أسئلة وأجوبة عقائديّة

محمّد أمين نجف

أسئلة وأجوبة عقائديّة

المؤلف:

محمّد أمين نجف


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: ماهر
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5995-26-1
الصفحات: ٢٨٧

وبالله التوفيق ، وصلّى الله على نبيّنا محمّد وآله وصحبه وسلم» (١).

هذا هو الدليل على تكفير الشيعة هو الفتاوى الصادرة من اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية ، وفيهم ابن باز.

__________________

١ ـ فتاوى اللجنة الدائمة ٢ / ٣٧٦.

٢٢١

الصحابة

* تطبيق قاعدة الجرح على الصحابة

* ليس كلّ الصحابة عدول

* مَن التزم بالوصيّة ممدوح

* حديث لا تسبّوا أصحابي

تطبيق قاعدة الجرح على الصحابة

س : الذي اعرفه ويعرفه الكثيرون أنّ أُصول مذهبكم يقوم على سبّ الصحابة.

ج : إنّ مقتضى الإنسانية أن يكون الإنسان ذا إنصاف في الحكم على مَن يعتقد غير عقيدته ، وأن يتفحّص أوّلاً ويقرأ كتب علماء المتخاصمين ثمّ يحكم ، لا أن يتكلّم بجهل وعدم دراية ، فنوصيك بمطالعة كتب الشيعة أوّلاً ، ثمّ تحكيم العقل.

فالشيعة تحترم صحابة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وتعظّمهم ، ولكن تجري قواعد الجرح والتعديل عليهم ، فالصحابة غير معصومين باتّفاق جميع المسلمين ، فأيّ عقل يقبل أن تكون مجرّد رؤية الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ حيث يكون بها الإنسان صحابياً ـ ترفع قانون البحث عن الرجل وأفعاله؟

فالشيعة تجري قواعد الجرح والتعديل عليهم ، فمَن بقي على الدين بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ومات على الملّة ولم يغيّر ولم يبدّل فالشيعة تعظّمه ، ومَن لا فلا.

ليس كلّ الصحابة عدول

س : ما هو دليلكم بعدم عدالة الصحابة؟

٢٢٢

ج : إنّ سؤالك يعطي انطباعاً عن الشيعة أنّهم لا يعترفون بعدالة الصحابة على الإطلاق ، وهذا غير صحيح ، ومجانب للواقع ، فليس الأمر كما تتصوّرين ، أو يتصوّره البعض ، فالشيعة يقولون في حقّ الصحابة ما يلي :

إنّ الله تعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحقّ ، وشرّع له شريعة ليبلّغها إلى المسلمين ، فقال : يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ (١) ، فمَن التزم بهذه الشريعة ـ بكلّ أبعادها من الأوامر والنواهي ـ فهو مسلم بحقّ ، ويجب على جميع المسلمين احترامه وتقديره والترحّم عليه.

ثمّ من ضيّع هذه الأوامر أو بعضها ، فإن كان عن جهلٍ وقصور فهو معذور ، وإن كان عن عمدٍ وعنادٍ واستخفافٍ بأوامر الله ورسوله ، فهو وإن لم يخرج عن الإسلام ـ إذا بقي ملتزماً بالشهادتين ـ لكن يُعتبر خارجاً عن طاعة الله ورسوله ، وموجباً للحكم عليه بالفسق ، وهذا أمر نعتقد أنكِ توافقين عليه.

وهنا نقول : إنّ من ضمن الأوامر التي أمرنا الله ورسوله باتّباعها والالتزام بها هي قوله تعالى : قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إلّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى (٢).

فمودّة أهل بيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من الواجبات على كلّ مسلم بنصّ القرآن الكريم والسنّة القطعية ، والتارك لها مخالف لأمر الله تعالى ، كما أنّ التارك لغيرها من الواجبات ـ كالصلاة والصوم وغيرهما ـ يعتبر فاسقاً عند المسلمين كافّة.

