التفسير الأثري الجامع - ج ٥

الشيخ محمّد هادي معرفة

التفسير الأثري الجامع - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي معرفة


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التمهيد ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5079-06-7
ISBN الدورة:
978-600-5079-08-1

الصفحات: ٥٦٠

دخل رجل فصلّى فقال : اللهمّ اغفر لي وارحمني. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عجلت أيّها المصلّي ، إذا صلّيت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله ، وصلّ عليّ ثمّ ادعه.

قال : ثمّ صلّى رجل آخر بعد ذلك فحمد الله وصلّى على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيّها المصلّي ، ادع تجب» (١).

[٢ / ٤٩٩٠] وأخرج عنه أيضا يقول : سمع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلا يدعو في صلاته فلم يصلّ على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال النبيّ : عجل هذا! ثمّ دعاه فقال له ولغيره : «إذا صلّى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ، ثمّ ليصلّ على النبيّ ، ثمّ ليدع بعد بما شاء» (٢).

[٢ / ٤٩٩١] وقال الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام : «إذا كانت لك إلى الله حاجة ، فابدأ بمسألة الصلاة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ اسأل حاجتك ، فإنّ الله ـ سبحانه ـ أكرم من أن يسأل حاجتين ، فيقضي إحداهما ويمنع الأخرى!» (٣).

أدب الدعاء

ولثقة الإسلام أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني رحمه‌الله استعراض عريض لغرر الأحاديث الصادرة عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام (٤) بشأن الدعاء وفضيلته وآدابه ، ودوره في إنماء الحياة السعيدة الهنيئة للإنسان. وجعله على مقربة الرجاء والثقة بالله العظيم ، دون البؤس واليأس من رحمته تعالى ولكن على شرائط وتمهيد أسباب تؤثّر في استجابة الدعاء وإليك منها الدّرر والغرر :

فضل الدعاء والحثّ عليه

[٢ / ٤٩٩٢] روى بالإسناد إلى زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إن الله عزوجل يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ)(٥) قال : هو الدّعاء وأفضل العبادة الدّعاء ؛ قلت : إنّ

__________________

(١) الترمذي ٥ : ١٧٩ / ٣٥٤٤.

(٢) المصدر / ٣٥٤٥.

(٣) نهج البلاغة ٤ : ٨٤ ، قصار الحكم ٣٦١.

(٤) نقلناها بالنصّ من الكافي الشريف ٢ : ٤٦٥ ـ ٥١١.

(٥) غافر ٤٠ : ٦٠ وقوله ، «داخرين» أي صاغرين ذليلين.

٢١

(إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ)(١)؟ قال : الأوّاه هو الدّعّاء».

[٢ / ٤٩٩٣] وعن حنان بن سدير ، عن أبيه قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أيّ العبادة أفضل؟ فقال : «ما من شيء أفضل عند الله ـ عزوجل ـ من أن يسأل ويطلب ممّا عنده ، وما أحد أبغض إلى الله عزوجل ممّن يستكبر عن عبادته ولا يسأل ما عنده».

[٢ / ٤٩٩٤] وعن ميسّر بن عبد العزيز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال لي : «يا ميسّر ، ادع ولا تقل : إنّ الأمر قد فرغ منه ، إنّ عند الله ـ عزوجل ـ منزلة لا تنال إلّا بمسألة ؛ ولو أنّ عبدا سدّ فاه ولم يسأل لم يعط شيئا ، فسل تعط ، يا ميسّر إنّه ليس من باب يقرع إلّا يوشك أن يفتح لصاحبه».

[٢ / ٤٩٩٥] وعن عمرو بن جميع ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من لم يسأل الله ـ عزوجل ـ من فضله افتقر».

[٢ / ٤٩٩٦] وعن حمّاد بن عيسى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : «ادع ولا تقل : قد فرغ من الأمر ، فإنّ الدّعاء هو العبادة ، إنّ الله ـ عزوجل ـ يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) وقال : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)» (٢).

[٢ / ٤٩٩٧] وعن سيف التمّار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «عليكم بالدّعاء فإنّكم لا تقرّبون بمثله ، ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها ، إنّ صاحب الصغار هو صاحب الكبار!».

[٢ / ٤٩٩٨] وعن عبيد بن زرارة ، عن أبيه ، عن رجل قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «الدعاء هو العبادة الّتي قال الله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي) ادع الله ـ عزوجل ـ ولا تقل : إنّ الأمر قد فرغ منه».

قال زرارة : إنّما يعني : لا يمنعك إيمانك بالقضاء والقدر أن تبالغ بالدّعاء وتجتهد فيه.

[٢ / ٤٩٩٩] وعن ابن القدّاح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أحبّ الأعمال إلى الله ـ عزوجل ـ في الأرض الدّعاء ، وأفضل العبادة العفاف ، قال : وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام رجلا دعّاء!».

__________________

(١) التوبة ٩ : ١١٥. قال الطبرسي : الأوّاء : الدعّاء والبكّاء ، عن ابن عبّاس وهو المرويّ عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٢) غافر ٤٠ : ٦٠.

٢٢

الدعاء سلاح المؤمن

[٢ / ٥٠٠٠] روى بالإسناد إلى فضّالة بن أيّوب ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الدّعاء سلاح المؤمن وعمود الدّين ونور السّماوات والأرض».

[٢ / ٥٠٠١] وبهذا الإسناد قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «الدّعاء مفاتيح النجاح ومقاليد الفلاح ، وخير الدّعاء ما صدر عن صدر نقيّ وقلب تقيّ ؛ وفي المناجاة سبب النجاة وبالإخلاص يكون الخلاص ، فإذا اشتدّ الفزع فإلى الله المفزع!».

[٢ / ٥٠٠٢] وبإسناده قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ألا أدلّكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم ويدرّ أرزاقكم؟ قالوا : بلى ، قال : تدعون ربّكم باللّيل والنّهار ، فإنّ سلاح المؤمن الدّعاء».

[٢ / ٥٠٠٣] وبالإسناد إلى ابن القدّاح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «الدّعاء ترس المؤمن ، ومتى تكثر قرع الباب يفتح لك».

[٢ / ٥٠٠٤] وعن ابن فضّال عن بعض أصحابنا عن الرّضا عليه‌السلام أنّه كان يقول لأصحابه : «عليكم بسلاح الأنبياء! فقيل له : وما سلاح الأنبياء؟ قال : الدّعاء!».

