التفسير الأثري الجامع - ج ٢

الشيخ محمّد هادي معرفة

التفسير الأثري الجامع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي معرفة


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التمهيد ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5079-03-6
ISBN الدورة:
978-600-5079-08-1

الصفحات: ٥٦٠

(إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)(١). وليست تشهد الجوارح على مؤمن ، إنّما تشهد على من حقّت عليه كلمة العذاب.

فأمّا المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قال الله عزوجل : (فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً)(٢) وسورة النور أنزلت بعد سورة النساء ، وتصديق ذلك أنّ الله ـ عزوجل ـ أنزل عليه في سورة النساء : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً)(٣) والسبيل الّذي قال الله عزوجل : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(٤)(٥).

[٢ / ٢٣٠] وبإسناده عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «قيل لأمير المؤمنين عليه‌السلام : من شهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان مؤمنا؟ قال : فأين فرائض الله؟».

قال : وسمعته يقول : «كان عليّ عليه‌السلام يقول : لو كان الإيمان كلاما لم ينزل فيه صوم ولا صلاة ولا حلال ولا حرام. قال : وقلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إنّ عندنا قوما يقولون : إذا شهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو مؤمن ، قال : فلم يضربون الحدود ولم تقطع أيديهم؟! وما خلق الله ـ عزوجل ـ خلقا أكرم عليه من المؤمن ، لأنّ الملائكة خدّام المؤمنين وأنّ جوار الله للمؤمنين وأنّ الجنّة للمؤمنين وأنّ الحور العين للمؤمنين ، ثمّ قال : فما بال من جحد الفرائض كان كافرا؟» (٦)

[٢ / ٢٣١] وبإسناده عن سلّام الجعفي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الإيمان ، فقال : «الإيمان أن يطاع الله فلا يعصى» (٧).

__________________

(١) النور ٢٤ : ٢٣ و ٢٤.

(٢) الإسراء ١٧ : ٧٤. فتيلا أي أدنى شيء.

(٣) النساء ٤ : ١٤.

(٤) النور ٢٤ : ١ و ٢.

(٥) الكافي ٢ : ٢٨ ـ ٣٣ / ١.

(٦) المصدر : ٣٣ / ٢.

(٧) المصدر : ٣٣ / ٣.

١٠١

قوله تعالى : (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)

وقد تكلّمنا عن الإيمان بالغيب فيما سبق عند تفسير الآية إجماليّا ، وذكرنا أنّه الإيمان بمطلق الغيب وأنّ هناك وراء عالمنا المحسوس عالما ملؤه الحيويّة والكمال ، وأنّ ما في عالمنا هذا هي رشحة من ذاك الملكوت الأعلى. ولو لا هذا الإيمان ، لم يمكن قبول وحي ولا الإذعان بشريعة السماء وتصديق الأنبياء ، فهو الأساس المكين لسائر المعتقدات فيما يعود إلى ما وراء الحسّ المشهود.

وإليك الآن ما روي بشأن الغيب والإيمان به من أحاديث السلف :

[٢ / ٢٣٢] قال الرمّاني : الغيب خفاء الشيء عن الحسّ قرب أم بعد ، إلّا أنّه قد كثرت صفة الغائب على البعيد الّذي لا يظهر للحسّ (١).

[٢ / ٢٣٣] وجاء في التفسير المنسوب إلى الإمام أبي محمّد العسكري عليه‌السلام في قوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) قال الإمام عليه‌السلام : «وصف هؤلاء المؤمنين الّذين هذا الكتاب هدى لهم فقال : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) يعني ما غاب عن حواسّهم من الأمور الّتي يلزمهم الإيمان بها كالبعث والحساب والجنّة والنّار وتوحيد الله ، وسائر ما لا يعرف بالمشاهدة ، وإنّما يعرف بدلائل قد نصبها الله تعالى عليها كآدم وحوّاء وإدريس ونوح وإبراهيم والأنبياء الّذين يلزمهم الإيمان بهم بحجج الله تعالى وإن لم يشاهدوهم ، ويؤمنون بالغيب (وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ)» (٢)(٣).

[٢ / ٢٣٤] وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) قال : هم المؤمنون قال : والايمان التصديق والغيب ما غاب عن العباد من أمر الجنّة والنار ، وما ذكر الله في القرآن لم يكن تصديقهم بذلك من قبل أصحاب الكتاب أو علم كان عندهم (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) هم المؤمنون من أهل الكتاب ، ثمّ جمع الفريقين فقال : (أُولئِكَ عَلى هُدىً) الآية (٤).

__________________

(١) التبيان ١ : ٥٥ ؛ مجمع البيان ١ : ٨٦.

(٢) الجاثيه ٤٥ : ٢٤.

(٣) البرهان ١ : ١٣١ ـ ١٣٢ / ١١ ؛ تفسير الإمام : ٦٧ ـ ٦٨ / ٣٤ ؛ البحار ٦٥ : ٢٨٥ / ٤٢.

(٤) الدرّ ١ : ٦٤ ؛ الطبري ١ : ١٥١ / ٢٢٩ و ١٤٩ ـ ١٥٠ / ٢٢٥ ؛ ابن كثير ١ : ٤٣ ، بلفظ «وقال السّدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عبّاس وعن مرّة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أمّا الغيب فما غاب عن العباد ــ من أمر الجنّة وأمر النّار وما ذكر في القرآن» ؛ التبيان ١ : ٥٥ ، بلفظ : «قال جماعة من الصحابة كابن مسعود وغيره : إنّ الغيب ما غاب عن العباد علمه

١٠٢

[٢ / ٢٣٥] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) قال : بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر وجنّته وناره ولقائه والحياة بعد الموت (١).

[٢ / ٢٣٦] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) قال :

آمنوا بالبعث بعد الموت والحساب والجنّة والنّار وصدّقوا بموعود الله الّذي وعد في هذا القرآن (٢).

[٢ / ٢٣٧] وأخرج الطستيّ في مسائله عن ابن عبّاس أنّ نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عزوجل : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) قال : ما غاب عنهم من أمر الجنّة والنّار. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم. أما سمعت أبا سفيان بن الحرث يقول :

وبالغيب آمنّا وقد كان قومنا

يصلّون للأوثان قبل محمّد (٣)

[٢ / ٢٣٨] وقال ابن عبّاس : الغيب هاهنا كلّ ما أمرت بالإيمان به فيما غاب عن بصرك من الملائكة والبعث والجنّة والنّار والصّراط والميزان (٤).

[٢ / ٢٣٩] وقال عطاء بن أبي رباح : من آمن بالله فقد آمن بالغيب (٥).

[٢ / ٢٤٠] وقال الحسن في قوله : بالغيب : الآخرة (٦).

[٢ / ٢٤١] وقال إسماعيل بن أبي خالد : بغيب الإسلام (٧).

[٢ / ٢٤٢] وقال زيد بن أسلم : بالقدر (٨).

