بداية الوصول

آية الله الشيخ محمّد طاهر آل الشيخ راضي

بداية الوصول

المؤلف:

آية الله الشيخ محمّد طاهر آل الشيخ راضي


المحقق: محمّد عبدالحكيم الموسوي البكّاء
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار الهدى
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٢
ISBN: 964-497-064-0
ISBN الدورة:
964-497-056-X

الصفحات: ٤٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

هو الطهارة المستصحبة فلا يكون له الاثر بعد الانكشاف ، لوضوح ان الشرط لو كان هو الطهارة المستصحبة فبعد انكشاف الخلاف لا تكون الاعادة من نقض اليقين بالشك ، بل من نقض اليقين باليقين ، وانما تكون الاعادة من نقض اليقين بالشك حيث يكون الشرط هو نفس استصحاب الطهارة ، لانه يكون بما هو احراز تعبدي شرطا ، واذا كان ـ بما هو احراز ـ شرطا فليس له كشف الخلاف ، وانما كشف الخلاف للطهارة المستصحبة ، لانه بعد انكشاف وقوع الصلاة مع النجاسة ينكشف انه لا طهارة في حال الصلاة ، ولا ينكشف بعد انكشاف وقوع الصلاة مع النجاسة انه لم يكن له احراز حال الصلاة ، بل الاحراز التعبدي قد تحقق ووجد ، ولا يعقل ان ينكشف بعد فرض تحقق الوجود انه لا وجود ، فالاحراز لا انكشاف فيه للخلاف بعد تحققه.

فاتضح : ان التعليل لعدم الاعادة بعد انكشاف وقوع الصلاة مع النجاسة بان الاعادة من نقض اليقين بالشك تستلزم كون الشرط هو الاحراز ، وان الاستصحاب احراز تعبدي وهو الشرط. ومن البين ان المصلي لما كان له استصحاب في حال الصلاة وهو احراز تعبدي وهو الشرط تكون الاعادة بعد انكشاف وقوع الصلاة مع النجاسة من عدم العمل بالاستصحاب وعدم ترتيب آثاره ، لان من ترتيب آثاره هو عدم الاعادة بعد انكشاف وقوع الصلاة مع النجاسة.

واما دعوى كون الظاهر ان العلة لعدم الاعادة هو الطهارة المستصحبة.

فيرده ، اولا : انه لا وجه لدعوى الظهور بعد قيام القرينة وهي كون العلة بلحاظ ما بعد الانكشاف ، وقد عرفت ان الذي يكون الاعادة من نقض اليقين بالشك في حال الانكشاف انما هو حيث يكون الشرط هو نفس الاحراز الحاصل بالاستصحاب.

وثانيا : انه لا وجه لدعوى الظهور بكون العلة هو الطهارة دون الاستصحاب ، بل الظاهر منه هو انه لا اعادة لاستصحاب الطهارة ، فذكر الطهارة انما هو لكونها متعلقة للاستصحاب ، وان استصحابها هو العلة لعدم الاعادة.

٢١

ثم إنه لا يكاد يصح التعليل ، لو قيل باقتضاء الامر الظاهري للاجزاء ، كما قيل ، ضرورة أن العلة عليه إنما هو اقتضاء ذاك الخطاب الظاهري حال الصلاة للاجزاء وعدم إعادتها ، لا لزوم النقض من الاعادة كما لا يخفى (١) ،

______________________________________________________

وعلى كل فقد اشار الى ما ذكرناه اولا بقوله : ((مع وضوح استلزام ذلك)) أي ان التعليل لعدم الاعادة بان الاعادة من نقض اليقين بالشك مع فرض انكشاف وقوع الصلاة مع النجاسة يستلزم ((لان يكون المجدي)) في المقام ((بعد)) فرض ((الانكشاف هو ذاك الاستصحاب)) لكون الشرط هو الاحراز والاستصحاب احراز تعبدي ((لا)) ان الشرط هو ((الطهارة)) المستصحبة ((وإلّا)) أي ولو كان الشرط هو الطهارة المستصحبة ((لما كانت الاعادة)) بعد انكشاف وقوع الصلاة مع النجاسة ((نقضا)) لليقين بالشك ، بل كانت من نقض اليقين باليقين ((كما عرفت في الاشكال)).

(١) هذا هو الجواب الثالث عن الاشكال المتقدم بكون الاعادة بعد انكشاف وقوع الصلاة مع النجاسة ليست من نقض اليقين بالشك ، بل هي من نقض اليقين باليقين.

وحاصل هذا الجواب : ان العلة في المقام لعدم الاعادة هو الامر الظاهري ـ بناء على اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء ـ فان المصلي لما كان في حال الصلاة شاكا بعد اليقين وعليه ان لا ينقض يقينه في تلك الحال ، فهو مأمور في تلك الحال بأمر ظاهري ، بان يصلي في ذلك الثوب المشكوك طهارته لاجل الاستصحاب ، والامر الظاهري يقتضي الاجزاء كما قيل به في بابه ، ومن البين ان كون الامر الظاهري مقتضيا للاجزاء مستلزم لعدم الاعادة بعد انكشاف وقوع الصلاة مع النجاسة ، كسائر موارد الاجزاء في الامر الظاهري بعد انكشاف الخلاف.

وقد اورد عليه : بانه مناف لما يستفاد من الصحيحة ، لان الظاهر منها كون العلة لعدم الاعادة هو كون الاعادة من نقض اليقين بالشك ولازم هذا كون العلة هي الاستصحاب بما هو استصحاب ، لا لانه من مصاديق قاعدة الاجزاء في الامر

٢٢

اللهم إلا أن يقال : إن التعليل به إنما هو بملاحظة ضميمة اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء ، بتقريب أن الاعادة لو قيل بوجوبها كانت موجبة لنقض اليقين بالشك في الطهارة قبل الانكشاف وعدم حرمته شرعا ، وإلا للزم عدم اقتضاء ذاك الامر له ، كما لا يخفى ، مع اقتضائه شرعا أو عقلا (١) ،

