البيان في تفسير القرآن

آية الله السيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي

البيان في تفسير القرآن

المؤلف:

آية الله السيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي قدّس سرّه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٦

ثانيا : أن هذا الدليل لو تم لكان دالا على وقوع الزيادة في القرآن أيضا ، كما وقعت في التوراة والإنجيل ، ومن الواضح بطلان ذلك.

ثالثا : إن كثيرا من الوقائع التي حدثت في الأمم السابقة لم يصدر مثلها في هذه الأمة ، كعبادة العجل ، وتيه بني إسرائيل أربعين سنة ، وغرق فرعون وأصحابه ، وملك سليمان للإنس والجن ، ورفع عيسى إلى السماء وموت هارون وهو وصي موسى قبل موت موسى نفسه ، وإتيان موسى بتسع آيات بينات ، وولادة عيسى من غير أب ، ومسخ كثير من السابقين قردة وخنازير ، وغير ذلك مما لا يسعنا إحصاؤه ، وهذا أدل دليل على عدم إرادة الظاهر من تلك الروايات ، فلا بد من إرادة المشابهة في بعض الوجوه.

وعلى ذلك فيكفي في وقوع التحريف في هذه الامّة عدم اتباعهم لحدود القرآن ، وإن أقاموا حروفه كما في الرواية التي تقدمت في صدر البحث ، ويؤكد ذلك ما رواه أبو واقد الليثي : «أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما خرج إلى خيبر مرّ بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط ، يعقلون عليها أسلحتهم. فقالوا : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبحان الله هذا كما قال قوم موسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، والذي نفسي بيده لتركبن سنّة من كان قبلكم» (١) فإن هذه الرواية صريحة في أن الذي يقع في هذه الأمة ، شبيه بما وقع في تلك الأمم من بعض الوجوه.

رابعا : لو سلّم تواتر هذه الروايات في السند ، وصحتها في الدلالة ، لما ثبت بها أن التحريف قد وقع فيما مضى من الزمن ، فلعله يقع في المستقبل زيادة ونقيصة ، والذي يظهر من رواية البخاري تحديده بقيام الساعة ، فكيف يستدل بذلك على وقوع التحريف في صدر الإسلام ، وفي زمان الخلفاء.

__________________

(١) سنن الترمذي : ٩ / ٢٦ ، كتاب الفتن باب ما جاء لتركبنّ سنن من قبلكم رقم الحديث : ٢١٠٦ ، ومسند احمد : مسند الأنصار ، رقم الحديث : ٢٠٨٩٢.

٢٢١

الشبهة الثانية :

أن عليا عليه‌السلام كان له مصحف غير المصحف الموجود ، وقد أتى به إلى القوم فلم يقبلوا منه ، وأن مصحفه عليه‌السلام كان مشتملا على أبعاض ليست موجودة في القرآن الذي بأيدينا ، ويترتب على ذلك نقص القرآن الموجود عن مصحف أمير المؤمنين علي عليه‌السلام وهذا هو التحريف الذي وقع الكلام فيه ، والروايات الدالة على ذلك كثيرة :

منها : ما في رواية احتجاج علي عليه‌السلام على جماعة من المهاجرين والأنصار أنه قال :

«يا طلحة إن كل آية أنزلها الله تعالى على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندي باملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخط يدي ، وتأويل كل آية أنزلها الله تعالى على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكل حلال ، أو حرام ، أو حدّ أو حكم ، أو شىء تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة ، فهو عندي مكتوب باملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخط يدي ، حتى أرش الخدش ...» (١).

ومنها ما في احتجاجه عليه‌السلام على الزنديق من أنه :

«أتى بالكتاب كملا مشتملا على التأويل والتنزيل ، والمحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، لم يسقط منه حرف ألف ولا لام فلم يقبلوا ذلك» (٢).

ومنها : ما رواه في الكافي ، بإسناده عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال :

«ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ، ظاهره وباطنه غير الأوصياء» (٣).

