التفسير الأثري الجامع - ج ٢

الشيخ محمّد هادي معرفة

التفسير الأثري الجامع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي معرفة


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التمهيد ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5079-03-6
ISBN الدورة:
978-600-5079-08-1

الصفحات: ٥٦٠

قال تعالى :

(يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠) وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (٤١) وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٤٤) وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (٤٦))

في هذا المقطع من الآيات يواجه السياق بني إسرائيل ، أولئك الّذين واجهوا الدعوة في المدينة مواجهة نكرة ؛ وقاوموها مقاومة عنيفة : خفيّة وظاهرة ؛ وكادوا لها كيدا متواصلا ، لم يفتر لحظة منذ أن ظهر الإسلام بالمدينة وتبيّن لهم أنّه في طريقه إلى الهيمنة على مقاليدها ، وعزلهم من القيادة الأدبيّة والاقتصاديّة الّتي كانت لهم لحدّ ذاك الحين .. وذلك مذ وحدّ الأوس والخزرج وسدّ الثغرات الّتي كانت تنفذ منها اليهود. وشرع لهم منهجا قويما وغنيّا عن الاستجداء من الأجانب ذوي الأطماع. منهجا مستقلا يقوم على أساس كتاب جديد وشريعة جديدة على يد نبيّ من ولد إسماعيل وليس من ولد إسحاق!

الأمر الّذي أثار ضغائنهم وزاد حقدهم على هذه الأمّة منذ بزوغها ، فكانت معركة دامية شنّها اليهود على الإسلام والمسلمين منذ ذلك التاريخ البعيد ، ثمّ لم يخب أوارها حتّى اللحظة الحاضرة ، بنفس الوسائل ونفس الأساليب ، لا يتغيّر إلّا شكلها ، أمّا حقيقتها فباقية ، وأمّا طبيعتها فواحدة.

هذا على الرغم من أنّ العالم كلّه منذ زمن سحيق كان يطاردهم من جهة إلى جهة ومن قرن إلى قرن ـ ولا يزال ـ فلا يجدون لهم صدرا حنونا إلّا في العالم الإسلامي المفتوح ، الّذي يكافح الاضطهادات سواء الدينيّة أو العنصريّة ، ويفتح أبوابه لكلّ مسالم لا يؤذي الإسلام ولا يكيد للمسلمين.

قال سيّد قطب : ولقد كان المنتظر أن يكون اليهود في المدينة هم أوّل من يؤمن بالرسالة

٥٢١

الجديدة ويؤمن للرسول الجديد ؛ مذ كان القرآن يصدّق ما جاءت به التوراة في عمومه ، ومذ كانوا هم يتوقّعون رسالة هذا الرسول ، وعندهم أوصافه في البشارات الّتي يتضمّنها كتابهم ؛ وهم كانوا يستفتحون به على العرب المشركين (١).

وهذا العرض ـ من آيات سورة البقرة ـ هو الشوط الأوّل من تلكم الجولة الواسعة مع بني إسرائيل بل هذه الحملة الشاملة لكشف مواقفهم وفضح مكائدهم بعد استنفاد كلّ وسائل الدعوة معهم لترغيبهم في الإسلام ، والانضمام إلى موكب الإيمان بالدين الجديد.

تبدأ هذه الجولة بنداء علويّ جليل إلى بني إسرائيل ، تذكّرهم بنعمته تعالى عليهم وتدعوهم إلى الوفاء بعهدهم معه ليوفي بعهده معهم ، وإلى تقواه وخشيته ؛ يمهّد بها لدعوتهم إلى الإيمان بما أنزله مصدّقا لما معهم ، وتندّد بموقفهم منه موقف المعاند ، وكفرهم به أوّل من يكفر! كما تندّد بتلبيسهم الحقّ بالباطل وكتمان الحقّ ليموّهوا على الناس ـ وعلى المسلمين خاصّة ـ ويشيعوا الفتنة والبلبلة في الصفّ الإسلامي الموحّد ، والشكّ والريب في نفوس الداخلين في حظيرة الإسلام ، وتأمرهم أن يدخلوا مع الداخلين ، فيقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويركعوا مع الراكعين ، مستعينين على قهر نفوسهم وتطويعها للاندماج في الدين الجديد ، بالصبر والصلاة : بترويضها على المقاومة في سبيل الحقّ. وبالابتهال إلى الله ليعينهم على فهم الحقّ والانصياع له.

فأوّل خطوة تخطوها هذه الجولة أن تذكّرهم بنعم الله الّتي أسبغها عليهم في تاريخهم الطويل ، مخاطبا الحاضرين منهم كما لو كانوا هم الّذين تلقّوا هذه النعم على عهد موسى عليه‌السلام. وذلك باعتبار أنّهم أمّة واحدة متضامنة الأجيال ، متّحدة الجبلّة. كما هم في حقيقة الأمر سواء وفق ما بدى من صفاتهم ومواقفهم في جميع العصور.

وتعاود تخوّفهم باليوم الّذي يخاف الوحدة والوحشة فيه ، حيث لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ، ولا يؤخذ منها فدية ، ولا يجدون من ينصرهم ويعصمهم من عذاب الله!

قال تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ..)

تلك النعم الّتي أفاضها عليكم طول حياتكم وفضّلكم ببعث الأنبياء منكم من لدن موسى الكليم فإلى عهد عيسى المسيح.

__________________

(١) البقرة ٢ : ٨٩.

٥٢٢

(وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) بالإيمان والاستسلام لله تعالى.

(أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) من حسن المثوبة وتداوم البركات عليكم.

(وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) لا تخشون إلّا الله ؛ لا يهيبكم شيء سواه ولا يروّعكم أمر في جنب الله ولا تأخذكم في الله لومة لائم.

(وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ) ـ على نبيّ الإسلام ، حال كونه ـ (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) حيث توافق الأديان في أصول معارفها وقواعد الأحكام.

(وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) حال كونكم أعرف بدلائل صدقه وأعلم بمواضع بيّناته.

(وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) لا تستبدلوا الّذي هو أدنى ـ حبّ الجاه والمال ـ بالذي هو خير : حبّ الله والوفاء بالعهد. حيث الحرص على السيادة وإيثار الدنيا على الآخرة ثمن بئيس يتقاضونه تجاه ما يدفعونه من الحياة العليا السعيدة.

(وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) تأكيد مكرّر على الأخذ بجانبه تعالى ، لا يرجون إلّا الله ، ولا يهابون سواه.

(وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ). حيث كانت لازمة التلوّي في دين الله ـ بغية الحصول على حطام الدنيا ـ هو تلبيس الأمر على العامّة وكتمان الحقّ دون الصراحة به ، الأمر الّذي يورث ألم النفس عند ما يحاول الإنسان أن يخالف فطرته ويناقض بديهة عقله.

(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) ابتهالا إلى الله. حيث تواجد ارتياح القلوب.

(وَآتُوا الزَّكاةَ) إنفاقا في سبيل الله وتواسيا مع المعوزين.

(وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) التئاما مع جماعة المؤمنين. لا انعزالا انعزال المستكبرين أهل الجمود والجحود.

(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) توبيخ لاذع بأولئك الزعماء الدينيّين ، يعظون الناس بمحاسن الأخلاق ومكارم الفعال. ولكن وعظا لم ينتشئ من قلب واع ، خاشع لله ، متّعظ بزواجره وهو نوع ترفّع مقيت اعتاده أهل الشقاق والنفاق.

(وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ) حال كونكم تعرفون من شريعة الله ما لا يعرفه غيركم من التأكيد على ملازمة التقوى والخضوع لله محضا.

(أَفَلا تَعْقِلُونَ) أنّ هذا الالتواء في الدين سوف يؤدّي بكم إلى البوار والهلاك ، ويفتضح أمركم على رؤوس الأشهاد؟!

٥٢٣

(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) ولتكن استعانتكم للمغالبة على هو النفس ، بترويضها على المقاومة تجاه المغريات.

وهكذا الصلاة ، قربان كلّ تقيّ وابتهال إلى الله ليأخذ بمجامع قلبه ويهديه إلى الصراط السويّ في الحياة ، إن ماديّة أو معنويّة. وليخرجه من الظلمات إلى النور ، عند متشابكات الأمور.

(وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ) : ثقيلة (إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) : خشعت نفوسكم لذكر الله. ومن ثمّ خفّت عليهم وارتاحت لها نفوسهم وابتهجت بها.

(الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ).

الظنّ هنا : اليقين القاطع.

قال ابن سيده أبو الحسن عليّ بن إسماعيل المرسي (ت ٤٥٨) : الظنّ : شكّ ، ويقين ، إلّا أنّه ليس بيقين عيان ، إنّما هو يقين تدبّر. فأمّا يقين العيان فلا يقال فيه إلّا العلم (١).

فاليقين إن حصل عن تدبّر وتعقّل ، كان ظنّا قاطعا. وإن حصل عن مشاهدة وعيان ، كان علما ، حسب متعارف اللغة. وبذلك جاء استعمال القرآن النازل بلسان العرب العرباء.

فالذين يخشعون لله ولا يخشعون لأحد سواه ، هم أهل اليقين وهم على يقين من أمرهم وأنّهم سائرون في رقابة من الله ، وأنّهم إليه راجعون ، فيحاسبهم على أعمالهم حتّى ولو كانت على مقدار مثقال ذرّة : (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ)(٢). (وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ)(٣).

السرّ في تكرار قصص بني إسرائيل

قد يتساءل البعض ما هذا التكرّر في سرد قصص بني إسرائيل؟

نعم كانت قصّة بني إسرائيل قصّة نضال مستمرّ بين دعاة الحقّ ودعاة الفساد في الأرض. فهناك الأنبياء ـ وهم دعاة الإيمان والاستسلام للحقّ ـ في صفّ رصين ، وفي مقابلتهم اصطفاف أهل الزيغ والباطل ، في معركة دامية ومستمرّة ، مادامت الأهواء لا تخضع للحقّ ولا تنصاع لمعالم

__________________

(١) المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده ١٠ : ٨. وراجع : لسان العرب لابن منظور ١٣ : ٢٧٢.

(٢) سبأ ٣٤ : ٣.

(٣) يونس ١٠ : ٦١.

٥٢٤

الهدى ، ومادامت عاجلة الدنيا هي الّتي بهرت عيون أهل الردى وتجلّت زخرفتها في نفوسهم ، فأنستهم ذكر الله.

هكذا استمرّ كفاح بني اسرائيل عنادا مع الحقّ ، عبر تاريخهم البئيس المليء بالأكدار والنكبات. فليكن سرد قصصهم عبرة لسائر الأمم وللأمّة المسلمة بالذات ، وليأخذوا من مواضع إسرائيل الملتوية درسا يعتبرون به في انتهاج سبل السعادة والسّلام.

فكان سرد قصصهم وتكريرها ، تأكيدا على العظة بها ، وكانت ضروريّة أوّلا وقبل كلّ شيء لتحطيم دعاوي يهود ، وكشف مكايدها ، ببيان حقيقتها وحقيقة دوافعها في الدسّ للإسلام والمسلمين ، كما كانت ضروريّة لتفتيح عيون المسلمين وقلوبهم لهذه الدسائس والمكايد الّتي توجّه إلى مجتمعهم الجديد ، وإلى الأصول الّتي يقوم عليها ؛ كما توجّه إلى وحدة الصفّ المسلم لخلخلته وإشاعة الفتنة فيه.

ومن جانب آخر كانت ضروريّة لتحذير المسلمين من مزالق الطريق الّتي عثرت فيها أقدام الأمّة المستخلفة قبلهم ، فحرمت مقام الخلافة ، وسلبت شرف القبام على أمانة الله في الأرض ، ومنهجه لقيادة البشر. وقد تخلّلت هذه الجولة توجيهات ظاهرة وخفيّة للمسلمين لتحذيرهم من تلك المزالق والدركات.

وما أحوج الجماعة المسلمة إلى هذه العظة وذاك الاعتبار ، وما أحوج الأمّة المسلمة في طول تاريخها المجيد إلى تملّي هذه التوجيهات وإلى دراسة هذا القرآن وما فيه من عبر وعظات ، بالعين المفتوحة والحسّ البصير ، لتتلقّى منه تعليمات القيادة الإلهية العلويّة في معاركها الّتي تخوضها مع أعدائها التقليديّين ، ولتعرف منها كيف تردّ على الكيد العميق الخبيث الّذي يوجّهونه إليهم دائبين ، بأخفى الوسائل وأمكر الطرق. وما يملك قلب لم يهتد بنور الإيمان ، ولم يتلقّ التوجيه من تلك القيادة المطّلعة على السرّ والعلن والباطن والظاهر ، أن يدرك المسالك والدروب الخفيّة الخبيثة الّتي يتدسّس فيها ذلك الكيد اللئيم المريب!

نعم كانت قصّة بني إسرائيل هي أكثر القصص ورودا في القرآن الكريم ؛ والعناية بعرض مواقفها ومواضع عبرتها عناية ظاهرة ، توحي بحكمة الله ـ عزوجل ـ في علاج هذه الأمّة المسلمة

٥٢٥

وتربيتها وإعدادها للخلافة الكبرى! (١)

(وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)(٢).

(وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ. ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)(٣).

قوله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ)

[٢ / ١٤٩٦] قال مقاتل بن سليمان : قوله : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) يعني أجدادهم ، فكانت النعمة حين أنجاهم من آل فرعون وأهلك عدوّهم وحين فرق البحر لهم وحين أنزل عليهم المنّ والسلوى وحين ظلّل عليهم الغمام بالنهار من حرّ الشمس وجعل لهم عمودا من نور يضيء لهم بالليل إذا لم يكن ضوء القمر وفجّر لهم اثنتي عشرة عينا من الحجر وأعطاهم التوراة فيها بيان كلّ شيء فدلّهم على صنعه ليوحّدوه عزوجل (٤).

[٢ / ١٤٩٧] وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) قال : ذلك للأحبار من اليهود. (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) أي آلائي عندكم وعند آبائكم ، لمّا كان نجّاهم من فرعون وقومه. (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) الّذي أخذت بأعناقكم للنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ جاءكم. (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) أنجز لكم ما وعدتكم عليه ، بتصديقكم معه واتّباعه ، بوضع ما كان عليكم من الإصر والأغلال. (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) أن أنزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النقمات. (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) وعندكم من العلم ما ليس عند غيركم. (وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي وبما جاء به وأنتم تجدونه عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم (٥).

[٢ / ١٤٩٨] وقال الجبّائي في قوله : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) : المعنيّ به بنو إسرائيل من اليهود والنصارى ،

__________________

(١) وراجع : في ضلال القرآن ١ : ٨١ ـ ٨٣.

