التفسير الأثري الجامع - ج ١

الشيخ محمّد هادي معرفة

التفسير الأثري الجامع - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي معرفة


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التمهيد ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-94552-4-8
ISBN الدورة:
978-600-5079-08-1

الصفحات: ٤١٦

الإسلام؟! وهل كان أبو سعيد لا يعرف هذه السورة ولا يعرف موضعها من حياة المسلمين العبادية؟! الأمر الذي يوهن جواز نسبة مثل هذا الحديث إلى النبيّ الكريم!!

[١ / ٣٧] وأخرج أبو عبيد وأحمد والدارمي والترمذي وصحّحه والنسائي وابن خزيمة وابن المنذر والحاكم وصحّحه وابن مردويه وأبو ذرّ الهروي في فضائل القرآن والبيهقي في سننه عن أبي هريرة «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج على ابيّ بن كعب فقال : يا ابيّ ـ وهو يصلّي ـ فالتفت ابيّ فلم يجبه. فصلّى ابيّ فخفّف ، ثمّ انصرف إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : السّلام عليك يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك؟ فقال : يا رسول الله إنّي كنت في الصلاة ، قال : أفلم تجد فيما أوحى الله إليّ أن (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ؟)(١) قال : بلى. ولا أعود إن شاء الله! قال : أتحبّ أن اعلّمك سورة لم تنزل في التوراة ، ولا في الإنجيل ، ولا في الزبور ، ولا في الفرقان مثلها؟ قال : نعم يا رسول الله! فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كيف تقرأ في الصلاة؟ فقرأ بامّ القرآن! فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي نفسي بيده ما انزل في التوراة ، ولا في الإنجيل ، ولا في الزبور ، ولا في الفرقان ، مثلها ، وإنّها السبع من المثاني. أو قال : السبع المثاني والقرآن العظيم الذي اعطيته» (٢).

وفي هذا الحديث زيادة نكارة على التي سبقت ، هي وصف سورة الحمد بأنّها لم تنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان.

هل كانت سائر السور نازلة في تلك الكتب ، حتّى تختصّ هذه السورة بكرامة نزولها على رسول الله خاصّة؟!

وهل كان من المتوقّع نزولها في تلك الكتب ، مع ما نعلم أنّ تلك الصحف لم تعدّ لنزول مثل سور القرآن فيها.

ثمّ ما معنى : «ولا في الفرقان ...» ما ذا يقصد من الفرقان؟ هل هو القرآن أم غيره أم ماذا؟

[١ / ٣٨] وأخرج أحمد في مسنده وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه في تفاسيرهم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال في أمّ القرآن : «هي امّ القرآن ، وهي السبع

__________________

(١) الأنفال ٨ : ٢٤.

(٢) الدرّ ١ : ١٣ ؛ فضائل القرآن : ١١٦ / ١ ـ ٣٣ ؛ مسند أحمد ٢ : ٤١٢ ـ ٤١٣ ؛ الدارمي ٢ : ٤٤٦ ؛ الترمذي ٤ : ٢٣١ / ٣٠٣٦ ، أبواب فضائل القرآن ، باب ما جاء في فضل فاتحة الكتاب ؛ النسائي ٦ : ٣٥١ / ١٢٠٥ ؛ ابن خزيمة ١ : ٢٥٢ ؛ الحاكم ٢ : ٢٥٨ ؛ البيهقي ٢ : ٣٧٦.

٢٦١

المثاني ، وهي القرآن العظيم» (١).

[١ / ٣٩] وأخرج البخاري والدارمي في مسنده وأبو داوود والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه في تفاسيرهم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : («الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) امّ القرآن ، وامّ الكتاب ، والسبع المثاني» (٢).

[١ / ٤٠] وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن عن أيّوب أنّ محمّد بن سيرين كان يكره أن يقول : امّ القرآن. ويقول : قال الله : (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ)(٣) ولكن «فاتحة الكتاب» (٤).

***

[١ / ٤١] وأخرج الشافعي في الامّ وابن أبي شيبة في المصنّف وأحمد في مسنده والبخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي في السنن عن عبادة بن الصامت : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» (٥).

[١ / ٤٢] وأخرج أحمد والبيهقي في سننه عن أبي هريرة قال : أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «كلّ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج ـ ثلاث مرّات ـ يعني غير تامّ» (٦).

[١ / ٤٣] وأخرج ابن ماجة في سننه عن أبي سعيد الخدري قال ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا صلاة لمن لم يقرأ في كلّ ركعة بالحمد وسورة في فريضة أو غيرها» (٧).

[١ / ٤٤] وأخرج الدارقطني والحاكم عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «امّ

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٢ ؛ مسند أحمد ٢ : ٤٤٨ ؛ الطبري ١ : ٧٣ / ١١٠ ؛ ابن كثير ١ : ١٠.

(٢) الدرّ ١ : ١٢ ؛ البخاري ٥ : ٢٢٢ ، كتاب التفسير ـ سورة الحجر ، باب قوله : وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ؛ الدارمي ٢ : ٤٤٦ ، كتاب فضائل القرآن ، باب فضل فاتحة الكتاب ؛ أبو داوود ١ : ٣٢٨ / ١٤٥٧ ، كتاب الصلاة ، باب ٣٥٠ (فاتحة الكتاب) ؛ الترمذي ٤ : ٣٦٠ / ٥١٣٠. قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ؛ مسند أحمد ٢ : ٤٤٨ ؛ كنز العمّال ١ : ٥٥٨ / ٢٥٠٥ ؛ التبيان ١ : ٢٢.

(٣) الرعد ١٣ : ٣٩.

(٤) الدرّ ١ : ١١.

(٥) الدرّ ١ : ١٨ ؛ الأمّ ١ : ١٢٩ ؛ المصنف ١ : ٣٩٦ / ١ ؛ مسند أحمد ٥ : ٣١٤ ؛ البخاري ١ : ١٨٤ ، كتاب الصلاة ، باب ٩٥ (وجوب القراءة للإمام والمأموم) ؛ مسلم ٢ : ٨ ؛ أبو داوود ١ : ١٨٩ / ٨٢٢ ؛ الترمذي ١ : ١٥٦ / ٢٤٧ ؛ النسائي ٢ : ١٣٧ ؛ ابن ماجة ١ : ٢٧٣ / ٨٣٧ ؛ البيهقي ٢ : ٣٨ ؛ كنز العمّال ٧ : ٤٣٨ / ١٩٦٦٩ ؛ القرطبي ١ : ١١٩ ؛ ابن كثير ١ : ١٣ ؛ أبو الفتوح ١ : ٣٩.

(٦) الدرّ ١ : ١٨ ؛ مسند أحمد ٢ : ٤٧٨ ؛ البيهقي ٢ : ٣٨ ؛ ابن ماجه ١ : ٢٧٤ / ٨٤١ ؛ القرطبي ١ : ١١٩ ؛ ابن كثير ١ : ١٢ ؛ أبو الفتوح ١ : ٣٩.

(٧) ابن ماجة ١ : ٢٧٤ / ٨٣٩ ، كتاب إقامة الصلاة والسنّة فيها ، باب ١١ (القراءة خلف الإمام).

٢٦٢

القرآن عوض عن غيرها ، وليس غيرها عنها عوضا» (١).

[١ / ٤٥] وعن عفيف بن سالم قال : سألت عبد الله بن يحيى بن أبي كثير عن قراءة الفاتحة خلف الإمام فقال : عن الكافية تسأل؟ قلت : وما الكافية؟ قال : «الفاتحة» أما علمت أنّها تكفي عن سواها ولا يكفي سواها عنها (٢).

