الألفين الفارق بين الصّدق والمين - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

الألفين الفارق بين الصّدق والمين - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: المؤسسة الإسلامية للبحوث والمعلومات
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤسسة الإسلامية للبحوث والمعلومات
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٤
الجزء ١ الجزء ٢

السادس والسبعون : الإمام لتحصيل الثواب المستحقّ بالتكليف ، ونصب الإمام غير المعصوم قد يزيل التكليف ، فلا يبقى الثواب المستحق.

السابع والسبعون : كلّ إمام لإتمام التكليف بالضرورة ، [ولا شيء من الإمام غير المعصوم لإتمام التكليف] (١) بالإمكان. ينتج : لا شيء من الإمام غير معصوم.

الثامن والسبعون : كلّ ذي غاية فإنّه يستحيل أن يكون سببا في ضدّها ، والإمام غايته تكميل التكليف لفعل المكلّف ما كلّف به ، وغير المعصوم قد يكون سببا في ضدّ ذلك كما بيّنّا (٢) ، فيستحيل أن يكون إماما.

التاسع والسبعون : كلّما كان الإمام واجبا كان الإمام مقرّبا للتكليف ومظهرا لأثره على تقدير إطاعة المكلّف له ، وكلّما كان الإمام غير معصوم فقد لا يكون الإمام مقرّبا للتكليف ولا مظهرا لأثره.

ويلزمهما : قد يكون إذا كان الإمام واجبا لا يكون الإمام مقرّبا للتكليف ولا مظهرا لأثره ، وهو يناقض [الأولى] (٣).

الثمانون : لا شيء من الإمام بمزيل للتكليف [وسبب] (٤) لعدم فعل المكلّف به بالضرورة ، وكلّ غير معصوم يمكن أن يكون كذلك. ينتج : لا شيء من الإمام بغير معصوم بالضرورة.

الحادي والثمانون : الإمام تابع للتكليف ، وإنّما هو لأجله ، فكلّما زال لم يجب. فلو كان الإمام غير معصوم لأمكن أن يكون سببا في زواله.

الثاني والثمانون : كلّ إمام فإنّ المكلّف المطيع له أقرب إلى فعل المأمور به وترك المنهي عنه بالضرورة ، فلو كان الإمام غير معصوم لصدق : بعض الإمام

__________________

(١) من «ب».

(٢) بيّنه في الدليل الخامس والسبعين من هذه المائة.

(٣) في «أ» : (أولى) ، وما أثبتناه من «ب».

(٤) من هامش «ب».

٣٨١

المكلّف إذا أطاعه لم يكن كذلك بالإمكان العامّ (١) ، فيجتمع النقيضان ، والمحال نشأ من عدم العصمة.

الثالث والثمانون : كلّ إمام فإنّه منشأ المصلحة للمكلّف في الدين بالضرورة ، فلو كان الإمام غير معصوم أمكن أن يكون منشأ للمفسد ، فيجتمع النقيضان ، وهو محال. والمقدّمتان ظاهرتان.

الرابع والثمانون : لا شيء من الإمام بآمر [بالمعصية] (٢) وناه عن الطاعة بالضرورة ، [وكلّ غير معصوم آمر بالمعصية وناه عن الطاعة] (٣) بالإمكان العامّ ، فلا شيء من الإمام بغير معصوم بالضرورة.

الخامس والثمانون : يستحيل من الله تعالى أن يجعل ما يمكن أن يكون سببا للضدّ [مقرّبا للضدّ] (٤) ، وغير المعصوم يمكن أن يكون سببا في ضدّ فعل المكلّف [به ، فيستحيل أن يجعله الله تعالى سببا.

السادس الثمانون : الإمام إمّا حامل للمكلّف] (٥) على الطاعة ومانع له من (٦) المعصية ، أو مكفوف اليد ؛ لعدم طاعة المكلّفين وقلّة الناصر ، مانعة خلو ، وإلّا لم يكن له فائدة.

فلو كان الإمام غير معصوم لجاز أن يخلو عن الحالين.

السابع والثمانون : إنّما وجب الإمام لكونه لطفا في التكليف مقرّبا إلى الطاعة مبعّدا عن المعصية ، فيستحيل أن يكون بضدّ ذلك. وكلّ غير معصوم [لا يستحيل أن يكون بضدّ ذلك ، فيستحيل أن يكون الإمام غير معصوم.

__________________

(١) الإمكان العامّ : هو سلب الضرورة عن أحد الطرفين ـ الوجود والعدم ـ لا عنهما معا ، بل الطرف المقابل للحكم. تجريد المنطق : ٢٢. كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ٤٠.

(٢) في «أ» : (المعصية) ، وما أثبتناه من «ب».

(٣) من «ب».

(٤) من «ب».

(٥) من «ب».

(٦) في «ب» : (عن) بدل (من).

٣٨٢

الثامن والثمانون : كلّما كان الإمام غير معصوم] (١) لم ينتف حجّة المكلّف على الله تعالى ؛ لأنّ الإمام إنّما وجب لكونه لطفا يتوقّف عليه فعل التكليف حتى [يقرّب] (٢) المكلّف إلى الفعل المكلّف به ، فإذا لم يكن الإمام معصوما أمكن ألّا يتحقّق ذلك اللطف ، بل [يمكن أن يبعّد عن] (٣) الطاعة ، فإمّا أن يقع هذا الفرض بالفعل ، أو لا يقع.

