محمّد أمين نجف
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: ماهر
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5995-26-1
الصفحات: ٢٨٧
وعليه فعيد الغدير من الأعياد الإسلامية الكبرى ، لأنّه المتمّم لمفاهيم عيدي الفطر والأضحى ، إذ بعيد الفطر يتميّز الصائمون من غيرهم ، وبعيد الأضحى يتميّز الحجّاج ، ومن يعظّمون الحجّ عن غيرهم ، وبعيد الغدير يتميّز مَن يقدّس هذين العيدين بأبعادهما الإسلامية كاملة.
الغدير أحد الأدلّة على إمامة عليّ عليهالسلام
س : لقد ناقشت أحد إخواننا السنّة حول قضية الغدير ، والتي صرّح فيها الرسول صلىاللهعليهوآله بالولاية لعليّ عليهالسلام ، فأجابني : بأنّ الموقف كان بيان من الرسول ليوضّح منزلة عليّ عليهالسلام منه وحبّه ، والسبب الوحيد هو ليزيل ما في قلوب بعض الصحابة عليه ، ولو أراد خلافته فلم لم يصرّح بوضوح ، كأن يقول : يا أيّها الناس إنّ عليّاً إمامكم من بعدي ، وقد فرض الله طاعته عليكم.
الرجاء إعطائي جواباً شافياً مع الشكر الجزيل.
ج : قد صرّح رسول الله صلىاللهعليهوآله بإمامة أمير المؤمنين عليهالسلام من بعده في عدّة أحاديث ، من بداية الدعوة الإسلامية وإلى يوم الغدير ، ومن تلك الأحاديث :
١ ـ حديث الدار : عن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام «أنّه لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله صلىاللهعليهوآله وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ، دعاني رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقال لي : يا عليّ ... إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوه» (٢) ، فهل تجد أصرح من هذه العبارة؟
__________________
١ ـ الشعراء : ٢١٣.
٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٦٣ ، جامع البيان ١٩ / ١٤٩ ، شواهد التنزيل ١ / ٤٨٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٩.
٢ ـ حديث الولاية : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام : «أنت وليّ كُلّ مؤمن بعدي» (١) ، أو : «أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي ومؤمنة» (٢) ، أو : «أنت وليّي في كلّ مؤمن بعدي» (٣).
أليس هذا الحديث يدلّ على ثبوت الأولوية بالتصرّف لعليّ عليهالسلام؟ وهذه الأولوية مستلزمة للإمامة.
٣ ـ حديث الغدير : أخرج أحمد بن حنبل بسند صحيح وغيره عن زيد بن أرقم قال : نزلنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله بواد يُقال له : وادي خم ... قال صلىاللهعليهوآله : «فمن كنت مولاه فإنّ عليّاً مولاه ، اللّهمّ عادَ من عاداه ، ووال مَن والاه» (٤).
فأثبت رسول الله صلىاللهعليهوآله في هذا الحديث لعليّ عليهالسلام ما ثبت له من الأولوية بالناس من الناس ، أي من أنفسهم ، ثمّ إنّهم ـ أي الصحابة ـ جميعاً بايعوه على هذا ، وسلّموا عليه بإمرة المؤمنين ، وهنّؤوه ، ونظمت فيه الأشعار.
__________________
١ ـ ذخائر العقبى : ٨٧ ، مسند أبي داود : ٣٦٠ ، خصائص أمير المؤمنين : ٦٤ ، المعجم الكبير ١٢ / ٧٨ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٩٩ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٨١.
٢ ـ المستدرك ٣ / ١٣٤.
٣ ـ مسند أحمد ١ / ٣٣١ ، كتاب السنّة : ٥٥٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٠٢.
٤ ـ مسند أحمد ٤ / ٣٧٢ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٨٥.
المعاد
* مَن هم الولدان المخلّدون
* نوع الأكل يوم الحشر
مَن هم الولدان المخلّدون
س : مَن هم الولدان المخلّدون الذين ذكروا بالقرآن الكريم؟ وماذا يفعلون يوم القيامة؟
ج : قد وردت آيتان في القرآن الكريم فيها لفظ : وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُون ، كما في قوله تعالى : وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا (١) ، وقوله تعالى : يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ (٢).
