٧٥٥] وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر قال : أحلّ النفر في يومين لمن اتّقى (٦).

قال أبو جعفر الطبري ـ بعد أن ذكر مختلف الأقوال ـ : وأولى هذه الأقوال بالصحّة قول من قال : إن كان قد اتّقى الله في حجّه ؛ فاجتنب فيه ما أمره الله باجتنابه ، وفعل فيه ما أمره الله بفعله ، وأطاعه بأدائه على ما كلّفه من حدوده. فلا إثم عليه.

فمن تعجّل في يومين من أيّام منى الثلاثة ، فنفر في اليوم الثاني .. ومن تأخّر إلى اليوم الثالث منهنّ ، فلا إثم عليه ، لا في التعجّل ولا في التأخّر ، إن كان اتّقى الله في حجّه بأدائه بحدوده.

قال : وإنّما قلنا إنّ ذلك أولى التأويلات ، لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

[٢ / ٥٧٥٦] أنّه قال : «من حجّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه». وغيره من الأخبار ، ممّا ينبؤك : أنّ من حجّ فقضاه (أي أدّاه) بحدوده على ما أمره الله ، فهو خارج من ذنوبه ، كما قال الله ـ جلّ ثناؤه ـ : (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى) الله في حجّه (٧).

لكنّه أطلق عدم التأثّم ، بإرادة غفران الذنوب جميعا ، لمن أدّى الحجّ والعمرة بتمام. ومن غير أن يكون مرتبطا بأمر التعجّل والتأخّر. وهذا خلاف ظاهر السياق والمناسبة القائمة بين أجزاء

__________________

(١) أي بشأنه بالذّات.

(٢) بأن يتوهّم الإثم في أيّ منهما.

(٣) الكشّاف ١ : ٢٥٠.

(٤) معاني القرآن للنحّاس ١ : ١٤٦ / ٧٢.

(٥) القرطبي ٣ : ١٤.

(٦) الدرّ ١ : ٥٦٦ ؛ الطبري ٢ : ٤١٨ / ٣١١٤.

(٧) الطبري ٢ : ٤٢١ ـ ٤٢٢.

٢٣٦

الكلام!

وممّا يدلّك على إرادة العموم في الاتّقاء ما :

[٢ / ٥٧٥٧] رواه العيّاشيّ بإسناده إلى زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) ، قال : «إتمامهما ، إذا أدّاهما ، يتّقي ما يتّقي المحرم فيهما» (١).

[٢ / ٥٧٥٨] وعن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم ، قالوا : سألنا أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما‌السلام عن هذه الآية؟ فقالا : «إنّ تمام الحجّ والعمرة ، أن لا يرفث ولا يفسق ولا يجادل» (٢).

ورواه الكليني بالإسناد إلى عبد الله بن سنان (٣).

[٢ / ٥٧٥٩] وأخرج ابن جرير بالإسناد إلى سعيد عن قتادة في قوله تعالى : (لِمَنِ اتَّقى) ، قال : لمن اتّقى على حجّه (٤). أي حافظ على حجّه فلم يرتكب ما ينافيه في إحرامه وسائر فروضه وتروكه.

[٢ / ٥٧٦٠] كما أخرج عنه الثعلبي ، قال : قال قتادة : لمن اتّقى أن يصيب في حجّه شيئا نهاه الله عنه فيه (٥).

[٢ / ٥٧٦١] وروى ابن بابويه الصدوق عن ابن محبوب عن أبي جعفر الأحول عن سلام بن المستنير عن الإمام أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : «لمن اتّقى الرفث والفسوق والجدال وما حرّم الله عليه في إحرامه» (٦).

[٢ / ٥٧٦٢] وروى الكليني بالإسناد إلى محمّد بن المستنير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من أتى النساء في إحرامه ، لم يكن له أن ينفر في النفر الأوّل».

قال : وفي رواية أخرى : الصيد ، أيضا (٧).

[٢ / ٥٧٦٣] وروى الشيخ بالإسناد إلى حمّاد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله ـ عزوجل ـ : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى) قال : الصّيد ، يعني

__________________

(١) العيّاشيّ ١ : ١٠٦ / ٢٢١.

(٢) المصدر : ١٠٧ / ٢٢٢.

(٣) الكافي ٤ : ٣٣٧ / ٢.

(٤) الطبري ٢ : ٤٢١ / ٣١٣٥.

(٥) الثعلبي ٢ : ١١٩.

(٦) الفقيه ٢ : ٤٨٠ / ٣٠١٧ ؛ العيّاشيّ ١ : ١١٨ / ٢٨١ ؛ نور الثقلين ١ : ٢٠١ ؛ البرهان ١ : ٤٤٤ ـ ٤٤٥ / ٦ ؛ البحار ٩٦ : ٣١٥ / ٣ ، باب ٥٥.