[١ / ٤٦] وأخرج الثعلبي عن عبد الجبّار بن العلاء قال : كان سفيان بن عيينة يسمّي فاتحة الكتاب : الوافية (٣).

***

[١ / ٤٧] ومن طريق معاوية بن صالح عن أبي سليمان قال : مرّ أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بعض غزوهم على رجل قد صرع ، فقرأ بعضهم في اذنه بامّ القرآن فبرأ. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «هي امّ القرآن ، وهي شفاء من كلّ داء» (٤).

[١ / ٤٨] وأخرج الدارمي والبيهقي في شعب الإيمان بسند رجاله ثقات عن عبد الملك بن عمير قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاتحة الكتاب شفاء من كلّ داء» (٥).

[١ / ٤٩] وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان بسند جيّد عن عبد الله بن جابر أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له : «ألا اخبرك بأخير سورة نزلت في القرآن؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال : فاتحة الكتاب. وأحسبه قال : فيها شفاء من كلّ داء» (٦).

[١ / ٥٠] وأخرج البزّار في مسنده عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا وضعت جنبك على

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٨ ؛ الدارقطني ١ : ٣٢٠ ؛ الحاكم ١ : ٢٣٨ ؛ كنز العمّال ١ : ٥٥٨ / ٢٥٠٧ ؛ أبو الفتوح ١ : ٣١.

(٢) الدرّ ١ : ١٢ ؛ الثعلبي ١ : ١٢٨ ، وزاد في آخره : إيّاك أن تصلّي إلّا بها ؛ التفسير الكبير : ١٧٦١ ؛ القرطبي ١ : ١١٣ ؛ ابن كثير ١ : ٩ ؛ أبو الفتوح ١ : ٣١.

(٣) الدرّ ١ : ١٢ ؛ الثعلبي ١ : ١٢٧ ؛ التفسير الكبير ١ : ١٧٦ ؛ ابن كثير ١ : ٩ ، القرطبي ١ : ١١٣١ ، وقال في تعليل تسميتها بالوافية : لأنّها لا تنتصف ولا تحتمل الاختزال. ولو قرأ من سائر السور نصفها في ركعة ، ونصفها الآخر في ركعة لأجزاء. ولو نصفت الفاتحة في ركعتين لم يجز.

(٤) الدرّ ١ : ١٥ ؛ الثعلبي ١ : ١٢٨ ـ ١٢٩. وفيه : (رجل مقعد متربّع) بدل (رجل قد صرع) و (في اذنه شيئا من القرآن) بدل (في اذنه بامّ القرآن) ؛ أبو الفتوح ١ : ٣٢.

(٥) الدرّ ١ : ١٥ ؛ الدارمي ٢ : ٤٤٥ ؛ الشعب ٢ : ٤٥٠ / ٢٣٧٠.

(٦) الدرّ ١ : ١٤ ؛ مسند أحمد ٤ : ١٧٧ ؛ الشعب ٢ : ٤٤٩ ـ ٤٥٠ ؛ مجمع الزوائد ٦ : ٣١٠ ؛ ابن كثير ١ : ١١ ـ ١٢.

٢٦٣

الفراش وقرأت فاتحة الكتاب ، وقل هو الله أحد فقد أمنت من كلّ شيء إلّا الموت» (١).

[١ / ٥١] وأخرج ابن قانع في معجم الصحابة عن رجاء الغنوي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «استشفوا بما حمد الله به نفسه قبل أن يحمده خلقه ، وبما مدح الله به نفسه. قلنا : وما ذاك يا نبيّ الله؟ قال : «الحمد لله» و «قل هو الله أحد» فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله» (٢).

[١ / ٥٢] وأخرج سعيد بن منصور في سننه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «فاتحة الكتاب شفاء من السّم» (٣).

وأخرج أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب من وجه آخر عن أبي سعيد وأبي هريرة مرفوعا مثله (٤).

[١ / ٥٣] روى ثقة الإسلام الكليني عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن سلمة بن محرز قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «من لم يبرأه الحمد لم يبرأه شيء». (٥).

[١ / ٥٤] وعن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن عبد الله بن الفضل النوفلي رفعه قال : ما قرأت الحمد على وجع سبعين مرّة إلّا سكن (٦).

[١ / ٥٥] روى العيّاشي بإسناده عن إسماعيل بن أبان ، يرفعه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لجابر بن عبد الله : يا جابر ألا أعلّمك أفضل سورة أنزلها الله في كتابه؟ فقال جابر : بلى بأبي أنت وأمّي يا رسول الله علّمنيها ، قال : فعلّمه «الحمد» امّ الكتاب ، ثمّ قال له : يا جابر ألا اخبرك عنها؟ قال : بلى بأبي أنت وامّي ، فأخبرني ، قال : هي شفاء من كلّ داء إلّا السام يعني الموت» (٧).

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٥ ؛ ابن كثير ١ : ١٤ ؛ مجمع الزوائد ١٠ : ١٢١ ، باب ما يقول إذا أوى إلى فراشه وإذا انتبه. وقال الهيثمي : رواه البزّار وفيه غسّان بن عبيد وهو ضعيف ، ووثّقه ابن حبان وبقيّة رجاله رجال الصحيح ؛ كنز العمّال ١٥ : ٣٣٥ / ٤١٢٧٩.

(٢) الدرّ ١ : ١٧ ؛ معجم الصحابة ١ : ٢١٥ ؛ كنز العمّال ١٠ : ٨ / ٢٨١٠٤.

(٣) الدرّ ١ : ١٤ ؛ الشعب ٢ : ٤٥٠ / ٢٣٦٨ ؛ فردوس الأخبار ٣ : ١٥٧ / ٤٢٦٤ ؛ القرطبي ١ : ١١٢ ؛ ابن كثير ١ : ٩ ؛ أبو الفتوح ١ : ٣٢ ؛ كنز العمّال ١ : ٥٥٧ / ٢٤٩٩٦.

(٤) الدرّ ١ : ١٥.

(٥) الكافي ٢ : ٦٢٦ / ٢٢ ، كتاب فضل القرآن ، باب فضل القرآن ؛ جامع الأخبار : ١٢٢ / ١٤ ، فصل ٢٢ عن جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام ؛ العيّاشي ١ : ٣٥ / ١٠ ؛ البحار ٨٩ : ٢٣٧ / ٣٤ ، باب ٢٩.

(٦) الكافي ٢ : ٦٢٣ / ١٥ ، كتاب فضل القرآن ، باب فضل القرآن ؛ البحار ٩٢ : ١٤٨ ـ ١٤٩.

(٧) العيّاشي ١ : ٣٤ / ٩.

٢٦٤

[١ / ٥٦] وأخرج الثعلبي عن الشعبي أنّ رجلا شكا إليه وجع الخاصرة فقال : عليك بأساس القرآن. قال : وما أساس القرآن؟ قال : فاتحة الكتاب (١).

[١ / ٥٧] وروى العياشي بإسناده إلى أبي بكر الحضرمي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إذا كانت لك حاجة فاقرأ المثاني وسورة أخرى وصلّ ركعتين وادع الله ، قلت : أصلحك الله وما المثاني؟ قال : فاتحة الكتاب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ). (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)» (٢).

[١ / ٥٨] وعن ابن بابويه قال : حدّثني أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثني محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعيل بن مهران ، قال : حدّثني الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني ، عن أبيه ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «اسم الله الأعظم مقطّع في امّ الكتاب» (٣).

[١ / ٥٩] وأخرج أبو الشيخ في الثواب عن عطاء قال : «إذا أردت حاجة فاقرأ بفاتحة الكتاب حتّى تختمها. تقضى إن شاء الله» (٤).