(٢) البقرة ٢ : ١٤٣.

(٣) يونس ١٠ : ١٣ ـ ١٤.

(٤) تفسير مقاتل ١ : ١٠٠.

(٥) الدرّ ١ : ١٥٤ ؛ الطبري ١ : ٣٥٥ / ٦٦٨ ـ ٦٨٦ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٩٥ / ٤٣٤ ؛ التبيان ١ : ١٨١ ، بلفظ : قال أكثر المفسرين ؛ مجمع البيان ١ : ١٨٣ ، بلفظ : قيل : هو خطاب لليهود الّذين كانوا بالمدينة.

٥٢٦

ونسبهم إلى الأب الأعلى ، كما قال : (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)(١).

[٢ / ١٤٩٩] وروى الصدوق بإسناده إلى جعفر بن محمّد بن عمارة عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «يعقوب هو إسرائيل ، ومعنى إسرائيل : عبد الله. لأنّ إسرا هو عبد ، وإيل هو الله عزوجل!». (٢)

[٢ / ١٥٠٠] وأخرج ابن جرير عن ابن عبّاس : إنّ إسرائيل كقولك : عبد الله (٣).

[٢ / ١٥٠١] وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن الحرث البصري قال : إيل : الله بالعبرانيّة (٤).

[٢ / ١٥٠٢] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إسرائيل هو يعقوب (٥).

[٢ / ١٥٠٣] وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عبّاس قال : إسرائيل هو يعقوب (٦).

[٢ / ١٥٠٤] وروى الصدوق بإسناده إلى الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام في حديث طويل وسئل عن أنبياء لهم إسمان؟ فقال : «يوشع بن نون وهو ذو الكفل ، ويعقوب وهو إسرائيل» (٧).

[٢ / ١٥٠٥] قال : وفي خبر آخر : أنّ إسرا هو القوّة ، وإيل هو الله عزوجل. فمعنى إسرائيل قوّة الله (٨).

قوله تعالى : (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ)

[٢ / ١٥٠٦] قال الحسن في قوله تعالى : (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ) : ذكر النعمة شكرها (٩).

[٢ / ١٥٠٧] وروى الشعبي عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من لم يشكر القليل لم

__________________

(١) التبيان ١ : ١٨١.

(٢) نور الثقلين ١ : ٧١ ؛ علل الشرائع ١ : ٤٣ / ١ ، باب ٣٩ ؛ البحار ١٢ : ٢٦٥ / ٣٠ ؛ البرهان ١ : ٢٠١ / ٢.

(٣) الدرّ ١ : ١٥٣ ؛ الطبري ١ : ٣٥٥ / ٦٦٦ ؛ القرطبي ١ : ٣٣١ ، بلفظ : قال ابن عبّاس : «إسرا» بالعبرانيّة هو عبد ، و «ايل» هو الله ؛ ابن كثير ١ : ٨٦.

(٤) الدرّ ١ : ١٥٤ ؛ الطبري ١ : ٣٥٥ / ٦٦٧.

(٥) الدرّ ١ : ١٥٣ ؛ الطبري ٥ : ٣٤٠ / ١٠٥٢٨ ، من سورة الأنعام ، الآية ٨٥.

(٦) الدرّ ١ : ١٥٣ ؛ ابن كثير ١ : ٣٩٠ ، الآية ٩٣ من سورة آل عمران.

(٧) نور الثقلين ١ : ٧١ ؛ عيون الأخبار ١ : ٢٢٢ / ١ ، باب ٢٤ ؛ علل الشرايع ٢ : ٥٩٦ / ٤٤ ، باب ٣٨٥ ؛ الخصال : ٣٢٢ / ٧ ؛ البحار ١٦ : ٩٠ / ٢٢ ، باب ٦.

(٨) علل الشرائع ١ : ٤٣ / ٢ ، باب ٣٩ ؛ معاني الأخبار : ٤٩.

(٩) البغوي ١ : ١٠٩ ؛ أبو الفتوح ١ : ٢٣٧ ؛ الشكر لله ، لابن أبي الدنيا : ٨٠ ـ ٨١ / ٣٣ ، بلفظ : قال : أكثر ذكر هذه النعمة ، فإنّ ذكرها شكرها.

٥٢٧

يشكر الكثير ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله ، والمحدّث بنعمة الله شاكر وتاركها كافر ، والجماعة رحمة ، والفرقة عذاب!» (١).

[٢ / ١٥٠٨] وقال الجبّائي : جعل تعريفه إيّاهم نعمه عهدا عليهم وميثاقا ، لأنّه يلزمهم القيام بما يأمرهم به من شكر هذه النعم كما يلزمهم الوفاء بالعهد والميثاق الّذي يأخذ عليهم! (٢).

قوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ)

[٢ / ١٥٠٩] قال مقاتل بن سليمان في قوله : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) يعني اليهود ، وذلك أنّ الله عهد إليهم في التوراة أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وأن يؤمنوا بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبالنبيّين والكتاب فأخبر الله عنهم في المائدة فقال : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي) بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وَعَزَّرْتُمُوهُمْ) يعني نصرتموهم (وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً)(٣). فهذا الّذي قال الله : (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) الّذي عهدت إليكم في التوراة فإذا فعلتم ذلك (أُوفِ) لكم (بِعَهْدِكُمْ) يعني المغفرة والجنّة. فعاهدهم أن يوفي لهم بما قال : المغفرة والجنّة (٤) ، فكفروا بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعيسى عليه‌السلام. فذلك قوله ـ سبحانه ـ : (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) فهذا وفاء الربّ ـ عزوجل ـ لهم (٥).

[٢ / ١٥١٠] وقال ابن عبّاس في قوله : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) : هذا العهد ، هو : أنّ الله تعالى عهد إليهم في التوراة أنّه باعث نبيّا يقال له : محمّد ، فمن تبعه كان له أجران اثنان : أجر باتّباعه موسى وإيمانه بالتوراة ، وأجر باتّباعه محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإيمانه بالقرآن ومن كفر به تكاملت أوزاره وكانت النار جزاءه فقال الله عزوجل : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) في اتّباع محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) أدخلكم الجنّة (٦).

__________________

(١) الثعلبي ١ : ١٨٦ ؛ مسند أحمد ٤ : ٢٧٨ ، وفيه : والتحدّث بنعمة الله شكر ، وتركها كفر ... ؛ الشكر لله ، لابن أبي الدنيا : ٩٥ / ٦٣ ، بلفظ : قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «التحدّث بالنعم شكرها ، وتركها كفر ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله والجماعة بركة والفرقة عذاب» ؛ مجمع الزوائد ٥ : ٢١٧ ـ ٢١٨.

(٢) التبيان ١ : ١٨٣ ؛ مجمع البيان ١ : ١٨٤.

(٣) المائدة ٥ : ١٢.

(٤) في تتمّة الآية : (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ ...).

(٥) تفسير مقاتل ١ : ١٠٠ ـ ١٠١.

(٦) الوسيط ١ : ١٢٧.

٥٢٨

[٢ / ١٥١١] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) يقول : ما أمرتكم به من طاعتي ونهيتكم عنه من معصيتي في النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيره (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) يقول : أرض عنكم وأدخلكم الجنّة.

وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود. مثله (١).

