التفسير الأثري الجامع - ج ٢

الشيخ محمّد هادي معرفة

التفسير الأثري الجامع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي معرفة


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التمهيد ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5079-03-6
ISBN الدورة:
978-600-5079-08-1

الصفحات: ٥٦٠

[٢ / ٧١١] وأخرج البخاري عن أنس قال : «أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام فجاءت أمّه إلى النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت : يا رسول الله قد علمت منزلة حارثة منّي ، فإن يكن في الجنّة أصبر وأحتسب ، وإن تكن الأخرى ترى ما أصنع؟ فقال : ويحك (أو هبلت) أو جنّة واحدة هي ، إنّها جنان كثيرة ، وإنّه في جنّة الفردوس الأعلى» (١).

[٢ / ٧١٢] وأخرج الترمذي وحسّنه والحاكم وصحّحه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من خاف أدلج ، ومن أدلج فقد بلغ المنزل ، ألا إنّ سلعة الله غالية» (٢).

[٢ / ٧١٣] وأخرج الحاكم عن أبيّ بن كعب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من خاف أدلج ، ومن أدلج فقد بلغ المنزل. ألا إنّ سلعة الله غالية ، ألا إنّ سلعة الله الجنّة ، جاءت الراجفة ، تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه» (٣).

[٢ / ٧١٤] وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : والّذي أنزل الكتاب على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّ أهل الجنّة ليزدادون جمالا وحسنا كما يزدادون في الدنيا قباحة وهرما (٤).

قوله تعالى : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ)

[٢ / ٧١٥] أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) أي يعني المساكن ، تجري أسفلها أنهارها (٥).

[٢ / ٧١٦] وأخرج ابن أبي حاتم وابن حبّان والحاكم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنهار الجنّة تفجّر من تحت تلال أو من تحت جبال مسك» (٦).

[٢ / ٧١٧] وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبو الشيخ بن حبّان في التفسير والبيهقي في

__________________

(١) الدرّ ١ : ٩٤ ؛ البخاري ٥ : ٩ ، كتاب المغازي ، باب ٩ (فضل من شهد بدرا) ، وكذا ٧ : ٢٠٠ ـ ٢٠١.

(٢) الدرّ ١ : ٩٤ ؛ الترمذي ٤ : ٥١ / ٢٥٦٧ ، باب ١٤ ، وزاد : «ألا إنّ سلعة الله الجنّة» ؛ الحاكم ٤ : ٣٠٧ ـ ٣٠٨ ، كتاب الرقاق ؛ كنز العمّال ٣ : ١٤٢ / ٥٨٨٥.

(٣) الدرّ ١ : ٩٤ ؛ الحاكم ٤ : ٣٠٧ ـ ٣٠٨ ، كتاب الرقاق.

(٤) الدرّ ١ : ٩٤ ؛ المصنّف ٨ : ٧٥ / ٥٢ ، باب ١.

(٥) الدرّ ١ : ٩٤ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٦٦ / ٢٥٣.

(٦) الدرّ ١ : ٩٤ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٦٥ / ٢٥٢ ؛ ابن حبّان ١٦ : ٤٢٣ / ٧٤٠٨ ؛ البعث والنشور : ١٨٣ / ٢٦٦ ؛ أبو الفتوح ١ : ١٧١ ، نقلا عن ابن عبّاس ؛ ابن كثير ١ : ٦٦ و ٤ : ٥٣٧ في تفسير سورة الغاشية.

٢٤١

البعث وصحّحه عن ابن مسعود قال : إنّ أنهار الجنة تفجّر من جبل من مسك (١).

[٢ / ٧١٨] وأخرج أحمد ومسلم عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «سيحان وجيحان ، والفرات والنيل ، كلّ من أنهار الجنّة» (٢).

[٢ / ٧١٩] وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنّة عن ابن عبّاس قال : «إنّ في الجنّة نهرا يقال له البيدخ ، عليه قباب من ياقوت ، تحته جوار نابتات يقول أهل الجنّة : انطلقوا بنا إلى البيدخ ، فيجيئون فيتصفّحون تلك الجوارى ، فإذا أعجب رجل منهم بجارية مسّ معصمها ، فتبعته وتنبت مكانها أخرى» (٣).

[٢ / ٧٢٠] وأخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده وأبو يعلى والبيهقي في الدلائل والضياء المقدسي في صفة الجنّة وصحّحه عن أنس قال : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تعجبه الرؤيا الحسنة ، فجاءت امرأة فقالت : يا رسول الله رأيت في المنام كأنّي أخرجت فأدخلت الجنّة ، فسمعت وجبة التجّت لها الجنّة ، فإذا أنا بفلان وفلان حتّى عدّت اثني عشر رجلا ، وقد بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سريّة قبل ذلك ، فجيء بهم عليهم ثياب طلس (٤) تشخب أوداجهم ، فقيل : اذهبوا بهم إلى نهر البيدخ (٥) ، فغمسوا فيه ، فخرجوا وجوههم كالقمر ليلة البدر ، وأتوا بكراسيّ من ذهب فقعدوا عليها ، وجيء بصحفة من ذهب فيها بسرة ، فأكلوا من بسره ما شاؤوا ، فما يقلبونها لوجهة (٦) إلّا أكلوا من فاكهة ما شاؤوا ، فجاء البشير فقال : يا رسول الله كان كذا وكذا ، وأصيب فلان وفلان ، حتّى عدّ اثني عشر رجلا فقال : عليّ بالمرأة ، فجاءت فقال : قصّي رؤياك على هذا ، فقال الرجل : هو كما قالت ، أصيب فلان وفلان» (٧).

__________________

(١) الدرّ ١ : ٩٤ ؛ المصنّف ٨ : ٦٧ / ٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٦٦ / ٢٥٤ ؛ البعث والنشور : ١٨٤ / ٢٦٧ ؛ ابن كثير ١ : ٦٦.

(٢) الدرّ ١ : ٩٤ ؛ مسند أحمد ٢ : ٢٨٩ ؛ مسلم ٨ : ١٤٩ ، كتاب الجنّة وصفة نعيمها وأهلها ، باب ما في الدنيا من أنهار الجنّة ؛ كنز العمّال ١٢ : ٣٤٥ / ٣٥٣٤٠.

(٣) الدرّ ١ : ٩٤ ؛ صفة الجنّة : ٣٦ ـ ٣٧ / ٦٩.

(٤) جمع أطلس ، ثوب منسوج من حرير في لونه غبرة إلى سواد. والتجّ البحر : اضطرب.

(٥) وفي مسند أحمد : نهر السدخ أو نهر البيدج.

(٦) وفي المسند : لشقّ. وفي بعض النسخ : من وجه.

(٧) الدرّ ١ : ٩٤ ـ ٩٥ ؛ مسند أحمد ٣ : ١٣٥ ؛ منتخب مسند عبد بن حميد : ٣٨٠ / ١٢٧٥ ، مسند أنس ؛ أبو يعلى ٦ : ٤٤ ـ ٤٥ / ــ ٣٢٨٩ ؛ الدلائل ٧ : ٢٦ ـ ٢٧ ؛ مجمع الزوائد ٧ : ١٧٥ ـ ١٧٦ ، كتاب التعبير ، باب ما يدلّ على صدق الرؤيا ، قال الهيثمي : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ؛ ابن كثير ٤ : ٣٠٧ ، سورة الواقعة ٥٦ : الآية ٢٠ ـ ٢١.

٢٤٢

[٢ / ٧٢١] وأخرج البيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : إنّ في الجنّة نهرا طول الجنّة ، حافتاه العذارى قيام متقابلات يغنّين بأحسن أصوات ، يسمعها الخلائق حتّى ما يرون أنّ في الجنّة لذّة مثلها. قلنا : يا أبا هريرة وما ذاك الغناء؟ قال : إن شاء الله التسبيح ، والتحميد ، والتقديس ، وثناء على الربّ (١).

[٢ / ٧٢٢] وأخرج أحمد بن حنبل في الزهد والدار قطني في المدبّج عن المعتمر بن سليمان قال : إنّ في الجنّة نهرا ينبت الجواري الأبكار (٢).

[٢ / ٧٢٣] وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن أنس مرفوعا : «في الجنّة نهر يقال له الريّان ، عليه مدينة من مرجان ، لها سبعون ألف باب من ذهب وفضّة ، لحامل القرآن» (٣).

