التفسير الأثري الجامع - ج ٥

الشيخ محمّد هادي معرفة

التفسير الأثري الجامع - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي معرفة


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التمهيد ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5079-06-7
ISBN الدورة:
978-600-5079-08-1

الصفحات: ٥٦٠

[٢ / ٥٣٤٨] وعن مكحول : إتمامهما إنشاؤهما جميعا من الميقات (١).

[٢ / ٥٣٤٩] وعن الإمامين الباقر والصادق عليهما‌السلام قالا : «إنّ تمام الحجّ والعمرة أن لا يرفث ولا يفسق ولا يجادل» (٢).

[٢ / ٥٣٥٠] وهكذا روي عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان ، قال : «إتمامهما أن لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحجّ» (٣).

[٢ / ٥٣٥١] وأخرج ابن جرير عن سفيان ، قال : هو يعني تمامهما أن تخرج من أهلك لا تريد إلّا الحجّ والعمرة ، وتهلّ من الميقات ليس أن تخرج لتجارة ولا لحاجة ، حتّى إذا كنت قريبا من مكّة قلت : لو حججت أو اعتمرت. وذلك يجزىء ، ولكنّ التمام أن تخرج له لا تخرج لغيره! (٤)

[٢ / ٥٣٥٢] وأخرج عن ابن عون ، قال : سمعت القاسم بن محمّد يقول : إنّ العمرة في أشهر الحجّ ليست بتامّة! قال : فقيل له : العمرة في المحرّم؟ قال : كانوا يرونها تامّة! (٥)

[٢ / ٥٣٥٣] وأخرج عن قتادة ، قال : ما كان في غير أشهر الحجّ فهي عمرة تامّة ، وما كان في أشهر الحجّ فهي متعة وعليه الهدي (٦).

[٢ / ٥٣٥٤] وقال مقاتل بن سليمان في قوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) : من المواقيت ولا تستحلّوا فيهما ما لا ينبغي لكم ، فريضتان واجبتان. ويقال : العمرة هي الحجّ الأصغر ، وتمام الحجّ والعمرة المواقيت والإحرام خالصا لا يخالطه شيء من أمر الدنيا ، وذلك أنّ أهل الجاهليّة كانوا يشركون في إحرامهم ، فأمر الله النبيّ والمسلمين أن يتمّوهما لله ، فقال : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ

__________________

(١) ابن أبي حاتم ١ : ٣٣٣ / ١٧٥٦.

(٢) العيّاشيّ ١ : ١٠٧ / ٢٢٦ ؛ البحار ٩٦ : ١٧٣ / ١٦ ، باب ٢٨.

(٣) الكافي ٤ : ٣٣٧ / ٢ ؛ البرهان ١ : ٤٢١ / ٣.

(٤) الطبري ٢ : ٢٨٤ / ٢٦١١ ؛ الثعلبي ٢ : ٩٥ ؛ البغوي ١ : ٢٤١ ، بلفظ : قال سفيان الثوري إتمامهما أن تخرج من أهلك لهما ولا تخرج لتجارة ولا لحاجة أخرى.

(٥) الطبري ٢ : ٢٨٤ / ٢٦١٠ ؛ ابن كثير ١ : ٢٣٧ ، وزاد : وكذا روي عن قتادة بن دعامة. ثمّ قال : وهذا القول فيه نظر ، لأنّه قد ثبت أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اعتمر أربع عمر كلّها في ذي القعدة : عمرة الحديبيّة في ذي القعدة سنة ستّ ، وعمرة القضاء في ذي القعدة سنة سبع ، وعمرة الجعرانة في ذي القعدة سنة ثمان. وعمرته الّتي مع حجّته أحرم بهما في ذى القعدة سنة عشر ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ٤ : ٥٠٤ / ٣.

(٦) الطبري ٢ : ٢٨٤ / ٢٦٠٩ ؛ الثعلبي ٢ : ٩٥.

١٢١

لِلَّهِ) وهو ألّا يخلطوهما بشيء ، ثمّ خوّفهم أن يستحلّوا منهما ما لا ينبغي فقال ـ سبحانه ـ في آخر الآية : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)(١).

[٢ / ٥٣٥٥] وروى ابن بابويه الصدوق بالإسناد إلى معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحجّ من استطاع ، لأنّ الله ـ عزوجل ـ يقول : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) وإنّما نزلت العمرة بالمدينة ، وأفضل العمرة عمرة رجب» (٢).

[٢ / ٥٣٥٦] وروى العيّاشيّ عن زرارة ، عن الإمام أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إنّ العمرة واجبة بمنزلة الحجّ لأنّ الله يقول : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) هي واجبة مثل الحجّ ، ومن تمتّع أجزأته والعمرة في أشهر الحجّ متعة» (٣).

[٢ / ٥٣٥٧] وعن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «قلت له : يكتفي الرجل إذا تمتّع بالعمرة إلى الحجّ ، مكان تلك العمرة المفردة؟ قال : نعم ، كذلك أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (٤).

[٢ / ٥٣٥٨] وهكذا روى الشيخ بإسناده إلى يعقوب بن شعيب ، قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله ـ عزوجل ـ : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) : يكفي الرجل إذا تمتّع بالعمرة إلى الحجّ مكان تلك العمرة المفردة؟ قال : كذلك أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصحابه» (٥).

[٢ / ٥٣٥٩] وأخرج عبد الرزّاق وعبد بن حميد والدار قطني والحاكم والبيهقي عن ابن عبّاس قال : العمرة واجبة كوجوب الحجّ ، من استطاع إليه سبيلا (٦).

__________________

(١) تفسير مقاتل ١ : ١٧٠ ـ ١٧١.

(٢) نور الثقلين ١ : ١٨١ ـ ١٨٢ ؛ علل الشرائع ٢ : ٤٠٨ / ١ ، باب ١٤٤ ؛ العيّاشيّ ١ : ١٠٧ / ٢٢٤ ؛ البحار ٩٦ : ٣٣١ ـ ٣٣٢ / ٢ و ٨ ، باب ٦١.

(٣) العيّاشيّ ١ : ١٠٦ / ٢٢٠ ؛ البرهان ١ : ٤٢٤ / ١٤ ؛ البحار ٩٦ : ٩٧ / ١١ ، باب ١٠.

(٤) العيّاشيّ ١ : ١٠٦ / ٢٢٣ ؛ البرهان ١ : ٤٢٤ ـ ٤٢٥ / ١٧ ؛ البحار ٩٦ : ٩٧ / ١٢ ، باب ١٠.

(٥) البرهان ١ : ٤٢١ / ٦ ؛ التهذيب ٥ : ٤٣٣ / ١٥٠٤ / ١٥٠ ، باب ٢٦ ؛ الاستبصار ٢ : ٣٢٥ / ١١٥١ ـ ٢ ، باب ٢٢٣.

(٦) الدرّ ١ : ٥٠٤ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٣١٦ / ٢٠٣ ، عن قتادة وعمّن سمع عطاء بن أبي رباح ؛ الدار قطني ٢ : ٢٨٥ / ٢١٩ ؛ الحاكم ١ : ٤٧١ ، كتاب المناسك ، باب الحجّ والعمرة فريضتان ؛ البيهقي ٤ : ٣٥١ ؛ البخاري ٢ : ١٩٨ ، بلفظ : «والله ، إنّها ـ يعني العمرة ـ لقرينته في كتاب الله».

١٢٢

[٢ / ٥٣٦٠] وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس قال : العمرة الحجّة الصغرى (١).

[٢ / ٥٣٦١] وأخرج الحاكم عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الحجّ والعمرة فريضتان لا يضرّك بأيّهما بدأت» (٢).

***

[٢ / ٥٣٦٢] وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن مسعود قال : الحجّ فريضه والعمرة تطوّع ؛ وكذا روي عن سعيد بن جبير وغيره (٣).