______________________________________________________

الظاهري. وقد اشار المصنف الى هذا الجواب في طي الايراد عليه بقوله : ((ثم انه لا يكاد يصح التعليل)) لعدم الاعادة في المقام بان الامر الظاهري يقتضي الاجزاء بناء على القول باقتضائه لذلك ، واليه اشار بقوله : ((لو قيل باقتضاء الامر الظاهري للاجزاء)) وقد عرفت تقريبه. وقوله ((كما قيل)) اشارة الى ضعف هذا التعليل وانه لا يكاد يصح. واشار الى الوجه في كون هذا التعليل مما لا يكاد يصح بقوله : ((ضرورة)) انه بناء على هذا التعليل تكون العلة لعدم الاعادة هو اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء ، لا ان الاستصحاب في المقام هو العلة لعدم الاعادة ف ((ان العلة)) لعدم الاعادة بناء ((عليه)) أي على هذا التعليل ((انما هو اقتضاء ذاك الخطاب الظاهري حال الصلاة للاجزاء و)) هو المقتضي ل ((عدم اعادتها)) لتحققه في احد مصاديقه وهو الاستصحاب ((لا)) ان المقتضي لعدم الاعادة هو الاستصحاب و ((لزوم النقض من الاعادة)) وقد عرفت ان ظاهر الرواية كون العلة لها هو نفس الاستصحاب ولزوم النقض من الاعادة ، لا ان الاستصحاب من مصاديق الامر الظاهري الذي هو العلة لعدم الاعادة.

(١) هذا تصحيح منه لهذا الجواب ، ودفع لما أورده عليه. وحاصله : ان الجواب بكون الامر الظاهري هو العلة للاجزاء يرجع الى صغرى وهي استصحاب الطهارة في حال الشك ، وكبرى وهي انه بعد جريان الاستصحاب يكون هناك امر ظاهري بالصلاة في الثوب المشكوك الطهارة ، ولازم هذا القياس المؤلف من هذه الصغرى والكبرى هو الاجزاء ، لما قيل به في محله من استلزام الامر الظاهري للاجزاء ، واذا كان الاجزاء ناتجا عن صغرى وكبرى كان لكل منهما دخل في الاجزاء الذي هو

٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

نتيجتهما ، ويجوز الاكتفاء باحدهما في مقام التعليل ، وانما اكتفى بالصغرى لاجل التنبيه على حجية الاستصحاب وانها من مصاديق الامر الظاهري.

وبعبارة اخرى : ان الامر الاستصحابي هو الامر الظاهري ، غايته انه : تارة بما هو استصحاب يكون علة ، واخرى بما انه امر ظاهري يكون علة ، واذا كان الامر كذلك صح التعليل بالاستصحاب لعدم الاعادة.

وقد ظهر مما ذكرنا : ان هذا الجواب كالجواب السابق ، التعليل فيه بلحاظ حال ما قبل الانكشاف ، وهو حال الصلاة في الثوب المشكوك ، ومن آثاره عدم الاعادة بعد انكشاف الخلاف ، وعلى هذا فتكون الاعادة بعد الانكشاف مما تستلزم نقض اليقين بالشك ، وان لا يكون نقض اليقين بالشك منهيا عنه ، لما عرفت من انه لو كان نقض اليقين بالشك محرما ومنهيا عنه وانه كان مأمورا بالبناء على اليقين في حال الشك ، لكان ذلك مستلزما لعدم الاعادة بعد الانكشاف.

ثم لا يخفى ان هذا كله مبني على كون حجية الاستصحاب بمعنى جعل الحكم المماثل التي هي الشرطية في المقام. واما بناء على ان حجية الاستصحاب بمعنى جعل المنجزية والمعذرية فلا يكون هناك حكم ظاهري حتى يقتضي الاجزاء. وحيث قد تقدم منه البناء على جعل الحكم المماثل فلذلك صحح هذا الجواب ، بان التعليل في المقام صحيح ، وان العلة لعدم الاعادة وان كان هو الحكم الظاهري إلّا انه لما كان هو الامر الاستصحابي فلذا صح التعليل به.

ولا يرد عليه : من انه عليه لا بد وان يكون التعليل بالامر الظاهري لا بالاستصحاب ، لما عرفت من انه لما كان الامر الظاهري هو الامر الاستصحابي صح التعليل به. والى ما ذكرنا اشار بقوله : ((اللهم إلّا ان يقال ان التعليل به ...)) أي لعدم الاعادة بالاستصحاب انما كان صحيحا ((بتقريب)) ان الامر الاستصحابي هو الامر الظاهري في المقام ، فلذلك كان التعليل لعدم الاعادة بالاستصحاب صحيحا لاجل ((ان الاعادة لو قيل بوجوبها كانت موجبة ل)) عدم حرمة ((نقض

٢٤

فتأمل (١).

______________________________________________________

اليقين بالشك في الطهارة)) في حال الصلاة التي هي حال ما ((قبل الانكشاف)) وبهذا اشار الى ان هذا الجواب كالجواب السابق في انه بلحاظ ما قبل الانكشاف ، وان من لوازم حال ما قبل الانكشاف هو عدم الاعادة بعد الانكشاف لاستلزام الامر الاستصحابي ذلك ، وإلّا للزم احد الامرين : اما كون الاستصحاب غير حجة ((وعدم حرمته شرعا)) أي وعدم حرمة نقض اليقين بالشك ، او كون الامر الظاهري غير مقتض للاجزاء ، والى هذا اشار بقوله : ((وإلّا للزم عدم اقتضاء ذاك الامر له)) فانه حيث يكون الاستصحاب حجة فلا بد من ان الالتزام بعدم اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء ، وقد عرفت ان هذا الجواب كان مبنيا على اجزاء الامر الظاهري وانه أمر مفروغ عنه ، وقد اشار الى كونه امرا مفروغا عنه بقوله : ((مع اقتضائه)) أي مع اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء ((شرعا)) ان فرض الاجزاء لدليل شرعي خاص يدل عليه انما هو حيث يكون الفائت بقدر الالزام وكان ممكن التدارك ، ففي مثل هذا الفرض لا بد من قيام دليل شرعي على الاجزاء ، وانه لا بد وان يكون الاجزاء لمصلحة اخرى ارجح من المصلحة الفائتة الممكنة التدارك ((او)) لاقتضاء الامر الظاهري للاجزاء ((عقلا)) وذلك حيث يكون الفائت لا بقدر الالزام ، او كان مما لا يمكن تداركه ، او كان الامر الظاهري وافيا بتمام المصلحة ، فان الاجزاء بناء على احد هذه الامور يكون عقليا وهو واضح.

(١) لقد اشار الى وجه التأمل في هامش الكتاب (١) بما حاصله : ان اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء مع كون التعليل لعدم الاعادة بالاستصحاب مما يلزمه كون اجزاء

__________________

(١) كفاية الاصول ، بحاشية المحقق المشكيني (قدس‌سره) ج ٢ ص ٢٩٣ (حجري).