[٢ / ٧٢٤] وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وهنّاد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في البعث ، عن مسروق قال : أنهار الجنّة تجري في غير أخدود ، ونخل الجنّة نضيد من أصلها إلى فرعها. وثمرها أمثال القلال ، كلّما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى ، والعنقود اثنا عشر ذراعا (٤).

[٢ / ٧٢٥] وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم والضياء المقدسي كلاهما في صفة الجنّة عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لعلّكم تظنّون أنّ أنهار الجنّة أخدود في الأرض لا والله إنّها لسائحة على وجه الأرض ، حافتاها قباب اللؤلؤ ، وطينها المسك الأذفر. قلت : يا رسول الله ما الأذفر؟ قال : الّذي لا

__________________

(١) الدرّ ١ : ٩٥ ؛ البعث والنشور : ٢٢٩ / ٣٨٣ ، باب السماع في الجنّة والتغنّي بذكر الله.

(٢) الدرّ ١ : ٩٥.

(٣) الدرّ ١ : ٩٥ ؛ ابن عساكر ٥٤ : ١٩٩ / ١١٤٤٧ ، ترجمة محمّد بن عثمان بن خراش ؛ كنز العمّال ١ : ٥٥٠ / ٢٤٦٣.

(٤) الدرّ ١ : ٩٥ ؛ الزهد لابن المبارك ١ : ٥٢٤ / ١٤٩٠ ؛ المصنّف ٨ : ٦٨ / ٦ ، كتاب الجنّة ، باب ١ ، بلفظ : «أنهار الجنّة في غير أخدود وبئرها كالقلال كلّما نزعت ثمرة عادت أخرى والعنقود اثنى عشر ذراعا» ؛ الزهد لهنّاد ١ : ٩٤ / ١٠٣ ؛ الطبري ١ : ٢٤٦ / ٤٢٥ ، بلفظ : عن مسروق قال : نخل الجنّة نضيد من أصلها إلى فرعها وثمرها أمثال القلال كلّما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى ، وماؤها يجرى في غير أخدود ؛ البعث والنشور : ١٩٢ ـ ١٩٣ / ٢٩٢ ، باختلاف ؛ التبيان ١ : ١٠٨ ، بلفظ : «أنّها جارية في غير أخاديه ، روي ذلك عن مسروق ، رواه عنه أبو عبيدة وغيره». وبنحوه : مجمع البيان ١ : ١٣٠.

٢٤٣

خلط معه» (١).

[٢ / ٧٢٦] وأخرج ابن أبي الدنيا وابن مردويه والضياء عن أبي موسى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إنّ أنهار الجنّة تشخب من جنّة عدن في جوبة (٢) ثمّ تصدع بعد أنهارا» (٣).

قوله تعالى : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ)

فيه قولان ، الأوّل : رزقنا مثله في الدنيا :

[٢ / ٧٢٧] أخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً) قال : أتوا بالثمرة في الجنّة فينظروا إليها فقالوا : (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) في الدنيا (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) اللون والمرأى ، وليس يشبه الطعم (٤).

[٢ / ٧٢٨] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في كتاب الأضداد عن قتادة في قوله : (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) أي في الدنيا (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) قال : يشبه ثمار الدنيا غير أنّ ثمر الجنّة أطيب (٥).

[٢ / ٧٢٩] وأخرج عبد بن حميد عن عليّ بن زيد (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) يعني به : ما رزقوا به من فاكهة الدنيا قبل الجنّة (٦).

[٢ / ٧٣٠] وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمان بن زيد في قوله : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) قال : يعرفون أسماءه كما كانوا في الدنيا ، التفّاح بالتفّاح ، والرمّان بالرمّان ، قالوا في الجنّة : (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) في الدنيا (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) يعرفونه وليس هو مثله في الطعم (٧).

[٢ / ٧٣١] وعن ابن زيد : قالوا : (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) في الدنيا ، قال : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً)

__________________

(١) الدرّ ١ : ٩٥ ؛ كنز العمّال ١٤ : ٤٦٣ / ٣٩٢٧٧ ؛ ابن كثير ٤ : ١٩٠ ، سورة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الآية ١٥.

(٢) الجوبة : الحفرة المتّسعة.

(٣) الدرّ ١ : ٩٥ ؛ صفة الجنّة : ٦٨ ـ ٦٩ / ٢٠٤ ، بلفظ : إنّ أنهار الجنّة تخرج من جنّة عدن ثمّ تصدع بعدها أنهارها. وإنّ للمؤمن فيها لخيمة طولها ستّون ميلا له فيها أهلون لا يرى بعضهم بعضا ؛ ابن كثير ٤ : ١٩٠.

(٤) الدرّ ١ : ٩٦ ؛ الطبري ١ : ٢٤٧ و ٢٥٠ / ٤٢٦ و ٤٣٧.

(٥) الدرّ ١ : ٩٦ ؛ الطبري ١ : ٢٤٧ و ٢٥١ / ٢٤٧ و ٢٥١ / ٤٢٧ و ٤٤٤.

(٦) الدرّ ١ : ٩٦.

(٧) الطبري ١ : ٢٥١ / ٤٤٦ ؛ ابن كثير ١ : ٦٦.

٢٤٤

يعرفونه (١).

[٢ / ٧٣٢] وعن قسامة عن الأشعري قال : إنّ الله لمّا أخرج آدم من الجنّة زوّده من ثمار الجنّة وعلّمه صنعة كلّ شيء ، فثماركم هذه من ثمار الجنّة غير أنّ هذه تغيّر وتلك لا تغيّر (٢).

[٢ / ٧٣٣] وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) قال : قولهم من قبل ، معناه : مثل الّذي كان بالأمس (٣).

[٢ / ٧٣٤] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) قال : يقولون ما أشبهه به. يقول : من كلّ صنف مثل (٤).

***

القول الثاني : من قبل من ثمار الجنّة :

[٢ / ٧٣٥] أخرج ابن جرير عن يحيى بن كثير قال : يؤتى أحدهم بالصحفة فيأكل منها ثمّ يؤتى بأخرى فيقول : هذا الّذي أتينا به من قبل ، فيقول الملك : كل ، اللون واحد والطعم مختلف (٥).

[٢ / ٧٣٦] وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن كثير قال : عشب الجنّة ، الزعفران وكثبانها المسك (٦) ، ويطوف عليهم الولدان بالفواكه فيأكلونها ، ثمّ يؤتون بمثلها فيقول لهم أهل الجنّة : هذا الّذي أتيتمونا آنفا به! فتقول لهم الولدان : كلوا ، فاللّون واحد والطعم مختلف ، وهو قول الله تعالى : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً)(٧).

[٢ / ٧٣٧] وقال مقاتل بن سليمان : فرق المؤمنون عند التخويف ، فأنزل الله ـ عزوجل ـ (وَبَشِّرِ

__________________

(١) الطبري ١ : ٢٤٧ / ٤٢٩ ؛ ابن كثير ١ : ٦٦.

(٢) الطبري ١ : ٢٥٢ / ٤٤٧ ؛ الحاكم ٢ : ٥٤٣ ، كتاب تواريخ المتقدّمين من الأنبياء والمرسلين ؛ مجمع الزوائد ٨ : ١٩٧ ، كتاب الأنبياء ، باب ذكر نبينا آدم ، قال الهيثمي : رواه البزّار والطبراني ورجاله ثقات.

(٣) الدرّ ١ : ٩٦ ؛ ابن كثير ١ : ٦٦ ، ونقلا عن الربيع بن أنس أيضا.

(٤) الدرّ ١ : ٩٦ ؛ الطبري ١ : ٢٤٧ / ٤٢٨.

(٥) الدرّ ١ : ٩٦ ؛ الطبري ١ : ٢٤٧ ـ ٢٤٨ / ٤٣١ ؛ ابن كثير ١ : ٦٦ ، وفيه : «فتقول الملائكة» بدل «فيقول الملك» ، وأيضا «فاللون» بدل «اللون».

(٦) العشب : الكلأ الرطب. والكثبان جمع الكثيب : التلّ من الرمل.

(٧) ابن أبي حاتم ١ : ٦٧ / ٢٦١ ؛ ابن كثير ١ : ٦٦.

٢٤٥

الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) يعني البساتين (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ) كلّما أطعموا منها من الجنّة من ثمره (رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) وذلك أنّ لهم في الجنّة رزقهم فيها بكرة وعشيّا ، فإذا أتوا بالفاكهة في صحاف الدرّ والياقوت في مقدار بكرة الدنيا ، وأتوا بالفاكهة غيرها على مقدار عشاء الدنيا ، فإذا نظروا إليه متشابه الألوان قالوا : هذا الّذي رزقنا من قبل يعني أطعمنا بكرة ، فإذا أكلوا وجدوا طعمه غير الّذي أتوا به بكرة ، فذلك قوله ـ سبحانه ـ : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) يعني يشبه بعضه بعضا في الألوان مختلفا في الطعم (١).

