التفسير الأثري الجامع - ج ١

الشيخ محمّد هادي معرفة

التفسير الأثري الجامع - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي معرفة


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التمهيد ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-94552-4-8
ISBN الدورة:
978-600-5079-08-1

الصفحات: ٤١٦

[م / ٢١٦] وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال (الم) و (طسم) فواتح يفتتح الله بها السور (١).

[م / ٢١٧] وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ابن حيّان عن مجاهد قال (الم) و (حم) و (المص) و (ص) فواتح افتتح الله بها القرآن (٢).

القول بأنّها أسرار ورموز

[م / ٢١٨] وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ ابن حيّان في التفسير عن داوود بن أبي هند قال : كنت أسأل الشعبي عن فواتح السور قال : يا داوود إنّ لكل كتاب سرّا ، وإنّ سرّ هذا القرآن فواتح السور ، فدعها وسل عمّا بدا لك (٣).

[م / ٢١٩] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا ، دارت فيها الألسن كلّها ، ليس منها حرف إلّا وهو مفتاح اسم من أسمائه ، وليس منها حرف إلّا وهو في آلائه ، وليس منها حرف إلّا وهو في مدّة أقوام وآجالهم. وقال عيسى بن مريم عليه‌السلام وعجب فقال : وأعجب أنّهم ينطقون بأسمائه ويعيشون في رزقه ، فكيف يكفرون به؟! فالألف مفتاح اسمه الله ، واللام مفتاح اسمه لطيف ، والميم مفتاح اسمه مجيد. فالألف آلاء الله ، واللام لطف الله ، والميم مجد الله. فالألف سنة ، واللام ثلاثون سنة ، والميم أربعون سنة (٤).

قال أبو محمّد : وروي عن الربيع بن أنس مثل ذلك (٥).

[م / ٢٢٠] وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : إنّ اليهود كانوا يجدون محمدا وأمّته (في كتبهم) أنّ محمّدا مبعوث ، ولا يدرون ما مدّة أمّة محمّد! فلمّا بعث الله محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنزل (الم) قالوا : قد كنّا نعلم أنّ هذه الأمّة مبعوثة ، وكنا لا ندري كم مدّتها ، فإن كان محمّد صادقا فهو نبيّ هذه الأمّة قد بين لنا كم مدّة محمّد! لأنّ (الم) في حساب جملنا إحدى وسبعون سنة ، فما نصنع بدين

__________________

(١) الدرّ ١ : ٥٧ ؛ ابن أبي حاتم ٨ : ٢٧٤٧ / ١٥٥١٩.

(٢) الدرّ ١ : ٥٧ ؛ الطبري ١ : ١٢٩ ـ ١٣٠ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٣٣ / ٥١ ، بلفظ : عن مجاهد أنه قال : (الم) هي فواتح يفتتح الله بها القرآن ؛ ابن كثير ١ : ٣٨ ؛ التبيان ١ : ٤٧.

(٣) الدرّ ١ : ٥٩ ؛ البغوي ١ : ٨٠ ؛ مجمع البيان ١ : ٧٥.

(٤) ابن أبي حاتم ١ : ٣٣ / ٤٩ ؛ الدرّ ١ : ٥٩ ؛ الطبري ١ : ١٣١ / ١٩٨.

(٥) ابن أبي حاتم ١ : ٣٣ / ٤٩.

٢٠١

إنّما هو واحد وسبعون سنة؟

فلمّا نزلت (الر) وكانت في حساب جملهم مائتي سنة وواحدا وثلاثين سنة قالوا : هذا الآن مائتان وواحد وثلاثون سنة وواحدة وسبعون. قيل ثمّ أنزل (المر) فكان في حساب جملهم مائتي سنة وواحدة وسبعين سنة في نحو هذا من صدور السور فقالوا : قد التبس علينا أمره (١).

[م / ٢٢١] وأخرج ابن اسحق والبخاري في تاريخه وابن جرير عن ابن عبّاس عن جابر بن عبد الله بن رئاب قال «مرّ أبو ياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يتلو فاتحة سورة البقرة (الم. ذلِكَ الْكِتابُ) فأتاه أخوه حييّ بن أخطب في رجال من اليهود فقال : تعلمون ـ والله ـ لقد سمعت محمّدا يتلو فيما أنزل عليه (الم. ذلِكَ الْكِتابُ) فقالوا أنت سمعته؟ قال : نعم. فمشى حييّ في أولئك النفر إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا : يا محمّد الم تذكر أنّك تتلو فيما أنزل عليك (الم. ذلِكَ الْكِتابُ؟) قال : بلى. قالوا : قد جاءك بهذا جبريل من عند الله؟ قال : نعم. قالوا : لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بيّن لنبيّ لهم ما مدّة ملكه وما أجل أمّته غيرك! فقال حييّ بن أخطب ـ وأقبل على من كان معه ـ : الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، فهذه إحدى وسبعون سنة. أفتدخلون في دين نبيّ إنّما مدّة ملكه وأجل أمّته إحدى وسبعون سنة!؟

ثم أقبل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا محمّد هل مع هذا غيره؟ قال : نعم. قال : ما ذاك؟ قال (المص) قال : هذه أثقل وأطول. الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، والصاد تسعون ، فهذه مائة وإحدى وستّون سنة.

هل مع هذا يا محمّد غيره؟ قال : نعم. قال : ماذا؟ قال (الر) قال : هذه أثقل وأطول. الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والراء مائتان ، فهذه احدى وثلاثون ومائتا سنة.

فهل مع هذا غيره؟ قال : نعم. (المر) قال : فهذه أثقل وأطول. الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، والراء مائتان ، فهذه احدى وسبعون سنة ومائتان. ثمّ قال : لقد لبس علينا أمرك يا محمّد حتّى ما ندري أقليلا أعطيت ، أم كثيرا! ثمّ قاموا. فقال أبو ياسر لأخيه حيي ومن معه من الأحبار : ما يدريكم لعلّه قد جمع هذا لمحمّد كلّه. إحدى وسبعون ، وإحدى وستّون ومائة ، وإحدى وثلاثون ومائتان ، وإحدى وسبعون ومائتان ، فذلك سبعمائة وأربع وثلاثون. فقالوا : لقد تشابه

__________________

(١) الدرّ ١ : ٥٨ ـ ٥٩.

٢٠٢

علينا أمره.

فيزعمون أنّ هذه الآيات نزلت فيهم : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ)(١).

[م / ٢٢٢] وروى الصدوق بإسناده إلى محمّد بن قيس قال : سمعت أبا جعفر يحدّث «أنّ حييّا وأبا ياسر ابني اخطب ونفرا من يهود أهل نجران أتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا له : أليس فيما تذكر فيما أنزل الله عليك (الم)؟ قال : بلى. قالوا أتاك بها جبرئيل من عند الله؟ قال : نعم ؛ قالوا : لقد بعث أنبياء قبلك ، وما نعلم نبيّا منهم أخبر ما مدّة ملكه وما أجل أمّته غيرك! قال فأقبل حييّ بن أخطب على أصحابه فقال لهم : الألف واحد ، واللام ثلثون ، والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة ، فعجب أن يدخل في دين مدّة ملكه وأجل أمّته إحدى وسبعون سنة! قال : ثمّ أقبل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : يا محمّد هل مع هذا غيره؟ قال : نعم ، قال : فهاته ، قال : (المص) قال : هذه أثقل وأطول ، الألف واحد ، واللام ثلثون ، والميم أربعون ، والصاد تسعون ، فهذه مائة وإحدى وستون سنة. ثمّ قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فهل مع هذا غيره؟ قال : نعم ، قال : هاته. قال ، (الر) قال هذه أثقل وأطول ، الألف واحد ، واللام ثلاثون ، والراء مأتان ، ثمّ قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فهل مع هذا غيره؟ قال : نعم ، قال : هاته ، قال (المر) قال هذه أثقل وأطول ، الألف واحد ، واللام ثلثون ، والميم أربعون ، والراء مائتان ، ثمّ قال له : هل مع هذا غيره؟ قال : نعم ، قالوا : قد التبس علينا أمرك فما ندري ما أعطيت ثمّ قاموا عنه. ثمّ قال أبو ياسر لحييّ أخيه : ما يدريك لعلّ محمّدا قد جمع له هذا كلّه وأكثر منه!