__________________

من أمر الجنّة والنّار والأرزاق والأعمال وغير ذلك» ؛ مجمع البيان ١ : ٨٦ ، بلفظ : «قيل : بما غاب عن العباد علمه ـ عن ابن مسعود وجماعة من الصحابة ـ وهذا أولى لعمومه» ؛ أبو الفتوح ١ : ١١٠.

(١) الدرّ ١ : ٦٤ ؛ الطبري ١ : ١٥٠ / ٢٢٨ ، عن الربيع بن أنس ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٣٦ / ٦٧ ، بلفظ : «قال : يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وجنّته وناره ولقائه ويؤمنون بالحياة بعد الموت وبالبعث. فهذا غيب كلّه» ؛ ابن كثير ١ : ٤٣ ؛ أبو الفتوح ١ : ١٠٣ ، باختلاف يسير ؛ الثّعلبي ١ : ١٤٧.

(٢) الدرّ ١ : ٦٤ ؛ الطبري ١ : ١٥٠ / ٢٢٧ ، بلفظ : «عن قتادة في قوله : الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ قال : آمنوا بالجنّة والنّار والبعث بعد الموت وبيوم القيامة وكلّ هذا غيب».

(٣) الدرّ ١ : ٦٤ ـ ٦٥.

(٤) البغوي ١ : ٨٤.

(٥) ابن كثير ١ : ٤٣ ؛ أبو الفتوح ١ : ١٠٣ ؛ الثعلبي ١ : ١٤٧.

(٦) البغوي ١ : ٨٤ ؛ أبو الفتوح ١ : ١٠٤ ؛ الثعلبي ١ : ١٤٧.

(٧) ابن كثير ١ : ٤٣.

(٨) ابن كثير ١ : ٤٣ ؛ البغوي ١ : ٨٤ ، عن ابن كيسان.

١٠٣

[٢ / ٢٤٣] وقال مقاتل بن سليمان ، في قوله : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) يعني يؤمنون بالقرآن أنّه من الله ـ تعالى ـ جاء وهو أنزله على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيحلّون حلاله ويحرّمون حرامه ويعملون بما فيه (١).

[٢ / ٢٤٤] وعن عاصم عن زرّ قال : الغيب : القرآن (٢).

[٢ / ٢٤٥] وعن زرّ بن حبيش وابن جريج : الوحي (٣).

[٢ / ٢٤٦] وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عبّاس في قوله : (بِالْغَيْبِ) قال : بما جاء منه يعني من الله (٤).

[٢ / ٢٤٧] وعن الكلبي : كلّ ما لم يأت من القرآن ، فهو غيب (٥).

[٢ / ٢٤٨] وأخرج الثعلبي عن عبد الله بن هاني : هو ما غاب عنهم من علوم القرآن (٦).

***

وهناك روايات وردت قد تبدو غريبة ، ولكنّها بالتطبيق على بعض الأهمّ من المصاديق أشبه فلا تغفل. وإليك منها :

[٢ / ٢٤٩] ما رواه أبو جعفر الصدوق بإسناده إلى عمر بن عبد العزيز بن أبي بشّار ـ هو أبو حفص المعروف بزحل ، عربيّ بصريّ مخلّط ـ عن غير واحد من أصحابنا عن داوود بن كثير الرقّي عن أبى عبد الله عليه‌السلام «في قول الله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) قال : من أقرّ بقيام القائم عليه‌السلام أنّه حقّ» (٧).

[٢ / ٢٥٠] وبإسناده إلى عليّ بن أبي حمزة سالم البطائني ـ أحد عمد الواقفة ـ قال عليّ بن الحسن بن فضّال : عليّ بن أبي حمزة ـ متّهم ـ عن يحيى بن أبي القاسم قال : «سألت الصادق جعفر بن محمّد عليه‌السلام عن قول الله ـ عزوجل ـ : (الم. ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ

__________________

(١) تفسير مقاتل ١ : ٨١.

(٢) الطبري ١ : ١٥٠ / ٢٢٦ ؛ الثعلبي ١ : ١٤٧ ، عن عاصم.

(٣) البغوي ١ : ٨٤ ؛ أبو الفتوح ١ : ١٠٣ ، عن ابن جريج ؛ الثعلبي ١ : ١٤٧.

(٤) الدرّ ١ : ٦٤ ؛ الطبري ١ : ١٤٩ / ٢٢٤ ؛ ابن كثير ١ : ٤٣ ؛ مجمع البيان ١ : ٨٦ ، بلفظ : «بما جاء من عند الله».

(٥) أبو الفتوح ١ : ١٠٣ ؛ الثعلبي ١ : ١٤٧ ، بلفظ : «بما نزل من القرآن وبما لم يجىء بعد».

(٦) الثعلبي ١ : ١٤٧.

(٧) كمال الدّين : ١٧ و ٣٤٠ / ١٩.

١٠٤

يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) فقال : المتّقون شيعة عليّ والغيب هو الحجّة الغائب ، وشاهد ذلك قول الله ـ عزوجل ـ : (وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)(١) فأخبر ـ عزوجل ـ أنّ الآية هي الغيب ، والغيب هو الحجّة. وتصديق ذلك قول الله ـ عزوجل ـ : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً)(٢) يعني حجّة» (٣).

والرواية مضطربة المفاد ، فضلا عن ضعف السند.

وأمّا تفسير المتّقين بشيعة عليّ ـ كما في روايات أخرى أيضا ـ فيحمل على إرادة أشياع عليّ عليه‌السلام الصادقين. لأنّ شيعته المخلصين هم المتّقون حقّا ، باتّباع من دارت عليه رحى الدّين وكان يعسوب المؤمنين.

[٢ / ٢٥١] وروى عليّ بن محمّد الخزّاز القمي (الرّازي) بإسناده إلى واثلة بن الأسقع عن جابر بن عبد الله الأنصاري ـ في حديث طويل ـ قال : دخل جندل بن جنادة اليهوديّ من خيبر (٤) على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسأله عن مسائل ، ثمّ عرض رؤيا رآه البارحة وأنّ موسى بن عمران أمره أن يسلم على يد محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويستمسك بالأوصياء من بعده ، وجعل يسأل عن أسمائهم وأوصافهم ، وأنّه يدرك خمسة منهم ، والخامس هو عليّ بن الحسين عليه‌السلام يدركه عند ولادته!

ثمّ قال جندل : وجدت في التّوراة «أليا ، يقطو ، شبّر ، شبير» ، وسأل عن باقي الأئمة ، فسمّاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى أتى على الثّاني عشر ، فلم يسمّه ، وأنّه يغيب غيبة طويلة ، وقال : طوبى للصّابرين في غيبته ، طوبى للمقيمين على محجّتهم ، أولئك وصفهم الله في كتابه وقال : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) ، وقال : (أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(٥).

قال ابن الأسقع : ثمّ عاش جندل بن جنادة إلى أيّام الحسين بن عليّ عليه‌السلام ثمّ خرج إلى الطائف. فحدّثني نعيم بن أبي قيس قال : دخلت عليه بالطائف وهو عليل ، ثمّ دعا بشربة من لبن فشربه وقال : هكذا عهد إليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن. ثمّ مات ودفن بالطائف

__________________

(١) يونس ١٠ : ٢٠.