[١ / ٦٠] روى الشيخ في الأمالي بإسناده عن الصادق عليه‌السلام قال : «من نالته علّة فليقرأ : الحمد في جيبه (أي ينفثها فيه) سبع مرّات ، فإن ذهبت ، وإلّا فليقرأها سبعين مرّة وأنا الضامن له العافية» (٥).

[١ / ٦١] روى الكليني عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «لو قرئت الحمد على ميّت سبعين مرّة ثمّ ردّت فيه الرّوح ، ما كان ذلك عجبا» (٦).

[١ / ٦٢] وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن عمران بن حصين : فاتحة الكتاب وآية الكرسي ، لا يقرأهما عبد في دار فتصيبهم في ذلك اليوم عين إنس أو جنّ (٧).

[١ / ٦٣] وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق عن شدّاد بن أوس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٢ ؛ الثعلبي ١ : ١٢٨ ؛ ابن كثير ١ : ٩ ؛ القرطبي ١ : ١١٣ ؛ مجمع البيان ١ : ٤٧ بالاختصار عن ابن عبّاس ؛ أبو الفتوح ١ : ٣١.

(٢) العيّاشي ١ : ٣٥ / ١١ ، وج ٢ : ٢٤٩ / ٣٥ في تفسير سورة الحجر.

(٣) ثواب الأعمال : ١٠٤ ، باب ثواب من قرأ سورة فاتحة الكتاب ؛ العيّاشي ١ : ٣٣ / ١ ؛ البحار ٨٩ : ٢٣٤ / ١٦ ، باب ٢٩ (فضائل سورة الفاتحة).

(٤) الدرّ ١ : ١٧.

(٥) الأمالي للطوسي : ٢٨٤ / ٥٥٣ ، المجلس العاشر.

(٦) الكافي ٢ : ٦٢٣ / ١٦ ، كتاب فضل القرآن.

(٧) الدرّ ١ : ١٦ ؛ فردوس الأخبار ٣ : ١٨٨ / ٤٣٧٩ ، باب الفاء ؛ كنز العمّال ١ : ٥٥٧ / ٢٥٠٢.

٢٦٥

«إذا أخذ أحدكم مضجعه ليرقد ، فليقرأ بأمّ القرآن وسورة. فإنّ الله يوكّل به ملكا يهبّ معه إذا هبّ» (١).

[١ / ٦٤] وأخرج أبو عبيدة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : بعثنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سريّة ثلاثين راكبا ، فنزلنا بقوم من العرب ، فسألناهم أن يضيّفونا فأبوا ، فلدغ سيّدهم فأتونا فقالوا : فيكم أحد يرقي من العقرب؟ فقلت : نعم أنا. ولكن لا أفعل حتّى تعطونا شيئا. قالوا : فإنّا نعطيكم ثلاثين شاة. فقال : فقرأ عليها «الحمد» سبع مرّات فبرأ ، فلمّا قبضنا الغنم عرض في أنفسنا منها ، فكففنا حتّى أتينا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكرنا ذلك له قال : «أما علمت أنّها رقية! اقتسموها واضربوا لي معكم بسهم» (٢).

في هذا الحديث شناعة : كيف يتقاضى صحابيّ جليل أجرا على نفخة هي نفخة رحمانيّة حتّى ولو كان القوم قد أساءوا في امتناعهم عن الإقراء ، وليس من شيمة الكريم أن يقابل سيّئة بسيّئة. ومنطق الإسلام : أحسن إلى من أساء إليك.

ثمّ من أين علم أبو سعيد أنّ قراءة الحمد سبع مرّات ترقي اللّدغ؟ فلو كان بتعليم النبيّ ، فقد

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٧ ؛ ابن عساكر : ٢٢ / ٤١٣ ؛ كنز العمّال ١ : ٣٢٩ / ٤١٢٥٦ ؛ النسائي ٦ : ٢٠٣ / ١٠٦٤٨ بلفظ : «... ما من عبد مسلم يأوي إلى فراشه فيقرأ سورة من كتاب الله حين يأخذ مضجعه إلّا وكّل الله به ملكا لا يدع شيئا يقربه ويؤذيه حتى يهبّ متى هبّ» هبّ من النوم : استيقظ.

(٢) الدرّ ١ : ١٤ ؛ فضائل القرآن : ١١٩ / ١٥ ـ ٣٣ ؛ مسند أحمد ٣ : ١٠ ، مسند أبي سعيد الخدري ؛ البخاري ٧ : ٢٥ ؛ مسلم ٧ : ٢٠ ، كتاب السّلام ، باب جواز أخذ الاجرة على الرقية بالقرآن والأذكار ؛ أبو داوود ٢ : ٢٢٨ / ٢٩٠٠ ، كتاب الطب ، باب كيف الرقى ؛ الترمذي ٣ : ٢٦٨ ـ ٢٦٩ / ٢١٤٢ ، أبواب الطبّ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، باب ١٩ (ما جاء في أخذ الأجر على التعويذ). قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ؛ النسائي ٦ : ٢٥٤ / ١٠٨٦٦ ، كتاب الطب ، باب الشرط في الرقية ؛ ابن ماجة ٢ : ٧٢٩ / ٢١٥٦ ، كتاب التجارات ، باب أجر الراقي ؛ الحاكم ١ : ٥٥٩ بلفظ : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن صالح بن هاني ، حدّثنا الحسين بن محمّد القباني ، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، أنبأ جرير عن الأعمش عن جعفر بن أياس عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضى الله عنه قال : «بعثنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غزاة أو سرية فمررنا على أهل أبيات فاستضفناهم فلم يضيّفونا فنزلنا باخرى ولدغ سيّدهم فأتونا فقالوا : هل أحد منكم يرقي؟ فقلت : أنا راق. قال : فارق صاحبنا. قلت : لا ، قد استضفناكم فلم تضيّفونا. قالوا : فإنّا نجعل لكم. فجعلوا لنا ثلاثين شاة. قال : فأتيته فجلست أمسحه وأقرأ فاتحة الكتاب وأردّدها حتّى برأ. فأخذنا الشياه فقلنا : أخذناه ونحن لا نحسن أن نرقي. ما نحن بالذي نأكلها حتّى نسأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. فأتيناه فذكرنا ذلك له. قال : فجعل يقول : وما يدريك أنّها رقية؟ قلت : يا رسول الله ما دريت أنّها رقية ولكن شيء ألقى الله في نفسي. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كلوا واضربوا لي منكم بسهم».

قال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه إنّما أخرجه عن يحيى بن يحيى عن هشيم عن أبي بشر عن أبي المتوكّل عن أبي سعيد مختصرا. والبيهقي ٦ : ٢٠٠ ، كتاب البيوع ، باب الجعالة.

٢٦٦

كان علّمه أيضا أن لا يتقاضى أجرا!

وأشنع من ذلك : طمع رسول الله ـ وحاشاه ـ أن يجعل له سهم. وهو يعلم أنّ الشياه على قدر الفرسان. فمن الذي يؤثر رسول الله بسهمه؟

ثمّ إنّ هذه القصّة لو عرضت على الأجانب لم يكن تجاوبها سوى الشنعة بشريعة الأطماع.

[١ / ٦٥] وأخرج الطبراني في الأوسط والدارقطني في الافراد وابن عساكر عن السائب ابن يزيد قال : عوّذني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفاتحة الكتاب تفلا ... (١).