٢٥

ولعل ذلك مراد من قال بدلالة الرواية على إجزاء الامر الظاهري. هذا غاية ما يمكن أن يقال في توجيه التعليل ، مع أنه لا يكاد يوجب الاشكال فيه ـ والعجز عن التفصي عنه ـ إشكالا في دلالة الرواية على الاستصحاب ، فإنه لازم على كل حال ، كان مفاده قاعدته أو قاعدة اليقين ، مع بداهة عدم خروجه منهما ، فتأمل جيدا (١).

______________________________________________________

الامر الظاهري امرا مفروغا عنه حتى يحسن التعليل بالاستصحاب بملاحظته ، وكون اجزاء الامر الظاهري امرا مفروغا عنه بحيث كان من الواضحات التي يمكن ان تطوى لوضوحها محل اشكال وتأمل.

(١) قوله (قدس‌سره) : ((مع انه لا يكاد يوجب الاشكال ... الخ)) توضيحه : انه لا ريب في ان الصحيحة اما ان تكون دالة على الاستصحاب ، او على قاعدة اليقين ، لان اليقين فيها اما ان يكون هذا اليقين ما قبل ظن الاصابة فيكون المراد بها الاستصحاب ، واما ان يكون المراد به اليقين الحاصل بعد ظن الاصابة من جهة الفحص وعدم الوجدان فيكون مدلولها قاعدة اليقين ، فهي لا تخلو عنهما ولما كان الاشكال المتقدم مشترك الورود وهو وارد سواء كان مدلولها قاعدة الاستصحاب او قاعدة اليقين ، فالعجز عن حله لا يوجب خللا في دلالة الرواية على الاستصحاب. نعم لو كان الاشكال مما يختص وروده على قاعدة الاستصحاب لأوجب ذلك خللا في دلالة الصحيحة على الاستصحاب ، ولزم حملها على قاعدة اليقين لخلوها عن الاشكال. ولما كان الظاهر من الصحيحة كون المراد باليقين فيها هو اليقين ما قبل ظن الاصابة فتكون ظاهرة في الاستصحاب ، هذا مراده (قدس‌سره) مما في المتن.

إلّا أنّك قد عرفت ان قاعدة اليقين لا يرد عليها الاشكال المتقدم : من ان الاعادة تكون من نقض اليقين باليقين لا من نقض اليقين بالشك ، لان قاعدة اليقين منوطة بكون النجاسة المرئية بعد الصلاة هي نجاسة ما ، لانها لو كانت النجاسة هي النجاسة التي ظن باصابتها ، ثم لما نظر حصل له اليقين بانها لم تصبه ، ثم بعد الصلاة رآها ،

٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

لما كان له شك في زمان اصلا ، لانه في حال الصلاة كان متيقنا بعدمها وبعد الصلاة رآها فتيقن بوجودها ، فلا بد في فرض قاعدة اليقين من كون النجاسة نجاسة ما ، ولازم كونها نجاسة ما لا خصوص النجاسة التي كان يحتمل اصابتها ، فبعد رؤيتها يكون مما يحتمل وقوع الصلاة مع النجاسة وعدم وقوعها معها ، لاحتمال ان تكون هذه النجاسة هي النجاسة التي كان يحتمل اصابتها ، وان تكون نجاسة اخرى قد اصابته بعد الانتهاء من الصلاة ، ولاجل ذلك ينقلب يقينه الذي حصل من الفحص وعدم الوجدان الى الشك. ومن الواضح ان الشك في قاعدة اليقين لا بد وان يكون هو الشك بملاحظة ما بعد الرؤية للنجاسة ، وهو حال ما بعد الصلاة ، فهو بعد رؤيته للنجاسة يكون شاكا في وقوع الصلاة معها ، لاحتمال كونها نجاسة اخرى قد وقعت عليه بعد الصلاة ، فبناء على كون المراد بالصحيحة قاعدة اليقين تكون الاعادة من نقض اليقين بالشك لا باليقين حتى يرد الاشكال المتقدم ، فالاشكال المتقدم مما يختص بالاستصحاب بناء على كون النجاسة المرئية هي النجاسة التي كان يظن باصابتها ، والاستصحاب وان كان يمكن ان يتأتي ـ ايضا ـ بناء على كون النجاسة نجاسة ما اذا كان المراد من اليقين هو يقين ما قبل ظن الاصابة ، إلّا انه لما كان الوجه في ترجيح الاستصحاب هو ظهور كون النجاسة المرئية هي النجاسة المظنونة لا انها نجاسة اخرى ، لذا كان احتمال الاستصحاب مع كون المراد بالنجاسة المرئية نجاسة ما ضعيفا.

ولا يخفى انه بناء على كون المراد هو الاستصحاب مع فرض كون النجاسة هي نجاسة ما لا يرد الاشكال ايضا ، والحال فيه كالحال في قاعدة اليقين ، إلّا انه لما كان الاستصحاب على هذا الفرض ضعيفا ، فيكون الظاهر من الصحيحة هو الاستصحاب ، وان النجاسة المرئية هي النجاسة المظنونة لا نجاسة اخرى ، فالاشكال مختص به.

٢٧

ومنها : صحيحة ثالثة لزرارة وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع ، وقد أحرز الثلاث ، قام فأضاف إليها أخرى ولا شيء عليه ، ولا ينقض اليقين بالشك ، ولا يدخل الشك في اليقين ، ولا يخلط أحدهما بالآخر ، ولكنه ينقض الشك باليقين ، ويتم على اليقين فيبنى عليه ، ولا يعتد بالشك في حال من الحالات (١).

والاستدلال بها على الاستصحاب مبني على إرادة اليقين بعدم الاتيان بالركعة الرابعة سابقا والشك في إتيانها (٢).

______________________________________________________

(١) لا يخفى ان هذه الصحيحة قد وردت مسندة عن احدهما عليه‌السلام فلا اضمار فيها ، وقد رواها الكليني (١) عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن حماد بن عيسى ، ورواها عن محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى. ولا اشكال في انها بالطريق الاول من الصحاح ، واما بالطريق الثاني فقيل انها صحيحة ايضا ، وقيل انها حسنة ، وذلك للخلاف في محمد بن اسماعيل هل انه ثقة او مقبول الرواية ، لانه من مشايخ الاجازة ، وعلى كل فهي معتبرة.