__________________

(١) مقدمة تفسير البرهان : ١ / ٢٧. وفي هذه الرواية تصريح بأن ما في القرآن الموجود كله قرآن.

(٢) تفسير الصافي : المقدمة السادسة ص ١١.

(٣) الكافي : ١ / ٢٢٨ ، الحديث : ٢.

٢٢٢

وبإسناده عن جابر. قال :

«سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : ما ادّعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب ، وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده عليهم‌السلام» (١).

والجواب عن ذلك :

إن وجود مصحف لأمير المؤمنين عليه‌السلام يغاير القرآن الموجود في ترتيب السور مما لا ينبغي الشك فيه ، وتسالم العلماء الأعلام على وجوده أغنانا عن التكلف لإثباته ، كما أن اشتمال قرآنه عليه‌السلام على زيادات ليست في القرآن الموجود ، وإن كان صحيحا إلا أنه لا دلالة في ذلك على أن هذه الزيادات كانت من القرآن ، وقد أسقطت منه بالتحريف ، بل الصحيح أن تلك الزيادات كانت تفسيرا بعنوان التأويل ، وما يؤول اليه الكلام ، أو بعنوان التنزيل من الله شرحا للمراد.

وإن هذه الشبهة مبتنية على أن يراد من لفظي التأويل والتنزيل ما اصطلح عليه المتأخرون من إطلاق لفظ التنزيل على ما نزل قرآنا ، وإطلاق لفظ التأويل على بيان المراد من اللفظ ، حملا له على خلاف ظاهره ، إلا أن هذين الإطلاقين من الاصطلاحات المحدثة ، وليس لهما في اللغة عين ولا أثر ليحمل عليهما هذان اللفظان «التنزيل والتأويل» متى وردا في الروايات المأثورة عن أهل البيت عليهم‌السلام.

وإنما التأويل في اللغة مصدر مزيد فيه ، وأصله «الأول» بمعنى الرجوع. ومنه قولهم : «أوّل الحكم إلى أهله أي ردّه إليهم». وقد يستعمل التأويل ويراد منه العاقبة ، وما يؤول اليه الأمر. وعلى ذلك جرت الآيات الكريمة :

__________________

(١) نفس المصدر.

٢٢٣

(وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ ١٢ : ٦. نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ : ٣٦. هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ : ١٠٠. ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ١٨ : ٨٢).

وغير ذلك من موارد استعمال هذا اللفظ في القرآن الكريم ، وعلى ذلك فالمراد بتأويل القرآن ما يرجع اليه الكلام ، وما هو عاقبته ، سواء كان ذلك ظاهرا يفهمه العارف باللغة العربية ، أم كان خفيّا لا يعرفه إلا الراسخون في العلم.

وأما التنزيل فهو أيضا مصدر مزيد فيه ، وأصله النزول ، وقد يستعمل ويراد به ما نزل ، ومن هذا القبيل إطلاقه على القرآن في آيات كثيرة ، منها قوله تعالى :

(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ٥٦ : ٧٧. فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ : ٧٨. لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ : ٧٩. تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ* : ٨٠).

وعلى ما ذكرناه فليس كل ما نزل من الله وحيا يلزم أن يكون من القرآن ، فالذي يستفاد من الروايات في هذا المقام أن مصحف علي عليه‌السلام كان مشتملا على زيادات تنزيلا أو تأويلا. ولا دلالة في شىء من هذه الروايات على أن تلك الزيادات هي من القرآن. وعلى ذلك يحمل ما ورد من ذكر أسماء المنافقين في مصحف أمير المؤمنين عليه‌السلام فإن ذكر أسمائهم لا بد وأن يكون بعنوان التفسير.