[٢ / ٧٣٨] وقال عليّ بن إبراهيم : وقوله : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً ؛) قال : يؤتون من فاكهة واحدة على ألوان متشابهة (٢).

[٢ / ٧٣٩] وقال الشيخ في التبيان : وقال بعضهم : إنّ ثمار الجنّة إذا جنيت من أشجارها عاد مكانها فإذا رأوا عاد بعد الّذي جني اشتبه عليهم فقالوا : (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) وهذا قول أبي عبيدة ويحيى بن أبى كثير (٣).

قوله تعالى : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً)

فيه أقوال : الأوّل : أنّ ثمار الجنّة يشبه بعضه بعضا في الجودة :

[٢ / ٧٤٠] أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) قال : خيار كلّه يشبه بعضه بعضا لا رذل فيه. ألم تر إلى ثمار الدنيا كيف ترذلون بعضه (٤).

[٢ / ٧٤١] وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) أي خيارا لا رذل فيه ، وإنّ ثمار الدنيا ينقى منها ويرذل منها ، وثمار الجنّة خيار كلّه لا يرذل منه شيء (٥).

__________________

(١) تفسير مقاتل ١ : ٩٤.

(٢) القميّ ١ : ٣٤.

(٣) التبيان ١ : ١٠٩ ؛ مجمع البيان ١ : ١٣١.

(٤) الدرّ ١ : ٩٦ ؛ الطبري ١ : ٢٤٩ / ٤٣٣ ، بلفظ : قال : ألم تروا إلى ثمار الدنيا كيف ترذلون بعضه؟ وإنّ ذلك ليس فيه رذل! ؛ البغوي ١ : ٩٥ ، بلفظ : قال الحسن وقتادة : «متشابها» أي يشبه بعضها بعضا في الجودة أي كلّها خيار لا رذالة فيها ؛ عبد الرزّاق ١ : ٢٦١ / ٢٣ ، بلفظ : قال الحسن : يشبه بعضها بعضا ليس فيها من رذل.

(٥) الطبري ١ : ٢٤٩ / ٤٣٥.

٢٤٦

[٢ / ٧٤٢] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) قال : خيارا كلّه لا رذل فيه (١).

[٢ / ٧٤٣] وأخرج ابن جرير عن ابن جريج ، قال : ثمر الدنيا منه ما يرذل ومنه نقاء ، وثمر الجنّة نقاء كلّه يشبه بعضه بعضا في الطيب ، ليس منه مرذول (٢).

[٢ / ٧٤٤] وعن مجاهد في قوله : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) قال : مثل الخيار (٣).

[٢ / ٧٤٥] وعن أبي عبيدة قال : نخل الجنّة نضيد من أصلها إلى فرعها ، وثمرها مثل القلال ، كلّما نزعت منها ثمرة عادت مكانها أخرى. قالوا : فإنّما اشتبهت عند أهل الجنّة لأنّ الّتي عادت نظيرها الّتي نزعت فأكلت ، في كلّ معانيها. قالوا : ولذلك قال الله جلّ ثناؤه : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) لاشتباه جميعه في كلّ معانيه (٤).

[٢ / ٧٤٦] وأخرج البزّار والطبراني عن ثوبان ، أنّه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «لا ينزع رجل من أهل الجنّة من ثمرة إلّا أعيد في مكانها مثلاها» (٥).

[٢ / ٧٤٧] وقال الطبرسي رحمه‌الله ـ في رابع الوجوه ـ : إنّه يشبه بعضه بعضا في اللذّة وجميع الصفات ، عن أبي مسلم (٦).

الثاني : أنّه يشبه بعضه بعضا في اللّون دون الطعم : وهو اختيار ابن جرير :

[٢ / ٧٤٨] قال الضحّاك في قوله : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) : إذا رأوه ، قالوا : هو الأوّل في النظر واللّون ، وإذا طعموا وجدوا له طعما غير طعم الأوّل (٧).

[٢ / ٧٤٩] وأخرج وكيع وعبد الرزّاق وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : (وَأُتُوا بِهِ

__________________

(١) الدرّ ١ : ٩٦ ؛ الطبري ١ : ٢٤٩ / ٤٣٢.

(٢) الطبري ١ : ٢٥٠ / ٤٣٦ ؛ التبيان ١ : ١٠٩ ، روى ما بمعناه عن الحسن وابن جريح ؛ أبو الفتوح ١ : ١٧٢.

(٣) الطبري ١ : ٢٥٠ / ٤٣٨.

(٤) المصدر ١ : ٢٤٧ / ٤٣٠.

(٥) الدرّ ١ : ٩٧ ؛ مختصر زوائد مسند البزّار ٢ : ٤٨١ ـ ٤٨٢ / ٢٢٥٩ ؛ الكبير ٢ : ١٠٢ / ١٤٤٩ ، باختلاف ، باب من غرائب مسند ثوبان ؛ مجمع الزوائد ١٠ : ٤١٤ ، كتاب أهل الجنّة ، باب فيما أعدّه الله سبحانه وتعالى لأهل الجنّة. بلفظ : عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الرجل إذا نزع ثمرة من الجنّة عادت مكانها أخرى». قال الهيثمي : رواه الطبراني والبزّار.

(٦) مجمع البيان ١ : ١٣٢.

(٧) التبيان ١ : ١٠٩.

٢٤٧

مُتَشابِهاً) قال : متشابها في اللون مختلفا في الطعم. مثل الخيار من القثاء (١).

[٢ / ٧٥٠] وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في قوله : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) قال : يشبه بعضه بعضا ويختلف الطعم (٢).

الثالث : أنّه يشبه بعضه بعضا في اللون والطعم :

[٢ / ٧٥١] أخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله : (مُتَشابِهاً) قال : اللّون والطعم (٣).

الرابع : بأنّ ثمار الجنّة يشبه ثمار الدنيا في الصفات أو الأسماء :

[٢ / ٧٥٢] أخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) قال : يشبه ثمر الدنيا غير أنّ ثمر الجنّة أطيب (٤).

[٢ / ٧٥٣] وقال عكرمة في قوله : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) : يشبه ثمر الدنيا ويباينه في جلّ الصفات (٥).

[٢ / ٧٥٤] وقال ابن زيد والأشجعي : إنّ التشابه في الأسماء دون الألوان والطعوم فلا يشبه ثمار الجنّة شيء من ثمار الدنيا في لون ولا طعم (٦).

[٢ / ٧٥٥] وأخرج مسدّد وهنّاد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في

__________________

(١) الدرّ ١ : ٩٦ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٢٦١ / ٢٤ ؛ الطبري ١ : ٢٥٠ / ٤٤٠.

(٢) الطبري ١ : ٢٥٠ / ٤٣٩ ؛ ابن كثير ١ : ٦٦ ، نقلا عن الربيع بن أنس عن أبي العالية ، قال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد والربيع بن انس والسّدّي نحو ذلك ؛ البخاري ٤ : ٨٥ ، نقلا عن أبي العالية ، كتاب بدء الخلق ، باب ٨ (في صفة الجنّة وأنّها مخلوقة).

(٣) الطبري ١ : ٢٥٠ / ٤٤١ ، و ٤٤٢ نقلا عن مجاهد ويحيى بن سعيد مثله ؛ أبو الفتوح ١ : ١٧٢ ، وهو قول عبد الله بن مسعود وجماعة منهم ابن عبّاس وروي عن السّدّي.

(٤) الطبري ١ : ٢٥١ / ٤٤٣ ؛ البغوي ١ : ٩٥ ، نقلا عن محمّد بن كعب ؛ عبد الرزّاق ١ : ٢٦١ / ٢٢ ؛ مجمع البيان ١ : ١٣٢٣ ، نقلا عن عكرمة ؛ ابن كثير ١ : ٦٦ ، نقلا عن عكرمة.

(٥) القرطبي ١ : ٢٤٠ ؛ ابن كثير ١ : ٦٦ ، بلفظ : قال عكرمة : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) قال : يشبه ثمر الدنيا غير أنّ ثمر الجنّة أطيب. مجمع البيان ١ : ١٣٢ ، بنحو ما رواه ابن كثير.

