بحث حول الخلافة والخلفاء

منيب الهاشمي

بحث حول الخلافة والخلفاء

المؤلف:

منيب الهاشمي


المحقق: زينب الوائلي
الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٢

من النعيم ماداموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم» (١).

ويقول «عليه الصلاة والسلام» في موقع آخر بأنه رأى ربه في صورة شاب أمرد عليه حلّة حمراء ، ويقرع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله باب الجنة ، فيقال : من أنت ، فيقول : أنا محمد ، فيفتح له فيأتي ربه عز وجل على كرسيه ، فيخرّ له ساجداً (٢).

أما كيف يكون الحال عند رؤية الرب تبارك وتعالى ، فإن رسول الله يتلو هذه الآية : لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٣) ، ثم يقول : «إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، فينادي منادٍ : يا أهل الجنة ، إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه ... فيكشف الحجاب ، فينظرون إليه ، فوالله ما أعطاهم شيئاً أحبّ إليهم من النظر ، الى وجهه الأعلى» (٤).

وملأ إبن خزيمة كتابه من الروايات الدالة على التشبيه والتجسيم ، وقد عقد فصولاً للوجه واليدين ، وكل عضو مما وردت فيه الروايات الصحاح ، إذ يقول : ان الحق والصواب والعدل ، في هذا الجنس مذهب أهل الآثار ، ومبتغين السنن ، واتفقوا على جهل من يسميهم «مشبّهة» ، إذ الجهمية المعطلة ، جاهلون بالتشبيه ، نحن نقول : الله جلّ وعلا له يدان ، كما أعلمنا الخالق البارئ في محكم تنزيله ، وعلى لسان نبيه المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله.

__________________

(١) سنن ابن ماجة ١ : ٦٦ الحديث ١٨٤ ؛ معجم الزوائد ٧ : ٩٨ ؛ تفسير الثعلبي ٨ : ١٣٣ ؛ تفسير البغوي ٤ : ١٦.

(٢) السنن الكبرى ـ النسائي ٦ : ٣٦١ الحديث ١١٢٣٤ ؛ كتاب العرش ـ ابن ابي شيبة : ٧٣ ؛ كتاب السنة : ٣٧٤ الحديث ٨١٦ ؛ مسند أحمد ١ : ٢٨٢.

(٣) يونس ٢٦.

(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٦٧ الحديث ١٨٧ ؛ سنن الترمذي ٤ : ٣٤٩ الحديث ٥١٠٣ ؛ مسند احمد ٤ : ٣٣٣.

٢١

ونقول : كلتا يدي ربنا يمين ، على ما أخبر النبي «عليه الصلاة والسلام» ، ثم يذكر قوّة يد الله ، وانه قبض الأرض بأحديهما ، مع ان جميع بني آدم عاجزون عن جزء من أخذ قطعة واحدة من أرض واحدة من سبع أرضين. فكيف يكون من وصف يد خالقه بما بيّنا من القوة ، ووصف يد المخلوقين بالضعف والعجز ، مشبّها يد الخالق بيد المخلوقين؟ أو كيف يكون مشبّهاً من يثبت لله أصابع على ما بيّنه النبي للخالق الباري (١).

ويرى (أبو الحسن الاشعري) زعيم الأشاعرة ، وجوب الأخذ بظواهر النصوص في الآيات الموهمة للتشبيه ، وإن لله وجهاً لا كوجه العبيد وان لله يداً لا تشبه أيدي المخلوقات. والأشعري يرى وجوب الأخذ بأحاديث الآحاد في العقائد.

ويسمّي أهل السُنّة ، الاعضاء والأجزاء والحركات ، صفات ، ويسمّون أنفسهم «صفاتية» و«أهل الاثبات» ويسمّون من ينكرها ، أو يؤولها من المعتزلة والشيعة والاشاعرة «معطّلة» و«نفاة» و«جهمية».

والاشاعرة في مسألة الصفات «أي إثبات الأعضاء والحركات» هم من أهل التنزيه ، ويخالفون أهل الحديث إلا في مسألة رؤية الله في الآخرة.