والولدان جمع ولد وهو الغلام ، وطوافهم عليهم (على المؤمنين في الجنّة) كناية عن خدمتهم لهم ، والمخلّدون من الخلود ، بمعنى الدوام ؛ أي دائمون على ما هم عليه من الطراوة والبهاء ، وصباحة المنظر ، وباقون أبداً على هيئتهم من حداثة السنّ. وقيل : من الخَلَد بفتحتين وهو القرط ؛ والمراد أنّهم مقرطون بالخلد.
نوع الأكل يوم الحشر
س : نرجو الإجابة عن السؤال التالي :
__________________
١ ـ الإنسان : ١٩.
٢ ـ الواقعة : ١٧.
ورد في الروايات : إنّ الخلائق يوم الحشر يُبعثون عراة ، ينتظرون الحساب ـ وبفرض الانتظار أكثر من يوم ـ فعلى ماذا يتغذّون هناك؟ وإذا قلنا بالأكل هناك ، كيف يكون توابع الأكل من التخلّي وغيره؟ نسأل الله أن تشملنا وإيّاكم شفاعة محمّد وآل محمّد.
ج : سأل زرارة الإمام الباقر عليهالسلام عن قول الله عزّ وجلّ : يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ (١) قال : «تُبدّل خبزة نقية يأكل منها الناس حتّى يفرغوا من الحساب» (٢) ، ويمكن أن يكون ذلك الطعام على نحوٍ لا يحوجهم إلى توابع الأكل ـ من التخلّي وغيره ـ على نحو ما نشاهده في الجنين في بطن أُمّه ، وورد ذلك في أهل الجنّة أيضاً.
__________________
١ ـ إبراهيم : ٤٨.
٢ ـ الكافي ٦ / ٢٨٦.
الملائكة عليهمالسلام
* نور الملائكة عليهمالسلام وسجودهم
* موت الملائكة عليهمالسلام
نور الملائكة عليهمالسلام وسجودهم
س : أرجو التفضّل بالإجابة على التساؤل التالي : هل إذا اجتمعت الملائكة يصبح نورهم مساوياً لنور الله عزّ وجلّ؟ وهل سجد جميع الملائكة لآدم عليهالسلام؟ أم جزء منهم؟ مع الشكر الجزيل.
ج : إنّ نور الله تعالى نور أزلي غير مخلوق لا نعرف كنهه ، بينما نور الملائكة نور حادث مخلوق ، وعليه لا يمكن أن نقيس نور من الأنوار بنور الله تعالى ، هذا أوّلاً.
وثانياً : قد سجد جميع الملائكة لآدم عليهالسلام إلّا إبليس ، وذلك لصريح الآية : فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إلّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ (١) ، فكلمة كُلُّهُمْ وأَجْمَعُونَ تدلاّن على سجود كلّ الملائكة إلّا ما استثنته الآية ، وهو إبليس لعنة الله عليه.
موت الملائكة عليهمالسلام
س : انشغلت لأيّام بسؤال حول الملائكة ، ولكنّني لم أجد الجواب عليه ، أرجو منكم إرشادنا للجواب الصحيح.
سؤالنا هو : هل الملائكة تموت؟ وإن كانت لا تموت فما معنى الآية كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا
__________________
١ ـ ص : ٧٢ ـ ٧٣.
فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالْإِكْرَامِ (١) ، وهناك مَن يقول : بأنّ الله يُميت ويُفني كلّ ما خلق ، لكي يبرهن قدرته على فناء كلّ شيء ، أرجو الإجابة مع جزيل الشكر.
ج : قد روى الشيخ الحرّ العاملي بإسناده عن أبي المغرا قال : «حدّثني يعقوب الأحمر قال : دخلنا على أبي عبد الله عليهالسلام نعزّيه بإسماعيل ، فترحّم عليه ثمّ قال : إنّ الله عزّ وجلّ نعى إلى نبيه صلىاللهعليهوآله نفسه ، فقال : إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ، وقال : كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ ، ثمّ أنشأ يُحدّث فقال :إنّه يموت أهل الأرض حتّى لا يبقى أحد ، ثمّ يموت أهل السماء حتّى لا يبقى أحد ، إلّا ملك الموت ، وحملة العرش ، وجبرائيل ، وميكائيل.