[١ / ٦٦] وأخرج أحمد وأبو داوود والنسائي وابن السني في عمل اليوم والليلة والحاكم وصحّحه والبيهقي في الدلائل عن خارجة بن الصلت التميمي عن عمّه. أنّه أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ أقبل راجعا من عنده ، فمرّ على قوم عندهم رجل مجنون موثّق بالحديد ، فقال أهله : أعندك ما تداوي به هذا؟ فإنّ صاحبكم قد جاء بخير! قال : فقرأت عليه «فاتحة الكتاب» ثلاثة أيّام ، في كلّ يوم مرّتين غدوة وعشية ، أجمع بزاقي ثمّ أتفل ، فبرأ ، فأعطوني مائة شاة. فأتيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكرت ذلك له فقال : «كل ، فمن أكل برقية باطل فقد أكلت برقية حقّ» (٢). قلت : العهدة على الراوي!

[١ / ٦٧] وأخرج أحمد والبخاري والبيهقي في سننه عن ابن عبّاس إنّ نفرا من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرّوا بماء فيه لديغ أو سليم ، فعرض لهم رجل من أهل الحي فقال : هل فيكم من راق؟ إنّ في الماء رجلا لديغا أو سليما. فانطلق رجل منهم فقرأ «بفاتحة الكتاب» على شاء (٣) فبرأ ، فجاء بالشاء إلى أصحابه فكرهوا ذلك وقالوا : أخذت على كتاب الله أجرا؟ حتّى قدموا المدينة فقالوا : يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرا! فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ أحقّ ما أخذتم عليه أجرا ، كتاب الله» (٤).

__________________

(١) الدرّ ١ : ١٤ ؛ الأوسط ٧ : ٣١ ؛ ابن عساكر ٢٠ : ١١٣ ؛ مجمع الزوائد ٥ : ١١٣ ، كتاب الطب ؛ كنز العمّال ١٠ : ١٠٤ / ٢٨٥٣٠.

(٢) الدرّ ١ : ١٥ ؛ مسند أحمد ٥ : ٢١٠ ـ ٢١١ ؛ أبو داوود ٢ : ٢٢٧ / ٣٨٩٦ ؛ النسائي ٤ : ٣٦٥ / ٧٥٣٤ ؛ عمل اليوم والليلة : ٢١٠ / ٦٣٥ ، باب ما يقرأ على من يعرض له في عقله ؛ الحاكم ١ : ٥٥٩ ـ ٥٦٠ ؛ الدلائل ٧ : ٩١ ـ ٩٢ ؛ أبو الفتوح ١ : ٣٢ ـ ٣٣.

(٣) أي على أجر شاء.

(٤) الدرّ ١ : ١٤ ؛ مسند أحمد ٣ : ١٠ و ٤٤ ؛ البخاري ٧ : ٢٣ ؛ البيهقي ٦ : ١٢٤ ، بلفظ : (أخبرنا) أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو يحيى أحمد بن محمّد بن إبراهيم السمرقندي ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن نصر ، حدّثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، حدّثنا يوسف بن يزيد يعني أبا معشر البراء ، حدّثنا عبيد الله بن الأخنس عن ابن أبي مليكة عن ابن عبّاس «أنّ نفرا من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرّوا بماء

٢٦٧

[١ / ٦٨] وعن المجموع الرائق للسيّد هبة الله في منابع القرآن ، قال : «سورة الحمد ، من قرأها في كفّه إذا عطس مرة ومسح بها وجهه ، أمن من الرمد ، والصداع ، والبياض في العين ، والجرب ، والكلف ، والرعاف» (١).

ونقله الكفعمي في حاشية الجنّة : وزاد في آخره : «ووجع الأسنان» وأسقط «الجرب» (٢).

[١ / ٦٩] روى السيد عليّ بن طاووس في مهج الدعوات : نقلا من كتاب زاد العابدين ـ تأليف الحسين بن أبي الحسن بن خلف الكاشغري الملقب بالفضل ـ ما هذا لفظه : حديث نيسان ، قال : وأخبرنا الوالد أبو الفتوح ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن عبد الله الخشاني البلخي ، حدّثنا أبو نصر محمّد بن أحمد الباب الحريري ، حدّثنا أبو نصر عبد الله بن العبّاس المذكر البلخي ، حدّثنا أحمد بن أحمد البلخي ، حدثنا عيسى بن هارون عن محمّد بن جعفر بن عبد الله بن عمر قال : حدّثنا نافع ، عن ابن عمر قال : كنا جلوسا إذ دخل علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسلم علينا فرددنا عليه‌السلام ، فقال : «ألا أعلّمكم دواء علّمني جبرئيل عليه‌السلام حيث لا أحتاج إلى دواء الأطباء؟ وقال عليّ عليه‌السلام وسلمان وغيرهما ـ رحمة الله عليهم ـ ما ذاك الدواء؟ فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ عليه‌السلام : تأخذ من ماء المطر بنيسان ، وتقرأ عليه فاتحة الكتاب سبعين مرّة ، وآية الكرسي سبعين مرّة ، وقل هو الله أحد سبعين مرّة ، وقل أعوذ برب الفلق سبعين مرّة ، وقل أعوذ برب الناس سبعين مرّة ، وقل يا أيّها الكافرون سبعين مرّة وتشرب من ذلك الماء غدوة وعشيّة سبعة أيام متواليات. قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي بعثني بالحق نبيّا ، إنّ جبرائيل قال : إنّ الله يرفع عن الذي يشرب من هذا الماء كلّ داء في جسده ، ويعافيه ويخرج من عروقه وجسده وعظمه وجميع أعضائه ، ويمحو ذلك من اللوح المحفوظ ، والذي بعثني بالحقّ نبيّا ، إن لم يكن له ولد وأحب أن يكون له ولد بعد ذلك ، فشرب من ذلك الماء كان له ولد ، وإن كانت المرأة عقيما شربت من ذلك الماء رزقها الله ولدا ، وإن كان الرجل عنيّنا والمرأة عقيما وشرب من

__________________

وفيهم لديغ أو سليم فعرض لهم رجل من أهل الماء فقال لهم : هل فيكم من راق ، إنّ في الماء رجلا لديغا أو سليما ، فانطلق رجل منهم فقرأ امّ الكتاب على شاء فبرأ فجاء بالشاء إلى أصحابه فكرهوا ذلك وقالوا : أخذت على كتاب الله أجرا؟ فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبره بما كان. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ أحقّ ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله». (رواه البخاري في الصحيح عن سيدان بن مضارب عن أبي معشر).

(١) البحار ١٠٢ : ٦٣. بالهامش.

(٢) مستدرك الوسائل ٨ : ٣٨٨ / ٩٧٥٧. والجنّة الواقية هي اسم كتاب المصباح للكفعمي.