(٢) حاصله : ان في هذه الصحيحة احتمالين : الاول : كون المراد من اليقين في قوله عليه‌السلام ولا ينقض اليقين بالشك ... الى آخر الحديث هو اليقين بعدم الاتيان بالركعة الرابعة ، وعليه تدل على الاستصحاب ، ولكنها تبتلى بالاشكال الآتي.

الثاني : ان يكون المراد به هو اليقين بتحصيل الفراغ باتيان ركعة الاحتياط ، وعلى هذا فلا يرد الاشكال ، ولكنها لا تدل على الاستصحاب.

وتوضيح ذلك : ان دلالتها على الاستصحاب منوطة بان يكون المراد بقوله عليه‌السلام ولا ينقض اليقين بالشك هو اليقين بعدم اتيان الركعة الرابعة ، المفهوم ذلك من قوله واذا لم يدر في ثلاث هو او في اربع وقد احرز الثلاث ، الراجع الى فرض

__________________

(١) الكافي ج ٣ ، ص ٣٥١ ، حديث ٣.

٢٨

وقد أشكل بعدم إمكان إرادة ذلك على مذهب الخاصة ، ضرورة أن قضيّته إضافة ركعة أخرى موصولة ، والمذهب قد استقر على إضافة ركعة بعد التسليم مفصولة (١) ، وعلى هذا يكون المراد باليقين اليقين

______________________________________________________

كونه محرزا للثلاث وغير محرز للرابعة ، ومن الواضح سبقه قبل ان يشك في الثلاث والاربع باليقين بعدم اتيان الرابعة ، وعلى هذا فدلالة الصحيحة على الاستصحاب ظاهرة ، لانه جعل الامر باتيان الرابعة ـ بقوله عليه‌السلام قام فاضاف اليها اخرى ولا شيء عليه ـ من آثار عدم جواز نقض اليقين بالشك ، وانه حيث كان على يقين من عدم الاتيان بها ثم شك في اتيانها فعليه ان يبني على يقينه ولا ينقضه بالشك ، ولازم البناء على يقينه هو ترتيب آثار اليقين بعدم الاتيان بالرابعة ، ولذا امر عليه‌السلام بان يقوم فيضيف الرابعة حتى يحصل له اليقين ، ثم أكّد ذلك بقوله ويتمّ على اليقين فيبني عليه ، ولا يعتد بالشك في حال من الحالات. والى ما ذكرنا اشار بقوله : ((والاستدلال بها)) أي بهذه الصحيحة ((على الاستصحاب مبني على ارادة اليقين)) في قوله ولا ينقض اليقين هو اليقين ((بعدم الاتيان بالركعة الرابعة)) الذي كان عنده ((سابقا)) قبل ان يشك في انه في ثلاث هو او اربع ((و)) المراد من الشك في قوله بالشك هو ((الشك في اتيانها)) أي الشك في اتيان الرابعة حين عرض له الشك فيها المفروض في قوله : واذا لم يدر في ثلاث هو او اربع.

(١) توضيحه : انه لا يمكن ارادة الاستصحاب من هذه الصحيحة بان يكون المراد من اليقين فيها هو اليقين بعدم اتيان الركعة الرابعة ، لان البناء على عدم الاتيان لازمه كون الركعة المضافة ركعة موصولة ، لوضوح انه لو كان متيقنا بعدم اتيانها حقيقة لكان عليه ان يأتي بركعة موصولة ، ويلزم في الاستصحاب ترتيب آثار اليقين بعدم الاتيان ، وعليه فلازم دلالة الصحيحة على الاستصحاب هو الاتيان بركعة موصولة. ومن الواضح ان اجماع الخاصة ـ أي الشيعة أي الامامية الاثني عشرية ـ قائم على لزوم الاتيان ـ بعد التسليم والبناء على الاربع ـ بركعة مفصولة مفتتحة بالتكبير

٢٩

بالفراغ ، بما علمه الامام عليه‌السلام من الاحتياط بالبناء على الاكثر ، والاتيان بالمشكوك بعد التسليم مفصولة (١).

______________________________________________________

ومختومة بالتسليم ايضا ، وهو صريح اخبار الاحتياط في الشك بين الثلاث والاربع ايضا ، واذا كان ظهور الصحيحة في الاستصحاب منافيا لما هو المقطوع به ، فلا بد من رفع اليد عن ظهورها فيه ، وهو المراد من قوله : ((وقد اشكل)) في دلالة الصحيحة على الاستصحاب ((بعدم امكان ارادة ذلك على مذهب الخاصة)) لان لازم دلالتها على الاستصحاب هو الاتيان بالركعة الموصولة ، واليه اشار بقوله : ((ضرورة ان قضيّته)) أي قضيّة الاستصحاب هو ((اضافة ركعة اخرى موصولة و)) هذا مخالف لما عليه ((المذهب)) لان مذهب الخاصة ((قد استقر على اضافة ركعة بعد التسليم مفصولة)) عن الصلاة التي سلّم عليها ، ومفتوحة تلك الركعة المضافة بالتكبير ومختومة بتسليم ثان عليها.

(١) هذا هو الاحتمال الثاني في المراد من اليقين ، وحاصله : انه بعد ان كان ارادة اليقين بعدم اتيان الركعة الرابعة ـ المستفاد منه حجيّة الاستصحاب ـ مخالفا لما عليه المذهب ، فلا بد وان يكون المراد من اليقين ما يلائم ما قام عليه المذهب ، وهو الاتيان بالركعة المفصولة ، وحينئذ فالمراد من اليقين هو اليقين بالفراغ الحاصل بعد الاتيان بالركعة المفصولة ، والمراد من قوله ولا ينقض اليقين : أي لا يسوغ لمن شك بين الثلاث والاربع ان يترك ما يحصل له به اليقين بالفراغ وهو الاتيان بالركعة المفصولة ، وانه لو لم يأت بها لكان شاكا في الفراغ ، لاحتمال ان صلاته كانت ثلاث ركعات لا اربع.

لا يقال : ان حمل اليقين على اليقين بالفراغ الذي مرجعه الى الاتيان بالركعة المفصولة ليس له اشارة في الصحيحة.

