التفسير الأثري الجامع - ج ٢

الشيخ محمّد هادي معرفة

التفسير الأثري الجامع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي معرفة


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التمهيد ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5079-03-6
ISBN الدورة:
978-600-5079-08-1

الصفحات: ٥٦٠

[٢ / ١٣٣٠] وروى العيّاشي بإسناده عن أبي جعفر عليه‌السلام ـ رفعه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث طويل ـ قال : «كان لبث آدم وحوّاء في الجنّة سبع ساعات من أيّام الدنيا ، حتّى أكلا من الشجرة فأهبطهما الله إلى الأرض من يومهما ذلك. فسألا ربّهما أن يهبطهما إلى أحبّ بقاع الأرض إليه. فأوحى الله إلى جبرئيل أن اهبطهما إلى البلدة المباركة مكّة. فهبط بهما جبرئيل وفرّق بينهما فجعل آدم على الصفا وحوّاء على المروة. فشكيا إلى الله وحشة الفراق ، فرحمهما‌الله وأمر جبرئيل أن ينصب لهما خيمة من خيام الجنّة على الترعة (الروضة) الّتي بين جبال مكّة ، مكان البيت قبل أن ترفع قواعده. ونزلت ملائكة يحرسونهما من مردة الجنّ ويؤنسونهما» (١).

[٢ / ١٣٣١] وقال عليّ بن إبراهيم القمي : هبط آدم على الصفا ، وإنّما سمّيت الصفا ، لأنّ صفوة الله نزل عليها ، ونزلت حوّاء على المروة ، وإنّما سمّيت المروة لأنّ المرأة نزلت عليها (٢).

[٢ / ١٣٣٢] وروى الصدوق بإسناده إلى عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «سمّي الصفا صفا لأنّ المصطفى آدم هبط عليه ، فقطع للجبل اسم من اسم آدم عليه‌السلام ، وهبطت حوّا على المروة ، وإنّما سمّيت المروة مروة لأنّ المرأة هبطت عليها فقطع للجبل اسم من اسم المرأة» (٣).

كيف أهبط آدم؟

[٢ / ١٣٣٣] أخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر عن عطاء : أنّ آدم لمّا أهبط من الجنّة خرّ في موضع البيت ساجدا ، فمكث أربعين سنة لا يرفع رأسه (٤).

[٢ / ١٣٣٤] وأخرج ابن أبي حاتم عن رجاء بن أبي سلمة قال : أهبط آدم ، يداه على ركبتيه مطأطئا رأسه ، وأهبط إبليس مشبّكا بين أصابعه رافعا رأسه! (٥).

[٢ / ١٣٣٥] وأخرج ابن أبي شيبة في المصنّف عن حميد بن هلال قال : إنّما كره التخصّر في

__________________

(١) العيّاشي ١ : ٥٣ / ٢١ بتلخيص ؛ البحار ١١ : ١٨٢ / ٣٦.

(٢) القمي ١ : ٤٣ ـ ٤٤ ؛ البحار ١١ : ١٦١.

(٣) نور الثقلين ١ : ٦٤ ؛ علل الشرائع ٢ : ٤٣١ ـ ٤٣٢ / ١ ؛ الكافي ٤ : ١٩١ ـ ١٩٢ / ٢ ، باب حجّ آدم عليه‌السلام ؛ البحار ١١ : ٢٠٥ / ٦.

(٤) الدرّ ١ : ١٤١ ؛ ابن عساكر ٧ : ٤١٩.

(٥) الدرّ ١ : ١٣٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٨٨ / ٣٩١ ؛ ابن كثير ١ : ٨٤.

٤٨١

الصلاة ، لأنّ إبليس أهبط متخصّرا (١).

كم كان طول آدم وحوّاء عند الهبوط؟

[٢ / ١٣٣٦] أخرج الطبراني عن عبد الله بن عمر قال : لمّا أهبط الله آدم أهبطه بأرض الهند ومعه غرس من شجر الجنّة فغرسه بها ، وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض ، وكان يسمع كلام الملائكة فكان ذلك يهوّن عليه وحدته ، فغمز غمزة فتطأطأ إلى سبعين ذراعا ، فأنزل الله : إنّي منزل عليك بيتا يطاف حوله كما تطوف الملائكة حول عرشي ، ويصلّى عنده كما تصلّي الملائكة حول عرشي. فأقبل نحو البيت ، فكان موضع كلّ قدم قرية ، وما بين قدميه مفازة ، حتّى قدم مكّة فدخل من باب الصفا ، وطاف بالبيت ، وصلّى عنده ، ثمّ خرج إلى الشام فمات بها (٢).

[٢ / ١٣٣٧] وأخرج ابن سعد عن ابن عبّاس قال : لمّا خلق الله آدم كان رأسه يمسّ السّماء ، فوطده الله إلى الأرض (٣) حتّى صار ستّين ذراعا في سبع أذرع عرضا (٤).

[٢ / ١٣٣٨] وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مجاهد قال : لمّا أهبط آدم إلى الأرض فزعت الوحوش ومن في الأرض من طوله ، فأطر منه سبعون ذراعا (٥).

قال ابن الأثير : روي في صفة آدم : «أنّه كان طوالا فأطر الله منه» أي ثنّاه وقصره ونقص من طوله. يقال : أطرت الشيء فانأطر ، أي انثنى (٦).

[٢ / ١٣٣٩] وروى الكليني عن شيخه عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن مقاتل بن سليمان قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام كم كان طول آدم حين هبط به إلى الأرض وكم كان طول حوّاء؟ قال : «وجدنا في كتاب عليّ عليه‌السلام : أنّ الله ـ عزوجل ـ لمّا أهبط آدم وزوجه حوّا عليهما‌السلام إلى الأرض كانت رجلاه بثنيّة الصفا ورأسه دون أفق السماء ، وأنّه شكا إلى الله ما يصيبه من حرّ

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٣٥ ؛ المصنّف ١ : ٤٩٨ / ٨ ، باب ٢٦٥ ، كتاب الصلاة ، باب الرجل يضع يده على خاصرته في الصلاة.

(٢) الدرّ ١ : ١٣٦ ؛ مجمع الزوائد ٣ : ٢٨٨ ، كتاب الحجّ ، باب ما جاء في الكعبة ، قال الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير.

(٣) أي غمزه وضغطه عصرا.

(٤) الدرّ ١ : ١٣٦ ؛ الطبقات الكبرى ١ : ٣١ ؛ القرطبي ٦ : ٣٨٨.

(٥) الدرّ ١ : ١٣٦ ؛ العظمة ٥ : ١٥٦٠ / ١٠٢٤ ، باب ٤٥ (خلق آدم وحوّاء عليهما‌السلام).

(٦) النهاية ١ : ٥٣. مادة «أطر».

٤٨٢

الشمس ، فأوحى الله إلى جبرئيل أنّ آدم قد شكا ما يصيبه من حرّ الشمس ، فأغمزه غمزة وصيّر طوله سبعين ذراعا بذراعه ، وأغمز حوّاء غمزة فصيّر طولها خمسة وثلاثين ذراعا بذراعها» (١).

كم عاش آدم؟

[٢ / ١٣٤٠] روى عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «كان عمر آدم من يوم خلقه الله إلى يوم قبضه تسعمائة وثلاثين سنة ، ودفن بمكّة. ونفخ فيه يوم الجمعة بعد الزوال ، ثمّ برأ زوجته من أسفل أضلاعه وأسكنه جنّته من يومه ذلك ، فما استقرّ فيها إلّا ستّ ساعات من يومه ذلك حتّى عصى الله وأخرجهما من الجنّة بعد غروب الشمس ، فما بات فيها» (٢).

[٢ / ١٣٤١] وروى الصدوق «في خبر الشامي ، سأل عليّا عليه‌السلام : كم كان عمر آدم؟ قال : تسعمائة سنة وثلاثون سنة» (٣).