[٢ / ١٥١٢] وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) قال : هو الميثاق الّذي أخذ عليهم في سورة المائدة : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ)(٢). (٣).

[٢ / ١٥١٣] وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) قال : ذلك الميثاق الّذي أخذ عليهم في المائدة (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً)(٤).

فهذا عهد الله الّذي عهد إليهم ، وهو عهد الله فينا ، فمن أوفى بعهد الله وفى الله له بعهده (٥).

[٢ / ١٥١٤] وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : العهد الّذي أخذ الله عليهم وأعطاهم هي الآية التي في سورة المائدة : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) إلى قوله (وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ)(٦).

[٢ / ١٥١٥] وأخرج الثعلبي عن قتادة قال : هو العهد الّذي أخذ الله عليهم في قوله : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ ...)(٧) وقوله تعالى : (وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً)(٨). فهذا قوله : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي.) ثمّ قال تعالى : (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ)(٩) الآية. فهذا قوله : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي)(١٠).

[٢ / ١٥١٦] وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) قال : أوفوا بما افترضت عليكم أوف لكم بما رأيت الوعد لكم به على نفسي! (١١).

[٢ / ١٥١٧] وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن الضحّاك في قوله : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٥٤ ؛ الطبري ١ : ٣٥٨ / ٦٧٧ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٩٥ ـ ٩٦ / ٤٣٧ ـ ٤٤٠.

(٢) المائدة ٥ : ١٢.

(٣) الدرّ ١ : ١٥٤ ؛ البغوي ١ : ١٠٩.

(٤) المائدة ٥ : ١٢.

(٥) الطبري ١ : ٣٥٧ / ٦٧٦ ؛ أبو الفتوح ١ : ٢٣٩.

(٦) الدرّ ١ : ١٥٤ ؛ البغوي ١ : ١٠٩ ؛ مجمع البيان ١ : ١٨٤ ؛ أبو الفتوح ١ : ٢٣٩.

(٧) المائدة ٥ : ١٢.

(٨) نفس الآية.

(٩) نفس الآية.

(١٠) الثعلبي ١ : ١٨٧.

(١١) الدرّ ١ : ١٥٤.

٥٢٩

أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) قال : أوفوا بطاعتي أوف لكم بالجنّة (١).

[٢ / ١٥١٨] وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : عهده إلى عباده : دين الإسلام أن يتّبعوه (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) يعني الجنّة (٢).

[٢ / ١٥١٩] وعن السدّي قال : أمّا (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) : فما عهدت إليكم في الكتاب. وأمّا (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) : فالجنّة ، عهدت إليكم أنّكم إن عملتم بطاعتي أدخلتكم الجنّة! (٣).

[٢ / ١٥٢٠] وعن ابن زيد قال : أوفوا بأمري أوف بالذي وعدتكم ، وقرأ (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ) حتّى بلغ (وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ)(٤) قال : هذا عهده إليكم الّذي عهده لهم (٥).

[٢ / ١٥٢١] وروي عن الإمام أبي محمّد العسكري عليه‌السلام ، قال : «قال الله ـ عزوجل ـ : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) ، لمّا بعثت محمّدا وأقررته في مدينتكم ولم أجشّمكم الحطّ والترحال إليه وأوضحت علاماته ودلائل صدقه لئلّا يشتبه عليكم حاله (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) الّذي أخذته على أسلافكم أنبياؤكم وأمروا أن يؤدّوه إلى أخلافهم ، ليؤمننّ بمحمّد العربيّ القرشيّ الهاشميّ ، المبان بالآيات ، والمؤيّد بالمعجزات الّتي منها : أن كلّمته ذراع مسمومة ، وناطقه ذئب ، وحنّ عليه عود المنبر ، وكثّر الله له القليل من الطعام ، وألان له الصلب من الأحجار ، وصلّب له المياه السيّالة ، ولم يؤيّد نبيّا من أنبيائه بدلالة إلّا جعل له مثلها أو أفضل منها. والّذي جعل من أكبر أوليائه عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، شقيقه ورفيقه ، عقله من عقله وعلمه من علمه وحلمه من حلمه ، مؤيّد دينه بسيفه الباتر بعد أن قطع المعاذير للمعاندين بدليله القاهر ، وعلمه الفاضل وفضله الكامل. (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) الّذي أوجبت لكم به نعيم الأبد في دار الكرامة ومستقرّ الرحمة. (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) في مخالفة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّي القادر على صرف بلاء من يعاديكم على موافقتي ، وهم لا يقدرون على صرف انتقامي عنكم إذا آثرتم مخالفتي» (٦).

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٥٤ ؛ العظمة ٢ : ٥٣٠ ـ ٥٣١ / ١٨٤.

(٢) الطبري ١ : ٣٥٧ / ٦٧٤.

(٣) المصدر / ٦٧٥.

(٤) التوبة ٩ : ١١١.

(٥) الطبري ١ : ٣٥٨ / ٦٧٨ ؛ أبو الفتوح ١ : ٢٣٩.

(٦) البرهان ١ : ٢٠٠ ـ ٢٠١ / ١ ؛ تفسير الإمام : ٢٢٧ ـ ٢٢٨ / ١٠٧ ؛ كنز الدقائق ١ : ٣٩٥ ـ ٣٩٦ ؛ تأويل الآيات ١ : ٥٠ ـ ٥١ / ٢٥ ؛ البحار ٩ : ١٧٨ / ٦.

٥٣٠

[٢ / ١٥٢٢] وروى عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن محمّد بن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام «قال له رجل : جعلت فداك ، إنّ الله يقول : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)(١) وإنّا ندعو فلا يستجاب لنا!؟ قال : لأنّكم لا تفون بعهده ، وإنّ الله يقول : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ). والله لو وفيتم لله لوفى الله لكم». (٢)

[٢ / ١٥٢٣] وروى المفيد بالإسناد إلى هشام بن سالم قال : قلت للصادق عليه‌السلام : يا ابن رسول الله ، ما بال المؤمن إذا دعا ربما استجيب له وربما لم يستجب له؟ وقد قال الله ـ عزوجل ـ : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)(٣) ، فقال : «إنّ العبد إذا دعا الله ـ تبارك وتعالى ـ بنيّة صادقة وقلب مخلص ، استجيب له بعد وفائه بعهد الله ، وإذا دعا الله لغير نيّة وإخلاص ، لم يستجب له ؛ أليس الله يقول : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) فمن وفى وفي له» (٤).

قوله تعالى : (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)

[٢ / ١٥٢٤] قال مقاتل بن سليمان في قوله : (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) قال : يعني وإيّاي فخافون في محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فمن كذّب به فله النار (٥).

[٢ / ١٥٢٥] وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله : (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) يقول : فاخشون (٦).

قوله تعالى : (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ)

[٢ / ١٥٢٦] قال مقاتل بن سليمان في قوله : (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً) : نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه رؤوس اليهود. يقول : صدّقوا بما أنزلت من القرآن على محمّد مصدّقا (لِما مَعَكُمْ) يقول : محمّد تصديقه معكم أنّه نبيّ رسول (٧).

__________________

(١) المؤمن ٤٠ : ٦٠.

(٢) نور الثقلين ١ : ٧٣ / ١٦٢ ، و ٤ : ٥٢٧ / ٧١ ؛ القمي ١ : ٤٦ ؛ البحار ٩٠ : ٣٦٨ / ٣ ؛ البرهان ١ : ٢٠١ ـ ٢٠٢ / ٤.

