البيان في تفسير القرآن

آية الله السيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي

البيان في تفسير القرآن

المؤلف:

آية الله السيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي قدّس سرّه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٦

التعليقة (٩)

ص ٣٨٣

اختلاق الرازي

نسبة الجهل الى الله

ومن الذين لم يتثبتوا ولم يتوقفوا الفخر الرازي عند تفسيره قوله تعالى :

(يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ ...) قال : قالت الرافضة : البداء جائز على الله تعالى وهو أن يعتقد شيئا ، ثم يظهر له أن الأمر بخلاف ما اعتقده. انتهى.

سبحانك اللهم إن هذا إلا اختلاق. وقد حكى الرازي في خاتمة كتاب المحصل عن سليمان بن جرير كلاما يقبح منه ذكره ولا يحسن مني سطره.

وإن هذه الكلمة قد صدرت على أثر كلمة اخرى تشابهها تفوّه بها بعض النصارى في حق الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حينما جاء بأحكام ناسخة لما جاء به قبلها (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ ، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).

٥٢١

التعليقة (١٠)

ص ٣٨٤

أحاديث

مشيئة الله في خلقه

روى الصدوق في كتابي التوحيد ومعاني الأخبار بإسناده ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال في قول الله عزوجل : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) : لم يعنوا أنه هكذا ، ولكنهم قالوا : قد فرغ من الأمر ، فلا يزيد ولا ينقص ، فقال الله جل جلاله تكذيبا لقولهم : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) ألم تسمع الله عزوجل يقول : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

وروى العياشي ، عن يعقوب بن شعيب ، وعن حماد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام نحو ذلك ، هذه الروايات وغيرها مما نذكره في هذا الفصل موجودة في كتاب البحار لشيخنا المجلسي الجزء ٢ ص ١٣١ ـ ١٤٢. تفسير العياشي : ج ١ ص ٣٣٠.

٥٢٢

التعليقة (١١)

ص ٣٩٢

أحاديث :

ان الدعاء يغيّر القضاء

روى سليمان ، قال : «قال رسول الله لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر» (١) رواه الترمذي ، باب ما جاء : لا يرد القدر إلا الدعاء الجزء ٨ ص ٣٥٠ [رقم الحديث : ٢٠٦٥].

وروى ثوبان ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يزيد في العمر إلا البر ، ولا يرد القدر إلا الدعاء ، وان الرجل ليحرم الرزق بخطيئة يعملها.

رواه ابن ماجة : باب في القدر الجزء ١ ص ٢٤. [رقم الحديث : ٨٧] ورواه الحاكم في المستدرك وصححه ولم يتعقبه الذهبي الجزء ١ ص ٤٩٣ ، ورواه أحمد في مسنده الجزء ٥ ص ٢٧٧ ، ٢٨٠ ، ٢٨٢. [رقم الحديث : ٢١٣٥٢ ، ٢١٣٧٩ ، ٢١٤٠٢] والروايات بهذا المعنى كثيرة تطلب من مظانها.

__________________

(١) بحار الأنوار : ٧٦ / ٣١٨ باب ٦٠ ، الحديث : ٦ ، باختلاف يسير ، و ٧٧ / ١٦٨ ، باب ٧ الحديث : ٣.

٥٢٣

التعليقة (١٢)

ص ٤٣٥

أهمية

آية البسملة

قد أوضحنا في بحث الإعراب ـ ص ٤٥٩ ـ ان إضافة اسم إلى الله إضافة معنوية ، وأن كلمة «الله» مستعملة في معناها ، وعليه فقد استعملت كلمة «اسم» في معناها الجامع القابل للصدق على جميع أسمائه تعالى ، فهو من باب ذكر المفهوم والإشارة به إلى المصداق. وبما أن الاسم الأعظم أشرف المصاديق فلا محالة أن يكون أولى وأحق بانطباق المفهوم عليه. وبهذا يتضح معنى كون «بسم الله» أقرب إلى الاسم الأعظم من سواد العين إلى بياضها : (١) فإن القرب بينهما قرب ذاتي ، إذ المفهوم متحد مع مصداقه خارجا ، وقرب سواد العين إلى بياضها قرب مكاني ، والاتحاد بينهما وضعي.