ولعلّ المقصود : العمرة المفردة ، لمن حجّ تمتّعا ، جمعا بين الأخبار. وهذا هو مقصود أبي جعفر الطبري : هي تطوّع لا فرض!

[٢ / ٥٣٦٣] وأخرج ابن ماجة عن طلحة بن عبيد الله إنّه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «الحجّ جهاد ، والعمرة تطوّع» (٤).

[٢ / ٥٣٦٤] وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وصحّحه عن جابر بن عبد الله «أنّ رجلا سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن العمرة أواجبة هي؟ قال : لا ، وأن تعتمروا خير لكم» (٥).

***

نعم ويستدرك من عموم الأمر بوجوب الإتمام ، حالة عروض مانع منه ، من عدوّ يصدّه أو أذى يجهد به ، والأوّل يسمّى : «المصدود» ، والثاني : «المحصور» ، وكلاهما يفتدي بذبح شاة ، فيذبحه المصدود في مكانه ويحلّ من الإحرام. والمحصور ينتظر حتّى يبلغ الهدي محلّه : مكّة ، إذا كان

__________________

(١) الدرّ ١ : ٥٠٤ ؛ المصنّف ٤ : ٣٠٥ / ٧ ، باب ١٤٩ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٣٣٤ / ١٧٦٢ ؛ الثعلبي ٢ : ٩٦.

(٢) الدرّ ١ : ٥٠٥ ؛ الحاكم ١ : ٤٧١ ، القرطبي ٢ : ٣٦٨.

(٣) الدرّ ١ : ٥٠٥ ؛ المصنّف ٤ : ٣٠٤ / ٣ ، باب ١٤٨ ، كتاب الحجّ ، باب من قال العمرة تطوّع ؛ الطبري ٢ : ٢٨٧ و ٢٩٠ / ٢٦٢٣.

(٤) الدرّ ١ : ٥٠٥ ؛ ابن ماجة ٢ : ٩٩٥ / ٢٩٨٩ ، باب ٤٤ ؛ الأوسط ٧ : ١٧ / ٦٧٢٣ ؛ كنز العمّال ٥ : ٤ / ١١٧٨٧.

(٥) الدرّ ١ : ٥٠٥ ؛ المصنّف ٤ : ٣٠٣ / ١ ، باب ١٤٨ ؛ الترمذي ٢ : ٢٠٥ / ٩٣٠ ، باب ٨٥ ، بلفظ : ... عن جابر أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سئل عن العمرة أواجبة هي؟ قال : لا ، وأن يعتمروا هو أفضل ؛ مسند أحمد ٣ : ٣١٦ ، الطبري ٢ : ٢٨٩ / ٢٦٣٠ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٣٣٥ / ١٧٦٤ ، عن محمّد بن المنكدر عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ الثعلبي ٢ : ٩٦.

١٢٣

معتمرا ومنى ، إذا كان أحرم للحجّ.

قال تعالى : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) أعمّ من الصدّ والحصر (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) يذبحه المصدود في مكانه ، كما حدث في الحديبيّة سنة ستّ من الهجرة ، كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمون قد أحرموا للعمرة ، فصدّهم المشركون دون الوصول إلى المسجد الحرام ، ثمّ عقدوا معه الصلح على أن يعتمر في القابل ، فأمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن ينحر المسلمون ما معهم من الهدي مكانهم ويحلّوا من الإحرام.

وقال تعالى بشأن المحصور لأذى من مرض جهد به : (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ) للإحلال من الإحرام (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) مكّة للمعتمر ، ومنى لمن قصد الحج إفرادا أو قرانا.

أمّا المصدود بالعدوّ فيذبح هدية حيث صدّ ، كما أمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الحديبيّة. وأمّا المحصور فإن كان أهلّ بالحجّ ، فمحلّه منى يوم النحر ، وإن كان أهلّ بالعمرة فمحلّه مكّة. ذكره الطبرسي في التفسير (١).

قوله تعالى : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ)

الحصر : الحبس والمنع ؛ وهو أعمّ من أن يكون المانع ، عدوّا أو مرضا أو ما أشبه وإن كان الفقهاء اصطلحوا على التعبير بالصدّ عند ممانعة العدوّ ، وبالحصر إذا حبسه مرض أو أذى وما أشبه.

[٢ / ٥٣٦٥] قال مقاتل بن سليمان في قوله : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) يقول : فإن حبستم كقوله ـ سبحانه ـ : (الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ)(٢) يعني حبسوا. نظيرها أيضا : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً)(٣) يعني محبسا ، يقول إن حبسكم في إحرامكم بحجّ أو بعمرة كسر أو مرض أو عدوّ عن المسجد الحرام (٤).

[٢ / ٥٣٦٦] وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : الحصر حبس كلّه (٥).

__________________

(١) مجمع البيان ٢ : ٣٨.

(٢) البقرة ٢ : ٢٧٣.

(٣) الإسراء ١٧ : ٨.

(٤) تفسير مقاتل ١ : ١٧١.

(٥) الدرّ ١ : ٥١٢ ؛ الطبري ٢ : ٢٩١ / ٢٦٣٢ ، بلفظ : أنّه كان يقول : الحصر : الحبس كلّه. يقول : أيّما رجل اعترض له في حجّته أو عمرته فإنّه يبعث بهديه من حيث يحبس. وقال في قوله : فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ : فإن أحصرتم : يمرض إنسان أو يكسر أو يحبسه أمر فغلبه كائنا ما كان ، فليرسل بما استيسر من الهدي ، ولا يحلق رأسه ، ولا يحلّ حتّى يوم النحر ؛ البغوي ١ : ٢٤٦ ، بمعناه.

١٢٤

[٢ / ٥٣٦٧] وأخرج ، عن قتادة قوله : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) قال : هذا رجل أصابه خوف أو مرض أو حابس حبسه عن البيت يبعث بهديه ، فإذا بلغ محلّه صار حلالا (١).

[٢ / ٥٣٦٨] وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة قال : كلّ شيء حبس المحرم فهو إحصار (٢).

[٢ / ٥٣٦٩] وروى زرارة عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : «المصدود يذبح حيث صدّ ، والمحصور يبعث بهديه فيعدهم يوما ، فإذا بلغ الهدي ، أحلّ في مكانه» (٣).

[٢ / ٥٣٧٠] وعن معاوية بن عمّار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أحصر فبعث بالهدي؟ فقال : «يواعد أصحابه ميعادا ، فإذا كان في حجّ فمحلّ الهدي يوم النحر (٤) ، فإذا كان يوم النحر فليقصّر من رأسه ... وإن كان في عمرة فلينتظر مقدار دخول أصحابه مكّة والساعة الّتي يعدهم فيها ، فإذا كان تلك الساعة قصّر وأحلّ» (٥).

[٢ / ٥٣٧١] وعن زرعة قال : سألته عليه‌السلام عن رجل أحصر في الحجّ؟ قال : «فليبعث بهديه إلى محلّه ، ومحلّه منى يوم النحر ، إذا كان في الحجّ. وإن كان في عمرة نحر بمكّة» (٦).

قوله تعالى : (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)

[٢ / ٥٣٧٢] روى العيّاشيّ بالإسناد إلى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) قال : «يجزيه شاة ، والبدنة والبقرة أفضل» (٧).

[٢ / ٥٣٧٣] وأخرج مالك وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن

__________________

(١) الطبري ٢ : ٢٩١ / ٢٦٣٤ ؛ الثعلبي ٢ : ٩٨ ـ ٩٩ ، أبو الفتوح ٣ : ٩١ ، عبد الرزّاق ١ : ٣١٧ / ٢٠٥ ، بمعناه وباختصار.