قال : فيجيء ملك الموت حتّى يقوم بين يدي الله عزّ وجلّ ، فيقول له : مَن بقى؟ ـ وهو أعلم ـ فيقول : يا ربّ لم يبق إلّا ملك الموت ، وحملة العرش وجبرائيل وميكائيل ، فيقال له : قل لجبرائيل وميكائيل فليموتا ، فتقول الملائكة عند ذلك : يا ربّ رسوليك وأمينيك! فيقول : إنّي قد قضيت على كلّ نفس فيها الروح الموت.
ثمّ يجيء ملك الموت حتّى يقف بين يدي الله عزّ وجلّ ، فيقال له : مَن بقى؟ ـ وهو أعلم ـ فيقول : يا ربّ لم يبق إلّا ملك الموت ، وحملة العرش ، فيقول : قل لحملة العرش فليموتوا ، قال : ثمّ يجيء مكتئباً حزيناً لا يرفع رأسه ، فيقول : مَن بقي؟ فيقول : يا ربّ لم يبق إلّا ملك الموت ، فيُقال له : مت يا ملك الموت ، ثمّ يأخذ الأرض بيمينه والسماوات بيمينه ـ أي بقدرته ـ ويقول : أين الذين كانوا يدّعون معي شريكاً؟ أين الذين كانوا يجعلون معي إلهاً آخر؟» (٢).
إذاً ، بموجب هذه الرواية والروايات الأُخرى الواردة في ذيل قوله تعالى : كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ (٣) أنّ الملائكة أيضاً تموت.
__________________
١ ـ الرحمن : ٢٦ ـ ٢٧.
٢ ـ الفصول المهمّة ١ / ٢٩٧.
٣ ـ آل عمران : ١٥٨.
أسئلة وأجوبة حول المعصومين
الأربعة عشر عليهمالسلام
النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآله
* معرفة النبيّ صلىاللهعليهوآله
* ابنة النبيّ صلىاللهعليهوآله الوحيدة فاطمة عليهاالسلام
* هل للنبيّ صلىاللهعليهوآله إخوة؟
* أسباب ونتائج هجرة النبيّ صلىاللهعليهوآله
معرفة النبيّ صلىاللهعليهوآله
س : ما هي الحقيقة المحمّدية؟ وفّقتم لكلّ خير.
ج : اعلم إنّ الإنسان العادي عاجز عن معرفة حقيقته ، فكيف به أن يعرف حقيقة غيره ، ولا سيّما حقيقة سيّد الرسل صلىاللهعليهوآله ، وقد روي : «يا علي ما عرف الله حقّ معرفته غيري وغيرك ، وما عرفك حقّ معرفتك غير الله وغيري» (١).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «يا علي ما عرف الله إلّا أنا وأنت ، ولا عرفني إلّا الله وأنت ، ولا عرفك إلّا الله وأنا» (٢) ، فكيف يمكن أن نعرف الحقيقة المحمّدية؟
ابنته النبيّ صلىاللهعليهوآله الوحيدة فاطمة عليهاالسلام
س : هل صحيح أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله لم يكن لديه من البنات إلّا السيّدة فاطمة
__________________
١ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٦٠.
٢ ـ مختصر بصائر الدرجات : ١٢٥.
الزهراء عليهاالسلام؟ وأنّ باقي البنات هنّ ربيباته ، وبنات السيّدة خديجة عليهاالسلام؟
ج : أقوال في عدد بنات رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والقول الحقّ هو ما عليه شيعة أهل البيت عليهمالسلام تبعاً لأئمّتهم عليهمالسلام ، وأهل البيت أدرى بما فيه.
قول : لم يكن لرسول الله صلىاللهعليهوآله بنتاً غير فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، وأمّا رقية وزينب فهما إمّا ابنتا هالة أُخت خديجة ، حيث تكفّلهما رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد وفاة هالة وهما طفلتان (١) ، وإمّا أنّهما بنات خديجة عليهاالسلام ولكن ليستا من رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وقول آخر : أنّ رقية وزينب هما ابنتا رسول الله صلىاللهعليهوآله أيضاً.