(٦) التبيان ١ : ١٠٩.

٢٤٨

البعث عن ابن عبّاس قال : ليس في الدنيا ممّا في الجنّة شيء إلّا الأسماء (١).

[٢ / ٧٥٦] وأخرج الديلمي عن عمر : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «في طعام العرس مثقال من ريح الجنّة» (٢).

[٢ / ٧٥٧] وأخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق ابن حيوة عن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان قال : بينا أسير في أرض الجزيرة إذ مررت برهبان وقسيسين وأساقفة ، فسلّمت فردّوا السّلام فقلت : أين تريدون؟ فقالوا : نريد راهبا في هذا الدير ، نأتيه في كلّ عام ، فيخبرنا بما يكون في ذلك العام لمثله من قابل ، فقلت : لآتينّ هذا الراهب فلأنظرنّ ما عنده ـ وكنت معنيّا بالكتب ـ فأتيته وهو على باب ديره ، فسلّمت فردّ السّلام ، ثمّ قال : ممّن أنت؟ فقلت : من المسلمين ، قال : أمن أمّة محمّد؟ فقلت : نعم. فقال : من علمائهم أنت أم من جهّالهم؟ قلت : ما أنا من علمائهم ولا أنا من جهّالهم ، قال : فإنّكم تزعمون أنّكم تدخلون الجنّة فتأكلون من طعامها ، وتشربون من شرابها ، ولا تبولون ولا تتغوّطون ، قلت : نحن نقول ذلك وهو كذلك ، قال : فإنّ له مثلا في الدنيا فأخبرني ما هو؟ قلت : مثله كمثل الجنين في بطن أمّه إنّه يأتيه رزق الله في بطنها ولا يبول ولا يتغوّط. قال : فتربّد وجهه ، ثمّ قال لي : أما أخبرتني أنّك لست من علمائهم! قلت : ما كذبتك ، قال : فإنّكم تزعمون أنّكم تدخلون الجنّة فتأكلون من طعامها ، وتشربون من شرابها ، ولا ينقص ذلك منها شيئا! قلت : نحن نقول ذلك وهو كذلك ، قال : فإنّ له مثلا في الدنيا فأخبرني ما هو؟ قلت : مثله في الدنيا كمثل الحكمة ، لو تعلّم منها الخلق أجمعون لم ينقص ذلك منها شيئا ، فتربّد وجهه ، ثمّ قال : أما أخبرتني أنّك لست من علمائهم؟ قلت : ما كذبتك ما أنا من علمائهم ، ولا من جهّالهم (٣).

قوله تعالى : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ)

[٢ / ٧٥٨] أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصحّحه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد

__________________

(١) الدرّ ١ : ٩٦ ؛ الزهد لهنّاد ١ : ٤٩ / ٣ ؛ الطبري ١ : ٢٥١ / ٤٤٥ ؛ البعث والنشور : ٢١٠ / ٣٣٢ ؛ البغوي ١ : ٩٥ ، وفيه «الأسامي» بدل «الأسماء».

(٢) الدرّ ١ : ٩٦ ؛ فردوس الأخبار ٣ : ١٨٧ / ٤٣٧٥ ؛ كنز العمّال ١٦ : ٣٠٦ / ٤٤٦٢١.

(٣) الدرّ ١ : ٩٧ ؛ ابن عساكر ١٦ : ٣٠٨ للرواية ذيل طويل. ترجمة خالد بن يزيد بن معاوية.

٢٤٩

الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أوّل زمرة تدخل الجنّة وجوههم كالقمر ليلة البدر. والزمرة الثانية أحسن كوكب دريّ في السماء لكلّ امرئ منهم زوجتان ، على كلّ زوجة سبعون حلّة ، يرى مخّ ساقهنّ من وراء الحلل» (١).

[٢ / ٧٥٩] وأخرج أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إنّ أدنى أهل الجنّة منزلة الّذي له ثمانون ألف خادم ، واثنتان وسبعون زوجة ، وتنصب له قبة من لؤلؤ وياقوت وزبرجد ، كما بين الجابية وصنعاء» (٢).

[٢ / ٧٦٠] وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والبيهقي في البعث عن أبي هريرة أنّهم تذاكروا : الرجال أكثر في الجنّة أم النساء؟ فقال : ألم يقل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما في الجنّة أحد إلّا له زوجتان. إنّه ليرى مخّ ساقهما من وراء سبعين حلّة ، ما فيها عزب» (٣).

[٢ / ٧٦١] وأخرج الترمذي وصحّحه والبزّار عن أنس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «يزوّج العبد في الجنة سبعين زوجة! فقيل : يا رسول الله يطيقها؟ قال : يعطى قوّة مائة» (٤).

__________________

(١) الدرّ ١ : ٩٨ ؛ المصنّف ٨ : ٧٨ / ٦٤ ؛ مسند أحمد ٣ : ١٦ ، وفيه : يرى مخّ ساقها من وراء لحومها ودمها وحللها ؛ الترمذي ٤ : ٨٤ / ٢٦٥٧ ، باب ٥ ، أبواب صفة الجنّة ؛ البعث والنشور : ١٩٧ / ٣٠٠ ، باب : ما جاء في لباس أهل الجنّة و... وفيه : «الخال» بدل قوله «الحلل» ؛ كنز العمّال ١٤ : ٤٧١ / ٣٩٣٠٢.

(٢) الدرّ ١ : ٩٨ ؛ مسند أحمد ٣ : ٧٦ ؛ الترمذي ٤ : ٩٨ / ٢٦٨٧ ، باب ٢٢ ، أبواب صفة الجنّة ؛ ابن حبّان ١٦ : ٤١٤ ـ ٤١٥ / ٧٤٠١ ، كتاب أخباره عن مناقب الصحابة ، باب ٥ ؛ كنز العمّال ١٤ : ٤٧٦ / ٣٩٣٢٧ ؛ ابن كثير ٤ : ٣٠٠ ـ ٣٠١ ، سورة الرحمان ، الآية ٧٢.

(٣) الدرّ ١ : ٩٨ ؛ مسند أحمد ٢ : ٢٣٠ ، بلفظ : حدّثنا أيّوب عن محمّد قال : أما تفاخروا وأما تذاكروا : الرجال أكثر أم النساء؟ فقال أبو هريرة : أو لم يقل أبو القاسم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ أوّل زمرة تدخل الجنّة على صورة القمر ليلة البدر والّتي تليها على أضواء كوكب درّيّ في السماء ، لكلّ امرئ منهم زوجتان ثنتان يرى مخّ ساقهما من وراء اللحم ، وما في الجنّة أعزب» ؛ البخاري ٤ : ٨٨ ، كتاب بدء الخلق ، باب ٨ ؛ مسلم ٨ : ١٤٥ ـ ١٤٦ ، كتاب الجنّة وصفة نعيمها وأهلها ، باب أوّل زمرة تدخل الجنّة ، بنحو ما رواه أحمد ؛ البعث والنشور : ٢١٢ ـ ٢١٣ / ٣٣٥ ، باب ما جاء في صفة الحور العين و... ؛ ابن حبّان ١٦ : ٤٣٦ ـ ٤٣٧ / ٧٤٢٠ ، كتاب أخباره عن مناقب الصحابة ، باب ٥ ، قريب لما رواه أحمد.

(٤) الدرّ ١ : ٩٨ ؛ الترمذي ٤ : ٨٤ / ٢٦٥٩ ، أبواب صفة الجنّة ، باب ٦ (باب ما جاء في صفة جماع أهل الجنّة) ؛ مختصر زوائد مسند البزّار ٢ : ٤٨٥ / ٢٢٦٧ ؛ مجمع الزوائد ١٠ : ٤١٧ ، كتاب أهل الجنة ، باب في أكل أهل الجنّة وشربهم وشهواتهم.

٢٥٠

[٢ / ٧٦٢] وأخرج ابن السكن في المعرفة وابن عساكر في تاريخه عن حاطب بن أبي بلتعة : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «يزوّج المؤمن في الجنّة اثنتين وسبعين زوجة ، سبعين من نساء الآخرة واثنتين من نساء الدنيا». (١)

[٢ / ٧٦٣] وأخرج ابن ماجة بإسناده عن هشام بن خالد وابن عديّ في الكامل والبيهقي في البعث عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما من أحد يدخله الله الجنّة إلّا زوّجه اثنتين وسبعين زوجة ، اثنتين من الحور العين وسبعين من ميراثه من أهل النار ، ما منهنّ واحدة إلّا ولها قبل شهيّ ، وله ذكر لا ينثني»!