فإن وقع فحجّة المكلّف ظاهرة ليس فيها لبس ؛ إذ لم يحسن التكليف إلّا مع ذلك اللطف ، فإذا لم يفعل ذلك اللطف لم يجب على المكلّف فعل ما كلّف به ، وإلّا كان الله تعالى مرتكبا للقبيح ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

وإن لم يتحقّق كان [الإمكان] (٤) متحقّقا ، فلم يجزم المكلّف بوقوع شرط التكليف ، فلا يجزم بالتكليف له. ولا طريق له إلّا بنفي هذا الاحتمال ، ولا ينتفي إلّا بعصمة الإمام ، فإذا لم يتحقّق لم ينتف.

وأيضا : فإنّ الإمام إذا جاز أن يدعو إلى المعصية وجاز أن يكون ضدّا لذلك اللطف اشتمل اتّباعه على ضرر مظنون ، وقد أمر بدفع الضرر المظنون ، فله في ترك اتّباعه عذر. لكنّ التالي باطل قطعا ، فالمقدّم مثله.

التاسع والثمانون : كلّما كان لازم إمامة غير المعصوم [منتفيا كانت إمامة غير المعصوم] (٥) منتفية ، لكنّ المقدّم حقّ ، فالتالي مثله.

أمّا الملازمة فظاهرة ؛ إذ انتفاء اللازم يوجب انتفاء الملزوم.

وأمّا انتفاء اللازم ؛ فلأنّ إمامة غير المعصوم تستلزم التكليف بارتفاع النقيضين ، [وارتفاع النقيضين محال] (٦).

__________________

(١) من «ب».

(٢) في «أ» : (يتقرب) ، وما أثبتناه من «ب».

(٣) في «أ» : (يبعّدان) ، وما أثبتناه من «ب».

(٤) في «أ» : (الإمام) ، وما أثبتناه من «ب».

(٥) من «ب».

(٦) في «أ» : (في) ، وما أثبتناه من «ب».

٣٨٣

بيان استلزامها ذلك : أنّ اتّباع غير المعصوم وطاعته ارتكاب الضرر المظنون كما بيّنّا (١) ، وترك اتّباعه وترك طاعته كذلك ، والاحتراز عن الضرر المظنون واجب (٢) ، فيجب ترك اتّباعه وترك ترك [اتّباعه] (٣).

التسعون : دائما إمّا أن يكون إمامة غير المعصوم [منتفية] (٤) ، [أو تكون] (٥) ثابتة مع انتفاء لازمها ، مانعة خلو.

لكنّ الثاني محال ، فثبت الأوّل.

بيان صدق المنفصلة : أنّ إمامة غير المعصوم تستلزم وجوب اتّباع غير المعصوم وتحريمه ؛ لأنّه يشتمل على ضرر مظنون ، وفعل ما يشتمل على ضرر مظنون حرام ، وترك اتّباعه حرام ؛ للإمامة ، وواجب ؛ لتحريم اتّباعه. وهذا اللازم منتف ؛ لأنّه جمع بين النقيضين ، فإمّا أن يكون إمامة غير المعصوم ثابتة ، أو لا ، لا يخلو الحال منهما.

فإن كانت ثابتة ولازمها منتف على كلّ تقدير ، فيلزم الأمر الثاني ، وإن كانت منتفية لزم الأوّل.

وأمّا استحالة الثاني فظاهرة ؛ إذ وجود الملزوم مع انتفاء اللازم محال.

الحادي والتسعون : الإمام شرط للتكليف وسبب ما في فعل المكلّف به ، وإلّا لما وجب ، [فيستحيل] (٦) أن يكون مانعا. وغير المعصوم يمكن أن يكون مانعا ، فمحال أن يكون الإمام غير معصوم.

__________________

(١) بيّنه في الدليل السابع والخمسين ، والدليل الثامن والخمسين من هذه المائة.

(٢) انظر : الذخيرة في علم الكلام : ٥٥٣. الاقتصاد فيما يتعلّق بالاعتقاد : ١٦٢. مناهج اليقين في أصول الدين : ٥٤٧. المحصّل : ٥٧٤.

(٣) في «أ» : (المعصية) ، وما أثبتناه من «ب».

(٤) في «أ» : (منفية) ، وما أثبتناه من «ب».

(٥) من «ب».

(٦) في «أ» : (يستحيل) ، وما أثبتناه من «ب».

٣٨٤

الثاني والتسعون : الإمام مقرّب إلى الطاعة ومبعّد عن المعصية ، وعلّة الاستعداد للشيء بالذات وعلّة البعد [عنه] (١) والاستعداد لضده بالذات متنافيتان لا يمكن اجتماعهما في محلّ واحد ، بأن يكون معدّا لشيء بالذات ومبعّدا عنه ، أو معدّا لضدّه في الحال.

وعدم العصمة [معدّ] (٢) لتحصيل المعاصي وعدم الطاعات مع الشهوة والنفرة ، فلا يمكن أن يجتمع مع الإمامة المعدّة لضدّها بالذات مع طاعة المكلّف ، فلا يمكن إمامة غير المعصوم.

الثالث والتسعون : الإمامة لمنع عدم العصمة [مع قبول] (٣) المكلّف أوامره ونواهيه ، وهذا الشرط لا يكون شرطا في الإمام نفسه ؛ لأنّه ليس له إمام آخر حتى يقال : يقبل أوامر الإمام ونواهيه ، ولا يتحقّق امتثال الإنسان لأوامر نفسه ونواهيها ؛ لأنّ الآمر والمأمور متغايران.