وأهل الحديث يكسرون الطاغوت الذي صنعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات ، وهو طاغوت المجاز ، ما حاصله : ان تقسيم الألفاظ والمعاني الى الحقيقة والمجاز باطل ، وجاء ابن تيمية في القرن الثامن ، فجدّد القول بالتشبيه في الناس ، وسمّى دعوته ب«السلفية» (٢).

__________________

(١) التوحيد ـ ابن خزيمة ١ : ١٢٣ و١٩٤.

(٢) الايمان ـ ابن تيمية : ٨٥ ؛ المنتخب من كتب ابن تيمية : ٣٠٠.

٢٢

فهو يؤكد : ان قول نفاة الرؤية والصفات ، والعلو على العرش ، والقائلين بأن الله لم يتكلم ، بل خلق كلاماً في غيره ، ونفيهم ذلك ، لأن إثبات ذلك تجسيم ، هو الى مخالفة الكتاب والسُنّة والاجماع السلفي والآثار أقرب من قول من أثبت ذلك.

ويستطرد إبن تيمية ، قائلاً : ليس في كلام الله ، ولا سُنّة رسوله ، ولا في كلام أحد من الصحابة والتابعين ، ولا الأكابر من التابعين من ذمّ المشبّهة ، ونفى مذهب التشبيه ، وانما اشتهر هذا من جهة الجهمية.

إن الكتاب والسُنّة والاجماع لم تنطق بأن الاجسام كلها محدثة ، وإن الله ليس بجسم ، ولا قال ذلك إمام من أئمة المسلمين ، فليس في تركي لهذا القول خروج عن الفطرة ، ولا على الشريعة (١).

وعموماً إن رؤية الله تبارك وتعالى هي أعلى كرامة يحصل عليها أولياء الله عزّ وجل ، فإن نعيمهم برؤيته يفوق نعيمهم بطيّبات الجنة. وأكرم الخلق على الله تعالى أتقاهم ، ولذا كان المرء ينظر الى ربه مرات تزيد وتنقص على مقدار ما اسلف في دنياه من اعمال صالحة (٢).

__________________

(١) التوفيق الرباني في الرد على ابن تيمية الحراني : ٥٨.

(٢) نشرة العباد ـ لبنان ـ العدد ٢٩٢ ـ رؤية الله عز وجلّ : ٢.

٢٣

مكانة النبي الاكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله عند اهل السنة والجماعة

يعتقد الجمهور السُنّي بشكل عام ، ان الاجماع واقع على عصمة الأنبياء بعد النبوة من تعمّد الكذب في الاحكام الشرعية لدلالة المعجزة على صدقهم.

وأن الرسل معصومون فيما يؤدونه عن الله تعالى ، وليس بمعصومين ننفي نغير ذلك من الخطأ والنسيان والصغائر ، وأنهم «عليهم السلام» لم يُعصموا في الأفعال ، بل في الأداء نفسه ، ولا يجوز عليهم الكذب والأقوال فيما يؤدونه عن الله تعالى (١).

هذا الموقف السُنّي ينطبق على خاتم الأنبياء محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله كما ينطبق على الأنبياء السابقين.

ويروي أهل السُنّة والجماعة عن النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر (٢).

وقال «عليه الصلاة والسلام» ذات يوم : إنما ظننت ظناً فلا تؤاخذوني بالظن (٣).

وذات مرة ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنما أنا بشر فما حدثتكم عن الله فهو حق ، وما قلت فيه من قبل نفسي ، فإنما أنا بشر أخطئ وأصيب (٤).

__________________

(١) أضواء على السنّة المحمدية : ٤٢.

(٢) صحيح مسلم ٧ : ٩٥ ؛ صحيح ابن حبان ١ : ٢٠٢ ؛ المعجم الكبير ـ الطبراني ٤ : ٢٨٠.

(٣) صحيح مسلم ٧ : ٩٥ ؛ مسند ابي يعلى الموصلي ٢ : ١٢ الحديث ٦٣٩ ؛ مسند احمد ١ : ١٦٢.

(٤) طبقات المحدثين باصبهان ١ : ٤٢٦ ؛ ذكر اخبار اصبهان ١ : ٣٠٥ ؛ الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ : ١٨٤.