[٢ / ١٣٤٢] وروى بإسناده إلى محمّد بن جعفر عن أبيه عن جدّه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «عاش أبو البشر آدم عليه‌السلام سبعمائة وثلاثين سنة» (٤).

موت آدم ودفنه

[٢ / ١٣٤٣] أخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : أوّل من مات آدم عليه‌السلام! (٥)

[٢ / ١٣٤٤] وأخرج ابن سعد والحاكم وابن مردويه عن أبيّ بن كعب عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «لمّا حضر آدم قال لبنيه : انطلقوا فاجنوا لي من ثمار الجنّة ؛ فخرجوا ، فاستقبلتهم الملائكة فقالوا : أين

__________________

(١) نور الثقلين ١ : ٦٣ ؛ الكافي ٨ : ٢٣٣ / ٣٠٨ ؛ البحار ١١ : ١٢٦ ـ ١٢٧ / ٥٧.

(٢) البرهان ١ : ١٩٤ / ٤ ؛ القمي ١ : ٤٥ ؛ الصافي ١ : ١٧٩.

(٣) نور الثقلين ١ : ٧١ ؛ عيون الأخبار ١ : ٢١٩ / ١ ، باب ٢٤ (ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي) ؛ علل الشرائع ٢ : ٥٩٤ / ٤٤ ؛ البحار ١٠ : ٧٧ / ١ ؛ كنز الدقائق ١ : ٣٩١.

(٤) نور الثقلين ١ : ٧١ ؛ كمال الدين : ٥٢٣ / ٣ ، باب ٤٦ (ما جاء في التعمير) ؛ البحار ١١ : ٦٥ / ١٠ ؛ كنز الدقائق ١ : ٣٩١ ـ ٣٩٢.

(٥) الدرّ ١ : ١٤٩ ؛ المصنّف ٨ : ٣٥٣ / ٢٤٦ ، كتاب الأوائل ، باب أوّل ما فعل ومن فعله.

٤٨٣

تريدون؟ قالوا : بعثنا أبونا لنجني له من ثمار الجنّة! فقالوا : ارجعوا فقد كفيتم. فرجعوا معهم حتّى دخلوا على آدم ، فلمّا رأتهم حوّاء ذعرت منهم وجعلت تدنو إلى آدم وتلصق به ، فقال آدم : إليك عنّي إليك عنّي ، فمن قبلك أتيت ، خلّي بيني وبين ملائكة ربّي. قال : فقبضوا روحه ثمّ غسّلوه وحنّطوه وكفّنوه ثمّ صلّوا عليه ثمّ حفروا له ودفنوه ، ثمّ قالوا : يا بني آدم ، هذه سنّتكم في موتاكم فكذلكم فافعلوا».

وأخرجه ابن أبي شيبة عن أبيّ ، موقوفا (١).

[٢ / ١٣٤٥] وأخرج ابن عساكر عن أبيّ : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إنّ آدم لمّا حضرته الوفاة أرسل الله إليه بكفن وحنوط من الجنّة ، فلمّا رأت حوّاء الملائكة جزعت فقال : خلّي بيني وبين رسل ربّي ، فما لقيت الّذي لقيت إلّا منك ، ولا أصابني الّذي أصابني إلّا منك» (٢).

[٢ / ١٣٤٦] وأخرج ابن عساكر عن عطاء الخراساني قال : بكت الخلائق على آدم حين توفّي سبعة أيّام (٣).

[٢ / ١٣٤٧] وأخرج ابن عساكر عن ابن عبّاس قال : كان لآدم بنون : ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر. فكان أكبرهم يغوث فقال له : يا بنيّ انطلق ، فإن لقيت أحدا من الملائكة فمره يجيئني بطعام من الجنّة وشراب من شرابها! فانطلق فلقي جبريل بالكعبة فسأله عن ذلك فقال : ارجع فإنّ أباك يموت. فرجعا فوجداه يجود بنفسه ، فوليه جبريل فجاءه بكفن وحنوط وسدر ، ثمّ قال : يا بني آدم أترون ما أصنع بأبيكم؟ فاصنعوه بموتاكم! فغسّلوه وكفّنوه وحنّطوه ثمّ حملوه إلى الكعبة فصلّى عليه جبريل فكبّر عليه أربعا ، ووضعوه ممّا يلي القبلة عند القبور ودفنوه في مسجد الخيف (٤).

[٢ / ١٣٤٨] وأخرج الدار قطني في سننه عن ابن عبّاس قال : صلّى جبريل على آدم وكبّر عليه أربعا. صلّى جبريل بالملائكة يومئذ في مسجد الخيف ، وأخذ من قبل القبلة ، ولحد له ، وسنّم قبره (٥).

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٤٩ ؛ الطبقات الكبرى ١ : ٣٣ ـ ٣٤ ؛ الحاكم ١ : ٣٤٤ ـ ٣٤٥ ، كتاب الجنائز ؛ البيهقى ٣ : ٤٠٤ ، كتاب الجنائز ؛ باب قصّة آدم في مرض الموت ؛ المصنّف ٣ : ١٣٠ / ١٢ ، باب ١٣ ، كتاب الجنائز.

(٢) الدرّ ١ : ١٤٩ ؛ ابن عساكر ٧ : ٤٥٦ ، رقم ٥٧٨.

(٣) الدرّ ١ : ١٥٠ ؛ ابن عساكر ٧ : ٤٥٩ ، رقم ٥٧٨.

(٤) الدرّ ١ : ١٤٩ ؛ ابن عساكر ٧ : ٤٥٧ ـ ٤٥٨ ، رقم ٥٧٨.

(٥) الدرّ ١ : ١٤٩ ؛ الدار قطني ٢ : ٥٨ ، باب مكان قبر آدم عليه‌السلام.

٤٨٤

[٢ / ١٣٤٩] وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال : قبر آدم عليه‌السلام بمنى في مسجد الخيف ، وقبر حوّاء بجدّة (١).

[٢ / ١٣٥٠] وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عبّاس : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتي بجنازة فصلّى عليها وكبّر أربعا. وقال : «كبّرت الملائكة على آدم أربع تكبيرات» (٢).

[٢ / ١٣٥١] وأخرج ابن عساكر عن أبيّ : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «ألحد آدم وغسّل بالماء وترا. فقالت الملائكة : هذه سنّة ولد آدم من بعده» (٣).

[٢ / ١٣٥٢] وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن أبي فراس قال : قبر آدم في مفازة فيما بين بيت المقدس ومسجد إبراهيم ، ورجلاه عند الصخرة ، ورأسه عند مسجد إبراهيم. وبينهما ثمانية عشر ميلا (٤).

[٢ / ١٣٥٣] وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن خالد بن معدان قال : أهبط آدم بالهند وإنّه لمّا توفّي حمله خمسون ومائة رجل من بنيه إلى البيت المقدّس ، وكان طوله ثلاثين ميلا ودفنوه بها ، وجعلوا رأسه عند الصخرة ورجليه خارجا من بيت المقدس ثلاثين ميلا!! (٥)

كنية آدم في الجنّة

وسوف يكنّى آدم ـ في الجنّة ـ بأبي محمّد ، تشريفا له بأكرم ذراريه محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

[٢ / ١٣٥٤] أخرج أبو الشيخ في العظمة عن بكر بن عبد الله المزني قال : ليس أحد في الجنّة له كنية إلّا آدم ، يكنّى أبا محمّد. أكرم الله بذلك محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٦).

[٢ / ١٣٥٥] وأخرج ابن عديّ والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن عليّ عليه‌السلام قال : «قال

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٥١ ؛ العظمة ٥ : ١٥٩٢ / ١٠٥٦ ، باب ٤٥ (خلق آدم وحوّاء عليهما‌السلام).

(٢) الدرّ ١ : ١٤٩ ؛ الحلية ٤ : ٩٦ ، باب ٢٥١ (ميمون بن مهران).