(٣) المؤمن ٤٠ : ٦٠.

(٤) مستدرك الوسائل ٥ : ١٨٩ ؛ الاختصاص : ٢٤٢ ؛ البحار ٩٠ : ٣٧٩ / ٢٣.

(٥) تفسير مقاتل ١ : ١٠١.

(٦) الطبري ١ : ٣٥٨ / ٦٨٠ و ٦٨١ نقلا عن السدّي ؛ ابن كثير ١ : ٨٦ ، نقلا عن أبي العالية والسدّي والربيع بن أنس وقتادة.

(٧) تفسير مقاتل ١ : ١٠١.

٥٣١

[٢ / ١٥٢٧] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ). قال : القرآن : (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُم). قال : التوراة والإنجيل. (١)

[٢ / ١٥٢٨] وقال الفرّاء في قوله تعالى : (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) : أراد أوّل من يكفر به (٢).

[٢ / ١٥٢٩] وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في الآية قال : يقول يا معشر أهل الكتاب آمنوا بما أنزلت على محمّد (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) ، لأنّكم تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) يقول : لا تكونوا أوّل من كفر بمحمّد (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً) يقول : لا تأخذوا عليه أجرا. قال : وهو مكتوب عندهم في الكتاب الأوّل : يا ابن آدم علّم مجّانا كما علّمت مجّانا (٣).

[٢ / ١٥٣٠] وفي المجمع : ولا تكونوا السابقين إلى الكفر به فيتّبعكم الناس. أي لا تكونوا أئمّة في الكفر به. قاله أبو العالية (٤).

[٢ / ١٥٣١] وقال مقاتل بن سليمان في قوله : (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) : يعني محمّدا فتتابع اليهود كلّها على الكفر به ، فلمّا كفروا تتابعت اليهود كلّها : أهل خيبر ، وأهل فدك ، وأهل قريظة ، وغيرهم على الكفر بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥).

[٢ / ١٥٣٢] وذكر الطبرسيّ : أنّ المعنى : ولا تكونوا أوّل جاحد لصفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كتابكم. قال :

فعلى هذا تعود الهاء في «به» إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. قاله ابن جريج (٦).

[٢ / ١٥٣٣] وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله : (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) قال : بالقرآن (٧).

[٢ / ١٥٣٤] وقال عليّ بن عيسى الرمّاني : يحتمل أن يكون : أوّل كافر بالقرآن : أنّه حقّ في كتابكم.

وإنّما عظم أوّل الكفر ، لأنّهم إذا كانوا أئمّة لهم وقدوة في الضلالة كانت ضلالتهم أعظم ، كما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سنّ سنّة سيّئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة (٨).

__________________

(١) الدرّ ١ : ٣٤٠ ، ط : مركز هجر ؛ الطبري ١ : ٣٥٨ / ٦٨٢.

(٢) الوسيط ١ : ١٢٨.

(٣) الدرّ ١ : ١٥٥ ؛ الطبري ١ : ٣٥٩ و ٣٦١ / ٦٨٥ و ٦٨٧.

(٤) مجمع البيان ١ : ١٨٥.

(٥) تفسير مقاتل ١ : ١٠١.

(٦) مجمع البيان ١ : ١٨٥.

(٧) الدرّ ١ : ١٥٥ ؛ الطبري ١ : ٣٦٠ / ٦٨٤ ؛ القرطبي ١ : ٣٣٣ ؛ التبيان ١ : ١٨٧.

(٨) مجمع البيان ١ : ١٨٦ ؛ التبيان ١ : ١٨٧.

٥٣٢

قوله تعالى : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً)

[٢ / ١٥٣٥] قال مقاتل بن سليمان : ثمّ قال لرؤوس اليهود : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) وذلك أنّ رؤوس اليهود كتموا أمر محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في التوراة وكتموا أمره عن عامّة اليهود وكانت للرؤساء منهم مأكلة في كلّ عام من زرعهم وثمارهم ، ولو تابعوا محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحبست تلك المأكلة عنهم ، فقال الله لهم : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) : يعني بكتمان بعث محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عرضا قليلا من الدنيا ممّا تصيبون من سفلة اليهود ثمّ يخوّفهم بقوله : (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) في محمّد. فمن كذّب به فله النار! (١).

[٢ / ١٥٣٦] وقال ابن لهيعة : حدّثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير في قوله تعالى : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) قال : آياته كتابه الّذي أنزله إليهم ، والثمن القليل هي الدنيا وشهواتها (٢).

[٢ / ١٥٣٧] وعن الحسن قال : الثمن القليل هي الدنيا بحذافيرها (٣).

[٢ / ١٥٣٨] وأخرج ابن جرير عن السدّي في قوله : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) : لا تأخذوا طعما قليلا وتكتموا إسم الله. فذلك الطعم هو الثمن (٤).

[٢ / ١٥٣٩] وأخرج أبو الشيخ عن أبي العالية في قوله : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) قال :

لا تأخذ على ما علّمت أجرا ، فإنّما أجر العلماء والحكماء على الله ، وهم يجدونه عندهم. يا ابن آدم علّم مجّانا كما علّمت مجّانا (٥).

قوله تعالى : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ)

[٢ / ١٥٤٠] أخرج ابن جرير عن ابن عبّاس في قوله : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ) قال : لا تخلطوا الصدق بالكذب (وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) قال : لا تكتموا الحقّ وأنتم قد علمتم أنّ محمّدا رسول الله (٦).

[٢ / ١٥٤١] وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ) قال : لا تلبسوا اليهوديّة والنصرانيّة بالإسلام ، وأنتم تعلمون أنّ دين الله الإسلام ، وأنّ اليهوديّة والنصرانيّة بدعة ليست من الله. (وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) قال : كتموا محمّدا وهم يعلمون أنّه رسول الله ،

__________________

(١) تفسير مقاتل ١ : ١٠١.

(٢) ابن كثير ١ : ٨٧.

(٣) المصدر.

(٤) الطبري ١ : ٣٦١ / ٦٨٨.

(٥) الدرّ ١ : ١٥٥.

(٦) الدرّ ١ : ١٥٥ ؛ الطبري ١ : ٣٦٤ ـ ٣٦٥ / ٦٩٠ و ٦٩٤.

٥٣٣

(يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ)(١).

[٢ / ١٥٤٢] وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ) قال : الحقّ ، التوراة التي أنزل الله ، والباطل ، الّذي كتبوه بأيديهم (٢).

[٢ / ١٥٤٣] وعن أبي العالية في قوله : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ) يقول : لا تخلطوا الحقّ بالباطل ، وأدّوا النصيحة لعباد الله في أمر محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣).

[٢ / ١٥٤٤] وعن مجاهد في قوله : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ) قال : اليهوديّة والنصرانيّة بالإسلام (٤).

[٢ / ١٥٤٥] وقال مقاتل بن سليمان : ثمّ قال لليهود : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَ) وذلك أنّ اليهود يقرّون ببعض أمر محمّد ويكتمون بعضا ليصدقوا في ذلك فقال الله ـ عزوجل ـ : ولا تخلطوا الحقّ بالباطل. نظيرها في آل عمران (٥) والأنعام : (وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ)(٦) يعني ولم يخلطوا بشرك (٧).

[٢ / ١٥٤٦] وأخرج ابن جرير عن السدّي في قوله : (وَتَكْتُمُوا الْحَقَ) قال : هو محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٨).