__________________

(١) بحار الأنوار : ١٠ / ٣٩٥ ، باب ٢٥ ، الحديث : ١.

٥٢٤

التعليقة (١٣)

ص ٤٣٥

معرفة

بدء الخليقة في الكتاب التكويني

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أول ما خلق الله نوري». البحار : باب حقيقة العقل وكيفيته وبدء خلقه [البحار : ١ / ٩٥ ، الحديث : ٧].

وروى محمد بن سنان قال : «كنت عند أبي جعفر الثاني عليه‌السلام فقال يا محمد :

«إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفردا بوحدانيته ، ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة فمكثوا ألف دهر ...» اصول الكافي [١ / ٤٤١ ، الحديث : ١] باب تاريخ مولد النبي ، والوافي : باب بدء خلق المعصومين الجزء ٢ ص ١٥٥.

٥٢٥

التعليقة (١٤)

ص ٤٤٧

أحاديث

ان البسملة جزء من القرآن

روى البيهقي بإسناده عن أم سلمة :

«ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فعدّها آية ...» ورواه الحاكم في المستدرك الجزء ١ ص ٢٣٢ وقال : صحيح على شرط الشيخين.

وعن عبد خير ، قال : «سئل علي عن السبع المثاني ، فقال : الحمد لله ، فقيل له : إنما هي ست آيات ، فقال : بسم الله الرحمن الرحيم آية. ورواها عن أبي هريرة أيضا.

وعن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه كان يقول : «الحمد لله رب العالمين سبع آيات إحداهن بسم الله الرحمن الرحيم ...»

وعن ابن عباس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يستفتح القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم «ورواها الترمذي أيضا الجزء ٢ ص ٤٤».

وعن ابن عمر : أنه كان إذا افتتح الصلاة كبّر ، ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، فإذا فرغ قرأ بسم الله الرحمن الرحيم. قال : وكان يقول لم كتبت في المصحف إن لم تقرأ؟! إلى غير ذلك من الروايات. راجع الجزء الثاني من سنن البيهقي ص ٤٣ ـ ٤٧.

٥٢٦

وفي كنز العمال في فضل فضائل السور والآيات الجزء ٢ ص ١٩٠ وفي باب :

البسملة آية ٣٧٥ : روى الثعلبي عن علي عليه‌السلام أنه كان إذا افتتح السورة في الصلاة يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، وكان يقول : من ترك قراءتها فقد نقص وكان يقول : هي تمام السبع المثاني.

٥٢٧

التعليقة (١٥)

ص ٤٤٧

قصة

نسيان معاوية قراءة البسملة

روى البيهقي الجزء ٢ ص ٤٩ بإسناده عن أنس بن مالك أنه قال :

«صلّى معاوية بالمدينة صلاة ، فجهر فيها بالقراءة ، فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها حتى قضى تلك القراءة ، ولم يكبر حين يهوي حتى قضى تلك الصلاة ، فلما سلم ، ناداه من شهد ذلك من المهاجرين من كل مكان يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت؟ فلما صلّى بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم للسورة التي بعد أم القرآن ، وكبر حين يهوي ساجدا» ورواها بطريق آخر ، غير أنه قال : فلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن ، ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها ، وزاد «الأنصار».

ورواها الحاكم في المستدرك الجزء ١ ص ٢٣٣ وقال : حديث صحيح على شرط مسلم.

٥٢٨

التعليقة (١٦)

ص ٤٤٧

قراءة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

البسملة وتوجيه رواية أنس

تقدمت إحدى هذه الروايات في ص ٤٤٤ ، وروى قتادة عن أنس : أن قراءة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت مدا ، ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، يمدّ بسم الله ، ويمدّ الرحمن ، ويمدّ الرحيم «سنن البيهقي ـ باب افتتاح القراءة في الصلاة ببسم الله ـ الجزء ٢ ص ٤٦» ، و «المستدرك ، حديث الجهر ببسم الله الجزء ١ ص ٢٣٣».

وروى شريك عن أنس قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. قال الحاكم : رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات.