٢٦٨

الماء أطلق الله عنه ، وذهب ما عنده ويقدر على المجامعة ، وإن أحبّت أن تحمل بابن حملت ، وإن أحبّت أن تحمل بذكر أو انثى حملت ، وتصديق ذلك في كتاب الله : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ. أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً)(١) وإن كان به صداع يشرب من ذلك يسكن عنه الصداع ، بإذن الله تعالى. وإن كان به وجع العين ، يقطر من ذلك الماء في عينيه ، ويشرب منه ويغسل عينيه ، يبرأ بإذن الله تعالى ، ويشد اصول الأسنان ، ويطيب الفم ، ولا يسيل من اصول الأسنان اللعاب ، ويقطع البلغم ، ولا يتخم إذا أكل وشرب ، ولا يتأذّى بالريح ، ولا يصيبه الفالج ، ولا يشتكي ظهره ، ولا يتوجّع بطنه ، ولا يخاف من الزكام ، ووجع الضرس ، ولا يشتكي المعدة والدود ، ولا يصيبه قولنج ، ولا يحتاج إلى الحجامة ، ولا يصيبه الباسور (٢) ، ولا يصيبه الناسور (٣) ، ولا يصيبه الحكّة ، ولا الجدري ، ولا الجنون ، ولا الجذام ، والبرص ، والرعاف ، ولا القلس ، ولا يصيبه عمى ، ولا بكم ، ولا خرس ، ولا صمم ، ولا مقعد ، ولا يصيبه الماء الأسود في عينيه ، ولا يصيبه داء يفسد عليه صومه وصلاته ، ولا يتأذّى بالوسوسة ، ولا الجنّ ، ولا الشياطين ، وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال جبرائيل : إنّه من شرب من ذلك الماء ، ثمّ كان به جميع الأوجاع التي تصيب الناس ، فإنّها شفاء له من جميع الأوجاع ، فقلت يا جبرائيل! هل ينفع في غير ما ذكرت من الأوجاع؟ قال جبرائيل : والذي بعثك بالحقّ نبيّا ، من قرأ هذه الآيات على هذا الماء ، ملأ الله قلبه نورا وضياء ، ويلقي الإلهام في قلبه ، ويجري الحكمة على لسانه ، ويحشو قلبه من الفهم والتبصرة ما لم يعط مثله أحدا من العالمين ، ويرسل إليه ألف مغفرة ، وألف رحمة ، ويخرج الغش ، والخيانة ، والغيبة ، والحسد ، والبغي ، والكبر ، والبخل ، والحرص ، والغضب من قلبه ، والعداوة ، والبغضاء ، والنميمة ، والوقيعة في الناس ، وهو الشفاء من كلّ داء».

وقد روي في رواية اخرى عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيما يقرأ على ماء المطر في نيسان زيادة ، وهي أنّه يقرأ عليه سورة إنّا أنزلناه ، ويكبر الله ويهلل الله ، ويصلي على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كلّ واحدة منها سبعين مرّة (٤)

__________________

(١) الشورى ٤٢ : ٤٩ و ٥٠.

(٢) الباسور : واحد البواسير ، وهي كالدمل في مقعدة الإنسان (مجمع البحرين ٣ : ٢٢١).

(٣) الناسور : مرض كسابقه إلّا أنّه أشد (مجمع البحرين ٣ : ٤٩٢).

(٤) مستدرك الوسائل ١٧ : ٣٢ / ٢٠٦٦٧ ؛ مهج الدعوات : ٣٥٦ ؛ البحار ٦٣ : ٤٧٦ ـ ٤٧٨ / ١.

٢٦٩

[١ / ٧٠] وعن سعدويه بن مهران قال : حدّثنا محمّد بن صدقة ، عن محمّد بن سنان الزاهري ، عن يونس بن ظبيان ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال : جاء رجل من بني امية إلى أبي جعفر عليه‌السلام ، وكان مؤمنا من آل فرعون يوالي آل محمّد عليهم‌السلام ، فقال : «يا ابن رسول الله ، إنّ جاريتي قد دخلت في شهرها ، وليس لي ولد فادع الله أن يرزقني ابنا ، فقال : اللهمّ ارزقه ابنا ذكرا سويّا ، ثمّ قال : إذا دخلت في شهرها فاكتب لها (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) وعوّذها بهذه العوذة ، وما في بطنها ، بمسك وزعفران واغسلها وأسقها ماءها وانضح فرجها بماء إنّا أنزلناه وعوّذ ما في بطنها بهذه العوذة : أعيذ مولودي ببسم الله ، بسم الله (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً)(١) ثمّ يقول بسم الله بسم الله ، أعوذ بالله السميع العليم ، من الشيطان الرجيم ، أنا وأنت ، والبيت ومن فيه ، والدار ومن فيها ، نحن كنّا في حرز الله ، وعصمة الله ، وجيران الله ، وجوار الله ، آمنين محفوظين ، ثمّ تقرأ المعوذّتين وتبدأ بفاتحة الكتاب ، ثمّ بسورة الإخلاص ، ثمّ تقرأ : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ. فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ. وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ. وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ)(٢)(لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) ـ إلى قوله ـ (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(٣) ثمّ تقول : مدحورا من يشاقّ الله ورسوله ، أقسمت عليك يا بيت ومن فيك ، بالأسماء السبعة ، والأملاك السبعة الذين يختلفون بين السماء والأرض ، محجوبا من هذه المرأة وما في بطنها كلّ عرض واختلاس أو لمس أو لمعة أو طيف مسّ من إنس أو جان ، وإن قال عند فراغه من هذا القول ومن العوذة كلّها : أعني بهذا القول وبهذه العوذة فلانا وأهله وولده ومنزله ، فليسمّ نفسه وليسمّ منزله وداره وأهله وولده ، فيلفظ به ، وليقل : أهل فلان بن فلان ، وولد فلان بن فلان ، لأنّه أحكم له وأجود ، وأنا الضامن على نفسه وأهله وولده ، أن لا يصيبهم آفة ولا خبل ولا جنون ، بإذن الله عزوجل» (٤).

__________________

(١) الجنّ ٧٢ : ٨ و ٩.

(٢) المؤمنون ٢٣ : ١١٥ ـ ١١٨.

(٣) الحشر ٥٩ : ٢١ ـ ٢٤.

(٤) مستدرك الوسائل ١٥ : ٢٠٨ / ١٨٠٢٩ ؛ طب الأئمة : ٩٦ ، باب : ما يكتب للموعود ساعة يولد.

٢٧٠

ما روي عن السّلف بشأن قراءتها

القراءة في الرواية عن السلف

قال القرطبي : وأجمع القرّاء السبعة وجمهور الناس على رفع الدّال من (الْحَمْدُ لِلَّهِ.)

[١ / ٧١] وروى عن سفيان بن عيينة ورؤبة بن العجّاج : «الحمد لله» بنصب الدّال. وهذا على إضمار فعل.

[١ / ٧٢] وروى عن ابن أبي عبلة : «الحمد لله» بضمّ الدّال واللام على اتّباع الثاني للأوّل ، وليتجانس اللفظ. قال : وطلب التجانس في اللفظ كثير في كلامهم ، نحو «أجوءك» و «هو منحدر من الجبل». وفي قراءة لأهل مكّة : «مردفين» بضمّ الراء إتّباعا للميم.

[١ / ٧٣] وروى عن الحسن بن أبي الحسن وزيد بن علي : «الحمد لله» بكسر الدّال ، على اتّباع الأوّل للثاني (١).

__________________

(١) القرطبي ١ : ١٣٥ ـ ١٣٦ ؛ ابن كثير ١ : ٢٣ ؛ أبو الفتوح ١ : ٦٣ ـ ٦٤. وهذا الأخير روى القراءة بفتح الدال من الحمد ، عن محمّد بن هارون ورؤبة بن العجاج.

٢٧١

كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمدّ في قراءته

المدّ : عبارة عن زيادة مطّ في حرف المدّ على المدّ الطبيعي ، وهو الذي لا يقوم ذات حرف المدّ دونه.

وحروف المدّ ، هي الحروف الجوفيّة : «الألف» ولا تكون إلّا ساكنة ، ولا يكون قبلها إلّا مفتوح. و «الواو» الساكنة المضموم ما قبلها. و «الياء» الساكنة المكسور ما قبلها.