ولا يمكن أن يقال : الشرط امتثاله لأوامر الله تعالى واختياره للطاعة ، وإلّا لكان خاليا عن اللطف ، فتكون مانعة من عدم العصمة في حقّ الإمام مطلقا ، ويستحيل تحقّق الشيء مع المانع له أو علّة عدمه ، فيستحيل اجتماع عدم العصمة مع تحقّق الإمامة في محلّ واحد ، وهو المطلوب.

وإنّما قلنا : إنّ الإمامة مانعة من عدم العصمة مطلقا ؛ لأنّ الإمامة للتقريب من الطاعة والتبعيد عن المعصية (٤) لكل مكلّف ، وإلّا لم يجب بالنسبة إلى كلّ طاعة وكلّ معصية في كلّ وقت.

الرابع والتسعون : دائما إمّا أن يكون الشيء والمانع منه أو علّة عدمه متحقّقين في محلّ واحد في وقت واحد ، أو يكون الإمام معصوما ، [مانعة خلوّ ؛ لأنّ الإمامة

__________________

(١) من «ب».

(٢) في «أ» (منه) ، وفي «ب» : (معه) ، وما أثبتناه للسياق.

(٣) في «أ» : (لقبول) ، وما أثبتناه من «ب».

(٤) في «أ» زيادة : (و) بعد : (المعصية) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».

٣٨٥

مانعة من عدم العصمة ، فإمّا أن يكون الإمام معصوما] (١) ، أو لا.

وكلّما لم يكن الإمام معصوما اجتمع الشيء مع مانعه وعلّة عدمه ، وامتناع الخلو عن الشيء [والملزوم يستلزم امتناع الخلو عن الشيء] (٢) واللازم.

لكنّ الأوّل منتف قطعا ، وممّا ينبّه عليه أنّه لو لا [انتفاؤه] (٣) لزم أحد الأمرين : إمّا كون المانع ليس بمانع ، أو يكون الشيء الواحد ثابتا منتفيا.

وكلاهما محال ، فثبت الثاني ، وهو المطلوب.

الخامس والتسعون : دائما إمّا أن يكون الإمام ليس بمعصوم ، أو يستحيل اجتماع الشيء مع المانع من وجوده وعلّة عدمه ، مانعة جمع ؛ إذ الإمامة مانعة من عدم العصمة وتستلزم العلّة في عدم العصمة ، أو تكون هي علّة فيه ، فلو كان الإمام غير معصوم لم يجتمع هذان الحكمان.

والثاني ثابت قطعا ، فينتفي الأوّل.

السادس والتسعون : كلّ ناصب لغير المعصوم إماما مخطئ ، والله تعالى أو كلّ الأمّة يستحيل أن يكون مخطئا. ينتج : ناصب غير المعصوم إماما يستحيل أن يكون الله تعالى وأن يكون كلّ الأمّة ، وكلّ من لا ينصّبه الله تعالى ولا كلّ الأمّة يستحيل أن يكون إماما ، فغير المعصوم يستحيل أن يكون إماما.

بيان الأولى : أنّ إمامة غير المعصوم يستلزم اجتماع الشيء مع مانعه أو علّة عدمه ؛ لما تقدّم (٤).

وأمّا الكبرى فظاهرة.

وأمّا المقدّمة الثالثة ؛ فلأنّ ناصب الإمام ليس إلّا النصّ أو الإجماع.

السابع والتسعون : ناصب الإمام غير المعصوم إمّا أن يمكن أن يجعل سبب

__________________

(١) من «ب».

(٢) من «ب».

(٣) في «أ» : (انتفاء) ، وما أثبتناه من «ب».

(٤) تقدّم في الدليل الخامس والتسعين من هذه المائة.

٣٨٦

أحد الضدّين سببا في الآخر حال كونه سببا للضدّ ، أو يمكن أن يكون مغريا بالجهل ، أو يكون مكلّفا بما لا يطاق.

والكلّ خطأ ، وهو على الله تعالى وعلى الأمّة محال.

أمّا الملازمة ؛ فلأنّ غير المعصوم يمكن أن يدعو إلى المعصية ، فإمّا أن يبقى إماما مقرّبا مبعّدا ، فيكون قد جعل سبب أحد الضدّين سببا في الآخر حال كونه سببا في الضدّ.

وإمّا ألّا يبقى إماما مع أنّه نصّ عليه ونصبه ولم يعزله ، فيكون مغريا بالقبيح.

وإمّا أن يكلف المكلّف بعدم قبول قوله وعدم الالتفات إليه في وقت عصيانه وارتكابه ، مع أنّه لا يعلم ذلك إلّا بقوله ؛ لكونه هو الحافظ للشرع والمبيّن للأحكام ، ومع أنّه القاهر الحاكم لا يمكن مخالفته ، فيلزم تكليف ما لا يطاق ، وإمكان المحال محال.

لا يقال : هذا لازم للوقوع لا لإمكان الوقوع ، وفرق بين الوقوع بالفعل وبين إمكان الوقوع.

لأنّا نقول : إمكان اللازم لازم لإمكان الملزوم ؛ لاستحالة استلزام الممكن المحال ، وإلّا لزم استحالة الممكن وإمكان المحال ، لكنّ ذلك ليس بممكن ، بل هو محال على الله تعالى وعلى كلّ الأمّة ، فيستحيل.