[٢ / ٥٠٠٥] وعن أبي سعيد البجلي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّ الدّعاء أنفذ من السنان».

[٢ / ٥٠٠٦] وعن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «الدّعاء أنفذ من السنان الحديد!».

الدعاء يردّ البلاء والقضاء

[٢ / ٥٠٠٧] روى بالإسناد إلى حمّاد بن عثمان قال : سمعته (يعني المعصوم عليه‌السلام) يقول : «إنّ الدّعاء يردّ القضاء ، ينقضه كما ينقض السلك وقد ابرم إبراما» (١).

[٢ / ٥٠٠٨] وعن عمر بن يزيد قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : «إنّ الدّعاء يردّ ما قد قدّر وما لم يقدّر! قلت : وما قد قدّر عرفته ، فما لم يقدّر؟ قال : حتّى لا يكون!».

[٢ / ٥٠٠٩] وعن بسطام الزيّات ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنّ الدّعاء يردّ القضاء وقد نزل من السّماء وقد ابرم إبراما».

[٢ / ٥٠١٠] وعن أبي همّام إسماعيل بن همّام ، عن الرّضا عليه‌السلام قال : قال عليّ بن الحسين عليهما‌السلام : «إنّ

__________________

(١) السلك : الخيط يفتل. والإبرام إحكامه.

٢٣

الدّعاء والبلاء ليترافقان إلى يوم القيامة ، إنّ الدّعاء ليردّ البلاء وقد ابرم إبراما».

[٢ / ٥٠١١] وعن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : كان عليّ بن الحسين عليهما‌السلام يقول : «الدّعاء يدفع البلاء النّازل وما لم ينزل».

[٢ / ٥٠١٢] وعن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال لي : «ألا أدلّك على شيء لم يستثن فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ (١) قلت : بلى ، قال : الدّعاء يردّ القضاء وقد ابرم إبراما» وضمّ أصابعه.

[٢ / ٥٠١٣] وعن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «الدعاء يردّ القضاء بعد ما ابرم إبراما ، فأكثر من الدّعاء فإنّه مفتاح كلّ رحمة ونجاح كلّ حاجة ولا ينال ما عند الله ـ عزوجل ـ إلّا بالدّعاء ، وإنّه ليس باب يكثر قرعه إلّا يوشك أن يفتح لصاحبه».

[٢ / ٥٠١٤] وعن ابن محبوب عن أبي ولّاد قال : قال أبو الحسن موسى عليه‌السلام : «عليكم بالدّعاء ، فإنّ الدّعاء لله والطلب إلى الله ، يردّ البلاء وقد قدّر وقضي ، ولم يبق إلّا إمضاؤه ؛ فإذا دعي الله ـ عزوجل ـ وسئل ، صرف البلاء صرفة».

[٢ / ٥٠١٥] وعن إسحاق بن عمّار قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّ الله عزوجل ليدفع بالدّعاء الأمر الّذي علمه أن يدعى له فيستجيب ، ولو لا ما وفّق العبد من ذلك الدّعاء لأصابه منه ما يجثّه من جدد الأرض» (٢).

الدعاء شفاء من كلّ داء

[٢ / ٥٠١٦] روى بالإسناد إلى ابن أبي عمير عن أسباط ، عن علاء بن كامل قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : «عليك بالدّعاء فإنّه شفاء من كلّ داء».

الدعاء كهف الإجابة

[٢ / ٥٠١٧] روى بالإسناد إلى عبد الله ابن ميمون القدّاح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : قال : «الدّعاء كهف الإجابة ، كما أنّ السحاب كهف المطر».

__________________

(١) أي لم يقل إن شاء الله ، وضمّ الأصابع إلى الكفّ لبيان شدّة الإبرام.

(٢) الجثّ ـ بالثاء المثلّثة ـ القطع وانقلاع الشجر. والجدد : الأرض الغليظة المستوية.

٢٤

[٢ / ٥٠١٨] وعنه أيضا عن أبي عبد الله عليه‌السلام : قال : «ما أبرز عبد يده إلى الله العزيز الجبّار إلّا استحيا الله ـ عزوجل ـ أن يردّها صفرا حتّى يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء ، فإذا دعا أحدكم فلا يردّ يده حتّى يمسح على وجهه ورأسه».

إلهام الدعاء عند البلاء

[٢ / ٥٠١٩] روى بالإسناد إلى هشام بن سالم قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «هل تعرفون طول البلاء من قصره؟ قلنا : لا ، قال : إذا ألهم أحدكم الدّعاء عند البلاء ، فاعلموا أنّ البلاء قصير!».

[٢ / ٥٠٢٠] وعن أبي ولّاد قال : قال أبو الحسن موسى عليه‌السلام : «ما من بلاء ينزل على عبد مؤمن فيلهمه الله ـ عزوجل ـ الدّعاء إلّا كان كشف ذلك البلاء وشيكا (١) وما من بلاء ينزل على عبد مؤمن فيمسك عن الدّعاء ، إلّا كان ذلك البلاء طويلا ، فإذا نزل البلاء فعليكم بالدّعاء والتضرّع إلى الله عزوجل».

التقدّم في الدعاء

[٢ / ٥٠٢١] روى بالإسناد إلى ابن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من تقدّم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء ، وقالت الملائكة : صوت معروف ولم يحجب عن السماء ، ومن لم يتقدّم في الدعاء لم يستجب له إذا نزل به البلاء ، وقالت الملائكة : إنّ ذا الصوت لا نعرفه».

[٢ / ٥٠٢٢] وعن عنبسة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من تخوّف من بلاء يصيبه فتقدّم فيه بالدّعاء لم يره الله ـ عزوجل ـ ذلك البلاء أبدا».

[٢ / ٥٠٢٣] وعن هارون بن خارجة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : قال : «إنّ الدّعاء في الرخاء يستخرج الحوائج في البلاء».

[٢ / ٥٠٢٤] وعن سماعة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «من سرّه أن يستجاب له في الشدّة فليكثر الدّعاء في الرّخاء».

[٢ / ٥٠٢٥] وعن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «كان جدّي يقول : تقدّموا في الدّعاء ، فإنّ العبد إذا كان دعّاء فنزل به البلاء فدعا ، قيل : صوت معروف ، وإذا لم يكن دعّاء فنزل به بلاء

__________________

(١) أي سريعا.

٢٥

فدعا ، قيل : أين كنت قبل اليوم!».