قال هشام بن خالد : من ميراثه من أهل النار ، يعني : رجالا دخلوا النار فورث أهل الجنّة نساءهم كما ورّثت امرأة فرعون (٢).

[٢ / ٧٦٤] وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ أدنى أهل الجنّة منزلة من له سبع درجات وهو على السادسة ، وفوقه السابعة ، وإنّ له لثلاثمائة خادم ، ويغدى عليه كلّ يوم ويراح بثلاثمائة صحفة من ذهب ، في كلّ صحفة لون ليس في الأخرى ، وإنّه ليلذّ أوّله كما يلذّ آخره ، وإنّه ليقول : يا ربّ لو أذنت لي لأطعمت أهل الجنّة وسقيتهم لم ينقص ممّا عندي شيء ، وإنّ له من الحور العين لاثنتين وسبعين زوجة ، وإنّ الواحدة منهنّ لتأخذ مقعدتها قدر ميل من الأرض». (٣)

[٢ / ٧٦٥] وأخرج البيهقي في البعث عن أبي عبد الله بن أبي أوفى قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الرجل من أهل الجنّة ليزوّج خمسمائة حوراء ، وأربعة آلاف بكر ، وثمانية آلاف ثيّب ، يعانق كلّ واحدة منهنّ مقدار عمره من الدنيا» (٤).

[٢ / ٧٦٦] وأخرج أبو الشيخ ، وأبو نعيم في صفة الجنّة عن ابن أبي أوفى قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يزوّج كلّ رجل من أهل الجنّة بأربعة آلاف بكر ، وثمانية آلاف أيّم ، ومائة حوراء.

__________________

(١) الدرّ ١ : ٩٩ ؛ ابن عساكر ٣٤ : ٢٨١ ـ ٢٨٢ ، باختلاف ، في ترجمة : عبد الرحمان بن حاطب بن أبي بلتعة.

(٢) الدرّ ١ : ٩٩ ؛ ابن ماجة ٢ : ١٤٥٢ / ٤٣٣٧ ، باب ٣٩ ، كتاب الزهد ، باب صفة الجنّة ؛ الكامل لابن عديّ ٣ : ١١ ، باب من اسمه خالد ، البعث والنشور : ٢٢٢ / ٣٦٧ ، باب ما جاء في صفة الحور العين و... ؛ كنز العمّال ١٤ : ٤٧٤ / ٣٩٣١٧.

(٣) الدرّ ١ : ٩٩ ؛ مسند أحمد ٢ : ٥٣٧ ؛ مجمع الزوائد ١٠ : ٤٠٠ ؛ ابن كثير ٤ : ١٤٥ ، سورة الزخرف ، الآية ٧١.

(٤) الدرّ ٢ : ٢١٥ (ط : مركز حجر) ؛ البعث والنشور : ٢٢٤ / ٣٧٣ ، باب ما جاء في صفة الحور العين و....

٢٥١

فيجتمعن في كلّ سبعة أيّام فيقلن بأصوات حسان لم يسمع الخلائق بمثلهنّ : نحن الخالدات فلا نبيد ، ونحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، ونحن المقيمات فلا نظعن ، طوبى لمن كان لنا وكنّا له» (١).

[٢ / ٧٦٧] وأخرج أحمد والبخاري عن أنس أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «غدوة في سبيل الله أو روحة ، خير من الدنيا وما فيها ، ولقاب قوس أحدكم في الجنّة خير من الدنيا وما فيها ، ولو أنّ امرأة من نساء أهل الجنّة أطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحا ، ولنصيفها على رأسها ـ يعني الخمار ـ خير من الدنيا وما فيها» (٢).

[٢ / ٧٦٨] وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنّة عن ابن عبّاس قال : لو أنّ امراة من نساء أهل الجنّة بصقت في سبعة أبحر كانت تلك الأبحر أحلى من العسل (٣).

[٢ / ٧٦٩] وأخرج أحمد في الزهد عن عمر بن الخطّاب قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «لو أطلعت امرأة من نساء أهل الجنّة إلى الأرض لملأت الأرض ريح مسك» (٤).

[٢ / ٧٧٠] وأخرج ابن أبي شيبة وهنّاد بن السّريّ عن كعب قال : لو أنّ امرأة من أهل الجنّة أطلعت كفّها لأضاء ما بين السماء والارض (٥).

[٢ / ٧٧١] وأخرج أبو يعلى والطبراني وابن عديّ في الكامل والبيهقي في البعث عن أبي أمامة :

__________________

(١) الدرّ ١ : ٩٩ ؛ كنز العمّال ١٤ : ٤٨٨ ـ ٤٨٩ / ٣٩٣٧٦ ، نقلا عن أبي الشيخ في العظمة.

(٢) الدرّ ١ : ٩٩ ؛ مسند أحمد ٣ : ١٤١ ؛ البخاري ٧ : ٢٠٤ ، كتاب الرقاق ، باب ٥١ (صفة الجنّة والنار) ؛ الترمذي ٣ : ١٠٠ ـ ١٠١ / ١٦٩٩ ، باب ١٧ ، أبواب فضائل الجهاد ، قال الترمذي : هذا حديث صحيح ؛ كنز العمّال ٤ : ٣٠٤ / ١٠٦١٦ ؛ ابن كثير ٤ : ٢٩٨ ـ ٢٩٩ ؛ البغوي ١ : ٩٧ / ٤٢ ؛ صفة الجنّة لابن أبي الدنيا : ٨٨ / ٢٨١ ، بلفظ : قال : لو أنّ امرأة من نساء أهل الجنّة أطلعت من السماء لسدّ ضوؤها ضوء الشمس ولوجد ريحها من بين الخافقين ولنصيفها خير من الدنيا وما فيها.

(٣) الدرّ ١ : ٩٩ ؛ صفة الجنّة لابن أبي الدنيا : ٩٠ ـ ٩١ / ٢٩٣.

(٤) الدرّ ١ : ٩٩ ؛ الزهد : ٢٨٦ / ١٠٢٩ ، (زهد سعيد بن عامر).

(٥) الدرّ ١ : ٩٩ ـ ١٠٠ ؛ المصنّف ٨ : ٧٢ / ٣٣ ، باب ١ ، كتاب الجنّة ؛ الزهد لهنّاد ١ : ٥٥ / ١٤ ، بلفظ : عن كعب قال : إن امرأة من نساء الجنّة بدا معصمها لأذهب بضوء الشمس.

٢٥٢

أنّ رجلا سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هل يتناكح أهل الجنّة؟ فقال : «دحاما دحاما (١) ... لا منيّ ولا منيّة» (٢).

[٢ / ٧٧٢] وأخرج عبد الرزّاق وعبد بن حميد والأصبهاني في الترغيب عن أبي الدرداء قال : ليس في الجنّة منيّ ولا منيّة ، إنّما يدحمونهنّ دحما (٣).

[٢ / ٧٧٣] وأخرج عبد الرزّاق وعبد بن حميد عن طاووس قال : أهل الجنّة ينكحون النساء ولا يلدن ، ليس فيها منيّ ولا منيّة.

وأخرج عبد الرزّاق وعبد بن حميد عن عطاء الخراساني. مثله (٤).

[٢ / ٧٧٤] وأخرج الضياء المقدسي في صفة الجنّة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «أنّه سئل : أنطأ في الجنّة؟ قال : نعم. والّذي نفسي بيده دحما دحما ... فإذا قام عنها رجعت مطهّرة بكرا» (٥).

[٢ / ٧٧٥] وأخرج البزّار والطبراني والخطيب البغداديّ في تاريخه عن أبي هريرة قال : «قيل : يا رسول الله هل نصل إلى نسائنا في الجنّة؟ فقال : إنّ الرجل ليصل في اليوم إلى مائة عذراء» (٦).

[٢ / ٧٧٦] وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وهنّاد بن السريّ في الزهد والنسائي وعبد بن حميد في مسنده وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن زيد بن أرقم قال : جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «يا أبا القاسم تزعم أنّ أهل الجنّة يأكلون ويشربون؟ فقال : والّذي نفسي بيده إنّ الرجل منهم ليؤتى قوّة مائة رجل منكم في الأكلّ والشرب والجماع والشهوة! قال : فإنّ الّذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة ، والجنّة طاهرة ليس فيها قذر ولا أذى ، فقال

__________________

(١) قال ابن الأثير : في الحديث : «أنّه سئل هل يتناكح أهل الجنّة فيها؟ فقال : نعم دحما وحما.» هو النكاح والوطي بدفع وإزعاج.