فانه يقال : ان بيان الامام عليه‌السلام لركعة الاحتياط المفصولة في مقام الشك بين الثلاث والاربع كان معلوما للسائل ، كما وردت به ادلة الاحتياط في المقام ، وكان

٣٠

ويمكن الذّبّ عنه بأن الاحتياط كذلك لا يأبى عن إرادة اليقين بعدم الركعة المشكوكة ، بل كان أصل الاتيان بها باقتضائه ، غاية الامر إتيانها مفصولة ينافي إطلاق النقض ، وقد قام الدليل على التقييد في الشك في الرابعة وغيره ، وأن المشكوكة لا بد أن يؤتى بها مفصولة (١) ،

______________________________________________________

الامام قد سبق منه التعليم بذلك ، في ان الشاك بين الثلاث والاربع يبني على الاكثر ويسلّم ، ثم يأتي بركعة الاحتياط المفصولة مفتوحة بالتكبير ومختومة بالتسليم ، وعلى هذا فلا دلالة للصحيحة على الاستصحاب فانه لا سبق له باليقين بالفراغ ، وانما يحصل له بعد الاتيان بركعة الاحتياط ، والى ما ذكرنا اشار بقوله : ((وعلى هذا)) أي وعلى كون المراد من اليقين هو اليقين بعدم اتيان الركعة الرابعة ـ المستفاد منه دلالة الصحيحة على الاستصحاب ـ يلزم مخالفة المذهب ، لان لازمه هو الركعة الموصولة المخالفة لما استقر عليه المذهب ، فلا بد من ان ((يكون المراد باليقين)) هو ((اليقين بالفراغ)) الحاصل له بعد الاتيان بالركعة المفصولة. وقد اشار الى انه مما سبق تعليم الامام به بقوله : ((بما علمه الامام عليه‌السلام من)) ان ((الاحتياط)) في المقام هو ((بالبناء على الاكثر)) والتسليم ((والاتيان بالمشكوك بعد التسليم)) وهو ركعة ((مفصولة)).

(١) المراد بالذّبّ عنه هو الذّبّ له : أي ويمكن ذب هذا الاشكال والجواب عنه. وحاصل الجواب : ان دلالة الصحيحة على الاستصحاب بان يكون المراد باليقين فيها هو اليقين بعدم اتيان الركعة الرابعة لا ينافي ما استقر عليه المذهب من الاتيان بالركعة المفصولة في المقام.

وتوضيح ذلك : ان للصحيحة دلالتين : دلالة بالنص ، ودلالة بالاطلاق. اما دلالتها بالنص هو كون لازم اليقين بعدم اتيان الرابعة هو اضافة ركعة اليها ، واما دلالتها بالاطلاق فهو اطلاق البناء على اليقين في المقام وانه كاليقين الحقيقي هو الاتيان بالركعة الموصولة كسائر موارد البناء على اليقين بلزوم ترتيب آثاره ، ومن

٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

الواضح ايضا ان الاجماع والاخبار في المقام بلزوم الاتيان بالركعة المفصولة مناف لاطلاق دلالة الصحيحة ـ لا لنصّها ـ وهو البناء على عدم اتيان الرابعة ولزوم الاتيان بها ، فتكون اخبار الاحتياط والاجماع مقيدا لدلالتها الاطلاقية.

وبعبارة اخرى : ان للصحيحة دلالتين : دلالة على حجية الاستصحاب وان اللازم البناء على اليقين بعدم الاتيان بالرابعة ، ودلالة ثانية بالاطلاق وهو كون كيفيّة الاتيان بالرابعة على نحو أن تكون موصولة ، واخبار الاحتياط تنافي هذه الدلالة الثانية وان كيفيّة الاتيان بنحو أن تكون الركعة مفصولة. ومن الواضح انه لا مانع من تقييد الاطلاق في الصحيحة باخبار الاحتياط ، فتكون الصحيحة دالة على الاستصحاب ولزوم البناء على عدم الاتيان بالرابعة ، وبعد تقييد اطلاقها بادلة الاحتياط يكون اللازم الاتيان بالركعة مفصولة.

فتحصل مما ذكرنا : ان اصل لزوم الاتيان بالرابعة هو بواسطة دلالة الصحيحة على لزوم البناء على اليقين بعدم اتيان الرابعة ، وكيفيّة الاتيان بها بعد تقييد اطلاق الصحيحة مستفاد من ادلة الاحتياط. والى ما ذكرنا اشار بقوله : ((بان الاحتياط كذلك)) بان الاتيان لا بد وان يكون بركعة مفصولة لا ينافي دلالة الصحيحة على الاستصحاب و ((لا يأبى عن ارادة اليقين)) بانه هو اليقين السابق ((بعدم الرّكعة المشكوكة بل كان اصل الاتيان بها)) أي بالركعة الرابعة ((باقتضائه)) أي باقتضاء البناء فيها على اليقين بعدم الرابعة ، وان المراد من اليقين فيها هو هذا اليقين المستفاد منه حجية الاستصحاب ، وهذه هي الدلالة الاولى في الصحيحة كما عرفت ، ولا منافاة لاخبار الاحتياط لهذه الدلالة ، وانما تنافي الدلالة الثانية المستفادة من الاطلاق بان كيفية الاتيان بالركعة بنحو الايصال ، وهذه الدلالة هي التي تنافيها ادلة الاحتياط ، ولا بد من تقييدها بها.

فاتضح : ان دلالة لا تنقض على نفس الاستصحاب لا تنافي ادلة الاحتياط ، ودلالة لا تنقض بالاطلاق على كيفية الاتيان تنافي ادلة الاحتياط ، ولكنه يقيد بادلة

٣٢

فافهم (١).

وربما أشكل أيضا ، بأنه لو سلّم دلالتها على الاستصحاب كانت من الاخبار الخاصة الدالة عليه في خصوص المورد ، لا العامة لغير مورد ، ضرورة ظهور الفقرات في كونها مبنية للفاعل ، ومرجع الضمير فيها هو

______________________________________________________

الاحتياط ، والى هذه الدلالة الثانية اشار بقوله : ((غاية الامر اتيانها مفصولة ينافي اطلاق النقض)) في الصحيحة ((وقد قام الدليل على التقييد في)) مقام ((الشك في الرابعة)) الذي هو مورد الصحيحة ((و)) في ((غيره)) من موارد الشك التي قام دليل الاحتياط فيها على كيفية الاتيان بالمشكوك ((وان)) الركعة او الركعات ((المشكوكة لا بد أن يؤتى بها مفصولة)).