٢٤

والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ حسب أهل السُنّة والجماعة ـ لم يكن يفعل المعاصي المحرّمة ، فإن فعل شيئاً من الصغائر سهواً لم يقر عليه (١).

فالعصمة إنما تتعلق بتبليغ الرسالة والعمل بها ، فالرسل معصومون من الكذب ومن الخطأ في التبليغ ومن العمل بما ينافي ما جاءوا به من التشريع (٢).

أما إجتهاده صلى‌الله‌عليه‌وآله فمرّده الى الوحي ، الذي لابد أن يقرّه عليه فيا لنهاية أو يبيّن له ما هو الأوْلى فيه (٣).

__________________

(١) اضواء على السنّة المحمدية : ٤٤.

(٢) المصدر السابق : ١٧٤.

(٣) المذاهب الفقهية ـ الدكتور محمد فوزي فيض الله : ١٥ منشورات مكتبة البيت ـ شركة الشعاع للنشر ـ الكويت.

٢٥

الصحابة في منظار مدرسة الخلفاء

من هو الصحابي؟

مَنْ صحب النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومَنْ لقيه مسلماً ثم مات على الاسلام ، أو من رآه من المسلمين ولو من بُعد (١).

وهل يشترط فيا لرائي بحيث يُميّز ما رآه أو يكتفي بمجرد حصول الروية؟ فهو موضع نظر (٢).

بل إنهم جعلوا من الصحابة من لم ير النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مسلّم له ، أو له رؤية قصيرة ، بل ومن صحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو رآه ساعة من نهار .. فهو من أصحابه صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣).

فإن محمد بن أبي بكر ، وُلد قبل وفاة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بثلاثة أشهر وأيام كما ثبت في الصحيح ، ومع ذلك يُعتبر صحابياً (٤).

وأيدوا تعريفهم بما رووه عنه «عليه الصلاة والسلام» من انه قال : يغزو قوم ،

__________________

(١) فتح الباري ٧ : ٢ ؛ اضواء على السنّة المحمدية : ٣٤١.

(٢) فتح الباري ٧ : ٢ ؛ اضواء على السنّة المحمدية : ٣٤١.

(٣) فتح الباري ٧ : ٤ ؛ اضواء على السنّة المحمدية : ٣٤١.

(٤) فتح الباري ٧ : ٢ ؛ اضواء على السنّة المحمدية : ٣٤١.

٢٦

فيقال : هل فيكم من رأى رسول الله فيفتح لهم. وإن الصحابي من لقي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مؤمناً به ، ومات على الاسلام ، فيدخل فيمن لقيه ، ومن طالت مجالسته أو قصرت (١).

ومن روى عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو لم يرو ، ومن غزا معه أو لم يغزُ ، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه ، ومن لم يره لعارض كالعمى ، أو ولد في عصر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

عدالة الصحابة

يؤمن أهل السُنّة والجماعة بعدالة كل فرد ممن سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو رآه من المسلمين مطلقاً. واحتجوا بحديث : «كل من دبّ ، أو درج منهم أجمعين أكتعين». واعتبر علماء السُنّة ، الصحابة جميعهم عدولاً ، لا يجوز عليهم النقد ، ولا يُتجه إليهم تجريح ، «إن بساطهم قد طُوي» ، من لابس الفتنة وغيرهم ، وما صدر منهم يحتمل لهم بحجة أنهم مجتهدون (٣).

فهم لا يقربهم ما يعتري كل انسان من سهو أو خطأ أو وهم أو نسيان ، لأنهم شاهدوا نور النبوة ، فقد عًصموا من الاقتحام في الذنب ، ولذلك كان الصحابة كلهم أسوة في الدين والزهد والمجاهدة (٤). كما إن جميع الصحابة عدول لا يتطرق إليهم الجرح ، ومن انتقص منهم أحداً فهو من الزنادقة.

والصحابة كلهم في الجنة قطعاً ، ولا يدخل أحد منهم في النار لأنهم المخاطبون

__________________

(١) الاصابة في تمييز الصحابة ١ : ١٥٨ ؛ اضواء على السنّة المحمدية : ٣٤٢.

(٢) الاصابة في تمييز الصحابة ١ : ١٥٨ ؛ اضواء على السنّة المحمدية : ٣٤١.