[٢ / ٥٠٢٦] وعن الوشّاء ، عمّن حدّثه ، عن أبي الحسن الأوّل عليهما‌السلام قال : كان عليّ بن الحسين عليه‌السلام يقول : «الدّعاء بعد ما ينزل البلاء لا ينفع».

شرط اليقين في الدعاء

[٢ / ٥٠٢٧] روى بالإسناد إلى سليم الفرّاء ، عمّن حدّثه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إذا دعوت فظنّ أنّ حاجتك بالباب».

شرط الإقبال في الدعاء

[٢ / ٥٠٢٨] روى بالإسناد إلى سليمان بن عمرو قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «إنّ الله عزوجل لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه ، فإذا دعوت فأقبل بقلبك ثمّ استيقن بالإجابة!».

[٢ / ٥٠٢٩] وعن جعفر بن محمّد الأشعري ، عن ابن القدّاح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : «لا يقبل الله ـ عزوجل ـ دعاء قلب لاه». وكان علي عليه‌السلام يقول : «إذا دعا أحدكم للميّت فلا يدعو له وقلبه لاه عنه ، ولكن ليجتهد له في الدعاء».

[٢ / ٥٠٣٠] وعن سيف بن عميرة ، عن سليم الفرّاء ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إذا دعوت فأقبل بقلبك وظنّ حاجتك بالباب».

[٢ / ٥٠٣١] وعن سيف بن عميرة ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنّ الله ـ عزوجل ـ لا يستجيب دعاء بظهر قلب قاس».

[٢ / ٥٠٣٢] وعن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «لمّا استسقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسقي النّاس ، حتّى قالوا : إنّه الغرق ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيده (١) وردّها : اللهمّ حوالينا ولا علينا (٢) قال : فتفرّق السحاب ـ فقالوا : يا رسول الله استسقيت لنا فلم نسق ثمّ استسقيت لنا فسقينا؟ قال : إنّي دعوت وليس لي في ذلك نيّة ، ثمّ دعوت ولي في ذلك نيّة».

__________________

(١) القول بمعنى الفعل أي حرّك يده يمينا وشمالا مشيرا إلى تفرّق السحاب وكشفها عن المدينة.

(٢) يريد اللهمّ أنزل الغيث في مواضع النبات لا في مواضع الأبنية.

٢٦

الإلحاح في الدعاء والتلبّث

[٢ / ٥٠٣٣] روى بالإسناد إلى ابن عطيّة عن عبد العزيز الطويل قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّ العبد إذا دعا لم يزل الله ـ تبارك وتعالى ـ في حاجته ما لم يستعجل».

[٢ / ٥٠٣٤] وعن هشام بن سالم وحفص بن البختري وغيرهما ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنّ العبد إذا عجّل فقام لحاجته (١) يقول الله تبارك وتعالى : أما يعلم عبدي أنّي أنا الله الّذي أقضي الحوائج».

[٢ / ٥٠٣٥] وعن الوليد بن عقبه الهجري قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «والله لا يلحّ عبد مؤمن على الله ـ عزوجل ـ في حاجته إلّا قضاها له».

[٢ / ٥٠٣٦] وعن أبي الصباح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنّ الله ـ عزوجل ـ كره إلحاح النّاس بعضهم على بعض في المسألة ، وأحبّ ذلك لنفسه ؛ إنّ الله ـ عزوجل ـ يحبّ أن يسأل ويطلب ما عنده!».

[٢ / ٥٠٣٧] وعن ابن أبي عمير ، عن حسين الأحمسي عن رجل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «لا والله لا يلحّ عبد على الله ـ عزوجل ـ إلّا استجاب الله له».

[٢ / ٥٠٣٨] وعن جعفر بن محمّد الأشعري ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «رحم الله عبدا طلب من الله ـ عزوجل ـ حاجة فألحّ في الدّعاء ، استجيب له أولم يستجب له ، وتلا هذه الآية : (وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا»)(٢).

تسمية الحاجة في الدعاء

[٢ / ٥٠٣٩] روى بالإسناد إلى أبي عبد الله الفرّاء ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ يعلم ما يريد العبد إذا دعاه ، ولكنّه يحبّ أن تبثّ إليه الحوائج ، فإذا دعوت فسمّ حاجتك». وفي حديث آخر : قال : «إنّ الله ـ عزوجل ـ يعلم حاجتك وما تريد ، ولكن يحبّ أن تبثّ إليه الحوائج».

الإخفاء بالدعاء

[٢ / ٥٠٤٠] روى بالإسناد إلى إسماعيل بن همّام عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : «دعوة العبد سرّا

__________________

(١) أي توقّف عن طلب حاجته.

(٢) مريم ١٩ : ٤٨.

٢٧

دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية».

وفي رواية اخرى : «دعوة تخفيها أفضل عند الله من سبعين دعوة تظهرها».

الأوقات والحالات الّتي ترجى فيها الإجابة

[٢ / ٥٠٤١] روى بالإسناد إلى زيد الشحّام قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «اطلبوا الدعاء في أربع ساعات : عند هبوب الريّاح ، وزوال الأفياء ، ونزول القطر ، وأوّل قطرة من دم القتيل المؤمن ، فإنّ أبواب السماء تفتح عند هذه الأحوال».

[٢ / ٥٠٤٢] وعن أبي العبّاس فضل البقباق قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «يستجاب الدّعاء في أربعة مواطن : في الوتر ، وبعد الفجر ، وبعد الظهر ، وبعد المغرب».

[٢ / ٥٠٤٣] وعن النوفلي عن السكونيّ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : اغتنموا الدّعاء عند أربع : عند قراءة القرآن ، وعند الأذان ، وعند نزول الغيث ، وعند التقاء الصفّين للشهادة».

[٢ / ٥٠٤٤] وعن جميل بن درّاج ، عن عبد الله بن عطاء ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «كان أبي إذا كانت له إلى الله حاجة ، طلبها في هذه السّاعة ، يعني زوال الشمس».

[٢ / ٥٠٤٥] وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إذا رقّ أحدكم فليدع ، فإنّ القلب لا يرقّ حتّى يخلص».

[٢ / ٥٠٤٦] وعن الفضل بن أبي قرّة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خير وقت دعوتم الله ـ عزوجل ـ فيه الأسحار ؛ وتلا هذه الآية من قول يعقوب عليه‌السلام : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي)(١) قال : أخّرهم إلى السحر».

[٢ / ٥٠٤٧] وعن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند زوال الشمس ، فإذا أراد ذلك قدّم شيئا فتصدّق به وشمّ شيئا من طيب ، وراح إلى المسجد ودعا في حاجته بما شاء الله».