(٢) المؤمنون ٢٣ : ٥٠.

(٣) كمال الدّين : ١٧ ـ ١٨.

(٤) لم يعرف! وأهملته كتب التراجم ، وكذا أصحاب السير والتواريخ!

(٥) المجادلة ٥٨ : ٢٢.

١٠٥

في الموضع المعروف بالكوراء (١).

وهنا تنظّر المجلسي في هذا الخبر ، حيث مواضع التنافي فيه. إذ كانت ولادة الإمام زين العابدين عليه‌السلام في أواخر أيّام الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام وغير ذلك ممّا يجعل هذا الخبر غريبا. راجع بيانه حول هذا الخبر في بحار أنواره (٢).

***

[٢ / ٢٥٢] وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن منده وأبو نعيم كلاهما في معرفة الصّحابة عن نويلة بنت أسلم قالت : صلّيت الظهر أو العصر في مسجد بني حارثة ، فاستقبلنا مسجد إيلياء (٣) فصلّينا سجدتين ثمّ جاءنا من يخبرنا أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد استقبل البيت الحرام ، فتحوّل الرجال مكان النساء ، والنساء مكان الرجال ، فصلّينا السجدتين الباقيتين ، ونحن مستقبلو البيت الحرام. فبلغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك فقال : «أولئك قوم آمنوا بالغيب» (٤).

[٢ / ٢٥٣] وأخرج سفيان بن عيينة وسعيد بن منصور وأحمد بن منيع في مسنده وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصحّحه وابن مردويه عن الحرث بن قيس ، أنّه قال لابن مسعود : عند الله يحتسب ما سبقتمونا به يا أصحاب محمّد من رؤية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم! فقال ابن مسعود : عند الله يحتسب إيمانكم بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم تروه! إنّ أمر محمّد كان بيّنا لمن رآه ، والّذي لا إله غيره ، ما آمن أحد أفضل من إيمان بغيب. ثمّ قرأ : (الم. ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) إلى قوله : (الْمُفْلِحُونَ)(٥).

__________________

(١) كفاية الأثر : ٦٠. وفي الطبعة القديمة : ٨ ـ ٩. وفي المطبوعة مع ثلاث كتب : ٢٨٩.

(٢) البحار ٣٦ : ٣٠٦.

(٣) أي البيت المقدّس وإيلياء اسم مدينة القدس.

(٤) الدرّ ١ : ٦٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٣٧ / ٧٣ ، باختلاف يسير ؛ الكبير ٢٥ : ٤٣ / ٨٢ ، باختلاف يسير ؛ معرفة الصحابة لأبي نعيم ٦ : ٣٢٨٢ رقم الترجمة ٣٨٠٨ و ٧٥٤٨ ؛ ابن كثير ١ : ٤٤ ؛ مجمع الزوائد ٢ : ١٤ ، كتاب الصلاة ، باب القبلة.

(٥) الدرّ ١ : ٦٥ ؛ سنن سعيد بن منصور ٢ : ٥٤٥ / ١٨١ ؛ الحاكم ٢ : ٢٦٠ ؛ والقرطبي ١ : ١٥٤ و ١٦٣. بلفظ : «عن الأعمش عن عمّارة عن حريث بن ظهير عن عبد الله قال : ما آمن مؤمن أفضل من إيمان بغيب ؛ ثمّ قرأ : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) ؛ ابن كثير ١ : ٤٣ ـ ٤٤ ، باختصار ؛ البغوي ١ : ٨٤ ؛ الثعلبي ١ : ١٤٧.

١٠٦

[٢ / ٢٥٤] وأخرج البزّار وأبو يعلى والمرهبي في فضل العلم والحاكم وصحّحه عن ابن الخطاب قال : كنت جالسا مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «أنبئوني بأفضل أهل الإيمان إيمانا؟ قالوا : يا رسول الله ، الملائكة؟ قال : هم كذلك ، ويحقّ لهم ، وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة الّتي أنزلهم بها. قالوا : يا رسول الله ، الأنبياء الّذين أكرمهم الله برسالاته والنبوّة! قال : هم كذلك ، ويحقّ لهم ، وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة الّتي أنزلهم بها. قالوا : يا رسول الله ، الشهداء الّذين استشهدوا مع الأنبياء! قال : هم كذلك ، ويحقّ لهم ، وما يمنعهم وقد أكرمهم الله بالشهادة مع الأنبياء. بل غيرهم. قالوا : فمن يا رسول الله؟! قال : أقوام في أصلاب الرجال ، يأتون من بعدي ، يؤمنون بي ولم يروني ، ويصدّقوني ولم يروني ، يجدون الورق المعلّق فيعملون بما فيه ، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانا» (١).

[٢ / ٢٥٥] وأخرج الحسن بن عروة في «جزئه» المشهور والبيهقي في الدّلائل والأصبهاني في الترغيب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أيّ الخلق أعجب إليكم إيمانا؟ قالوا : الملائكة. قال : وما لهم لا يؤمنون ، وهم عند ربّهم! قالوا : فالأنبياء. قال : فما لهم لا يؤمنون ، والوحي ينزل عليهم! قالوا : فنحن. قال : وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم ، ألا إنّ أعجب الخلق إليّ إيمانا لقوم يكونون من بعدكم يجدون صحفا فيها كتاب يؤمنون بما فيه» (٢).

[٢ / ٢٥٦] وأخرج الطبراني عن ابن عبّاس قال : أصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما فقال : «ما من ماء ما من ماء؟ قالوا : لا. قال : فهل من شنّ؟ فجاؤوا بالشنّ (٣) ، فوضع بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ووضع يده عليه ثمّ فرق أصابعه ، فنبع الماء مثل عصا موسى من بين أصابع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : يا بلال اهتف بالناس بالوضوء ، فأقبلوا يتوضّأون من بين أصابع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكانت همّة ابن مسعود الشرب ، فلمّا توضّأوا صلّى بهم الصبح ، ثمّ قعد للنّاس فقال : يا أيّها النّاس من أعجب الخلق إيمانا؟ قالوا : الملائكة! قال : وكيف لا تؤمن الملائكة وهم يعاينون الأمر! قالوا : فالنبيّون يا رسول الله! قال : وكيف لا يؤمن النبيّون والوحي ينزل عليهم من السماء! قالوا : فأصحابك يا رسول الله! فقال : وكيف لا يؤمن أصحابي وهم يرون ما يرون ، ولكن أعجب الناس إيمانا ، قوم يجيئون بعدي يؤمنون بي

__________________

(١) الدرّ ١ : ٦٥ ؛ البزّار ١ : ٤١٣ / ٢٨٩ ، باختصار ؛ أبو يعلى ١ : ١٤٧ / ١٦٠ ؛ الحاكم ٤ : ٨٥ ـ ٨٦ ؛ كنز العمّال ١٤ : ٤١ / ٣٧٨٨٠ ؛ مجمع الزّوائد ١٠ : ٦٥ ؛ الثعلبي ١ : ١٤٧.