(٣) اضواء على السنّة المحمدية : ٢٢١ و٣٤٢.

(٤) تأريخ ابن خلدون ١ : ٤٧٣ ؛ اضواء على السنّة المحمدية : ١٣٢.

٢٧

بقوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١).

ويعتقد الجمهور بوجوب تزكية جميع الصحابة والثناء عليهم ، كما أثنى الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

واثبات العدالة لهم ، والكف عن الطعن فيهم. وينبغي الاعتقاد بجلالة الصحابة وبراءتهم من كل نقص ، لأن عدالتهم ثابتة معلومة لكل مسلم كتاباً وسُنّة وإجماعاً (٣).

عدالة الصحابة في القرآن الكريم

وتتجسد في الآيات التالية :

أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ. (آل عمران ١١٠)

وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً. (البقرة ١٤٣)

لَّقَدْ رَضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. (الفتح ١٨)

وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. (التوبة ١٠٠)

إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ. (الانبياء ١٠١)

__________________

(١) الأنبياء ١٠١.

(٢) الاصابة ـ ابن حجر ١ : ٢٤ ؛ الصواعق المحرقة ـ الهيثمي : ٢٠٨.

(٣) انظر : الصواعق المحرقة : ٢٢٤.

٢٨

عدالة الصحابة في السُنّة النبوية

يقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «اصحابي كالنجوم بأيهم إقتديتم إهتديتم» (١).

: «خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم» (٢).

: «لا تسبوا أصحابي» (٣).

: «ان الله اختارني واختار أصحابي ، فجعلهم أصهاري ، وجعلهم أنصاري وانه سيجيء في آخر الزمان قوم ينتقصونهم ، ألا فلا تنكاحوهم ، ألا فلا تنكحوا إليهم ، ألا فلا تصلّوا معهم ، ألا فلا تصلّوا عليهم ، عليهم حلّت اللعنة» (٤).

: «من سبّ أحداً من أصحابي ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، ومن عابهم أو انتقصهم فلا تؤاكلوه ولا تشاربوا ولا تصلوا عليه» (٥).

: «إياكم وأصحابي ، فلو أنفق أحدكم مثل أحدٍ ذهباً ، ما بلغ مدى أحدهم ولا نصفيه» (٦).

: «إن الله اختار أصحابي على جميع العالمين ، سوى النبيين والمرسلين ، واختار لي منهم أربعة : أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً ، فجعلهم خير أصحابي وفي

__________________

(١) المبسوط ـ السرخسي ١٦ : ٨٣ ؛ عمدة القاري ـ العيني ١٠ : ٢٠٢ ؛ المغني ـ عبد الله بن قدامة ٣ : ٥٣٥.

(٢) الشرح الكبير ـ عبد الرحمن بن قدامة ١١ : ٣٣١ ؛ الاصابة ـ ابن حجر ١ : ٢١ ؛ عمدة القاري ـ العيني ١٤ : ١٨٠.

(٣) السنن الكبرى ـ النسائي ٥ : ٣٨٩ ؛ المستدرك ـ الحاكم النيسابوري ١ : ١١٥ ؛ مجمع الزوائد ـ الهيثمي ٥ : ١٩٤.

(٤) تأريخ بغداد ١٣ : ٤٤٨.

(٥) المعجم الاوسط ـ الطبراني ٢ : ٢٣٦ ؛ كنز العمال ١١ : ٥٤٢.

(٦) صحيح البخاري ٤ : ١٩٥ ؛ صحيح مسلم ٧ : ١٨٨ ؛ السنن الكبرى ـ البيهقي ١٠ : ٢٠٩.

٢٩

اصحابي كلهم خير» (١).

: «تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة ، قالوا : ومن يا رسول الله؟ قال : ما أنا عليه وأصحابي» (٢).

فتاوى الصحابة وآراؤهم واجتهادهم وسُنتّهم

يعتبر مذهب الصحابي ـ لدى أهل السُنّة والجماعة ـ حُجة مطلقاً ، اذ كان الصحابة يجتهدون ، وهم بعيدون عن المدينة أو مقيمون فيها (٣).