[٢ / ٥٠٤٨] وعن عليّ بن حديد ، رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إذا اقشعرّ جلدك ودمعت عيناك ،

__________________

(١) يوسف ١٢ : ٩٨.

٢٨

فدونك دونك ، فقد قصد قصدك».

[٢ / ٥٠٤٩] وعن أبي الصباح الكناني ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إنّ الله ـ عزوجل ـ يحبّ من عباده المؤمنين كلّ عبد دعّاء ، فعليكم بالدعاء في السحر إلى طلوع الشمس ، فإنّها ساعة تفتح فيها أبواب السماء ، وتقسّم فيها الأرزاق ، وتقضى فيها الحوائج العظام».

[٢ / ٥٠٥٠] وعن ابن أبي عمير عن عمر بن اذينة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «إنّ في الليل لساعة ما يوافقها عبد مسلم ثمّ يصلّي ويدعو الله ـ عزوجل ـ فيها إلّا استجاب له ، في كلّ ليلة!» قلت : أصلحك الله وأيّ ساعة هي من اللّيل؟ قال : «إذا مضى نصف اللّيل ، وهي السدس الأوّل من أوّل النصف» (١).

التضرّع والتبتّل في الدعاء

[٢ / ٥٠٥١] روى بالإسناد إلى سيف بن عميرة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «الرّغبة أن تستقبل ببطن كفّيك إلى السماء ، والرّهبة أن تجعل ظهر كفّيك إلى السماء. ثمّ تلا قوله : (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً)(٢) قال : الدعاء بأصبع واحدة تشير بها ، والتضرّع تشير بأصبعيك وتحرّكهما ، والابتهال رفع اليدين وتمدّهما وذلك عند الدّمعة ، ثمّ ادع».

[٢ / ٥٠٥٢] وعن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله ـ عزوجل ـ : (فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ)(٣) ، فقال : الاستكانة هو الخضوع ، والتضرّع هو رفع اليدين والتضرّع بهما.

[٢ / ٥٠٥٣] وعن أبي خالد ، عن مروك بيّاع اللّؤلؤ ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال (٤) : ذكر الرّغبة وأبرز باطن راحتيه إلى السماء وهكذا الرّهبة وجعل ظهر كفّيه إلى السماء ، وهكذا التضرّع وحرّك أصابعه يمينا وشمالا ، وهكذا التبتّل ، ورفع أصابعه مرّة ووضعها مرّة ، وهكذا الابتهال ومدّ يده تلقاء وجهه إلى القبلة قال : «ولا يبتهل حتّى تجري الدّمعة».

[٢ / ٥٠٥٤] وعن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «مرّ بي رجل وأنا أدعو في صلاتي بيساري ، فقال : يا أبا عبد الله ، بيمينك! فقلت : يا عبد الله إنّ لله تبارك وتعالى حقّا على هذه

__________________

(١) أي السدس الأوّل من أوّل النصف الثاني.

(٢) المزّمّل ٧٣ : ٨.

(٣) المؤمنون ٢٣ : ٧٥.

(٤) أي الراوي. وضمير «ذكر» للإمام.

٢٩

كحقّه على هذه!». وقال : «الرّغبة : تبسط يديك وتظهر باطنهما ، والرّهبة : تبسط يديك وتظهر ظهرهما ، والتضرّع : تحرّك السبّابة اليمنى يمينا وشمالا ، والتبتّل : تحرّك السبّابة اليسرى ترفعها في السماء رسلا وتضعها (١) ، والابتهال : تبسط يديك وذراعيك إلى السماء ، والابتهال : حين ترى أسباب البكاء».

[٢ / ٥٠٥٥] وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الدّعاء ورفع اليدين؟ فقال : «على أربعة أوجه : أمّا التعوّذ فتستقبل القبلة بباطن كفّيك ، وأمّا الدّعاء في الرّزق فتبسط كفّيك وتفضي بباطنهما إلى السماء ، وأمّا التبتّل فإيماء بإصبعك السبّابة ، وأمّا الابتهال فرفع يديك تجاوز بهما رأسك ، ودعاء التضرّع أن تحرّك أصبعك السبّابة ممّا يلي وجهك وهو دعاء الخيفة».

[٢ / ٥٠٥٦] وعن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ) قال : «الاستكانة هي الخضوع والتضرّع رفع اليدين والتضرّع بهما».

[٢ / ٥٠٥٧] وعن محمّد بن مسلم وزرارة قالا ، قلنا لأبي عبد الله عليه‌السلام : كيف المسألة إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ؟ قال : «تبسط كفّيك. قلنا : كيف الاستعاذة؟ قال : تفضي بكفّيك (٢) والتبتّل : الإيماء بالأصبع ، والتضرّع : تحريك الأصبع ، والابتهال : أن تمدّ يديك جميعا».

البكاء عند الدعاء

[٢ / ٥٠٥٨] روى بالإسناد إلى محمّد بن مروان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «ما من شيء إلّا وله كيل ووزن إلّا الدّموع ، فإنّ القطرة تطفىء بحارا من نار ؛ فإذا اغرورقت العين بمائها ، لم يرهق وجها قتر ولا ذلّة ، فإذا فاضت حرّمه الله على النّار ، ولو أنّ باكيا بكى في امّة لرحموا».

[٢ / ٥٠٥٩] وعنه أيضا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «ما من عين إلّا وهي باكية يوم القيامة إلّا عينا بكت من خوف الله ، وما اغرورقت عين بمائها من خشية الله ـ عزوجل ـ إلّا حرّم الله سائر جسده على النّار ، ولا فاضت على خدّه فرهق ذلك الوجه قتر ولا ذلّة ، وما من شيء إلّا وله كيل ووزن إلّا الدّمعة ، فإنّ الله ـ عزوجل ـ يطفئ باليسير منها البحار من النّار ؛ فلو أنّ عبدا بكى في امّة لرحم الله تلك الأمّة ببكاء ذلك العبد!».

__________________

(١) الرسل بالكسر : الرفق.

(٢) أي ترفع بباطن كفّيك إلى القبلة.

٣٠

[٢ / ٥٠٦٠] وعن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «ما من قطرة أحبّ إلى الله ـ عزوجل ـ من قطرة دموع في سواد اللّيل ، مخافة من الله ، لا يراد بها غيره».

[٢ / ٥٠٦١] وعن منصور بن يونس عن صالح بن رزين ومحمّد بن مروان وغيرهما ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «كلّ عين باكية يوم القيامة إلّا ثلاثة : عين غضّت عن محارم الله ، وعين سهرت في طاعة الله ، وعين بكت في جوف اللّيل من خشية الله».