وللمدّ أحكام ذكرها ابن الجزري وبيّن أسبابه وأطواره واختلاف موارده وفي مقداره : طولى ووسطى ودون ذلك ، وذكر في المتصل (نحو : الرحمان. الرحيم. مالك. الدين. نستعين. يوقنون. لكفور ...) : أنّ أئمّة أهل الأداء من أهل العراق إلّا القليل منهم ، وكثير من المغاربة ، على مدّه قدرا واحدا مشبعا من غير إفحاش ولا خروج عن منهاج العربيّة. وأخيرا قال : فوجب أن لا يعتقد أنّ قصر المتصل جائز عند أحد من القرّاء. قال : وقد تتبّعته فلم أجده في قراءة صحيحة ولا شاذّة ، بل رأيت النصّ بمدّه فذكر الرواية عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

[١ / ٧٤] قال : أخبرني الحسن بن محمّد الصالحي ـ فيما قرئ عليه وشافهني به ـ عن علي بن أحمد المقدسي ، عن محمّد بن أبي زيد الكراني في كتابه ، عن محمود بن إسماعيل الصيرفي عن أحمد بن محمّد بن الحسين الأصبهاني ، عن سليمان بن أحمد الحافظ ، عن محمّد بن علي الصائغ المكّي ، عن سعيد بن منصور ، عن شهاب بن خراش ، عن مسعود بن يزيد الكندي ، قال : كان ابن مسعود يقرئ رجلا ، فقرأ الرجل : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ)(١) مرسلة (٢). فقال ابن مسعود : ما هكذا أقرأنيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم! فقال الرجل : كيف أقرأكها ، يا أبا عبد الرحمان؟ فقال : أقرأنيها : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) فمدّدها.

قال ابن الجزري : هذا حديث جليل حجّة ونصّ في هذا الباب ، رجال إسناده ثقات ، رواه الطبراني في معجمه الكبير (٣).

[١ / ٧٥] وروى محمّد بن سعد الكاتب بإسناده إلى قتادة قال : سألت أنس بن مالك. قال :

قلت : كيف كانت قراءة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : كان يمدّ صوته مدّا.

__________________

(١) التوبة ٩ : ٦٠.

(٢) أي مقصورة من غير مدّ للألفات.

(٣) النشر في القراءات العشر ١ : ٣١٥ ـ ٣١٦. وراجع : الكبير ٩ : ١٣٧ ـ ١٣٨ / ٨٦٧٧.

٢٧٢

قال : كان يقول : بسم الله الرّحمان الرحيم ، يمدّ بسم الله ، ويمدّ الرحمان ، ويمدّ الرحيم (١).

[١ / ٧٦] وهكذا روى أبو داوود بإسناده إلى قتادة ، قال : سألت أنسا عن قراءة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : كان يمدّ مدّا (٢).

[١ / ٧٧] أخرج ابن أبي شيبة والبخاري والدارقطني والحاكم والبيهقي في سننه عن أنس بن مالك ، أنّه سئل عن قراءة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : كانت قراءته مدّا. وإذا قرأ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، يمدّ «بسم الله» ، ويمدّ «الرّحمان» ، ويمدّ «الرحيم» (٣).

***

كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقطع في قراءته ، يقف على كلّ آية آية ، ولا يوصلها تباعا.

[١ / ٧٨] روى الحاكم بإسناده إلى امّ سلمة قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقطع قراءته آية آية.

(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، ثمّ يقف. (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، ثمّ يقف ، وهكذا.

قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين (٤).

ورواه الدارقطني في السنن وقال : إسناد صحيح (٥).

ورواه أبو داوود في السنن. والإمام أحمد بن حنبل وابن خزيمة في الصحيح وغيرهم (٦).

[١ / ٧٩] وجاء في حديث امّ سلمة في وصف قراءته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّه عدّ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) آية ، ولم يعدّ (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) آية برأسها (٧) وسيأتي الحديث. وهكذا جاء في المصاحف.

***

كانت لرسول الله سكتتان في قراءة الصلاة : سكتة إذا فرغ من امّ القرآن. وسكتة إذا فرغ من السورة.

[١ / ٨٠] روى الشيخ بإسناده إلى إسحاق بن عمّار عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام : «أنّ رجلين من

__________________

(١) الطبقات ١ : ٣٧٦.

(٢) أبو داوود ١ : ٣٣٠ / ١٤٦٥ ، باب استحباب الترتيل في القراءة.

(٣) الدرّ ١ : ٢٧ ؛ المصنف ٢ : ٤٠٢ / ٥ ، باب قراءة القرآن ؛ البخاري ٦ : ١١٢ ، كتاب فضائل القرآن ، باب مدّ القراءة ؛ الدارقطني ١ : ٣٠٦ ؛ الحاكم ١ : ٢٣٣ ؛ البيهقي ٢ : ٤٦ ، وراجع : ابن كثير ١ : ١٨.

(٤) الحاكم ٢ : ٢٣١ ـ ٢٣٢.

(٥) الدارقطني ١ : ٣١٠.

(٦) أبو داوود ٢ : ٢٤٨ / ٤٠٠١ ؛ مسند أحمد ٦ : ٣٠٢ ؛ ابن خزيمة ٢ : ١٨٨ ؛ الترمذي ٤ : ٢٥٧ / ٣٠٩٥ ، كتاب القراءات عن رسول الله ، باب ١.

(٧) الدرّ ١ : ١٩.

٢٧٣

أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اختلفا في صلاة رسول الله. فكتبا إلى ابيّ بن كعب : كم كانت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من سكتة؟ فقال : كانت له سكتتان : إذا فرغ من امّ القرآن ، وإذا فرغ من السورة» (١).

[١ / ٨١] وروى الصدوق بإسناده إلى ابن عروبة عن قتادة عن الحسن : أنّ سمرة بن جندب وعمران بن حصين تذاكرا ، فحدّث سمرة : أنّه حفظ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سكتتين : سكتة إذا كبّر ، وسكتة إذا فرغ من قراءته عند ركوعه.

ثمّ إنّ قتادة ذكر السكتة الأخيرة إذا فرغ من قراءة (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.) أي حفظ ذلك سمرة وأنكره عليه عمران. قال : فكتبنا في ذلك إلى ابيّ بن كعب ، فكان في كتابه إليهما : أنّ سمرة قد حفظ وهكذا روى ابن ماجة في الصحيح بإسناده عن سعيد عن قتادة (٢).

واستدلّ الصدوق بذلك على أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن ليؤمّن ، لأنّه يتنافى والسكوت.

قراءة (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)

[١ / ٨٢] أخرج أبو داوود في السنن قال : حدّثنا أحمد بن حنبل عن عبد الرزّاق عن معمر عن الزّهري قال معمر : وربما ذكر ابن المسيّب ، قال : كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يقرأون (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.) وأوّل من قرأها «ملك» مروان.

قال أبو داوود : هذا أصحّ من حديث الزّهري الآتي عن أنس وعن سالم عن أبيه. وقال : سمعت أحمد يقول : القراءة القديمة (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(٣).

[١ / ٨٣] وأخرج الترمذي في الجامع قال : حدّثنا أبو بكر محمّد بن أبان عن أيّوب بن سويد الرملي عن يونس بن يزيد عن الزهري عن أنس : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبا بكر وعمر ، وأراه قال : وعثمان ، كانوا يقرأون : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(٤).

قال أبو عيسى (الترمذي) : هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث الزهري عن أنس بن مالك إلّا من حديث هذا الشيخ أيّوب بن سويد الرملي.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٩٧ / ١١٩٦.

(٢) الخصال : ٧٤ ـ ٧٥ / ١١٦ ، باب الاثنين. وراجع : سنن ابن ماجة ١ : ٢٧٨ باب سكتتي الإمام ٢١٤.

(٣) أبو داوود ٢ : ٢٤٨ / ٤٠٠٠ و ٤٠٠١ ، كتاب الحروف والقراءات.

(٤) ولعلّ في النسخة تصحيفا وكانت ملك يوم الدين ومن ثمّ استغر به الترمذي ونقضه بالحديث التالي.

٢٧٤

[١ / ٨٤] وقد روى بعض أصحاب الزّهريّ هذا الحديث عنه : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يقرأون : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(١).