وسُنّة الصحابة ، سُنّة يعمل بها ويرجع اليها ، والدليل على ذلك ، أمور : ثناء الله عليهم ، ومدحهم بالعدالة وما يرجع اليها كقوله تعالى : كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (٤) ، وقوله : وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (٥) ، ففي الاولى إثبات الافضلية على سائر الامم ، وذلك يقضي باستقامتهم على كل حال وجريان أحوالهم على الموافقة دون المخالفة ، وفي الثانية ثبات العدالة مطلقاً.

فالصحابة مُخاطبون على الخصوص ، وهم أول من داخل في شمول الخطاب ، فإنهم أول من تلقّى ذلك من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم المباشرون للوحي ، وثالثاً انهم أوْلى

__________________

(١) كنز العمال ١١ : ٦٣٥ ؛ تأريخ مدينة دمشق ٢٩ : ١٨٥.

(٢) كنز العمال ١ : ٢١٠ ؛ لسان الميزان ـ ابن حجر ٦ : ٥٦ ؛ مجموعة الفتاوى ـ ابن تيمية ٣ : ١٧٩.

(٣) المذاهب الفقهية : ١٤ ـ ١٥.

(٤) آل عمران ١١٠.

(٥) البقرة ١٤٣.

٣٠

بالدخول من غيرهم ، اذ الاوصاف التي وُصفوا بها لم يتصف بها على الكمال إلا هُمْ ، فمطابقة الوصف للاتصاف شاهد على أنهم أحق من غيرهم بالمدح.

أما فتاوى الصحابة فأوْلى أن يُؤخذ بها وإن اختلفوا. وهكذا ان أهل السُنّة والجماعة يعتبرون كل من صحب رسول الله ولو فترة قصيرة جداً ، عادلاً ولا يكذّب ولا يتعمّد الخطأ ، بل يجوز الاقتداء بما قاله أو رواه أو عمله ، ويعتبر حجة على من سواه.

فكل فرد في الأمّة كان يحبّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر مما يحب نفسه التي بين جنبيه ، وهم الذين كانوا يبتدرون قطرات وضوئه قبل أن تسقط على الأرض ، فلا تكاد تسقط إلا في يد أحدهم ، وما من أمّة على الارض أحبت نبيها وقائدها محبة الصحابة لرسول الله ، فقد كان أحدهم لا يستطيع أن يملأ عينيه من النظر إليه ، من حبّهم له وهيبته التي ملأت قلوبهم وجوانحهم (١).

صفوة القول في هذه الشريحة المُصطفاة

ومخلص القول ، فالصحابة عند أهل السُنّة والجماعة ، هم الصفوة ، وهم أعلى مستوى من الأدب والأخلاق والعلم لأنهم تعلّموا ممن يوحي إليه ربّه. وأنهم كانوا يعيشون حلاوة الايمان لأنهم فهموه واستوعبوه ، وهؤلاء الصحابة هم القدوة لنا عمّا تعلّموه من النبي الكريم ، فكانوا على قدر كبير من الفهم والعلم.

والصحابة ـ عند الجمهور ـ حَمَلة الاسلام وأمنته وحفظته بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، اختارهم الله وإصطفاهم لصحبة نبيه والجهاد معه ، فقاموا بذلك خير قيام ، فأكرمهم الله

__________________

(١) أدب الاختلاف : ٥٥.

٣١

فعدلهم وزكاهم ومدحهم في القرآن الكريم.

وقد ذهب جمهور العلماء الى أن فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل ، فقد اصطفاهم واختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه ، وقد رباهم النبي على مائدة القرآن والسُنّة النبوية ، فكانوا خير القرون وأفضل البشر بعد الأنبياء.

هذه هي مجمل نظرية الجمهور المسلم المعروف بأهل السُنّة والجماعة ، في الصحابة ، وموقفه منهم في حياة الرسول وبعد وفاته.

٣٢

وفاة الرسول وخلافته صلى‌الله‌عليه‌وآله

توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند أهل السًنّة والجماعة ولم يوصِ بالخلافة الى أحد ، وانما فسح المجال للمسلمين في اختيار خليفة من بعده (١).