(٣) الدرّ ١ : ١٥٠ ؛ ابن عساكر ٧ : ٤٥٥ ـ ٤٥٦ ، رقم ٥٧٨ ؛ كنز العمّال ١٥ : ٦٠٠ / ٤٢٣٧٨.

(٤) الدرّ ١ : ١٥٠ ؛ ابن عساكر ٧ : ٤٥٨ ، رقم ٤٧٨.

(٥) الدرّ ١ : ١٥٠ ؛ العظمة ٥ : ١٥٥٢ / ١٠١٣ ، باب ٤٥ (خلق آدم وحوّاء عليهما‌السلام).

(٦) الدرّ ١ : ١٥٠ ؛ العظمة ٥ : ١٥٧٩ ـ ١٥٨٠ / ١٠٤٤ ، باب ٤٥ (خلق آدم وحوّاء).

٤٨٥

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أهل الجنّة ليست لهم كنى إلّا آدم فإنّه يكنّى أبا محمّد ، تعظيما وتوقيرا» (١).

[٢ / ١٣٥٦] وأخرج ابن عساكر عن غالب بن عبد الله العقيلي قال : كنية آدم في الدنيا أبو البشر ، وفي الجنّة أبو محمّد (٢).

[٢ / ١٣٥٧] وأخرج ابن عساكر عن كعب قال : ليس أحد في الجنّة له لحية إلّا آدم له لحية سوداء إلى سرّته! وذلك أنّه لم يكن له في الدنيا لحية ، وإنّما كانت اللحى بعد آدم (٣) وليس أحد يكنّى في الجنّة غير آدم ، يكنّى فيها أبا محمّد (٤)!

[٢ / ١٣٥٨] وأخرج ابن عديّ في الكامل وأبو الشيخ في العظمة وابن عساكر عن جابر : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «ليس أحد من أهل الجنّة إلّا يدعى باسمه إلّا آدم فإنّه يكنّى أبا محمّد ، وليس أحد من أهل الجنّة إلّا وهم جرد مرد إلّا ما كان من موسى بن عمران فإنّ لحيته تبلغ سرّته»!! (٥)

بدء التاريخ

[٢ / ١٣٥٩] أخرج ابن أبي خيثمة في تاريخه وابن عساكر عن الزهري والشعبي قالا : لمّا هبط آدم من الجنّة وانتشر ولده أرّخ بنوه من هبوط آدم ، فكان ذلك التاريخ حتّى بعث الله نوحا ، فأرّخوا ببعث نوح حتّى كان الغرق ، فكان التاريخ من الطوفان إلى نار إبراهيم ، فأرّخ بنو إسحاق من نار إبراهيم إلى مبعث يوسف ، ومن مبعث يوسف إلى مبعث موسى ، ومن مبعث موسى إلى ملك سليمان ، ومن ملك سليمان إلى مبعث عيسى ، ومن مبعث عيسى إلى مبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأرّخ بنو إسماعيل من نار إبراهيم إلى بناء البيت حين بناه إبراهيم وإسماعيل. فكان التاريخ من بناء البيت حتّى تفرّقت معدّ ، فكان كلّما خرج قوم من تهامة أرّخوا مخرجهم حتّى مات كعب بن لؤي فأرّخوا من موته إلى الفيل ، فكان التاريخ من الفيل حتّى أرّخ على عهد عمر من الهجرة. وذلك سنة سبع

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٥٠ ؛ الكامل ٦ : ٣٠٢ ؛ الدلائل ٥ : ٤٨٩ ؛ ابن عساكر ٧ : ٣٨٨ ، رقم ٥٧٨.

(٢) الدرّ ١ : ١٥٠ ؛ ابن عساكر ٧ : ٣٨٩ ، رقم ٥٧٨.

(٣) كلام صادر عن مجون!

(٤) الدرّ ١ : ١٥٠ ؛ ابن عساكر ٧ : ٣٨٨ ، رقم ٥٧٨.

(٥) الدرّ ١ : ١٥٠ ؛ الكامل ٤ : ٤٧ ـ ٤٨ ، باختلاف ؛ العظمة ٥ : ١٥٨٠ ـ ١٥٨١ / ١٠٤٥ ، باب ٤٥ (خلق آدم وحوّاء عليهما‌السلام) ؛ ابن عساكر ٧ : ٣٨٨ ـ ٣٨٩ ، رقم ٥٧٨ ، باختلاف.

٤٨٦

عشرة أو ثمان عشرة (١).

[٢ / ١٣٦٠] وأخرج ابن عساكر عن عبد العزيز بن عمران قال : لم يزل للناس تاريخ كانوا يؤرّخون في الدهر الأوّل من هبوط آدم من الجنّة ، فلم يزل ذلك حتّى بعث الله نوحا ، فأرّخوا من دعاء نوح على قومه ، ثمّ أرّخوا من الطوفان ، ثمّ أرّخوا من نار إبراهيم ، ثمّ أرّخ بنو إسماعيل من بنيان الكعبة ، ثمّ أرّخوا من موت كعب بن لؤي ، ثمّ أرّخوا من عام الفيل ، ثمّ أرّخ المسلمون بعد من هجرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢).

ما اصطحبه آدم عند الهبوط

[٢ / ١٣٦١] روى الصدوق بإسناده إلى ابن أبي عمير عمّن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «لمّا أهبط الله آدم من الجنّة أهبط معه مائة وعشرين قضيبا ، منها أربعون ما يؤكل داخلها وخارجها ، وأربعون منها ما يؤكل داخلها ويرمى بخارجها ، وأربعون منها ما يؤكل خارجها ويرمى بداخلها ، وغرارة فيها بذر كلّ شيء من النبات» (٣).

والغرارة : الجوالق ـ معرّب جوال وهو العدل من صوف أو شعر.

[٢ / ١٣٦٢] وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس قال : أهبط آدم بثلاثين صنفا من فاكهة الجنّة ، منها ما يؤكل داخله وخارجه ، ومنها ما يؤكل داخله ويطرح خارجه ، ومنها ما يؤكل خارجه ويطرح داخله (٤).

[٢ / ١٣٦٣] وروى الصدوق بإسناده إلى أبي الطفيل عامر بن واثلة «عن عليّ عليه‌السلام ـ في حديث طويل ـ يقول فيه لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل : زعمت اليهود أنّ أوّل حجر وضع على وجه الأرض هي صخرة بيت المقدس وكذبوا! ولكنّه الحجر الأسود ، نزل به آدم معه من الجنّة فوضعه في

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٥١ ـ ١٥٢ ؛ ابن عساكر ١ : ٣٤ ـ ٣٥ ، رواه مطوّلا ، باب مبتدأ التاريخ ؛ تاريخ الطبري ١ : ١٣٣. ولابن جرير بشأن هذا الخبر كلام ينبؤك عن خبير ، فراجع.

(٢) الدرّ ١ : ١٥٢ ؛ ابن عساكر ١ : ٣٥ ، باختلاف ، باب في مبتدأ التاريخ.

(٣) نور الثقلين ١ : ٦٦ ؛ الخصال : ٦٠١ / ٤ ؛ البحار ١١ : ٢٠٤ / ٤ ؛ كنز الدقائق ١ : ٣٧٠.

(٤) الدرّ ١ : ١٣٧.

٤٨٧

ركن البيت.

وزعمت أنّ أوّل شجرة نبتت على وجه الأرض هي الزيتونة وكذبوا! ولكنّها النخلة من العجوة نزل بها آدم معه من الجنّة فغرسها ، وأصل النخل كلّه من العجوة ، نزل بها ومعه الفحل».

وهكذا روى بالإسناد إلى إبراهيم بن يحيى المدينيّ ما يقرب من ذلك (١).

قال ابن الأثير : جاء في الحديث : «العجوة من الجنّة». وقد تكرّر ذكرها فيه. وهو نوع من تمر المدينة أكبر من الصّيحاني يضرب إلى السّواد ، من غرس النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢).