ويدل على ذلك ما تقدم من الأدلة القاطعة على عدم سقوط شىء من القرآن ، أضف إلى ذلك أن سيرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع المنافقين تأبى ذلك فإن دأبه تأليف قلوبهم ، والإسرار بما يعلمه من نفاقهم ، وهذا واضح لمن له أدنى اطّلاع على سيرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحسن أخلاقه ، فكيف يمكن أن يذكر أسماءهم في القرآن ، ويأمرهم بلعن أنفسهم ، ويأمر سائر المسلمين ذلك ويحثهم عليه ليلا ونهارا ، وهل يحتمل ذلك حتى ينظر في

٢٢٤

صحته وفساده أو يتمسك في إثباته بما في بعض الروايات من وجود أسماء جملة من المنافقين في مصحف علي عليه‌السلام وهل يقاس ذلك بذكر أبي لهب المعلن بشركه. ومعاداته للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع علم النبي بأنه يموت على شركه. نعم لا بعد في ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسماء المنافقين لبعض خواصه كأمير المؤمنين عليه‌السلام وغيره في مجالسه الخاصة.

وحاصل ما تقدم : أن وجود الزيادات في مصحف علي عليه‌السلام وإن كان صحيحا ، إلا أن هذه الزيادات ليست من القرآن ، ومما أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتبليغه إلى الامّة ، فإن الالتزام بزيادة مصحفه بهذا النوع من الزيادة قول بلا دليل ، مضافا إلى أنه باطل قطعا. ويدل على بطلانه جميع ما تقدم من الأدلة القاطعة على عدم التحريف في القرآن.

الشبهة الثالثة :

إن الروايات المتواترة عن أهل البيت عليهم‌السلام قد دلت على تحريف القرآن فلا بد من القول به.

والجواب :

إن هذه الروايات لا دلالة فيها على وقوع التحريف في القرآن بالمعنى المتنازع فيه ، وتوضيح ذلك : إن كثيرا من الروايات ، وإن كانت ضعيفة السند ، فإن جملة منها نقلت من كتاب أحمد بن محمد السياري ، الذي اتفق علماء الرجال على فساد مذهبه ، وأنه يقول بالتناسخ ، ومن علي بن أحمد الكوفي الذي ذكر علماء الرجال أنه كذاب ، وأنه فاسد المذهب إلا أن كثرة الروايات تورث القطع بصدور بعضها عن المعصومين عليهم‌السلام ولا أقل من الاطمئنان بذلك ، وفيها ما روى بطريق معتبر فلا حاجة بنا إلى التكلم في سند كل رواية بخصوصها.

٢٢٥

عرض روايات التحريف :

علينا أن نبحث عن مداليل هذه الروايات ، وإيضاح أنها ليست متحدة في المفاد ، وأنها على طوائف. فلا بد لنا من شرح ذلك ، والكلام على كل طائفة بخصوصها.

الطائفة الأولى : هي الروايات التي دلت على التحريف بعنوانه ، وانها تبلغ عشرين رواية ، نذكر جملة منها ونترك ما هو بمضمونها. وهي :

١ ـ ما عن علي بن إبراهيم القمي ، بإسناده عن أبي ذر. قال :

«لما نزلت هذه الآية : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ.) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ترد أمتي عليّ يوم القيامة على خمس رايات. ثم ذكر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسأل الرايات عما فعلوا بالثقلين. فتقول الراية الاولى : أما الأكبر فحرّفناه ، ونبذناه وراء ظهورنا ، وأما الأصغر فعاديناه ، وأبغضناه ، وظلمناه. وتقول الراية الثانية : أما الأكبر فحرّفناه ، ومزّقناه ، وخالفناه ، وأما الأصغر فعاديناه وقاتلناه ...». (١)

٢ ـ ما عن ابن طاوس ، والسيد المحدث الجزائري ، باسنادهما عن الحسن بن الحسن السامري في حديث طويل أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لحذيفة فيما قاله في من يهتك الحرم :

«إنه يضل الناس عن سبيل الله ، ويحرّف كتابه ، ويغير سنتي». (٢).

__________________

(١) بحار الأنوار : ٣٧ / ٣٤٦ ، باب ٥٥ ، الحديث : ٣.

(٢) بحار الأنوار : ٩٨ / ٣٥٢ ، باب ١٣ ، الحديث : ١.