فلم يكن رسول الله قد نصّ على إمام أو خليفة ـ أصلاً ولم يستخلف ولم يوصِ الى أحد بعينه. وقد أفرد ابن كثير الحنبلي ، والسيوطي باباً مستقلاً لاثبات ان النبي لم يستخلف (٢).

وانتخب المهاجرون والانصار أبا بكر خليفة لرسول الله ثم عمراً ثم عثمان ثم علياً ، وهم الخلفاء الراشدون الاربع.

وهؤلاء الخلفاء الراشدون المهديون ، كانوا أئمة علماء بالله تعالى ، فقهاء في أحكامه ، وكانوا مشتغلين في الأقضية (٣).

وعليه فإن الامام بالحق بعد رسول الله هو أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي. وهؤلاء الخلفاء الاربعة الموسومون بالرشاد ، أوصى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله باتّباعهم لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) نظر : تأريخ الاسلام ـ الذهبي ٤ : ١٥١ ؛ تفسير السمعاني ٤ : ٣٦٢ ؛ تأريخ مدينة دمشق ـ ابن عساكر ٣٠ : ٢٧٠.

(٢) انظر : تأريخ الخلفاء ـ السيوطي : ٩ ـ فصل في بيان كونه «صلى الله عليه وسلم» لم يستخلف وسر ذلك.

(٣) انظر : إحياء علوم الدين ـ الغزالي ١ : ٧٠.

٣٣

عليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضّوا عليها بالنواجذ (١).

ومنذ ذلك الحين ، بدأت ملامح المدرسة السُنّة بالظهور ، فالسُنّة هي الطريقة المعبّدة والسيرة المتبعة ، وسُنّة النبي هي طريقته التي كان يتحرّاها (٢).

واصطلح المحدّثون على تسمية كلام الرسول «حديثاً وسُنة».

__________________

(١) الفتاوى الكبرى ـ ابن تيمية ٢ : ٩٢ ؛ تأريخ الخلفاء ـ السيوطي : ١١ ؛ أحكام القرآن ـ الجصاص ١ : ٥٣٠ ؛ تاج العروس ـ الزبيدي ١١ : ٩.

(٢) انظر : تاج العروس ـ الزبيدي ١٨ : ٣٠٠.

٣٤

الخلافة الراشدة في الاطروحة السُنيّة

تنقسم الخلافة الاسلامية التي أعقبت رحيل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله الى بارئه الاعلى ، الى خلافة راشدة ابتدأت بالخليفة الأول أبي بكر ، ثم الثاني عمر بن الخطاب ، ثم الثالث عثمان بن عفان ، ثم الرابع علي بن أبي طالب ، ويُضاف اليهم من العهد الأموي عمر بن عبد العزيز ، وهو الخليفة الراشد الخامس.

أما خلفاء الدول الاسلامية الكبرى الثلاث ، الاموية والعباسية والعثمانية ، فهم ليسوا خلفاء راشدين لأن عهودهم تخللّتها فترات ظلم واستبداد بحق الرعية ، ومع ذلك فلم يكن يحق للمسلمين ـ عند أهل السُنّة والجماعة ـ القيام ضدها أو محاربتها لأن هؤلاء الخلفاء كانوا يصونون الثغور فضلاً عن قيامهم بالفتوحات الواسعة في أعماق آسيا وإفريقيا وأوروبا.

بَيْد ان عهد الخلافة الراشدة ، يتسم بالعدل والإحسان وحفظ حقوق الرعية ، وهو يعتبر استمراراً للعهد النبوي ، ولا يحق لأي انسان مسلم توجيه النقد والاتهام للخلافة الراشدة أو الطعن في سياستها وممارستها ، وإلا يُحشر في صف الخونة أو ربما الخارجين عن الدين ، خاصة وان الخلفاء الراشدين الاربعة من كبار الصحابة وأجلّائهم.

ويُحتج لذلك بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ (١) ، وقال ابن القيم الجوزية في توجيه الحديث : فقرن

__________________

(١) الفتاوى الكبرى ـ ابن تيمية ٢ : ٩٢ ؛ تأريخ الخلفاء ـ السيوطي : ١١.