قال : فذكر أبو جعفر عليه‌السلام أنّ هذه الآيات أنزلت فيهم (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ)(٢) قال : وهي تجري في وجه آخر على غير تأويل حيىّ وأبي ياسر وأصحابهما» (٣).

[م / ٢٢٣] وقال : وحدثنا محمّد بن القاسم الأستر آبادي المعروف بأبي الحسن الجرجاني المفسر رضوان الله عليه قال : حدّثني أبو يعقوب يوسف بن محمّد بن زياد وأبو الحسن عليّ بن

__________________

(١) الدرّ ١ : ٥٧ ـ ٥٨ ؛ التاريخ ٢ : ٢٠٨ / ٢٢٠٩ ؛ الطبري ١ : ١٣٨ ـ ١٣٩ / ٢٠٠ ؛ ابن كثير ١ : ٤٠ ـ ٤١. والآية من سورة آل عمران ٣ : ٧.

(٢) آل عمران ٣ : ٧.

(٣) معاني الأخبار : ٢٣ ـ ٢٤ / ٣ ؛ البحار ٨٩ : ٣٧٤ ـ ٣٧٥ / ٢ ؛ القميّ ١ : ٢٢٣ ؛ العيّاشي ١ : ٤٤ / ٢ باختصار.

٢٠٣

محمّد بن سيّار عن أبويهما عن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم‌السلام أنّه قال ؛ كذّبت قريش واليهود بالقرآن وقالوا : «سحر مبين تقوّله» فقال الله : (الم. ذلِكَ الْكِتابُ) أي يا محمّد! هذا الكتاب الذي أنزلناه عليك هو بالحروف المقطعة التي منها «ألف ، لام ، ميم» وهي بلغتكم وحروف هجائكم ، فأتوا بمثله إن كنتم صادقين ، واستعينوا على ذلك بسائر شهدائكم. ثمّ بيّن أنّهم لا يقدرون عليه بقوله : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً)(١) ثمّ قال الله : (الم) هو القرآن الذي افتتح بالم هو ذلك الكتاب الذي أخبرت به موسى فمن بعده من الأنبياء ، فأخبروا بني إسرائيل أنّي سأنزله عليك يا محمّد كتابا عزيزا (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)(٢)

(لا رَيْبَ فِيهِ :) لا شكّ فيه ، لظهوره عندهم ، كما أخبرهم أنبياؤهم أنّ محمّدا ينزل عليه كتاب لا يمحوه الباطل ، يقرأه هو وأمّته على ساير أحوالهم.

(هُدىً :) بيان من الضلالة (لِلْمُتَّقِينَ :) الذين يتّقون الموبقات ؛ ويتّقون تسليط السفه على أنفسهم ، حتّى إذا علموا ما يجب عليهم علمه عملوا بما يوجب لهم رضا ربهم.

قال : وقال الصادق عليه‌السلام : ثمّ الألف حرف من حروف قولك : الله ، دلّ بالألف على قولك : الله ، ودلّ باللام على قولك : الملك العظيم القاهر للخلق أجمعين ، ودلّ بالميم على أنّه المجيد المحمود في كلّ أفعاله.

وجعل هذا القول حجّة على اليهود ، وذلك أنّ الله لمّا بعث موسى بن عمران ثمّ من بعده من الأنبياء إلى بنى اسرائيل ، لم يكن فيهم قوم إلّا أخذوا عليهم العهود والمواثيق ليؤمننّ بمحمّد العربي الأمّي المبعوث بمكّة ، الذي يهاجر إلى المدينة ، يأتي بكتاب الله بالحروف المقطعة افتتاح بعض سوره ، يحفظه أمّته ، فيقرؤنه قياما وقعودا ومشاة ، وعلى كلّ الأحوال ، يسهل الله عزوجل حفظه عليهم ...

قال فلما بعث الله محمّدا وأظهره بمكة ، ثمّ سيّره منها إلى المدينة وأظهره بها ، ثمّ أنزل عليه الكتاب وجعل افتتاح سوره الكبرى بالم ، يعنى : (الم. ذلِكَ الْكِتابُ) وهو ذلك الكتاب الذي أخبرت به أنبيائي السالفين ، أنّي سأنزله عليك يا محمّد (لا رَيْبَ فِيهِ) ، فقد ظهر كما أخبرهم به

__________________

(١) الإسراء ١٧ : ٩١.

(٢) فصّلت ٤١ : ٤٢.

٢٠٤

أنبيائهم أنّ محمّدا ينزل عليه كتاب مبارك لا يمحوه الباطل ، يقرؤه هو وأمّته على سائر أحوالهم ، ثمّ اليهود يحرّفونه عن جهته ، ويتأولونه على غير وجهه ، ويتعاطون التوصل إلى علم ما قد طواه الله عنهم من حال آجال هذه الأمّة ، وكم مدّة ملكهم.

فجاء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جماعة منهم فولّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا عليه‌السلام مخاطبتهم. فقال قائلهم : إن كان ما يقول محمّد حقّا ، لقد علمناكم قدر ملك أمّته هو إحدى وسبعون سنة ، الألف واحد ، واللام ثلثون ، والميم أربعون ، فقال عليّ عليه‌السلام : فما تصنعون ب (المص) وقد أنزلت عليه؟ فقالوا : هذه إحدى وستّون ومأة سنة. قال : فماذا تصنعون ب (الر) وقد أنزلت عليه؟ فقالوا : هذه أكثر ، هذه مائتان وإحدى وثلثون سنة. فقال عليّ عليه‌السلام : فما تصنعون بما أنزل إليه (المر؟) قالوا : هذه مائتان وإحدى وسبعون سنة فقال عليّ عليه‌السلام : فواحدة من هذه له أو جميعها له؟ فاختلط كلامهم ، فبعضهم قال : له واحدة منها ، وبعضهم قال : بل يجمع له كلّها ، وذلك سبعمأة وأربع سنين ، ثمّ يرجع الملك إلينا يعني إلى اليهود.