(٢) الدرّ ١ : ٦٥ ـ ٦٦ ؛ الدّلائل ٦ : ٥٣٨ ؛ ابن كثير ١ : ٤٤.

(٣) الشنّ : القربة الخلقة الصغيرة.

١٠٧

ولم يروني ، ويصدّقوني ولم يروني ، أولئك إخواني» (١).

[٢ / ٢٥٧] وأخرج الإسماعيلي في معجمه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أيّ شيء أعجب إيمانا؟ قيل : الملائكة. فقال : كيف وهم في السماء يرون من الله ما لا ترون! قيل : فالأنبياء. قال : كيف وهم يأتيهم الوحي؟ قالوا : فنحن. قال : كيف وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله! ولكن قوم يأتون من بعدي ، يؤمنون بي ولم يروني ، أولئك أعجب إيمانا ، وأولئك إخواني ، وأنتم أصحابي» (٢).

[٢ / ٢٥٨] وأخرج البزّار عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أيّ الخلق أعجب إيمانا؟ قالوا : الملائكة. قال : الملائكة! كيف لا يؤمنون؟ قالوا : النبيّون. قال : النبيّون يوحى إليهم فكيف لا يؤمنون؟ ولكن أعجب النّاس إيمانا ، قوم يجيئون من بعدكم ، فيجدون كتابا من الوحي ، فيؤمنون به ويتّبعونه. فهؤلاء أعجب النّاس إيمانا» (٣).

[٢ / ٢٥٩] وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده عن عوف بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا ليتني قد لقيت إخواني؟ قالوا : يا رسول الله ألسنا إخوانك وأصحابك؟ قال : بلى. ولكنّ قوما يجيئون من بعدكم يؤمنون بي إيمانكم ويصدّقوني تصديقكم وينصروني نصركم ، فياليتني قد لقيت إخواني» (٤).

[٢ / ٢٦٠] وأخرج ابن عساكر في الأربعين السباعيّة من طريق أبي هدبة عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ليتني قد لقيت إخواني؟ فقال له رجل من أصحابه : أولسنا إخوانك؟ قال : بل أنتم أصحابى ، وإخواني قوم يأتون من بعدي ، يؤمنون بي ولم يروني ، ثمّ قرأ : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ)(٥)».

[٢ / ٢٦١] وأخرج أحمد والدّارمي والباوردي وابن قانع معا في معجم الصحابة والبخاري في تاريخه والطبراني والحاكم عن أبي جمعة الأنصاري قال : «قلنا يا رسول الله هل من قوم أعظم منّا

__________________

(١) الدرّ ١ : ٦٦ ؛ الكبير ١٢ : ٦٨ ـ ٦٩ / ١٢٥٦٠ ؛ مجمع الزّوائد ٨ : ٢٩٩ ـ ٣٠٠.

(٢) الدرّ ١ : ٦٦.

(٣) الدرّ ١ : ٦٦ ؛ مجمع الزّوائد ١٠ : ٦٥.

(٤) الدرّ ١ : ٦٦ ـ ٦٧.

(٥) المصدر : ٦٧.

١٠٨

أجرا؟ آمنّا بك ، واتّبعناك! قال : ما يمنعكم من ذلك ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أظهركم ، يأتيكم الوحي من السماء! بل قوم يأتون من بعدي ، يأتيهم كتاب بين لوحين ، فيؤمنون به ويعملون بما فيه ، أولئك أعظم منكم أجرا» (١).

[٢ / ٢٦٢] وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي عمرو وأحمد والحاكم عن أبي عبد الرحمان الجهني قال : «بينا نحن مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ طلع راكبان فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «كنديّان أو مذحجيّان» حتّى أتيا ، فإذا رجلان من مذحج. فدنا أحدهما ليبايعه ، فلمّا أخذ بيده قال : يا رسول الله أرأيت من آمن بك واتّبعك وصدّقك ، فماذا له؟ قال : طوبى له ، فمسح على يده وانصرف. ثمّ جاء الآخر حتّى أخذ على يده ليبايعه فقال : يا رسول الله أرأيت من آمن بك وصدّقك واتّبعك ولم يرك؟ قال : طوبى له. ثمّ طوبى له. ثمّ مسح على يده وانصرف» (٢).

[٢ / ٢٦٣] وأخرج الطيالسي وأحمد والبخاري في تاريخه والطبراني والحاكم عن أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «طوبى لمن رآني وآمن بي ، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني» سبع مرّات (٣).

[٢ / ٢٦٤] وأخرج أحمد وابن حبّان عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ رجلا قال : يا رسول الله طوبى لمن رآك وآمن بك. قال : «طوبى لمن رآني وآمن بي ، وطوبى ثمّ طوبى ثمّ طوبى

__________________

(١) الدرّ ١ : ٦٧ ؛ مسند أحمد ٤ : ١٠٦ ، حديث أبي جمعة حبيب بن سماع ، بتفاوت ؛ الدّارمى ٢ : ٣٠٨ ؛ معجم الصحابة لابن قانع ١ : ١٨٧ ـ ١٨٨ / ٢١١ ، باختلاف يسير ؛ التاريخ ٢ : ٣١١ / ٢٥٨٥ ، بلفظ : «... عن أسيد بن عبد الرحمان : سمع صالح بن محمّد سمع أبا جمعة قال : تغذّينا مع النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعنا أبو عبيدة فقال : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هل أحد خير منّا؟ قال : نعم قوم آمنوا بي ولم يروني» ؛ الكبير ٤ : ٢٣ / ٣٥٤٠ ؛ الحاكم ٤ : ٨٥ ، كتاب معرفة الصحابة ، قريب لما رواه البخارى في تاريخه ؛ ابن كثير ١ : ٤٤ ؛ مجمع الزّوائد ١٠ : ٦٦.

(٢) الدرّ ١ : ٦٧ ؛ مسند ابن أبي شيبة ٢ : ٢٣٩ ـ ٢٤٠ / ٧٣٠ ، باختلاف يسير ؛ مسند أحمد ٤ : ١٥٢ ، حديث عقبة بن عامر الجهني ، باختلاف يسير ؛ مجمع الزّوائد ١٠ : ١٨ و ٦٧ ، قال الهيثمي : رواه البزّار والطبراني وإسناده حسن.

(٣) الدرّ ١ : ٦٧ ؛ الطيالسي : ١٥٤ / ١١٣٢ ؛ مسند أحمد ٥ : ٢٤٨ ؛ التاريخ ٢ : ٢٧ / ١٥٧٦ ؛ الكبير ٨ : ٢٦٠ / ٨٠١٠ ، باب أيمن عن أبي أمامة ؛ الحاكم ٤ : ٨٦. بلفظ : «عن عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : طوبى لمن رآني وطوبى لمن رأى من رآني ولمن رأى من رأى من رآني وآمن بي» ؛ مجمع الزّوائد ١٠ : ٦٧.