(٢) الدرّ ١ : ٥١٣ ؛ المصنّف ٤ : ٢٩٣ / ٤ ؛ الطبري ٢ : ٢٩١ / ٢٦٣٥ ؛ البغوي ١ : ٢٤٦ ؛ الثعلبي ٢ : ٩٨ ـ ٩٩ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٩١.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧١ / ٩ ؛ الوسائل ١٣ : ١٨٠.

(٤) عاشر ذي الحجّ بمنى.

(٥) التهذيب ٥ : ٤٢١ ـ ٤٢٢ / ١٤٦٥ ـ ١١١ ؛ الوسائل ١٣ : ١٨١.

(٦) التهذيب ٥ : ٤٢٣ / ١٤٧٠ ـ ١١٦ ؛ الوسائل ١٣ : ١٨٢.

(٧) العيّاشيّ ١ : ١٠٧ / ٢٢٨ ؛ البرهان ١ : ٤٢٥ / ٢٢ ؛ البحار ٩٦ : ٢٧٨ / ٢ ، باب ٥٠ ؛ الصافي ١ : ٣٥٦.

١٢٥

المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عليّ عليه‌السلام «في قوله : (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) قال : شاة» (١). وهكذا روي عن ابن عبّاس.

[٢ / ٥٣٧٤] وروى الصدوق عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام قال : «إنّ الله تعالى وضع الفرايض على أدنى القوم قوّة ، كما قال ـ عزوجل ـ : (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) يعني شاة ، ليسع القويّ والضعيف ، وكذلك ساير الفرايض إنّما وضعت على أدنى القوم قوّة» (٢).

[٢ / ٥٣٧٥] وعن قتادة : (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) قال : أعلاه بدنة ، وأوسطه بقرة ، وأدناه شاة! (٣)

[٢ / ٥٣٧٦] وعن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عبّاس : ما استيسر من الهدي : شاة فما فوقها (٤).

[٢ / ٥٣٧٧] وأخرج الشافعي في الأمّ ووكيع وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي من طرق عن ابن عمر : (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) قال : بقرة أو جزور. قيل : أو ما يكفيه شاة؟ قال : لا! (٥)

[٢ / ٥٣٧٨] وأخرج وكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزّاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد عن ابن عبّاس (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) قال : ما يجد ، قد يستيسر على الرجل الجزور والجزوران (٦).

[٢ / ٥٣٧٩] وأخرج وكيع وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عبّاس في الآية قال : من الأزواج الثمانية من الإبل والبقر والضأن والمعز على قدر

__________________

(١) الدرّ ١ : ٥١٢ ؛ المؤطّأ ١ : ٣٨٥ / ١٥٨ ، باب ٥١ ، سنن سعيد ٣ : ٧٥٢ / ٣٠١ ؛ المصنّف ٤ : ٢٠٦ / ١٤ ، باب ١٥ ؛ الطبري ٢ : ٢٩٧ / ٢٦٥٧ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٣٣٦ / ١٧٦٩ ؛ البيهقي ٥ : ٢٤ ؛ القرطبي ٢ : ٣٧٨ ، نسبه إلى جمهور أهل العلم ؛ ابن كثير ١ : ٢٣٨ ؛ البغوي ١ : ٢٤٧ ؛ الثعلبي ٢ : ١٠٠ ؛ مجمع البيان ٢ : ٣٨ ؛ التبيان ٢ : ١٥٦ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٩٣.

(٢) نور الثقلين ١ : ١٨٥ ؛ عيون الأخبار ٢ : ١٢٦ / ١ ، باب ٣٤ ؛ علل الشرائع ١ : ٢٧٣ / ٩ ، باب ١٨٢ ؛ البحار ٦ : ٨٣ / ١ ، باب ٢٣ ؛ كنز الدقائق ٢ : ٢٧٤ ـ ٢٧٥ ؛ الصافي ١ : ٣٥٦ ، باختصار.

(٣) الطبري ٢ : ٢٩٦ / ٢٦٤٨ ؛ القرطبي ٢ : ٣٧٨ ، نقلا عن الحسن ؛ البغوي ١ : ٢٤٧ ، عن الحسن وقتادة ؛ الوسيط ١ : ٢٩٧ ، عن ابن عبّاس وقتادة.

(٤) الطبري ٢ : ٢٩٦.

(٥) الدرّ ٢ : ٣٥١ ، (ط : هجر) ؛ الأمّ ٧ : ٢٦٧ بلفظ : عن ابن عمر إنّه كان يقول : فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ بعير أو بقرة ؛ سنن سعيد ٣ : ٧٥٠ / ٢٩٩ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ٤ : ٢٠٥ / ٥ وفيه : كان ابن عمر يقول : من الإبل والبقر ؛ الطبري ٢ : ٢٩٨ / ٢٦٦٢.

(٦) الدرّ ١ : ٥١٢ ؛ سنن سعيد ٣ : ٧٥٢ / ٣٠٠.

١٢٦

الميسرة ، وما عظّمت فهو أفضل (١).

[٢ / ٥٣٨٠] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) قال : عليه هدي إن كان موسرا فمن الإبل ، وإلّا فمن البقر ، وإلّا فمن الغنم (٢).

[٢ / ٥٣٨١] وعن يحيى بن سعيد ، قال : سمعت القاسم بن محمّد يقول : كان عبد الله بن عمر وعائشة يقولان : (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) : من الإبل والبقر! (٣)

[٢ / ٥٣٨٢] وعن نافع ، عن ابن عمر ، قال : (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) : قال : بدنة أو بقرة ، فأمّا شاة فإنّها هي نسك (٤).

قوله تعالى : (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)

أي لا يحلّ من إحرامه حتّى يبعث بالهدي أو ثمنه فيذبح بمكّة ، إن كان محرما بعمرة ، ومنى ، إن كان محرما بالحجّ.

[٢ / ٥٣٨٣] روى الشيخ بإسناده إلى الحسين بن سعيد ، عن الحسن ، عن زرعة قال : سألته عن رجل أحصر في الحجّ؟ قال : «فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه ، ومحلّه منى يوم النحر إذا كان في الحجّ ، وإن كان في عمرة نحر بمكّة. وإنّما عليه أن يعدهم لذلك يوما ، فإذا كان ذلك اليوم فقد وفى ، وإن اختلفوا في الميعاد لم يضرّه إن شاء الله تعالى» (٥).

[٢ / ٥٣٨٤] وقال مقاتل بن سليمان في قوله : (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) : يعني فليقم محرما مكانه

__________________

(١) الدرّ ١ : ٥١٢ ؛ سنن سعيد ٣ : ٧٦٤ / ٣١٢ ؛ الطبري ٢ : ٢٩٥ / ٢٦٤٤ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٣٣٦ / ١٧٧١ ؛ البيهقي ٥ : ٢٢٩.

(٢) الدرّ ١ : ٥١٢ ؛ الطبري ٢ : ٢٩٨ ، بعد رقم ٢٦٥٨ ؛ ابن كثير ١ : ٢٣٩ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ٤ : ٢٠٥ / ٥ ، باب ١٥ ، بلفظ : ... سمعت الزهري وسئل عن : فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فقال : كان ابن عمر يقول : من الإبل والبقر ، وكان ابن عبّاس يقول : من الغنم ؛ الثعلبي ٢ : ١٠٠ ، بلفظ : قال ابن عمر : فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ الإبل والبقر ناقة دون ناقة وبقرة دون بقرة سن دون سن ، وأنكر أن يكون الشاة من الهدي.

(٣) الطبري ٢ : ٢٩٩ / ٢٦٦٥ ؛ ابن كثير ١ : ٢٣٨ ، بلفظ : ابن أبي حاتم ، وزاد : وروي عن سالم والقاسم وعروة بن الزبير وسعيد بن جبير نحو ذلك.

(٤) الطبري ٢ : ٢٩٩ / ٢٦٦٩.