وعلى كُلّ حال ، فالإشكال في أنّ جميع الصحابة عدول والبحث في الكلّية ، لأنّ الصحابي مَن رأى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يوجد دليل صحيح صريح يقول بعدالة كلّ هؤلاء ، بل نجري قواعد الجرح والتعديل عليهم.

__________________

١ ـ المائدة : ٦٧.

٢ ـ الشورى : ٢٣.

٢٢٣

مَن التزم بالوصية ممدوح

س : يرجى تزويدي بأسماء جميع معاصرين النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من الصحابة ، مع ذكر الموالي منهم لأهل البيت والمعادي لهم؟ دون الحاجة لذكر الموقف الذي حصل له.

مع خالص شكري وتقديري لجهودكم المبذولة في خدمة الدين والمسلمين.

ج : فكما روى علماء المذاهب الإسلامية : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً» ، قاله صلى‌الله‌عليه‌وآله في عدّة مواطن ، آخرها قبيل وفاته ، ويعتبر هذا الحديث وصيّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أُمّته.

وكذا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في يوم غدير خم : «مَن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه» (١) ، فجمع المسلمين ، وأخذ منهم البيعة لعليّ عليه‌السلام.

فالصحابة الذين عملوا بوصيّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والتزموا بالبيعة التي أخذها منهم لعليّ عليه‌السلام يوم غدير خم ، فهؤلاء هم الصحابة الذين استقاموا على الطريق السوي.

نعم ، ربما كان بعض الصحابة ، ولظروف قاسية لم يلتزموا بوصيّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فترة ، ثمّ عادوا إلى الحقّ ، فهؤلاء أيضاً من الممدوحين.

وما ورد على لسان الروايات بالارتداد بالنسبة إلى الصحابة الذين لم يلتزموا بوصيّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو ارتداد عن الولاية والإمامة لا ارتداد عن الإسلام.

وكُلّ متفحّص في كتب الحديث والسير والتاريخ سيشخّص الصالح من الصحابة من الطالح.

حديث لا تسبّوا أصحابي

س : قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا تسبّوا أصحابي ، فإنّ أحدكم لو أنفق مثل أُحد ذهباً ما

__________________

١ ـ الدرّ المنثور ٢ / ٢٩٣.

٢٢٤

بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» (١) ، ما صحّة هذا الحديث؟ ومَن هو الذي رواه من الصحابة؟

ج : روى هذا الحديث أبو هريرة ، وأبو سعيد الخدري ، وآخرون.

وعلى فرض صحّة الحديث ، فليس المقصود هو أنّه لا تسبّوا كلّ الصحابة ، حتّى ولو كان منافقاً ، أو فاسقاً ، أو مرتدّاً ، أو ... بل المقصود : لا تسبّوا الصحابة الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات ، وأطاعوا الله ورسوله ، ويُؤيّد هذا قوله تعالى : وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم ـ أي من الصحابة ـ مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (٢) ، وأمّا غير المؤمنين من الصحابة لا يغفر لهم.

إذاً فمجرّد اسم الصحابي لا ينفع ، بل لابدّ أن يكون مؤمناً ، وعاملاً للصالحات ، ومطيعاً لله ورسوله.

__________________

١ ـ مسند أحمد ٣ / ١١ و٦٤ و٦ / ٦ ، صحيح البخاري ٤ / ١٩٥ ، سنن أبي داود ٢ / ٤٠٤ ، السنن الكبرى للبيهقي ١٠ / ٢٠٩.

٢ ـ الفتح : ٢٩.

٢٢٥

صلاة التراويح

* صلاة التراويح ومبتدعها

* موقف الإمام عليّ عليه‌السلام منها

صلاة التراويح ومبتدعها

س : لماذا لا نصلّي التراويح مثل أهل السنّة؟

ج : نعلمك بأنّ صلاة التراويح في الواقع هي صلاة الألف ركعة النافلة في شهر رمضان ، وورد في فضل هذه الصلاة فضل كثير ، ولكنّ عمر بن الخطّاب أضاف إلى هذه النافلة «الجماعة» ، أي أنّها تُصلّى جماعة لا فرادى.