لا يقال : أدلّة الإجماع دلّت على عدم وقوع الخطأ لا على استحالته ؛ [للفرق] (١) بين الدائمة والضرورية ، فلا يرد على تقدير كون الإمام نصب كلّ الأمّة.

لأنّا نقول : قد بيّنّا [في] (٢) الكلام استحالة استناد نصب الإمام إلى المكلّفين ، بل هو من فعله تعالى (٣).

__________________

(١) في «أ» : (الفرق) ، وما أثبتناه من «ب».

(٢) في «أ» : (أنّ) ، وما أثبتناه من «ب».

(٣) مناهج اليقين في أصول الدين : ٣٠٠. كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ٣٩٢ ـ ٣٩٣. نهج الحقّ وكشف الصدق : ١٦٨ ـ ١٧٠.

٣٨٧

وأيضا : أدلّة الإجماع دلّت على أنّ كلّ ما فعله الأمّة حسن (١) ، وكلّ ما هو حسن فهو حسن بالضرورة ؛ لاستحالة الانقلاب على الحسن والقبح ، وهما عقليّان.

وأيضا قد ظهر في الإلهي تلازم الضروري والدائم.

الثامن والتسعون : إذا أوجب الله تعالى طاعة الإمام على المكلّفين في جميع أوامره وهو غير معصوم وله داع إلى [المعصية] (٢) وله [مانع] (٣) لا يكفي غير المعصوم في المنع ، وهو الأمر والعقل ، فيكون إضلال الله تعالى للعبد يتمّ بإخبار إنسان غير مكلّف ، ولا يندفع بداعي الحكمة ؛ [لأنّه] (٤) لا يندفع إلّا بعدم احتمال إتيان إنسان غير معصوم بالمعصية لا غير.

التاسع والتسعون : جواز الخطأ على المكلّف وجه [نقص] (٥) لا بدّ للمكلّف من طريق إلى التفصي منه ، وعدم ورود خلل عليه من هذا الوجه ، فلا يحسن من الحكيم أن يأمر بأن يطلب سدّ هذا [النقص] (٦) من مساويه فيه وفي الدواعي المقتضية لورود الخلل مع عدم سادّ لخلل هذا المساوي ، وعدم طريق له إلى جبر هذا [النقص] (٧).

وقبح هذا معلوم بالضرورة (٨).

__________________

(١) انظر : الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ٦٠٤ ـ ٦٠٥. العدّة في أصول الفقه ٢ : ٦٠٢. مبادئ الوصول إلى علم الأصول : ١٩٠.

(٢) في «أ» : (المعصوم) ، وما أثبتناه من «ب».

(٣) في «أ» : (داع) ، وما أثبتناه من «ب».

(٤) من «ب».

(٥) في «أ» و «ب» : (نقيض) ، وما أثبتناه للسياق.

(٦) في «أ» و «ب» : (النقيض) ، وما أثبتناه للسياق.

(٧) في «أ» و «ب» : (النقيض) ، وما أثبتناه للسياق.

(٨) لم يرد في النسختين «أ» و «ب» الدليل المائة من المائة الخامسة.

٣٨٨

بسم الله الرحمن الرحيم

المائة السادسة من الأدلّة

الدالّة على وجوب

عصمة الإمام عليه‌السلام

٣٨٩
٣٩٠

الأوّل : كلّما كان الإمام غير معصوم فدائما إمّا أن يكون الله تعالى مكلّفا للعبد عقدا كسبيا من غير سبب ولا كاسب ، أو يكون مكلّفا للعبد بما لا يعتقد أنّه صواب ولا طريق له إلى [اكتسابه] (١).

والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.

بيان الملازمة : أنّه لا يخلو إمّا أن يكون المكلّف مكلّفا باعتقاد صواب أفعاله و [أوامره] (٢) ونواهيه ، أو لا.

والأوّل ملزوم للأوّل ؛ إذ غير المعصوم يجوز عليه الخطأ والأمر بالمعصية ، فالمرجّح للصواب الذي لا يتوقّف بعده على مرجّح إمّا أن يكون معلوم الحصول للإمام عند المكلّف ، أو لا.

والأوّل يستلزم [عصمته] (٣) ؛ لوجوب الطرف عند وجود المرجّح التامّ.

وإن لم يكن [معلوما] (٤) كان تكليفه بذلك تكليفا بعقد ذي سبب من غير حصول [سببه] (٥).

والثاني إمّا أن يكون لحصوله للمكلّف فيكون التكليف به تكليفا بالحاصل ، أو لعدم لزومه في وجوب طاعة الإمام أو لها ، أو لجواز نقيضه.

والأوّلان محالان.

أمّا الأوّل ؛ فلما تقدّم.

__________________

(١) في «أ» : (الاكتساب) ، وما أثبتناه من «ب».

(٢) في «أ» : (أوامر) ، وما أثبتناه من «ب».

(٣) في «أ» : (عصمة) ، وما أثبتناه من «ب».

(٤) في «أ» : (معصوما) ، وما أثبتناه من «ب».

(٥) في «أ» : (سبب) ، وما أثبتناه من «ب».

٣٩١

وأمّا الثاني ؛ فلأنّ لطفية الإمام وطاعته من المكلّف إنّما يتمّ بذلك.