[٢ / ٥٠٦٢] وعن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «أوحى الله عزوجل إلى موسى عليه‌السلام : أنّ عبادي لم يتقرّبوا إليّ بشيء أحبّ إليّ من ثلاث خصال! قال موسى : يا ربّ وما هنّ؟ قال : يا موسى ، الزّهد في الدنيا ، والورع عن المعاصي ، والبكاء من خشيتي. قال موسى : يا ربّ فما لمن صنع ذا؟ فأوحى الله ـ عزوجل ـ إليه : يا موسى ، أمّا الزّاهدون في الدنيا ففي الجنّة ، وأمّا البكّاؤون من خشيتي ففي الرفيق الأعلى (١) لا يشاركهم أحد ، وأمّا الورعون عن معاصيّ فإنّي أفتّش الناس ولا أفتّشهم!».

[٢ / ٥٠٦٣] وعن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أكون أدعو فأشتهي البكاء ولا يجيئني ، وربما ذكرت بعض من مات من أهلي فأرقّ وأبكي ، فهل يجوز ذلك؟ فقال : «نعم فتذكّرهم فإذا رققت فابك وادع ربّك ـ تبارك وتعالى ـ».

[٢ / ٥٠٦٤] وعن الحسن بن محبوب ، عن عنبسة العابد قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إن لم تكن بك بكاء فتباك».

[٢ / ٥٠٦٥] وعن سعيد بن يسار بيّاع السابري قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : «إنّي أتباكى في الدّعاء وليس لي بكاء؟ قال : نعم ، ولو مثل رأس الذّباب!».

[٢ / ٥٠٦٦] وعن عليّ بن أبي حمزة قال : قال : أبو عبد الله عليه‌السلام لأبي بصير : «إن خفت أمرا يكون ، أو حاجة تريدها ، فابدأ بالله ومجّده وأثن عليه كما هو أهله وصلّ على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسل حاجتك ، وتباك ولو مثل رأس الذّباب ، إنّ أبي كان يقول : إنّ أقرب ما يكون العبد من الرّب عزوجل وهو ساجد باك».

__________________

(١) الرفيق : جماعة الأنبياء الّذين يسكنون أعلى علّيّين. وهو اسم جاء على فعيل ، ومعناه الجماعة ، كالصديق والخليط يقع على الواحد والجماعة. قال ابن الأثير : وفي الدعاء : «وألحقني بالرفيق الأعلى».

٣١

[٢ / ٥٠٦٧] وعن إسماعيل البجلي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إن لم يجئك البكاء فتباك ، فإن خرج منك مثل رأس الذّباب فبخ بخ».

الثناء قبل الدعاء

[٢ / ٥٠٦٨] روى بالإسناد إلى الحارث بن المغيرة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «إيّاكم إذا أراد أحدكم أن يسأل من ربّه شيئا من حوائج الدّنيا والآخرة ، حتّى يبدأ بالثناء عليه والمدح له والصلاة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ يسأل الله حوائجه».

[٢ / ٥٠٦٩] وعن محمّد بن مسلم قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ في كتاب أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ : إنّ المدحة قبل المسألة ، فإذا دعوت الله ـ عزوجل ـ فمجّده! قلت : كيف امجّده؟ قال :

تقول : «يا من هو أقرب إليّ من حبل الوريد ، يا فعّالا لما يريد ، يا من يحول بين المرء وقلبه ، يا من هو بالمنظر الأعلى ، يا من هو ليس كمثله شيء».

[٢ / ٥٠٧٠] وعن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنّما هي المدحة ثمّ الثناء ثمّ الإقرار بالذّنب ثمّ المسألة ؛ إنّه والله ما خرج عبد من ذنب إلّا بالإقرار».

[٢ / ٥٠٧١] وعنه أيضا عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله ، إلّا أنّه قال : «ثمّ الثناء ، ثمّ الاعتراف بالذنب».

[٢ / ٥٠٧٢] وعن الحارث بن المغيرة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إذا أردت أن تدعو فمجّد الله عزوجل واحمده وسبّحه وهلّله وأثن عليه وصلّ على محمّد النبيّ وآله ، ثمّ سل تعط».

[٢ / ٥٠٧٣] وعن عيص بن القاسم قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن على ربّه وليمدحه ، فإنّ الرّجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيّأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه ، فإذا طلبتم الحاجة فمجّدوا الله العزيز الجبّار وامدحوه وأثنوا عليه ؛ تقول : «يا أجود من أعطى ، ويا خير من سئل ، يا أرحم من استرحم ، يا أحد يا صمد ، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، يا من لم يتّخذ صاحبة ولا ولدا ، يا من يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ويقضي ما أحبّ ، يا من يحول بين المرء وقلبه ، يا من هو بالمنظر الأعلى ، يا من ليس كمثله شيء ، يا سميع يا بصير» وأكثر من أسماء الله عزوجل فإنّ أسماء الله كثيرة ، وصلّ على محمّد وآله وقل : «اللهمّ أوسع عليّ من رزقك الحلال ما أكفّ به وجهي ، وأؤدّي به عن أمانتي ، وأصل به رحمي ، ويكون عونا لي في الحجّ والعمرة».

٣٢

وقال : «إنّ رجلا دخل المسجد فصلّى ركعتين ثمّ سأل الله ـ عزوجل ـ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عجّل العبد ربّه! وجاء آخر فصلّى ركعتين ثمّ أثنى على الله ـ عزوجل ـ وصلّى على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال رسول الله : سل تعط.

[٢ / ٥٠٧٤] وعن أبي كهمس قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «دخل رجل المسجد فابتدأ قبل الثناء على الله والصلاة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم! فقال رسول الله : عاجل العبد ربّه! ثمّ دخل آخر فصلّى وأثنى على الله عزوجل ـ وصلّى على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال رسول الله : سل تعطه». ثمّ قال (١) : إنّ في كتاب عليّ عليه‌السلام : «أنّ الثناء على الله والصلاة على رسوله قبل المسألة ، وإنّ أحدكم ليأتي الرّجل يطلب الحاجة فيحبّ أن يقول له خيرا قبل أن يسأله حاجته».