هل للنبيّ صلىاللهعليهوآله إخوة؟
س : هل للرسول صلىاللهعليهوآله إخوة؟ وما أسماؤهم؟ أتمنّى أن تكون الإجابة سريعة ، والله يعطيكم العافية.
ج : ليس لرسول الله صلىاللهعليهوآله إخوة من النسب.
نعم ، ورد في حديث المؤاخاة الذي رواه جماعة من أعلام السنّة في أنّ علي بن أبي طالب عليهالسلام أخو رسول الله صلىاللهعليهوآله ، بل نفسه كما ورد في آية المباهلة (٢).
أسباب ونتائج هجرة النبيّ صلىاللهعليهوآله
س : الهجرة النبوية ، أسبابها ونتائجها؟
ج : إنّ السبب الرئيسي لهجرة نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله من مكّة إلى المدينة هو إفشال المؤامرة التي حاكتها قريش لقتله صلىاللهعليهوآله ، وبالتالي إنهاء دعوته إلى الدين الإسلامي.
__________________
١ ـ اُنظر : الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم ٢ / ١٢١.
٢ ـ آل عمران : ٦١.
فقد أخبر الله تعالى نبيّه بهذه المؤامرة عن طريق الوحي ، ونزل قوله تعالى : وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (١).
فأمر صلىاللهعليهوآله أمير المؤمنين عليّاً عليهالسلام بالمبيت على فراشه ، بعد أن أخبره بمكر قريش ، ثمّ خرج النبيّ صلىاللهعليهوآله في الليل ، وهو يقرأ هذه الآية : وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ (٢).
وأمّا من نتائج هذه الهجرة المباركة هو : تأسيس الدولة الإسلامية الكبرى ، ومن ثمّ سهولة دعوة الناس إلى الإسلام ، وأيضاً القيام بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ، وزرع روح المحبّة والإيمان والأُخوّة الإسلامية بين المسلمين.
__________________
١ ـ الأنفال : ٣٠.
٢ ـ ياسين : ٩.
الإمام عليّ عليهالسلام
* أسماء الإمام عليهالسلام وألقابه
* تكنية الإمام عليهالسلام بأبي تراب
* معنى الأنزع البطين
* منزلة الإمام عليهالسلام عند الله ورسوله
* معنى حبّ الإمام عليهالسلام حسنة لا تضرّ معها سيئة
* صكّ البراءة بيد الإمام عليهالسلام من مصادر سنّية
* عدم محاربة الإمام عليهالسلام الشيخينِ
* قتال الإمام عليهالسلام لعمرو بن عبد ودّ في الخندق
* قتال الإمام عليهالسلام للناكثين والقاسطين والمارقين
أسماء الإمام عليهالسلام وألقابه
س : ما هي أسماء الإمام عليّ عليهالسلام؟
ج : هي : عليّ وحيدر سُمّي بهما قبل الإسلام ، وبعده سُمّي بالمرتضى ، ويعسوب المؤمنين ، والأنزع البطين ، وأبي تراب ، وغيرها من الأسماء.
وللمزيد من التفصيل حول أسمائه عليهالسلام راجع كتاب بحار الأنوار(٢).
وحول تسميته عليهالسلام بحيدر ، قال العلاّمة المجلسي قدسسره : وكان اسمه الأوّل الذي سمّته به أُمّه حيدرة باسم أبيها أسد بن هاشم ، والحيدرة : الأسد ، فغيّر أبوه اسمه ،
__________________
١ ـ بحار الأنوار ٣٥ / ٤٥.
وسمّاه عليّاً.
وقيل : إنّ حيدرة اسم كانت قريش تسمّيه به ، والقول الأوّل أصحّ ، يدلّ عليه خبره ، يوم برز إليه مرحب ، وارتجز عليه فقال : أنا الذي سمّتني أُمّي مرحباً ، فأجابه عليهالسلام : «أنا الذي سمّتني أُمّي حيدرة» (١).
