التفسير الأثري الجامع - ج ٤

الشيخ محمّد هادي معرفة

التفسير الأثري الجامع - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي معرفة


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التمهيد ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5079-05-0
ISBN الدورة:
978-600-5079-08-1

الصفحات: ٥٦٠

هذا قومه؟ فيقولون : نعم. فيقال : وما علمكم؟ فيقولون : جاءنا نبيّنا فأخبرنا أنّ الرسل قد بلّغوا. فذلك قوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) قال : عدلا (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً»)(١).

[٢ / ٣٥٤١] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر بن عبد الله عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «أنا وأمّتي يوم القيامة على كوم مشرفين على الخلائق ، ما من الناس أحد إلّا ودّ أنّه منّا ، وما من نبيّ كذّبه قومه إلّا ونحن نشهد أنّه بلّغ رسالة ربّه» (٢).

[٢ / ٣٥٤٢] وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يدعى نوح يوم القيامة فيقال له : هل بلّغت؟ فيقول : نعم ، فيدعى قومه فيقال لهم : هل بلّغكم؟

فيقولون : ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد. فيقال لنوح : من يشهد لك؟ فيقول : محمّد وأمّته. فذلك قوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) قال : والوسط العدل. فتدعون فتشهدون له بالبلاغ وأشهد عليكم (٣).

[٢ / ٣٥٤٣] وأخرج عبد بن حميد عن عبيد بن عمير قال : يأتي النبيّ ناديه ليس معه أحد ، فتشهد

__________________

(١) الدرّ ١ : ٣٤٩ ؛ سنن سعيد بن منصور ٢ : ٦١٨ / ٢٢٢ ؛ مسند أحمد ٣ : ٥٨ ؛ النسائي ٦ : ٢٩٢ / ١١٠٠٧ ؛ ابن ماجة ٢ : ١٤٣٢ / ٤٢٨٤ ؛ استدراكات البعث : ٨٩ / ١٤٥ ، بلفظ : «يجيء النبيّ يوم القيامة ، ومعه الثلاثة والأربعة والرجلان ، حتّى يجيء النبيّ وليس معه أحد. قال : فيقال لهم : هل بلّغتم؟ فيقولون : نعم ، قال : فيدعى قومهم فيقال لهم : هل بلّغكم؟ فيقولون : لا. قال : فيقال للنبيّين : من يشهد لكم أنّكم قد بلّغتم؟ قال : فيقولون : أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : فتدعى أمّة محمّد فيشهدون أنّهم قد بلّغوا ، قال : فيقولون : جاءنا رسولنا بكتاب أخبرنا أنّهم قد بلّغوا فصدّقناه. قال : فيقال : صدّقتم. قال : وذلك قول الله ـ عزوجل ـ في كتابه : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) الآية» ؛ ابن كثير ١ : ١٩٦ ؛ كنز العمّال ٢ : ٤ / ٢٨٨٨.

(٢) الدرّ ١ : ٣٤٩ ؛ الطبري ٢ : ١٣ / ١٨٠٤ ، وفيه : «... إلّا ودّ أنّه منها أيّتها الأمّة ، وما من نبيّ كذّبه قومه إلّا نحن شهداؤه يوم القيامة أنّه قد بلّغ رسالات ربّه ونصح لهم» قال : وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ؛ ابن كثير ١ : ١٩٦ ؛ أبو الفتوح ٢ : ١٩٩.

(٣) الدرّ ١ : ٣٤٩ ؛ مسند أحمد ٣ : ٣٢ ، باختلاف ؛ منتخب مسند عبد بن حميد : ٢٨٦ / ٩١٣ ؛ البخاري ٥ : ١٥١ و ٨ : ١٥٦ ؛ الترمذي ٤ : ٢٧٥ / ٤٠٤٠ ، كتاب التفسير ؛ النسائي ٦ : ٢٩٢ / ١١٠٠٧ ؛ الطبري ٢ : ١٣ / ١٨٠١ و ١٨٠٢ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٢٤٩ / ١٣٣٢ ؛ الأسماء والصفات : ٣٣٤ ، الجزء الثاني ؛ ابن كثير ١ : ١٩٦ ؛ البغوي ١ : ١٧٥ / ٩٤ ؛ القرطبي ٢ : ١٥٤.

١٤١

له أمّة محمّد أنّه قد بلّغهم (١).

[٢ / ٣٥٤٤] وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : يقال : يا نوح قد بلّغت؟ قال : نعم يا ربّ. قال : فمن يشهد لك؟ قال : ربّ أحمد وأمّته. قال : فكلّما دعي نبيّ كذّبه قومه ، شهدت له هذه الأمّة بالبلاغ ، فإذا سأل عن هذه الأمّة لم يسأل عنها إلّا نبيّها (٢).

[٢ / ٣٥٤٥] وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن حبّان بن أبي جبلة قال : بلغني أنّه ترفع أمّة محمّد على كوم بين يدي الله تشهد للرسل على أممها بالبلاغ ، فإنّما يشهد منهم يومئذ من لم يكن في قلبه إحنة (٣) على أخيه المسلم (٤).

[٢ / ٣٥٤٦] وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم ، أنّ الأمم يقولون يوم القيامة : والله لقد كادت هذه الأمّة أن يكونوا أنبياء كلّهم لما يرون الله أعطاهم (٥).

[٢ / ٣٥٤٧] وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن كعب قال : أعطيت هذه الأمّة ثلاث خصال لم يعطها إلّا الأنبياء ، كان النبيّ يقال له : بلّغ ولا حرج ، وأنت شهيد على قومك ، وادع أجبك. وقال لهذه الأمّة : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٦). وقال : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) وقال : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)(٧)(٨).

[٢ / ٣٥٤٨] وأخرج الحكيم الترمذي عن عبادة بن الصامت قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «أعطيت أمّتي ثلاثا لم تعط إلّا الأنبياء : كان الله إذا بعث نبيّا قال له : ادعني أستجب لك ، وقال لهذه الأمّة : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ). وكان الله إذا بعث نبيّا قال له : ما جعل عليك في الدّين من حرج ، وقال لهذه الأمّة : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). وكان الله إذا بعث نبيّا جعله شهيدا على

__________________

(١) الدرّ ١ : ٣٥٢ ؛ وفي الطبعة الجديدة : يأتي النبيّ يوم القيامة بأمّته ليس معه أحد ، فتشهد له أمّة محمّد أنّه قد بلّغهم (٢ : ٢٤) ؛ الطبري ٢ : ١٤ ذيل رقم ١٨٠٨ ، وكذا عن ابن أبي نجيح وفيه : «يأتي النبيّ يوم القيمة ...».

(٢) الدرّ ١ : ٣٥٢.

(٣) الإحنة : الحقد.

(٤) الدرّ ١ : ٣٥٢.

(٥) الدرّ ١ : ٣٥١ ؛ الطبري ٢ : ١٥ / ١٨١١ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٢٩٥ / ١٣٩.

(٦) الحجّ ٢٢ : ٧٨.

(٧) غافر ٤٠ : ٦٠.

(٨) الدرّ ١ : ٣٥١ ؛ معاني القرآن ٤ : ٤٣٥ ، عن قتادة.

١٤٢

قومه ، وجعل هذه الأمّة شهداء على الناس» (١).