فقال عليّ عليه‌السلام أكتاب من كتب الله عزوجل نطق بهذا أم آراؤكم دلّتكم عليه؟ فقال بعضهم كتاب الله نطق به ، وقال آخرون منهم : بل آراؤنا دلّت عليه ، فقال عليّ عليه‌السلام : فأتوا بالكتاب من عند الله ينطق بما تقولون! فعجزوا عن إيراد ذلك ، وقال للآخرين : فدلّونا على صواب هذا الرأي! فقالوا : صواب رأينا ، دليله على أنّ هذا حساب الجمل! فقال عليّ عليه‌السلام كيف دلّ على ما تقولون وليس في هذه الحروف الّا ما اقترحتم بلا بيان ، أرأيتم إن قيل لكم إنّ هذه الحروف ليست دالّة على هذه المدّة لملك أمّة محمّد ولكنها دالّة على أن كلّ واحد منكم قد لعن بعدد هذا الحساب ، أو أنّ عدد ذلك لكلّ واحد منكم ومنّا بعدد هذا الحساب دراهم أو دنانير ، أو أنّ لعليّ على كلّ واحد منكم دينا عدد ماله مثل عدد هذا الحساب؟

فقالوا : يا أبا الحسن ، ليس شيء ممّا ذكرته منصوصا عليه في «الم ، والمص ، والر ، والمر». فقال عليّ عليه‌السلام : ولا شيء ممّا ذكرتموه منصوص عليه في «الم ، والمص ، والر ، والمر» ، فإن بطل قولنا لما قلنا ، بطل قولك لما قلت.

فقال خطيبهم ومنطيقهم : لا تفرح يا عليّ بأن عجزنا عن إقامة حجّة على دعوانا فأيّ حجّة لك في دعواك إلّا أن تجعل عجزنا حجّتك ، فإذا ما لنا حجّة في ما نقول ولا لكم حجّة فيما تقولون! قال

٢٠٥

عليّ عليه‌السلام : لا سواء ، إنّ لنا حجّة هي المعجزة الباهرة (١).

هذا ما ورد بشأن مفتتح سورة البقرة والسور الخمس (آل عمران ، العنكبوت ، الروم ، لقمان ، السجدة) التي افتتحت ب «الم».

* * *

وفي مفتتح سورة الأعراف : (المص)

[م / ٢٢٤] أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عبّاس ، في قوله (المص) قال : أنا الله أفصل وهكذا عن سعيد بن جبير (٢).

[م / ٢٢٥] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدّي في قوله (المص) قال : هو المصوّر (٣).

[م / ٢٢٦] وأخرج أبو الشيخ عن الضحّاك (المص) قال : أنا الله الصادق (٤).

[م / ٢٢٧] وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمّد بن كعب القرظي ، قال : الألف من الله. والميم من الرّحمان. والصّاد من الصّمد (٥).

[م / ٢٢٨] وأخرج ابن بابويه بإسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري ، عن جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام قال : (المص) معناه : أنا الله المقتدر الصادق (٦).

***

وفي مفتتح سورة يونس وهود ، ويوسف ، وإبراهيم ، والحجر : (الر.)

[م / ٢٢٩] أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات وابن النجّار في تاريخه عن ابن عبّاس في قوله (الر) قال : أنا الله أرى. وهكذا عن سعيد بن جبير والضحّاك (٧).

[م / ٢٣٠] وفي رواية أخرى عن ابن عبّاس ، قال : الر ، حم ، ن ، حروف الرحمان مقطعة (٨).

__________________

(١) معاني الأخبار : ٢٤ ـ ٢٨ ؛ تفسير الإمام : ٦٢ ـ ٦٧ ؛ البحار ١٠ : ١٤ ـ ١٨ / ٧ و ٨٩ : ٣٧٧ ـ ٣٨٠ / ١٠.

(٢) الدرّ ٣ : ٤١٢ ـ ٤١٣ ؛ الطبري ٥ : ١٥٢ / ١١١٢٨ و ١١١٢٩ ، وفيه : «أنا الله أفضل» وبنحوه في الأسماء والصفات ١ : ١٥٤.

(٣) الطبري ٥ : ١٥٢ / ١١١٣٠ ؛ ابن أبي حاتم ٥ : ١٤٣٧ / ٨٢٠٢.

(٤) الدرّ ٣ : ٤١٣.

(٥) ابن أبي حاتم ٥ : ١٤٣٧ / ٨٢٠٥ ؛ الدرّ ٣ : ٤١٣.

(٦) معاني الأخبار : ٢٢ / ١.

(٧) الدرّ ٤ : ٣٣٩ ـ ٣٤٠ ؛ الطبري ٨ : ١١٩ / ١٥٢٤٣ ؛ الأسماء والصفات ١ : ١٥٤.

(٨) الدرّ ٤ : ٣٤٠ وفيه : «مفرقة» ؛ الطبري ٧ : ١٠٥ / ١٣٥٩٠.

٢٠٦

[م / ٢٣١] وعن محمّد بن كعب القرظي : الف ولام وراء ، من الرحمان (١).

[م / ٢٣٢] وأخرج ابن بابويه بالإسناد إلى الثوري : أنّه سأل الإمام جعفر بن محمّد عليه‌السلام عن معنى (الر) ، فقال : «معناه : أنا الله الرؤوف» (٢).

***

وفي مفتتح سورة الرعد : (المر).

[م / ٢٣٣] أخرج ابن بابويه بإسناده إلى سفيان الثوري عن الإمام جعفر بن محمّد عليه‌السلام قال : «معناه : أنا الله المحيي المميت الرزّاق» (٣).

***

وفي مفتتح سورة مريم : (كهيعص).

[م / ٢٣٤] أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم ـ وصحّحه ـ والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن ابن عبّاس ، في قوله : (كهيعص) قال : كبير. هاد. أمين. عزيز. صادق. وفي لفظ : كاف ، بدل كبير (٤).

[م / ٢٣٥] وعنه أيضا قال : كاف ، من كريم ، وهاء ، من هاد. وياء ، من حكيم. وعين ، من عليم. وصاد ، من صادق (٥).

[م / ٢٣٦] وعن عبد الله بن مسعود وناس من الصحابة ؛ الكاف من الملك. والهاء من الله. والياء والعين من العزيز. والصاد من المصوّر (٦).

[م / ٢٣٧] وعن الكلبي ، حدّث عن أبي صالح عن أمّ هانيء عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «كاف ، هاد ، عالم ، صادق» (٧).

[م / ٢٣٨] وعن عكرمة قال : أنا الكبير الهادي ، عليّ أمين صادق (٨).

__________________

(١) الدرّ ٤ : ٣٤٠.

(٢) معاني الأخبار : ٢٢ / ١.

(٣) المصدر.

(٤) الطبري ٩ : ٥٢ ـ ٥٦ / ١٧٦٥٨ ، ١٧٦٦٣ ، ١٧٦٦٦ وفيه «يمين» بدل قوله «أمين» ، و ١٧٦٧٣ و ١٧٦٧٥ ؛ ابن أبي حاتم ٧ : ٢٣٩٦ / ١٣٠٢٢ ؛ الحاكم ٢ : ٣٧٢ ؛ الأسماء والصفات ١ : ١٥٣.

(٥) الطبري ٩ : ٥٢ ـ ٥٦ ؛ ابن أبي حاتم ٧ : ٢٣٩٦ / ١٣٠٢٣ ؛ الحاكم ٢ : ٣٧١ ـ ٣٧٢ ؛ الأسماء والصفات ١ : ١٥٣ ؛ عبد الرزاق ٢ : ٣٥٠ / ١٧٣١.

(٦) الدرّ ٥ : ٤٧٨ ؛ ابن أبي حاتم ٧ : ٢٣٩٦ / ١٣٠٢٤.

(٧) الدرّ ٥ : ٤٧٨.

(٨) المصدر.