وحول تسميته بالمرتضى قال : وفي خبر : «إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله سمّاه المرتضى ، لأنّ جبرائيل عليهالسلام هبط إليه فقال : يا محمّد ، إنّ الله تعالى قد ارتضى عليّاً لفاطمة ، وارتضى فاطمة لعلي» (٢).
وقال ابن عبّاس : «كان عليّاً عليهالسلام يتّبع في جميع أمره مرضاة الله ورسوله ، فلذلك سمّي المرتضى».
وحول تسميته بيعسوب الدين ، جاء في تاريخ البلاذري أنّه قال أبو سخيلة : «مررت أنا وسلمان بالربذة على أبي ذر فقال : إنّه سيكون فتنة فإن أدركتموها فعليكم بكتاب الله ، وعليّ بن أبي طالب ، فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : عليّ أوّل مَن آمن بي ، وأوّل مَن يُصافحني يوم القيامة ، وهو يعسوب المؤمنين» (٣).
وقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : «يا علي ، أنت يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظالمين».
وحول تسميته بالأنزع البطين قال : «عن الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا علي ، إنّ الله قد غفر لك ولأهلك ، ولشيعتك ومحبّي شيعتك ، ومحبّي محبّي شيعتك ، فأبشر فإنّك الأنزع البطين ، منزوع من الشرك ، بطين من العلم» (٤).
__________________
١ ـ الإرشاد ١ / ١٢٧ ، شرح صحيح مسلم ١٢ / ١٨٥ ، فتح الباري ٧ / ٣٦٧ و ١٣ / ٣١٤ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٤٤.
٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٢ / ٣٠٤.
٣ ـ الأمالي للطوسي : ١٤٨ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٢ ، أُسد الغابة ٥ / ٢٨٧ ، الإصابة ٧ / ٢٩٤.
٤ ـ عيون أخبار الرضا ١ / ٥٢.
وحول تسميته بأبي تراب قال : البخاري ومسلم والطبري وابن البيع وأبو نعيم وابن مردويه : «إنّه قال بعض الأمراء لسهل بن سعد : سبّ عليّاً ، فأبى ، فقال : أمّا إذا أبيت فقل : لعن الله أبا تراب ، فقال : والله إنّه إنّما سمّاه رسول الله بذلك ، وهو أحبّ الأسماء إليه».
تكنية الإمام عليهالسلام بأبي تراب
س : لماذا كنّي الإمام عليّ عليهالسلام بـأبي تراب؟
ج : إنّ للإمام أمير المؤمنين عليهالسلام عدّة ألقاب وكنى ، قد كنّاه بها رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ومن تلك الكنى «أبي تراب».
عن عباية بن ربعي قال : قلت لعبد الله ابن عباس : لِمَ كنّى رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّاً أبا تراب؟
قال : لأنَّه صاحب الأرض ، وحجّة الله على أهلها بعده ، وبه بقاؤها ، وإليه سكونها ، وقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : «إذا كان يوم القيامة ، ورأى الكافر ما أعدّ الله تبارك وتعالى لشيعة عليّ من الثواب والزلفى والكرامة ، يقول : يا ليتني كنت ترابيّاً ـ أي يا ليتني كنت من شيعة عليّ ـ وذلك قول الله عزّ وجلّ : ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً (١).
وقال العلاّمة المجلسي قدسسره : «يمكن أن يكون ذكر الآية لبيان وجه آخر لتسميته عليهالسلام بأبي تراب ؛ لأنَّ شيعته لكثرة تذلّلهم له وانقيادهم لأوامره سمّوا تراباً ، كما في الآية
__________________
١ ـ علل الشرائع ١ / ١٥٦.
الكريمة ، ولكونه عليهالسلام صاحبهم وقائدهم ، ومالك أُمورهم سمّي أبا تراب ... ، أو لأنّه وصف به على جهة المدح لا على ما يزعمه النواصب لعنهم الله حيث كانوا يصفونه عليهالسلام به استخفافاً ، فالمراد في الآية : يا ليتني كنت أبا ترابياً» (١).
معنى الأنزع البطين
س : هل صحيح أنّ أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام كان أصلعاً وبديناً ، كما يُروى في الكتب؟ قرأت هذا في وصفه بعدّة كتب من كتبنا ، ولكن لم يستوعب عقلي ذلك.