[٢ / ٣٥٤٩] وأخرج البغوي عن أبي سعيد الخدري قال : قام فينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما بعد العصر ، فما ترك شيئا إلى يوم القيامة إلّا ذكره في مقامه ذلك ، حتّى إذا كانت الشمس على رؤوس النخل وأطراف الحيطان ، قال : «إنّه لم يبق من الدنيا فيما مضى منها إلّا كما بقي من يومكم هذا ، ألا وإنّ هذه الأمّة توفّي سبعين أمّة هي آخرها وأخيرها وأكرمها على الله تعالى» (٢).

[٢ / ٣٥٥٠] وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ :) تكونوا شهداء لمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الأمم : اليهود والنصارى والمجوس (٣).

[٢ / ٣٥٥١] وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاهد على أمّته وهم شهداء على الامم ، وهم أحد الأشهاد الّذي قال الله عزوجل : (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ)(٤) الأربعة : الملائكة الّذين يحصون أعمالنا ، لنا وعلينا. وقرأ قوله : (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ)(٥) قال : هذا يوم القيامة. قال : والنبيّون شهداء على أممهم. قال : وأمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شهداء على الأمم ، قال : والأطراف : الأجساد والجلود (٦).

[٢ / ٣٥٥٢] وأخرج مسلم وأبو داوود والحكيم الترمذي عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا يكون اللعّانون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة» (٧).

ملحوظة

هناك روايات وردت عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام بتفسير الأمّة بالأئمّة. ليكون الشهداء على الأمم هم أئمّة المسلمين ، حيث هم الدعاة إلى الله لكافّة الخلائق وعلى مدى الأجيال. كما كان

__________________

(١) نوادر الأصول ٤ : ١٢٤ ؛ القرطبي ٢ : ١٥٥.

(٢) البغوي ١ : ١٧٥.

(٣) الطبري ٢ : ١٤ / ١٨٠٧.

(٤) غافر ٤٠ : ٥١.

(٥) سورة ق ٥٠ : ٢١.

(٦) الطبري ٢ : ١٦ ـ ١٧ / ١٨١٧ ؛ مجمع البيان ١ : ٤١٨ ، بلفظ : «الأشهاد أربعة : الملائكة والأنبياء وأمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والجوارح كما قال : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ) الآية (النور ٣٤ : ٢٤)».

(٧) الدرّ ١ : ٣٥٢ ؛ مسلم ٨ : ٢٤ ، كتاب البرّ والصلة والآداب ، باب النهي عن لعن الدواب وغيرها ؛ أبو داوود ٢ : ٤٥٨ / ٤٩٠٧ ، باب ٥٣ ؛ نوادر الأصول ١ : ٣٦٤ ، الأصل ٧١ ؛ الحاكم ١ : ٤٨ ؛ كنز العمّال ٣ : ٦١٥ / ٨١٧٩.

١٤٣

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم داعيا إلى الله لكافّة الناس. فلا يزال في الأمّة ـ على مدى الدهر ـ دعاة وعاة يحملون عبء الرسالة إلى الملأ في الخافقين :

[٢ / ٣٥٥٣] روى أبو العبّاس أحمد بن عليّ النجاشي بإسناده إلى إسماعيل بن جابر عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يحمل هذا الدين في كلّ قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين وتحريف الغالين وانتحال الجاهلين ...» (١).

[٢ / ٣٥٥٤] وروى عليّ بن إبراهيم القميّ ـ ذيل الآية (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ)(٢) ـ بإسناده إلى أبي بصير عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال : «في كلّ زمان إمام هاد مبيّن».

قال عليّ بن إبراهيم : وهو ردّ على من ينكر أنّ في كلّ عصر وزمان إماما وأنّه لا تخلو الأرض من حجّة ـ كما قال الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ : «لا تخلو الأرض من قائم بحجّة الله ، إمّا ظاهر مشهور وإمّا خائف مغمور. لئلا تبطل حجج الله وبيّناته» (٣).

[٢ / ٣٥٥٥] وروى أبو جعفر الصدوق بالإسناد إلى أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام قال : «إنّ الله لا يدع الأرض إلّا وفيها عالم يعلم الزيادة والنقصان ، فإذا زاد المؤمنون شيئا ردّهم ، وإذا نقصوا أكمله لهم. قال : ولو لا ذلك لالتبس على المؤمنين أمرهم ولم يفرّق بين الحقّ والباطل» (٤).

[٢ / ٣٥٥٦] وقال عليه‌السلام : «لو لم يبق في الأرض إلّا رجلان لكان أحدهما الحجّة» (٥).

[٢ / ٣٥٥٧] وعنه عليه‌السلام قال : «إنّ جبرئيل نزل على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخبر عن ربّه عزوجل : يا محمّد ، لم أترك الأرض إلّا وفيها عالم يعرف طاعتي وهداي ، ويكون نجاة فيما بين قبض نبيّ إلى خروج نبيّ آخر. ولم أترك إبليس يضلّ الناس ، وليس في الأرض حجة وداع إليّ وهاد إلى سبيلي وعارف بأمري. وإنّي قد قيّضت لكلّ قوم هاديا أهدي به السعداء ويكون حجّة على الأشقياء» (٦).

[٢ / ٣٥٥٨] وقال : «الأرض لا تكون إلّا وفيها عالم يصلحهم ، ولا يصلح الناس إلّا ذلك» (٧).

__________________

(١) اختيار معرفة الرجال ١ : ١٠ / ٥ ، وأورده ابن حجر ـ في الصواعق : ١٤١ ـ بلفظ : «... في كلّ خلف من أمّتي عدول من أهل بيتي ...». (٢) الرعد ١٣ : ٧.

(٣) القمي ١ : ٣٥٩.

(٤) علل الشرائع ١ : ١٩٥ / ٤ باب ١٥٣.

(٥) المصدر : ١٩٧ / ١٠.

(٦) المصدر : ١٩٦ / ٧.

(٧) المصدر / ٨.

١٤٤

[٢ / ٣٥٥٩] وفي أخرى : «لا يصلح الناس إلّا بإمام ، ولا تصلح الأرض إلّا بذلك» (١).

[٢ / ٣٥٦٠] وعنه عليه‌السلام قال : «والله ما ترك الله الأرض منذ قبض آدم إلّا وفيها إمام يهتدى به إلى الله عزوجل وهو حجّة الله على العباد. من تركه هلك ومن لزمه نجا. حقّا على الله عزوجل» (٢).

والأحاديث من هذا القبيل كثير ربما بلغت التواتر.

راجع : بحار الأنوار للعلّامة المجلسي كتاب الإمامة باب الاضطرار إلى الحجّة. والباب ١٥٣ من علل الشرائع للصدوق. وغيرهما من أصول معتمدة.

والجميع ينبؤك عن أصل ركين لتبيين طرق الهداية للناس جميعا وفي جميع الأصقاع والأعصار. فلا يزال لله في كلّ دور وكور ، حجّة بالغة يفزع إليه الناس في حوائجهم ومسائلهم في الحلال والحرام ، حتّى تقوم الساعة.

إذن فالمسؤوليّة قائمة في هذه الأمّة مدى الأحقاب.

[٢ / ٣٥٦١] قال الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ)(٣) : «كلّ إمام هاد للقرن الّذي هو فيهم» (٤).

[٢ / ٣٥٦٢] وقال : «لا والله لا يدع الله هذا الأمر إلّا وله من يقوم به إلى يوم تقوم الساعة» (٥).