والثالث يستلزم الجزء الثاني من المنفصلة المذكورة ؛ لأنّه تعالى كلّفه بطاعته في جميع أوامره ونواهيه ، فإن جاز خطأ بعضها أمكن أن يكون الله تعالى قد كلّف العبد بالخطإ والقبيح.

وأمّا بطلان التالي بقسميه فظاهر ؛ لأنّ الأوّل تكليف بما لا يطاق ، وتكليف بالجهل ، وهو قبيح على الله تعالى.

والثاني يستلزم إمكان النقيض عليه ، وهو محال.

لا يقال : هذا لا يرد على مذهبكم ؛ لأنّ عندكم أنّ الله تعالى قادر على القبيح ، وقادر على الأمر بالمعاصي والقبيح والنهي عن الطاعة والأمر بما لا يطاق من حيث القدرة [وإن] (١) امتنع من حيث الحكمة ، خلافا للنظّام (٢) ، وكلّ مقدور ممكن ، فلا يصح استثناء نقيض التالي الذي هو المنفصلة ؛ لإمكانها (٣).

__________________

(١) في «أ» و «ب» : (فإن) ، وما أثبتناه للسياق.

(٢) فإنّه كان يقول : إنّ الله تعالى لا يوصف بالقدرة على الشرور والمعاصي وليست هي مقدورة للباري تعالى ، وأنّه يقدر على فعل ما يعلم أنّ فيه صلاحا لعباده ، ولا يقدر على أن يفعل بعباده في الدنيا ما ليس فيه صلاحهم. انظر : مقالات الإسلاميين : ٥٧٦. الفرق بين الفرق : ١٣١ ـ ١٣٤. الملل والنحل (الشهرستاني) ١ : ٥٤.

النظّام : هو إبراهيم بن يسار بن هانئ البصري ، أبو إسحاق النظّام ، من أئمّة المعتزلة ، تبحّر في علوم الفلسفة وعاشر في زمان شبابه قوما من الثنوية وقوما من السمنية وخالط ملاحدة الفلاسفة وأخذ عن الجميع ، وانفرد بآراء خاصّة تابعته فيها فرقة من المعتزلة سمّيت «النظّامية» نسبة إليه. وكان المعتزلة يموّهون على الإغمار بدينه ويوهمون إنّه كان نظاما للكلام المنثور والشعر الموزون ، وإنّما كان ينظم الخرز في سوق البصرة. وذكر أنّ له كتبا كثيرة في الفلسفة والاعتزال. توفّي سنة ٢٣١ ه‍. أمالي المرتضى ١ : ١٨٧. الفرق بين الفرق : ١٣١. تاريخ بغداد ٦ : ٩٧ ـ ٩٨. الملل والنحل (الشهرستاني) ١ : ٥٣ ـ ٥٤. تاريخ الإسلام ووفيات مشاهير الأعلام ١٦ : ٤٧٠ ـ ٤٧١. الأعلام ١ : ٤٣.

(٣) في «ب» : (لإمكانهما) بدل : (لإمكانها).

٣٩٢

لأنّا نقول : المحال إمكان ذلك مع فرض الحكمة ؛ لأنّ وجود الممكن مع علّة عدمه من [هذه الجهة] (١) محال لذاته ؛ لأنّه اجتماع للنقيضين ، فلو كان الإمام غير معصوم لأمكن ذلك مع فرض وجود حكمة الله تعالى [بالنظر] (٢) إليها ؛ لأنّ ثبوت الملزوم على تقدير الملازمة الكلّية ثابت على كلّ تقدير يمكن اجتماعه مع المقدّم يستلزم ثبوت اللازم على ذلك التقدير ، [وإمامة] (٣) غير المعصوم مع فرض وجود طاعته في كلّ وقت وحال في كلّ أمر ونهي لو ثبتت لثبتت على تقدير حكمة الله تعالى مع استلزامها المنفصلة المانعة من الخلوّ كلّيا.

الثاني : هنا مقدّمات :

الأولى : كلّ ذي سبب فلا بدّ له من سبب تامّ يجب عنده المسبّب.

الثانية : كلّ ما وجب لكونه لطفا في [واجب لا يمكن أن يحصل ذلك الواجب إلّا به ، وإلّا لما وجب.

الثالثة : كلّ ما وجب عينا لكونه لطفا] (٤) في واجب لا لغير ذلك لم [يقم] (٥) غيره في اللطفية في ذلك الواجب ، وإلّا لم يتعيّن.

الرابعة : الإمام واجب عينا ؛ لكونه لطفا في تقريب المكلّف غير المعصوم من الطاعة وتبعيده عن المعصية.

إذا تقرّر ذلك فنقول : عند قدرة الإمام على حمل المكلّف على الطاعة وبعده عن المعصية وعلمه ، إمّا أن يقف السبب المرجّح للفعل المستعقب له على شيء آخر ، أو لا.

__________________

(١) في «أ» : (جهته) ، وما أثبتناه من «ب».

(٢) في «أ» : (والنظر) ، وما أثبتناه من «ب».

(٣) في «أ» : (بإمامة) ، وما أثبتناه من «ب».

(٤) في «أ» : (تقريب المكلّف غير المعصوم من الطاعة) ، وما أثبتناه من «ب».

(٥) في «أ» : (يتمّ) ، وما أثبتناه من «ب».