١٠٩

لمن آمن بي ولم يرني» (١).

[٢ / ٢٦٥] وأخرج الطيالسي وعبد بن حميد عن نافع قال : جاء رجل إلى ابن عمر فقال : يا أبا عبد الرحمان رأيتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأعينكم هذه؟ قال : نعم. قال : طوبى لكم. فقال ابن عمر : ألا أخبرك بشيء سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : بلى. قال : سمعته يقول : «طوبى لمن رآني وآمن بي ، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني» ثلاث مرّات (٢).

[٢ / ٢٦٦] وأخرج أحمد وأبو يعلى والطبراني عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «طوبى لمن رآني وآمن بي ، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني» سبع مرّات (٣).

[٢ / ٢٦٧] وأخرج الحاكم عن أبي هريرة مرفوعا «أنّ ناسا من أمّتي يأتون بعدي ، يودّ أحدهم لو اشترى رؤيتي بأهله وماله» (٤).

قوله تعالى : (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ)

[٢ / ٢٦٨] أخرج ابن جرير عن ابن عبّاس قال : إقامة الصلاة ، إتمام الركوع والسجود والتلاوة والخشوع والإقبال عليها فيها (٥).

[٢ / ٢٦٩] وقال مقاتل بن سليمان في قوله : (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) قال : المكتوبة الخمس يعني يقيمون ركوعها وسجودها في مواقيتها (٦).

__________________

(١) الدرّ ١ : ٦٧ ؛ مسند أحمد ٣ : ٧١ ، مسند أبي سعيد الخدرى ؛ ابن حبّان ١٦ : ٢١٣ / ٧٢٣٠ ، باختلاف يسير ؛ مجمع الزّوائد ١٠ : ٦٧ ، كتاب المناقب ، باب ما جاء في من آمن بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يره.

(٢) الدرّ ١ : ٦٧ ـ ٦٨ ؛ الطيالسي : ٢٥٢ ـ ٢٥٣ / ١٨٤٥ ؛ منتخب مسند عبد بن حميد : ٢٤٧ / ٧٦٩.

(٣) الدرّ ١ : ٦٨ ؛ مسند أحمد ٣ : ١٥٥ ، «مسند أنس بن مالك» بلفظ : «عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : طوبى لمن آمن بي ورآني ، مرّة وطوبى لمن آمن بى ولم يرني ، سبع مرّات» وأبو يعلى ٦ : ١١٩ / ٣٣٩١ ، باختلاف يسير ؛ الصغير ٢ : ٣٤ / ٨٥٨ ، بلفظ : «... حدّثنا دينار بن عبد الله مولى أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : طوبى لمن رآني ومن آمن بي ومن رأى من رآني» ؛ مجمع الزّوائد ١٠ : ٦٦ ـ ٦٧.

(٤) الدرّ ١ : ٦٨ ؛ الحاكم ٤ : ٨٥ ، كتاب معرفة الصحابة ؛ الأوسط ٧ : ٨٩ / ٦٩٣٨ ؛ الصغير ١ : ٣٣٩ / ٢٢٢٤ ؛ كنز العمّال ١٢ : ١٦٤ / ٣٤٤٩٣.

(٥) الدرّ ١ : ٦٨ ؛ الطبري ١ : ١٥٣ / ٢٣٣.

(٦) تفسير مقاتل ١ : ٨١.

١١٠

[٢ / ٢٧٠] وقال مقاتل بن حيّان : إقامتها المحافظة على مواقيتها وإسباغ الطهور بها وتمام ركوعها وسجودها وتلاوة القرآن فيها والتشهّد والصلاة على النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهذا إقامتها (١).

[٢ / ٢٧١] وقال أبو مسلم محمّد بن بحر : معنى (يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) : يديمون أداء فرضها (٢).

[٢ / ٢٧٢] وأخرج ابن اسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله : (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) قال : يقيمونها بفروضها. (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) قال : يؤدّون الزكاة احتسابا لها (٣).

[٢ / ٢٧٣] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن اسحاق عن ابن عبّاس في قوله : (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) قال : الصلوات الخمس. (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) قال : زكاة أموالهم (٤).

[٢ / ٢٧٤] وأخرج ابن جرير عن الضحّاك في قوله : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) قال : يعني : الصلاة المفروضة (٥).

قوله تعالى : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ)

[٢ / ٢٧٥] أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) قال : يؤدّون الزكاة احتسابا لها (٦).

[٢ / ٢٧٦] وقال مقاتل بن سليمان في قوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ) : من الأموال (يُنْفِقُونَ) يعني الزكاة المفروضة نظيرها في لقمان (٧).

[٢ / ٢٧٧] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن إسحاق عن ابن عبّاس في قوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) قال : زكاة أموالهم (٨).

__________________

(١) ابن كثير ١ : ٤٤ و ٢ : ٢٩٨.

(٢) التبيان ١ : ٥٦ ؛ مجمع البيان ١ : ٨٥.

(٣) الدرّ ١ : ٦٨ ؛ الطبري ١ : ١٥٣ ـ ١٥٤ / ٢٣٢ و ٢٣٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٣٧ / ٧٤ و ٧٧.

(٤) الدرّ ١ : ٦٨ ؛ الطبري ١ : ١٥٤ / ٢٣٦. و ٦ : ٢٣٩ / ١٢١٨٨ ، من سورة الأنفال ، الآية : ٣.

(٥) الطبري ١ : ١٥٣ / ٢٣٤.

(٦) الدرّ ١ : ٦٨ ؛ الطبري ١ : ١٥٤ / ٢٣٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٣٧ / ٧٧ ؛ التبيان ١ : ٥٧ ، بلفظ : «حكي عن ابن عبّاس أنّها الزكاة المفروضة يؤتيها احتسابا».

(٧) تفسير مقاتل ١ : ٨١.

(٨) الدرّ ١ : ٦٨ ؛ الطبري ١ : ١٥٤ / ٢٣٦.

١١١

[٢ / ٢٧٨] وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) قال : أنفقوا في فرائض الله الّتي افترض الله عليهم ، في طاعته وسبيله (١).

[٢ / ٢٧٩] وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) قال : إنّما يعني الزكاة خاصّة ، دون سائر النفقات. لا يذكر الصلاة إلّا ذكر معها الزكاة ، فإذا لم يسمّ الزكاة قال في إثر ذكر الصلاة : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ)(٢).

[٢ / ٢٨٠] وأخرج ابن جرير عن الضحّاك في قوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) قال : كانت النفقات قربات يتقرّبون إلى الله على قدر ميسورهم وجهدهم ، حتّى نزلت فرائض الصدقات في سورة براءة. هنّ الناسخات المبيّنات (٣).

[٢ / ٢٨١] وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) قال : هي نفقة الرجل على أهله (٤).

[٢ / ٢٨٢] وروى أبو علي الطبرسي بالإسناد إلى محمّد بن مسلم عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام في قوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) ، قال : «وممّا علّمناهم يبثّون» (٥).