هذا لا شكّ فيه ولعلّ الأمّة مجمعة على ذلك من غير خلاف.

وهكذا جاء في وصف المؤمنين حقّا : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً)(٦). ليكون من هذه الأمّة الصالحة من يكونوا قدوة للخلائق وأسوة للناس جميعا. وهذا هو معنى أداء رسالة الله في الأرض.

الأمر الّذي لا يصلح له سوى ثلّة هي نخبة هذه الأمّة المعترف بفضلهم لدى الجميع وليس كلّ آحاد المسلمين صالحين لحمل هذا العبء الثقيل الثمين.

وعليه فالأمّة بكاملتها إنّما تحمل رسالتها إلى الملأ بمشيتها في الحياة مشية مرضيّة

__________________

(١) المصدر / ٩.

(٢) المصدر : ١٩٧ / ١٣.

(٣) الرعد ١٣ : ٧.

(٤) الغيبة ، للنعماني : ٥٤ ؛ البحار ٢٣ : ٥٤ / ١١٥ ؛ الكافي ١ : ١٩١ / ١.

(٥) الغيبة : ٢٥ ؛ البحار ٢٣ : ٥٤ / ١١٤.

(٦) الفرقان ٢٥ : ٧٤.

١٤٥

تستحسنها الأمم فترغب في الإسلام.

[٢ / ٣٥٦٣] وهذا هو معنى قول الصادق عليه‌السلام : «كونوا دعاة الناس بأعمالكم ، ولا تكونوا دعاة بألسنتكم» (١). أي سيروا في الحياة وفي التعامل مع الآخرين سيرة يرتضيها العقل ويستطيبها أرباب العقول الناضجة ، وبذلك تصبح الأمّة بكلّيّتها أئمّة : قدوة وأسوة للعالمين.

أمّا أنّ آحاد الأمّة ، كلّ على انفراده يقوم بتوجيه المجتمع العامّ ومن دون مكاتفة الآخرين ولا معاضدة العلماء النابهين. فهذا غير صحيح ولا هو ناجح في نهاية المطاف!

إذ القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، على مستوى عامّ شامل ، إنّما هي وظيفة النخبة الأمناء والثلّة النبهاء ، ممّن عرفوا المعروف على حقيقته وحسب ملابسات تستدعيها ظروف راهنة. فيقوموا بدعم أسسه وأركانه ، والأمر به ونشره وتبليغه.

وهكذا المنكر عرفوه على نكارته فقاموا بردعه والزجر عنه. الأمر الّذي يتعيّن له النخب من الأمّة وهم الأئمّة الصالحون ..

فما ورد من تفسير الأمّة ـ هنا وفي نظائرها من آيات ـ بالأئمّة إنّما هو تبيين لواقع المراد ، وإن كان الخطاب في ظاهره عامّا. نظير قوله تعالى في آية السرقة : (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(٢) أو في آية الفحشاء : (فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ)(٣) دستور إلى القضاة وولاة الأمر وليس العموم مكلّفين بهذا الإجراء.

إذ معرفة شرائط الموضوع كملا ، ضرورة لجواز إجراء الحدود وغيرها من أحكام مترتّبة ، الأمر الّذي لا يعرفه إلّا العالمون.

[٢ / ٣٥٦٤] سئل الإمام أبو عبد الله الصادق عليه‌السلام عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أواجب هو على الأمّة جميعا؟ فقال : لا. فقيل له : ولم؟ قال : «إنّما هو على القويّ المطاع ، العالم بالمعروف من المنكر ، لا على الضعيف الّذي لا يهتدي سبيلا إلى أيّ من أيّ ، يقول من الحقّ إلى الباطل!

قال : والدليل على ذلك كتاب الله ـ عزوجل ـ قوله : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ

__________________

(١) البحار ٥ : ١٩٨ / ١٩ ، عن كتاب قرب الإسناد : ٣٧ ـ ٣٨.

(٢) المائدة ٥ : ٣٨.

(٣) النور ٢٤ : ٢.

١٤٦

وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(١). وهذا خاصّ غير عامّ ؛ كما قال تعالى : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)(٢). ولم يقل : على أمّة موسى ولا كلّ قومه» (٣).

[٢ / ٣٥٦٥] وروى العيّاشيّ بالإسناد إلى أبي عمرو الزبيري عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ). قال : «فإن ظننت أنّ الله عنى بهذه الآية جميع أهل القبلة من الموحّدين؟! أفترى أنّ من لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع من تمر ، يطلب الله شهادته يوم القيامة ويقبلها منه بحضرة جميع الأمم الماضية؟! كلّا ، لم يعن الله مثل هذا من خلقه!

قال : يعني الأمّة الّتي وجبت لها دعوة إبراهيم عليه‌السلام. وهم الأمّة الوسطى وخير أمّة أخرجت للناس» (٤).

[٢ / ٣٥٦٦] وفي حديث حمران بن أعين مع الإمام الصادق عليه‌السلام في الآية قال عليه‌السلام : «ولا يكون شهداء على الناس إلّا الأئمّة والرسل ، فأمّا الأمّة فإنّه غير جائز أن يستشهدها الله وفيهم من لا تجوز شهادته في الدنيا على حزمة بقل!» (٥)

وهنا لا بدّ من التنبّه على أمر : هو أنّ الأئمّة من أهل البيت عليهم‌السلام يرون من علماء العترة الطاهرة هم أفضل الراسخين في العلم ، الّذين يعلمون تفسير القرآن وتأويله كلّه ، لا يدانيهم غيرهم من سائر الرجال مهما أوتوا من علم وفضيلة ، ذلك لأنّهم عليهم‌السلام ورثة علم النبيّ وعيبة علمه وأقرب الناس إلى فهم أسرار الشريعة والوقوف على مباني الدين الحنيف ، إن كتابا أو سنّة!

[٢ / ٣٥٦٧] ومن ثمّ لمّا سأل عبيدة السلماني وعلقمة بن قيس والأسود بن يزيد النخعي ، الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام : من ذا يسألونه عمّا إذا أشكل عليهم فهم معاني القرآن؟ أجابهم : «سلوا عن ذلك آل محمّد» (٦).

__________________

(١) آل عمران ٣ : ١٠٤.

(٢) الأعراف ٧ : ١٥٩.

(٣) الكافي ٥ : ٥٩ / ١٦ ؛ الوسائل ١٦ : ١٢٦.

(٤) العيّاشيّ ١ : ٨٢ / ١١٤ ؛ البرهان ١ : ٣٤٦ / ١١ ؛ البحار ٢٣ : ٣٥٠.

(٥) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣١٤ ؛ البحار ٢٣ : ٣٥١ / ٦٣ ، باب ٢٠.

(٦) بصائر الدرجات للصفّار : ١٩٦ / ٩.

١٤٧

[٢ / ٣٥٦٨] وقال الإمام أبو جعفر الباقر عليه‌السلام لعمرو بن عبيد : «فإنّما على الناس أن يقرأوا القرآن كما أنزل ، فإذا احتاجوا إلى تفسيره ، فالاهتداء بنا وإلينا ، يا عمرو!» (١).

[٢ / ٣٥٦٩] وروى ابن حجر الهيثمي مرفوعا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «في كلّ خلف من أمّتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالّين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. ألا إنّ أئمّتكم وفدكم إلى الله عزوجل ، فانظروا من توفدون» (٢).