٢٢٦

٣ ـ ما عن سعد بن عبد الله القمي ، بإسناده عن جبار الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال :

«دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمنى. فقال : أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين ـ أما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي ـ والكعبة البيت الحرام ، ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام : أما كتاب الله فحرّفوا ، وأما الكعبة فهدموا ، وأما العترة فقتلوا ، وكل ودائع الله قد نبذوا ومنها قد تبرءوا». (١)

٤ ـ ما عن الصدوق في الخصال بإسناده عن جابر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

«يجيء يوم القيامة ثلاثة يشكون : المصحف ، والمسجد ، والعترة يقول المصحف يا رب حرّفوني ومزّقوني ، ويقول المسجد يا رب عطّلوني وضيّعوني ، وتقول العترة يا رب قتلونا ، وطردونا ، وشرّدونا ...». (٢)

٥ ـ ما عن الكافي والصدوق ، باسنادهما عن علي بن سويد. قال :

«كتبت إلى أبي الحسن موسى عليه‌السلام وهو في الحبس كتابا إلى أن ذكر جوابه عليه‌السلام بتمامه ، وفيه قوله عليه‌السلام اؤتمنوا على كتاب الله فحرّفوه وبدّلوه». (٣)

٦ ـ ما عن ابن شهرآشوب ، بإسناده عن عبد الله في خطبة أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام في يوم عاشوراء ، وفيها :

__________________

(١) بحار الأنوار : ٢٣ / ١٤٠ ، باب ٧ ، الحديث : ٩١.

(٢) كتاب الخصال : ١ / ١٧٤ ، باب الثلاثة ، الحديث : ٢٣٢.

(٣) الكافي : ٨ / ١٢٥ ، الحديث : ٩٥.

٢٢٧

«إنما أنتم من طواغيت الأمة ، وشذاذ الأحزاب ، ونبذة الكتاب ، ونفثة الشيطان ، وعصبة الآثام ، ومحرفي الكتاب». (١)

٧ ـ ما عن كامل الزيارات ، بإسناده عن الحسن بن عطية ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :

«إذا دخلت الحائر فقل : اللهم العن الذين كذبوا رسلك ، وهدموا كعبتك ، وحرّفوا كتابك ...». (٢)

٨ ـ ما عن الحجال ، عن قطبة بن ميمون ، عن عبد الأعلى. قال :

«قال أبو عبد الله عليه‌السلام أصحاب العربية يحرفون كلام الله عزوجل عن مواضعه».

المفهوم الحقيقي للروايات :

والجواب عن الاستدلال بهذه الطائفة : ان الظاهر من الرواية الأخيرة تفسير التحريف باختلاف القراء ، وإعمال اجتهاداتهم في القراءات. ومرجع ذلك إلى الاختلاف في كيفية القراءة مع التحفظ على جوهر القرآن وأصله وقد أوضحنا للقارئ في صدر المبحث أن التحريف بهذا المعنى مما لا ريب في وقوعه ، بناء على ما هو الحق من عدم تواتر القراءات السبع ، بل ولا ريب في وقوع هذه التحريف ، بناء على تواتر القراءات السبع أيضا ، فإن القراءات كثيرة ، وهي مبتنية على اجتهادات ظنية توجب تغيير كيفية القراءة. فهذه الرواية لا مساس لها بمراد المستدل.

وأما بقية الروايات ، فهي ظاهرة في الدلالة على أن المراد بالتحريف حمل الآيات

__________________

(١) بحار الأنوار : ٤٥ / ٨ ، باب ٣٧ راجع تحف العقول ، ما جاء عن الامام الحسين عليه‌السلام.

(٢) كامل الزيارات : ص ٣٦٢ ، باب ٧٩ ، الحديث : ١.

٢٢٨

على غير معانيها ، الذي يلازم إنكار فضل أهل البيت عليهم‌السلام ونصب العداوة لهم وقتالهم. ويشهد لذلك ـ صريحا ـ نسبة التحريف إلى مقاتلي أبي عبد الله عليه‌السلام في الخطبة المتقدمة.