[١ / ٨٥] قال : وقد روى عبد الرزّاق عن معمر عن الزّهري عن سعيد بن المسيّب : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يقرأون : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(٢).

[١ / ٨٦] وأخرج أحمد في الزهد والترمذي وابن أبي داوود وابن الأنباري عن أنس : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان ، كانوا يقرأون (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بالألف. رواه جلال الدّين السيوطي في الدرّ المنثور (٣).

[١ / ٨٧] وهكذا أخرج سعيد بن منصور وابن أبي داوود في المصاحف من طريق سالم عن أبيه : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان ، كانوا يقرأون : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(٤).

وأخرج ابن أبي داوود السجستاني في المصاحف بعدّة طرق عن الزّهري بالإسناد إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر وعمر ، كانوا يقرأون : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بالألف.

قال ابن أبي داوود : وكلّ من رواه عن الزهري متّصلا وغير متّصل فقراءة (مالِكِ) إلّا رجل واحد فإنّه قال : «ملك».

وإليك من روايات ابن أبي داوود في هذا الباب :

[١ / ٨٨] أخرج بإسناده عن أيّوب بن سويد عن يونس بن يزيد عن الزّهري عن أنس : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان ، كانوا يقرأون : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.)

[١ / ٨٩] وبإسناده إلى أبي الربيع عن هشيم عمّن أخبره عن الزّهري عن سالم عن أبيه : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان ، كانوا يقرأون : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.)

[١ / ٩٠] وبإسناده إلى سعيد بن منصور عن هشيم عمّن أخبره عن الزهري عن سالم عن أبيه : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان ، كانوا يقرأون : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.)

[١ / ٩١] وبإسناده إلى إبراهيم بن سليمان الزيّات عن بحر عن الزّهري عن أبي سلمة عن

__________________

(١) الترمذي ٤ : ٢٥٧ ـ ٢٥٨ / ٣٠٩٦ ، أبواب القراءات عن رسول الله.

(٢) المصدر.

(٣) الدرّ المنثور ١ : ٣٥ ؛ الترمذي ٤ : ٢٥٧ / ٣٠٩٦ ؛ المصاحف : ٩٢.

(٤) الدرّ ١ : ٣٥.

٢٧٥

أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأ : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.)

[١ / ٩٢] وبإسناده إلى معمر عن الزّهري : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان قرأوا : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.) وأوّل من قرأها «ملك» مروان.

[١ / ٩٣] وبإسناده إلى ابن شهاب عن سعيد بن المسيب والبراء بن عازب قالا : قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبو بكر وعمر : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.)

[١ / ٩٤] وبإسناده إلى طلحة الخزاعي عن الزهري : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان ، كانوا يقرأون : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.)

[١ / ٩٥] وبإسناده إلى طلحة بن عبيد الله بن أبي كلدة عن الزّهري : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقرأ : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) وأبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وابيّ بن كعب وابن مسعود ومعاذ بن جبل ـ رضي الله عنهم ـ.

[١ / ٩٦] وبإسناده إلى أبي مطرف عن ابن شهاب : أنّه بلغه أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابنه كانوا يقرأون : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.) قال ابن شهاب : وأوّل من أحدث «ملك» مروان.

[١ / ٩٧] وبإسناده إلى أبي إسحاق الخميسي عن مالك بن دينار عن أنس ، قال : صلّيت خلف النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي عليه‌السلام كلّهم كان يقرأ : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.)

[١ / ٩٨] وبإسناده إلى سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قرأ : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.)

[١ / ٩٩] وبإسناده إلى ابن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قرأ : «ملك» أو (مالِكِ)؟

[١ / ١٠٠] لكن روى بنفس الإسناد عن أبي هريرة أنّه ـ هو ـ كان يقرأ : (مالِكِ)(١).

ولا شكّ أنّ اختياره لذلك ينمّ عن متابعة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

[١ / ١٠١] قال ابن كثير : وقد روى من طرق متعدّدة أوردها ابن مردويه : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقرأها : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(٢).

وقد عرفت كلام أبي بكر السجستاني : كلّ من روى قراءة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الزّهري متّصلا

__________________

(١) المصاحف : ٩٢ ـ ٩٤ من رقم ٨٩ إلى ١٠١.

(٢) ابن كثير ١ : ٢٦.

٢٧٦

وغير متّصل فقراءة (مالِكِ). إلّا رجل واحد فرواه «ملك» (١).

كما سمعت كلام الإمام أحمد بن حنبل ـ فيما نقله عنه أبو داوود (٢) ـ : إنّها قراءة السلف.

وهذا ـ بقول مطلق ـ يعني : أنّ القراءة بالألف قراءتهم أجمع ، النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه الأعلام.

وقد صرّح ابن شهاب : أنّ أوّل من أحدث قراءة «ملك» هو مروان بن الحكم. ولعلّه بهذه النسبة قصد الامتهان بشأن قراءة شذّت وخالفت قراءة السلف (٣).

ولقد تعصّب ابن كثير لمروان قائلا : مروان ، عنده علم بصحّة ما قرأوه ولم يطّلع عليه ابن شهاب (٤). ولكن أين مروان ومعرفته باصول القراءات؟! ولم تثبت قراءة «ملك» عمّن سبقه من كبار الأصحاب المعروفين!

قال أبو بكر محمّد بن السري المعروف بابن السرّاج : ولعلّ القائل بذلك أراد : أوّل من قرأ في ذلك العصر أو من في ضربه (٥). أي لم يعهد من غيره ذلك العهد إلّا من كان على زنته وشاكلته (٦) بالنسبة إلى كبار السلف المرموقين.

ومن ثمّ فمن الغريب ما ذكره بعضهم ـ على ما نقله ابن السرّاج ـ : أنّ الخبر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقراءته : «ملك يوم الدين» أصحّ إسنادا من الخبر بقراءة (مالِكِ)(٧).

إذ قد استفاض الخبر ـ إن لم يكن متواترا ـ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالقراءة بالألف ، وجرى عليها كبار أصحابه وعامّة المسلمين مشافهة عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدا بيد ، كما عرفت. ولم يثبت عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خبر أنّه قرأ بغير ألف ، إلّا قول قيل مجهولا ، كما سبق في كلام السجستاني : «إلّا رجل واحد» ولم يعرف! (٨).

وقد ذكر أبو محمّد مكّي :

[١ / ١٠٢] أنّ أبا هريرة روى أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقرأ : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بألف.

__________________

(١) المصاحف : ٩٢.

(٢) قال أبو داوود : سمعت أحمد يقول : القراءة القديمة مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. أبو داوود ٢ : ٢٤٨ / ٤٠٠١.

(٣) قال أبو علي الفارسي : واحتجّ من كره قراءة «ملك» بأنّ أوّل من قرأها مروان. الحجّة في القراءات ١ : ٧ ـ ٨.

(٤) ابن كثير ١ : ٢٦.

(٥) الحجّة في القراءات ١ : ١١.

(٦) وقد ذكر أبو محمد مكّي فيمن قرأ «ملك» بغير ألف ، أبا الدرداء وعبد الله بن عمر ومروان بن الحكم ... الكشف عن وجوه القراءات ١ : ٢٧. وسيأتي أنّ نسبة ذلك إلى غير مروان من سائر الأصحاب ، وهم توهّمه أبو حيّان وتبعه آخرون.

(٧) الحجّة في القراءات ١ : ٧.

(٨) المصاحف : ٩٢.

٢٧٧

[١ / ١٠٣] وكذلك روت امّ حصين (١) أنّها سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأ في الصلاة : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ). وكذلك روت أمّ سلمة. وهكذا الزهري وجماعات رووا قراءة النبيّ بألف ، وكذا أعلام صحابته الكبار.