٣٥

سُنّة خلفائه بسُنّته ، وأمر باتّباعها كما أمر باتباع سُنّته ، وهذا يتناول ما أفتوا به وسنّوه للأمّة ، وإن لم يتقدم من نبيهم فيه شيء ، وإلا كان ذلك سُنّته. فيما قال الغزالي : إن الامام بالحق بعد رسول الله هو أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي (١).

ثم قال : «إعلم ان الخلافة بعد رسول الله تولّاها الخلفاء الراشدون المهديون ، وكانوا أئمة علماء بالله تعالى ، فقهاء في أحكامه ، وكانوا مشتغلين في الأقضية ، فكانوا لا يستعينون بالفقهاء إلا نادراً في وقائع لا يُستغنى فيها عن المشاورة» (٢).

ففقهاء أهل السُنّة والجماعة يعدّون سيرة الشيخين الصديق والفاروق أصلاً تعادل سنن الشارع في إثبات الأحكام الشرعية في حياة الأمّة وإدارة الدولة وان الخلافة الراشدة معصومة عصمة الرسالة (٣).

اما موقف أهل السُنّة والجماعة من الحكومات غير الراشدة فقد أوصى رسول الله المسلمين بعدم سب الولاة ، فإنهم إن أحسنوا كان لهم الأجر وعلى المسلمين الشكر ، وإن أساؤا فعليهم الوزر وعلى الرعية الصبر ، وانما هم نقمة ينتقم الله بها مما يشاء ، فلا يستقبلوا نقمة الله بالحمية والغضب وانما يستقبلوها بالاستكانة والتضرّع (٤).

ويقول الغزالي في هذا الشأن : «ان أموال السلاطين في عصرنا حرام كلها أو أكثرها ... فانهم يجاوزون حدود الشرع في المأخوذ والمأخوذ منه».

فيما يقول عبادة بن الصامت : «دعانا رسول الله فبايعنا ، فقال فيما أخذ علينا أن

__________________

(١) إحياء علوم الدين ـ الغزالي ٢ : ٢٠١.

(٢) إحياء علوم الدين ـ الغزالي ١ : ٧٠.

(٣) كتاب نظرية الامام : ٦١.

(٤) انظر : كتاب الخراج لابي يوسف القاضي : ١٠.

٣٦

بايعناه على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا ، وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان» (١).

إن الاسلام لم يجز الخروج على الحاكم لمجرّد إساءة يرتكبها أو مظالم يفعلها في البلاد.

وإن نُصب حاكم المسلمين يتم بالبيعة له ، والبيعة عهد من قبل الحاكم على تطبيق الاسلام .. والبيعة من قبل الأمّة ، طاعة هذا الحاكم في غير معصية ، وتنفيذ أمره فيما لا يُخالف الاسلام ، وأساس ذلك قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره ، إلا أن يؤمر بمعصية ، فاذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» (٢).

وأخيراً إن موقف أهل السُنّة والجماعة في مسألة الخلافة هو التسليم بالأمر الواقع ، دون تأييد أو خروج عليه (٣).

__________________

(١) صحيح البخاري ٨ : ٨٨ ؛ صحيح مسلم ٦ : ١٧ ؛ السنن الكبرى ـ البيهقي ٨ : ١٤٥ ؛ تفسير ابن كثير ١ : ٧٦.

(٢) صحيح البخاري ٤ : ٧ ؛ صحيح مسلم ٦ : ١٥ ؛ سنن النسائي ٧ : ١٦٠ ؛ سنن ابي داود ١ : ٥٩١ الحديث ٢٦٢٦.

(٣) نظرية الإمامة ـ محمود صبحي : ٢٣.

٣٧

الخليفة الاول عند الجمهور المسلم :

«أول من جمع القرآن»

تولّى أبو بكر ، الخلافة بعد أن بايعه المهاجرون والانصار ، فخطب قائلاً : «يا أيها الناس قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوّموني ... أطيعوني ما أطعت الله ورسوله ، فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم» (١).

فأفضل خلق الله على التحقيق بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هو أبو بكر ـ عند اهل السُنّة والجماعة ـ ، كما ان رسول الله قال لعائشة : «أخبرك ان أباك الخليفة من بعدي فإكتمي ذلك عليّ» (٢).