ورواية الكافي التي تقدمت في صدر البحث ، فإن الإمام الباقر عليه‌السلام يقول فيها :

«وكان من نبذهم الكتاب أنهم أقاموا حروفه ، وحرّفوا حدوده». (١)

وقد ذكرنا أن التحريف بهذا المعنى واقع قطعا ، وهو خارج عن محل النزاع ، ولو لا هذا التحريف لم تزل حقوق العترة محفوظة ، وحرمة النبي فيهم مرعية ، ولما انتهى الأمر إلى ما انتهى إليه من اهتضام حقوقهم وإيذاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيهم.

الطائفة الثانية : هي الروايات التي دلّت على أن بعض الآيات المنزلة من القرآن قد ذكرت فيها أسماء الأئمة عليهم‌السلام وهي كثيرة :

منها : ما ورد من ذكر أسماء الأئمة عليهم‌السلام في القرآن ، كرواية الكافي بإسناده عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال :

«ولاية علي بن أبي طالب مكتوبة في جميع صحف الأنبياء ، ولن يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد و «ولاية» وصيه ، صلّى الله عليهما وآلهما». (٢)

ومنها : رواية العياشي بإسناده عن الصادق عليه‌السلام :

«لو قرئ القرآن ـ كما أنزل ـ لألفينا مسمّين».

__________________

(١) الكافي : ٨ / ٥٢ ، رقم الحديث : ١٦.

(٢) الكافي : ١ / ٤٣٧ ، رقم الحديث : ٦. وفي المصدر «ووصية علي عليه‌السلام»

٢٢٩

ومنها : رواية الكافي ، وتفسير العياشي عن أبي جعفر عليه‌السلام وكنز الفوائد بأسانيد عديدة عن ابن عباس ، وتفسير فرات بن إبراهيم الكوفي بأسانيد متعددة أيضا ، عن الأصبغ بن نباته. قالوا : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام :

«القرآن نزل على أربعة أرباع : ربع فينا ، وربع في عدونا ، وربع سنن وأمثال ، وربع فرائض وأحكام ، ولنا كرائم القرآن». (١)

ومنها : رواية الكافي أيضا بإسناده عن أبي جعفر عليه‌السلام قال :

نزل جبرئيل بهذه الآية على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هكذا : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا ـ في علي ـ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ). (٢)

والجواب عن الاستدلال بهذه الطائفة :

إنا قد أوضحنا فيما تقدم أن بعض التنزيل كان من قبيل التفسير للقرآن وليس من القرآن نفسه ، فلا بد من حمل هذه الروايات على أن ذكر أسماء الأئمة عليهم‌السلام في التنزيل من هذا القبيل ، وإذا لم يتم هذا الحمل فلا بد من طرح هذه الروايات لمخالفتها للكتاب ، والسنة ، والأدلة المتقدمة على نفي التحريف. وقد دلّت الأخبار المتواترة على وجوب عرض الروايات على الكتاب والسنة وأن ما خالف الكتاب منها يجب طرحه ، وضربه على الجدار.

ومما يدل على أن اسم أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يذكر صريحا في القرآن حديث الغدير ، فإنه صريح في أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما نصب عليا بأمر الله ، وبعد أن ورد عليه التأكيد في ذلك ، وبعد أن وعده الله بالعصمة من الناس ، ولو كان اسم «علي» مذكورا في القرآن لم يحتج إلى ذلك النصب ، ولا إلى تهيئة ذلك الاجتماع الحافل بالمسلمين ، ولما خشي

__________________

(١) الكافي : ٢ / ٦٢٨ ، رقم الحديث : ٤.

(٢) الكافي : ١ / ٤١٧ ، رقم الحديث : ٢٦.

٢٣٠

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من إظهار ذلك ، ليحتاج إلى التأكيد في أمر التبليغ.