(١) لعله اشارة الى ان هذا كلّه مبني على كون الركعة المفصولة الواجبة بادلة الاحتياط تكون جزءا من الصلاة مفصولا عنها اذا كانت الصلاة ناقصة ، وتكون نافلة على فرض كون الصلاة تامة. واما بناء على كون ادلة الاحتياط موجبة لانقلاب التكليف وانه في مقام الشك يجب التسليم على الثلاث لو كانت الصلاة ناقصة ، وركعة الاحتياط يجب الاتيان بها لذاتها ، غايته ان مصلحة التكليف بها تكون اهم من فوات الركعة ، فانه بناء على هذا لا يكون اصل الاتيان بالركعة المشكوكة باقتضاء الاستصحاب.

والحاصل : ان ظاهر النصوص ان عنوان الشك بين الثلاث والاربع ، او بين الاثنين والاربع او غير ذلك ، هو الموجب لتبدّل التكليف اما واقعا او ظاهرا ، وهو الموجب للاتيان بالصلاة المفصولة المفتتحة بالتكبير والمختومة بالتسليم من دون دخل للاستصحاب في ذلك ، فلا مناص إمّا من الحمل على التقيّة او الحمل على اليقين بعد الفراغ ، وان كان خلاف الظاهر لان اليقين الفراغي متأخر عن العمل بالاحتياط ، والظاهر من الصحيحة ان اليقين فيها متقدّم على العمل كما هو واضح. والله العالم.

٣٣

المصلي الشاك ، وإلغاء خصوصية المورد ليس بذاك الوضوح (١) ، وإن كان يؤيده تطبيق قضية لا تنقض اليقين وما يقاربها على غير مورد.

______________________________________________________

(١) وحاصل الاشكال : انه لو سلّم دلالة الصحيحة على الاستصحاب ، فالمستفاد منها حجية الاستصحاب للمصلي الشاك بين الثلاث والاربع ، ولو تعدّينا عن هذا فانما يكون التعدّي الى المصلي الشاك ، سواء كان الشك بين الثلاث والاربع او كان بين غيرها من الركعات في موارد الشكوك التي ورد لها العلاج بالاحتياط ، وغاية ما يمكن ان يستفاد منها حجية الاستصحاب في الصلاة في الشك في غير الركعات ، لا حجيته مطلقا في كل مورد .. والوجه في هذا الاشكال ان الفقرات الواردة في الرواية هي مبنية للفاعل ، لوضوح كون فقرة قوله ولا ينقض اليقين بالشك ظاهرة في البناء للفاعل ، لان الضمير فيها هو الضمير في قوله عليه‌السلام قام فاضاف اليها اخرى ، وكالضمير في قوله عليه‌السلام لا شيء عليه. فالمتحصل منها : ان من لم يدر انه في ثلاث او اربع ، قام هذا الذي لم يدر فاضاف اليها ولا شيء على هذا الذي لا يدري ، ولا ينقض هذا الذي لا يدري اليقين بالشك. ومثل هذه الفقرات الثلاث الفقرات الأخر ، كفقرة ولا يدخل الشك ، ولا يخلط ، ولكنه ينقض الشك باليقين ، ويتمّ على اليقين ، ولا يعتد بالشك. ومن الواضح ان الظهور في عدم خصوصية المورد ـ لا يستفاد من الصيغة المبنية للفاعل ، لان مرجع الضمير فيها هو من لم يدر في ثلاث هو او اربع وهو المصلي الشاك في الرّكعات بناء على التعدّي فيها عن خصوصية الشك في الثلاث والاربع ، او الى مطلق المصلي الشاك ولو في غير الركعات والغاء حتى خصوصية المصلي ـ لا قرينة عليه فلا ظهور لهذه الصحيحة في حجية الاستصحاب مطلقا.

نعم لو كانت الفقرات في القضية مبنية للمفعول لكان مجال لدعوى التعدّي الى مطلق المتيقن والشاك ، باعتبار دعوى ظهور البناء للمفعول في انها قضية مفروغ عنها لا تختصّ بفاعل خاص. اما مع كونها مبنية للفاعل فيحتمل ان يكون لعنوان الفاعل

٣٤

بل دعوى أن الظاهر من نفس القضية هو أن مناط حرمة النقض إنما يكون لاجل ما في اليقين والشك ، لا لما في المورد من الخصوصية ، وإن مثل اليقين لا ينقض بمثل الشك ، غير بعيدة. (١)

______________________________________________________

خصوصية ، ومع هذا الاحتمال لا مجال للتعدّي الى غير عنوان المصلي الشاك. والى ما ذكرنا اشار بقوله : ((وربما اشكل ايضا)) على هذه الصحيحة ((بانه لو سلّم دلالتها على الاستصحاب)) لما كان المستفاد منها حجية الاستصحاب مطلقا ، كما هو مفروض البحث في هذه المسألة من دعوى دلالة الاخبار على حجية الاستصحاب مطلقا ، بل ((كانت)) هذه الصحيحة ((من الاخبار الخاصة الدالة عليه)) أي الدالة على الاستصحاب ((في خصوص المورد لا)) انها من الاخبار ((العامة)) الشاملة لهذا المورد و ((لغير مورد)) من موارد الاستصحاب. واشار الى الوجه في كونها من الاخبار الخاصة لا العامة الشامل لحجية الاستصحاب مطلقا بقوله : ((ضرورة ظهور الفقرات)) الواردة في هذه الصحيحة ((في كونها مبنية للفاعل و)) اذا كانت مبنية للفاعل فان ((مرجع الضمير فيها)) يكون ((هو)) عنوان ((المصلي الشاك ، وإلغاء خصوصية المورد)) فيها بالغاء عنوان المصلي الشاك ((ليس بذاك الوضوح)) مع كون الفقرات فيها مبنية للفاعل ، نعم لو كانت الفقرات فيها مبنية للمفعول لكان لهذه الدعوى مجال.