(٥) البرهان ١ : ٤٢٢ / ١٠ ؛ التهذيب ٥ : ٤٢٣ / ١٤٧٠ ـ ١١٦ ، باب ٢٦.

١٢٧

ويبعث ما استيسر من الهدي أو بثمن الهدي فيشترى له الهدي. فإذا نحر الهدي عنه فإنّه يحلّ من إحرامه مكانه ، ثمّ قال : (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ) في الإحرام (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) يعني : حتّى يدخل الهدي مكّة ، فإذا نحر الهدي حلّ من إحرامه (١).

[٢ / ٥٣٨٥] وأخرج البخاري عن المسور أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحر قبل أن يحلق ، وأمر أصحابه بذلك (٢).

[٢ / ٥٣٨٦] وأخرج الحاكم وصحّحه عن أبي حاضر الحميري (٣) قال : خرجت معتمرا عام حوصر ابن الزبير ومعي هدي ، فمنعنا أن ندخل الحرم (٤) فنحرت الهدي مكاني وأحللت ، فلمّا كان العام المقبل خرجت لأقضي عمرتي ، فأتيت ابن عبّاس فسألته ، فقال : أبدل الهدي ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر أصحابه أن يبدّلوا الهدي الّذي نحروا عام الحديبيّة ، في عمرة القضاء (٥).

قوله تعالى : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)

فالصيام ثلاثة أيّام. والصدقة : إطعام ستّة مساكين. والنّسك (٦) : دم يهريقه ، كما في الحديث.

[٢ / ٥٣٨٧] روى البخاري بإسناده إلى كعب بن عجرة ـ وكان قد أضرّ به الأذى ـ فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما كنت أرى أنّ الجهد بلغ بك هذا! أما تجد شاة؟ قال : لا ، قال : صم ثلاثة أيّام أو أطعم ستّة مساكين ، لكلّ مسكين نصف صاع من طعام ، واحلق رأسك» (٧).

[٢ / ٥٣٨٨] وروى الكليني بالإسناد إلى الإمام أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال : «مرّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على كعب بن عجرة ، وقد أضرّ به الأذى ، وهو محرم ، فقال له : أتؤذيك هو امّك؟ قال : نعم ، فأنزلت الآية ، فأمره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يحلق. وجعل الصيام ثلاثة أيّام ، والصدقة على ستّة مساكين ، لكلّ

__________________

(١) تفسير مقاتل ١ : ١٧٢.

(٢) الدرّ ١ : ٥١٣ ؛ البخاري ٢ : ٢٠٧.

(٣) شيخ من أهل اليمن مقبول صدوق.

(٤) منعتهم جيوش أهل الشام وكانوا قد حاصروا مكّة على ابن الزبير.

(٥) الدرّ ١ : ٥١٤ ؛ الحاكم ١ : ٤٨٦ ، كتاب المناسك ؛ القرطبي ٢ : ٣٧٦.

(٦) قال الراغب : النّسك : العبادة. والناسك : العابد ، واختصّ بأعمال الحجّ. والمناسك : مواقف النسك وأعمالها. والنسيكة مختصّة بالذبيحة. (المفردات : ٤٩٠ ـ ٤٩١).

(٧) البخاري ٥ : ١٥٨.

١٢٨

مسكين مدّين ، والنّسك : الشاة».

ثمّ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «وكلّما جاء في القرآن «أو» فصاحبه بالخيار ، يختار ما شاء ، وكلّما جاء فيه : «فمن لم يجد كذا فعليه كذا» فالأولى الخيار» (١).

ورواه الشيخ في التهذيب ، وفي آخره : والأوّل الخيار (٢).

[٢ / ٥٣٨٩] وأخرج ابن جرير عن عطاء ومجاهد أنّهما قالا : ما كان في القرآن «أو كذا ، أو كذا» فصاحبه بالخيار ؛ أيّ ذلك شاء فعل (٣).

[٢ / ٥٣٩٠] وعن مجاهد : كلّ ما كان في القرآن «كذا فمن لم يجد فكذا» فالأوّل فالأوّل. وكلّ ما كان في القرآن «أو كذا ، أو كذا» فهو فيه بالخيار (٤).

[٢ / ٥٣٩١] وعن عكرمة قال : كلّ شيء في القرآن ، «أو ، أو» فليتخيّر أيّ الكفارات شاء. فإذا كان (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) فالأوّل فالأوّل (٥).

[٢ / ٥٣٩٢] وأخرج الشافعى عن ابن جريج عن عمرو بن دينار ، قال : كلّ شيء في القرآن «أو ، أو» له أيّة شاء. قال ابن جريج : إلّا في قوله تعالى : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ)(٦) ، فليس بمخيّر فيها (٧).

[٢ / ٥٣٩٣] وروى ابن بابويه الصدوق مسندا إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّه مرّ على كعب بن عجرة الأنصاري وهو محرم وقد أضرّ به القمّل! فقال : صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «ما كنت أرى أنّ الأمر يبلغ ما أرى ، فأمره فنسك عنه نسكا وحلق رأسه وتلا الآية وقال : فالصيام ثلاثة أيّام ، والصدقة على ستّة مساكين ؛ لكلّ مسكين صاع من تمر ، وروي : مدّ من تمر ، والنّسك شاة ، لا يطعم منها أحد إلّا المساكين» (٨).

[٢ / ٥٣٩٤] وروى الشيخ بالإسناد إلى عمر بن يزيد عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال ـ في الآية ـ : «فمن عرض له أذى أو وجع ، فتعاطى ما لا ينبغي لمحرم ، فالصيام ثلاثة أيّام ، والصدقة على عشرة

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٥٨ / ٢.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٣٣ / ١١٤٧ ـ ٦٠ ؛ الاستبصار ٢ : ١٩٥.

(٣) الطبري ٢ : ٣٢٥ / ٢٧٣٢.

(٤) المصدر / ٢٧٢٩.

(٥) المصدر : ٣٢٦ / ٢٧٣٤.

(٦) المائدة ٥ : ٣٣.

(٧) الأمّ ٢ : ٢٠٦ ؛ البيهقي ٥ : ١٨٥.

(٨) الفقيه ٢ : ٣٥٨ / ٢٦٩٧.

١٢٩

مساكين ؛ شبعهم من الطعام. والنّسك : شاة يذبحها فيأكل ويطعم ، قال : وإنّما عليه واحد من ذلك» (١).

قلت : ويحمل الاختلاف على مراتب الفضل في الإطعام ؛ في مقداره وفي عدد المطعمين (٢). وكذا يحمل قوله : «فيأكل ويطعم» على كون الباذل مسكينا أيضا ، فيشمله عموم قوله : «لا يطعم منها أحد إلّا المساكين» الوارد في الحديث قبله ، وإلّا فهو مخالف لما عليه الفقهاء من عدم جواز الأكل من الفداء (٣).

[٢ / ٥٣٩٥] وأخرج ابن جرير بالإسناد إلى ليث ، عن عطاء وطاوس ومجاهد ، أنّهم قالوا : لا يؤكل من الفدية (٤).

[٢ / ٥٣٩٦] وعن مجاهد أيضا قال : جزاء الصيد والفدية والنذر لا يأكل منها صاحبها ، ويأكل من التطوّع والتمتّع. (٥) أي الهدي يذبح بمنى.

[٢ / ٥٣٩٧] وعن عطاء ، قال : ثلاث لا يؤكل منهنّ : جزاء الصيد ، وجزاء النسك ، ونذر المساكين (٦).

[٢ / ٥٣٩٨] وأيضا عنه قال : لا يأكل من بدنته الّذي يصيب أهله حراما والكفّارات كذلك (٧).

[٢ / ٥٣٩٩] وعن ابن عمر قال : لا يؤكل من جزاء الصيد والنذر ، ويؤكل ممّا سوى ذلك (٨).