وروى العسقلاني قال : صليت خلف المعتمر بن سليمان ما لا أحصي صلاة الصبح والمغرب فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وبعدها وسمعت المعتمر يقول : ما آلو أن أقتدي بصلاة أبي وقال أبي : ما آلو أن أقتدي بصلاة أنس بن مالك ، وقال أنس بن مالك : ما آلو أن أقتدي بصلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قال الحاكم : رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات «المستدرك الجزء ١ ص ٢٣٣ ـ ٢٣٤».

وروى أبو نعامة عن أنس ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبو بكر وعمر لا يقرءون يعني لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم «سنن البيهقي ـ باب من قال لا يجهر بها ـ الجزء ٢ ص ٥٢».

٥٢٩

أقول : يمكن أن يكون المراد من رواية أنس المتقدمة ـ التي استدلوا بها على أن البسملة ليست من القرآن ـ أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن بعده لم يجهروا بالبسملة ، والقرينة على ذلك هذه الرواية الأخيرة ، ويؤيد هذا أن أنس قد عبر في الرواية المتقدمة بعدم سماعه القراءة ، بل وفي بعض روايات أنس قال : فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وفي بعضها قال : صلّى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم يسمعنا قراءة بسم الله الرحمن الرحيم ... «سنن النسائي ـ باب ترك الجهر ببسم الله ـ الجزء ١ ص ١٤٤» وعليه فلا معارضة بين رواية أنس المتقدمة وما ذكرناه من الروايات الدالة على أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن بعده كانوا يقرءونها.

نعم ذكر في رواية واحدة : أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها «صحيح مسلم ـ باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة ـ الجزء ٢ ص ١٢» ، إلا أن في سند هذه الرواية الوليد بن مسلم القرشي ، وفي وثاقته كلام ، بل صرح غير واحد بكثرة خطئه ، أو تدليسه «راجع تهذيب التهذيب».

وأما رواية قتادة عن أنس : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين «الترمذي باب ما جاء في افتتاح القراءة بالحمد ـ الجزء ٢ ص ٤٥ ، وسنن أبي داود باب الجهر ببسم الله ـ الجزء ١ ص ١٢٥ وقريب منه ما رواه النسائي باب البداءة بفاتحة الكتاب الجزء ١ ص ١٤٣».

فهذه الرواية محمولة على أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن بعده كانوا يبدءون بقراءة فاتحة الكتاب ، وقد أطلق جملة : الحمد لله رب العالمين على سورة فاتحة الكتاب ووقع مثل ذلك في بعض الروايات المتقدمة ، وعلى ذلك حملها الشافعي أيضا.

٥٣٠

التعليقة (١٧)

ص ٣٧٣

ابن تيمية

ونقله أحاديث جواز زيارة القبور

إن كثرة الروايات في المقام ، واستفاضتها أغنتنا عن ذكرها ، إلا أننا نذكر بعض ما رواه عبد السلام بن عبد الله بن تيمية جد أحمد بنفسه في كتابه «المنتقى من أخبار المصطفى» وبعض ما رواه غيره :

١ ـ روى عن بريدة ، قال :

«قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه ، فزوروها ، فإنها تذكرة الآخرة» قال : رواه الترمذي (١) وصححه.

٢ ـ وعن أبي هريرة ، قال :

«زار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبر امه فبكى وأبكى من حوله فقال : استأذنت ربي أن أستغفر لها ، فلم يأذن لي ، واستأذنته في أن أزور قبرها ، فأذن لي ، فزوروا القبور ، فإنها تذكّر الموت». قال : رواه الجماعة. (٢)

٣ ـ وعن عبد الله بن أبي مليكة :

__________________

(١) سنن الترمذي : كتاب الجنائز ، رقم الحديث : ٩٧٤.

(٢) صحيح مسلم : كتاب الجنائز ، رقم الحديث : ١٦٢٢ ، وسنن النسائي : كتاب الجنائز ، رقم الحديث : ٢٠٠٧ ، وسنن أبي داود : كتاب الجنائز ، رقم الحديث : ٢٨١٥. وسنن ابن ماجة : كتاب ما جاء في الجنائز ، رقم الحديث : ١٥٦١ ، ومسند أحمد : باقي مسند المكثرين ، رقم الحديث : ٩٣١١.