(١) هذا اشارة الى الجواب عن هذا الاشكال ، وحاصله : انه يؤيّد دعوى الغاء خصوصية المورد امران : اشار الى الاول منهما بقوله : ((وان كان يؤيّده)) أي وان كان يؤيد الغاء خصوصية المورد ((تطبيق قضية لا تنقض اليقين وما يقاربها على غير مورد)) من موارد اليقين والشك غير المختصّ بالصلاة ، بل يعمّ جميع موارد اليقين والشك ، وحاصله : انه ورد هذا المضمون وما يقاربه من المضامين الأخر في غير مورد المصلي الشاك ، ولازم هذا كون ورودها في مورد عنوان المصلي الشاك لانه احد مواردها لا لخصوصية في خصوص عنوان المصلي الشاك .. وانما ذكره تأييدا

٣٥

ومنها قوله : من كان على يقين فأصابه شك فليمض على يقينه ، فإن الشك لا ينقض اليقين أو بإن اليقين لا يدفع بالشك وهو وإن كان يحتمل قاعدة اليقين لظهوره في اختلاف زمان الوصفين ، وإنما يكون ذلك في

______________________________________________________

لاحتمال ان يقال : ان الكلام في كون نفس هذه الصحيحة دالة على حجية الاستصحاب مطلقا ، وكون هذا المضمون وما يقاربه قد ورد في غير عنوان المصلي لا يجعل للصحيحة ظهورا في العموم ، وانما يكون العموم مستفادا من الظهور في الموارد الأخر لا من هذا الظهور.

الجواب الثاني (١) : هو ان قضية لا تنقض حيث كانت ارتكازية فلا فرق فيها بين كونها واردة بنحو البناء للفاعل او المفعول ، لان كونها ارتكازية يقتضي ان مناط حرمة النقض لليقين بالشك هو اليقين بما هو يقين ، لا لانه متعلق بخصوص عنوان خاص ككونه مصليا ، بل نفس وثاقة اليقين ارتكازا تمنع عن ان ينقض بمثل الشك لوهنه ، ويظهر ذلك من الفقرة الاخيرة وهي قوله عليه‌السلام ولا يعتد بالشك في حال من الحالات ، فانه ظاهر في ان عدم الاعتناء بالشك لا يختص بالعنوان في المقام ، بل في أي حال من الحالات لا يعتد بالشك ولا ينقض به اليقين. والى ما ذكرنا اشار بقوله : ((بل دعوى ان الظاهر من نفس القضية)) لكونها ارتكازية ((هو ان مناط حرمة النقض انما يكون لاجل ما في اليقين)) من الوثاقة ((و)) ما في ((الشك)) من الوهن ، فاليقين بما هو يقين لا ينقض بالشك بما هو شك ((لا لما في المورد من الخصوصية)) ككونه مصليا ((وان)) حرمة النقض لاجل ان ((مثل اليقين لا ينقض بمثل الشك)).

قوله : غير بعيدة هذا خبر للمبتدا ـ في صدر الجملة ـ وهو دعوى ، والتقدير بل دعوى ان الظاهر غير بعيدة.

__________________

(١) اي الأمر الثاني.

٣٦

القاعدة دون الاستصحاب ضرورة إمكان اتحاد زمانهما (١) ، إلا أن المتداول في التعبير عن مورده هو مثل هذه العبارة ، ولعله بملاحظة

______________________________________________________

(١) لا يخفى انهما روايتان جمع بينهما بنحو من الخلط بين بعض الفاظهما : احدها : (من كان على يقين فشك فليمض على يقينه ، فان الشك لا ينقض اليقين) (١).

ثانيهما : (من كان على يقين فاصابه شك فليمض على يقينه ، فان اليقين لا يدفع ـ او لا يرفع ـ بالشك) (٢).

وقد وقع الكلام في ان المستفاد منهما هل هو الاستصحاب أو قاعدة اليقين؟ ... ولا بد من تمهيد مقدمة تتضمن الفرق بين القاعدتين.

وحاصلها : ان في الاستصحاب وقاعدة اليقين يقينا ومتيقنا وهو متعلق اليقين ، وشكا ومشكوكا وهو متعلق الشك ، ولا بد في الاستصحاب من تقدم المتيقن على المشكوك في الزمان ، كأن يكون المتيقن هو طهارة الشيء ـ مثلا ـ يوم الخميس ، والمشكوك هو طهارته يوم الجمعة ... ومنه يظهر انه لا اتحاد في الزمان بين المتيقن والمشكوك في الاستصحاب.

واما اليقين والشك فيمكن ان يتقارن حدوثهما في الزمان ، بان يحصل في حال الشك في طهارة الشيء يوم الجمعة اليقين بطهارته في يوم الخميس. ويمكن ان يتقدّم الشك على اليقين بان يحصل ـ أولا ـ يوم الجمعة الشك في طهارة الشيء ، ثم بعد حصول الشك بمقدار من الزمان يحصل اليقين بطهارته في يوم الخميس. ويمكن ان يتقدم اليقين بان يحصل في يوم الخميس اليقين بطهارة الشيء وفي يوم الجمعة يحصل الشك في طهارته ، وهذا الاخير هو الغالب وجوده في الاستصحاب .. وقد ظهر ايضا من لزوم عدم الاتحاد في الزمان بين المتيقن والمشكوك انه لا بد في الاستصحاب

__________________

(١) الخصال ، باب الواحد الى المائة ، حديث : ١٠ ، ص ٦١٩ (ط. مكتبة الصدوق).

(٢) بحار الانوار ج ٢ ، ص ٢٧٢ ، نقلا عن الارشاد.

٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ان لا يسري الشك الى اليقين ، والّا لاتحد المتيقن والمشكوك في الزمان.

واما قاعدة اليقين فلا بد فيها من تقدّم اليقين على الشك في الزمان ، بان يحصل اليقين ـ أولا ـ بطهارة الشيء ـ مثلا ـ في يوم الخميس ، ثم يوم الجمعة يحصل الشك في طهارته على وجه يسري الشك الى يوم الخميس ، وذلك بسبب الخلل في العلّة التي اوجبت اليقين بالطهارة في يوم الخميس ، ومن فرض لزوم سراية الشك الى اليقين في قاعدة اليقين يظهر لزوم اتحاد المتيقن والمشكوك في الزمان ... فتبيّن ان قاعدة اليقين لا بد فيها من تقدّم زمان اليقين على الشك ، ومن اتحاد المتيقن والمشكوك في الزمان.

ولا يخفى ايضا ان الرواية الثانية وهي قوله عليه‌السلام : من كان على يقين فاصابه شك فليمض على يقينه ، فان اليقين لا بدفع بالشك ـ تختلف عن الرواية الاولى وهي قوله عليه‌السلام : من كان على يقين فشك فليمض على يقينه ان الشك لا ينقض اليقين ، فان الرواية الثانية يحتمل ان يكون الضمير في اصابه راجعا الى اليقين ، وعليه فيتعيّن ان يكون المراد بها قاعدة اليقين ، لان اصابة نفس اليقين بالشك معناه سراية الشك الى اليقين ، وهذا مما يختصّ بقاعدة اليقين ، لوضوح لزوم عدم السراية في الاستصحاب ، كما انه لا بد من لزوم السراية في قاعدة اليقين.