ولم يكن القرآن الكريم مجموعاً ، فجمعه أبو بكر في مصحف واحد ، فهو أول من أمر بجمع القرآن في مصحف واحد ، وقد كان قبل ذلك مُفرقاً في الصحف عند بعض الصحابة وفي صدور القراء (٣).

وقال أبو بكر لمّا بويع : وإنما أنا بشر ولست بخير من أحد منكم فراعوني ، فإذا

__________________

(١) المصنف ـ الصنعاني ١١ : ٣٣٦ ؛ تاريخ مدينة دمشق ٣٠ : ٣٠٢ ؛ تأريخ الطبري ٢ : ٤٥٠ ؛ الكامل في التأريخ ٢ : ٣٣٢.

(٢) صحيح البخاري ٤ : ١٩٥ ؛ سنن ابي داود ٢ : ٣٩٧ الحديث ٤٦٢٩ ؛ تأريخ مدينة دمشق ٣٠ : ٣٥٠.

(٣) المصنف ـ الصنعاني ١١ : ٣٣٦ ؛ الطبقات الكبرى ٣ : ٢١٢ ؛ تأريخ مدينة دمشق ٣٠ : ٣٠٣.

٣٨

رأيتموني ، استقمت فإتبعوني ، وإن رأيتموني زغت فقوموني. واعلموا أن لي شيطاناً يعتريني ، فاذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني ... وإن لي شيطاناً يعتريني فإذا أتاني فاجتنبوني (١).

وقال أيضاً : إني لست بخيركم فبايعوا خيركم ... أفتضنون أني أعمل فيكم بسُنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ لا أقوم بها ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يُعصم بالوحي ، وكان معه ملك ، وإن لي شيطاناً يقربني (٢).

ولما كان الاسراء في السنة الاولى قبل الهجرة ، صدّق أبو بكر الرسول كلّ ما قاله الرسول فسمّاه الرسول «الصدّيق» (٣).

ولما اختار المسلمون أبا بكر خليفة لرسول الله بعد وفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بدأت في أيامه الفتوح في العراق والشام.

وفي غار ثور ، اتفق أنْ مرّ المشركون بالغار ، فاستشعر أبو بكر شيئاً من الخوف منهم ، وكانت قد نزلت الآية الكريمة : أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤) (٥).

وبلغ أبو بكر من الحيطة في الحفاظ على القرآن الكريم ، والتحفّظ في رواية السُنّة ، ان جمع الناس بعد وفاة النبي ، وقال لهم : إنكم تحدّثون عن رسول الله أحاديث

__________________

(١) انظر : المصنف ـ الصنعاني ١١ : ٣٣٦ ؛ تأريخ مدينة دمشق ٣٠ : ٣٠٤.

(٢) تفسير القرطبي ١٠ : ٢٨٥ ؛ السيرة النبوية ـ ابن هشام ٢ : ٢٧٠.

(٣) صحيح البخاري ٤ : ١٩٤ ؛ السقيفة وفدك : ٥١.

(٤) المائدة ٤٠.

(٥) تأريخ مدينة دمشق ٣٠ : ١٢١ ؛ الكامل ـ ابن عدي ٣ : ١٧١.

٣٩

تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشدّ اختلافاً ، فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً. فمن سألكم فقولوا له : بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه (١).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : اقتدوا باللذين بعدي أبي بكر وعمر (٢).

ولما حانت وفاة أبي بكر ، استخلف من بعده على الأمّة ، عمر بن الخطاف ، قائلاً لهم : ان رأوه عدلاً فيهم ، فذلك ظنّه به ، ورجاءه فيه وعلمه فيه ، وإن بدّل وغيّر ، فالخير أراد ولكل امرئ ما اكتسب ، ولا يعلم الغيب (٣).

__________________

(١) صحيح مسلم ٧٠ : ١١٠ ؛ شرح صحيح مسلم ـ النووي ١٥ : ١٥٤.

(٢) سنن الترمذي ٥ : ٣٣٦ الحديث ٣٨٩٣ ؛ السنن الكبرى ـ البيهقي ٥ : ٢١٢.

(٣) الامامة والسياسة ١ : ٢٤ ؛ الفتوح ـ ابن اعثم ١ : ١٢٢.

٤٠