أرجو منكم الإفادة ، سائلاً المولى تعالى أن يوفّقكم لما فيه مصلحة دين الله الحقّ ، وهو مذهب أهل البيت عليهمالسلام.
ج : من ألقاب الإمام عليّ عليهالسلام المعروفة : الأنزع البطين.
وقد فسّر البعض هذه الكنية على ظاهره اللغوي ، ولكنّ التفسير الصحيح لها : إنّ الأنزع كناية عن امتناع الشرك فيه ، والبطين كناية عن كثرة العلم والإيمان واليقين ، لا ضخامة البطن ، والدليل على ذلك روايات كثيرة ، وردت في كتب الفريقين في هذا المجال.
منها : قوله صلىاللهعليهوآله : «يا علي ، إنّ الله قد غفر لك ولذرّيتك ، ولشيعتك والمحبّي شيعتك ، والمحبّي محبّي شيعتك ، فابشر فإنّك الأنزع البطين ، منزوع من الشرك ، مبطون من العلم» (٢).
وهذا التفسير ينسجم مع زهد الإمام عليهالسلام وأقواله ، حيث قال : «ولكن هيهات أن يغلبني هواي ، ويقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة ـ ولعلّ بالحجاز أو باليمامة مَن لا طمع
__________________
١ ـ بحار الأنوار ٣٥ / ٥١.
٢ ـ عيون أخبار الرضا ١ / ٥٢ ، مسند زيد بن علي : ٤٥٦.
له في القرص ، ولا عهد له بالشبع ـ أو أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثى ، وأكباد حرّى ، أو أكون كما قال القائل :
وحسبك عاراً أن تبيت ببطنة |
|
وحولك أكباد تحنّ إلى القدّ |
أأقنع من نفسي بأن يقال : هذا أمير المؤمنين ، ولا أشاركهم في مكاره الدهر؟ أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش؟ فما خُلقت ليشغلني أكل الطيّبات ، كالبهيمة المربوطة همّها علفها ، أو المرسلة ، شغلها تقمّمها ، تكترش من أعلافها ، عمّا يُراد بها ، أو أُترك سدى ...» (١).
منزلة الإمام عليهالسلام عند الله ورسوله
س : ما هي منزلة الصحابي عليّ عندكم؟ وهل هي بمنزلة أي صحابي آخر؟ أم أنّ له منزلة أُخرى؟ فإن كان الجواب بنعم ، فنريد أن نعرف السبب؟
ج : نحن نعتقد أنّ منزلة الصحابي عليّ بن أبي طالب عليهالسلام عند الله تعالى وعند رسوله صلىاللهعليهوآله تختلف عن منزلة بقية الصحابة ، وذلك :
أوّلاً : إنّه خليفة النبيّ صلىاللهعليهوآله بالنصّ ، بخلاف الآخرين ، كما جاء في حديث الدار ـ «إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا» (٢) ـ وأحاديث أُخرى كثيرة.
وثانياً : إنّ منزلته من النبيّ صلىاللهعليهوآله كمنزلة هارون من موسى ، كما رأينا في حديث
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة ١٦ / ٢٨٧.
٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٦٢ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢١١ ، جامع البيان ١٩ / ١٤٩ ، شواهد التنزيل ١ / ٤٨٦ ، تفسير القرآن العظيم ٣ / ٣٦٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٩ ، السيرة النبوية لابن كثير ١ / ٤٥٩.
المنزلة.
وثالثاً : إنّه عليهالسلام وليّ كلّ مؤمن ومؤمنة بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، كما رأينا في حديث الغدير وغيره.
ورابعاً : إنّه عليهالسلام معصوم كالنبيّ صلىاللهعليهوآله ، كما رأينا في آية التطهير ، وحديث الثقلين ، و....
معنى حبّ الإمام عليهالسلام حسنة لا تضرّ معها سيئة
س : يقال في الإمام عليّ عليهالسلام : إنّ حبّه حسنة لا تضرّ معها سيئة.