[٢ / ١٥٤٧] وقال مقاتل بن سليمان في قوله : (وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ) : أي ولا تكتموا أمر محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنّ محمّدا نبيّ ونعته في التوراة (٩).

[٢ / ١٥٤٨] وقال الحسن : كتموا صفة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودينه ، وهو الحقّ وأظهروا دين اليهوديّة والنصرانيّة (١٠).

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٥٥. الآية ١٥٧ من سورة الأعراف.

(٢) الدرّ ١ : ١٥٥ ؛ الطبري ١ : ٣٦٣ / ٦٩٣.

(٣) الطبري ١ : ٣٦٣ / ٦٩١ ؛ ابن كثير ١ : ٨٨ ، نقلا عن أبي العاليه وسعيد بن جبير والربيع بن أنس.

(٤) الطبري ١ : ٣٦٣ / ٦٩٢.

(٥) (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) آل عمران ٣ : ٧١.

(٦) الأنعام ٦ : ٨٢ وتمامها : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ).

(٧) تفسير مقاتل ١ : ١٠١ ـ ١٠٢ ؛ الوسيط ١ : ١٢٨.

(٨) الدرّ ١ : ١٥٥ ؛ الطبري ١ : ٣٦٥ / ٦٩٩.

(٩) تفسير مقاتل ١ : ١٠٢.

(١٠) التبيان ١ : ١٩١.

٥٣٤

قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)

[٢ / ١٥٤٩] روى الصدوق في العلل الّتي ذكرها الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام قال : «فإن قال : فلم أمروا بالصلاة؟ قيل ، لأنّ الصلاة إقرار بالربوبيّة ، وهو صلاح عام ؛ لأنّ فيه خلع الأنداد ، والقيام بين يدي الجبّار ، بالذلّ والاستكانة والخضوع والخشوع والاعتراف ، وطلب الإقالة من سالف الذنوب ، ووضع الجبهة على الأرض كلّ يوم وليلة ، وليكون العبد ذاكرا لله تعالى غير ناس له ، ويكون خاشعا وجلا متذلّلا طالبا راغبا في الزيادة للدين والدنيا ، مع ما فيه من الانزجار عن الفساد ؛ وصار ذلك عليه في كلّ يوم وليلة ، لئلّا ينسى العبد مدبّره وخالقه ، فيبطر ويطغى ، وليكون في طاعة خالقه والقيام بين يدي ربّه ، زاجرا له عن المعاصي وحاجزا ومانعا عن أنواع الفساد» (١).

[٢ / ١٥٥٠] وروى بالإسناد إلى الحارث بن دلهات عن أبيه عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : «إنّ الله ـ عزوجل ـ أمر بثلاثة مقرون بها ثلاثة أخرى : أمر بالصلاة والزكاة (٢) ؛ فمن صلّى ولم يزكّ لم تقبل منه صلاته! وأمر بالشكر له وللوالدين (٣) ؛ فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله! وأمر باتّقاء الله وصلة الرحم (٤) ؛ فمن لم يصل رحمه لم يتّق الله ـ عزوجل ـ» (٥).

[٢ / ١٥٥١] وروى الصدوق بإسناده عن معروف بن خرّبوذ عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إنّ الله تبارك وتعالى قرن الزكاة بالصلاة فقال : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) فمن أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فكأنّه لم يقم الصلاة».

ورواه الكليني ، عن عليّ بن محمّد ، عن ابن جمهور ، عن أبيه ، عن عليّ بن حديد ، عن عثمان بن رشيد ، عن معروف بن خرّ بوذ مثله إلّا أنّه حذف لفظ فكأنّه (٦).

[٢ / ١٥٥٢] وروى القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمّد التميمي المغربي عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ، أنّه سئل عن زكاة الفطرة ، قال : «هي الزكاة الّتي فرضها الله على جميع المؤمنين مع الصلاة ،

__________________

(١) نور الثقلين ١ : ٧٤ ؛ عيون الأخبار ٢ : ١١٠ ـ ١١١ / ١ ، باب ٣٤ (العلل الّتي ذكر الفضل بن شاذان) ؛ البحار ٧٩ : ٢٧١ / ١٩.

(٢) البقرة ٢ : ٤٤.

(٣) لقمان ٣١ : ١٤.

(٤) النساء ٤ : ٢.

(٥) الخصال ، أبواب الثلاثة : ١٥٦ / ١٩٦ ؛ عيون الأخبار ١ : ٢٣٤ / ١٣ ؛ البحار ٧١ : ٦٨ / ٤٠ ؛ نور الثقلين ١ : ٧٤.

(٦) وسائل الشيعة ٩ : ٢٢ ؛ الفقيه ٢ : ١٠ / ١٥٨٤ ، أبواب الزكاة ، باب ما جاء في مانع الزكاة ، الكافي ٣ : ٥٠٦ / ٢٣ ، كتاب الزكاة ، باب منع الزكاة.

٥٣٥

بقوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ)(١) على الغنيّ والفقير ، والفقراءهم أكثر الناس ، والأغنياء أقلّهم ، فأمر كافة الناس بالصلاة والزكاة» (٢).

[٢ / ١٥٥٣] وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) قال : فريضتان واجبتان فأدّوهما إلى الله (٣).

[٢ / ١٥٥٤] وروى الصدوق بالإسناد إلى القاسم بن الربيع الصحّاف عن محمّد بن سنان أنّ أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : «أنّ علّة الزكاة من أجل قوت الفقراء وتحصين أموال الأغنياء ، لأنّ الله ـ عزوجل ـ كلّف أهل الصحّة القيام بشأن أهل الزمانة من البلوى ، كما قال تعالى : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ). في أموالكم ، إخراج الزكاة ، وفي أنفسكم توطين النفس على الصبر ، مع ما في ذلك من أداء شكر نعم الله ـ عزوجل ـ والطمع في الزيادة ، مع ما فيه من الرأفة والرحمة لأهل الضعف ، والعطف على أهل المسكنة ، والحثّ لهم على المواساة ، وتقوية الفقراء ، والمعونة على أمر الدين ، وهي عظة لأهل الغنى وعبرة لهم ، ليستدلّوا على فقر الآخرة بهم ، وما لهم من الحثّ في ذلك على الشكر لله ـ تبارك وتعالى ـ لما خوّلهم وأعطاهم ، والدعاء والتضرّع والخوف من أن يصيروا مثلهم. في أمور كثيرة ، في أداء الزكاة والصدقات ، وصلة الأرحام واصطناع المعروف» (٤).

[٢ / ١٥٥٥] وروى العيّاشي عن إسحاق بن عمّار ، قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) ، قال : هي الفطرة الّتي افترض الله على المؤمنين» (٥).

[٢ / ١٥٥٦] وعن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : «سألته عن صدقة الفطرة

__________________

(١) هذه الآية في المزمّل ٧٣ : ٢٠ والنور ٢٤ : ٥٦ والنساء ٤ : ٧٧ والبقرة ٢ : ٨٣ و ١١٠.

(٢) مستدرك الوسائل ٧ : ١٣٩ ؛ دعائم الإسلام ١ : ٢٦٦ ، كتاب الزكاة ، ذكر زكاة الفطر ؛ البحار ٩٣ : ١٠٩ / ١٦.

(٣) الطبري ١ : ٣٦٦ / ٧٠١.