[٢ / ١٣٦٤] وأخرج أبو الشيخ والبيهقي وابن عساكر عن ابن عبّاس قال : نزل آدم بالحجر الأسود من الجنّة يمسح به دموعه ، ولم ترقأ دموع آدم من حين خرج من الجنّة حتّى رجع إليها (٣).

[٢ / ١٣٦٥] وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن السريّ بن يحيى قال : أهبط آدم من الجنّة ومعه البذور ، فوضع إبليس عليها يده ، فما أصابت يده ذهبت منفعته (٤).

[٢ / ١٣٦٦] وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : لمّا أهبط الله آدم أهبطه بأشياء : ثمانية أزواج من الإبل والبقر والضأن والمعز وأهبطه بباسنة فيها بذر (٥) ، وتعريشة ـ عنبة وريحانة ـ والعلاة ، والكلبتين والركن (٦).

[٢ / ١٣٦٧] وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال : أخرج آدم من الجنّة للساعة التاسعة أو العاشرة ، فأخرج معه غصنا من شجر الجنّة ، على رأسه تاج من شجر الجنّة وهو الإكليل من ورق الجنّة! (٧).

__________________

(١) كمال الدين ١ : ٢٩٥ ـ ٢٩٨ / ٤ و ٥ ، باب ٢٦ ؛ البحار ١٠ : ٢٢ / ١٠ و ١١.

(٢) النهاية ٣ : ١٨٨ مادة «عجا».

(٣) الدرّ ١ : ١٣٩ ؛ ابن عساكر ٧ : ٤١٨ ، رقم ٥٧٨. يقال : رقأ الدمع أو الدم أي جفّ وانقطع.

(٤) الدرّ ١ : ١٣٨ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٨٩ / ٣٩٦ ؛ العظمة ٥ : ١٥٧٢ / ١٠٣٧.

(٥) قال ابن الأثير : في حديث ابن عبّاس «نزل آدم عليه‌السلام من الجنّة بالباسنة». قيل : إنّها آلات الصنّاع. وقيل : هي سكّة الحرث. وليس بعربيّ محض. وسكّة الحرث آلة تحرث بها شبه النير والمسحاة. وفي المعجم الوسيط : الباسنة جوالق غليظ من مشاقة الكتّان وسلّة من خوص بلا عروة. وهذا أنسب بتعبير النصّ. وفي النهاية : العلاة هي السندان.

(٦) الدرّ ١ : ١٣٨.

(٧) الدرّ ١ : ١٣٦ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٨٨ / ٣٩٠ ؛ ابن كثير ١ : ٨٤.

٤٨٨

[٢ / ١٣٦٨] وأخرج البزّار وابن أبي حاتم والطبراني عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إنّ الله لمّا أخرج آدم من الجنّة زوّده من ثمار الجنّة وعلّمه صنعة كلّ شيء. فثماركم هذه من ثمار الجنّة ، غير أنّ هذه تتغيّر وتلك لا تتغيّر».

وأخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصحّحه والبيهقي في البعث عن أبي موسى ، موقوفا (١).

[٢ / ١٣٦٩] وأخرج ابن عديّ وابن عساكر في التاريخ عن سلمان قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ آدم أهبط إلى الأرض ومعه السندان والكلبتان والمطرقة ، وأهبطت حوّاء بجدّة» (٢).

[٢ / ١٣٧٠] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس قال : ثلاثة أشياء أنزلت مع آدم : السندان والكلبتان والمطرقة! (٣).

[٢ / ١٣٧١] وأخرج ابن عساكر من طريق «جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه» (٤) قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الله لمّا خلق الدنيا لم يخلق فيها ذهبا ولا فضّة ، فلمّا أن أهبط آدم وحوّاء أنزل معهما ذهبا وفضّة ، فسلكه ينابيع في الأرض ، منفعة لأولادهما من بعدهما ، وجعل ذلك صداق آدم لحوّاء. فلا ينبغي لأحد أن يتزوّج إلّا بصداق» (٥).

***

[٢ / ١٣٧٢] وأخرج ابن سعد عن ابن عبّاس قال : خرج آدم من الجنّة بين الصلاتين : صلاة الظهر ، وصلاة العصر ، فأنزل إلى الأرض. وكان مكثه في الجنّة نصف يوم من أيّام الآخرة ، وهو خمسمائة

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٣٧ ؛ الطبري ١ : ٢٥٢ / ٤٤٧ ؛ الحاكم ٢ : ٥٤٣ ، كتاب تواريخ المتقدّمين ؛ البعث والنشور : ١٤١ / ١٨٠ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٢٦٧ / ٤٢ بتقديم وتأخير ؛ مجمع الزوائد ٨ : ١٩٧ ، كتاب ذكر الانبياء ، باب ذكر نبينا آدم عليه‌السلام. قال الهيثمي : رواه البزار والطبراني ورجاله ثقات ؛ ابن عساكر ٧ : ٤٣٨ ، رقم ٥٧٨ ؛ مختصر زوائد مسند البزار ٢ : ٢٦٣ / ١٨٣٧ ؛ ابن كثير ١ : ٨٤.

(٢) الدرّ ١ : ١٣٨ ؛ الكامل ١ : ٢٦١ ؛ ابن عساكر ٦٩ : ١٠٩ ، رقم ٩٣٢٨.

(٣) الدرّ ١ : ١٣٨ ؛ الطبري ١٣ : ٣٠٧ ـ ٣٠٨ / ٢٦٠٧٥ ، وفيه : والميقعة يعني المطرقة ؛ مجمع البيان ٩ : ٤٠١ ؛ القرطبي ١٧ : ٢٦١ ، سورة الحديد ، الآية ٢٥ ؛ ابن كثير ٤ : ٣٣٧ ، سورة الحديد ، الآية ٢٥.

(٤) هذا السند لم يأت ذكره في ابن عساكر.

(٥) الدرّ ١ : ١٣٨ ؛ ابن عساكر ٦٩ : ١٠٩ ، رقم ٩٣٢٨.

٤٨٩

سنة من يوم كان مقداره اثنتي عشرة ساعة ، واليوم ألف سنة ممّا يعدّ أهل الدنيا. فأهبط آدم على جبل بالهند يقال له نوذ (١) ، وأهبطت حوّاء بجدّة ، فنزل آدم معه ريح الجنّة فعلق بشجرها وأوديتها فامتلأ ما هنالك طيبا ، فمن ثمّ يؤتى بالطيب من ريح آدم. وقالوا : أنزل معه من طيب الجنّة أيضا ، وأنزل معه الحجر الأسود ، وكان أشدّ بياضا من الثلج ، وعصا موسى وكانت من آس الجنّة ، طولها عشرة أذرع على طول موسى ... ثمّ أنزل عليه بعد السندان والكلبة والمطرقتان ، فنظر آدم حين أهبط على الجبل إلى قضيب من حديد نابت على الجبل فقال : هذا من هذا! فجعل يكسر أشجارا قد عتقت ويبست بالمطرقة ، ثمّ أوقد على ذلك القضيب حتّى ذاب ، فكان أوّل شيء ضرب منه مدية ، فكان يعمل بها ، ثمّ ضرب التنّور وهو الّذي ورثه نوح ، وهو الّذي فار بالهند بالعذاب!

فلمّا حجّ آدم وضع الحجر الأسود على أبي قبيس ، فكان يضيء لأهل مكّة في ليالي الظلم كما يضيء القمر ، فلمّا كان قبيل الإسلام بأربع سنين ، وقد كان الحيّض والجنب يعمدون إليه يمسحونه فاسودّ ، فأنزلته قريش من أبي قبيس ، وحجّ آدم من الهند أربعين حجّة إلى مكّة على رجليه.

وكان آدم حين أهبط يمسح رأسه السماء ، فمن ثمّ صلع وأورث ولده الصلع ، ونفرت من طوله دوابّ البرّ فصارت وحشا من يومئذ.