٥٣١

«إن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر ، فقلت لها : يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت : من قبر أخي عبد الرحمن ، فقلت لها : أليس كان نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن زيارة القبور؟ قالت : نعم. كان نهى عن زيارة القبور ، ثم أمر بزيارتها» قال : رواه الأثرم في سننه.

أقول : قال الشيخ محمد حامد الفقي في تعليقه على الكتاب ، ورواه ابن ماجة ، والحاكم ، والبغوي في شرح السنة.

٤ ـ عن أبي هريرة :

«ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتى المقبرة ، فقال السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» قال : رواه أحمد ، (١) ومسلم (٢) ، والنسائي (٣). ولأحمد من حديث عائشة مثله ، وزاد : «اللهم لا تحرمنا أجرهم ، ولا تفتنّا بعدهم». (٤) ٥ ـ وعن بريدة ، قال :

«كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية» قال : رواه أحمد (٥) ، ومسلم (٦) ، وابن ماجة (٧) [المنتقى] الجزء ٢ ص ١١٦.

__________________

(١) مسند أحمد : باقي مسند المكثرين ، رقم الحديث : ٧٦٥٢ ، و ٨٥٢٣ و ٨٩٢٤.

(٢) صحيح مسلم : كتاب الطهارة ، رقم الحديث : ٣٦٧.

(٣) سنن النسائي : كتاب الجنائز ، رقم الحديث : ٢٠١٢.

(٤) مسند أحمد : باقي مسند الأنصار ، رقم الحديث : ٢٣٣٣٥.

(٥) مسند أحمد : باقي مسند الأنصار ، رقم الحديث : ٢١٩٠٧ ، و ٢١٩٦١.

(٦) صحيح مسلم : كتاب الجنائز ، رقم الحديث : ١٦٢٠.

(٧) سنن ابن ماجة : كتاب ما جاء في الجنائز ، رقم الحديث ١٥٣٦.

٥٣٢

٦ ـ روى ابن عمر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«من حجّ فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي». رواه الطبراني في الأوسط ، والبيهقي في السنن.

٧ ـ وروى أيضا عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«من زار قبري وجبت له شفاعتي». رواه ابن عدي في الكامل ، والبيهقي في شعب الإيمان.

٨ ـ روى أنس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«من زارني بالمدينة محتسبا كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة». رواه البيهقي في شعب الإيمان ـ كنز العمال فضل زيارة القبور الجزء ٨ ص ٩٩.

٩ ـ روى أبو هريرة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«ما من رجل يزور قبر حميمه فيسلم عليه ويقعد عنده إلا ردّ عليه‌السلام وأنس به ، حتى يقوم من عنده». رواه أبو الشيخ ، والديلمي.

١٠ ـ وروى أيضا عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«ما من رجل يمرّ بقبر كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه وردّ عليه‌السلام». رواه تمام ، وخطيب ، وابن عساكر ، وابن النجار. قال في كنز العمال : وسنده جيد. والروايات التي جمعها في كنز العمال الجزء ٨ ص ٩٩ وما بعدها وص ١٢٥ وما بعدها يقرب من ثمانين رواية ، من أراد الاطلاع عليها فليراجعها.

١١ ـ روى أبو هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

«ما من أحد يسلم عليّ إلا ردّ الله إليّ روحي حتى أردّ عليه‌السلام». سنن

٥٣٣

البيهقي باب زيارة قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الجزء ٥ ص ٢٤٥.

١٢ ـ روى ابن عمر في استلام الحجر ، قال :

«كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستلمه ويقبّله ، فقال ـ السائل ـ : أرأيت إن زحمت؟ أرأيت إن غلبت؟ قال : اجعل أرأيت باليمن ، رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستلمه ويقبّله». رواه البخاري في الصحيح عن مسدد. (١)

١٣ ـ روى ابن عباس ، قال :

«رأيت عمر بن الخطاب قبّله وسجد عليه. قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعل كذا». قلت رواه الطيالسي وغيره.

١٤ ـ وروى أبو جعفر :

«أن ابن عباس قبّل الركن ، ثم سجد عليه ، ثم قبّله ، ثم سجد عليه ثلاث مرات».