٢٠٧

[م / ٢٣٩] وعن محمّد بن كعب : الكاف من الملك ، والهاء من الله ، والعين من العزيز ، والصاد من الصمد (١).

[م / ٢٤٠] وعن الربيع بن أنس : الكاف ، مفتاح اسمه : كافي. والهاء ، مفتاح اسمه : هادي. والعين ، مفتاح اسمه : عالم. والصاد ، مفتاح اسمه : صادق (٢).

[م / ٢٤١] وأخرج ابن بابويه بإسناده إلى الثوري عن الإمام جعفر بن محمّد عليه‌السلام في معنى (كهيعص) قال : «معناه : أنا الكافي ، الهادي ، الوليّ ، العالم ، الصادق الوعد» (٣).

[م / ٢٤٢] وبإسناده عن جعفر بن محمّد بن عمارة عن أبيه قال : حضرت عند الإمام جعفر بن محمّد عليه‌السلام فدخل عليه رجل فسأله عن (كهيعص) ، فقال : «كاف ، كاف لشيعتنا. هاء ، هاد لهم. ياء ، وليّ لهم. عين ، عالم بأهل طاعتنا. صاد ، صادق لهم وعده ، حتّى يبلغ بهم المنزلة التي وعدها إيّاهم في بطن القرآن» (٤).

[م / ٢٤٣] وروى بإسناده إلى سعد بن عبد الله القمي ، في حديث له مع أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليه‌السلام ، فكان فيما سأله ، السؤال عن تأويل هذه الأحرف الخمس في مفتتح سورة مريم؟ فقال : «هذه الحروف من أنباء الغيب ، اطّلع الله عليه عبده زكريّا عليه‌السلام ، ثمّ قصّها على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ قال : فالكاف : اسم كربلاء ، والهاء : هلاك العترة. والياء : يزيد ، وهو ظالم الحسين عليه‌السلام. والعين : عطشه. والصاد : صبره» (٥).

[م / ٢٤٤] وروى عليّ بن إبراهيم بإسناده إلى أبي بصير عن الإمام أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (كهيعص) هذه أسماء مقطّعة. قال : «الله هو الكافي ، الهادي ، العالم ، الصادق ، ذو الأيادي العظام وهو قوله كما وصف نفسه تبارك وتعالى» (٦).

***

وفي مفتتح سورة (طه :)

والكلام فيه من جهتين : الأولى في قراءتها : قرأ أبو عمرو بفتح الطاء وكسر الهاء وقرأ أهل المدينة والشام بين الكسر والفتح فيهما وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي بكسر الطاء والهاء وقرأ

__________________

(١) ابن أبي حاتم ٧ : ٢٣٩٦ / ١٣٠٢٤.

(٢) الدرّ ٥ : ٤٧٨.

(٣) معاني الأخبار : ٢٢ / ١.

(٤) المصدر : ٢٨ / ٦.

(٥) كمال الدين : ٤٦١ / ٢١.

(٦) القميّ ٢ : ٤٨.

٢٠٨

عاصم وابن كثير بالتفخيم فيهما. قال أبو إسحاق الثعلبي : وكلّها لغات فصيحة صحيحة (١).

[م / ٢٤٥] وأخرج الثعلبي بإسناده إلى زرّ بن حبيش قال : قرأ رجل على عبد الله بن مسعود «طه» (٢) فقال له عبد الله : «طه» (٣) فقال له الرجل : يا أبا عبد الرحمان! أليس أمر أن يطأ قدميه؟ فقال عبد الله : «طه» ، هكذا أقرأني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤).

قال الزمخشري : أمالها وذكر الطبرسي أنّ أبا عمرو قرأ بفتح الطاء وكسر الهاء ، كسرا لطيفا من غير إفراط. قال : وروي عن أبي جعفر ونافع : كهيعص وطه وطس وحم والر ، كلّه بين الفتح والكسر ، وهو إلى الفتح أقرب (٥).

قال الزمخشري : أبو عمرو فخّم الطاء لاستعلائها وأمال الهاء. وفخّمها ابن كثير وابن عامر على الأصل والباقون أمالوهما (٦).

الجهة الثانية في معناها :

قال الطبرسي : روي عن الحسن أنّه قرأ «طه» بفتح الطاء وسكون الهاء. فإن صحّ ذلك عنه فأصله : طأ ، فأبدل من الهمزة هاء ، ومعناه : طاء الأرض بقدميك جميعا.

[م / ٢٤٦] وقد روي أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يرفع إحدى قدميه في الصلاة ليزيد تعبه ، فأنزل الله : (طه. ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى)(٧) ، فوضعها وروي ذلك عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

قال الزجّاج : ويجوز أن يكون «طه» أمرا من «وطأ يطأ» على قول من لم يهمز ، ثمّ حذفت الألف فصار «ط» ثمّ زيدت الهاء في الوقف (٨).

قال الزمخشري : وعن الحسن : «طه» وفسّر بأنّه أمر بالوطء ، وأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقوم في تهجّده على إحدى رجليه ، فأمر بأن يطأ الأرض بقدميه معا ، وأنّ الأصل : طأ ، فقلبت همزته هاء ،

__________________

(١) الثعلبي ٦ : ٢٣٥ ـ ٢٣٦.

(٢) لعلّه قرأ : طه ، كما يأتي في قراءة الحسن.

(٣) لعلّه بالإمالة فيهما : كما يأتي عن الزمخشري في قراءة الباقين : الأعمش وحمزة والكسائي.

(٤) المصدر.

(٥) مجمع البيان ٧ : ٦.

(٦) الكشاف ٣ : ٤٩.

(٧) طه ٢٠ : ١ ـ ٢.

(٨) مجمع البيان ٧ : ٧.

٢٠٩

أو قلبت ألفا في يطا ، فيمن قال : لا هناك المرتع (١) أي لا هنأك. ثمّ بني عليه الأمر ، والهاء للسكت.

قال : ويجوز أن يكتفى بشطري الاسمين ، وهما الدالّان بلفظهما على المسمّيين. والله أعلم بصحّة ما يقال : إنّ «طا ، ها» في لغة «عكّ» (٢) في معنى «يا رجل».

قال الزمخشري : ولعلّ عكّا تصرّفوا في «يا هذا» ، كأنّهم في لغتهم يقلبون الياء طاء ، فقالوا فى «يا» : «طا» واختصروا «هذا» فاقتصروا على «ها».

قال : وأثر الصنعة ظاهر لا يخفى في البيت المستشهد به :

إنّ السفاهة طاها في خلائقكم

لا قدّس الله أخلاق الملاعين!

قال : والأقوال الثلاثة في الفواتح. أعني التي قدّمتها في أوّل الكتاب (٣) ، هي التي يعوّل عليها الألبّاء المتقنون (٤).

[م / ٢٤٧] وأخرج الطبري بإسناده إلى عكرمة عن ابن عبّاس ، قال : «طه» بالنبطيّة : يا رجل.

[م / ٢٤٨] وبإسناده إلى ابن جريج قال : أخبرني ابن مسلم عن سعيد بن جبير أنّه قال : «طه» : يا رجل بالسريانيّة وهكذا عن مجاهد والضحّاك وقتادة ، «طه» يعنى : يا رجل أو يا إنسان ـ بالنبطية أو السريانية ـ (٥).

[م / ٢٤٩] وأخرج الثعلبي عن عكرمة قال : هو كقولك : يا رجل ، بلسان الحبشة ، يعنى : محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

[م / ٢٥٠] وروى السدّي عن أبي مالك وعكرمة ، قالا : «طه» : يا فلان.