ما هو المقصود بذلك؟ هل يعني أنّه يكفي محبّة الإمام عليهالسلام بدون صلاة؟ وهذا من المنظور السطحي ، أم محبّة الإمام مقرونة بالأعمال الحسنة ، وليست السيئة؟
ج : لقد استفاضت الأخبار عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «حبّ عليّ حسنة لا تضرّ معها سيئة ، وبغضه سيئة لا ينفع معها حسنة» (١).
وهناك عدّة تأويلات ذكرت لهذا الخبر :
منها : عن الشهيد الثاني قدسسره : «حمله على المحبّة الحقيقيّة الكاملة ، وهي تُوجب عدم ملابسة شيء من الذنوب البتّة ، لأنّ المحبّ الحقيقيّ يؤثّر رضا المحبوب كيف كان.
ولا شكّ أنّ رضا عليّ عليهالسلام في ترك المحرّمات والقيام بالواجبات ، فمحبّة عليّ الحقيقيّة تؤثّر لأجل ذلك ، فلا يفعل ما يوجب النار فيدخل الجنّة ، ومَن خالف هوى محبوبه فمحبّته معلولة» (٢).
ومنها : عن عليّ بن يونس العاملي قدسسره : «إنّ مَن أحبّ عليّاً لا يخرج من الدنيا إلّا
__________________
١ ـ ينابيع المودّة ٢ / ٧٥ و ٢٩٢ ، فردوس الأخبار : ٣٤٧.
٢ ـ رسالة في العدالة : ٢٢٧.
بتوبة تكفّر سيئاته ، فتكون ولايته خاتمة عمله ، ومَن لم يُوفّق للتوبة ابتُلي بغمٍّ في نفسه ، أو حزنٍ في ماله ، أو تعسيرٍ في خروج روحه ، حتّى يخرج من الدنيا ولا ذنب له يؤاخذ به» (١).
ومنها : عن الشيخ المفيد قدسسره : «إنّ الله تعالى آلا على نفسه أن لا يطعم النار لحم رجل أحبّ عليّاً عليهالسلام ، وإن ارتكب الذنوب الموبقات ، وأراد الله أن يعذّبه عليها ، كان ذلك في البرزخ ، وهو القبر ومدّته ، حتّى إذا ورد القيامة وردها وهو سالم من عذاب الله ، فصارت ذنوبه لا تضرّه ضرراً يدخله النار» (٢).
ومنها : عن بعض الأعاظم ، نقله الشيخ الماحوزي : «إنّ محبّة عليّ عليهالسلام توجب الإيمان الخاصّ ، والتشيّع بقول مطلق ، وحينئذٍ لا يضرّ معه سيئة ، لأنّ العصيان في غير الأُصول الخمسة لا يوجب الخلود في النار ، بل المفهوم من أخبارنا الواردة عن أئمّتنا عليهمالسلام : إنّ ذنوب الشيعة الإمامية مغفورة» (٣).
ومنها : عن ابن جبر قدسسره : «لمّا كان حبّه هو الإيمان بالله تعالى وبغضه هو الكفر ، استحقّ محبّه الثواب الدائم ، ومبغضه العذاب الدائم ، فإن قارن هذه المحبّة سيئة استحقّ بها عقاباً منقطعاً ، ومع ذلك يُرجى له عفو من الله تعالى ، أو شفاعة من الرسول صلىاللهعليهوآله ، وكلّ شيء قلّ ضرره بإضافته إلى ما كثر ضرره ، جاز أن يُقال : إنّه غير ضارّ ، كما يُقال : لا ضرر على مَن يحبّ نفسه في مهلكة ، وإن تلف ماله.
فحبّه عليهالسلام يصحّح العقيدة ، وصحّة العقيدة تمنع من الخلود ، فلا تضرّ سيئته كلّ الضرر ، وبغضه يفسدها ، وفسادها يوجب الخلود ، ويحبط كلّ حسنة» (٤).
__________________
١ ـ الصراط المستقيم ١ / ١٩٩.
٢ ـ الأربعين : ١٠٥ عن الإرشاد.
٣ ـ الأربعين : ١٠٥.
٤ ـ نهج الإيمان : ٤٤٩.