وكان آدم وهو على ذلك الجبل قائما يسمع أصوات الملائكة ، ويجد ريح الجنّة. فحطّ من طوله ذلك إلى ستّين ذراعا ، فكان ذلك طوله حتّى مات.

ولم يجمع حسن آدم لأحد من ولده إلّا ليوسف عليه‌السلام ، وأنشأ آدم يقول : ربّ كنت جارك في دارك ليس لي ربّ غيرك ولا رقيب دونك ، آكل فيها رغدا وأسكن حيث أحببت ، فأهبطتني إلى هذا الجبل المقدّس ، فكنت أسمع أصوات الملائكة ، وأراهم كيف يحفّون بعرشك ، وأجد ريح الجنّة وطيبها. ثمّ أهبطتني إلى الأرض وحططتني إلى ستّين ذراعا ، فقد انقطع عنّي الصوت والنظر ، وذهب عنّي ريح الجنّة! فأجابه الله تبارك وتعالى : لمعصيتك يا آدم فعلت ذلك بك!

فلمّا رأى الله عرى آدم وحوّاء ، أمره أن يذبح كبشا من الضأن من الثمانية الأزواج الّتي أنزل الله من الجنّة ، فأخذ آدم كبشا وذبحه ، ثمّ أخذ صوفه فغزلته حوّاء ونسجه هو ، فنسج آدم جبّة لنفسه ، وجعل لحوّاء درعا وخمارا فلبساه. وقد كانا اجتمعا بجمع فسمّيت «جمعا» وتعارفا بعرفة فسمّيت

__________________

(١) نوذ : جبل بسرنديب ، عنده مهبط آدم ، وهو أخصب جبل في الأرض. معجم البلدان ٤ : ٨٢٢.

٤٩٠

«عرفة». وبكيا على ما فاتهما مائة سنة ، ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يوما ، ثمّ أكلا وشربا وهما يومئذ على نوذ ، الجبل الّذي أهبط عليه آدم ، ولم يقرب حوّاء مائة سنة (١).

[٢ / ١٣٧٣] وأخرج ابن عساكر عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «هبط آدم وحوّاء عريانين جميعا ، عليهما ورق الجنّة ، فأصابه الحرّ حتّى قعد يبكي ويقول لها : يا حوّاء قد آذاني الحرّ! فجاءه جبرئيل بقطن وأمرها أن تغزل وعلّمها وعلّم آدم ، وأمر آدم بالحياكة وعلّمه.

وكان لم يجامع امرأته في الجنّة حتّى هبط منها ، وكان كلّ منهما ينام على حدة حتّى جاءه جبرئيل فأمره أن يأتي أهله وعلّمه كيف يأتيها ، فلمّا أتاها جاءه جبرئيل فقال : كيف وجدت امرأتك؟ قال : صالحة» (٢).

حديث غريب وفيه نكارة ظاهرة.

[٢ / ١٣٧٤] وقد مرّ في حديث عبد الرحمان بن زيد ـ برواية ابن جرير ـ أنّ إبليس وسوس إلى حوّاء وحسّنها في عين آدم فدعاها آدم لحاجته فأبت إلّا عند الشجرة وبعد أن يأكلا منها ، فأكلا فبدت لهما سوأتهما فكان السبب في إخراجهما من الجنّة (٣).

[٢ / ١٣٧٥] وكذا ما رواه ابن عديّ وابن عساكر عن إبراهيم النخعي قال : لمّا خلق الله آدم وزوجه بعث إليه ملكا وأمره بالجماع ففعل ، فلمّا فرغ قالت له حوّاء : ما أطيبه! زدنا منه! (٤)

وظاهره أنّ ذلك كان قبل الأمر بالسكنى في الجنّة أو في بدء الورود بها.

كما أنّ ذلك ينافي الخبر التالي :

[٢ / ١٣٧٦] فقد روى الثعلبي عن ابن عبّاس قال : بكى آدم وحوّاء على ما فاتهما من نعيم الجنّة مائتي سنة ، ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يوما ، ولم يقرب آدم حوّاء مائة سنة (٥).

***

[٢ / ١٣٧٧] وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أنس مرفوعا : «أوّل من حاك آدم عليه‌السلام» (٦).

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٣٩ ـ ١٤٠ ؛ الطبقات الكبرى ١ : ٣٤ ـ ٣٦.

(٢) الدرّ ١ : ١٣٨ ؛ ابن عساكر ٧ : ٤١٣ ، رقم ٥٧٨ ، ترجمة آدم نبي الله عليه‌السلام ؛ كنز العمّال ١٢ : ٤٧٤ / ٣٥٥٦٧.

(٣) الطبري ١ : ٣٣٩ ؛ تاريخ الطبري ١ : ٧٤ ـ ٧٥.

(٤) الكامل ٧ : ١٥٠ ، ابن عساكر ٦٩ : ١٠٨ ـ ١٠٩ / ٩٣٢٨.

(٥) الثعلبي ١ : ١٨٥.

(٦) الدرّ ١ : ١٣٨.

٤٩١

[٢ / ١٣٧٨] وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن يحيى قال : أوّل من ضرب الدينار والدرهم آدم ، ولا تصلح المعيشة إلّا بهما! (١).

[٢ / ١٣٧٩] وأخرج ابن أبي شيبة في المصنّف عن كعب قال : أوّل من ضرب الدينار والدرهم آدم ولا تصلح المعيشة إلّا بهما! (٢).

[٢ / ١٣٨٠] وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن قتادة قال : كان آدم عليه‌السلام يشرب من السحاب! (٣)

قلت : لعلّه أراد انتفاعه من السحاب في الزرع والحرث.

[٢ / ١٣٨١] وأخرج ابن عساكر عن ابن عبّاس قال : كان آدم عليه‌السلام حرّاثا ، وكان إدريس خيّاطا ، وكان نوح نجّارا ، وكان هود تاجرا ، وكان إبراهيم راعيا ، وكان داوود زرّادا ، وكان سليمان خوّاصا (٤) ، وكان موسى أجيرا ، وكان عيسى سيّاحا ، وكان محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شجاعا ، جعل رزقه تحت رمحه (٥).

[٢ / ١٣٨٢] وأخرج الحاكم عن ابن عبّاس أنّه قال لرجل كان يسائله : ادن منّي فأحدّثك عن الأنبياء المذكورين في كتاب الله ، أحدّثك عن آدم كان حرّاثا ، وعن نوح كان نجّارا ، وعن إدريس كان خيّاطا ، وعن داوود كان زرّادا ، وعن موسى كان راعيا ، وعن إبراهيم كان زرّاعا عظيم الضيافة ، وعن صالح كان تاجرا وعن شعيب كان راعيا ، وعن لوط كان زرّاعا ، وعن سليمان كان عبدا آتاه الملك. وكان يصوم من الشهر ستّة أيّام في أوّله وثلاثة في وسطه وثلاثة في آخره ، وكان له تسعمائة سرّيّة ، وثلاثمائة مهريّة ، وأحدّثك عن ابن العذراء البتول عيسى ، إنّه كان لا يخبئ شيئا لغد ويقول : الّذي غدّاني سوف يعشّيني ، والّذي عشّاني سوف يغدّيني ، يعبد الله ليلته كلّها ، وهو بالنهار سائح ويصوم الدهر كلّه ويقوم الليل كلّه. وأحدّثك عن النبيّ المصطفى كان يرعى غنم أهل بيته بأجياد (٦).

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٤٨ ـ ١٤٩ ؛ ابن عساكر ٧ : ٤١٣ ، رقم ٥٧٨.

(٢) الدرّ ١ : ١٤٨ ؛ المصنّف ٨ : ٣٦٠ ـ ٣٦١ / ٣١٠ ، كتاب الاوائل ، باب أوّل ما فعل ومن فعله.