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)

[٢ / ٢٨٣] قال عليّ بن إبراهيم في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) : أي بما أنزل من القرآن إليك وبما أنزل على الأنبياء من قبلك من الكتب (٦).

[٢ / ٢٨٤] وعن الإمام أبي محمّد العسكري عليه‌السلام قال : «ثمّ وصف هؤلاء الّذين يقيمون الصلاة ،

__________________

(١) الدرّ ١ : ٦٨ ؛ البغوي ١ : ٨٥.

(٢) الدرّ ١ : ٦٨ ؛ البغوي ١ : ٨٥.

(٣) الدرّ ١ : ٦٨ ؛ الطبري ١ : ١٥٤ / ٢٣٧ ؛ التبيان ١ : ٥٧ ، بلفظ : «قال الضحاك : هو التطوّع بالنفقة فيما قرّب من الله» ؛ أبو الفتوح ١ : ١٠٧.

(٤) الدرّ ١ : ٦٨ ؛ الطبري ١ : ١٥٤ / ٢٣٨ ، بلفظ : «عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) هي نفقة الرّجل على أهله وهذا قبل أن تنزل الزكاة» ؛ التبيان ١ : ٥٧ ؛ أبو الفتوح ١ : ١٠٧.

(٥) مجمع البيان ١ : ٨٦ ـ ٨٧.

(٦) البرهان ١ : ١٣٢ ؛ القمي ١ : ٣٢.

١١٢

فقال : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) يا محمّد! (وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) على الأنبياء الماضين كالتوراة والإنجيل والزّبور وصحف إبراهيم وسائر كتب الله المنزلة على أنبيائه ، بأنّها حقّ وصدق من عند ربّ العالمين العزيز الحكيم. (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) بالدار الآخرة بعد هذه الدنيا يوقنون لا يشكّون فيها أنّها الدّار الّتي فيها جزاء الأعمال الصالحة بأفضل ممّا عملوا وعقاب الأعمال السيّئة بمثل ما كسبوا» (١).

[٢ / ٢٨٥] وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) أي يصدّقونك بما جئت به من الله ، وما جاء به من قبلك من المرسلين ، لا يفرّقون بينهم ولا يجحدون ما جاؤوهم به من عند ربّهم (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) أي بالبعث والقيامة والجنّة والنّار والحساب والميزان. أي لا هؤلاء الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما كان قبلك ويكفرون بما جاءك من ربّك. (٢)

[٢ / ٢٨٦] وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) قال : هو الفرقان الّذي فرق الله به بين الحقّ والباطل. (وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) أي الكتب الّتي قد خلت قبله (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) قال : استحقّوا الهدى والفلاح بحقّ ، فأحقّه الله لهم. وهذا نعت أهل الإيمان ، ثمّ نعت المشركين فقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ) الآيتين (٣).

[٢ / ٢٨٧] وعن أبي ذرّ قال : «قلت : يا رسول الله ، كم كتابا أنزل الله؟ قال : مائة كتاب وأربعة كتب ، أنزل الله على شيت خمسين صحيفة ، وعلى أخنوخ ثلاثين صحيفه ، وعلى إبراهيم عشر صحائف ، وأنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف ، وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان». الحديث أخرجه الحسين الآجريّ وأبو حاتم البستّي (٤).

[٢ / ٢٨٨] وروي عن ابن عبّاس وعن مرّة الهمدانى عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أمّا الّذين يؤمنون بالغيب ، فهم المؤمنون من العرب ، والّذين يؤمنون بما أنزل إليك :

__________________

(١) تفسير الإمام : ٨٨ : ٤٥ ؛ تأويل الآيات ١ : ٣٣ / ٤.

(٢) الدرّ ١ : ٦٩ ؛ الطبري ١ : ١٥٥ ـ ١٥٦ / ٢٣٩ و ٢٤١ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٣٨ / ٨٠ و ٨٢.

(٣) الدرّ ١ : ٦٩ ؛ التبيان ١ : ٥٨ ، قال قتادة : بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ : القرآن وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ : الكتب الماضية.

(٤) القرطبي ١ : ١٨٠ ؛ الخصال : ٥٢٤ / ١٣ ؛ مجمع البيان ١٠ : ٣٣٢.

١١٣

المؤمنون من اهل الكتاب. ثمّ جمع الفريقين فقال : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(١).

قال الشيخ أبو جعفر الطوسي : وحملها على العموم في الفريقين ، محكيّ عن ابن عبّاس وابن مسعود (٢).

[٢ / ٢٨٩] وقال ابن كثير : واختلف المفسّرون في الموصوفين هنا ... على أقوال منها : أنّ الموصوفين أوّلا هم الموصوفون ثانيا ، وهم كلّ مؤمن ، مؤمنو العرب ومؤمنو أهل الكتاب وغيرهم. قاله مجاهد وأبو العالية والربيع بن أنس وقتادة (٣).

[٢ / ٢٩٠] وقال مقاتل بن سليمان : فهاتان الآيتان نزلتا في مؤمني أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمهاجرين ، ثمّ ذكر مؤمني أهل التوراة : عبد الله بن سلام وأصحابه ، منهم أسيد بن زيد ، وأسد بن كعب ، وسلام بن قيس ، وثعلبة بن عمرو ، وابن يامين واسمه سلام فقال : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ) يعني يصدّقون (بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) يا محمّد من القرآن أنّه من الله نزل (وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) على الأنبياء يعني التوراة والإنجيل والزبور (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) يعني يصدّقون بالبعث الّذي فيه جزاء الأعمال بأنّه كائن.

ثمّ جمعهم جميعا فقال ـ سبحانه ـ : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(٤).

[٢ / ٢٩١] وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) : هؤلاء المؤمنون من أهل الكتاب (٥).

[٢ / ٢٩٢] وقال الشيخ أبو جعفر الطوسي : ويجوز أن يكون سمّيت (الآخرة) بذلك لتأخيرها عن الخلق ، كما سمّيت الدنيا دنيا لدنوّها من الخلق ؛ وإيقانهم ما جحده المشركون من البعث والنشور والحساب والعقاب ، وروي ذلك عن ابن عبّاس (٦).

__________________

(١) الطبري ١ : ١٥٦ / ٢٤٢ ؛ ابن كثير ١ : ٤٧ و ٤٦.

(٢) التبيان ١ : ٥٩.

(٣) ابن كثير ١ : ٤٦.

(٤) تفسير مقاتل ١ : ٨١ ـ ٨٤.

(٥) الطبري ١ : ١٥٥ / ٢٤٠.

(٦) التبيان ١ : ٥٨.

١١٤

قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

[٢ / ٢٩٣] روي عن الإمام العسكرى عليه‌السلام : أنّه قال : «ثمّ أخبر عن جلالة هؤلاء الموصوفين بهذه الصفات الشريفة فقال : (أُولئِكَ) ، أهل هذه الصفات ، (عَلى هُدىً) بيان وصواب (مِنْ رَبِّهِمْ) وعلم بما أمرهم به. (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الناجون ممّا منه يوجلون ، الفائزون بما يؤمّلون.