اذا عرفت هذا ، فنقول : قد استشكل في دلالة الروايتين على الاستصحاب ، بان الظاهر من عطف الشك بالفاء فيهما على اليقين هو الترتيب الزماني بينهما ، ولازم ذلك تقدم اليقين في الزمان على الشك ، وهذا مما يختص بقاعدة اليقين مضافا الى ما ذكرنا من الرواية الثانية من احتمال كون ضمير اصابة راجعا الى اليقين وعليه يتعين ان يكون المراد بها قاعدة اليقين كما عرفت وقد عرفت ايضا مما ذكرنا ان قاعدة اليقين تختص بملازمين : تقدم اليقين فيها على الشك في الزمان ، واتحاد المتيقن والمشكوك فيها ، ويكفي في الدلالة عليها ظهور الروايتين في احد اللازمين ، لوضوح كفاية الدلالة على الشيء باحد لوازمه ، ولا حاجة الى ذكر جميع لوازمه ، فيكفي في دلالة الروايتين على قاعدة اليقين ظهورهما في تقدم اليقين على الشك زمانا ، من دون

٣٨

اختلاف زمان الموصوفين وسرايته إلى الوصفين ، لما بين اليقين والمتيقن من نحو من الاتحاد ، فافهم. هذا مع وضوح أن قوله : فإن الشك لا ينقض .. إلى آخره. هي القضية المرتكزة الواردة مورد الاستصحاب في غير واحد من أخبار الباب (١).

______________________________________________________

حاجة الى استظهار دلالتهما على اتحاد المتيقن والمشكوك فيهما. وقد اشار الى ما ذكرنا بقوله : ((وهو)) أي العطف بالفاء في الروايتين ((وان كان يحتمل قاعدة اليقين)) فيهما ((لظهوره)) أي لظهور العطف بالفاء ((في اختلاف زمان الوصفين)) أي اختلاف زمان نفس اليقين والشك ((و)) من الواضح انه ((انما يكون ذلك في القاعدة)) أي ان اختلاف الزمان في نفس اليقين والشك انما هو من لوازم قاعدة اليقين ((دون الاستصحاب)) كما عرفت ، وقد اشار الى ان الاستصحاب لا لزوم فيه لتقدم اليقين على الشك في الزمان ، بل قد يتحد حدوثهما زمانا وقد يتقدم زمان الشك ، وقد يتقدم زمان اليقين كما مر بيانه بقوله : ((ضرورة امكان اتحاد زمانهما)) أي اتحاد زمان اليقين والشك في الاستصحاب ، واكتفى بالاشارة الى الاتحاد فقط لكفايته في الفرق بين الاستصحاب وقاعدة اليقين.

(١) هذا شروع في الجواب عن هذا الاشكال ، وهو عبارة عن جوابين : الاول : انه لا ظهور للعطف بالفاء في الترتيب الزماني ، بحيث يستلزم ظهور الروايتين في قاعدة اليقين بحيث يكون لهما ظهور في لزوم تقدّم اليقين على الشك في الزمان ، وانه مما لا بد من اختلاف اليقين والشك في الزمان حدوثا المستلزم ذلك لقاعدة اليقين ، لان هذا التعبير وهو عطف الشك بالفاء على اليقين كما يكون في قاعدة اليقين ، كذلك يصحّ ان يكون هذا التعبير في الاستصحاب ايضا ، ولعلّ السبب في صحة هذا التعبير في الاستصحاب هو ما عرفت ، من ان الاستصحاب لا بد فيه من تقدّم المتيقن على المشكوك في الزمان ، ولما كان اليقين والمتيقن وصفا وموصوفا وبين الوصف والموصوف نحو من الاتحاد واضح ، فجاز لذلك سراية لازم الموصوف الذي هو

٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

المتيقن الى الوصف وهو اليقين ، فالعطف بالفاء الظاهر في الاختلاف في الزمان انما أسند الى نفس وصف اليقين والشك باعتبار المتيقن والمشكوك الذي هو موصوفهما ، واذا كان هذا التعبير متعارفا في الاستصحاب فلا يكون هناك ظهور للروايتين في قاعدة اليقين. والى هذا الجواب اشار بقوله : ((الّا ان المتداول في التعبير عن مورده)) أي عن مورد الاستصحاب ((هو مثل هذه العبارة)) وهي العطف بالفاء ((ولعلّه)) أي ولعلّ صحة التعبير بالعطف بالفاء في مورد الاستصحاب ((بملاحظة اختلاف زمان الموصوفين)) أي المتيقن والمشكوك ((وسرايته)) أي سراية هذا اللازم من الموصوفين ((الى الوصفين)) وهما اليقين والشك ((لما بين اليقين والمتيقن من نحو من الاتحاد)).

قوله : ((فافهم)) لعله اشارة الى ان هذا الاتحاد انما يصحّح الاسناد المجازي ، وحيث ان الظاهر كونه بنحو الاسناد الحقيقي ، فلا يمنع صحة التعبير في مقام الاستصحاب عن الظهور في ان العطف بالفاء للشك على اليقين جار بحسب الحقيقة ، وهو تقدّم نفس اليقين على الشك المستلزم هذا الظهور لقاعدة اليقين.

أو أنه اشارة الى ان صحة التعبير بالعطف بالفاء وتعارفه في مورد الاستصحاب غايته يجعل الامر في الروايتين مجملا لا ظاهرا في خصوص الاستصحاب.

ويحتمل ان يكون اشارة الى ما ذكرنا : من ان الاستصحاب وان كان مما يمكن اتحاد زمان حدوث اليقين والشك فيه ويمكن تقدّم كلّ منهما على الآخر ، الّا انه قد عرفت ان الغالب فيه هو تقدّم اليقين في الزمان على الشك ، وعلى هذا فيكون تعارف التعبير في العطف بالفاء واردا مورد الغالب ، ولكنه مع ذلك لا يجعل الكلام ظاهرا في الاستصحاب ، وانما غايته ان يكون مجملا. والله العالم.

الجواب الثاني ـ وهو العمدة ـ : ان عدم صحة نقض اليقين بالشك في الاستصحاب قضية ارتكازية ، بخلاف نقض اليقين بالشك في قاعدة اليقين فانها لا ارتكاز فيها ، لانقلاب نفس اليقين فيها الى الشك ، والظاهر في هذه القضية كونها

٤٠