٣٩٣

والثاني محال ، وإلّا لم يكن مقرّبا ، بل توقّف على شيء آخر فكان يجب ، وعدم وجوبه يدلّ على عدمه.

والأوّل يستلزم الوجوب عنده ، وإلّا فإمّا ألّا يتوقّف على شيء آخر فيكون ذو السبب ليس له سبب تامّ ، هذا خلف.

وكلّما كان الإمام غير المعصوم لم يجب الترجيح عند اجتماع هذه الأشياء ، وبطلان التالي يستلزم بطلان المقدّم.

فنقول : عند وجود الإمام والتكليف وعلم المكلّف وقدرته [وقدرة] (١) الإمام على حمل المكلّف على الطاعة وردعه عن المعصية وعلم الإمام وانتفاء المانع له ، إمّا أن يبقى رجحان [وجود] (٢) الفعل أو علّته من المكلّف في نفس الأمر ومرجوحية الترك [منه] (٣) في نفس الأمر موقوفا على شيء آخر ، أو لا.

و [الأوّل] (٤) محال ، وإلّا [لوجب] (٥) ذلك الآخر ؛ لكونه لطفا (٦) لا يتمّ الفعل بدونه ، وكلّما كان كذلك كان واجبا ، لكن لا يجب على الله تعالى شيء آخر خارج عن هذه الأشياء.

وإن لم يتوقّف ؛ فإمّا أن يجب الترجيح المستعقب للفعل والترك عنده ، أو لا.

والثاني محال ؛ لأنّه لا سبب غير ما ذكرناه ، وإلّا [لكان] (٧) موقوفا عليه ، فإمّا أن يكون هذا هو السبب التامّ ، أو لا يكون له سبب تامّ.

__________________

(١) من «ب».

(٢) من «ب».

(٣) من «ب».

(٤) في «أ» و «ب» : (الثاني) ، وما أثبتناه للسياق.

(٥) من «ب».

(٦) في «أ» زيادة : (و) بعد : (لطفا) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».

(٧) في «أ» : (كان) ، وما أثبتناه من «ب».

٣٩٤

والثاني محال ؛ لما تقدّم في [الأولى] (١) ، فتعيّن الأوّل.

وإذا كان كذلك وجب عصمة الإمام ؛ لوجود الإمامة ، وقدرة الإمام في صورة نفسه ، وإلّا لم يكن مكلّفا ، فيتحقّق السبب التامّ دائما ، فيتحقّق [المسبّب] (٢) ، و [يمتنع] (٣) نقيضه ، ولا نعني بالعصمة إلّا ذلك.

لا يقال : الإمامة لطف للغير وسبب في صورة الغير لا في نفسه ، وإلّا لكان إماما لنفسه [وقاهرا لنفسه] (٤).

لأنّا نقول : الأمر والنهي والقدرة والعلم في حقّ الإمام كاف ، أو لا؟

فإن كان الأوّل حصل السبب التامّ ، وهو المطلوب.

وإن كان الثاني ، فإمّا أن يكون الموقوف عليه حاصلا للإمام ، أو لا.

والثاني محال ، وإلّا لزم الإخلال باللطف الواجب.

والأوّل يستلزم حصول السبب التامّ.

وأيضا : فإنّ الإمامة لطف عامّ بوجودها للإمام ، وبعمل الإمام وحمله لغيره فاستغنى بها من غيرها.

الثالث : الإمامة لطف لكلّ غير معصوم في تحصيل الواجب [ومنع] (٥) المعاصي ؛ لتساوي الكلّ في علّة الاحتياج وعدم قيام غيرها مقامها ، وإلّا لم يجب [عينا] (٦). وكلّما كان الإمام قادرا على حمل المكلّف على الطاعة وإبعاده عن المعصية عالما بذلك وجب تحقّق ذلك ، وإلّا إمّا أن يجب ، أو يبقى على صرافة الإمكان ، أو يترجّح بالنسبة إلى الداعي.

__________________

(١) في «أ» و «ب» : (الأوّل) ، وما أثبتناه للسياق ، والمراد من الأولى هو المقدّمة الأولى من نفس هذا الدليل.

(٢) في «أ» : (السبب التام) ، وفي «ب» : (السبب) ، وما أثبتناه للسياق.

(٣) في «أ» : (يمنع) ، وما أثبتناه من «ب».

(٤) من «ب».

(٥) في «أ» : (مع) ، وما أثبتناه من «ب».

(٦) في «أ» : (عبثا) ، وما أثبتناه من «ب».

٣٩٥

والثاني محال ، وإلّا لانتفت فائدته.

و [الثالث] (١) مستلزم الوجود.

والأوّل المقصود.

فلو كان الإمام غير معصوم لكان معصوما ؛ لتحقّق ما يجب عنده لأفعال (٢) ، فيلزم المحال ، وهو اجتماع النقيضين ، وتحصيل المطلوب أيضا.

الرابع : لو لم يكن الإمام معصوما لزم أحد الأمور الأربعة :

إمّا كون ذي السبب لا سببا [تامّا] (٣) له ، أو جعل غير ذي السبب سببا ، أو عدم إيجاب ما يتوقّف عليه الفعل من اللطف ، أو إيجاب أحد المتساويين في وجه الوجوب عينا بلا مرجّح ، مانعة خلو.

واللازم بأقسامه باطل ، فينتفي الملزوم.