(٣) الدرّ ١ : ١٤٨ ؛ العظمة ٥ : ١٥٦٠ / ١٠٢٥ ، باب ٤٥ (خلق آدم وحوّاء عليهما‌السلام).

(٤) يصنع الحصير من الخوص وهو سعف النخل قبل يبسه.

(٥) الدرّ ١ : ١٣٩ ؛ ابن عساكر ٧ : ٤٤٣ ، رقم ٥٧٨.

(٦) الدرّ ١ : ١٣٩ ؛ الحاكم ٢ : ٥٩٦ ، باختلاف ، كتاب تواريخ المتقدّمين.

٤٩٢

[٢ / ١٣٨٣] وروى الكليني بإسناده إلى مسمع عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لمّا هبط بآدم إلى الأرض احتاج إلى الطعام والشراب ، فشكى إلى جبرئيل ، فقال له جبرئيل : يا آدم كن حرّاثا ، قال : فعلّمني دعاء ، قال : قل : «اللهمّ اكفني مؤنة الدنيا وكلّ هول دون الجنّة وألبسني العافية حتّى تهنئني المعيشة» (١).

الغاية من الهبوط

[٢ / ١٣٨٤] قال الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد أن ذكر آدم عليه‌السلام : «فأهبطه بعد التوبة ليعمر أرضه بنسله ، وليقيم الحجّة به على عباده» (٢).

[٢ / ١٣٨٥] وقال ـ أيضا ـ : «ثمّ أسكن الله سبحانه آدم دارا أرغد فيها عيشه ، وأمن فيها محلّته ، وحذّره إبليس وعداوته ، فاغترّه عدوّه نفاسة عليه بدار المقام ومرافقة الأبرار ، فباع اليقين بشكّه والعزيمة بوهنه ، واستبدل بالجذل وجلا (٣) ، وبالاغترار ندما ، ثمّ بسط الله سبحانه له في توبته ، ولقّاه كلمة رحمته ، ووعده المردّ إلى جنّته ، فأهبطه إلى دار البليّة وتناسل الذرّيّة» (٤).

لغة آدم بعد الهبوط

[٢ / ١٣٨٦] أخرج ابن عساكر عن ابن عبّاس أنّ آدم كان لغته في الجنّة العربيّة ، فلمّا عصى سلبه الله العربيّة فتكلّم بالسّريانيّة ، فلمّا تاب ردّ عليه العربيّة (٥).

ماذا حدث بعد الهبوط؟

[٢ / ١٣٨٧] أخرج أبو الشيخ عن جابر بن عبد الله قال : إنّ آدم لمّا أهبط إلى الأرض شكا إلى ربّه

__________________

(١) نور الثقلين ١ : ٦٧ ؛ الكافي ٥ : ٢٦٠ / ٤ ، كتاب المعيشة ، باب فضل الزراعة ؛ البحار ١١ : ٢١٧ / ٣١ ؛ كنز الدقائق ١ : ٣٧٤.

(٢) نور الثقلين ١ : ٦٢ ؛ نهج البلاغة ١ : ١٧٧ خطبة الأشباح ، رقم ٩١ ؛ البحار ٥٤ : ١٥٠ ؛ كنز الدقائق ١ : ٣٦٧.

(٣) الجذل : الفرح. والوجل : الخوف.

(٤) نور الثقلين ١ : ٦٣ ؛ نهج البلاغة ١ : ٢٢ ـ ٢٣ ، البحار ١١ : ١٢٢ ـ ١٢٣ ؛ كنز الدقائق ١ : ٣٦٧ ـ ٣٦٨.

(٥) الدرّ ١ : ١٤١ ؛ ابن عساكر ٧ : ٤٠٦ ـ ٤٠٧ ، رقم ٥٧٨.

٤٩٣

الوحشة ، فأوحى الله إليه : أن انظر بحيال بيتي الّذي رأيت ملائكتي يطوفون به ، فاتّخذ بيتا فطف به كما رأيت ملائكتي يطوفون به. فكان ما بين يديه مفاوز ، وما بين قدميه الأنهار والعيون (١).

[٢ / ١٣٨٨] وأخرج ابن جرير في تاريخه عن عبد الله بن عمر قال : إنّ الله أوحى إلى آدم وهو ببلاد الهند أن حجّ هذا البيت فحجّ ، فكان كلّما وضع قدمه صار قرية ، وما بين خطوتيه مفازة ، حتّى انتهى إلى البيت فطاف به وقضى المناسك كلّها ، ثمّ أراد الرجوع فمضى حتّى إذا كان بالمأزمين تلقّته الملائكة فقالت : برّ حجّك يا آدم ، فدخله من ذلك شيء! فلمّا رأت ذلك الملائكة منه قالت : يا آدم إنّا قد حججنا هذا قبلك قبل أن تخلق بألفي سنة. فتقاصرت إليه نفسه (٢).

[٢ / ١٣٨٩] وأخرج ابن جرير في تاريخه والبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن ابن عبّاس قال : إنّ آدم حين خرج من الجنّة كان لا يمرّ بشيء إلّا عنّت به ، فقيل للملائكة : دعوه فليتزوّد منها ما شاء. فنزل حين نزل بالهند ولقد حجّ منها أربعين حجّة على رجليه (٣).

[٢ / ١٣٩٠] وأخرج الشافعي في الأمّ والبيهقي في الدلائل والأصبهاني في الترغيب عن محمّد بن كعب القرظي قال : حجّ آدم عليه‌السلام فلقيته الملائكة فقالوا : برّ نسكك يا آدم لقد حججنا قبلك بألفي عام (٤).

[٢ / ١٣٩١] وأخرج أبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير قال : لمّا أهبط آدم إلى الأرض كان فيها نسر ، وحوت في البحر ، ولم يكن في الأرض غيرهما ، فلمّا رأى النسر آدم وكان يأوي إلى الحوت ويبيت عنده كلّ ليلة قال : يا حوت لقد أهبط اليوم إلى الأرض شيء يمشي على رجليه ويبطش

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٣٩ ؛ العظمة ٥ : ١٥٧٦ / ١٠٤٠ ، باب ٤٥ (خلق آدم وحوّاء عليهما‌السلام).

(٢) الدرّ ١ : ١٣٧ ؛ تاريخ الطبري ١ : ٨٣ ـ ٨٤.

(٣) الدرّ ١ : ١٣٦ ؛ تاريخ الطبري ١ : ٨٣ ، بلفظ : «عن ابن عبّاس : إنّ آدم عليه‌السلام نزل حين نزل بالهند ولقد حجّ منها أربعين حجّة على رجليه ...» ؛ الشعب ٣ : ٤٣٤ ـ ٤٣٥ / ٣٩٨٨ ، باب في المناسك ، حديث الكعبة والمسجد الحرام ؛ بلفظ : عن ابن عبّاس : إنّ آدم عليه‌السلام حجّ على رجليه من الهند أربعين حجّة ؛ ابن عساكر ٧ : ٤٢٢ ، رقم ٥٧٨. ترجمة آدم نبي الله عليه‌السلام بلفظ : عن ابن عبّاس : إنّ آدم عليه‌السلام حجّ على رجليه من الهند أربعين حجّة.

(٤) الدرّ ١ : ١٣٧ ؛ كتاب الأمّ ٢ : ١٥٤ ، كتاب الحجّ ؛ الدلائل ٢ : ٤٥ ؛ البيهقي ٥ : ١٧٧ ، باب دخول مكّة بغير إرادة حجّ ولا عمرة.