إلى غيرها من أحاديث جمّة تنبؤك عن محوريّة الأئمّة من أهل البيت للمرجعيّة العامّة في كلّ مجالات الدين (٣). فلا غرو أن لو عرفنا منهم الذروة في العلم والكمال ومعرفة مباني الدين في الأصول والفروع جميعا. فلا تعجب أن لو سمعت منهم أنّهم الراسخون في العلم ، وأنّهم هم يعلمون القرآن كلّه ظاهره وباطنه. لأنّهم إنّما يتكلّمون عن منطق رشيد ويهدون إلى أقوم ركن وثيق.

[٢ / ٣٥٧٠] روى الكليني بالإسناد إلى بريد العجلي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) فقال : «نحن الأمّة الوسطى ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه» (٤).

[٢ / ٣٥٧١] وفي أخرى : «نحن الشهداء على الناس بما عندهم من الحلال والحرام وبما ضيّعوا منه» (٥).

[٢ / ٣٥٧٢] وفي ثالثة : «نحن الشهداء على الناس بما عندنا من الحلال والحرام» (٦).

[٢ / ٣٥٧٣] وفي رابعة : «إلينا يرجع الغالي وبنا يلحق المقصّر» (٧).

وغيرها وغيرها وهي كثير في كثير. والكلّ معقول ومقبول.

* * *

وإليك لمّة من أحاديث أهل البيت ترمي هذا الهدف الفخيم ، استخرجناها من الكافي الشريف :

__________________

(١) تفسير فرات الكوفي : ٢٥٨ / ٣٥١.

(٢) الصواعق المحرقة : ٩٠ ـ ٩١.

(٣) راجع في ذلك كتابنا : الجزء التاسع من التمهيد : ٤٣١ ـ ٤٣٣.

(٤) الكافي ١ : ١٩٠ / ٢.

(٥) بصائر الدرجات : ٩١ / ١ باب ١٣.

(٦) مختصر بصائر الدرجات : ٦٥.

(٧) العيّاشيّ ١ : ٨٢ / ١١٣.

١٤٨

[٢ / ٣٥٧٤] روى أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني بإسناده إلى سماعة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : في قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً)(١). قال : «نزلت في أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصّة ، في كلّ قرن منهم إمام منّا شاهد عليهم ، ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاهد علينا» (٢).

[٢ / ٣٥٧٥] وعن بريد العجلي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ)(٣)؟ قال : «نحن الأمّة الوسطى ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه. قلت : قول الله عزوجل : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ؟) قال : إيّانا عنى خاصّة. (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) في الكتب الّتي مضت (وَفِي هذا) القرآن. (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ)(٤) فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الشهيد علينا بما بلّغنا عن الله عزوجل ونحن الشهداء على الناس ، فمن صدّق صدّقناه يوم القيامة ، ومن كذّب كذّبناه يوم القيامة» (٥).

[٢ / ٣٥٧٦] وعن الإمام أمير المؤمنين ـ عليه صلوات المصلّين ـ قال : «إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ طهّرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه وحجّته في أرضه ، وجعلنا مع القرآن ، وجعل القرآن معنا ، لا نفارقه ولا يفارقنا» (٦).

[٢ / ٣٥٧٧] وعن الفضيل قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله عزوجل : (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ)(٧)؟ فقال : «كلّ إمام هاد للقرن الّذي هو فيه» (٨).

[٢ / ٣٥٧٨] وعن بريد العجلي عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه‌السلام في قوله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ)؟ فقال : «رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنذر ، ولكلّ زمان منّا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ الهداة من بعده : عليّ ثمّ الأوصياء واحد بعد واحد» (٩).

[٢ / ٣٥٧٩] وعن عبد الرحيم القصير عن أبي جعفر عليه‌السلام في الآية ، قال : «رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنذر ، وعليّ الهادي. أما والله ما ذهبت منّا وما زالت فينا إلى الساعة» (١٠).

__________________

(١) النساء ٤ : ٤٥. (٢) الكافي ١ : ١٩٠ / ١.

(٣) البقرة ٢ : ١٣٨. (٤) الحج ٢٢ : ٧٨.

(٥) الكافي ١ : ١٩٠ / ٢. (٦) المصدر : ١٩١ / ٥.

(٧) الرعد ١٣ : ٩.

(٨) المصدر السابق : ١٩١ / ١.

(٩) المصدر : ١٩١ ـ ١٩٢ / ٢.

(١٠) المصدر : ١٩٢ / ٤.

١٤٩

[٢ / ٣٥٨٠] وعن عبد الرحمان بن كثير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «نحن ولاة أمر الله ، وخزنة علم الله ، وعيبة وحي الله» (١).

[٢ / ٣٥٨١] وعن سدير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك ، ما أنتم؟ قال : «نحن خزّان علم الله ، ونحن تراجمة وحي الله ، ونحن الحجّة البالغة على من دون السماء ومن فوق الأرض» (٢).

[٢ / ٣٥٨٢] وفي حديث الإمام الصادق عليه‌السلام مع ابن أبي يعفور ، قال : «يا ابن أبي يعفور ، فنحن حجج الله في عباده ، وخزّانه على علمه ، والقائمون بذلك» (٣).

[٢ / ٣٥٨٣] وعن الإمام أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : «الأئمّة خلفاء الله عزوجل في أرضه» (٤).

[٢ / ٣٥٨٤] وعن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال : «الأوصياء هم أبواب الله عزوجل الّتي يؤتى منها ، ولو لاهم ما عرف الله. وبهم احتجّ الله على خلقه» (٥).

[٢ / ٣٥٨٥] وعنه عليه‌السلام قال : «كان أمير المؤمنين ـ عليه صلوات المصلّين ـ باب الله الّذي لا يؤتى إلّا منه ، وسبيله الّذي من سلك بغيره هلك. قال : وكذلك يجري لأئمّة الهدى واحدا بعد واحد ، جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها ، وحجّته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى» (٦) (أي الأحياء والأموات).

قوله تعالى : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ)

[٢ / ٣٥٨٦] قال مقاتل بن سليمان في قوله : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها) يعني بيت المقدس (إِلَّا لِنَعْلَمَ) إلّا لنرى (مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ) يعني محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على دينه في القبلة ومن يخالفه من اليهود (مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ) يقول : ومن يرجع إلى دينه الأوّل (٧).

[٢ / ٣٥٨٧] وروي عن الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : «معنى : (لِنَعْلَمَ :) لنرى» (٨).

[٢ / ٣٥٨٨] وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عبّاس في

__________________

(١) المصدر : ١٩٢ / ١. (٢) المصدر / ٢.

(٣) المصدر : ١٩٣ / ٥. (٤) المصدر / ١.

(٥) المصدر / ٢.

(٦) المصدر : ١٩٦ / ١.

(٧) تفسير مقاتل ١ : ١٤٥.

(٨) القرطبي ٢ : ١٥٦.

١٥٠

قوله : (إِلَّا لِنَعْلَمَ) قال : إلّا لنميّز أهل اليقين من أهل الشكّ (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً) يعني : تحويلها على أهل الشكّ والريب (١).

قوله تعالى : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ)

[٢ / ٣٥٨٩] قال مقاتل بن سليمان في قوله : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً) يعني القبلة حين صرفها عن بيت المقدس إلى الكعبة عظمت على اليهود ، ثمّ استثنى فقال : (إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ) فإنّه لا يكبر عليهم ذلك (٢).