(٧) الكافي ٤ : ٥٢٢ ـ ٥٢٣ / ١١.

٢٣٧

في إحرامه ، فإن أصابه لم يكن له أن ينفر في النفر الأوّل (١).

[٢ / ٥٧٦٤] وروى العيّاشيّ بالإسناد إلى حمّاد أيضا عنه عليه‌السلام «في قوله : (لِمَنِ اتَّقى) الصيد ، فإن ابتلي بشيء من الصيد ففداه فليس له أن ينفر في يومين» (٢).

[٢ / ٥٧٦٥] وأخرج سفيان بن عيينة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله : (لِمَنِ اتَّقى) قال : لمن اتّقى الصيد يعني : وهو محرم (٣).

[٢ / ٥٧٦٦] وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، قال : لمن اتّقى معاصي الله (٤).

[٢ / ٥٧٦٧] وأخرج ابن جرير عنه أيضا قال : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ولا يحلّ له أن يقتل صيدا حتّى تخلو أيّام التشريق (٥).

[٢ / ٥٧٦٨] وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر قال : أحلّ النفر في يومين لمن اتّقى. (٦) وقد تقدّم.

[٢ / ٥٧٦٩] وروى ابن بابويه بالإسناد إلى معاوية بن عمّار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في قول الله ـ عزوجل ـ : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى) قال : «يتّقي الصيد حتّى ينفر أهل منى في النفر الأخير» (٧).

[٢ / ٥٧٧٠] وروى الشيخ بالإسناد إلى محمّد بن يحيى عن حمّاد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إذا أصاب المحرم الصيد فليس له أن ينفر في النفر الأوّل ، ومن نفر في النفر الأوّل فليس له أن يصيب الصيد حتّى ينفر الناس وهو قول الله : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ... لِمَنِ اتَّقى) قال : اتّقى

__________________

(١) البرهان ١ : ٤٤٦ / ١٣ ؛ التهذيب ٥ : ٢٧٣ / ٩٣٣ ـ ٨ ، باب ٢٠.

(٢) نور الثقلين ١ : ٢٠٣ ؛ العيّاشيّ ١ : ١١٩ / ٢٨٧ ؛ البحار ٩٦ : ٣١٦ / ٩ ، باب ٥٥ ؛ البرهان ١ : ٤٤٧ / ٢٥.

(٣) الدرّ ١ : ٥٦٦ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٣٦٣ / ١٩٠٩ ؛ الثعلبي ١ : ١١٩.

(٤) الدرّ ١ : ٥٦٦ ؛ الطبري ٢ : ٤٢١ / ٣١٣٢ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٣٦٣ / ١٩٠٦.

(٥) الطبري ٢ : ٤٢١ / ٣١٣٤.

(٦) الدرّ ١ : ٥٦٦ ؛ الطبري ٢ : ٤١٨ / ٣١١٤.

(٧) نور الثقلين ١ : ٢٠١ ؛ الفقيه ٢ : ٤٧٩ ـ ٤٨٠ / ٣٠١٦ ، كتاب الحجّ ، باب النفر الأوّل والأخير ؛ كنز الدقائق ٢ : ٣٠٠ ؛ البرهان ١ : ٤٤٤ / ٥.

٢٣٨

الصيد» (١).

[٢ / ٥٧٧١] وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) قال : فلا ذنب له (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) قال : فلا حرج عليه لمن اتّقى. يقول : اتّقى معاصي الله (٢).

[٢ / ٥٧٧٢] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية في قوله : (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى) قال : ذهب إثمه كلّه إن اتّقى فيما بقي من عمره (٣).

[٢ / ٥٧٧٣] وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس ، قال : ذهب إثمه كلّه ، إن اتّقى فيما بقي (٤).

[٢ / ٥٧٧٤] وقال مقاتل بن سليمان : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ) يعني بعد يوم النحر بيومين ، يقول : من تعجّل فنفر قبل غروب الشمس (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) يقول : فلا ذنب عليه يقول : ذنوبه مغفورة فمن لم ينفر حتّى تغرب الشمس فليقم إلى الغد يوم الثالث فيرمي الجمار ثمّ ينفر مع الناس. قال : (وَمَنْ تَأَخَّرَ) إلى يوم الثالث حتّى ينفر الناس (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) يقول : لا ذنب عليه. يقول : ذنوبه مغفورة. ثمّ قال : (لِمَنِ اتَّقى) قتل الصيد و (اتَّقُوا اللهَ) ولا تستحلّوا قتل الصيد في الإحرام (وَاعْلَمُوا) يخوّفهم (أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم نظيرها في المائدة (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)(٥) فيجزيكم بأعمالكم (٦).