وعلى الجملة : فصحة حديث الغدير توجب الحكم بكذب هذه الروايات التي تقول : إن أسماء الأئمة مذكورة في القرآن ولا سيما أن حديث الغدير كان في حجة الوداع التي وقعت في أواخر حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونزول عامة القرآن ، وشيوعه بين المسلمين ، على أن الرواية الأخيرة المروية في الكافي مما لا يحتمل صدقه في نفسه ، فإن ذكر اسم علي عليه‌السلام في مقام إثبات النبوة والتحدي على الإتيان بمثل القرآن لا يناسب مقتضى الحال.

ويعارض جميع هذه الروايات صحيحة أبي بصير المروية في الكافي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تعالى : و (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) «٤ : ٥٩».

«قال : فقال نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم‌السلام فقلت له : إن الناس يقولون فما له لم يسمّ عليا وأهل بيته في كتاب الله. قال عليه‌السلام : فقولوا لهم إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ الله لهم ثلاثا ، ولا أربعا ، حتى كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو الذي فسّر لهم ذلك ...» (١).

فتكون هذه الصحيحة حاكمة على جميع تلك الروايات ، وموضحة للمراد منها ، وأن ذكر اسم أمير المؤمنين عليه‌السلام في تلك الروايات قد كان بعنوان التفسير ، أو بعنوان التنزيل ، مع عدم الأمر بالتبليغ. ويضاف إلى ذلك أن المتخلفين عن بيعة أبي بكر لم يحتجوا بذكر اسم على في القرآن ، ولو كان له ذكر في الكتاب لكان ذلك أبلغ في

__________________

(١) الكافي : ١ / ٢٨٦ ، باب ما نص الله ورسوله عليهم ، الحديث : ١.

٢٣١

الحجة ، ولا سيما أن جمع القرآن ـ بزعم المستدل ـ كان بعد تمامية أمر الخلافة بزمان غير يسير ، فهذا من الأدلة الواضحة على عدم ذكره في الآيات.

الطائفة الثالثة : هي الروايات التي دلت على وقوع التحريف في القرآن بالزيادة والنقصان ، وان الأمة بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غيّرت بعض الكلمات وجعلت مكانها كلمات أخرى.

فمنها : ما رواه علي بن إبراهيم القمي ، بإسناده عن حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام :

«صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين».

ومنها : ما عن العياشي ، عن هشام بن سالم. قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ) «٣ : ٣٣».

«قال : هو آل إبراهيم وآل محمد على العالمين ، فوضعوا اسما مكان اسم». (١) أي انهم غيروا فجعلوا مكان آل محمد آل عمران.

والجواب :

عن الاستدلال بهذه الطائفة ـ بعد الإغضاء عما في سندها من الضعف ـ أنها مخالفة للكتاب ، والسنة ، وإجماع المسلمين على عدم الزيادة في القرآن ولا حرفا واحدا حتى من القائلين بالتحريف. وقد ادّعى الإجماع جماعة كثيرون على عدم الزيادة في القرآن ، وأن مجموع ما بين الدفتين كله من القرآن. وممن ادعى الإجماع الشيخ المفيد ، والشيخ الطوسي ، والشيخ البهائي ، وغيرهم من الأعاظم قدس الله أسرارهم. وقد تقدمت رواية الاحتجاج الدالة على عدم الزيادة في القرآن.

الطائفة الرابعة : هي الروايات التي دلّت على التحريف في القرآن بالنقيصة فقط.

__________________

(١) تفسير العياشي : ١ / ١٦٨ ، رقم الحديث : ٣٠.

٢٣٢

والجواب عن الاستدلال بهذه الطائفة :

إنه لا بد من حملها على ما تقدم في معنى الزيادات في مصحف أمير المؤمنين عليه‌السلام وإن لم يمكن ذلك الحمل في جملة منها فلا بد من طرحها لأنها مخالفة للكتاب والسنة ، وقد ذكرنا لها في مجلس بحثنا توجيها آخر أعرضنا عن ذكره هنا حذرا من الإطالة ، ولعله أقرب المحامل ، ونشير اليه في محل آخر إن شاء الله تعالى.