[٢ / ٣٥٩٠] روى الشيخ الطوسي (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً) قال الحسن : معناه ثقيلة يعني : التحويلة إلى بيت المقدس ، لأنّ العرب لم تكن قبلة أحبّ إليهم من الكعبة (٣).

[٢ / ٣٥٩١] وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : بلغني أنّ أناسا من الّذين أسلموا رجعوا فقالوا مرّة هاهنا ومرّة هاهنا (٤).

[٢ / ٣٥٩٢] وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ) أي : الّذين ثبّت الله. وروي عن قتادة قال : عصم الله (٥).

[٢ / ٣٥٩٣] وأخرج عن مجالد بن سعيد ، قال الحجّاج للحسن : أخبرني برأيك في أبي تراب. قال الحسن : سمعت الله يقول : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ؟) فعليّ ممّن هدى الله (٦).

[٢ / ٣٥٩٤] وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ) قال : من إذا دخلته شبهة رجع عن الله ، وانقلب كافرا على عقبيه (٧).

__________________

(١) الدرّ ١ : ٣٥٣ ؛ الطبري ٢ : ٢٠ / ١٨٢٤ و ١٨٢٦ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٢٥٠ / ١٣٤١ ، و ١٣٤٤ ؛ و ١٣٤٤ ؛ البيهقي ٢ : ١٣.

(٢) تفسير مقاتل ١ : ١٤٥.

(٣) التبيان ٢ : ١٠ ؛ مجمع البيان ١ : ٤١٩.

(٤) الدرّ ١ : ٣٥٣ ؛ الطبري ٢ : ١٩ ذيل رقم ١٨٢٢.

(٥) ابن أبي حاتم ١ : ٢٥١ / ١٣٤٥.

(٦) ابن أبي حاتم ١ : ٢٥١ / ١٣٤٦ ؛ أبو الفتوح ٢ : ٢٠٦ ، وزاد فيه : «ومن أهل الإيمان وهو ابن عمّ رسول الله وختنه على ابنته واحبّ الناس إليه وصاحب سوابق مباركات سبقت له من الله لا تستطيع أنت ولا أحد من الناس يخطوها عليه ولا أن يحول بينها وبينه».

(٧) الطبري ٢ : ٢٢ / ١٨٢٥.

١٥١

[٢ / ٣٥٩٥] وأخرج عن عطاء في قوله : (إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ) قال : يبتليهم ليعلم من يسلّم لأمره (١).

[٢ / ٣٥٩٦] وروى أبو جعفر الطوسي بالإسناد إلى أبي بصير عن الباقر أو الصادق عليهما‌السلام في قوله : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قال : «قلت له : الله أمره أن يصلّي إلى بيت المقدس؟ قال : نعم ، ألا ترى أنّ الله تعالى يقول : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) قال : إنّ بني عبد الأشهل أتوهم وهم في الصلاة وقد صلّوا ركعتين إلى بيت المقدس ، فقيل لهم : إنّ نبيّكم قد صرف إلى الكعبة! فتحوّل النساء مكان الرجال ، والرجال مكان النساء ، وصلّوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة ، فصلّوا صلاة واحدة إلى قبلتين ، فلذلك سمّي مسجدهم مسجد القبلتين» (٢).

قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ)

[٢ / ٣٥٩٧] أخرج ابن جرير عن قتادة ، قال : قال أناس من الناس لمّا صرفت القبلة نحو البيت الحرام : كيف بأعمالنا الّتي كنّا نعمل في قبلتنا؟ فأنزل الله جلّ ثناؤه : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ)(٣).

[٢ / ٣٥٩٨] وأخرج عن الربيع قال : قال ناس لما صرفت القبلة إلى البيت الحرام : كيف بأعمالنا الّتي كنّا نعمل في قبلتنا الأولى؟ فأنزل الله تعالى ذكره : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) الآية (٤).

[٢ / ٣٥٩٩] وأخرج عن أسباط ، عن السدّي ، قال : لمّا توجّه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل المسجد الحرام ،

__________________

(١) الدرّ ١ : ٣٥٢ ـ ٣٥٣ ؛ الطبري ٢ : ١٩ / ١٨٢٢.

(٢) نور الثقلين ١ : ١٣٦ / ٤١٤ ؛ تهذيب الأحكام ٢ : ٤٣ ـ ٤٤ / ١٣٨ ـ ٦ ، باب ٥ ، كتاب الصلاة ، باب القبلة ؛ البرهان ١ : ٣٤١ / ١ ، و ٣٤٦ / ٢ ؛ كنز الدقائق ٢ : ١٨٣ ؛ البحار ١٩ : ٢٠٠ / ٤ ، باب ٩.

(٣) الطبري ٢ : ٢٥ / ١٨٣٧ ؛ مجمع البيان ١ : ٤١٩ ، عن ابن عبّاس وقتادة ؛ التبيان ٢ : ١١ ، بلفظ : قال ابن عبّاس وقتادة والربيع : لمّا حوّلت القبلة قال ناس : كيف بأعمالنا الّتي كنّا نعمل في قبلتنا الأولى؟

(٤) الطبري ٢ : ٢٥ / ١٨٣٩.

١٥٢

قال المسلمون : ليت شعرنا عن إخواننا الّذين ماتوا وهم يصلّون قبل بيت المقدس ، هل تقبّل الله منّا ومنهم أم لا؟ فأنزل الله جلّ ثناؤه فيهم : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) قال : صلاتكم قبل بيت المقدس ، يقول : إنّ تلك طاعة وهذه طاعة (١).

[٢ / ٣٦٠٠] وقال مقاتل بن سليمان في قوله : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) وذلك أنّ حيي بن أخطب اليهودي وأصحابه ، قالوا للمسلمين : أخبرونا عن صلاتكم نحو بيت المقدس ، أكانت هدى أم ضلالة؟ فو الله لئن كانت هدى ، لقد تحوّلتم عنه ، ولئن كانت ضلالة لقد دنتم الله بها فتقرّبتم إليه بها ، وإنّ من مات منكم عليها مات على الضلالة! فقال المسلمون : إنّما الهدى ما أمر الله به ، والضلالة ما نهى الله عنه. قالوا : فما شهادتكم على من مات منكم على قبلتنا.

وكان قد مات قبل أن تحوّل القبلة إلى الكعبة أسعد بن زرارة من بني النجّار ، ومات البراء بن معرور من بني سلمة ، وكانا من النقباء. ومات رجال فانطلقت عشائرهم فقالوا للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : توفّى إخواننا وهم يصلّون إلى القبلة الأولى وقد صرفك الله إلى قبلة إبراهيم عليه‌السلام فكيف بإخواننا؟ فأنزل الله : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ). يعني إيمان صلاتكم نحو بيت المقدس يقول لقد تقبّلت منهم (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ) يعني يرقّ لهم (رَحِيمٌ) حين قبلها منهم قبل تحويل القبلة (٢).