[٢ / ٥٠٧٥] وعن عثمان بن عيسى ، عمّن حدّثه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «قلت (٢) : آيتان في كتاب الله عزوجل أطلبهما فلا أجدهما (٣) قال : وما هما : قلت : قول الله ـ عزوجل ـ : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)(٤) فندعوه ولا نرى إجابة! قال : أفترى الله ـ عزوجل ـ أخلف وعده؟! قلت : لا! قال : فممّ ذلك؟ قلت : لا أدري! قال : لكنّي أخبرك ؛ من أطاع الله ـ عزوجل ـ فيما أمره ثمّ دعاه من جهة الدعاء أجابه! قلت : وما جهة الدّعاء؟ قال : تبدأ فتحمد الله وتذكر نعمه عندك ثمّ تشكره ثمّ تصلّي على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ تذكر ذنوبك فتقرّ بها ثمّ تستعيذ منها (٥) فهذا جهة الدعاء!

ثمّ قال : وما الآية الاخرى؟ قلت : قول الله ـ عزوجل ـ : (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)(٦) وإنّي أنفق ولا أرى خلفا! قال : أفترى الله ـ عزوجل ـ أخلف وعده؟! قلت : لا ، قال : فممّ ذلك؟ قلت لا أدري ، قال : لو أنّ أحدكم اكتسب المال من حلّه وأنفقه في حلّه (٧) لم ينفق درهما إلّا اخلف عليه».

[٢ / ٥٠٧٦] وعن عليّ بن أسباط ، عمّن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من سرّه أن يستجاب له دعوته فليطب مكسبه».

__________________

(١) أي أبو عبد الله عليه‌السلام.

(٢) أي الراوي.

(٣) أي أترقّب الوعد فيهما.

(٤) غافر ٤٠ : ٦٠.

(٥) في بعض النسخ : «ثمّ تستغفر».

(٦) الزمر ٣٩ : ٣٩.

(٧) في بعض النسخ : «في حقّه».

٣٣

الاجتماع في الدعاء

[٢ / ٥٠٧٧] روى بالإسناد إلى أبي خالد قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ما من رهط أربعين رجلا اجتمعوا فدعوا الله ـ عزوجل ـ في أمر إلّا استجاب الله لهم ، فإن لم يكونوا أربعين فأربعة يدعون الله ـ عزوجل ـ عشر مرّات إلّا استجاب الله لهم ، فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو الله أربعين مرّة فيستجيب الله العزيز الجبّار له».

[٢ / ٥٠٧٨] وعن عبد الأعلى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «ما اجتمع أربعة رهط قطّ على أمر واحد فدعوا [الله] إلّا تفرّقوا عن إجابة».

[٢ / ٥٠٧٩] وعن عليّ بن عقبة ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «كان أبي إذا حزنه أمر (١) جمع النساء والصبيان ثمّ دعا وأمّنوا».

[٢ / ٥٠٨٠] وعن النوفليّ ، عن السّكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «الدّاعي والمؤمّن في الأجر شريكان».

التعميم في الدعاء

[٢ / ٥٠٨١] روى بالإسناد إلى جعفر بن محمّد الأشعري ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا دعا أحدكم فليعمّ ، فإنّه أوجب للدّعاء».

من أبطأت عليه الإجابة

[٢ / ٥٠٨٢] روى بالإسناد إلى أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : (٢) جعلت فداك إنّي قد سألت الله حاجة منذ كذا وكذا سنة وقد دخل قلبي من إبطائها شيء! فقال : «يا أحمد إيّاك والشيطان أن يكون له عليك سبيل حتّى يقنّطك! إنّ أبا جعفر ـ صلوات الله عليه ـ (٣) كان يقول : إنّ المؤمن يسأل الله ـ عزوجل ـ حاجة فيؤخّر عنه تعجيل إجابته حبّا لصوته واستماع نحيبه. ثمّ قال : والله ما أخّر الله عن المؤمنين ما يطلبون من هذه الدنيا خير لهم ممّا عجّل لهم فيها ، وأيّ شيء

__________________

(١) في بعض النسخ : «إذا أحزنه أمر».

(٢) هو الرضا عليه‌السلام.

(٣) هو الباقر عليه‌السلام.

٣٤

الدّنيا!؟ إنّ أبا جعفر كان يقول : ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرّخاء نحوا من دعائه في الشدّة ، ليس إذا اعطي فتر ، فلا تملّ الدّعاء فإنّه من الله ـ عزوجل ـ بمكان ، وعليك بالصبر وطلب الحلال وصلة الرّحم ، وإيّاك ومكاشفة الناس ، فإنّا أهل البيت نصل من قطعنا ، ونحسن إلى من أساء إلينا ، فنرى والله في ذلك العاقبة الحسنة (١) إنّ صاحب النعمة في الدنيا إذا سأل فاعطي ، طلب غير الّذي سأل ، وصغرت النعمة في عينه ، فلا يشبع من شيء ، وإذا كثرت النعم كان المسلم من ذلك على خطر ، للحقوق الّتي تجب عليه ، وما يخاف من الفتنة فيها ، أخبرني عنك ، لو أنّي قلت لك قولا ، أكنت تثق به منّى؟ قلت له : جعلت فداك ، إذا لم أثق بقولك ، فبمن أثق ، وأنت حجّة الله على خلقه؟! قال : فكن بالله أوثق فإنّك على موعد من الله ، أليس الله ـ عزوجل ـ يقول : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ)(٢) وقال : (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ)(٣) وقال : (وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً)(٤) فكن بالله ـ عزوجل ـ أوثق منك بغيره ، ولا تجعلوا في أنفسكم إلّا خيرا فإنّه مغفور لكم».

[٢ / ٥٠٨٣] وعن منصور الصيقل قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ربما دعا الرّجل بالدّعاء فاستجيب له (٥) ، ثمّ اخّر ذلك إلى حين؟ فقال : نعم. قلت : ولم ذاك ، ليزداد من الدّعاء؟ قال : نعم!».

[٢ / ٥٠٨٤] وعن ابن أبي عمير ، عن إسحاق بن أبي هلال المدائني ، عن حديد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنّ العبد ليدعو ، فيقول الله ـ عزوجل ـ للملكين : قد استجبت له ولكن احبسوه بحاجته ، فإنّي أحبّ أن أسمع صوته ، وإنّ العبد ليدعو فيقول الله ـ تبارك وتعالى ـ : عجّلوا له حاجته ، فانّي أبغض صوته!».

[٢ / ٥٠٨٥] وعن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : «يستجاب للرّجل الدعاء ثمّ يؤخّر! قال : نعم ، عشرين سنة!».