ومنها : عن الشيخ الطريحي : «الظاهر أنّ المراد بالحبّ الحبّ الكامل المضاف إليه سائر الأعمال ؛ لأنّه هو الإيمان الكامل حقيقة ، وأمّا ما عداه فمجاز ، وإذا كان حبّه إيماناً وبغضه كفراً ، فلا يضرّ مع الإيمان الكامل سيئة ، بل تُغفر إكراماً لعليّ عليهالسلام ، ولا تنفع مع عدمه حسنة إذ لا حسنة مع عدم الإيمان» (١).
هذه بعض التأويلات وبها نكتفي.
صكّ البراءة بيد الإمام عليهالسلام من مصادر سنّية
س : هل هذه الرواية موجودة في كتب أهل السنّة؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «إذا جمع الله الأوّلين والآخرين يوم القيامة ونصب الصراط على جسر جهنّم ، ما جازها أحد حتّى كانت معه براءة بولاية عليّ بن أبي طالب».
أُريد ذكر تمام المصادر ، أو أكثرها ، وشكراً.
ج : قد ذُكرت هذه الرواية في عدّة مصادر لأهل السنّة ، وبألفاظٍ مختلفة ، منها مثلاً : الرياض النضرة للطبري (٢) ، الصواعق المحرقة لابن حجر (٣) ، وغيرهما من المصادر (٤).
هذا ، وقد روى هذا الحديث كلاً من الإمام عليّ عليهالسلام ، وأنس ، وأبي بكر ، وأبي سعيد الخدري ، وابن عباس ، وعبد الله بن مسعود.
__________________
١ ـ مجمع البحرين ١ / ٤٤٢.
٢ ـ الرياض النضرة ٣ /١١٨.
٣ ـ الصواعق المحرقة ٢ / ٣٦٩.
٤ ـ اُنظر : مناقب الإمام علي : ١٤٠ و ١٤٧ و ٢١٨ ، تاريخ بغداد ٣ / ٣٨٠ و ١٠ / ٣٥٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٤ / ٢٥٤.
عدم محاربة الإمام عليهالسلام الشيخينِ
س : على الرغم من قوّة الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، لماذا لم يحارب الشيخينِ عندما سلبوا منه الولاية وهجموا على داره ، وكسروا ضلع الزهراء عليهاالسلام؟
ج : شخّص الإمام عليّ عليهالسلام تقدير الظروف آنذاك أنّها لا تحتمل الحرب ، وأنّ الخوض في الحرب مع المخالفين له يؤدّي إلى ضياع الإسلام وهلاك الفريقين ، أو فسح المجال لأعداء الدين ليقضوا على الإسلام ، لهذا غضّ الإمام عليهالسلام عليهم طرفه لحفظ أصل الإسلام.
والمسألة لم تكن مسألة نزاع شخصي ، أو دفاع عن حقّ شخصي ، بقدر ما كانت مسألة موازنة ما هو الأصلح للإسلام والرسالة ، والإمام رأى الأصلح للرسالة هو أن يغضّ عنهم ولا يدخل الحرب ، والقوم كانوا يحاولون استدراجه إلى الحرب ، ولكنّ الإمام عليهالسلام ما أراد أن يعطيهم مبرّراً للحرب فيقال : إنّ عليّاً هو الذي بدأ بالحرب ، بل الأمر على العكس من ذلك حيث إنّ الإمام لزم الصمت وآثر القعود آنذاك عن القتال ؛ من أجل حفظ بيضة الإسلام ، وهذا ما قد صرّح به بقوله عليهالسلام : «والله لأُسالمنّ ما سلمت أُمور المسلمين ، ولم يكن فيها جور ، إلّا عليّ خاصّة» (١).
هذا بالإضافة إلى الوصيّة التي كان ملزماً بها من قبل الرسول صلىاللهعليهوآله.
قتال الإمام عليهالسلام لعمرو بن عبد ود في الخندق
س : لقد سمعت عن قصّة الإمام عليّ عليهالسلام في معركة الخندق بعد أن خرج إلى المسلمين أحد كبار أبطال الشرك ، فتهيّب المسلمون عن مبارزته ، فبرز إليه الإمام
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ١٦٦.