وكما هو المعلوم : أنّ العبادات توقيفية ، أي أنّها تُؤدّى كما ذكرها الشارع ، والإضافة على ما جاء به الشارع يكون بدعة ، ولهذا لمّا أضاف عمر الجماعة إلى النافلة قال : «نعمت البدعة».

موقف الإمام عليّ عليه‌السلام منها

س : لماذا لم ينه الإمام عليّ عليه‌السلام عن صلاة التراويح على الرغم من أنّه عليه‌السلام لم تأخذه بالحقّ لومة لائم؟ وكان أوّل فعله عند استلامه للخلافة أن عزل الولاة الظالمين ، ومنهم الملعون معاوية بن أبي سفيان ، فلِمَ لم ينه عن هذه الصلاة؟

ج : لمّا ولي الإمام عليّ عليه‌السلام أُمور المسلمين ، وجد صعوبة كبيرة في إرجاع الناس إلى السنّة النبوية الشريفة ، وحظيرة القرآن الكريم ، وحاول جهده أن يزيل البدع التي

٢٢٦

أُدخلت في الدين ، ومنها صلاة التراويح ، ولكن بعضهم صاح : وا عمراه.

روى ذلك ابن أبي الحديد في شرح النهج ، حيث قال : «وقد روي أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام لمّا اجتمعوا إليه بالكوفة ، فسألوه أن ينصب لهم إماماً يُصلّي بهم نافلة شهر رمضان ، زجرهم وعرّفهم أنّ ذلك خلاف السنّة فتركوه ، واجتمعوا لأنفسهم وقدّموا بعضهم ، فبعث إليهم ابنه الحسن عليه‌السلام ، فدخل عليهم المسجد ومعه الدرّة ، فلمّا رأوه تبادروا الأبواب ، وصاحوا : وا عمراه» (١).

وقال الإمام عليّ عليه‌السلام : «قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّدين لخلافه ، ناقضين لعهده ، مغيّرين لسنّته ، ولو حملت الناس على تركها ... إذاً لتفرّقوا عنّي ، والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلّا في فريضة ، وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممّن يقاتل معي : يا أهل الإسلام غُيّرت سنّة عمر! ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعاً ، ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري ...» (٢).

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٢ / ٢٨٣.

٢ ـ الكافي ٨ / ٥٩.

٢٢٧

الصلاة عند القبور

* حكم الصلاة عند القبور

* الأدلّة على جواز الصلاة عند القبور

حكم الصلاة عند القبور

س : هل تجوز الصلاة عند القبور؟ وشكراً.

ج : قد جرت السيرة المطّردة من صدر الإسلام ـ منذ عصر الصحابة الأوّلين ، والتابعين لهم بإحسان ـ على زيارة قبورٍ ضمّنت في كنفها نبيّاً مرسلاً ، أو إماماً طاهراً ، أو وليّاً صالحاً ، أو عظيماً من عظماء الدين ، وفي مقدّمها قبر النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وكانت الصلاة لديها ، والدعاء عندها ، والتقرّب إلى الله ، وابتغاء الزلفة لديه بإتيان تلك المشاهد ، من المتسالم عليه بين فرق المسلمين ، من دون أيّ نكير من آحادهم ، وأيّ غميزة من أحدٍ منهم على اختلاف مذاهبهم ، حتّى ولد ابن تيمية الحرّاني ، فأنكر تلكم السنّة الجارية ، وخالف هاتيك السيرة المتبعة. فإذاً دليل جواز الصلاة عند القبور سيرة المسلمين.

وأمّا حديث ابن عبّاس : «لعن رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله زائرات القبور ، والمتّخذين عليها المساجد والسُرُج» (١) ، فالظاهر والمتبادر من اتّخاذ المسجد على القبر هو السجود على نفس القبر ، وهذا غير الصلاة عند القبر ، هذا لو حملنا المساجد على المعنى اللغوي.