[٢ / ٣٦٠١] وروى العيّاشيّ بالإسناد إلى أبي عمرو الزبيريّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : ألا تخبرني عن الإيمان ، أقول هو وعمل ، أم قول بلا عمل؟ فقال : «الإيمان عمل كلّه ، والقول بعض ذلك العمل ، مفروض من الله مبيّن في كتابه ، واضح نوره ، ثابتة حجّته ، يشهد له بها الكتاب ويدعو إليه. قال : ولمّا أن صرف الله نبيّه إلى الكعبة عن بيت المقدس ، قال المسلمون للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أرأيت صلاتنا الّتي كنّا نصلّي إلى بيت المقدس ، ما حالنا فيها وما حال من مضى من أمواتنا وهم يصلّون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) ، فسمّي الصلاة إيمانا ، فمن اتّقى الله حافظا لجوارحه موفيا كلّ جارحة من جوارحه بما فرض الله عليه ، لقي الله مستكملا لإيمانه من أهل الجنّة ، ومن خان في شيء منها أو تعدّى ما أمر الله فيها لقي الله ناقص

__________________

(١) الطبري ٢ : ٢٥ / ١٨٣٨.

(٢) تفسير مقاتل ١ : ١٤٥ ـ ١٤٦.

١٥٣

الإيمان» (١).

[٢ / ٣٦٠٢] وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي عروبة في قوله : (لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) قال : يعني : رؤوف رفيق (٢).

[٢ / ٣٦٠٣] وعن محمّد بن إسحاق في قوله : (رَحِيمٌ) قال : يرحم الله العباد على ما فيهم (٣).

[٢ / ٣٦٠٤] وعن سعيد بن جبير ، في قوله : (رَحِيمٌ) قال : يعني بالمؤمنين (٤).

قوله تعالى : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ)

[٢ / ٣٦٠٥] أخرج ابن ماجة عن البراء قال : صلّينا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحو بيت المقدس ثمانية عشر شهرا ، وصرفت القبلة إلى الكعبة بعد دخوله إلى المدينة بشهرين ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا صلّى إلى بيت المقدس أكثر تقلّب وجهه في السماء ، وعلم الله من قلب نبيّه أنّه يهوى الكعبة ، فصعد جبريل فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتبعه بصره وهو يصعد بين السماء والأرض ينظر ما يأتيه به ، فأنزل الله : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) الآية. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا جبريل كيف حالنا في صلاتنا إلى بيت المقدس؟» فأنزل الله : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ)(٥).

[٢ / ٣٦٠٦] وأخرج أبو داوود في ناسخه عن أبي العالية : «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نظر نحو بيت المقدس فقال لجبريل : وددت أنّ الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها؟ فقال له جبريل : إنّما أنا عبد مثلك ، ولا أملك لك شيئا إلّا ما أمرت ، فادع ربّك وسله ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بالّذي سأل ، فأنزل الله : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) يقول : إنّك تديم النظر إلى السّماء للّذي سألت ، (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) يقول : فحوّل وجهك في الصلاة نحو المسجد الحرام (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) يعني من الأرض (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ) في الصلاة (شَطْرَهُ)

__________________

(١) العيّاشيّ ١ : ٨٢ ـ ٨٣ / ١١٥ ؛ الصافي ١ : ٢٩٧ ؛ كنز الدقائق ٢ : ١٨٢ ؛ البحار ١٩ : ١٩٩ / ١ ، باب ٩ ، و ٦٦ : ٢٤ / ٦ ؛ الكافي ٢ : ٣٣ ـ ٣٤ / ١ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب في أنّ الإيمان مبثوث لجوارح البدن كلّها ؛ نور الثقلين ٥ : ٥٩ / ٣٠ ، (سورة محمّد ٤٨ : ٤) ؛ البرهان ١ : ٣٤٧ / ٤.

(٢) ابن أبي حاتم ١ : ٢٥٢ / ١٣٥٠.

(٣) المصدر / ١٣٥٢.

(٤) المصدر / ١٣٥٣.

(٥) الدرّ ١ : ٣٥٣ ـ ٣٥٤ ؛ ابن ماجة ١ : ٣٢٢ ـ ٣٢٣ / ١٠١٠ ، باب ٥٦.

١٥٤

نحو الكعبة» (١).

[٢ / ٣٦٠٧] وأخرج ابن مردويه عن ابن عبّاس قال : كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا سلّم من صلاته إلى بيت المقدس رفع رأسه إلى السماء ، فأنزل الله : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ) الآية (٢).

[٢ / ٣٦٠٨] وروى الطبرسي قال : قال ابن عبّاس : لأنّ الكعبة كانت قبلة أبيه إبراهيم عليه‌السلام وقبلة آبائه! (٣)

[٢ / ٣٦٠٩] وأخرج مالك وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داوود في ناسخه والنسائي عن ابن عمر قال : بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن ، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها ، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة (٤).

[٢ / ٣٦١٠] وقال مجاهد وغيره : نزلت هذه الآية ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مسجد بني سلمة ، وقد صلّى بأصحابه ركعتين من صلاة الظهر ، فتحوّل في الصلاة واستقبل الميزاب ، وحوّل الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال ، فسمّي ذلك المسجد مسجد القبلتين (٥).

[٢ / ٣٦١١] وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة عن عمارة بن أوس الأنصاري قال : صلّينا إحدى صلاتي العشيّ ، فقام رجل على باب المسجد ونحن في الصلاة ، فنادى : إنّ الصلاة قد وجبت نحو الكعبة ، فحوّل أو انحرف إمامنا نحو الكعبة والرجال والنساء والصبيان (٦).

[٢ / ٣٦١٢] وأخرج أبو داوود في ناسخه وأبو يعلى والبيهقي في سننه عن أنس ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) الدرّ ١ : ٣٤٣ ـ ٣٤٤ ؛ مجمع البيان ١ : ٤٢١ ـ ٤٢٢ ؛ الثعلبي ٢ : ١١ ، نسبه إلى ابن زيد ومقاتل ومجاهد وابن عبّاس.

(٢) الدرّ ١ : ٣٥٤ ؛ ابن كثير ١ : ١٩٨.

(٣) مجمع البيان ١ : ٤٢٢ ؛ الثعلبي ٢ : ١١ ؛ القرطبي ٢ : ١٥٠ ؛ التبيان ٢ : ١٣ ، عن مجاهد.

(٤) الدرّ ١ : ٣٤٦ ؛ الموطّأ ١ : ١٩٥ ؛ البخاري ١ : ١٠٥ و ٥ : ١٥٢ ؛ مسلم ٢ : ٦٦ ؛ النسائي ١ : ٣٠٥ / ٩٤٨ و ٦ : ٢٩١ / ١١٠٠٢ ؛ مسند أحمد ٢ : ١١٣ ؛ البغوي ١ : ١٧٩ / ١٠٠.

(٥) البغوي ١ : ١٧٨ ـ ١٧٩ / ٩٩ ؛ الثعلبي ٢ : ١٢.

(٦) الدرّ ١ : ٣٤٧ ؛ الطبقات ١ : ٢٤٣ و ٤ : ٣٨٢ ؛ المصنّف ١ : ٣٦٩ / ٤ ، باب ١٠٤ ؛ ابن كثير ١ : ١٩٩ ، بلفظ : «بينما نحن في الصلاة نحو بيت المقدس ونحن ركوع إذ نادى مناد بالباب : أنّ القبلة قد حوّلت إلى الكعبة. قال فأشهد على إمامنا أنّه انحرف فتحوّل هو والرجال والصبيان وهم ركوع نحو الكعبة».

١٥٥

وأصحابه كانوا يصلّون نحو بيت المقدس ، فلمّا نزلت هذه الآية : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) مرّ رجل من بني سلمة فناداهم وهم ركوع في صلاة الفجر نحو بيت المقدس : ألا إنّ القبلة قد حوّلت إلى الكعبة ، مرّتين ، فمالوا كما هم ركوع إلى الكعبة (١).