[م / ٢٥١] وقال الكلبي : هو بلغة عكّ : يا رجل (٦).

قال أبو جعفر الطبري : والذي هو أولى بالصواب عندي من الأقوال فيه ، قول من قال : معناه : يا رجل ، لأنّها كلمة معروفة في عكّ ، فيما بلغني ، وأنّ معناها فيهم : يا رجل.

__________________

(١) من شعر الفرزدق يهجو عمرو بن زهرة الفزاري والي العراق :

نزع ابن بشر وابن عمرو قبله

وأخو هواة لمثلها يتوقّع

راحت بمسلمة البغال عشيّة

فارعي فزارة لا هناك المرتع

(٢) عكّ بن عدنان أخو معد ، وهم اليوم في اليمن. قاله الجوهري.

(٣) الكشّاف ١ : ٢١ ـ ٢٩. وتقدّم نقله هنا.

(٤) المصدر ٣ : ٤٩ ـ ٥٠.

(٥) الطبري ١٦ : ١٧٠ / ١٨٠٧٦ و ١٨٠٧٨.

(٦) الثعلبي ٦ : ٢٣٦ ؛ الطبري ١٦ : ١٧١ / ١٨٠٨٠ و ١٨٠٨١.

٢١٠

قال : أنشدت لمتممّ بن نويرة :

هتفت بطه في القتال فلم يجب

فخفت عليه أن يكون موائلا (١)

وقال آخر :

إنّ السفاهة طه من خلائقكم

لا بارك الله في القوم الملاعين (٢)

قال أبو جعفر : فإذا كان ذلك معروفا فيهم على ما ذكرنا ، فالواجب أن يوجّه تأويله إلى المعروف فيهم من معناه ، ولا سيّما إذا وافق ذلك تأويل أهل العلم من الصحابة والتابعين. قال : فتأويل الكلام إذن : يا رجل ، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى (٣).

قلت : وقد عرفت كلام الزمخشري : إنّ أثر الاصطناع في البيت المستشهد به ظاهر لا يخفى (٤).

[م / ٢٥٢] وأخرج ابن بابويه بإسناده إلى الثوري عن الإمام جعفر بن محمّد عليه‌السلام قال : «طه ، اسم من أسماء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعناه : يا طالب الحقّ الهادي إليه» (٥).

[م / ٢٥٣] وروى الثعلبي عنه عليه‌السلام قال : «طه ، طهارة أهل بيت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ قرأ : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(٦)».

وقيل : الطاء ، شجرة طوبى. والهاء ، هاوية. قال الثعلبي : والعرب تعبّر ببعض الشيء عن كلّه ، فكأنّه أقسم بالجنّة والنار.

[م / ٢٥٤] وقال سعيد بن جبير : الطاء افتتاح اسمه : طاهر وطيّب. والهاء ، افتتاح اسمه : هادي.

وقيل : الطاء ، يا طامع الشفاعة للأمّة. والهاء ، يا هادي الخلق إلى الملّة.

وقيل : الطاء ، من الطهارة. والهاء ، من الهداية. وكأنّه تعالى قال لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا طاهرا من الذنوب ، ويا هاديا إلى علّام الغيوب.

وقيل : الطاء ، طبول الغزاة. والهاء ، هيبتهم في قلوب الكفّار.

وقيل : الطاء ، طرب أهل الجنّة في الجنّة. والهاء ، هوان أهل النار في النار.

__________________

(١) في تفسير الثعلبي ٦ : ٢٣٦ : فخفت لعمرك أن يكون موائلا.

(٢) في تفسير الثعلبي : إنّ السفاهة طه في خلائقكم لا قدّس الله أرواح الملاعين.

(٣) الطبري ١٦ : ١٧١.

(٤) الكشاف ٣ : ٥٠.

(٥) معاني الأخبار : ٢٢ / ١.

(٦) الأحزاب ٣٣ : ٣٣.

٢١١

وقيل : الطاء ، تسعة ـ في حساب الجمل ـ والهاء ، خمسة : أربعة عشر. ومعناها : يا أيّها البدر (١) (الطالع ليلة أربعة عشر).

[م / ٢٥٥] وروى سعد بن عبد الله بإسناده إلى الكلبي عن الصادق عليه‌السلام : «أنّ لمحمد عشرة أسماء في القرآن : محمّد. أحمد. رسول. عبد الله. طه. يس. ن. مدّثّر. مزّمّل. ذكر» (٢).

***

وفي مفتتح سورة الشعراء والقصص : (طسم) وفي مفتتح سورة النمل : (طس).

[م / ٢٥٦] أخرج ابن أبي حاتم عن محمّد بن كعب القرظي في قوله (طسم) قال : الطاء ، من ذي الطول. والسين ، من القدّوس. والميم ، من الرحمان (٣).

[م / ٢٥٧] وأخرج ابن بابويه بإسناده إلى الثوري عن جعفر بن محمّد عليه‌السلام قال : سألته عن معنى قوله تعالى : (طس) و (طسم) ، فقال : «أمّا (طس) فمعناه : أنا الطالب السميع. وأمّا (طسم) فمعناه : أنا الطالب السميع المبدئ المعيد» (٤).

[م / ٢٥٨] وقال علي بن إبراهيم القمي : (طسم) هو حرف من حروف اسم الله الأعظم المرموز في القرآن (٥).

[م / ٢٥٩] وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله (طس) قال : هو اسم الله الأعظم (٦).

[م / ٢٦٠] وأخرج عن قتادة ، قال ـ مرّة ـ : هو اسم الله الأعظم وأخرى : هو اسم من اسماء القرآن (٧) وكذا قال في (طسم) : إنّه اسم من أسماء القرآن (٨).

***

وفي مفتتح سورة (يس).

[م / ٢٦١] أخرج ابن مردويه عن ابن عبّاس قال : (يس) ، محمّد. وفي لفظ قال : يا محمّد (٩).

[م / ٢٦٢] وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن محمّد بن الحنفيّة ، قال : يا

__________________

(١) الثعلبي ٦ : ٢٣٦ ـ ٢٣٧.

(٢) مختصر بصائر الدرجات : ٦٧ ـ ٦٨. رواه مفصّلا.

(٣) الدرّ ٦ : ٢٨٨ ؛ ابن أبي حاتم ٨ : ٢٧٤٧ / ١٥٥١٨.

(٤) معاني الأخبار : ٢٢ / ١.

(٥) القميّ ٢ : ١١٨.

(٦) الدرّ ٦ : ٣٤٠ ؛ ابن أبي حاتم ٩ : ٢٨٣٨ / ١٦٠٨٧.

(٧) الدرّ ٦ : ٣٤٠ ؛ عبد الرزاق ٢ : ٤٧٢ / ٢١٤٤ ؛ ابن أبي حاتم ٩ : ٢٨٣٨ / ١٦٠٩٠.

(٨) الدرّ ٦ : ٢٨٨ ؛ عبد الرزاق ٢ : ٤٨٦ / ٢١٨٧.

(٩) الدرّ ٧ : ٤١.

٢١٢

محمّد (١).

[م / ٢٦٣] ومن طريق آخر عن ابن عبّاس قال : (يس) ، يا إنسان ، بالحبشيّة. وهكذا عن الحسن وعكرمة والضحّاك : يا إنسان (٢).