وأمّا لو حملناها على المعنى الاصطلاحي ، فالمذموم اتّخاذ المسجد عند القبور ، لا مجرّد

__________________

١ ـ مسند أحمد ١ / ٢٢٩ ، سنن أبي داود ٢ / ٨٧ ، الجامع الكبير ١ / ٢٠١ ، سنن النسائي ٤ / ٩٥.

٢٢٨

إيقاع الصلاة ، كما هو المتعارف بين المسلمين ، فإنّهم لا يتّخذون المساجد على المراقد ، فإنّ اتّخاذ المسجد ينافي الغرض في إعداد ما حول القبر إعانة للزوّار على الجلوس لتلاوة القرآن وذِكر الله والدعاء والاستغفار ، بل يُصلُّون عندها ، كما يأتون بسائر العبادات هنالك.

الأدلّة على جواز الصلاة عند القبور

س : ما هو ردّكم على كلام ابن تيمية حيث قال : لم يقل أحد من أئمّة السلف أنّ الصلاة عند القبور وفي مشاهد القبور مستحبّة أو فيها فضيلة ، ولا أنّ الصلاة هناك والدعاء أفضل من الصلاة في غير تلك البقعة والدعاء ، بل اتفقوا كلّهم على أنّ الصلاة في المساجد والبيوت أفضل من الصلاة عند القبور (١).

ج : إنّ ما دلّ على جواز الصلاة والدعاء في كُلّ مكان ، يدلّ بإطلاقه على جواز الصلاة ، والدعاء عند قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وقبور سائر الأنبياء والصالحين أيضاً ، ولا يشكّ في الجواز مَن له أدنى إلمام بالكتاب والسنّة ، وإنّما الكلام هو في رجحانها عند قبورهم.

فنقول في هذا المجال : إنّ إقامة الصلاة عند تلك القبور لأجل التبرّك بمَن دُفن فيها ، وهذه الأمكنة مشرّفة بهم ، وقد تحقّق شرف المكان بالمكين ، وليست الصلاة ـ في الحقيقة ـ إلّا لله تعالى لا للقبر ولا لصاحبه ، كما أنّ الصلاة في المسجد هي لله أيضاً ، وإنّما تُكتسب الفضيلة بإقامتها هنا لشرف المكان ، لا أنّها عبادة للمسجد.

فالمسلمون يصلّون عند قبور مَن تشرّفت بمَن دُفن فيها لتنالهم بركة أصحابها الذين جعلهم الله مباركين ، كما يصلّون عند المقام الذي هو حجر شرف بملامسة قدمي إبراهيم الخليل عليه‌السلام لها.

__________________

١ ـ رسالة القبور ١ / ٢٨.

٢٢٩

قال الله تعالى : وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ... (١) ، فليس لاتخاذ المصلّى عند ذلك المقام الشريف سبب إلّا التبرّك بقيام إبراهيم عليه‌السلام عليه ، وهم يدعون الله عند القبور لشرفها بمَن دُفن فيها ، فيكون دعاؤهم عندها أرجى للإجابة وأقرب للاستجابة ، كالدعاء في المسجد أو الكعبة أو أحد الأمكنة ، أو الأزمنة التي شرّفها الله تعالى.

والحاصل : أنّه يكفي في جواز الصلاة الاطلاقات والعمومات الدالّة على أنّ الأرض جُعلت لأُمّة محمّد مسجداً وطهوراً.

وأمّا الرجحان فللتبرّك بالمكان المدفون فيه النبيّ أو الوليّ ذي الجاه عند الله ، كالتبرّك بمقام إبراهيم ، أفلا يكون المكان الذي بورك بضمّه لجسد النبيّ الطاهر مباركاً ، مستحقّاً لأن تستحبّ عنده الصلاة وتندب عبادة الله فيه.

والعجب أنّ ابن القيّم جاء في كتابه «زاد المعاد» بما يخالف عقيدته ، وعقيدة أُستاذه ابن تيمية إذ قال : «وأنّ عاقبة صبر هاجر وابنها على البعد والوحدة والغربة والتسليم إلى ذبح الولد ، آلت إلى ما آلت إليه ، من جعل آثارهما ومواطئ أقدامهما مناسك لعبادة المؤمنين ، ومتعبّدات لهم إلى يوم القيامة ، وهذه سنّته تعالى فيمَن يريد رفعه من خلقه» (٢).