قال : وجاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين! إنّ بلالا كان يناظر اليوم فلانا ، فجعل يلحن في كلامه ، وفلان يعرب ويضحك من بلال!

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يا عبد الله! إنّما يراد إعراب الكلام وتقويمه لتقويم الأعمال وتهذيبها ، ماذا ينفع فلانا إعرابه وتقويمه لكلامه ، إذا كانت أفعاله ملحونة أقبح لحن؟ وما يضرّ بلالا لحنه في كلامه ، إذا كانت أفعاله مقوّمة أحسن تقويم ، مهذّبة أحسن تهذيب؟» (١)

[٢ / ٢٩٤] وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس في قوله : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) قال : أي على نور من ربّهم ، واستقامة على ما جاءهم به (٢).

[٢ / ٢٩٥] وعن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس في قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) قال : أي الّذين أدركوا ما طلبوا ، ونجوا من شرّ ما منه هربوا (٣).

مسألة الهداية والتوفيق

لنا بحث عريض عن مسألة الهداية والتوفيق وعن مسألة الإضلال والخذلان ، عرضناهما بتفصيل عند الكلام عن المتشابهات (٤) نقتطف منهما طرائف هنا بالمناسبة.

الهداية ـ في أصلها ـ : الدلالة على الشيء ، كقوله تعالى : (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ)(٥) ، أي دلّوهم عليه. غير أنّ أنحاء الدلالة تختلف حسب نوعيّتها ودرجتها في التأثير والإيصال إلى المطلوب. فمن دلّ غيره على طريق يؤدّي إلى مقصده فقد هداه ، كما أنّ الّذي يأخذ بيده ويوصله إلى مطلوبه أيضا هداه. وإن كان في النوع الأوّل قد يحتمل التيه والضلال ، أمّا الثاني فلا يكاد يحتمل الضلال بعد الحصول على المقصود.

__________________

(١) تفسير الإمام : ٩٠ ـ ٩١ / ٤٩.

(٢) الطبري ١ : ١٥٨ / ٢٤٣ ؛ ابن كثير ١ : ٤٧.

(٣) الطبري ١ : ١٥٨ / ٢٤٤.

(٤) في الجزء الثالث من التمهيد.

(٥) الصافات ٣٧ : ٢٣.

١١٥

فقوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى)(١) ، هداية من النوع الأوّل. وقوله تعالى : (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍ)(٢) ، هداية من النوع الثاني. وهكذا يختلف المعنى حسب اختلاف الموارد.

مراتب الهداية ودرجاتها

للهداية ـ حسب الاستعمال القرآني ـ مراتب ودرجات ، منها : فطريّة وأخرى : إرشاديّة ، وثالثة : فيضيّة (إلهام وعناية ربّانية) ، وتنتهي إلى عصمة إلهيّة خصّ بها الربّانيّون من أنبياء وأولياء مقرّبين. نلخّصها حسب التالي :

المرتبة الأولى : هداية فطريّة مرتكزة في جبلّة الأشياء من حيوان ونبات وجماد ، فضلا عن الإنسان .. إذ ما من موجود وهو يهتدي ـ اهتداء ذاتيّا ـ إلى ما يلائمه من صلاح أو ينافره من فساد ، فينجذب إليه انجذابا ذاتيّا ، أو ينفر منه نفارا حسب طبعه وذاته. وذلك بدافع فطرته التي جبله الله عليها ، ليستقيم الحياة ويستتبّ أمر النظام ، في أحسن وجه وأكمل هندام.

(رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى)(٣). (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى)(٤) الأمر الّذي نلمسه بوضوح في نظام الكون من غير تحوير أو تغيير. (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)(٥). وهو النظام الكوني السائد على المخلوق كلّه ، سنّة الله الّتي جرت في الخلق (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً)(٦).

المرتبة الثانية : قدرة تفكيريّة جبّارة (العقل) ركّبها الله تعالى في الإنسان ، ليمتاز على سائر الحيوان وليستطيع التغلّب على طاقات الأرض والسّماء فيسخّرها في سبيل منافعه في الحياة .. (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)(٧) ، أي جعلكم بحيث تستخدمونها في مآربكم.

هذا ما يعود إلى جانب المادّيّات من حياة البشر ، وأمّا جانب معنويّاته ـ التي تتبلور فيها حياته الإنسانيّة العليا ـ فقد منحه الله قدرة إدراك خارقة ، يميّز بين الخير والشّر تمييزا ذاتيّا ، كما يميّز بين

__________________

(١) فصلت ٤١ : ١٧.

(٢) الزمر ٣٩ : ٣٧.

(٣) طه ٢٠ : ٥٠.

(٤) الأعلى ٨٧ : ٣.

(٥) الأنبياء ٢١ : ٣٣.

(٦) فاطر ٣٥ : ٤٣.

(٧) الجاثية ٤٥ : ١٣.

١١٦

النافع والضارّ والصلاح والفساد ، في بداهة عقله الرشيد المفطور عليها. قال تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ. وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ. وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ)(١). هداية في فطرته وجبلّته التي خلقه الله عليها. ومن ثمّ جاء في أحاديث أهل البيت عليهم‌السلام : أنّ العقل رسول باطني (٢) ، وأنّ الرسل والأنبياء جاؤوا ليثيروا دفائن العقول (٣).

[٢ / ٢٩٦] جاء في حديث الإمام الكاظم عليه‌السلام : «إنّ لله على الناس حجّتين ، حجّة ظاهرة وحجّة باطنة ، فأمّا الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمّة عليهم‌السلام وأمّا الباطنة فالعقول» (٤).

المرتبة الثالثة : نصب الدلائل وبعث الرسل ، وإنزال الكتب والشرائع ، هداية تشريعيّة لائحة جاءت لتؤيّد وتثير تلك الهداية الكامنة في مطاوي العقول.

وهذه الأنحاء الثلاثة من الهداية (الفطرة. العقل. الشريعة) جاءت عامّة وشاملة كلّ طوائف الناس وجميع الأمم من ولد آدم على الإطلاق .. وبهذا المعنى (الهدايات الثلاث العامّة) جاء قوله تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً) بالإجابة والعمل (وَإِمَّا كَفُوراً) بالإعراض والتولّي (٥).

أي أوفينا له سبل الاهتداء إلى الصواب ، شكر أم كفر ، إذ لا جبر في التكليف ، إنّما هو إرائة طريق ، سلكه أم لم يسلكه ، كلّ ذلك باختياره في الرفض والقبول .. (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ)(٦) ، أي يجعلهم على وضح الحقّ لا غبار عليه ، فإن استسلموا فعن وعي صادق ، وإن نفروا فعن غبن فاحش ، (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ ، قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ)(٧).

قال تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(٨).