[م / ٢٦٤] وعن الحسن ، قال : يقسم الله بما يشاء ، ثمّ نزع بهذه الآية (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ)(٣). كأنّه يرى أنّه سلّم على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤).

[م / ٢٦٥] وذكر الزمخشري عن ابن عبّاس قال : معناه ، يا إنسان في لغة طيء. قال : والله أعلم بصحّته! وإن صحّ فوجهه أن يكون أصله : يا أنيسين ، فكثر النداء به على ألسنتهم حتّى اقتصروا على شطره. كما قالوا في القسم : م الله ، في أيمن الله (٥).

[م / ٢٦٦] وروى ابن بابويه بإسناده إلى الثوري عن الصادق عليه‌السلام قال : «(يس) ، اسم من أسماء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعناه : يا أيّها السامع للوحي» (٦).

[م / ٢٦٧] وروى الطبرسيّ عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : «إنّ لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر اسما ، خمسة منها في القرآن : محمّد وأحمد وعبد الله ويس ون» (٧).

وقد تقدّم في سورة «طه» أنّ له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشرة أسماء في القرآن (٨).

***

وفي مفتتح سورة (ص).

[م / ٢٦٨] أخرج عبد بن حميد عن أبي صالح قال : سئل جابر بن عبد الله وابن عبّاس عن (ص)؟ فقالا : ما ندري ما هو! (٩).

[م / ٢٦٩] وعن الحسن ـ في قوله (ص) ـ قال : حادث القرآن! أي تحدّث معه لمقايسة أعمالك وعرضها عليه (١٠).

__________________

(١) الدرّ ٧ : ٤١ ؛ الدلائل ١ : ١٥٨.

(٢) الدرّ ٧ : ٤١ ـ ٤٢ ؛ ابن أبي حاتم ١٠ : ٣١٨٨ / ١٨٠٢٤ ؛ الطبري ١٢ : ١٧٨ / ٢٢٢٢١.

(٣) الصافات ٣٧ : ١٣٠. على قراءة شاذّة.

(٤) الدرّ ٧ : ٤٣ ؛ ابن أبي حاتم ١٠ : ٣١٨٨ / ١٨٠٢٦.

(٥) الكشاف ٤ : ٣.

(٦) معاني الأخبار : ٢٢ / ١.

(٧) الاحتجاج ١ : ٣٧٧.

(٨) مختصر بصائر الدرجات : ٦٧ ـ ٦٨.

(٩) الدرّ ٧ : ١٤٣.

(١٠) الدرّ ٧ : ١٤٣ ؛ الطبري ١٢ : ١٤٠ / ٢٢٨٠٧.

٢١٣

[م / ٢٧٠] وأخرج ابن جرير عن الحسن ـ أيضا ـ كان يقرأ «صاد» بخفض الدال وكان يجعلها من المصاداة ، يقول : عارض القرآن. قال عبد الوهاب : اعرضه على عملك ، فانظر أين عملك من القرآن (١).

[م / ٢٧١] وأخرج ابن مردويه عن الضحّاك ـ في قوله (ص) ـ يقول : إنّي أنا الله الصادق (٢).

[م / ٢٧٢] وأخرج ابن جرير عن الضحّاك ـ أيضا ـ قال : صدق الله (٣).

[م / ٢٧٣] وأخرج ابن مردويه عن ابن عبّاس ، قال : (ص) محمّد (٤).

[م / ٢٧٤] وأخرج ابن بابويه عن الثوري عن الصادق عليه‌السلام قال : («ص) عين تنبع من تحت العرش ، وهي التي توضّأ منها النبيّ لمّا عرج به» (٥).

***

سور الحواميم وحم عسق.

[م / ٢٧٥] روى ابن بابويه بإسناده إلى سفيان الثوري عن الصادق عليه‌السلام قال : «أمّا (حم) فمعناه : الحميد المجيد. وأمّا «حم عسق» فمعناه : الحليم ، المثيب ، العالم ، السميع ، القادر القويّ» (٦).

[م / ٢٧٦] وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال : (حم) اسم من أسماء الله تعالى (٧).

[م / ٢٧٧] وأخرج أبو يعلى وابن عساكر عن أبي معاوية : أنّ عمر بن الخطّاب صعد المنبر وقال : هل سمع أحدكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأ (حم عسق.) فقال ابن عبّاس : حم ، اسم من أسماء الله. وعين : عاين المذكور عذاب يوم بدر. وسين : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(٨). وقاف؟ ـ فسكت ـ فقام أبو ذر وأكمله بقوله : قاف : قارعة من السماء تصيب الناس (٩).

***

وفي مفتتح سورة (ق.)

__________________

(١) الدرّ ٧ : ١٤٣ ؛ الطبري ١٢ : ١٤٠ / بعد ٢٢٨٠٨.

(٢) الدرّ ٧ : ١٤٣.

(٣) الدرّ ٧ : ١٤٤ ؛ الطبرى ١٢ : ١٤١ / ٢٢٨١٢.

(٤) الدرّ ٧ : ١٤٤.

(٥) معاني الأخبار : ٢٢ / ١.

(٦) المصدر.

(٧) الدرّ ٧ : ٢٧٠.

(٨) الشعراء : ٢٢٧.

(٩) الدرّ ٧ : ٣٣٦ ؛ ابن عساكر ٣٤ : ١٥ ـ ١٦.

٢١٤

[م / ٢٧٨] أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عبّاس ـ في قوله (ق) ـ قال : هو اسم من أسماء الله تعالى (١).

[م / ٢٧٩] وعن قتادة : اسم من أسماء القرآن (٢).

[م / ٢٨٠] وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس ـ أيضا ـ قال : خلق الله تعالى من وراء هذه الأرض بحرا محيطا ، ثمّ خلق من وراء ذلك جبلا يقال له «ق» ، السماء الدنيا مترفرفة عليه (٣).

[م / ٢٨١] وأخرج ابن المنذر وابن مردويه وأبو الشيخ والحاكم ، عن عبد الله بن بريدة ، قال : جبل من زمرّد ، محيط بالدنيا ، عليه كتفا السماء (٤).

[م / ٢٨٢] وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن ابن عبّاس ، قال : خلق الله جبلا يقال له «ق» محيط بالعالم ، وعروقه إلى الصخرة التي عليها الأرض (٥).

[م / ٢٨٣] وعن مجاهد : جبل محيط بالأرض (٦).

[م / ٢٨٤] وأخرج ابن بابويه بإسناده إلى الثوري عن الصادق عليه‌السلام قال : «وأمّا (ق) فهو الجبل المحيط بالأرض ، وخضرة السماء منه ، وبه يمسك الله الأرض أن تميد بأهلها» (٧).

[م / ٢٨٥] وروى عليّ بن إبراهيم بإسناده عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : («ق) جبل محيط بالدنيا من زمرّد أخضر ، وخضرة السماء من ذلك الجبل» (٨).

[م / ٢٨٦] وفي رواية أخرى : (ق) جبل محيط بالدنيا من وراء يأجوج ومأجوج ، وهو قسم والروايات من هذا القبيل كثيرة (٩).

***

وفي مفتتح سورة القلم : (ن.)

اختلفت الروايات عن ابن عبّاس وأصحابه.

[م / ٢٨٧] ففي رواية : أنّه الحوت (١٠).

__________________

(١) الدرّ ٧ : ٥٨٩ ؛ الطبري ١٣ : ١٨٩ / ٢٤٦٢٥.