أمّا الملازمة ؛ فلأنّه لا طريق للمكلّف إلى تحصيل [الحقّ و] (٤) القرب من الطاعة والبعد عن المعصية إلّا الإمام ؛ لأنّه إمّا أن يكون طريقا ، أو لا.

والثاني يستلزم جعل غير السبب سببا.

والأوّل إمّا أن يقوم غيرها مقامها ، أو لا.

والأوّل يستلزم إيجاب أحد المتساويين في وجه الوجوب عينا بلا مرجّح.

والثاني إمّا أن يتوقّف بعدها على شيء آخر ، أو لا.

والأوّل يستلزم عدم وجوب اللطف [الذي يتوقّف] (٥) فعل الواجب عليه.

والثاني إمّا أن يكون سببا تامّا [يتقرّب المكلّف معها ويعلم الحقّ ، أو لا.

__________________

(١) في «أ» و «ب» : (الثاني) ، وما أثبتناه للسياق.

(٢) كذا في «أ» و «ب».

(٣) في «أ» : (فإمّا) ، وما أثبتناه من «ب».

(٤) من «ب».

(٥) في «أ» : (متوقّف) ، وما أثبتناه من «ب».

٣٩٦

والثاني يستلزم كون ذي السبب لا سببا تامّا له.

والأوّل يلزم أن يكون معصوما ؛ إذ لا تكون إمامة غير المعصوم سببا تامّا] (١) ؛ لأنّها مع طاعة المكلّف وامتثاله لأوامره يمكن ألّا يقرّبه إلى الطاعة.

وأمّا بيان بطلان اللازم بأقسامه فظاهر.

الخامس : إمامة غير المعصوم مع طاعة المكلّف للإمام وامتثال أوامره ليس طريقا للجزم بالنجاة والتقريب والتبعيد ، ولا طريق غير الإمامة ؛ لما تقدّم (٢). فيلزم ألّا يكون للمكلّف طريق إلى معرفة نجاته وصحة أفعاله ، وهذا محال.

السادس : نصب الإمام والدلالة عليه وطاعة المكلّف له في جميع أوامره وعدم مخالفته في شيء أصلا جعله الشارع سببا تامّا في التقريب والتبعيد ، فلو لم يكن الإمام معصوما لأمكن انفكاك التقريب والتبعيد منه ، وكلّ ما أمكن انفكاك أثره عنه لم يكن سببا ذاتيا ، بل غايته أن يكون أكثريا.

فنقول : كلّما كان الإمام غير معصوم كان الله تعالى قد جعل السبب الأكثري أو (٣) الاتفاقي سببا ذاتيا. لكنّ التالي باطل ؛ لاشتماله على الضلال ، فكذا المقدّم.

السابع : كلّ إمام فإنّ طاعة المكلّف له مع نصبه [كاف] (٤) في اللطف بالضرورة ، ولا شيء من غير المعصوم طاعة المكلّفين له مع نصبه بكاف باللطف بالإمكان. ينتج : لا شيء من الإمام بغير معصوم بالضرورة.

أمّا الصغرى ؛ فلأنّه لو لا ذلك لكان الله تعالى مخلّا باللطف الذي يتوقّف عليه [فعل] (٥) التكليف ، وهو محال.

__________________

(١) من «ب».

(٢) تقدّم في البحث الرابع من المقدّمة.

(٣) في «ب» : (و) بدل (أو).

(٤) في «أ» و «ب» : (بكاف) ، وما أثبتناه للسياق.

(٥) من «ب».

٣٩٧

وأمّا الكبرى ؛ فلأنّه يمكن أن يدعو إلى المعصية وينهى عن الطاعة أو يهمل ، فيمكن ألّا يكون كافيا في اللطف.

الثامن : الإمام غير المعصوم يمكن أن يخرج عن اللطف ولا يقوم به ، فإن بقي إماما لم يحصل اللطف ، وكان قد أقيم ما ليس بلطف ، ولا يحصل منه اللطف مقامه ، وهو محال ؛ لاشتماله على العبث أو الجهل المركّب.

وإن لم يبق إماما ، فإن لم ينصّب غيره [خلا] (١) عن اللطف الواجب.

وإن نصب إماما غيره مع عدم دلالة عليه ولا تعريف المكلّف ذلك يستلزم تكليف ما لا يطاق ؛ إذ [لا] (٢) معرفة لإمامته إلّا هو أو كلّ الأمّة ، وذلك يؤدّي إلى الهرج والمرج والفتن ، وهو عين ما لزم من المحال.

التاسع : كلّما كانت الإمامة ثابتة في كلّ وقت كانت لطفا محتاجا إليها في التكليف دائما ، وكلّ ما كان كذلك استحال أن يخلو عنه وقت ؛ لوجوبها على الله تعالى وعلى الأمّة على القولين (٣) ، [فإهمالها] (٤) خطأ.

وكلّما كان الإمام غير معصوم أمكن أن يخلو وقت ما عن اللطف ، [إذ اللطف] (٥) لا يتمّ بنصب الإمام خاصّة ، بل بدعائه على تقدير إطاعة المكلّف له ، وهذا يمكن أن

__________________

(١) في «أ» : (خللا) ، وما أثبتناه من «ب».

(٢) من «ب».

(٣) القول الأوّل : «إنّ الإمامة واجبة على الله» ، وهو قول الإمامية. انظر : النكت الاعتقادية (ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد) ١٠ : ٣٩ ، تقريب المعارف : ١٤٤. قواعد العقائد : ١١٠ ، ١٢٠. قواعد المرام في علم الكلام : ١٧٥.