(٢) الدرّ ١ : ١٠٠ ؛ الكبير ٨ : ٩٦ / ٧٤٧٩ : الكامل ٣ : ١١ ، باب من اسمه خالد ؛ البعث والنشور : ٢٢٣ / ٣٦٧ ؛ كنز العمّال ١٤ : ٤٨٤ / ٣٩٣٥٨ ، باختلاف ؛ مجمع الزوائد ١٠ : ٤١٦ ـ ٤١٧.

(٣) الدرّ ١ : ١٠١ ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ١١ : ٤٢١ / ٢٠٨٩٠ ، باب الجنّة وصفتها.

(٤) الدرّ ١ : ١٠١ ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ١١ : ٤٢٠ ـ ٤٢١ / ٢٠٨٨٧ و ٢٠٨٨٩ ، باب الجنّة وصفتها.

(٥) الدرّ ١ : ١٠١ ؛ ابن كثير ٤ : ٣١٣ ، سورة الواقعة ؛ ابن حبّان ١٦ : ٤١٥ / ٧٤٠٢.

(٦) الدرّ ١ : ١٠٠ ؛ مختصر زوائد مسند البزّار ٢ : ٤٨٥ / ٢٢٦٦ ، بلفظ : عن أبي هريرة قال : قيل يا رسول الله أنفضي إلى نسائنا في الجنّة؟ قال : إي والّذي نفسي بيده ، إنّ الرجل ليفضي في اليوم الواحد إلى مائة عذراء ؛ الصغير ٢ : ١٢ ـ ١٣ / ٧٩٥ ، باب من اسمه محمّد ؛ الخطيب ١ : ٣٨٨ / ٣٢٠ ؛ ابن كثير ٤ : ٣١٣ ، سورة الواقعة ، الآية ٣٦.

٢٥٣

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حاجتهم عرق يفيض مثل ريح مسك ، فإذا كان ذلك ضمر له بطنه» (١).

[٢ / ٧٧٧] وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم. أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إنّ البول والجنابة عرق يسيل من تحت ذوائبهم إلى أقدامهم مسك» (٢).

[٢ / ٧٧٨] وأخرج وكيع وعبد الرزّاق وهنّاد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن إبراهيم النخعي قال : في الجنّة جماع ما شئت ، ولا ولد. وقال : فيلتفت فينظر النظرة فتنشأ له الشهوة ، ثمّ ينظر النظرة فتنشأ له شهوة أخرى (٣).

[٢ / ٧٧٩] وأخرج أبو يعلى والبيهقي في البعث عن ابن عبّاس قال : «قيل يا رسول الله : أنفضي إلى نسائنا في الجنّة كما نفضي إليهنّ في الدنيا؟ قال : والّذي نفس محمّد بيده إنّ الرجل ليفضي في الغداة الواحدة إلى مائة عذراء» (٤).

[٢ / ٧٨٠] وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة قال : «سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يتناكح أهل الجنّة؟ فقال : نعم. بفرج لا يملّ ، وذكر لا ينثني ، وشهوة لا تنقطع ، دحما دحما» (٥).

[٢ / ٧٨١] وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا والبزّار عن أبي هريرة قال : «سئل

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٠٠ ؛ المصنّف ٨ : ٧٣ / ٤١ ، باب ١ ، كتاب الجنّة ؛ مسند أحمد ٤ : ٣٦٧ ، وفيه : عن زيد بن أرقم ، قال : أتى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجل من اليهود ... ؛ الزهد لهنّاد ١ : ٧٣ / ٦٣ ، باختلاف ؛ النسائي ٦ : ٤٥٤ / ١١٤٧٨ ، كتاب التفسير ، سورة الزخرف ؛ منتخب مسند عبد بن حميد : ١١٣ ـ ١١٤ / ٢٦٣ ، (مسند زيد بن أرقم) ؛ ابن كثير ٢ : ٥٣٦ ، سورة الرعد ، الآية ٣٥ ؛ مجمع الزوائد ١٠ : ٤١٦ ، كتاب أهل الجنّة ، باب في أكل أهل الجنّة وشربهم وشهواتهم ، قال الهيثمي : ورجال أحمد والبزّار رجال الصحيح غير ثمامة بن عقبة وهو ثقة.

(٢) الدرّ ١ : ١٠١ ؛ الأوسط ٧ : ٣٦٥ / ٧٧٤١ ؛ الكبير ٥ : ١٧٨ ـ ١٧٩ / ٥٠١٠ ؛ مجمع الزوائد ١٠ : ٤١٦ ؛ كنز العمّال ١٤ : ٤٨٦ / ٣٩٣٦٨.

(٣) الدرّ ١ : ١٠١ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ٨ : ٧٦ / ٥٧ ، باب ١ ، كتاب الجنّة ، بلفظ : عن أبي ملح قال سمعت إبراهيم يقول : في الجنّة ما شاؤوا ولا ولد ، قال : فينظر النظرة فينشأ له الشهوة ، ثمّ ينظر النظرة فينشأ له شهوة أخرى ؛ الزهد لهنّاد ١ : ٨٨ / ٩١ و ٩٢ ؛ البغوي ١ : ٩٥.

(٤) الدرّ ١ : ١٠٠ ؛ أبو يعلى ٤ : ٣٢٦ / ٢٤٣٦ ؛ البعث والنشور : ٢٢٢ / ٣٦٥ ؛ مجمع الزوائد ١٠ : ٤١٧.

(٥) الدرّ ١ : ١٠٠ ؛ الكبير ٨ : ١٦٠ ، ترجمة : صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر ؛ مجمع الزوائد ١٠ : ٤١٦.

٢٥٤

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هل يمسّ أهل الجنّة أزواجهم؟ قال : نعم. بذكر لا يملّ ، وفرج لا يحفي (١) ، وشهوة لا تنقطع» (٢).

[٢ / ٧٨٢] وأخرج الحرث بن أبي أسامة وابن أبي حاتم عن سليم بن عامر والهيثم الطائي ؛ «أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سئل عن البضع في الجنّة؟ قال : نعم بقبل شهيّ ، وذكر لا يملّ ، وإنّ الرجل ليتكئ فيها المتكأ مقدار أربعين سنة ، لا يتحوّل عنه ولا يملّه ، يأتيه فيه ما اشتهته نفسه ولذّت عينه» (٣).

[٢ / ٧٨٣] وأخرج البيهقي في البعث وابن عساكر في تاريخه عن خارجة العذري قال : سمعت رجلا بتبوك قال : «يا رسول الله أيباضع أهل الجنّة؟ قال : يعطى الرجل منهم من القوّة في اليوم الواحد أفضل من سبعين منكم» (٤).

[٢ / ٧٨٤] وأخرج البزّار والطبراني في الصغير وأبو الشيخ في العظمة عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عادوا أبكارا» (٥).

[٢ / ٧٨٥] وأخرج عبد بن حميد وأحمد بن حنبل في زوائد الزهد وابن المنذر عن عبد الله بن عمرو قال : إنّ المؤمن كلّما أراد زوجته وجدها بكرا (٦).

[٢ / ٧٨٦] وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : طول الرجل من أهل الجنّة تسعون ميلا. وطول المرأة ثلاثون ميلا. ومقعدتها جريب ، وإنّ شهوته لتجري في جسدها سبعين عاما تجد اللّذة! (٧)

قلت : لعلّ امثال هذه الروايات حكايات حيكت تسلية لأرباب العقول السذّج وترويحا لأوار

__________________

(١) أي لا يتعب.

(٢) الدرّ ١ : ١٠٠ ؛ صفة الجنّة لابن أبي الدنيا : ٨٤ / ٢٦٤ ؛ مختصر زوائد مسند البزّار ٢ : ٤٨٤ ـ ٤٨٥ / ٢٢٦٥ ؛ مجمع الزوائد ١٠ : ٤١٧ ؛ كنز العمّال ١٤ : ٦٤٩ / ٣٩٧٧٩.

(٣) الدرّ ١ : ١٠٠ ؛ ابن كثير ٤ : ٢٥٨ ، سورة الطور ، الآية ٢٠.

(٤) الدرّ ١ : ١٠١ ؛ البعث والنشور : ٢٢١ ـ ٢٢٢ / ٣٦٤. مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر ٨ : ٢٨٣ ، باب ١٣٩ ترجمة : ربيعة بن الغاز بن ربيعة ؛ كنز العمّال ١٤ : ٤٨٥ / ٣٩٣٦٢.