١٥ ـ روى عكرمة عن ابن عباس ، قال :

«رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسجد على الحجر» سنن البيهقي باب السجود عليه ـ على الحجر ـ الجزء ٥ ص ٧٤ ، ٧٥.

١٦ ـ روى داود بن أبي صالح ، قال :

«أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر ، فأخذ برقبته وقال : أتدري ما تصنع؟ قال : نعم. فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب الأنصاري ـ رضي الله

__________________

(١) صحيح البخاري : كتاب الحج ، رقم الحديث : ١٥٠٧ ، وسنن الترمذي : كتاب الحج ، رقم الحديث : ٧٨٩ ، وسنن النسائي : كتاب مناسك الحج ، رقم الحديث : ٢٨٩٧. ومسند أحمد : مسند المكثرين من الصحابة ، رقم الحديث ٦١٠٨.

٥٣٤

عنه ـ فقال : جئت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم آت الحجر ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله». رواه الحاكم في المستدرك الجزء ٤ ص ٥١٥ ، وصححه ولم يعقبه الذهبي. وروى ابن تيمية روايات تقبيل الحجر واستلامه ، ووضع الخد عليه في المنتقى الجزء ٢ ص ٢٦١ ، ٢٦٢ ، ٢٦٣.

١٧ ـ وأخرج الحافظ ابن عساكر.

«أن فاطمة جاءت ، فوقفت على قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخذت قبضة من تراب القبر ، فوضعت على عينيها وبكت.

١٨ ـ وأخرج أيضا :

«إن أعرابيا جاء إلى قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحثا من ترابه على رأسه ، وخاطبه وقال : وكان فيما انزل عليك : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ ...) وقد ظلمت وجئتك تستغفر لي ، فنودي من القبر : قد غفر لك. وكان هذا بمحضر من علي أمير المؤمنين».

١٩ ـ وأخرج أيضا :

«أن بلالا أتى قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه ، فأقبل الحسن والحسين فجعل يضمهما ويقبلهما» الغدير الجزء ٥ ص ١٢٧ ـ ١٢٨.

٥٣٥

التعليقة (١٨)

ص ٤٧٦

تهمة

الآلوسي للشيعة

ونظير الاتهام المذكور في (ص ٤٧٢) ما ذكره الآلوسي عند تفسير قوله تعالى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) من أن الشيعة يجوزون الأكل والشرب إلى طلوع الشمس.

ولست أدري إلى أي سند استند في هذه النسبة ، وهو في بغداد عاصمة العراق ، والعراق مقر الشيعة قديما وحديثا ، ولا سيما أن المشاهد المشرفة قريبة من بغداد ، وقلّ من يوجد من غير الشيعة فيها. أضف إلى ذلك أن الآلوسي لم يكن بعيدا من كتب الشيعة ومؤلفاتها.

ولعمري : إن هذه النسبة وأمثالها هي التي فرّقت بين المسلمين ، وحكّمت عليهم أعداءهم. ولعلها كانت دسائس أجنبية.

٥٣٦

التعليقة (١٩)

ص ٤٧٦

حوار

بين المؤلف وعالم حجازي

لقيت شيخا فاضلا يدعى بالشيخ زين العابدين في المسجد النبوي الشريف سنة تشرفي بحج بيت الله الحرام ١٣٥٣ يترصد لمن يسجد على التربة فيأخذها منه فقلت له : يا شيخ أما حرّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التصرف في مال المسلم بغير إذنه ورضاه؟ قال : نعم. قلت : فلما ذا تسلب هؤلاء المسلمين أموالهم ، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله؟ قال : هم مشركون اتخذوا التربة صنما يسجدون لها. قلت : أتسمح لي بالمذاكرة حول هذا الموضوع؟ قال : لا بأس. فشرعنا في المذاكرة والمناظرة حتى انتهى الأمر إلى أن اعتذر عما ارتكبه ، واستغفر الله ربه ، وقال : إنى كنت رجلا التبس عليه الأمر. ثم التمسني المذاكرة معه في مواضيع شتى فكان ينعقد مجلس لمحاضرتي في المسجد النبوي كل ليلة ، وبقينا زهاء عشر ليال نجتمع فيه ونحن جماعة مختلطة من مختلف المذاهب ، وتجري المناظرة بيني وبين الشيخ حول تلك المواضيع ، وكانت عاقبة الأمر أن تبرأ الشيخ مما كان يعتقد في حق الشيعة ، ووعدني أن ينشر محاضراتي في جريدة «أم القرى» ليتبين الأمر لغير المعاندين للحق ، ممن التبس عليهم الأمر ، وأن يبعث إليّ نسخة من تلك الجريدة ، إلا أنه لم يف بوعده ولعل الظروف لم تساعده ، وحالت الأوضاع بينه وبين ما يريد.