[٢ / ٥٤٠٠] وعن الحسن : كان لا يرى بأسا بالأكل من جزاء الصيد ونذر المساكين (٩).

[٢ / ٥٤٠١] وعن عطاء أنّه كان يقول : ما كان من دم فبمكّة ، وما كان من طعام وصيام فحيث شاء (١٠).

[٢ / ٥٤٠٢] وعن منصور عن مجاهد ، قال : الفدية حيث شئت. (١١) يعني به : فداء الكفّارات.

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٣٣ ـ ٣٣٤ / ١١٤٨ ـ ٦١.

(٢) راجع : روضة المتّقين في شرح الفقيه ، المجلسيّ الأوّل ٤ : ٤٤٦.

(٣) ملاذ الأخيار في شرح التهذيب للمجلسيّ الثاني ٨ : ٢٥٤. نقلا عن السيّد صاحب المدارك (٨ : ٤٣٩).

(٤) الطبري ٢ : ٣٣١ / ٢٧٤٩.

(٥) المصدر / ٢٧٤٧.

(٦) المصدر : ٣٣٠ / ٢٧٤٦ وبعده.

(٧) المصدر : ٣٣١ / ٢٧٤٨.

(٨) الطبري ٢ : ٣٣١ / ٢٧٥٠ ؛ البخاري ٢ : ١٨٧.

(٩) الطبري ٢ : ٣٣١ / ٢٧٥٣.

(١٠) المصدر : ٣٢٩ / ٢٧٤٥.

(١١) الطبري ٢ : ٣٢٩ / ٢٧٤٣ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ٤ : ٢٦٢ / ٢ ، باب ٨٤ ، بلفظ : قال : اجعل الفدية حيث شئت.

١٣٠

قوله تعالى : (فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)

هذا في حالة عاديّة ، لا صدّ ولا إحصار ، فمن أراد التمتّع بالعمرة إلى الحجّ وهذا فرض من نأى عن مكّة ولم يكن من حاضري المسجد الحرام ؛ فهذا يحرم من الميقات الّذي يخصّه ، وعليه الهدي يذبحه بمنى يوم النحر.

(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) الهدي ولم يكن بوسعه ، فعليه بدل الهدي صيام عشرة أيّام : (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ) في مواسم الحجّ : يوما قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة (أي السابع والثامن والتاسع من ذي الحجّة ذلك العام).

وإن صام في أوّل العشر جاز ذلك رخصة. وإن صام يوم التروية ويوم عرفة ، قضى الثالث بعد انقضاء أيّام التشريق. وإن فاته يوم التروية قضى الثلاثة بعد أيّام التشريق متتابعات كلّ ذلك حسبما ورد به النصّ عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام (١).

(وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) إلى بلادكم وأهليكم (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) يصومها المعوز ، بدل الهدي. وقيد الكاملة نصّ وتوكيد كي لا يتوهّم التخيير بين الثلاثة والعشرة.

(ذلِكَ) أي فرض التمتّع بالحجّ (لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) وهم : من يكون بينهم وبينه مسافة أكثر من اثني عشر ميلا من كلّ جانب.

وعند هذا المقطع من بيان أحكام الحجّ يقف السياق ليعقّب تعقيبا قرآنيّا ، يشدّ به القلوب إلى الله وتقواه :

(وَاتَّقُوا اللهَ) في مراعاة تلكم الأحكام والفرائض فارغة عن شوب الأكدار والأقذار.

(وَاعْلَمُوا) تهديد لمن رام الابتداع أو الانحراف بالشريعة (أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لمن عصاه وحاول المصافّ مع الدين. كما هو رؤوف بعباده المؤمنين الأتقياء.

قوله تعالى : (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ)

[٢ / ٥٤٠٣] روى الكليني بالإسناد إلى رفاعة بن موسى ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المتمتّع لا يجد الهدي؟ قال : «يصوم قبل التروية بيوم ، ويوم التروية ، ويوم عرفة ؛ قلت : فإنّه قدم يوم

__________________

(١) وسنذكرها. راجع : مجمع البيان ٢ : ٣٩.

١٣١

التروية؟ قال : يصوم ثلاثة أيّام بعد التشريق ؛ قلت : لم يقم عليه جمّاله؟ قال : يصوم يوم الحصبة (١) وبعده بيومين! قال : قلت : وما الحصبة؟ قال يوم نفره ؛ قلت : يصوم وهو مسافر؟ قال : نعم ، أليس هو يوم عرفة مسافرا (٢)؟ إنّا أهل بيت نقول ذلك ، لقول الله ـ عزوجل ـ : (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) ، يقول : في ذي الحجّة»! (٣) حيث الحاجّ في أيّام الحجّ مسافر لا محالة. وقد فرض عليه هذا الصوم في سفره ، متى كان.

[٢ / ٥٤٠٤] وعن زرارة ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : «من لم يجد هديا وأحبّ أن يقدّم الثلاثة الأيّام في أوّل العشر ، فلا بأس» (٤).

[٢ / ٥٤٠٥] وعن معاوية بن عمّار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن متمتّع لم يجد هديا؟ قال : «يصوم ثلاثة أيّام في الحجّ ، يوما قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة ؛ قال : قلت : فإن فاته ذلك؟ قال : يتسحّر ليلة الحصبة ويصوم ذلك اليوم ويومين بعده. قلت : فإن لم يقم جمّاله ، أيصومها في الطريق؟ قال : إن شاء صامها في الطريق ، وإن شاء إذا رجع إلى أهله» (٥).

[٢ / ٥٤٠٦] وعن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : «سألته عن رجل تمتّع فلم يجد ما يهدي به حتّى إذا كان يوم النفر ، وجد ثمن شاة ، أيذبح أو يصوم؟ قال : بل يصوم ، فإنّ أيّام الذبح قد مضت» (٦).

ورواياتنا بهذا الشأن متوفّرة فليراجع (٧).

[٢ / ٥٤٠٧] وهكذا أخرج ابن جرير عن ابن عبّاس في الآية قال : إذا لم يجد المتمتّع بالعمرة هديا ، فعليه صيام ثلاثة أيّام في الحجّ قبل يوم عرفة ، وإن كان يوم عرفة الثالث فقد تمّ صومه ، وسبعة إذا رجع إلى أهله (٨).

[٢ / ٥٤٠٨] وعن سعيد بن جبير : قال : آخرها يوم عرفة (٩).

__________________

(١) يوم الحصبة يوم رمي الجمار الأخير ، حيث ينتهي الحاجّ من أعماله ، فيرحل إلى بلاده ، ومن ثمّ فسّره الإمام عليه‌السلام بيوم نفره.

(٢) لأنّ الحاجّ بعرفة مسافر ، وقد جاز له صومه.

(٣) الكافي ٤ : ٥٠٦ ـ ٥٠٧ / ١.

(٤) المصدر / ٢.

(٥) المصدر : ٥٠٧ ـ ٥٠٨ / ٣.

(٦) المصدر : ٥٠٩ / ٩.

(٧) الوسائل ١٤ : ١٧٨ ـ ١٨٥ ، باب ٤٦.

(٨) الدرّ ١ : ٥١٧ ؛ الطبري ٢ : ٣٤٠ / ٢٧٩٧ ؛ ابن كثير ١ : ٢٤١.

(٩) الطبري ٢ : ٣٤٠ / ٢٧٩٢.

١٣٢

[٢ / ٥٤٠٩] وعن قتادة قوله : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ) قال : كان يقال عرفة وما قبلها يومين من العشر (١).

[٢ / ٥٤١٠] وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة قال : لا يصوم متمتّع إلّا في العشر (٢).

[٢ / ٥٤١١] وأخرج ابن جرير عن الحجّاج عن أبي جعفر قال : لا يصام إلّا في العشر (٣).