(٥) الدرّ ١ : ١٠١ ؛ مختصر زوائد مسند البزّار ٢ : ٤٨٦ / ٢٢٦٨ ؛ الصغير ١ : ٩١ / ٢٤٩ ، باب من اسمه إبراهيم ؛ العظمة ٣ : ١٠٨١ / ٥٨٣ ؛ مجمع الزوائد ١٠ : ٤١٧ ؛ ابن كثير ٤ : ٣١٣ ، سورة الواقعة ؛ القرطبي ١٥ : ٤٥ ، سورة يس.

(٦) الدرّ ١ : ١٠١.

(٧) الدرّ ١ : ١٠١ ؛ المصنّف ٨ : ٧١ / ٢٩ ، باب ١ ، كتاب الجنّة.

٢٥٥

نفوسهم الشهوانيّة العارمة. الأمر الّذي لا يخفى على النابه البصير! وسنذكر ملاحظتنا حول ما يحتمل التأويل منها.

[٢ / ٧٨٧] وأخرج أحمد والترمذي وحسّنه وابن ماجة وابن أبي داوود في البعث عن معاذ بن جبل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلّا قالت زوجته من الحور العين : قاتلك الله! فإنّما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا» (١).

قوله تعالى : (مُطَهَّرَةٌ)

[٢ / ٧٨٨] أخرج الحاكم وابن مردويه وصحّحه عن أبي سعيد الخدري عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) قال : «من الحيض والغائط والنخامة والبزاق» (٢).

[٢ / ٧٨٩] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عبّاس في قوله : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) قال : من القذر والأذى (٣).

[٢ / ٧٩٠] وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) قال : لا يحضن ولا يحدثن ولا يتنخّمن (٤).

[٢ / ٧٩١] وأخرج وكيع وعبد الرزّاق وهنّاد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) قال : من الحيض والغائط والبول والنخامة والبزاق والمني والولد (٥).

[٢ / ٧٩٢] وأخرج وكيع وهنّاد عن عطاء في قوله : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) قال : لا يحضن

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٠١ ؛ مسند أحمد ٥ : ٢٤٢ ؛ الترمذي ٢ : ٣٢٠ / ١١٨٤ ، باب ١٩ ، أبواب النكاح ؛ ابن ماجة ١ : ٦٤٩ / ٢٠١٤ ، باب ٦٢ ، كتاب النكاح : باب في المرأة تؤذي زوجها ؛ الكبير ٢٠ : ١١٣ / ٢٢٤ ، ترجمة كثير بن مرّة عن معاذ ؛ كنز العمّال ١٦ : ٣٣٣ ـ ٣٣٤ / ٤٤٧٧٩.

(٢) الدرّ ١ : ٩٧ ؛ ابن كثير ١ : ٦٧.

(٣) الدرّ ١ : ٩٧ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٦٧ / ٢٦٤ ؛ الطبري ١ : ٢٥٣ / ٤٤٩ ، بلفظ : يقول : مطهّرة من القذر والأذى.

(٤) الدرّ ١ : ٩٧ ؛ الطبري ١ : ٢٥٣ / ٤٤٨.

(٥) الدرّ ١ : ٩٨ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٢٦٢ / ٢٦ ، بلفظ : ... قال : لا يبلن ولا يتغوّطن ولا يلدن ولا يحضن ولا يمنين ولا يبزقن ؛ الزهد لهنّاد ١ : ٦٠ / ٢٧ ، باب صفة نساء الجنّة ، وفيه : «البصاق» بدل «البزاق» ؛ الطبري ١ : ٢٥٤ / ٤٥٢ ؛ ابن كثير ١ : ٦٦.

٢٥٦

ولا يمنين ولا يلدن ولا يتغوّطن ولا يبلن ولا يبزقن (١).

[٢ / ٧٩٣] وأخرج عبد الرزّاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) قال : طهّرهن الله من كلّ بول وغائط وقذر ومأثم (٢).

[٢ / ٧٩٤] وقال مقاتل بن سليمان في قوله تعالى : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) خلقن في الجنّة مع شجرها وحللها مطهّرة من الحيض والغائط والبول والأقذار كلّها (وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) لا يموتون (٣).

[٢ / ٧٩٥] وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمان بن زيد في قوله : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) قال : المطهّرة : الّتي لا تحيض ، قال : وأزواج الدنيا لسن بمطهّرة ، ألا تراهن يدمين ويتركن الصلاة والصيام؟ قال ابن زيد : وكذلك خلقت حوّاء حتّى عصت ، فلمّا عصت قال الله : إنّي خلقتك مطهّرة وسأدميك كما أدميت هذه الشجرة (٤).

[٢ / ٧٩٦] وعن الحسن في قوله : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) قال : مطهّرة من الحيض (٥).

[٢ / ٧٩٧] وعنه أيضا قال : هنّ عجائزكم الغمص الرّمص العمش (٦) ، طهّرن من قذارات الدنيا (٧).

[٢ / ٧٩٨] وروى أبو اسحاق الثعلبي عن ثعلب قال : الزوج في اللغة : المرأة والرجل ، والجمع والفرد ، والنوع واللون ، وجمعها أزواج.

__________________

(١) الدرّ ١ : ٩٨ ؛ الزهد لهنّاد ١ : ٦٠ / ٢٨ ، باب صفة نساء الجنّة ، بلفظ : «من الغائط والبول والحيض والولد» ؛ الطبري ١ : ٢٥٥ / ٤٦٠ ، بلفظ : قال : من الولد والحيض والغائط والبول وذكر أشياء من هذا النحو.

(٢) الدرّ ١ : ٩٨ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٢٦٢ / ٢٥ ؛ الطبري ١ : ٢٥٤ / ٤٥٥ ، وفيه : «ومن كلّ مأثم».

(٣) تفسير مقاتل ١ : ٩٤.

(٤) الطبري ١ : ٢٥٤ / ٤٥٨. والإدماء كناية عن رؤيتهنّ دم الحيض.

(٥) المصدر / ٤٥٩.

(٦) الغمص جمع الغمصاء ـ بالصاد المهملة ـ إذا كانت عينها ذات غمص وهو الرمص إذا كان سائلا. والرّمص جمع الرمصاء ـ بالصاد المهملة ـ : إذا كانت عينها ذات رمص وهو وسخ أبيض في مجرى الدمع من العين. والعمش جمع العمشاء : إذا ضعفت عينها مع سيلان دمعها. والقذارات جمع القذارة وهو الوسخ. وفي النسخ : قذرات ، ولعلّه من خطأ النّسّاخ ، إذ لا يجمع القذر بالألف والتاء ، وإنّما جمعه : أقذار.

(٧) الثعلبي ١ : ١٧٢ ؛ البغوي ١ : ٩٥ ؛ مجمع البيان ١ : ١٣٢ ، بلفظ : قال الحسن : هنّ عجائزكم الغمص الرمص العمش طهّرن من قذارات الدنيا.

٢٥٧

(مُطَهَّرَةٌ) من الغائط والبول والحيض والنفاس والمخاط والبصاق والقيء والمني والولد وكلّ قذر ودنس.

وقال إبراهيم النخعي : في الجنّة جماع ما شئت ولا ولد. وقيل : مطهّرة عن مساويء الأخلاق. وقال يمان : مطهّرة من الإثم والأذى.

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يتفلون ولا يتغوّطون ولا يبولون ولا يتمخّطون». قيل : فما بال الطعام؟ قال : «جشأ ورشح تجري من أعرافهم كريح المسك يلهمون التسبيح والتهليل كما يلهمون النفس».

(وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) : دائمون مقيمون لا يموتون فيها ولا يخرجون منها.

الحسن عن ابن عمر قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الجنّة : كيف هي؟ قال : «من يدخل الجنّة يحيى ولا يموت وينعم ولا يبؤس ولا تبلى ثيابه ولا شبابه». قيل : يا رسول الله كيف بناؤها؟ قال : «لبنة من فضّة ولبنة من ذهب ، بلاطها مسك أذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وترابها الزعفران».

وقال يحيى بن أبي كثير : إنّ الحور العين لتنادينّ أزواجهنّ بأصوات حسان ، فيقلن : طالما انتظرناكم ، نحن الراضيات الناعمات الخالدات ، أنتم حبّنا ونحن حبّكم ليس دونكم مقصد ولا وراءكم معذر.

وقال الحسن في هذه الآية : هنّ عجائزكم الغمض الرّمض العمش طهّرن من قذارات الدنيا (١).