[٢ / ٥٧٧٥] وفي الرواية عن الإمام أبي محمّد العسكري عليه‌السلام : («وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) وهي الأيّام الثلاثة الّتي هي أيّام التشريق بعد يوم النحر ، وهذا الذكر هو التكبير بعد الصلوات المكتوبات يبتدىء من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الظهر من آخر أيّام التشريق : «الله أكبر ، الله

__________________

(١) نور الثقلين ١ : ٢٠١ ؛ التهذيب ٥ : ٤٩٠ / ١٧٥٨ ـ ٤٠٤ ، كتاب الحجّ ، باب ٢٦ ، (من الزيادات في فقه الحجّ) ؛ كنز الدقائق ٢ : ٣٠٠ ؛ البرهان ١ : ٤٤٦ / ١٤.

(٢) الدرّ ٢ : ٥٦٦ ؛ الطبري ٢ : ٤٢١ / ٣١٣٢ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٣٦١ / ١٨٩٦ و ١٩٠٦ ؛ الثعلبي ٢ : ١١٩ ، بلفظ : روي عن ابن عبّاس أيضا : «لمن اتّقى معاصي الله».

(٣) الدرّ ١ : ٥٦٨ ؛ الطبري ٢ : ٤٢٠ / ٣١٢٧ ، وفي الرقم ٣١٢٨ عن إبراهيم مثله ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٣٦٣ / ١٩٠٨ ؛ البغوي ١ : ٢٦٢ ؛ الثعلبي ٢ : ١١٩ ؛ معاني القرآن ١ : ١٤٧.

(٤) ابن أبي حاتم ٢ : ٣٦٣ ، بعد رقم ١٩٠٨.

(٥) المائدة ٥ : ٩٦.

(٦) تفسير مقاتل ١ : ١٧٧.

٢٣٩

أكبر ، لا إله إلّا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد» (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ) من أيّام التشريق فانصرف من حجّه إلى بلاده (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ) إلى تمام اليوم الثالث. (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) أي لا إثم عليه من ذنوبه السالفة ، لأنّها قد غفرت له كلّها بحجّته هذه المقارنة لندمه عليها وتوقّيه منها. (لِمَنِ اتَّقى) أن يواقع الموبقات بعدها ، فإنّه إن واقعها كان عليه إثمها ، ولم تغفر له تلك الذنوب السالفة بتوبة قد أبطلها بموبقات بعدها ، وإنّما يغفرها بتوبة يجدّدها. (وَاتَّقُوا اللهَ) يا أيّها الحاجّ المغفور لهم سالف ذنوبهم بحجّهم المقرون بتوبتهم ، فلا تعاودوا الموبقات فيعود إليكم أثقالها ، ويثقلكم احتمالها ، فلا يغفر لكم إلّا بتوبة بعدها. (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) فينظر في أعمالكم فيجازيكم عليها» (١).

***

وبعد فالأوجه من تلك الأقوال ، والأوفق لظاهر النصّ ، هو اختصاص جواز النفر ليومين ، بمن اتّقى ما حرّم الله عليه في إحرامه ، ولا وجه للقول بإرادة اتّقاء الصيد فقط. فلعلّ ما ورد في بعض الروايات ، كان لموضع الحاجة أو السؤال ، ولا شأن له ذاتا بعد كونه أحد المحرّمات في الإحرام.

هذا ولسان الدليل ـ الخاصّ باتّقاء الصيد ـ إذا كان مثبتا ـ كما هنا ـ فإنّه لا يخصّص عموم العام. إذ لا منافاة بين المثبتين ، كما قرّر في علم الأصول. وعليه فعموم القرآن وإطلاقه هو المحكّم في المقام.

وبهذا الإطلاق أفتى الفقيه البارع يحيى بن سعيد الحلّي رحمه‌الله قال : «وله النفر ثالث النحر (٢) بعد الزوال ، إن كان اتّقى ، وهو أن لم يأت النساء في إحرامه أو صيدا أو ما حرم عليه في إحرامه» (٣).

قال الشهيد الثاني قدس‌سره : والمراد باتّقاء الصيد عدم قتله ، وباتّقاء النساء عدم جماعهنّ في حال الإحرام. وفي إلحاق باقي المحرّمات المتعلّقة بهما ، كالقبلة واللمس بشهوة والعقد وشهادته ، وأكل الصيد ، نظر ، من صدق عدم الاتّقاء لغة في جميع ذلك. ومن دلالة ظاهر النصّ (٤) على إرادة المعنى

__________________

(١) تفسير الإمام عليه‌السلام : ٦١٣ ـ ٦١٧ / ٣٦٠ ؛ البحار ٩٦ : ٣١٦ / ١٠ ، باب ٥٥ ، من قوله «فمن تعجّل» الخ ؛ الصافي ١ : ٣٦٨.

(٢) وهو : من تعجّل في يومين. في اليوم الثاني من أيّام التشريق.

(٣) الجامع للشرائع : ٢١٨.

(٤) أي الروايات الناصّة على الصيد والنساء.

٢٤٠