[٢ / ٥٤١٢] وعن عروة قال : المتمتّع يصوم قبل التروية يوما ، ويوم التروية ، ويوم عرفة (٤).

[٢ / ٥٤١٣] وعن الأوزاعي ، قال : حدّثني يعقوب أنّ عطاء بن أبي رباح كان يقول : من استطاع أن يصومهنّ فيما بين أوّل يوم من ذي الحجّة إلى يوم عرفة فليصم (٥).

[٢ / ٥٤١٤] وعن ابن جريج ، عن عطاء قال : ولا بأس أن يصوم المتمتّع في العشر وهو حلال (٦).

[٢ / ٥٤١٥] وأخرج عبد الرزّاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر قال : لا يجزئه صوم ثلاثة أيّام وهو متمتّع إلّا أن يحرم (٧).

[٢ / ٥٤١٦] وعن عكرمة ، قال : إذا خشي أن لا يدرك الصوم بمكّة صام بالطريق يوما أو يومين (٨).

[٢ / ٥٤١٧] لكن روي عن مجاهد وطاووس قالا : إن شاء صامها في العشر ، وإن شاء في ذي القعدة ، وإن شاء في شوّال (٩).

[٢ / ٥٤١٨] وكذا عن عطاء أنّه كان يقول في صيام ثلاثة أيّام في الحجّ ، قال : في تسع من ذي الحجّة أيّها شئت. فمن صام قبل ذلك في شوّال وفي ذي القعدة ، فهو بمنزلة من لم يصم! (١٠)

__________________

(١) المصدر : ٣٣٩ / ٢٧٩٠.

(٢) الدرّ ١ : ٥١٨ ؛ المصنّف ٤ : ٢٢٧ / ١ ، باب ٤١ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٣١٩ / ٢١٠.

(٣) الطبري ٢ : ٣٤٤ / ٢٨١٣.

(٤) المصدر : ٣٣٨ / ٢٧٨٠.

(٥) المصدر : ٣٤٣ / ٢٨١١.

(٦) المصدر : ٣٤٤ / ٢٨١٢.

(٧) الدرّ ١ : ٥١٨ ؛ المصنّف ٤ : ٢٢٧ / ٣ ، باب ٤١. بلفظ : قال : لا يصوم المتمتّع إلّا وهو محرم ، لا يقضى عنه إلّا ذلك ، قلت : يصومهنّ في شوّال؟ قال : لا ، إلّا محرما ؛ الطبري ٢ : ٣٤٤ / ٢٨١٩ ؛ البيهقي ٥ : ٢٥ ، بلفظ : قال : لا يصومها إلّا وهو محرم.

(٨) الطبري ٢ : ٣٤٤ / ٢٨١٥.

(٩) المصدر : ٣٣٩ و ٣٤٣ / ٢٧٨٥ و ٢٨٠٩.

(١٠) المصدر : ٣٤٤ / ٢٨١٤.

١٣٣

الصوم أيّام التشريق بمنى

قد استفاض الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النهي عن الصيام أيّام التشريق ، لمن كان بمنى ، حتّى الثلاثة بدل الهدي. وكذا عن الأئمّة من عترته الأطهار عليهم‌السلام :

وقد وهم بعضهم فحسب النهي عامّا يشمل سائر البلاد أيضا ، كما حسب آخرون اختصاص المنع بما سوى بدل الهدي.

وإليك تفصيل الأحاديث :

[٢ / ٥٤١٩] قال ابن بابويه الصدوق رحمه‌الله : وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام : «إنّما كره الصيام في أيّام التشريق ، لأنّ القوم زوّار الله ، فهم في ضيافته ، ولا ينبغي للضيف أن يصوم من زاره وأضافه» (١).

[٢ / ٥٤٢٠] وقال : روي أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق (٢) ، فأمره أن ينهى الناس عن صيام أيّام منى ، فجعل بديل يتخلّل الفساطيط ، ينادي بأعلى صوته : أيّها الناس ، لا تصوموا هذه الأيّام ، فإنّها أيّام أكل وشرب وبعال (٣).

وهكذا قال ابن حزم : لا يجوز صيام أيّام التشريق ، لا في قضاء رمضان ولا في نذر ولا في كفّارة ولا لمتمتّع بالحجّ لا يقدر على الهدي.

[٢ / ٥٤٢١] وروى عن مالك بالإسناد إلى أبيّ مرّة مولى أمّ هانىء ، أنّه دخل مع عبد الله بن عمرو بن العاصي على أبيه ، فقرّب إليهما طعاما ، فقال ابنه عبد الله : إنّى صائم! فقال : كل ، فهذه الأيّام الّتي كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمرنا بفطرها ، وينهانا عن صيامها ؛ قال مالك وهي أيّام التشريق! (٤) ورواه أحمد في المسند (٥).

[٢ / ٥٤٢٢] وروى بالإسناد إلى بشر بن سحيم : «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمره أن ينادي أيّام التشريق : إنّه لا يدخل الجنّة إلّا مؤمن ، وأنّها أيّام أكل وشرب» (٦).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ١٩٧ ـ ١٩٨ / ٢١٢٩.

(٢) الأورق من الإبل : الّذي في لونه سواد إلى البياض ، وهو من أحسن الجمال وأطيبها لحما.

(٣) المقنع : ٢٨٢. والبعال : المضاجعة.

(٤) المحلّى ٧ : ٢٨ ، م ٨٠٢.

(٥) مسند أحمد ٤ : ١٩٧.

(٦) المحلّى ٧ : ٢٨ ، م ٨٠٢ ورواه أحمد في المسند ٤ : ٣٣٥.

١٣٤

[٢ / ٥٤٢٣] وهكذا روى أحمد بالإسناد إلى كعب بن مالك : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعثه وأوس بن الحدثان في أيّام التشريق ، فناديا : «أن لا يدخل الجنّة إلّا مؤمن ، وأيّام التشريق أيّام أكل وشرب» (١).

[٢ / ٥٤٢٤] ثمّ روى ابن حزم من طريق شعبة قال : سمعت عبد الله بن عيسى ـ هو ابن أبي ليلى ـ عن الزّهري عن عروة بن الزبير وعن سالم بن عبد الله بن عمر ، قال عروة : عن عائشة ، وقال سالم : عن أبيه أنّهما قالا : لم يرخّص في أيّام التشريق أن يصمن إلّا لمن لم يجد الهدي.

ورواه البخاري ـ من طريق شعبة أيضا ـ عن محمّد بن بشّار عن غندر عنه (٢).

قال ابن حزم : وقد أسنده عن شعبة ، يحيى بن سلام ؛ وليس هو ممّن يحتجّ بحديثه. على أنّ هذا موقوف على أمّ المؤمنين وابن عمر ، ولا حجّة في أحد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ولا يجوز أن يسند هذا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالظنّ ، فقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إيّاكم والظنّ ، فإنّ الظنّ أكذب الحديث» (٣).

[٢ / ٥٤٢٥] وأخرج مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن سليمان بن يسار : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن صيام أيّام منى (٤).

[٢ / ٥٤٢٦] وعن ابن شهاب : «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث عبد الله بن حذافة أيّام منى ، يطوف ، يقول : إنّما هي أيّام أكل وشرب وذكر الله».

[٢ / ٥٤٢٧] وعن يزيد بن عبد الله بن الهادي عن أبي مرّة مولى أمّ هانىء أخت عقيل بن أبي طالب عن عبد الله بن عمرو بن العاصي : أنّه أخبره أنّه دخل على أبيه عمرو بن العاصي فوجده يأكل ، قال : فدعاني! قال : فقلت له : إنّي صائم! فقال : هذه الأيّام الّتي نهانا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن صيامهنّ وأمرنا بفطرهنّ. قال مالك : هي أيّام التشريق (٥).