فإذا كانت آثار إسماعيل وهاجر لأجل ما مسّها من الأذى مستحقّة لجعلهما مناسك ومتعبّدات ، فآثار تكون آثار أفضل المرسلين الذي قال : «ما أُوذي نبيّ قطّ كما أُوذيت» تستحقّ أن يُعبد الله فيها؟ وتكون عبادة الله عندها والتبرّك بها شركاً وكفراً؟ كيف وقد كانت عائشة ساكنة في الحجرة التي دُفن فيها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبقيت ساكنة فيها بعد دفنه ودفن صاحبيه ، وكانت تُصلّي فيها ، وهل كان عملها هذا عبادة لصاحب القبر يا ترى؟!

__________________

١ ـ البقرة : ١٢٥.

٢ ـ زاد المعاد ١ / ٧٥.

٢٣٠

العصمة

* عصمة الأنبياء عليهم‌السلام عند الإمامية

* الأدلّة على عصمة الأنبياء عليهم‌السلام

* عصمة الأئمّة عليهم‌السلام في القرآن

* عصمة الأئمّة عليهم‌السلام من السنّة

* وجوب عصمة الملائكة عليهم‌السلام

عصمة الأنبياء عليهم‌السلام عند الإمامية

س : نذهب نحن الشيعة إلى عصمة الأنبياء والرسل عليهم‌السلام فإذا سلّمنا بذلك ، فما هو تفسير خروج أبينا آدم وأُمّنا حوّاء من الجنّة؟

وما هو تفسير بقاء نبي الله يونس في بطن الحوت مدّة من الزمن ، وكذلك قصّة نبي الله موسى ، ألا ينافي ذلك عصمة الأنبياء؟ أودّ معرفة الإجابة بمزيد من التفصيل.

ج : يشير الشيخ المفيد قدس‌سره إلى رأي الإمامية حول عصمة الأنبياء عليهم‌السلام بقوله : «إنّ جميع أنبياء الله عليهم‌السلام معصومون من الكبائر قبل النبوّة وبعدها ، وما يستخفّ فاعله من الصغائر كُلّها ، وأمّا ما كان من صغير لا يستخفّ فاعله فجائز وقوعه منهم قبل النبوّة وعلى غير تعمّد ، وممتنع منهم بعدها على كلّ حال ، وهذا مذهب جمهور الإمامية ، والمعتزلة بأسرها تخالف فيه» (١).

وعلى هذا ، يمكن توجيه خروج أبينا آدم عليه‌السلام وأُمّنا حوّاء من الجنّة ، بأنّ الخروج من

__________________

١ ـ أوائل المقالات : ٦٢.

٢٣١

الجنّة ليس عقاباً على معصيتهما وهما منزّهان منها ؛ لأنّ سلب اللذّات والمنافع ليس بعقوبة ، وإنّما العقوبة هي الضرب والألم الواقعان على سبيل الاستخفاف والإهانة ، وكيف يكون من تعبّدنا الله فيه بنهاية التعظيم والتبجيل ، مستحقّاً منّا ومنه تعالى الاستخفاف والإهانة؟

فإن قيل : فما وجه الخروج إن لم يكن عقوبة؟

قلنا : لا يمتنع أن يكون الله تعالى علم أنّ المصلحة تقتضي بقاء آدم عليه‌السلام في الجنّة وتكليفه فيها متى لم يتناول من الشجرة ، فمتى تناول منها تغيّرت الحال في المصلحة ، وصار إخراجه عنها وتكليفه في دار غيرها هو المصلحة.

وإنّما وصف إبليس بأنّه مخرج لهما من الجنّة فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ (١) من حيث وسوس إليهما ، وزيّن عندهما الفعل الذي يكون عند الإخراج.