على أن أكثر هذه الروايات بل كثيرها ضعيفة السند. وبعضها لا يحتمل صدقه في نفسه. وقد صرح جماعة من الأعلام بلزوم تأويل هذه الروايات أو لزوم طرحها.

وممن صرح بذلك المحقق الكلباسي حيث قال على ما حكي عنه : «إن الروايات الدالة على التحريف مخالفة لإجماع الأمة إلا من لا اعتداد به ... (وقال) إن نقصان الكتاب مما لا أصل له وإلا لاشتهر وتواتر ، نظرا إلى العادة في الحوادث العظيمة. وهذا منها بل أعظمها».

وعن المحقق البغدادي شارح الوافية التصريح بذلك ، ونقله عن المحقق الكركي الذي صنّف في ذلك رسالة مستقلة ، وذكر فيها : «إن ما دلّ من الروايات على النقيصة لا بد من تأويلها أو طرحها ، فإن الحديث إذا جاء على خلاف الدليل من الكتاب ، والسنة المتواترة والإجماع ، ولم يمكن تأويله ، ولا حمله على بعض الوجوه ، وجب طرحه».

أقول : أشار المحقق الكركي بكلامه هذا إلى ما أشرنا إليه ـ سابقا ـ من أن الروايات المتواترة قد دلّت على أن الروايات إذا خالفت القرآن لا بد من طرحها. فمن تلك الروايات :

ما رواه الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بسنده الصحيح عن الصادق عليه‌السلام :

٢٣٣

«الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، إن على كل حق حقيقة ، وعلى كل صواب نورا ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه ...» (١).

وما رواه الشيخ الجليل سعيد بن هبة الله «القطب الراوندي» بسنده الصحيح إلى الصادق عليه‌السلام :

«إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه ...» (٢).

وأما الشبهة الرابعة :

فيتلخص في كيفية جمع القرآن ، واستلزامها وقوع التحريف فيه. وقد انعقد البحث الآتي «فكرة عن جمع القرآن» لتصفية هذه الشبهة وتفنيدها.

__________________

(١) الوسائل : ٢٧ / ١١٩ ، باب ٩ ، رقم الحديث : ٣٣٣٦٨.

(٢) الوسائل : ٢٧ / ١١٨ ، باب ٩ ، رقم الحديث : ٣٣٣٦٢.

٢٣٤

فكرة عن جمع القرآن

٢٣٥

ـ كيفية جمع القرآن.

ـ عرض الروايات في جمع القرآن.

ـ تناقضها وتضاربها.

ـ معارضتها لما دلّ على أن القرآن جمع على عهد الرسول.

ـ معارضتها للكتاب وحكم العقل.

ـ مخالفتها لإجماع المسلمين على أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر.

ـ الاستدلال بهذه الروايات يستلزم التحريف بالزيادة المتسالم على بطلانه.

٢٣٦

ان موضوع جمع القرآن من الموضوعات التي يتذرع بها القائلون بالتحريف ، إلى إثبات ان في القرآن تحريفا وتغييرا. وان كيفية جمعه مستلزمة ـ في العادة ـ لوقوع هذا التحريف والتغيير فيه.

فكان من الضروري أن يعقد هذا البحث إكمالا لصيانة القرآن من التحريف وتنزيهه عن أيّ نقص أو أي تغيير.

إن مصدر هذه الشبهة هو زعمهم بأن جمع القرآن كان بأمر من أبي بكر بعد أن قتل سبعون رجلا من القراء في بئر معونة ، وأربعمائة نفر في حرب اليمامة فخيف ضياع القرآن وذهابه من الناس ، فتصدى عمر وزيد بن ثابت لجمع القرآن من العسب ، والرقاع ، واللخاف ، ومن صدور الناس بشرط أن يشهد شاهدان على أنه من القرآن ، وقد صرّح بجميع ذلك في عدة من الروايات ، والعادة تقضي بفوات شىء منه على المتصدي لذلك ، إذا كان غير معصوم ، كما هو مشاهد فيمن يتصدى لجمع شعر شاعر واحد أو أكثر ، إذا كان هذا الشعر متفرقا ، وهذا الحكم قطعي بمقتضى العادة ، ولا أقل من احتمال وقوع التحريف ، فإن من المحتمل عدم إمكان إقامة

٢٣٧

شاهدين على بعض ما سمع من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا يبقى وثوق بعدم النقيصة.