[٢ / ٥٤٢٨] وأخرج الدارمي عن بشر بن سحيم : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمره أو أمر رجلا ينادي أيّام التشريق : «إنّه لا يدخل الجنّة إلّا مؤمن ، وهي أيّام أكل وشرب».

__________________

(١) مسند أحمد ٣ : ٤٦٠.

(٢) البخاري ٢ : ٢٥٠.

(٣) المحلّى ٧ : ٢٩.

(٤) هي : أيّام التشريق.

(٥) تنوير الحوالك ١ : ٣٧٦ ـ ٣٧٧ ، باب ٤٤ ، الطبري ٢ : ٣٤٣ / ٢٨٠٦.

١٣٥

[٢ / ٥٤٢٩] وعن أبي مرّة : أنّه دخل هو وعبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص ، وذلك للغد أو بعد الغد من يوم الأضحى ، فقرّب إليهم عمرو طعاما ، فقال عبد الله : إنّي صائم ، فقال عمرو : أفطر ، فإنّ هذه الأيّام الّتي كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمرنا بفطرها ونهانا عن صيامها ، فأفطر عبد الله فأكل وأكلت معه (١).

وعقد مسلم بابا ترجمه بتحريم صوم أيّام التشريق.

[٢ / ٥٤٣٠] فروى بالإسناد إلى هشيم عن خالد عن أبي المليح عن نبيشة الهذلي ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أيّام التشريق أيّام أكل وشرب». وزيد في حديث آخر : «وذكر الله».

[٢ / ٥٤٣١] وروى بالإسناد إلى إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أنّه حدّثه : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعثه وأوس بن الحدثان أيّام التشريق ، فناديا : «إنّه لا يدخل الجنّة إلّا مؤمن ، وأيّام منى أيّام أكل وشرب» (٢).

[٢ / ٥٤٣٢] وروى ابن ماجة بالإسناد إلى بشر بن سحيم : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطب أيّام التشريق ، فقال : «لا يدخل الجنّة إلّا نفس مسلمة ، وأنّ هذه الأيّام أيّام أكل وشرب».

[٢ / ٥٤٣٣] وعن أبي هريرة : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أيّام منى أيّام أكل وشرب» (٣).

[٢ / ٥٤٣٤] وروى أبو داوود عن عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك ، عن يزيد بن الهاد عن أبي مرّة مولى أمّ هانىء ، أنّه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه ابن العاص ، فقرّب إليهما طعاما ، فقال عبد الله : إنّى صائم! فقال عمرو بن العاص : كل ، فهذه الأيّام الّتي كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمرنا بإفطارها ، وينهانا عن صيامها! قال مالك : وهي أيّام التشريق.

[٢ / ٥٤٣٥] وعن عقبة بن عامر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يوم عرفة ويوم النحر وأيّام التشريق ، عيدنا أهل الإسلام ، وهي أيّام أكل وشرب» (٤).

[٢ / ٥٤٣٦] وأخرج الترمذي عن عقبة بن عامر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يوم عرفة ويوم النحر

__________________

(١) الدارمي ٢ : ٢٤ ، باب النهي عن صيام أيّام التشريق.

(٢) مسلم ٣ : ١٥٣ ؛ مسند أحمد ٥ : ٧٥ ؛ النسائي ٢ : ٤٦٣ / ٤١٨٢ ، باب ٢٧٦ ؛ كنز العمّال ٥ : ١٠٦.

(٣) ابن ماجة ١ : ٥٤٨ / ١٧٢٠ و ١٧١٩.

(٤) أبو داوود ١ : ٥٤١ / ٢٤١٨ و ٢٤١٩.

١٣٦

وأيّام التشريق عيدنا أهل الإسلام ، وهي أيّام أكل وشرب».

قال : وفي الباب عن عليّ وسعد وأبي هريرة وجابر ، ونبيشه ، وبشر بن سحيم ، وعبد الله بن حذافة ، وأنس ، وحمزة بن عمرو الأسلمي ، وكعب بن مالك ، وعائشة ، وعمرو بن العاصي ، وعبد الله بن عمرو.

قال : وحديث عقبة بن عامر حديث حسن صحيح ، والعمل على هذا عند أهل العلم ، قال : إلّا أنّ قوما رخّصوا للمتمتّع ، إذا لم يجد هديا ولم يصم في العشر ، أن يصوم أيّام التشريق (١).

[٢ / ٥٤٣٧] وأخرج الحاكم عن مسعود بن الحكم الزرقي عن أمّه أنّها حدّثته ، قالت : كأنّي أنظر إلى عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام على بغلة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم البيضاء في شعب الأنصار وهو يقول : «أيّها الناس ، إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إنّها ليست أيّام صيام ، إنّها أيّام أكل وشرب وذكر». قال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم.

وأورده الذهبى في التلخيص من غير تعليق (٢).

قال الحاكم : وله شاهد صحيح ، وذكر حديث ابن العاصي. وأيّده الذهبي وقال : حديث صحيح (٣).

وقال البغوي (٤) : (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ) أي صوموا ثلاثة أيّام ، يوما قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة. ولو صام قبله بعد ما أحرم بالحجّ جاز. ولا يجوز يوم النحر ولا أيّام التشريق ، عند أكثر أهل العلم (٥).

[٢ / ٥٤٣٨] وروى أبو نعيم من طريق ابن جريج عن محمّد بن يحيى بن حبّان عن أمّ الحرث بنت عيّاش بن أبي ربيعة أنّها رأت بديل بن ورقاء يطوف على جمل أورق بمنى ، يقول : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينهاكم أن تصوموا هذه الأيّام ، فإنّها أيّام أكل وشرب.

__________________

(١) الترمذي ٢ : ١٣٥ / ٧٧٠ ، باب ٥٨.

(٢) الحاكم ١ : ٤٣٤ ـ ٤٣٥.

(٣) المصدر : ٤٣٥.

(٤) صاحب التفسير هو أبو محمّد الحسين بن مسعود الفرّاء البغوي الشافعي ، توفّي سنة ٥١٦.

(٥) البغوي ١ : ٢٤٩.

١٣٧

قال ابن حجر : ورواه البغوي (١) من طريق ابن جريج أيضا (٢).

وهكذا روى ابن سكن من طريق مفضّل بن صالح عن عمرو بن دينار عن ابن عبّاس : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بديلا ، وذكر نحوه (٣).

***

[٢ / ٥٤٣٩] وروى الشيخ بإسناده إلى معاوية بن عمّار ، قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن صيام أيّام التشريق؟ فقال : أمّا بالأمصار فلا بأس به ، وأمّا بمنى فلا» (٤).

[٢ / ٥٤٤٠] وروى ابن بابويه بالإسناد إلى منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : «النحر بمنى ثلاثة أيّام ، فمن أراد الصوم لم يصم حتّى تمضي الثلاثة الأيّام. والنحر بالأمصار يوم ، فمن أراد أن يصوم صام من الغد» (٥).

[٢ / ٥٤٤١] وروى الشيخ بالإسناد إلى ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «سألته عن رجل تمتّع فلم يجد هديا؟ قال : فليصم ثلاثة أيّام ليس فيها أيّام التشريق ، ولكن يقيم بمكّة حتّى يصومها ، وسبعة إذا رجع إلى أهله» وذكر عليه‌السلام حديث بديل بن ورقاء (٦).

[٢ / ٥٤٤٢] وعن ابن مسكان ، قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل تمتّع ولم يجد هديا؟ قال : يصوم ثلاثة أيّام. قلت له : أمنها أيّام التشريق؟ قال : لا ، ولكن يقيم بمكّة حتّى يصومها ، وسبعة إذا رجع إلى أهله ، فإن لم يقم عليه أصحابه ولم يستطع المقام بمكّة ، فليصم عشرة أيّام إذا رجع إلى أهله» ثمّ ذكر حديث بديل بن ورقاء (٧).