ثمّ لا يخفى أنّ المعصية هي مخالفة الأمر ، والأمر من الحكيم تعالى قد يكون بالواجب والمندوب معاً ، فلا يمتنع على هذا أن يكون آدم عليه‌السلام مندوباً إلى ترك التناول من الشجرة ، ويكون بمواقعتها تاركاً نفلاً وفضلاً وغير فاعل قبيحاً ، وليس يمتنع أن يُسمّى تارك النفل عاصياً ، كما يُسمّى بذلك تارك الواجب.

وفي هذا المجال نذكر هذه الرواية الشريفة : روى الشيخ الصدوق قدس‌سره : «لمّا جمع المأمون لعليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام أهل المقالات من أهل الإسلام ، والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وسائر أهل المقالات ، فلم يقم أحد إلّا وقد ألزمه حجّته كأنّه قد ألقم حجراً ، قام إليه عليّ بن محمّد بن الجهم ، فقال له : يا بن رسول الله ، أتقول بعصمة الأنبياء؟ قال : بلى ، قال : فما تعمل في قول الله عزّ وجلّ : وَعَصَى

__________________

١ ـ البقرة : ٣٦.

٢٣٢

آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١) ، وقوله عزّ وجلّ : وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ (٢) ....

فقال مولانا الرضا عليه‌السلام : «ويحك ـ يا علي ـ اتّق الله ، ولا تنسب إلى أنبياء الله الفواحش ، ولا تتأوّل كتاب الله برأيك ، فإنّ الله تعالى يقول : وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ (٣).

أمّا قوله عزّ وجلّ في آدم عليه‌السلام : وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى فإنّ الله عزّ وجلّ خلق آدم حجّة في أرضه ، وخليفة في بلاده ، لم يخلقه للجنّة ، وكانت المعصية من آدم في الجنّة لا في الأرض ، تتمّ مقادير أمر الله عزّ وجلّ ، فلمّا أُهبط إلى الأرض ، وجُعل حجّة وخليفة عُصِمَ بقوله تعالى : إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٤).

وأمّا قوله تعالى : وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ إنّما ظنّ أنّ الله عزّ وجلّ لا يضيق عليه رزقه ، ألا تسمع قول الله عزّ وجلّ : وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ (٥) أي ضيّق عليه ، ولو ظنّ أنّ الله تبارك وتعالى لا يقدر عليه لكان قد كفر» (٦).

وأمّا يونس عليه‌السلام إنّما بقي في بطن الحوت إلى مدّة من الزمن ، لا لمعصية صدرت منه ، ولا لذنب ارتكبه والعياذ بالله ، وإنّما لكونه خرج من قومه ـ وهو معرضاً عنهم ،

__________________

١ ـ طه : ١١٩.

٢ ـ الأنبياء : ٨٧.

٣ ـ آل عمران : ٧.

٤ ـ آل عمران : ٣٣.

٥ ـ الفجر : ١٦.

٦ ـ الأمالي للصدوق : ١٥٠.

٢٣٣

ومغضباً عليهم ، بعد أن دعاهم إلى الله تعالى فلم يجيبوه إلّا بالتكذيب والردّ ـ ولم يعد إليهم ظانّاً أنّ الله تعالى لا يضيّق عليه رزقه ، أو ظانّاً أن لن يُبتلى بما صنع حتّى وصل إلى البحر وركب السفينة ، فعرض لهم حوت فلم يجدوا بدّاً من أن يلقوا إليه واحداً منهم يبتلعه ، وتنجو السفينة بذلك ، فقارعوا فيما بينهم ، فأصابت يونس عليه‌السلام فألقوه في البحر ، فابتلعه الحوت ونجت السفينة.

ثمّ إنّ الله سبحانه وتعالى حفظه حيّاً في الحوت مدّة من الزمن ، ويونس عليه‌السلام يعلم أنّها بلية ابتلاه الله بها ، مؤاخذة بما فعل من عدم رجوعه إلى قومه ، بعد أن آمنوا وتابوا ، فأخذ ينادي في بطن الحوت : أن لاَّ إِلَهَ إلّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (١) ـ قيل أي لنفسي بالمبادرة إلى المهاجرة ـ فاستجاب الله له ونجّاه من الحوت.