(٢) الدرّ ٧ : ٥٨٩.

(٣) الدرّ ٧ : ٥٨٩ ؛ ابن أبي حاتم ١٠ : ٣٣٠٧ / ١٨٦٢٤.

(٤) الدرّ ٧ : ٥٨٩ ؛ الحاكم ٢ : ٤٦٤ ؛ العظمة ٤ : ١٤٨٩ / ٩٨١ ـ ٤.

(٥) الدرّ ٧ : ٥٨٩ ؛ العظمة ٤ : ١٤٨٩ / ٩٨٠ ـ ٣.

(٦) الدرّ ٧ : ٥٨٩ ؛ عبد الرزاق ٣ : ٢٢٧ / ٢٩٤٥ ـ ٢٩٤٤.

(٧) معاني الأخبار : ٢٢ ـ ٢٣ / ١.

(٨) القميّ ٢ : ٢٦٨.

(٩) المصدر : ٣٢٣.

(١٠) الدرّ ٨ : ٢٤٢.

٢١٥

[م / ٢٨٨] وعنه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «النون ، السمكة التي عليها قرار الأرضين» (١).

[م / ٢٨٩] وفي أخرى : أنّها الدواة (٢).

[م / ٢٩٠] وفي ثالثة : أنها اللوح المحفوظ ، سطّر عليه ما هو كائن إلى يوم القيامة (٣).

[م / ٢٩١] وتقدم ـ أيضا ـ : أنّ (الر) و (حم) و (ن) حروف مقطّعة من الرحمان (٤).

[م / ٢٩٢] وقال بعضهم : أنّ (ن) اسم من أسماء سورة القلم (٥).

[م / ٢٩٣] وروى ابن بابويه بإسناده إلى الثوري عن الصادق عليه‌السلام قال : «وأمّا (ن) فهو نهر في الجنّة».

وفي نفس الحديث : نون ، ملك يؤدّي إلى القلم ، وهو ملك يؤدّي إلى اللوح ، وهو ملك يؤدّي إلى إسرافيل ، وهو إلى ميكائيل ، وهو إلى جبرائيل ، وهو إلى الأنبياء والرّسل (٦).

[م / ٢٩٤] وفي حديث آخر : «وأمّا نون فكان نهرا في الجنّة أشدّ بياضا من الثلج. فقال له الله : كن مدادا». وروايات أخرى من هذا القبيل (٧).

***

تلك جلّ محاولات أهل الحديث جاؤوا بروايات أكثرها خداش لا تلوي على محور ثابت معقول ، ولا تعدو حدسيّات فارغة جوفاء لا تحتضن عائدة ولا تفيد فائدة فضلا عن الاضطراب وتضارب الآراء ، كلّ يضرب على وتره ضربا على هواء وبلا هوادة.

والأرجح في النظر ، أنّها موضوعة عن لسان الأئمة وكبار الصحابة والتابعين الأجلّاء. وفي أسانيدها الغمز واللمز ، الشيء الوفير. وأكثر الأقوال فاقدة حجّة الاستناد ولعلّ في سردها ـ كما عرضنا ـ كفاية للحكم بوهنها ، لمن تدبّر وتعمّق.

__________________

(١) المصدر.

(٢) الطبري ١٤ : ١٩ / ٢٦٧٦٨.

(٣) الدرّ ٨ : ٢٤١.

(٤) الطبري ١٤ : ١٩ / ٢٦٧٦٧.

(٥) المصدر : ٢١.

(٦) معاني الأخبار : ٢٣ / ١.

(٧) علل الشرايع ٢ : ٤٠٢ / ٢.

٢١٦

فضل قراءة هذه الأحرف

[م / ٢٩٥] أخرج البخاري في تاريخه ، والترمذيّ وصحّحه ، وابن الضريس ومحمّد بن نصر ، وابن الأنباري في المصاحف ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه ، وأبو ذرّ الهروي في فضائله ، والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول : (الم) حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف».

وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، والدارمي ، وابن الضريس ، والطبراني ومحمّد بن نصر عن ابن مسعود موقوفا. مثله (١).

[م / ٢٩٦] وأخرج محمّد بن نصر ، وأبو جعفر النحّاس في كتاب الوقف والابتداء ، والخطيب في تاريخه ، وأبو نصر السجزي في الإبانة عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «اقرأوا القرآن ، فإنّكم تؤجرون عليه ، وكلّ حرف عشر حسنات. أما إنّي لا أقول : (الم) حرف ، ولكن ألف عشر ، ولام عشر ، وميم عشر ، فتلك ثلاثون» (٢).

[م / ٢٩٧] وأخرج ابن أبي شيبة والبزّار والمرهبي في فضل العلم ، وأبو ذر الهرويّ وأبو نصر السجزي عن عوف بن مالك الأشجعي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «من قرأ القرآن كتب الله له بكلّ حرف حسنة. لا أقول (الم. ذلِكَ الْكِتابُ) حرف ، ولكن الألف ، والذال ، والألف ، والكاف» (٣).

__________________

(١) الدرّ ١ : ٥٥ ؛ التاريخ ١ : ٢١٦ ، بلفظ : عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة ؛ الترمذي ٤ : ٢٤٨ / ٣٠٧٥ ؛ الحاكم ١ : ٥٥٥ ، كتاب فضائل القرآن ، بلفظ : «عن عبد الله عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إنّ هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا من مأدبته ما استطعتم ، إنّ هذا القرآن حبل الله والنور المبين والشفاء النافع ، عصمة لمن تمسك به ، ونجاة لمن تبعه ، لا يزيغ فيستعتب ، ولا يعوجّ فيقوّم ، ولا تنقضي عجائبه ، ولا يخلق من كثرة الردّ. أتلوه فإنّ الله يأجركم على تلاوته ، كلّ حرف عشر حسنات ، أما أنّي لا أقول : الم حرف ، ولكن الف ولام وميم» ؛ الشعب ٢ : ٣٤٢ / ١٩٨٣ ؛ المصنّف ٧ : ١٥٢ / ١ ؛ سنن سعيد بن منصور ١ : ١٧ / ٤ ؛ الدارمي ٢ : ٤٢٩ ، بلفظ : «عن عبد الله قال : تعلموا هذا القرآن فإنّكم تؤجرون بتلاوته بكل حرف عشر حسنات أما أنّي لا أقول بالم ، ولكن بالف ولام وميم ، بكل حرف عشر حسنات» ؛ الكبير ٩ : ١٣٠ / ٨٦٤٧ ، بلفظ : «عن ابن مسعود قال : من قرأ القرآن فله بكلّ حرف آية عشر حسنات ، ولا أقول الم عشر ولكن الف ولام وميم ثلاثون حسنة».

(٢) الدرّ ١ : ٥٥ ؛ الخطيب ١ : ٣٠١ ؛ كنز العمّال ١ : ٥١٨ / ٢٣٢١.

(٣) الدرّ ١ : ٥٦ ؛ المصنف ٧ : ١٥٢ / ٢ ، بلفظ : عن عوف بن مالك الأشجعي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من قرأ حرفا من كتاب الله كتب الله له حسنة ، لا أقول الم. ذلِكَ الْكِتابُ ولكن الحروف مقطعة عن الألف واللام والميم ؛ مسند البزار ٧ : ١٩٢ / ٢٧٦١ ،

٢١٧

[م / ٢٩٨] وأخرج محمّد بن نصر والبيهقي في شعب الإيمان ، والسجزي عن عوف بن مالك قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم «من قرأ حرفا من القرآن كتب الله له به حسنة. لا أقول (بِسْمِ اللهِ) ، ولكن باء ، وسين ، وميم ، ولا أقول : (الم) ولكن الألف ، واللام ، والميم» (١).