قال الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه‌الله : لا يجوز صيام أيّام التشريق في الحجّ بدل الهدي ، في أكثر

__________________

(١) هو أبو الأحوص محمّد بن حيّان البغوي سكن بغداد. روى عن مالك وغيره ، وروى عنه أحمد وآخرون ، توفّي سنة ٢٢٧.

(٢) الإصابة ١ : ١٤١ / ٦١٤.

(٣) المصدر.

(٤) التهذيب ٤ : ٢٩٧ / ٨٩٧ ؛ الاستبصار ٢ : ١٣٢ / ٤٢٩ ؛ الوسائل ١٠ : ٥١٦.

(٥) الفقيه ٢ : ٤٨٧ / ٣٠٣٩ ؛ الوسائل ١٠ : ٥١٧.

(٦) التهذيب ٥ : ٢٢٨ ـ ٢٢٩ / ٧٧٤ ـ ١١٣.

(٧) المصدر : ٢٢٩ / ٧٧٥ ـ ١١٤.

١٣٨

الروايات (١) وعند المحصّلين من أصحابنا (٢). وبه قال عليّ عليه‌السلام في الصحابة (٣). وإليه ذهب أهل العراق ، وبه قال الشافعي في الجديد (٤) ؛ وقال في القديم : يصومها ، وبه قال ابن عمر وعائشة ؛ وفي الفقهاء : مالك وأحمد وإسحاق (٥).

قال : وقد روي في بعض روايات أصحابنا ذلك (٦).

قال : دليلنا : إجماع الفرقة على أنّ صوم أيّام التشريق محرّم لمن كان بمنى. وأخبارنا في هذا المعنى (٧).

[٢ / ٥٤٤٣] قال : وروى أبو هريرة : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن صيام ستّة أيّام : يوم الفطر والأضحى وأيّام التشريق ، واليوم الّذي يشكّ فيه من رمضان (٨).

[٢ / ٥٤٤٤] وروى عمرو بن سليم عن أبيه ، قال : بينا نحن بمنى إذ أقبل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام على جمل أحمر ينادي : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إنّها أيّام أكل وشرب ، فلا يصومنّ أحد فيها» (٩).

قال الشيخ : وقد أوردنا في الكتاب (تهذيب الأحكام) ما فيه كفاية من الأخبار من طرقنا ، وأنّهم عليهم‌السلام قالوا : يصبح ليلة الحصبة صائما (١٠) ، وهي بعد انقضاء أيّام التشريق (١١).

__________________

(١) وقد مرّ أكثرها. وراجع : التهذيب ٤ : ٢٩٧ ، و ٥ : ٢٢٨ و ٢٢٩ / ٧٧٤ و ٧٧٥ ، والاستبصار ٢ : ١٣٢.

(٢) راجع : المختلف لابن المطهّر الحلّي ٣ : ٣٧٦ ، م ١٠٦.

(٣) فيما رواه الحاكم في مستدركه (١ : ٤٣٤) وصحّحه.

(٤) راجع : المغني لابن قدامة ٣ : ٥٠٩.

(٥) راجع : المغني لابن قدامة ٣ : ٥٠٩ ـ ٥١٠. وفتح الباري ٤ : ٢٤٢ ـ ٢٤٣.

(٦) التهذيب ٥ : ٢٢٩ / ٧٧٧ ؛ الاستبصار ٢ : ٢٧٧ / ٩٨٦ ، وسنذكرها.

(٧) تقدّمت عن التهذيب ٤ : ٢٩٦ ، الكافي ٤ : ٨٥. الفقيه ٢ : ١٧١ / ٢٠٤٥ ، وغيرها.

(٨) رواه الدار قطني في سننه ٢ : ١٥٧ / ٦ ، باختلاف يسير.

(٩) قال العسقلاني في تلخيص الحبير (المطبوع في هامش المجموع) ٦ : ٤١١ : وأخرجه يونس في تاريخ مصر من طريق يزيد بن الهادي عن عمرو بن سليم الزرقيّ عن أمّه ، قالت : ... كما أخرجه الحاكم في مستدركه ١ : ٤٣٤ ـ ٤٣٥ ، عن مسعود بن الحكم الزرقيّ عن أمّه أنّها حدّثته بذلك. (هامش كتاب الخلاف ٢ : ٢٧٦).

(١٠) التهذيب ٥ : ٢٢٩ / ٧٧٦.

(١١) كتاب الخلاف ٢ : ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ، م ٤٨.

١٣٩

وقال العلّامة الحلّي رحمه‌الله : صيام أيّام التشريق حرام لمن كان بمنى. ذكره الشيخان (١) وابن الجنيد وجماعة من علمائنا. وإن كان بعضهم أطلق فمراده التقييد (٢).

***

وبعد فإليك مستند الرأي المخالف :

[٢ / ٥٤٤٥] أخرج مالك والشافعيّ عن عائشة قالت : الصيام لمن تمتّع بالعمرة إلى الحجّ لمن لم يجد هديا ما بين أن يهلّ بالحجّ إلى يوم عرفة ، فإن لم يصم صام أيّام منى.

وأخرج مالك والشافعي عن ابن عمر ، مثله (٣).

[٢ / ٥٤٤٦] وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن جرير والدار قطني والبيهقي عن ابن عمر وعائشة قالا : لم يرخّص في أيّام التشريق أن يصمن إلّا لمتمتّع لم يجد هديا (٤).

[٢ / ٥٤٤٧] وعن هشام بن عروة ، عن أبيه في هذه الآية : (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ) قال : هي أيّام التشريق (٥).

***

[٢ / ٥٤٤٨] ومن الغريب ما أخرجه ابن جرير عن الإمام جعفر بن محمّد عليه‌السلام عن أبيه أنّ عليّا عليه‌السلام كان يقول : «من فاته صيام ثلاثة أيّام في الحجّ ، صامهنّ أيّام التشريق» (٦).

[٢ / ٥٤٤٩] وكذا ما أخرجه عبد الرزّاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عنه عليه‌السلام قال : «قبل التروية يوم ، ويوم التروية ، ويوم عرفة ، فإن فاتته صامهنّ أيّام التشريق» (٧).

__________________

(١) هما : المفيد والطوسي.

(٢) المختلف ٣ : ٣٧٦ ، م ١٠٦.

(٣) الدرّ ١ : ٥١٧ ؛ الموطّأ ١ : ٤٢٦ / ٢٥٥ ، باب ٨٣ ؛ الأمّ ٢ : ٢٠٧ ، كتاب الحجّ ، باب الإعواز من هدي المتعة ووقته. بلفظ : في المتمتّع إذا لم يجد هديا ولم يصم قبل يوم عرفة ، فليصم أيّام منى ؛ البخاري ٢ : ٢٥٠ ، باب صيام أيّام التشريق ، بعين ما رواه مالك إلّا أنّ فيه : فإن لم يجد هديا ولم يصم صام أيّام منى ؛ الدار قطني ٢ : ١٨٦ / ٣٢.

(٤) الدرّ ١ : ٥١٧ ؛ المصنّف ٤ : ٢٢٩ / ٥ ؛ البخاري ٢ : ٢٥٠ ؛ الطبري ٢ : ٣٤١ / ٢٨٠٢ ، وفيه : أن يصوم إلّا لمن يجد هديا ؛ الدار قطني ٢ : ١٨٦ / ٣٠ ، عن عائشة.

(٥) الطبري ٢ : ٣٤١ / ٢٨٠٣.

(٦) المصدر : ٣٤٠ / ٢٧٩٩.

(٧) ابن أبي حاتم ١ : ٣٤٢ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ٤ : ٢٢٩ و ٤٧٥ ؛ البيهقي ٥ : ٢٥.

١٤٠