٤٩٤

بيده! فقال له الحوت : لئن كنت صادقا ما لي في البحر منه منجى ولا لك في البرّ! (١)

[٢ / ١٣٩٢] وأخرج الصدوق بإسناده إلى عمر بن عليّ عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام «أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سئل ممّا خلق الله الكلب؟ قال : خلقه من بزاق إبليس ، قيل : وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال : لمّا أهبط الله آدم وحوّاء إلى الأرض أهبطهما كالفرخين المرتعشين فعدا (٢) إبليس إلى السّباع وكانت قبل آدم في الأرض. فقال لها : إنّ طيرين قد وقعا من السماء لم ير الراؤون أعظم منهما ، تعالين فكليهنّ ، فتعادت السباع معه وجعل إبليس يحثّهم ويصيح ويعدهم بقرب المسافة ، فوقع من فيه من عجلة كلامه بزاق. فخلق الله من ذلك البزاق كلبين أحدهما ذكر والآخر أنثى ، فقاما حول آدم وحوّاء الكلب بالهند والكلبة بجدّة ، فلم يتركا السباع أن يقربنهما ، ومن ذلك اليوم كان الكلب عدوّ السبع والسبع عدوّ الكلب» (٣).

[٢ / ١٣٩٣] وذكر القرطبي رواية عن وهب بن منبّه قال : لمّا هبط آدم عليه‌السلام إلى الأرض قال إبليس للسّباع : إنّ هذا عدوّ لكم فأهلكوه ؛ فاجتمعوا وولّوا أمرهم إلى الكلب وقالوا : أنت أشجعنا وجعلوه رئيسا ؛ فلمّا رأى ذلك آدم تحيّر في ذلك ، فجاءه جبرئيل وقال له : امسح يدك على رأس الكلب ففعل ، فلمّا رأت السباع أنّ الكلب ألف آدم تفرّقوا. واستأمنه الكلب فأمنه آدم ، فبقي معه ومع أولاده (٤).

[٢ / ١٣٩٤] وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب البكاء عن عليّ بن أبي طلحة قال : أوّل شيء أكله آدم حين أهبط إلى الأرض الكمّثرى ، وأنّه لمّا أراد أن يتغوّط أخذه من ذلك كما يأخذ المرأة عند الولادة ، فذهب شرقا وغربا لا يدري كيف يصنع! حتّى نزل إليه جبرئيل فأقعى آدم (٥) ، فخرج ذلك منه ، فلمّا وجد ريحه مكث يبكي سبعين سنة (٦).

[٢ / ١٣٩٥] وأخرج ابن عساكر عن الحسن. أنّ آدم لمّا أهبط إلى الأرض تحرّك بطنه فأخذه لذلك

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٤٢ ؛ الحلية ٤ : ٢٧٨ ، باب ٢٧٥ (سعيد بن جبير) ؛ ابن عساكر ٧ : ٤٤٣ ، رقم ٥٧٨ ؛ القرطبي ١ : ٣٢٧.

(٢) أي ركض.

(٣) علل الشرائع ٢ : ٤٩٦ ـ ٤٩٧ / ١ ، باب ٢٥٠ ؛ البحار ١١ : ٢٠٧ ـ ٢٠٨ / ١٠.

(٤) القرطبي ١ : ٣٢٨.

(٥) الإقعاء : الجلوس على أعقاب الرجلين.

(٦) الدرّ ١ : ١٣٨.

٤٩٥

غمّ ، فجعل لا يدري كيف يصنع ، فأوحى الله إليه : أن اقع فأقعى ، فلمّا قضى حاجته فوجد الريح جزع وبكى وعضّ على إصبعه ، فلم يزل يعضّ عليها ألف عام (١).

ماذا فعل إبليس عند هبوط آدم؟

[٢ / ١٣٩٦] أخرج ابن عساكر عن عبد الملك بن عمير قال : لمّا أهبط آدم وإبليس ، ناح إبليس حتّى بكى آدم ، ثمّ حدا حتّى ضحك (٢).

[٢ / ١٣٩٧] وأخرج العيّاشي عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «كان إبليس أوّل من تغنّى وأوّل من ناح وأوّل من حدا : لمّا أكل آدم من الشجرة تغنّى ، ولمّا اهبط حدا ، ولمّا استقرّ على الأرض ناح يذكّره ما في الجنّة» (٣).

[٢ / ١٣٩٨] وأخرج الصدوق بالإسناد إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «نخر إبليس نخرتين : حين أكل آدم من الشجرة وحين أهبط به من الجنّة» (٤).

قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ)

[٢ / ١٣٩٩] أخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) قال : مقامهم فيها (٥).

[٢ / ١٤٠٠] وأخرج عن الربيع في قوله : (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) قال : هو قوله : (جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً)(٦). (٧)

[٢ / ١٤٠١] وعن أبي العالية في قوله : (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) قال : هو قوله : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً)(٨). (٩)

[٢ / ١٤٠٢] وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله : (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) قال : مستقرّ

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٤١ ؛ ابن عساكر ٧ : ٤١٠ ، رقم ٥٧٨.

(٢) الدرّ ١ : ١٤١ ؛ ابن عساكر ٧ : ٤٣٨ ، رقم ٥٧٨.

(٣) البرهان ١ : ١٩٢ / ١٧ ؛ العيّاشي ١ : ٥٨ / ٢٣ ، و ١ : ٣٠٣ / ٢٧٦ ، سورة النساء ؛ البحار ١١ : ٢١٢ / ٢٠.

(٤) نور الثقلين ١ : ٦٤ ؛ الخصال : ٢٦٣ / ١٤١ ؛ البحار ١١ : ٢٠٤ / ١.

(٥) الطبري ١ : ٣٤٥ / ٦٤٣ ؛ القرطبي ١ : ٣٢١ ، بلفظ : «أي موضع استقرار ـ قاله أبو العالية وابن زيد».

(٦) غافر ٤٠ : ٦٤.

(٧) الطبري ١ : ٣٤٥ / ٦٤٠.

(٨) البقرة ٢ : ٢٢.

(٩) الطبري ١ : ٣٤٥ / ٦٣٩.

٤٩٦

فوق الأرض ، ومستقرّ تحت الأرض (١).

[٢ / ١٤٠٣] وأخرج ابن جرير عن السدّي في قوله : (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) قال : يعني القبور (٢).

[٢ / ١٤٠٤] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله : (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) قال : القبور (٣).

قوله تعالى : (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ)

[٢ / ١٤٠٥] روى عليّ بن إبراهيم ـ في حديث طويل ـ عن الصادق عليه‌السلام جاء فيه : «فقال الله لهما : (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) قال : إلى يوم القيامة» (٤).

[٢ / ١٤٠٦] وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود في قوله : (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) قال : إلى يوم القيامة (٥).

[٢ / ١٤٠٧] وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) قال : حتّى يصير إلى الجنّة أو إلى النّار (٦).

[٢ / ١٤٠٨] وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله : (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) قال : إلى يوم القيامة إلى انقطاع الدنيا (٧).

[٢ / ١٤٠٩] وعن السدّي في قوله : (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) قال يقول : بلاغ إلى الموت (٨).

[٢ / ١٤١٠] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله :

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٣٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٨٩ / ٤٠٠.

(٢) الطبري ١ : ٣٤٥ / ٦٤١.

(٣) الدرّ ١ : ١٣٤ ؛ الطبري ١ : ٣٤٥ / ٦٤٢ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٨٩ / ٣٩٩.

(٤) نور الثقلين ١ : ٦٣ ؛ القمي ١ : ٤٣ ؛ البحار ١١ : ١٦٢ / ٥.

(٥) الدرّ ١ : ٢٩٥ ، ط : مركز هجر.

(٦) الدرّ ١ : ١٣٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٩٠ / ٤٠٤.

(٧) الطبري ١ : ٣٤٦ / ٦٤٦.

(٨) المصدر / ٦٤٤.

٤٩٧

(وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) قال : الحياة (١).

[٢ / ١٤١١] وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله : (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) قال : إلى أجل (٢).

ندم آدم وبكاؤه

[٢ / ١٤١٢] روى الصدوق بإسناده إلى محمّد بن سهل البحراني يرفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال :

«البكّاؤون خمسة : آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمّد وعليّ بن الحسين عليهم‌السلام ، فأمّا آدم فبكى على الجنّة حتّى صار في خدّيه أمثال الأودية ...» (٣).