(٤) عيون الأخبار ٢ : ٩٦ ـ ٩٧ / ١ ؛ باب ٣٣ (في ذكر ما كتب به الرضا عليه‌السلام إلى محمّد بن سنان في جواب مسائله في العلل.) نور الثقلين ١ : ٧٤ ؛ علل الشرائع ٢ : ٣٦٩ / ٣ ، باب ٩٠ (علّة الزكاة) ؛ الفقيه ٢ : ٨ ـ ٩ / ١٥٨٠ ، كتاب الزكاة ، باب علّة وجوب الزكاة ؛ البحار ٩٣ : ١٨ / ٣٨. والحديث ـ كما ورد في الفقيه ـ مشوّش اصلحناء على نسختي العيون والعلل.

(٥) البرهان ١ : ٢٠٥ / ٣ ؛ العيّاشي ١ : ٦٠ ـ ٦١ / ٣٢ ؛ البحار ٩٣ : ١٠٤ / ٢ ؛ الصافي ١ : ١٨٢.

٥٣٦

أواجبة هي بمنزلة الزكاة؟ فقال : هي ممّا قال الله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) ، هي واجبة» (١).

[٢ / ١٥٥٧] وروي عن الرضا عليه‌السلام : «اعلم أنّ الله تبارك وتعالى ، فرض زكاة الفطرة قبل أن يكثر الأموال ، فقال : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) وإخراج الفطرة واجب على الغنيّ والفقير ، والعبد والحرّ ، وعلى الذكران والإناث ، والصغير والكبير ، والمنافق والمخالف» (٢).

[٢ / ١٥٥٨] وروى العيّاشيّ عن زرارة قال : «سألت أبا جعفر عليه‌السلام ، وليس عنده غير ابنه جعفر عليه‌السلام ، عن زكاة الفطرة ، فقال : يؤدّي الرجل عن نفسه وعياله وعن رقيقه الذكر منهم والأنثى والصغير منهم والكبير صاعا من تمر عن كلّ إنسان أو نصف صاع من حنطة وهي الزكاة الّتي فرضها الله على المؤمنين مع الصلاة على الغنيّ والفقير منهم ، وهم جلّ الناس وأصحاب الأموال أجلّاء الناس (٣) ، قال : قلت : وعلى الفقير الّذي يتصدّق عليه؟ قال : نعم يعطي ممّا يتصدّق به عليه» (٤).

[٢ / ١٥٥٩] وعن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «نزلت الزكاة وليس للناس الأموال ، وإنّما كانت الفطرة» (٥).

[٢ / ١٥٦٠] وعن سالم بن مكرم الجمال ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «أعط الفطرة قبل الصلاة ، وهو قول الله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) ، والّذي يأخذ الفطرة عليه أن يؤدّي عن نفسه وعن عياله وإن لم يعطها حتّى ينصرف من صلاته فلا تعدّ له فطرة» (٦).

[٢ / ١٥٦١] وقال مقاتل بن سليمان في قوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) : في مواقيتها (وَآتُوا الزَّكاةَ) يعني وأعطوا الزكاة من أموالكم (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) يعني صلّوا مع المصلّين يعني مع المؤمنين من أصحاب النبيّ محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٧).

__________________

(١) البرهان ١ : ٢٠٥ / ٤ ؛ العيّاشي ١ : ٦١ / ٣٣ ؛ البحار ٩٣ : ١٠٤ / ٧ ؛ الصافي ١ : ١٨٢.

(٢) مستدرك الوسائل ٧ : ١٣٩ ؛ فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٠٩ و ٢١٠ ، باب ٣٠ (نوافل شهر رمضان ودخوله) ؛ البحار ٩٣ : ١٠٧ / ١١.

(٣) أجلّاء جمع جليل : عظام القوم وسادتهم.

(٤) العيّاشي ١ : ٦١ / ٣٤ ؛ البحار ٩٣ : ١٠٨ / ١٢ ؛ البرهان ١ : ٢٠٥ ـ ٢٠٦ / ٥.

(٥) العيّاشي ١ : ٦١ / ٣٥ ؛ البحار ٩٣ : ١٠٤ / ٨ ؛ البرهان ١ : ٢٠٦ / ٦ ؛ الصافي ١ : ١٨٢.

(٦) العيّاشي ١ : ٦١ / ٣٦ ؛ البرهان ١ : ٢٠٦ / ٧ ؛ البحار ٩٣ : ١٠٨ / ١٣.

(٧) تفسير مقاتل ١ : ١٠٢.

٥٣٧

[٢ / ١٥٦٢] وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله : (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) قال : أمرهم أن يركعوا مع أمّة محمّد يقول : كونوا منهم ومعهم (١).

[٢ / ١٥٦٣] وعن مجاهد في قوله : (وَارْكَعُوا) قال : صلّوا (٢).

قال الطبرسي : وقوله : (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) إنّما خصّ الركوع بالذكر ، وهو من أفعال الصلاة ، بعد قوله (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) لأحد وجوه :

[٢ / ١٥٦٤] منها ما ذكره أبو مسلم وهو أنّه عبّر بالركوع كناية عن الصلاة ؛ وذلك لأنّ الركوع أوّل ما يشاهد من الأفعال الّتي يستدلّ بها على أنّ الإنسان يصلّي ، فكأنّه كرّر ذكر الصلاة تأكيدا (٣).

قوله تعالى : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ)

[٢ / ١٥٦٥] روي عن الصادق عليه‌السلام قال : «من لم ينسلخ من هواجسه (٤) ولم يتخلّص من آفات نفسه وشهواتها ، ولم يهزم الشيطان ، ولم يدخل في كنف الله تعالى وتوحيده وأمان عصمته ، لا يصلح له الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لأنّه إذا لم يكن بهذه الصفة فكلّما أظهر أمرا يكون حجّة عليه ، ولا ينتفع الناس به ، قال الله تعالى : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) ويقال له : يا خائن ، أتطالب خلقي بما خنت به نفسك ، وأرخيت عنه عنانك؟!». (٥)

[٢ / ١٥٦٦] وقال عليّ بن إبراهيم : وقوله : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) قال نزلت في الخطباء والقصّاص ، وهو قول أمير المؤمنين عليه‌السلام : «وعلى كلّ منبر منهم خطيب مصقع (٦) يكذب على الله وعلى رسوله وعلى كتابه» (٧).

[٢ / ١٥٦٧] وروى الكليني بإسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ)(٨) قال : «يا أبا بصير ، هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثمّ خالفوه إلى

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٥٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٠٠ / ٤٧١.

(٢) الدرّ ١ : ١٥٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٠٠ / ٤٧٠.

(٣) مجمع البيان ١ : ١٩٠.

(٤) الهواجس ما وقع في الخلد من أوهام. جمع هاجس.

(٥) نور الثقلين ١ : ٧٥ ؛ مصباح الشريعة : ١٨ ؛ البحار ٦٩ : ٢٢٣.

(٦) المصقع : الخطيب المفوّه. البليغ. العالي الصوت. من لا يرتجّ عليه في كلام. يقال : خطيب مصقع.

(٧) نور الثقلين ١ : ٧٥ ؛ القمي ١ : ٤٦ ؛ البحار ٦٩ : ٢٢٣ ؛ البرهان ١ : ٢٠٩ / ٤.

(٨) الشعراء ٢٦ : ٩٤.

٥٣٨

غيره» (١).