[٢ / ٣٦١٣] وأخرج ابن أبي شيبة والبزّار عن أنس بن مالك قال : جاءنا منادي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «إنّ القبلة قد حوّلت إلى بيت الله الحرام ، وقد صلّى الإمام ركعتين فاستداروا ، فصلّوا الركعتين الباقيتين نحو الكعبة» (٢).

[٢ / ٣٦١٤] وأخرج النسائي والبزّار وابن المنذر والطبراني عن أبي سعيد بن المعلّى قال : كنّا نغدو إلى المسجد على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فنمرّ على المسجد فنصلّي فيه ، فمررنا يوما ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاعد على المنبر ، فقلت : لقد حدث أمر! فجلست. فقرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الآية : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) حتّى فرغ من الآية ، فقلت لصاحبي : تعال نركع ركعتين قبل أن ينزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فنكون أوّل من صلّى فتوارينا فصلّينا ، ثمّ نزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصلّى للناس الظهر يومئذ إلى الكعبة (٣).

قوله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)

[٢ / ٣٦١٥] أخرج ابن أبي حاتم عن رفيع قال : (شطره) تلقاءه بلسان الحبش (٤).

[٢ / ٣٦١٦] وأخرج ابن جرير عن ابن عبّاس قال : البيت كلّه قبلة ، وقبلة البيت الباب (٥).

__________________

(١) الدرّ ١ : ٣٤٦ ؛ سنن أبي داوود ١ : ٢٣٥ / ١٠٤٥ ، باب ٢٠٦ ؛ أبو يعلى ٦ : ٤٤٢ / ٣٨٢٦ ؛ البيهقي ٢ : ١١ ، كتاب الصلاة ، باب استيبان الخطاء بعد الاجتهاد ؛ النسائي ٦ : ٢٩٢ / ١١٠٠٨.

(٢) الدرّ ١ : ٣٤٧ ؛ المصنّف ١ : ٣٦٩ / ٢ ، باب ١٠٤ ؛ مختصر زوائد مسند البزّار ١ : ٢١٤ / ٢٦٨ ؛ مجمع الزوائد ٢ : ١٣ ، والعبارة بعد قوله «حوّلت» : والإمام في الصلاة قد صلّى ركعتين فقال المنادي : قد حوّلت القبلة إلى الكعبة فصلّوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة. قال الهيثمي : رواه البزّار وإسناده حسن.

(٣) الدرّ ١ : ٣٥٤ ؛ ابن كثير ١ : ١٩٨ ؛ النسائي ٦ : ٢٩١ / ١١٠٠٤ ؛ مختصر زوائد مسند البزّار ١ : ٢١٢ ـ ٢١٣ / ٢٦٦ ؛ الكبير ٢٢ : ٣٠٤ ؛ القرطبي ٢ : ١٤٩ ؛ مجمع الزوائد ٢ : ١٢ ـ ١٣.

(٤) الدرّ ١ : ٣٥٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٢٥٤ / ١٣٦٢.

(٥) الطبري ٢ : ٣٢ / ١٨٦٠.

١٥٦

قلت : وهو غريب!

[٢ / ٣٦١٧] وأخرج البيهقي في سننه عن ابن عبّاس مرفوعا : «البيت قبلة لأهل المسجد ، والمسجد قبلة لأهل الحرم ، والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمّتي» (١).

[٢ / ٣٦١٨] وقال عطاء في قوله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) قال : الحرم كلّه مسجد (٢).

[٢ / ٣٦١٩] وأخرج ابن جرير عن ابن جريج ، قال : قلت لعطاء : سمعت ابن عبّاس يقول : إنّما أمرتم بالطواف ، ولم تؤمروا بدخوله؟! قال : لم يكن ينهى عن دخوله ، ولكنّي سمعته يقول : أخبرني أسامة بن زيد أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا دخل البيت دعا في نواحيه كلّها ، ولم يصلّ حتّى خرج ، فلمّا خرج ركع في قبل القبلة ركعتين وقال : «هذه القبلة» (٣).

[٢ / ٣٦٢٠] وأخرج عن عطاء ، قال : قال أسامة بن زيد : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين خرج من البيت أقبل بوجهه إلى الباب فقال : «هذه القبلة ، هذه القبلة!» (٤)

[٢ / ٣٦٢١] وروى عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن حمّاد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إذا استقبلت القبلة بوجهك فلا تقلّب وجهك عن القبلة ، فتفسد صلاتك ، فإنّ الله عزوجل قال لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الفريضة : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)» (٥).

[٢ / ٣٦٢٢] وروى زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : «لا صلاة إلّا إلى القبلة ، قال : قلت وأين حدّ

__________________

(١) البيهقي ٢ : ١٠ ، كتاب الصلاة ، باب من طلب باجتهاده جهة الكعبة ؛ كنز العمّال ٧ : ٣٣٨ ـ ٣٣٩ / ١٩١٦٤ ؛ القرطبي ٢ : ١٥٩

(٢) التبيان ٢ : ١٦ ؛ ابن كثير ٢ : ٣٦٠ ، بلفظ : قال عطاء : الحرم كلّه مسجد ، لقوله تعالى : فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا ، سورة التوبة ، الآية ٢٨.

(٣) الطبري ٢ : ٣٣ / ١٨٦٤ ؛ مسلم ٤ : ٩٦ ـ ٩٧ كتاب الحجّ ، باب استحباب دخول الكعبة ؛ الحاكم ١ : ٤٧٩ ، كتاب المناسك ؛ البيهقي ٢ : ٨ ـ ٩ ؛ مسند أسامة بن زيد : ١٠١.

(٤) الطبري ٢ : ٣٢ / ١٨٦٢. وفي حديث (١٨٦٣) عنه : خرج النبيّ من البيت ، فصلّى ركعتين مستقبلا بوجهه الكعبة ، فقال : «هذه القبلة» مرّتين.

(٥) الكافي ٣ : ٣٠٠ / ٦ ، كتاب الصلاة ، باب الخشوع في الصلاة وكراهية العبث ؛ العيّاشيّ ١ : ٨٣ / ١١٦ ، عن حريز عن أبي جعفر عليه‌السلام.

١٥٧

القبلة؟ قال : ما بين المشرق والمغرب قبلة كلّه ، قال. قلت : فمن صلّى لغير القبلة أو في يوم غيم في غير الوقت؟ قال : يعيد» (١).

[٢ / ٣٦٢٣] وعن أبي هريرة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «ما بين المشرق والمغرب قبلة» (٢).

[٢ / ٣٦٢٤] وقال مقاتل بن سليمان : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) يعني نرى أنّك تديم نظرك إلى السماء (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ) يعني لنحوّلنك إلى (قِبْلَةً تَرْضاها) لأنّ الكعبة كانت أحبّ إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بيت المقدس (فَوَلِ) يعني فحوّل (وَجْهَكَ شَطْرَ) يعني تلقاء (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) من الأرض (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) يعني فحوّلوا وجوهكم في الصلاة تلقاءه ، وقد كان النبيّ يصلّي في مسجد بني سلمة فصلّى ركعة ثمّ حوّلت القبلة إلى الكعبة. وفرض الله صيام رمضان ، وتحويل القبلة ، والصلاة إلى الكعبة قبل بدر بشهرين. وحرّم الخمر قبل الخندق.

(وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) يعني أهل التوراة وهم اليهود منهم الحميس بن عمرو قال : يا محمّد ما أمرت بهذا الأمر ، وما هذا إلّا شيء ابتدعته ، يعني في أمر القبلة فأنزل الله : (وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) يعني أهل التوراة (لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) بأنّ القبلة هي الكعبة فأوعدهم الله ، فقال : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) يعني عمّا يعملون من كفرهم بالقبلة. (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) يعني اليهود : ينحوم بن سكين ، ورافع بن سكين ، ورافع بن حريملة ، ومن النصارى أهل نجران : السيد والعاقب. فقالوا للنبيّ : ائتنا بآية نعرفها كما كانت الأنبياء تأتي بها فأنزل الله : (وَلَئِنْ أَتَيْتَ) يقول ولئن جئت يا محمّد (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) يعني الكعبة (وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ) يعني بيت المقدس ثمّ قال : (وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ) يقول إنّ اليهود يصلّون قبل المغرب لبيت المقدس والنصارى قبل المشرق فأنزل الله ـ عزوجل ـ يحذّر نبيّه ويخوّفه : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) فصلّيت إلى قبلتهم (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) يعني البيان (إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ)(٣).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٧٨ / ٨٥٥.

(٢) البغوي ١ : ١٧٩ ـ ١٨٠ / ١٠١ ؛ الترمذي ١ : ٢١٤ / ٣٤١ ، باب ٢٥٣ ؛ ابن ماجة ١ : ٣٢٣ / ١٠١١ ، باب ٥٦ ؛ كنز العمّال ٧ : ٣٣٨ / ١٩١٦٣.

(٣) تفسير مقاتل ١ : ١٤٦ ـ ١٤٧.

١٥٨

قوله تعالى : (وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ)

[٢ / ٣٦٢٥] أخرج ابن جرير عن السدّي وابن زيد في قوله : (وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ) يقولا : لا اليهود بتابعي قبلة النصارى ولا النصارى بتابعي قبلة اليهود (١).

قوله تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ)

[٢ / ٣٦٢٦] أخرج الطبراني عن سلمان الفارسي قال : خرجت أبتغي الدين ، فوقعت في الرهبان بقايا أهل الكتاب ، قال الله تعالى : (يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) فكانوا يقولون : هذا زمان نبيّ قد أطلّ يخرج من أرض العرب له علامات ، من ذلك شامّة مدوّرة ، بين كتفيه خاتم النبوّة (٢).

[٢ / ٣٦٢٧] وأخرج الثعلبي من طريق السدّي الصغير عن الكلبي عن ابن عبّاس قال : لمّا قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة قال عمر بن الخطّاب لعبد الله بن سلام : قد أنزل الله على نبيّه : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) فكيف يا عبد الله هذه المعرفة؟ فقال عبد الله بن سلام : يا عمر لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني إذا رأيته مع الصبيان ، وأنا أشدّ معرفة بمحمّد منّي بابني. فقال عمر : كيف ذلك؟ قال : أشهد أنّه رسول الله حقّ من الله ، وقد نعته الله في كتابنا ولا أدري ما تصنع النساء. فقال له عمر : وفّقك الله يا ابن سلام (٣).

[٢ / ٣٦٢٨] وأخرج ابن جرير عن السدّي في قوله : (يَعْرِفُونَهُ) قال : يعرفون الكعبة من قبلة الأنبياء كما يعرفون أبناءهم (٤).

قوله تعالى : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ)

[٢ / ٣٦٢٩] قال الشيخ الطبرسي : إنّ لكلّ قوم من المسلمين وجهة : من كان منهم وراء الكعبة ، أو قدّامها ، أو عن يمينها ، أو عن شمالها ، وهو اختيار الجبّائي (٥).

__________________

(١) الدرّ ١ : ٣٥٦ ؛ الطبري ٢ : ٣٥ / ١٨٦٦ و ١٨٦٧ عن ابن زيد ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٢٥٥.

(٢) الدرّ ١ : ٣٥٧ ؛ الكبير ٦ : ٢٦٧ ؛ مجمع الزوائد ٨ : ٢٤١.

(٣) الدرّ ١ : ٣٥٧ ؛ الثعلبي ٢ : ١٣ ؛ أبو الفتوح ٢ : ٢١٥ ؛ البغوي ١ : ١٨٠.

(٤) الطبري ٢ : ٣٦ / ١٨٧٠ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٢٥٥ / ١٣٦٨.

(٥) مجمع البيان ١ : ٤٢٨ ـ ٤٢٩ ؛ التبيان ٢ : ٢٤.

١٥٩

[٢ / ٣٦٣٠] وأخرج البخاري والنسائي والبيهقي في سننه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من صلّى صلاتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا ، فذلك المسلم ، له ذمّة الله وذمّة رسوله ، فلا تخفروا الله في ذمّته». (١)(٢).

[٢ / ٣٦٣١] وقال مقاتل بن سليمان : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها) يقول لكلّ أهل ملّة قبلة هم مستقبلوها ، يريدون بها الله (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) يقول سارعوا في الصالحات من الأعمال (أَيْنَ ما تَكُونُوا) من الأرض أنتم وأهل الكتاب (يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) يوم القيامة (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) من البعث وغيره قدير (٣).

[٢ / ٣٦٣٢] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ) يعني بذلك أهل الأديان. يقول : لكلّ قبلة يرضونها ، ووجه الله حيث توجّه المؤمنون (٤).

[٢ / ٣٦٣٣] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها) قال : لكلّ صاحب ملّة قبلة وهو مستقبلها (٥).

[٢ / ٣٦٣٤] وعن ابن عبّاس في قوله : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) قال : معناه تنافسوا فيما رغبتم فيه من الخير ، فلكلّ عندي ثوابه (٦).

[٢ / ٣٦٣٥] وروى الشيخ المفيد بالإسناد إلى جابر بن يزيد الجعفي ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام في حديث يذكر فيه علامات القائم عليه‌السلام ، إلى أن قال : فيجمع الله له أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ويجمعهم الله له على غير ميعاد قزعا كقزع الخريف (٧) ، وهم يا جابر الآية الّتي ذكرها الله في كتابه

__________________

(١) خفر فلانا : نقض عهده.

(٢) الدرّ ١ : ٣٥٨ ؛ البخاري ١ : ١٠٢ ؛ النسائي ٦ : ٥٣٠ / ١١٧٢٨ ، باب ٩ ، صفة المسلم ؛ البيهقي ٢ : ٣ ؛ كنز العمّال ١ : ٩٢ / ٣٩٨.

(٣) تفسير مقاتل ١ : ١٤٨.

(٤) الدرّ ١ : ٣٥٧ ؛ الطبري ٢ : ٤٠ / ١٨٨٦ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٢٥٦ / ١٣٧٤ ؛ ابن كثير ١ : ٢٠٠.

(٥) الدرّ ١ : ٣٥٨ ؛ الطبري ٢ : ٣٩ و ٤١ / ١٨٨٢ و ١٨٩٣ ؛ التبيان ٢ : ٢٤ ؛ القرطبي ٢ : ١٦٤ ، بنحوه عن الربيع وعطاء وابن عبّاس.

(٦) مجمع البيان ١ : ٤٢٩.

(٧) القزع : قطع من السحاب صغار متفرّقة.

١٦٠