[٢ / ٥٠٨٦] وعن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «كان بين قول الله ـ عزوجل ـ : (قَدْ

__________________

(١) في بعض النسخ : «العافية الحسنة».

(٢) البقرة ٢ : ١٨٦.

(٣) الزمر ٣٩ : ٥٣.

(٤) البقرة ٢ : ٢٦٨.

(٥) أي كان في علم الله استجابته. وهذا قد فرضه السائل فرضا ، فسأل عن السبب في التأخير. كما يبدو من الحديث التالي.

٣٥

أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما)(١) وبين أخذ فرعون أربعين عاما!».

[٢ / ٥٠٨٧] وعن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «إنّ المؤمن ليدعو فتؤخّر إجابته إلى يوم الجمعة» (٢).

[٢ / ٥٠٨٨] وعن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن المغيرة عن غير واحد من أصحابنا قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّ العبد الوليّ لله يدعو الله ـ عزوجل ـ في الأمر ينوبه ، فيقول للملك الموكّل به : اقض لعبدي حاجته ولا تعجّلها ، فإنّي أشتهي أن أسمع نداءه وصوته ، وإنّ العبد العدوّ لله ليدعو الله ـ عزوجل ـ في الأمر ينوبه فيقال للملك الموكّل به : اقض لعبدي حاجته وعجّلها ، فإنّي أكره أن أسمع نداءه وصوته. قال : فيقول النّاس : ما اعطي هذا إلّا لكرامته ولا منع هذا إلّا لهوانه!».

[٢ / ٥٠٨٩] وعن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «لا يزال المؤمن بخير ورجاء ، رحمة من الله ـ عزوجل ـ ما لم يستعجل ، فيقنط ويترك الدّعاء! قلت له : كيف يستعجل؟ قال : يقول : قد دعوت منذ كذا وكذا وما أرى الإجابة (٣)!».

[٢ / ٥٠٩٠] وعن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنّ المؤمن ليدعو الله ـ عزوجل ـ في حاجته فيقول الله عزوجل : أخّروا إجابته ، شوقا إلى صوته ودعائه ، فإذا كان يوم القيامة قال الله ـ عزوجل ـ : عبدي! دعوتني فأخّرت إجابتك ، وثوابك كذا وكذا ، ودعوتني في كذا وكذا فأخّرت إجابتك ، وثوابك كذا وكذا ، قال : فيتمنّى المؤمن أنّه لم يستجب له دعوة في الدّنيا ، ممّا يرى من حسن الثواب!».

الصلاة على النبيّ ردفا للدعاء

[٢ / ٥٠٩١] روى بالإسناد إلى هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «لا يزال الدّعاء محجوبا حتّى يصلّي على محمّد وآل محمّد».

__________________

(١) يونس ١٠ : ٨٩.

(٢) في بعض النسخ : «يوم القيامة».

(٣) أي لا ينبغي أن يفتر عن الدعاء لبطوء الإجابة فإنّه إنّما يكون التأخير لعدم المصلحة في هذا الوقت فسيعطى ذلك في وقت متأخّر في الدنيا أو سوف يعطى عوضه في الآخرة ؛ وعلى التقديرين فهو في خير لأنّه مشغول بالدعاء الّذي هو أعظم العبادات ويترتّب عليه أجزل المثوبات ، ورجاء رحمته تعالى في الدّنيا والآخرة هذا أيضا من أشرف الحالات.

٣٦

[٢ / ٥٠٩٢] وعن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من دعا ولم يذكر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رفرف الدّعاء على رأسه ، فإذا ذكر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رفع الدّعاء».

[٢ / ٥٠٩٣] وعن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام «أنّ رجلا أتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله ، إنّي أجعل لك ثلث صلواتي ، لا ، بل أجعل لك نصف صلواتي ، لا ، بل أجعلها كلّها لك! فقال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذن تكفى مؤونة الدّنيا والآخرة».

[٢ / ٥٠٩٤] وعن أبي اسامة ، عن أبي بصير قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : ما معنى أجعل صلواتي كلّها لك؟ فقال : يقدّمه بين يدي كلّ حاجة فلا يسأل الله ـ عزوجل ـ شيئا حتّى يبدأ بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيصلّي عليه ثمّ يسأل الله حوائجه».

[٢ / ٥٠٩٥] وعن جعفر بن محمّد الأشعريّ ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا تجعلوني كقدح الرّاكب فإنّ الراكب يملأ قدحه فيشربه إذا شاء ، اجعلوني في أوّل الدّعاء وفي آخره وفي وسطه» (١).

[٢ / ٥٠٩٦] وعن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إذا ذكر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأكثر والصلاة عليه ، فإنّه من صلّى على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاة واحدة صلّى الله عليه ألف صلاة في ألف صفّ من الملائكة ، ولم يبق شيء ممّا خلقه الله إلّا صلّى على العبد ، لصلاة الله عليه وصلاة ملائكته ، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور ، قد برىء الله منه ورسوله وأهل بيته».

[٢ / ٥٠٩٧] وعن ابن القدّاح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من صلّى عليّ صلّى الله عليه وملائكته. فمن شاء فليقلّ ومن شاء فليكثر».

[٢ / ٥٠٩٨] وعن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الصلاة عليّ وعلى أهل بيتي تذهب بالنّفاق».

[٢ / ٥٠٩٩] وعن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من قال : يا ربّ صلّ على محمّد وآل محمّد مائة مرّة ، قضيت له مائة حاجة ، ثلاثون للدّنيا [والباقي للآخرة]».

[٢ / ٥١٠٠] وعن عليّ بن الحكم وعبد الرحمان بن أبي نجران ، جميعا ، عن صفوان الجمّال ، عن

__________________

(١) أي لا تجعلوني كقدح الراكب لا يذكره إلّا إذا عطش واضطرّ إليه فيلتفت إليه ويشرب منه وأما في سائر الأوقات فهو غافل عنه.

٣٧

أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «كلّ دعاء يدعى الله ـ عزوجل ـ به محجوب عن السماء حتّى يصلّي على محمّد وآل محمّد».

[٢ / ٥١٠١] وعن أبي بكر الحضرمي قال : حدّثني من سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «جاء رجل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : أجعل نصف صلواتي لك؟ قال : نعم ، ثمّ قال : أجعل صلواتي كلّها لك؟ قال : نعم ، فلمّا مضى قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفي همّ الدنيا والآخرة».