وأضاف : أنّ قراءة (مالِكِ) حسن قويّ في الرواية. في حين أنّه اختار القراءة بغير ألف استنادا إلى حجج وتعاليل من غير إسنادها إلى رواية عن النبيّ أو الأصحاب (٢).

والخلاصة : أنّ علماء الفنّ وأهل الدقّة في علم القراءات أسندوا القراءة بالألف إلى الرواية عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكبار السلف مضافا إلى كونها قراءة العامّة جمهور المسلمين. أمّا القراءة بغير ألف فلم يسندوها إلى رواية ذات اعتبار ، سوى تعاليل وحجج ذكروها وراجت عند المتأخّرين.

وسيأتي أنّ الرواية الصحيحة عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام هي قراءة (مالِكِ) بالألف (٣).

وأمّا الرواية الاخرى فقد حملناها على الإمالة في القراءة ، فحسبها الراوي بإسقاط الألف رأسا.

فالصحيح الثابت هي قراءة (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.)

قراءة ملك يوم الدّين

[١ / ١٠٤] أخرج ابن أبي داوود السجستاني بإسناده إلى هشام بن يونس عن حفص بن غياث عن ابن جريح عن ابن أبي مليكة عن امّ سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا قرأ قال : الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. ملك يوم الدين يقطع قراءته. قال هشام : قلت لحفص : قرأ ملك يوم الدين فقال : هكذا قال ، يعني ابن جريج.

قال ابن أبي داوود : سمعت أبي يقول في هذا الحديث : إنّما هو الحديث في تقطيع القراءة والترسّل فيها ، وأمّا قوله «ملك» فيقال : إنّها قراءة ابن جريج ، لا أنّه رواها عن ابن أبي مليكة (٤).

__________________

(١) هي بنت إسحاق الأحمسيّة. شهدت حجّة الوداع مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورأت اسامة وبلالا أحدهما آخذا بزمام ناقته والآخر رافعا ثوبه يستره من الحرّ حتّى رمى جمرة العقبة. وحديثها في صحيح مسلم من طريق زيد بن أبي أنيسة عن يحيى بن الحصين. انظر : الإصابة ٤ : ٤٤٢ / ١٢١٨ ؛ تهذيب التهذيب ١٢ : ٤٦٣.

(٢) راجع : الكشف عن وجوه القراءات ١ : ٢٩ ـ ٣٠ ؛ والمحرّر الوجيز ١ : ٦٨.

(٣) سيأتى برقم ١ / ١١٤.

(٤) وسنذكر تشكيك الترمذي في صحّة نسبة قراءة «ملك» إلى النبيّ ، في حديث امّ سلمة.

٢٧٨

وقال الكسائي : قراءتهم ـ يعني أهل مكّة (وابن جريج مكّي) ـ : «ملك». وإنّما روي هذا الحديث لتقطيع القراءة ، ولا أدري ما قولهم «ملك»؟

قال ابن أبي داوود : وممّا يدلّ على أنّه كما قال أبي وكما قال الكسائي ، أنّ نافع بن عمر روى هذا الحديث عن ابن أبي مليكة فقال : (مالِكِ) :

[١ / ١٠٥] حدّثنا علي بن حرب عن العبّاس بن سليمان عن نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة عن بعض أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّ النبيّ قرأ : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(١).

[١ / ١٠٦] وفي سنن أبي داوود بإسناده إلى عبد الله بن أبي مليكة ، عن امّ سلمة أنّها ذكرت قراءة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ...) يقطع قراءته آية آية.

قال أبو داوود : سمعت أحمد يقول : القراءة القديمة (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(٢).

وهذا تشكيك منه في صحّة نسبة قراءة «ملك» إلى رسول الله. كما قد تشكّك الترمذي في حديثه عن قراءة النبي برواية امّ سلمة :

[١ / ١٠٧] روى بإسناده إلى ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن امّ سلمة قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقطع قراءته ، يقول : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، ثمّ يقف. (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، ثمّ يقف. وكان يقرأها : ملك يوم الدّين.

وقال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث غريب ، وبه يقول أبو عبيدة ويختاره. هكذا روى يحيى ابن سعيد الأموي وغيره عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن امّ سلمة. قال : وليس إسناده بمتّصل ، لأنّ اللّيث بن سعد روى هذا الحديث عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك عن امّ سلمة. وحديث اللّيث أصحّ ، وليس في حديث اللّيث : «وكان يقرأ ملك يوم الدّين» (٣).

وعليه فلم تثبت قراءة «ملك» بغير ألف عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكذا سائر أصحابه وكبار التابعين. وقد وهم أبو حيّان الأندلسي في نسبة قراءة «ملك» إلى طلحة والزبير وزيد وأبي الدرداء وابن عمر والمسوّر وكثير من الصحابة والتابعين (٤). إذ لم يبيّن مستنده في هذا الإسناد! وقد عرفت خلافه برواية ابن أبي داوود السجستاني.

__________________

(١) المصاحف : ٩٤ ـ ٩٥.

(٢) أبو داوود ٢ : ٢٤٨ / ٤٠٠١.

(٣) الترمذي ٤ : ٢٥٧ / ٣٠٩٥ ، كتاب القراءات عن رسول الله.

(٤) البحر المحيط ١ : ٢٠.

٢٧٩

والأغرب أنّ جلال الدّين السيوطي أخرج في الدرّ المنثور أحاديث نسبها إلى إخراج ابن أبي داوود ، وفيها :

[١ / ١٠٨] أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرأ : ملك يوم الدّين! (١) ... وهي بعينها التي أخرجناها من كتاب المصاحف وكلّها : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.) ولعلّ النسخة التي كانت بيد السيوطي كانت مشوّهة! ودليلا على التشويش في نقل السيوطي :

[١ / ١٠٩] أنّه أخرج عنه عن أنس ، قال : صلّيت خلف النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، كلّهم كان يقرأ : ملك يوم الدّين (٢).

[١ / ١١٠] في حين أنّ المتّقي الهندي أخرجه عنه بنفس الإسناد ، وفيه : كلّهم كان يقرأ : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(٣). وهو الصحيح المطابق لنصّ ابن أبي داوود (٤).

***

نعم [١ / ١١١] جاء في حديث عائشة أنّها وصفت خروج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للاستسقاء وقال في دعائه : الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. ملك يوم الدين ...».

قال أبو داوود : وهذا حديث غريب ، إسناده جيّد. أهل المدينة يقرأون : «ملك يوم الدّين». وإنّ هذا الحديث حجّة لهم (٥).

لكن الكلام فيه كالكلام في حديث امّ سلمة ، كان وجه الكلام إلى بيان فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين خروجه لصلاة الاستسقاء ، غير أنّ الراوي قرأ الآية حسب معهوده الخاصّ من غير التفات إلى إرادة إسناد هذه القراءة بالذات إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

هذا ... ولعلّ سهوا وقع في رواية أبي داوود!

[١ / ١١٢] فقد أخرج الحاكم هذا الحديث بنفس الإسناد ، وفيه : «ثمّ قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ...)» بالألف. قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (٦).

وأخرجه البيهقي من طريق الحاكم ، لكنّه أثبت النصّ وفق ما أخرجه أبو داوود في كتاب

__________________

(١) الدرّ ١ : ٣٦.

(٢) المصدر.

(٣) كنز العمّال ٢ : ٦٠٩ / ٤٨٧٦.

(٤) راجع : المصاحف : ٩٣.

(٥) أبو داوود ١ : ٢٦١ / ١١٧٣.

(٦) الحاكم ١ : ٣٢٨.

٢٨٠