القول الآخر : «إنّ الإمامة واجبة على المكلّفين» ، وهو مذهب الجمهور. انظر : قواعد العقائد : ١١٠.

قواعد المرام في علم الكلام : ١٧٥. كتاب أصول الدين : ٢٧٩. المحصّل : ٥٧٤.

(٤) في «أ» : (فهما لهما) ، وفي «ب» : (فإهمالهما) ، وما أثبتناه للسياق.

(٥) من «ب».

٣٩٨

يخلّ [به] (١) غير المعصوم ، واجتماع الممكنة المناقضة للضرورية معها محال (٢).

العاشر : كلّ ما (٣) جعله الله عزوجل سببا موصلا للمكلّف إلى غاية مطلوبة له تعالى يتوقّف حصولها عليه ، وإنّما تحصل تلك الغاية [منه لا من غيره ، فلا بدّ وأن] (٤) يكون واجب [التأدية] (٥) إليها ، أو يطلب تلك الغاية التي لا تحصل إلّا من ذلك السبب دائما [من المكلّف مع عدم حصولها منه دائما] (٦) ؛ إذ لو كان حصولها منه دائما لكانت سببا ذاتيا ؛ إذ كلّ سبب يؤدّي إلى مسببه دائما ذاتي ، وكلّ سبب ذاتي يجب حصوله منه مع فرض عدمه ، هذا خلف.

والقرب والبعد سببه الإمام مع طاعة المكلّف له ، فيكون واجبا عنه ، وكلّ من ليس بمعصوم لا يجب عنه.

الحادي عشر : دائما إمّا أن يكون الإمام معصوما ، وإمّا أن يخرج الواجب عن كونه واجبا حال كونه مشتملا على وجه يقتضي وجوبه ، أو يخرج الشرط عن كونه شرطا ، أو يلزم تكليف ما لا يطاق ، مانعة خلو.

لأنّه إذا لم يقرّب المكلّف من الطاعة ، بل نهاه [عنها] (٧) ، فإمّا أن يبقى الفعل الذي هذا اللطف شرط فيه واجبا ، أو لا يبقى.

فإن لم يبق ثبت الأوّل ، وإن بقي وخرج اللطف عن كونه شرطا لزم الثاني ، وإن بقي لزم التكليف بالمشروط حال عدم الشرط ، وهو الثالث.

__________________

(١) من «ب».

(٢) تجريد المنطق : ٢٥. القواعد الجلية في شرح الرسالة الشمسية : ٢٩٢ ـ ٢٩٣.

(٣) في «أ» زيادة : (كان) بعد : (ما) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».

(٤) في «أ» : (التي لا تحصل إلّا من ذلك السبب دائما أو) ، وما أثبتناه من «ب».

(٥) في «أ» : (التامة) ، وما أثبتناه من «ب».

(٦) من «ب».

(٧) في «أ» و «ب» : (عنه) ، وما أثبتناه للسياق.

٣٩٩

لكنّ التالي بأقسامه باطل ، فكذا المقدّم.

الثاني عشر : كلّما كان الإمام غير معصوم أمكن أن يكون الشرط [مانعا] (١) حال كونه شرطا ، لكنّ التالي باطل قطعا ، فكذا المقدّم.

بيان الشرطية : أن يكون (٢) تبعيده المكلّف عن المعصية حال كونه إماما شرطا في التكليف إذا لم يكن معصوما.

الثالث عشر : الإمام إنّما احتيج إليه لعدم (٣) العصمة ، فالمراد منه نفي هذا الخلل مع إطاعة المكلّف له في جميع أحواله.

وكلّما كان كذلك كان الإمام معصوما ؛ إذ يستحيل [أن يطلب] (٤) نفي شيء ممّن هو متحقّق فيه.

الرابع عشر : لطفية الإمام إنّما تتمّ بما يرغب المكلف به غير المكلف الطالب للحقّ (٥) في اتّباعه فيما يأمره [به] (٦) وينهاه عنه من الأوامر والنواهي الشرعية ، وألّا يصدر عن الإمام ما ينفّره عنه ، وصدور المعصية [منه ممّا يعدم رغبة المكلّف له في اتّباعه وينفّره عنه ، فيستحيل عليه المعصية] (٧) ، وإلّا انتفت فائدته.

الخامس عشر : إذا ارتكب الداعي ضدّ ما يدعو إليه كان من أعظم الدواعي إلى عدم طاعته ، فلو [ارتكب] (٨) الإمام معصية ما انتفت فائدته بالكلّية.

السادس عشر : لا أعظم في النفرة عن اتّباعه من معرفة المكلّف أنّه مساو له في وجه الحاجة ، وأنّه لا يتميّز عنه بوجه ، فلا فائدة فيه.

__________________

(١) في «أ» و «ب» : (معاندا) ، وما أثبتناه للسياق.

(٢) في «ب» : (أنّه يمكن) بدل : (أن يكون).

(٣) في «ب» : (لأجل لعدم) بدل : (لعدم).

(٤) في «أ» : (بطلب) ، وما أثبتناه من «ب».

(٥) كذا في «أ» و «ب».

(٦) من «ب».

(٧) من «ب».

(٨) في «أ» : (رأيت) ، وما أثبتناه من «ب».

٤٠٠