[٢ / ٥١٠٢] وعن ابن أبي عمير عن مرازم قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّ رجلا أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله إنّي جعلت ثلث صلواتي لك؟ فقال له : خيرا ، فقال له : يا رسول الله إنّي جعلت نصف صلواتي لك؟ فقال له : ذاك أفضل ، فقال : إنّي جعلت كلّ صلواتي لك؟ فقال : إذا يكفيك الله عزوجل ما أهمّك من أمر دنياك وآخرتك. فقال له رجل (١) : أصلحك الله ، كيف يجعل صلاته له؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا يسأل الله ـ عزوجل ـ شيئا إلّا بدأ بالصلاة على محمّد وآله».

[٢ / ٥١٠٣] وعن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ارفعوا أصواتكم بالصلاة عليّ فإنّها تذهب بالنّفاق».

[٢ / ٥١٠٤] وعن إسحاق بن فرّوخ مولى آل طلحة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «يا إسحاق بن فرّوخ ، من صلّى على محمّد وآل محمّد عشرا صلّى الله عليه وملائكته مائة مرّة ، ومن صلّى على محمّد وآل محمّد مائة مرّة صلّى الله عليه وملائكته ألفا ، أما تسمع قول الله عزوجل : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً)» (٢).

[٢ / ٥١٠٥] وعن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : «ما في الميزان شيء أثقل من الصلاة على محمّد وآل محمّد ، وإنّ الرّجل لتوضع أعماله في الميزان فتميل به ، فيخرج بالصلاة عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيضعها في ميزانه فترجّح به».

[٢ / ٥١٠٦] وعن ابن جمهور ، عن أبيه ، عن رجاله قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «من كانت له إلى الله ـ عزوجل ـ حاجة فليبدأ بالصلاة على محمّد وآله ، ثمّ يسأل حاجته ، ثمّ يختم بالصلاة على محمّد وآل محمّد ، فإنّ الله عزوجل أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط ، إذ كانت الصلاة على محمّد

__________________

(١) قال للصادق عليه‌السلام وسأله عن ذلك.

(٢) الأحزاب ٣٣ : ٤٣. والصلاة من الله ، المغفرة والرحمة. ومن الملائكة دعاؤهم وطلبهم إنزال الرحمة.

٣٨

وآل محمّد لا تحجب عنه تعالى».

[٢ / ٥١٠٧] وعن عبد السّلام بن نعيم قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّي دخلت البيت ولم يحضرني شيء من الدّعاء إلّا الصلاة على محمّد وآل محمّد! فقال : أما إنّه لم يخرج أحد بأفضل ممّا خرجت به!».

[٢ / ٥١٠٨] وعن محمّد بن هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إذا صلّى أحدكم ولم يذكر النبيّ [وآله] في صلاته يسلك بصلاته غير سبيل الجنّة. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ دخل النار فأبعده الله ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من ذكرت عنده فنسي الصلاة عليّ خطّئ ، به طريق الجنّة!».

[٢ / ٥١٠٩] وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من ذكرت عنده فنسي أن يصلّي عليّ خطّأ الله به طريق الجنّة».

[٢ / ٥١١٠] وعن ابن القدّاح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «سمع أبي رجلا متعلّقا بالبيت وهو يقول : اللهمّ صلّ على محمّد! فقال له أبي : يا عبد الله لا تبترها ، لا تظلمنا حقّنا ، قل : اللهمّ صلّ على محمّد وأهل بيته».

خير الدعاء الاستغفار

[٢ / ٥١١١] روى بالإسناد إلى النوفليّ ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «خير الدّعاء الاستغفار».

[٢ / ٥١١٢] وعن عبيد بن زرارة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إذا أكثر العبد من الاستغفار ، رفعت صحيفته وهي تتلألأ».

[٢ / ٥١١٣] وعن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ياسر ، عن الرضا عليه‌السلام قال : «مثل الاستغفار مثل ورق على شجرة تحرّك فيتناثر ، والمستغفر من ذنب ويفعله ، كالمستهزيء بربّه».

[٢ / ٥١١٤] وعن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان لا يقوم من مجلس وإن خفّ حتّى يستغفر الله ـ عزوجل ـ خمسا وعشرين مرّة».

[٢ / ٥١١٥] وعن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستغفر الله

٣٩

ـ عزوجل ـ في كلّ يوم سبعين مرّة ، ويتوب إلى الله عزوجل سبعين مرّة ، قال : قلت : كان يقول : أستغفر الله وأتوب إليه؟ قال : كان يقول : أستغفر الله ، أستغفر الله ـ سبعين مرّة ـ ويقول : وأتوب إلى الله وأتوب إلى الله ـ سبعين مرّة».

[٢ / ٥١١٦] وعن صفوان بن يحيى عن حسين بن زيد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الاستغفار وقول : لا إله إلّا الله ، خير العبادة ، قال الله العزيز الجبّار : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ)».

الدعاء للإخوان بظهر الغيب

[٢ / ٥١١٧] روى بالإسناد إلى الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «أو شك دعوة وأسرع إجابة ، دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب».

[٢ / ٥١١٨] وعن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدرّ الرزق ويدفع المكروه».

[٢ / ٥١١٩] وعن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ)(١) قال : «هو المؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب ، فيقول له الملك : آمين ، ويقول الله العزيز الجبّار : ولك مثلا ما سألت ، وقد أعطيت ما سألت بحبّك إيّاه».

[٢ / ٥١٢٠] وعن أبي خالد القمّاط قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : «أسرع الدّعاء نجحا للإجابة دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب ، يبدأ بالدّعاء لأخيه ، فيقول له ملك موكلّ به : آمين ولك مثلاه!».

[٢ / ٥١٢١] وعن جعفر بن محمّد التميمي ، عن حسين بن علوان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما من مؤمن دعا للمؤمنين والمؤمنات إلّا ردّ الله عزوجل عليه مثل الّذي دعا لهم به ، من كلّ مؤمن ومؤمنة ، مضى من أوّل الدّهر أو هو آت إلى يوم القيامة ، إنّ العبد ليؤمر به إلى النّار يوم القيامة فيسحب ، فيقول المؤمنون والمؤمنات : يا ربّ هذا الّذي كان يدعو لنا فشفّعنا فيه ، فيشفّعهم الله ـ عزوجل ـ فيه ، فينجو!».

[٢ / ٥١٢٢] وعن عليّ بن إبراهيم (٢) عن أبيه قال : رأيت عبد الله بن جندب في الموقف فلم أر

__________________

(١) الشورى ٤٢ : ٢٥.

(٢) راجع : قاموس الرجال ٦ : ٣٠٠.

٤٠