[٢ / ١٤١٣] وأخرج ابن سعد عن الحسن قال : بكى آدم على الجنّة ثلاثمائة سنة (٤).

[٢ / ١٤١٤] وأخرج ابن عساكر عن ابن عبّاس قال : بكى آدم حين هبط من الجنّة بكاء لم يبكه أحد ، فلو أنّ بكاء جميع بني آدم مع بكاء داوود على خطيئته ، ما عدل بكاء آدم حين أخرج من الجنّة ، ومكث أربعين سنة لا يرفع رأسه إلى السماء (٥).

[٢ / ١٤١٥] ورواه عنه بلفظ آخر ، قال : وكان آدم حين أهبط من الجنّة بكى بكاء لم يبكه أحد ، فلو وضع بكاء داوود على خطيئته ، وبكاء يعقوب على ابنه ، وبكاء ابن آدم على أخيه حين قتله ، ثمّ بكاء أهل الأرض ما عدل ببكاء آدم عليه‌السلام حين أهبط (٦).

[٢ / ١٤١٦] وأخرج الطبراني في الأوسط وابن عديّ في الكامل والبيهقي في شعب الإيمان والخطيب وابن عساكر معا في التاريخ عن بريدة يرفعه قال : لو أنّ بكاء داوود وبكاء جميع أهل الأرض يعدل بكاء آدم ما عدله.

ولفظ البيهقي : لو وزن دموع آدم بجميع دموع ولده لرجّحت دموعه على جميع دموع ولده (٧).

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٣٤ ؛ الطبري ١ : ٣٤٦ / ٦٣٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٩٠ / ٤٠٣.

(٢) الطبري ١ : ٣٤٦ / ٦٤٧ ؛ القرطبي ١ : ٣٢١.

(٣) نور الثقلين ١ : ٦٤ ؛ الخصال : ٢٧٢ ـ ٢٧٣ / ١٥ ؛ الأمالي للصدوق : ٢٠٤ / ٢٢١ / ٥ ؛ البحار ١٢ : ٢٦٤ / ٢٧.

(٤) الدرّ ١ : ١٤٢ ؛ الطبقات الكبرى ١ : ٣٢.

(٥) ابن عساكر ٧ : ٤١٦ ؛ الدرّ ١ : ١٤١ ـ ١٤٢.

(٦) ابن عساكر ٧ : ٤٠٣ ؛ الدرّ ١ : ٣١١.

(٧) الدرّ ١ : ١٤٢ ؛ الأوسط ١ : ٥١ ؛ الكامل ١ : ١٦٦ ؛ الشعب ١ : ٥٠٠ / ٨٣٤ ، باب في الخوف من الله. بلفظ : «لو وزن دموع ـ آدم بجميع دموع ولده لرجّح دموعه على دموع ولده» وفي ص ٥٠١ / ٨٣٥ بلفظ : عن ابن بريدة قال : «لو عدل بكاء أهل الأرض ببكاء داوود ما عدله ، ولو عدل بكاء أهل الأرض ببكاء آدم حين أهبط إلى الأرض ما عدله» ؛ تاريخ بغداد ٤ : ٢٦٧ ؛ ابن عساكر ٧ : ٤١٥ ، رقم ٥٧٨ ؛ كنز العمّال ٦ : ١٣٠ / ١٥١٣٣.

٤٩٨

قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)

وبعد ، فحيث ندم آدم على ما فرط منه في جنب الله وأدركته فطرته الزاهية ليؤوب ويثوب إلى حظيرة الأمن الالهي الشامل ولتسعه ولاية الله الكافلة لإخراجه من الظلمات الّتي عرضت مسيرته لحظات فإلى النور الّذي ملأ الآفاق. وكانت ترافقه عبر الآنات وفي ذمّة الخلود. فأدركته الرحمة وشملته العناية الفائضة ، وتلقّت توبته بالقبول :

(فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) فقد تمّت كلمة الله الأخيرة ، وعهده الدائم مع آدم وذرّيّته ، عهد الاستخلاف في هذه الأرض وشرط الفلاح فيها أو البوار :

(قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).

فقد انتقلت المعركة الخالدة إلى ميدانها الأصيل ، وانطلقت من عقالها ، لا تهدأ لحظة ولا تفتر! وقد عرف الإنسان في فجر البشريّة كيف ينتصر إذا شاء الانتصار ، وكيف ينكسر إذا اختار لنفسه الخسار ...

وقد تقدّم ـ في كلام سيّد قطب ـ طرف من إيحاءات تعطيها هذه القصّة قصّة البشريّة الأولى ، ولتكون تجربة عنيفة في إبّان خوضه لمعركة الحياة فتكون عبرة نافعة له ولبنيه عبر الخلود ، إمّا سعادة رابحة أو شقاء خاسر والعياذ بالله.

وإليك في ذلك روايات عن السلف :

٤٩٩

قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ)

[٢ / ١٤١٧] قال الحسن : قبولها تعلّمه لها وعمله بها (١).

[٢ / ١٤١٨] وأخرج أحمد في الزهد عن قتادة وعبد الرزّاق عن عكرمة قال : اليوم الذي تاب الله فيه على آدم كان يوم عاشوراء (٢).

[٢ / ١٤١٩] وروى الصدوق بإسناده إلى فرات بن أحنف عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : «لو لا أنّ آدم أذنب ما أذنب مؤمن أبدا. ولو لا أنّ الله ـ عزوجل ـ تاب على آدم ما تاب على مذنب أبدا» (٣).

[٢ / ١٤٢٠] وبإسناده إلى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن عليّ عليه‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث طويل يقول فيه ـ وقد سأله بعض اليهود عن مسائل ـ : «وأمّا صلاة العصر فهي الساعة الّتي أكل آدم فيها من الشجرة ، فأخرجه الله من الجنّة. فأمر الله ـ عزوجل ـ ذرّيّته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة ، واختارها لأمّتي فهي من أحبّ الصلوات إلى الله وأوصاني أن أحفظها من بين الصلوات. وأمّا صلاة المغرب فهي الساعة الّتي تاب الله فيها على آدم. وكان بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب الله عليه ثلاثماة سنة من أيّام الدنيا ، وفي أيّام الآخرة يوم كألف سنة ما بين العصر والعشاء ، فصلّى آدم ثلاث ركعات ، ركعة لخطيئته وركعة لخطيئة حوّاء وركعة لتوبته ، فافترض الله هذه الثلاث ركعات على أمّتي ، وهي الساعة الّتي يستجاب فيها الدعاء ، فوعدني ربّي أن يستجيب لمن دعاه فيها» (٤).

ماهي الكلمات؟

[٢ / ١٤٢١] أخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : (فَتَلَقَّى

__________________

(١) القرطبي ١ : ٣٢٣.

(٢) الدرّ ١ : ١٤٧ ؛ التبيان ١ : ١٧٢ ، قال الشيخ رحمه‌الله : ورواه أيضا أصحابنا ؛ المصنّف ٤ : ٢٩١ / ٧٨٥٢.

(٣) نور الثقلين ١ : ٦٩ ؛ علل الشرائع ١ : ٨٤ ، باب ٧٨ (علّة الذنب وقبول التوبة) ؛ البحار ١١ : ١٦٥ / ١٠ ؛ كنز الدقائق ١ : ٣٨٥ ـ ٣٨٦.

(٤) نور الثقلين ١ : ٦٩ ؛ علل الشرائع ٢ : ٣٣٧ ـ ٣٣٨ / ١ ؛ الفقيه ١ : ٢١٢ ـ ٢١٣ / ٦٤٣ ، باب علّة وجوب خمس صلوات في خمس مواقيت ؛ الأمالي للصدوق : ٢٥٦ ـ ٢٥٧ ؛ البحار ١١ : ١٦٠ ـ ١٦١ / ٤ ؛ كنز الدقائق ١ : ٣٨٦.

٥٠٠