والجواب :

إن هذه الشبهة مبتنية على صحة الروايات الواردة في كيفية جمع القرآن والأولى أن نذكر هذه الروايات ثم نعقبها بما يرد عليها.

أحاديث جمع القرآن :

١ ـ روى زيد بن ثابت. قال :

«أرسل إليّ أبو بكر ، مقتل أهل يمامة ، فإذا عمر بن الخطاب عنده ، قال أبو بكر : إن عمر أتاني. فقال : إن القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقرّاء القرآن ، وإني أخشى أن يستحرّ القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن ، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر : كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله؟ قال عمر : هذا والله خير ، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد : قال أبو بكر : إنك رجل شاب عاقل لانتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتتبع القرآن فاجمعه فوالله لو كلفونى نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني من جمع القرآن قلت : كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : هو والله خير ، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري ، للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر ، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب ، واللخاف ، وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري ، لم أجدها مع أحد غيره :

(لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ

٢٣٨

رَؤُفٌ رَحِيمٌ ٩ : ١٢٨. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ : ١٢٩).

حتى خاتمة براءة فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ، ثم عند عمر حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر» (١).

٢ ـ وروى ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثه :

«ان حذيفة بن اليمان قدم على عثمان ، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق. فافزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان :

يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى ، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ، ثم نردها إليك ، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام ، فنسخوها في المصاحف ، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شىء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ، فإنما نزل بلسانهم ، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ردّ عثمان الصحف الى حفصة ، فأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق».

قال ابن شهاب : «وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت سمع زيد بن ثابت قال : فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف ، قد كنت أسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأ بها ، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري :

(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) «٣٣ : ٢٣».

__________________

(١) صحيح البخاري : ٦ / ٩٨ ، كتاب تفسير القرآن ، رقم الحديث : ٤٣١١.

٢٣٩

«فألحقناها في سورتها في المصحف» (١).

٣ ـ وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن علي. قال :

«أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر ، إن أبا بكر أول من جمع ما بين اللوحين».

٤ ـ وروى ابن شهاب. عن سالم بن عبد الله وخارجة :

«أن أبا بكر الصديق كان جمع القرآن في قراطيس ، وكان قد سأل زيد بن ثابت النظر في ذلك فأبى حتى استعان عليه بعمر ففعل ، فكانت الكتب عند أبي بكر حتى توفي ، ثم عند عمر حتى توفي ، ثم كانت عند حفصة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأرسل إليها عثمان فأبت أن تدفعها ، حتى عاهدها ليردّنها إليها فبعثت بها اليه ، فنسخ عثمان هذه المصاحف ثم ردها إليها فلم تزل عندها ...».

٥ ـ وروى هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال :

«لما قتل أهل اليمامة أمر أبو بكر عمر بن الخطاب ، وزيد بن ثابت. فقال : اجلسا على باب المسجد. فلا يأتينكما أحد بشيء من القرآن تنكرانه يشهد عليه رجلان إلّا اثبتماه ، وذلك لأنه قتل باليمامة ناس من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد جمعوا القرآن».

٦ ـ وروى محمد بن سيرين. قال : «قتل عمر ولم يجمع القرآن».

٧ ـ وروى الحسن :

__________________

(١) صحيح البخاري : ٦ / ٩٩ ، كتاب الجهاد والسير ، رقم الحديث : ٢٥٩٦. وهاتان الروايتان وما بعد هما الى الرواية الحادية والعشرين مذكورة في منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد : ٢ / ٤٣ ـ ٥٢.

٢٤٠