[م / ٢٩٩] وأخرج محمّد بن نصر السلفي في كتاب الوجيز في ذكر المجاز والمجيز ، عن أنس ابن مالك عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال «من قرأ حرفا من القرآن كتب الله له عشر حسنات. بالباء ، والتاء ، والثاء» (٢).

[م / ٣٠٠] وأخرج ابن أبي داوود في المصاحف ، وأبو نصر السجزي ، عن ابن عمر قال : إذا فرغ الرجل من حاجته ، ثمّ رجع إلى أهله ليأت المصحف ، فليفتحه فليقرأ فيه ، فإنّ الله سيكتب له بكلّ حرف عشر حسنات. أما إنّي لا أقول : (الم) ، ولكن الألف عشر ، واللام عشر ، والميم عشر (٣).

[م / ٣٠١] وأخرج أبو جعفر النحّاس في الوقف والابتداء ، وأبو نصر السجزي ، عن قيس بن سكن قال : قال ابن مسعود : تعلّموا القرآن ، فإنّه يكتب بكل حرف منه عشر حسنات ، ويكفّر به عشر سيئات. أما إنّي لا أقول : (الم) حرف ، ولكن أقول ألف عشر ، ولام عشر ، وميم عشر (٤).

__________________

بلفظ : قال : قال رسول الله : من قرأ حرفا من القرآن كتب الله له أحسبه قال عشر حسنات ولا أقول الم. ذلِكَ الْكِتابُ لكن بالألف واللام والميم.

(١) الدرّ ١ : ٥٦ ؛ الشعب ٢ : ٣٤١ ـ ٣٤٢ / ١٩٨٣ ؛ كنز العمّال ١ : ٥٣٤ / ٢٣٩٤.

(٢) الدرّ ١ : ٥٦.

(٣) الدرّ ١ : ٥٦ ؛ كنز العمّال ٢ : ٢٩٢ / ٤٠٣٥ بتفاوت.

(٤) الدرّ ١ : ٥٦ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ٧ : ١٥٢ / ١.

٢١٨

نقد الآثار على منصّة التّمحيص

وإذ كانت الأحاديث المأثورة عن السلف ، لها دورها الأوفى في التفسير وفي فهم معاني القرآن الكريم ، فهل بقيت سليمة طيلة الأعصار ولم يعكر صفو زلالها شوائب الأكدار؟

الأمر الذي استرعى انتباه علماء الأمّة منذ العهد الأول ليقوموا بفرض الحدود الفاصلة بين الصحيح والزائف من الأخبار. وأهمّ تلك الحدود المائزة هو ما نبّه عليه نبيّ الإسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالعرض على كتاب الله ومحكمات آياته ، فما وافق كتاب الله فهو حقّ وما خالفه فهو باطل. والكتاب هنا كناية عن محكمات الدين وضرورات العقول فيشمل السنّة القويمة وبرهان العقل اللائح. فما رافقها فهو سليم وما حاد عنها فهو سقيم.

ومن ثمّ فطريقة التمحيص هي ملاحظة المحتوى في اعتلاء فحواه وقوّة مؤدّاه ، قبل ملاحظة الأسناد ، وإن كان للأسناد أيضا دورها في الاعتبار ، ولكن في الدرجة الثانية ، على خلاف مذاهب بعض المتأخّرين في اهتمامهم بالأسانيد محضا وترك رعاية المحتوى قوّة واعتلاء.

إذن فالعمدة هي العناية بالمتون قبل رعاية الأسناد :

[م / ٣٠٢] فقد تواتر عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما جاءكم عنّي يوافق كتاب الله فأنا قلته ، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله» (١).

__________________

(١) رواه ثقة الإسلام الكليني بإسناد صحيح إلى الإمام الصادق عليه‌السلام فيما رواه من خطبة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمنى (الكافي ١ : ٦٩ / ٥ باب الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب).

٢١٩

[م / ٣٠٣] قال الإمام أبو عبد الله الصادق عليه‌السلام : إنّه قد كذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على عهده ، حتّى قام خطيبا فقال : «أيّها الناس قد كثرت عليّ الكذّابة (١) ، فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبّوأ مقعده من النار». قال عليه‌السلام : ثمّ كذب عليه من بعده. وجعل يفصّل القول عن أنواع الكذبة عليه واختلاف الدواعي لها. ثمّ بيّن العلاج وطريقة التمييز بين السليم والسقيم بالعرض على الكتاب والسنّة ومحكمات الدين (٢). وكذا العرض على ضرورات العقول كما في الحديث (٣).

[م / ٣٠٤] وفي حديث آخر عنه عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ على كلّ حقّ حقيقة ، وعلى كلّ صواب نورا. فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه» (٤).

[م / ٣٠٥] وفي صحيحة ابن أبي يعفور : أنّه حضر مجلس أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام وسأله عن اختلاف الحديث ، يرويه من يوثق به ومنهم من لا يوثق به؟ قال عليه‌السلام : «إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإلّا فالذي جاءكم به أولى به» (٥).

[م / ٣٠٦] وفي صحيح أيّوب بن الحرّ قال : سمعت أبا عبد الله الصادق عليه‌السلام يقول : «كلّ شيء مردود إلى الكتاب والسنّة. وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف» (٦).

[م / ٣٠٧] وروى الشيخ الجليل أبو الفتوح الرازي في تفسيره القيّم ـ مرسلا ـ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إذا أتاكم عنّي حديث فاعرضوه على كتاب الله وحجّة عقولكم ، فإن وافقهما فاقبلوه وإلّا فاضربوا به عرض الجدار» (٧). رواه مرسلا لكنه إرسال قاطع.

والأحاديث بهذا الشأن كثيرة ، وقد اتّفقت على جعل المقياس في تمييز السليم عن السقيم هو العرض على كتاب الله ووجود شاهد عليه من القرآن أو السّنّة المتواترة أو ضرورة العقل الرشيد.

[م / ٣٠٨] إذ «ما من شيء إلّا وفيه كتاب أو سنّة» كما قال الإمام الصادق عليه‌السلام (٨).

[م / ٣٠٩] وقال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : «إذا حدّثتكم بشيء فاسألوني من كتاب الله»(٩).

__________________

(١) أي الجماعة الكذّابة.

(٢) المصدر : ٦٢ / ١ ، باب اختلاف الحديث وعلاجه.

(٣) يأتي الحديث برواية أبي الفتوح الرازي في تفسيره ٣ : ٣٩٢ ذيل الآية (٤٠) من سورة النساء.

(٤) الكافي ١ : ٦٩ / ١.

(٥) الكافي ١ : ٦٩ / ٢ ، باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب وسوف نذكر أنّ هذا الحديث من جلائل الأحاديث التي نوّهت باعتلاء شأن المحتوى وأنّ الاعتبار به قبل الأسناد ، حتّى ولو فرضت موثوقا بها.

(٦) المصدر / ٣.

(٧) أبو الفتوح ٥ : ٣٦٨.

(٨) الكافي ١ : ٥٩ / ٤.

(٩) المصدر : ٦٠ / ٥.

٢٢٠