المرتبة الرابعة : توفيق رحماني وتسديد للخطى نحو الصواب ، عناية ربانيّة خاصّة بأولئك الّذين ثبتوا على الحقّ والتزموا النهج المستقيم ، ولم يحيدوا عن هدي الفطرة ونور العقل وإرشادات الشرع الحنيف. (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا

__________________

(١) البلد ٩٠ : ٨ ـ ١٠.

(٢) الكافي ١ : ١٣ ـ ١٦ في حديث الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام.

(٣) كما في خطبة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام رقم ١.

(٤) الكافي ١ : ١٦ / ١٢.

(٥) الإنسان ٧٦ : ٣.

(٦) الأحزاب ٣٣ : ٤.

(٧) البقرة ٢ : ٢٥٦.

(٨) المائدة ٥ : ١٥ ـ ١٦.

١١٧

بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ)(١).

هذا هو التوفيق الإلهي يخصّ أولئك الّذين صمدوا على الحقّ واستسلموا لقيادته الرشيدة. فوافتهم العناية الربّانيّة الكريمة.

والتوفيق : تمهيد الأسباب نحو المطلوب الخير.

(وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ)(٢). فبما أنّهم اهتدوا ، أي سلكوا سبل السّلام سعيا وراء الاهتداء إلى الحقّ وسعادة الحياة ، زادهم الله هدى ، أي أنار لهم الدرب اللائح وكشف عنهم الظلام.

وآتاهم تقواهم ، أي منحهم بصيرة في الدين وعلما في يقين ، فلا يضلّوا ولا يفوتهم نهج الصواب. (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)(٣). فلا يضلّوا الطريق ما رافقهم الدليل الخبير.

أمّا الّذين عاكسوا الفطرة وأغفلوا نور العقل ونبذوا دلائل الشرع ، فهم في الحقيقة عاكسوا حظّهم وظلموا بأنفسهم واستبدلوا الشقاء بالسعادة ، واشتروا بآيات الله ثمنا قليلا وخسروا خسرانا مبينا. (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى. قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً. قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى. وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى)(٤).

(كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(٥).

(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ)(٦).

فذلك المنح ، وهذا المنع ، كلّ عن علّة مقتضية وعن حكمة في الخلق والتدبير ، وهذا هو معنى قوله تعالى : (فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(٧). فيضلّ أي يخذل من

__________________

(١) فصّلت ٤١ : ٣٠ ـ ٣١.

(٢) سورة محمّد ٤٧ : ١٧.

(٣) العنكبوت ٢٩ : ٦٩.

(٤) طه ٢٠ : ١٢٤ ـ ١٢٧.

(٥) آل عمران ٣ : ٨٦.

(٦) الزمر ٣٩ : ٣.

(٧) إبراهيم ١٤ : ٤.

١١٨

أعرض ونأى بجانبه. ويهدي من أقبل واستهدى. والله عزيز أي غالب على أمره ، حكيم في فعاله.

المرتبة الخامسة : وهي الغاية القصوى بل المثل الأعلى للكمال الإنساني الرفيع ، هي بلوغ مرتبة العصمة ، تعصم صاحبها عن الخطل والزلل وعن الخطأ والانحراف.

والعصمة : بصيرة ذاتيّة حاصلة من قوّة الإيمان وشدّة الثقة بالله العظيم. وعبّر عنها القرآن بالحكمة (قدرة إيمانيّة واعية) يمنحها الله من يشاء من عباده المصطفين الأخيار. (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ)(١). وليست الحكمة سوى بصيرة في الدين وعلم في يقين ، بحيث يرى الحسن حسنا في ذاته ، والقبيح قبيحا في ذاته. رؤية علم ويقين لا غبار عليه.

قال تعالى : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً)(٢). والماء الغدق هو العلم الغزير ، أي الحكمة الواسعة ، والّتي هي أساس العصمة الربّانيّة يمنحها لعباده المخلصين .. بما أخلصوا لله الطاعة واجتهدوا في العبادة والاستسلام لله ربّ العالمين.

***

وبعد فقد كانت درجات الهداية الرحمانيّة متصاعدة خمسة : الفطرة ، العقل ، الشريعة ، التوفيق وفي النهاية : العصمة ..

وهي مراتب متلاحقة يتدرّج في الصعود إليها حتّى بلوغ قمّة الكمال.

ولكلّ هذه المراتب مراحل ، يقضيها السالك إلى الله سيرا حثيثا ، وفي ظلّ ولاية الله الفارهة.

(اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ)(٣) فكلّ درجة يقضيها العبد ، فقد خرج من ظلمة إلى نور .. ظلمة نسبيّة حسب درجات نوريّة متصاعدة.

أمّا المعاكس في انتهاج طريقة الهدى ، فيتقهقر خلفيّا من نور إلى الظلمة ، وهكذا حتّى دركات الهاوية. (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ)(٤).

ومن ثمّ فالذين اتّقوا كانوا على هدى من ربّهم وأولئك هم المفلحون في نهاية المطاف.

__________________

(١) البقرة ٢ : ٢٦٩.

(٢) الجنّ ٧٢ : ١٦.

(٣) البقرة ٢ : ٢٥٧.

(٤) البقرة ٢ : ٢٥٧.

١١٩

قال تعالى :

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٧))

هؤلاء هم الفريق الثاني ـ ممّن وصفهم القرآن ـ كانوا وقفوا تجاه دعوة الإسلام وقفة جحود وإنكار ، ورفضوا الاستسلام للحقّ الصراح ، لا برهان لهم (١) سوى اللجاج والعناد ، (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا)(٢).

ومن ثمّ لم ينفعهم الإنذار والتخويف بعد وقفتهم تلك المعاندة الغشومة ، وقد عبّر القرآن عن حالتهم تلك التعنّتيّة بالختم والطبع على القلوب والأسماع. والغشاوة على الأبصار. بما أصرّوا على اللّجاج واستكبروا استكبارا (٣).

(وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. يَسْمَعُ آياتِ اللهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)(٤).

نعم بشّره في هذه الدنيا بعذاب أليم ، يكابد الأمرين ، مغبّة حياده عن مسيرة الفطرة وإعراضه عن إيحاءات العقل الرشيد ، إلى جنب رفضه القاسي لتعاليم وحي السماء. وكلّ ذلك يخالف فطرته وعقله وشعوره الإنساني النبيل ، فكيف وهو يعالج الألم في ضميره من هياج عارم آخذ بأطراف وجوده في الحياة!

إنّ النوافذ المفتوحة في أرواح المتّقين ، والوشائج الّتي تربطهم بالوجود وبخالق الوجود ، والظاهر والباطن والغيب والشهود ، إنّ هذه النوافذ المفتّحة كلّها هناك ، مغلّقه كلّها هنا. وإنّ الوشائج الموصولة كلّها هناك ، مقطوعة كلّها هنا.

__________________

(١) المؤمنون ٢٣ : ١٧.

(٢) النمل ٢٧ : ١٤.

(٣) فيما ذكره تعالى عن قوم نوح : (جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) (نوح ٧١ : ٧).

(٤) الجاثية ٤٥ : ٦ ـ ٧.

١٢٠