[٢ / ٧٩٩] وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) قال : إي والله من الإثم والأذى (٢).

[٢ / ٨٠٠] وعنه أيضا قال : مطهّرة من الحيض والحبل والأذى (٣).

[٢ / ٨٠١] وفي رواية عنه : لا حيض ولا كلف (٤). وروي عن عطاء والحسن والضحّاك وأبي صالح وعطية والسّدّي نحو ذلك (٥).

__________________

(١) الثعلبي ١ : ١٧١ ـ ١٧٢.

(٢) الطبري ١ : ٢٥٤ / ٤٥٤ ؛ ابن كثير ١ : ٦٦ ، بلفظ : قال قتادة : مطهّرة من الأذى والمأثم.

(٣) الطبري ١ : ٢٥٤ / ٤٥٦.

(٤) الكلف : كدرة لون الدم أو الأثر المتبقّى منه.

(٥) ابن كثير ١ : ٦٦.

٢٥٨

[٢ / ٨٠٢] وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : لا يبلن ولا يتغوّطن ولا يمذين (١).

[٢ / ٨٠٣] وعنه أيضا ، قال : لا يبلن ولا يتغوّطن ، ولا يحضن ، ولا يلدن ، ولا يمنين ولا يبزقن (٢).

[٢ / ٨٠٤] وروى ابن بابويه مرسلا ، قال : سئل الإمام الصادق عليه‌السلام عن قوله عزوجل : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) قال : «الأزواج المطهّرة اللّاتي لا يحضن ولا يحدثن» (٣).

[٢ / ٨٠٥] وروي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أهل الجنّة يأكلون ويشربون ولا يبولون ولا يتغوّطون ولا يمتخطون ولا يبزقون ، يلهمون الحمد والتسبيح كما تلهمون النفس ، طعامهم له الجشاء وشرابهم رشح كرشح المسك» (٤).

[٢ / ٨٠٦] وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن ماجة والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أوّل زمرة تلج الجنّة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر ، لا يبصقون فيها ، ولا يمتخطون ولا يتغوّطون ، آنيتهم وأمشاطهم من الذهب والفضّة ، ومجامرهم من الألوّة (٥) ، ورضخهم المسك ، ولكلّ واحد منهم زوجتان يرى مخّ ساقهما من وراء اللحم من الحسن ، لا اختلاف بينهم ولا تباغض ، قلوبهم على قلب رجل واحد. يسبّحون الله بكرة وعشيا» (٦).

__________________

(١) الطبري ١ : ٢٥٣ / ٤٥٠ ، و ٤٥١ عن مجاهد نحوه إلّا أنّه زاد فيه : ولا يمنين ولا يحضن. ملحوظة : ليس للنساء منيّ!

(٢) الطبري ١ : ٢٥٤ / ٤٥٣. القرطبي ١ : ٢٤١ ، بلفظ : ذكر عبد الرزّاق قال : أخبرني الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : مُطَهَّرَةٌ قال : لا يبلن ولا يتغوّطن ولا يلدن ولا يحضن ولا يمنين ولا يبصقن ؛ عبد الرزّاق ١ : ٢٦٢ / ٢٦ ، بلفظ : قال : لا يبلن ولا يتغوّطن ولا يلدن ولا يحضن ولا يمنين ولا يبزقن. تقدّم أن لا منيّ للنساء راجع : التمهيد ٦ : ٦٥ ـ ٧٤.

(٣) البرهان ١ : ١٥٧ / ٦ ؛ من لا يحضره الفقيه ١ : ٨٩ / ١٩٥ ، وفيه : «لم يحضن» بدل «لا يحضن» ؛ العيّاشي ١ : ١٨٧ ـ ١٨٨ / ١١ ، سورة آل عمران ؛ البحار ٨ : ١٣٩ / ٥٢ ؛ القمي ١ : ٣٤ ؛ الصافي ١ : ١٥٣.

(٤) البغوي ١ : ٩٥ / ٣٩ ؛ ابن حبّان ١٦ : ٤٦٢ / ٧٤٣٥ ؛ منتخب مسند عبد بن حميد : ٣١٥ / ١٠٣٠ باختلاف. صحّحنا الحديث على منابع جاءت الإشارة إليها في هامش البغوي. والجشاء : تنّفس المعدة من الامتلاء. أي إنّ طعامهم ليتحوّل إلى جشاء فلا يتغوّطون. كما جاء في رواية أبي نعيم : «وإنّه يصير طعامهم جشاء ، وشرابهم رشح مسك».

(٥) الألوّة : هو العود الّذي يتبخّر به. قال ابن الأثير : وتفتح همزته وتضمّ.

(٦) الدرّ ١ : ٩٨ ؛ المصنّف ٨ : ٧٣ / ٤٣ ، كتاب الجنّة ، باب ١ ؛ مسند أحمد ٢ : ٢٣١ ـ ٢٣٢ ، باختلاف ؛ البخاري ٤ : ٨٦ ، كتاب بدء الخلق ، باب ٨ (ما جاء في صفة الجنّة وأنّها مخلوقة) ؛ مسلم ٨ : ١٤٧ ، كتاب الجنّة ، في صفات الجنّة وأهلها ؛ ابن ماجة ــ ٢ : ١٤٤٩ / ٤٣٣٣ ، كتاب الزهد ، باب ٣٩ ؛ البعث والنشور : ١٩٦ / ٢٩٩ ، باب ما جاء في لباس أهل الجنّة و... ، باختلاف ؛ الترمذي ٤ : ٨٥ / ٢٦٦٠ ، باب ٧ ، أبواب صفة الجنّة.

٢٥٩

ملحوظة

ما نجده من أوصاف جاءت عن أحوال الآخرة ووصف نعيمها وجحيمها ، إنّما هي تمثيلات وتشبيهات تحمل معاني أخر غير ظاهرها ، وهي في عين الواقعيّة تمثّل أمورا تفوق تصوّرات الإنسان وهو على سطح البسيطة ، الأمر الّذي لا يعني أن لا واقعيّة لها ، بل هي حقائق راهنة جاءت في قالب التشبيه والتنظير.

فكما أنّ الماء الغدق يطلق على العلم النافع والهدى الشامل ، إطلاقا شائعا بالمجاز والاستعارة ، مع الحفاظ على واقعيّة المستعار له وأصالته الذاتيّة ، كذلك التعابير المجازيّة عن نعم الآخرة وملاذّها وكذا شدائد عقوباتها ، كانت بالمجاز والكناية ، تشبيها وتنظيرا.

نعم هي حقائق تتحمّل مثل هذه التعابير ، وإن لم تكن بنفس معانيها المعهودة في عالم الدنيا. كما أنّ العلم يتحمّل إطلاق الماء عليه ، إطلاقا بالمناسبة القريبة ، ذاك منشأ أصل الحياة المادّيّة وهذا منشأ ازدهار الحياة المعنويّة ، فتناسبا فصحّ الإطلاق في كلا الجانبين. وإن كان في أصل الوضع اللغويّ ، أحدهما حقيقة بالمواضعة ، والآخر مجازا (استعارة) بالمعارفة والمناسبة القريبة. غير أنّ الإطلاق في كلا الجانبين إطلاق صحيح رائج شائع ، وكلاهما تنبئ عن واقعيّة راهنة لا محيد عنها. وليس هناك تخييل مجرّد في فراغ هائم. كلّا لا خداع ولا رميا في ظلام.

ذكر بعض أساتيدنا أنّ كائنات ماوراء المادّة ليست ممّا تدرك بهذه الحواسّ الّتي خلقت مادّيّة ولأجل إدراك ما يناسبها من المادّيّات ، أمّا الكائنات الّتي تفوق المادّة ، فإنّ هذه الحواسّ ـ وحتّى الحاسّة الذهنيّة ـ تقصر عن إمكان إدراكها وحتّى تصوّرها ، بهذه الآلات والأدوات الّتي خلقت لإدراك ما في هذا العالم المادّي فحسب.

إذن فلا بدّ في تصويرها من اللجوء إلى ضرب من التمثيل والتشبيه ، من قبيل تشبيه غير المادّي بالمادّي بنحو من التمثيل المقرّب إلى الأذهان ، هذا فحسب. فما تلك التعابير عن كائنات ماوراء الغيب سوى استعارات جاءت بالمناسبة ، ومن غير أن تكون تعابير تنمّ عن نفس مفاهيمها المعهودة في عالم المادّة.

٢٦٠