[٢ / ١٥٦٨] وبإسناده إلى خيثمة قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام : «أبلغ شيعتنا أنّ أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثمّ خالفه إلى غيره» (٢).

[٢ / ١٥٦٩] ورواه بالإسناد إلى ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثمّ خالفه إلى غيره» (٣).

[٢ / ١٥٧٠] وبإسناده إلى قتيبة الأعشى عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : «من أشدّ الناس عذابا يوم القيامة من وصف عدلا وعمل بغيره» (٤).

[٢ / ١٥٧١] وبإسناده إلى معلّى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنّ أشدّ الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثمّ عمل بغيره» (٥).

[٢ / ١٥٧٢] وأخرج عبد الرزّاق وابن أبي شيبة وابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي قلابة في الآية قال : قال أبو الدرداء : لا يفقه الرجل كلّ الفقه حتّى يمقت الناس في ذات الله ، ثمّ يرجع إلى نفسه فيكون لها أشدّ مقتا (٦).

[٢ / ١٥٧٣] وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبزّار وابن أبي داوود في البعث ، وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبّان وأبو نعيم في الحلية ، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «رأيت ليلة أسري بي رجالا تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، كلّما قرضت رجعت ؛ فقلت لجبريل : من هؤلاء؟ قال : هؤلاء خطباء من أمّتك كانوا يأمرون

__________________

(١) نور الثقلين ١ : ٧٥ ؛ الكافي ٢ : ٣٠٠ / ٤ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب من وصف عدلا وعمل بغيره ؛ و ١ : ٤٧ / ٤ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام كتاب فضل العلم ، باب لزوم الحجة على العالم وتشديد الأمر عليه ؛ القمي ٢ : ١٢٣.

(٢) نور الثقلين ١ : ٧٥ ؛ الكافي ٢ : ١٧٥ ـ ١٧٦ / ٢ كتاب الإيمان والكفر ، باب زيارة الإخوان ؛ البحار ٦٩ : ٢٢٥ ـ ٢٢٦ / ٥.

(٣) نور الثقلين ١ : ٧٥ ؛ الكافي ٢ : ٣٠٠ / ٣ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب من وصف عدلا وعمل بغيره ؛ البحار ٦٩ : ٢٢٤ / ٣.

(٤) نور الثقلين ١ : ٧٥ ؛ الكافي ٢ : ٣٠٠ / ٢ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب من وصف عدلا وعمل بغيره ؛ البحار ٦٩ : ٢٢٤ / ٢.

(٥) نور الثقلين ١ : ٧٥ ؛ الكافي ٢ : ٢٩٩ / ١.

(٦) الدرّ ١ : ١٥٦ ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ١١ : ٢٥٥ / ٢٠٤٧٣ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ٨ : ١٦٧ / ٥ ، باب ١١ ؛ الطبري ١ : ٣٦٨ ـ ٣٦٩ / ٧٠٨ ؛ الأسماء والصفات ، الجزء الثاني : ٤٢٠ ؛ ابن كثير ١ : ٨٩ ؛ كنز العمّال ١٠ : ١٨٢ ـ ١٨٣ / ٢٨٩٥٠ ؛ ابن عساكر ٤٧ : ١٧٢ ـ ١٧٣.

٥٣٩

الناس بالبرّ وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب ولا يعقلون» (١).

[٢ / ١٥٧٤] وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أسامة بن زيد قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق به أقتابه (٢) ، فيدور بها كما يدور الحمار برحاه ، فيطيف به أهل النار فيقولون : يا فلان ما لك؟ ما أصابك! ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟! فيقول : كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه» (٣).

[٢ / ١٥٧٥] وأخرج الخطيب في اقتضاء العلم بالعمل وابن النجّار في ذيل تاريخ بغداد عن جابر عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «اطّلع قوم من أهل الجنّة على قوم من أهل النار فقالوا : بم دخلتم النار ؛ وإنّما دخلنا الجنّة بتعليمكم؟! قالوا : إنّا كنّا نأمركم ولا نفعل» (٤).

[٢ / ١٥٧٦] وأخرج الطبراني والخطيب في اقتضاء العلم بالعمل وابن عساكر عن الوليد بن عقبة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ أناسا من أهل الجنّة يتطلّعون إلى أناس من أهل النار فيقولون : بم دخلتم النار؟ فو الله ما دخلنا الجنّة إلّا بتعليمكم؟! فيقولون : إنّا كنّا نقول ولا نفعل» (٥).

[٢ / ١٥٧٧] وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الوليد بن عقبة أنّه خطب الناس ، فقال

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٥٦ ؛ المصنّف ٨ : ٤٤٦ / ٧ ، باب ٦ ، كتاب المغازي ؛ مسند أحمد ٣ : ١٨٠ ؛ منتخب مسند عبد بن حميد : ٣٦٧ / ١٢٢٢ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٠٠ ـ ١٠١ / ٤٧٢ ؛ ابن حبّان ١ : ٢٤٩ / ٥٣ ، كتاب الإسراء ؛ الحلية ٨ : ٤٣ ـ ٤٤ ، باب ٣٩٤ (إبراهيم بن أدهم) ؛ الشعب ٤ : ٢٤٩ / ٤٩٦٥ ، باب في حفظ اللسان ، فصل في فضل السكوت عمّا لا يعنيه ؛ أبو يعلى ٧ : ٦٩ / ٣٩٩٢ ؛ كنز العمّال ١٠ : ٢٠٩ / ٢٩١٠٦ ؛ مجمع الزوائد ٧ : ٢٧٦ ، كتاب الفتن ، باب فيمن يأمر بالمعروف ولا يفعله ؛ البغوي ١ : ١١٠ ـ ١١١ / ٥٢ ؛ ابن كثير ١ : ٨٩ ؛ الوسيط ١ : ١٣١.

(٢) القتب : المعى ، يجمع على أقتاب بمعنى أمعاء. واندلق : تدلّى وخرج من مكانه. قال ابن الأثير : وفي الحديث : يلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه. يريد خروج أمعائه من جوفه.

(٣) الدرّ ١ : ١٥٦ ـ ١٥٧ ؛ مسند أحمد ٥ : ٢٠٥ ؛ البخاري ٤ : ٩٠ ، كتاب بدء الخلق ، باب ١٠ (صفة النار وأنّها مخلوقه) ؛ مسلم ٨ : ٢٢٤ ، كتاب الزهد والرقائق ، باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله ؛ البيهقي ١٠ : ٩٥ ، كتاب آداب القاضي ؛ كنز العمّال ١٠ : ١٩٤ / ٢٩٠٢٣ ؛ القرطبي ١ : ٣٦٦ ؛ ابن كثير ١ : ٨٩ ـ ٩٠ ؛ البغوي ١ : ١١١ / ٥٣.

(٤) الدرّ ١ : ١٥٧ ؛ كنز العمّال ١٠ : ٢٧٢ / ٢٩٤٢٠.

(٥) الدرّ ١ : ١٥٧ ؛ الأوسط ١ : ٣٧ ؛ ابن عساكر ٦٣ : ٢١٨ / ٨٠٣٣ ، ترجمة الوليد بن عقبة بن أبي معيط ؛ مجمع الزوائد ٧ : ٢٧٦ ، كتاب الفتن ، باب من يأمر بالمعروف ولا يفعله ؛ ابن كثير ١ : ٩٠.

٥٤٠