٥٣٧

التعليقة (٢٠)

ص ٤٧٦

فضيلة

تربة الحسين عليه‌السلام

روى أبو يعلى في مسنده ، وابن أبي شيبة وسعيد عن منصور في سننه عن مسند علي ، قال :

«دخلت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ذات يوم ، وعيناه تفيضان قلت : يا نبي الله أغضبك أحد ما شأن عينيك تفيضان؟ قال : بلى قام من عندي جبرئيل قبل فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات ، فقال : هل لك إلى أن أشمك من تربته قلت : نعم ، فمد يده ، فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا». (١)

وروى الطبراني في «الكبير» عن أم سلمة ، قال : اضطجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم فاستيقظ وهو خائر النفس ، وفي يده تربة حمراء يقبلها ، فقلت : ما هذه التربة يا رسول الله؟ قال : أخبرني جبرئيل أن هذا يقتل بأرض العراق «للحسين» فقلت لجبرئيل : أرني تربة الأرض التي يقتل بها ، فهذه تربتها ، ورواها ابن أبي شيبة عن أم سلمة مع اختلاف في ألفاظها ، وروى ابن ماجة والطيالسي وأبو نعيم ما يقرب منها عن أم سلمة. وروى أبو نعيم عن أنس ما يقرب من مضمونها أيضا ، «كنز العمال الجزء ٧ الصفحة ١٠٥ ، ١٠٦». (٢)

__________________

(١) بحار الأنوار : ٤٤ / ٢٤٧ ، باب ٣٠ ، الحديث : ٤٦.

(٢) راجع مسند أحمد : باقي مسند الأنصار ، رقم الحديث : ٢٥٣١٥.

٥٣٨

التعليقة (٢١)

ص ٤٧٧

تأويل آية السجود بالكشف

قال الحسن بن منصور :

«لما قيل لإبليس : اسجد لآدم ، خاطب الحق فقال : ارفع شرف السجود عن سري إلا لك في السجود حتى أسجد له ، إن كنت أمرتني فقد نهيتني ، فقال له : فإني أعذبك عذاب الأبد ، فقال : أولست تراني في عذابك لي؟ فقال : بلى ، فقال : فرؤيتك لي تحملني على رؤية العذاب افعل بي ما شئت». تفسير ابن روزبهان الصفحة ٢١ طبعة الهند.

أقول : فلتقرّ عيون أصحاب الكشف ـ ابن روزبهان وأمثاله ـ بهذه المكاشفة ونظائرها المخالفة لحكم العقل ، وصريح القرآن ، وضرورة الدين.

٥٣٩

التعليقة (٢٢)

ص ٤٧٨

حديث

إبليس مع الله

عن الصادق عليه‌السلام :

«قال إبليس : رب اعفني من السجود لآدم ، وأنا أعبدك عبادة لا يعبدكها ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، فقال جل جلاله : لا حاجة لي في عبادتك ، إنما عبادتي من حيث أريد ، لا من حيث تريد» تفسير الصافي ، عند تفسير قوله تعالى : (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) ص ٢٦.

وقال عليه‌السلام ـ أيضا ـ في جواب سؤال الزنديق :

«كيف أمر الله الملائكة لآدم : إن من سجد بأمر الله فقد سجد لله ، فكان سجوده لله إذا كان عن أمر الله» البحار ـ باب سجود الملائكة ومعناه ، الجزء ٥ ص ٣٧. [البحار : ١١ / ١٣٨ ، باب ٢ ، الحديث : ٢]

٥٤٠