وأمّا قتل موسى عليه‌السلام للقبطي ، فلم يكن عن عمد ولم يرده ، وإنّما اجتاز فاستغاث به رجل من شيعته على رجل من عدوّه بغى عليه وظلمه وقصد إلى قتله ، فأراد موسى عليه‌السلام أن يخلّصه من يده ، ويدفع عنه مكروهه ، فأدّى ذلك إلى القتل من غير قصد إليه ، وكلّ ألم يقع على سبيل المدافعة للظالم من غير أن يكون مقصوداً فهو حسن غير قبيح ، ولا يستحقّ عليه العوض به ، ولا فرق بين أن تكون المدافعة من الإنسان عن نفسه ، وبين أن يكون عن غيره في هذا الباب ، والشرط في الأمرين أن يكون الضرر غير مقصود ، وأنّ القصد كلّه إلى دفع المكروه ، والمنع من وقوع الضرر ، فإن أدّى ذلك إلى ضرر فهو غير قبيح.

الأدلّة على عصمة الأنبياء عليهم‌السلام

س : إنّي من القائلين بعصمة الأنبياء ، وأطلب منكم شاكراً معرفة أدلّة عصمة

__________________

١ ـ الأنبياء : ٨٧.

٢٣٤

الأنبياء ، وعلاقتها مع الآية التالية : فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ له إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١).

ج : إنّ الأدلّة على عصمة الأنبياء عليهم‌السلام كثيرة ، فقد ذكر العلاّمة الحلّي ثلاثة منها في «كشف المراد» (٢) ، وأضاف إليها القوشجي دليلين آخرين في «شرح التجريد» (٣) ، وذكر الإيجي تسعة أدلّة في «المواقف» (٤).

ونقتصر في هذا المجال على ذكر دليلين ، هما :

١ ـ الوثوق فرع العصمة.

إنّ التبليغ يعمّ القول والفعل ، فكما في أقوال النبيّ تبليغ فكذلك في أفعاله ، فالرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله معصوم عن المعصية وغيرها ؛ لأنّ فيها تبليغاً لما يناقض الدين ، وهو معصوم من ذلك.

ولا يفتقر ذلك على زمن البعثة فقط ، وإنّما يشمل ما قبلها أيضاً لأنّه لو كانت سيرة النبيّ غير سليمة قبل البعثة ، فلا يحصل الوثوق الكامل به ، وإن صار إنساناً مثاليّاً.

إذاً ، فتحقّق الغرض الكامل من البعثة ، رهن عصمته في جميع فترات عمره.

٢ ـ التربية رهن عمل المربّي.

إنّ الهدف العام الذي بُعث الأنبياء لأجله ، هو تزكية الناس وتربيتهم ، ومعلوم أنّ فاقد الشيء لا يعطيه ، فلذا لا بدّ من التطابق بين مرحلتي القول والعمل ، وهذا الأصل التربوي يجرّنا إلى القول بأنّ التربية الكاملة المتوخّاة من بعثة الأنبياء ، لا تحصل إلّا بمطابقة أعمالهم لأقوالهم ، فإنّ لسوابق الأشخاص وصحائف أعمالهم الماضية تأثيراً في

__________________

١ ـ القصص : ١٥ ـ ١٦.

٢ ـ كشف المراد : ٤٧١.

٣ ـ شرح تجريد العقائد : ٣٥٨.

٤ ـ المواقف : ٣٥٩.

٢٣٥

قبول الناس كلامهم وإرشاداتهم.

أمّا ما ذكرته بالنسبة للآية المباركة من سورة القصص ، فإنّ الأصل في الأنبياء العصمة ، والأدلّة من القرآن والسنّة والعقل صريحة بالعصمة ، وكلّ ما ورد بحيث يكون ظاهره منافٍ للعصمة ، فلا بدّ من البحث عن التأويل له وفهم معناه.

فقد روى الشيخ الصدوق قدس‌سره بسنده عن عليّ بن محمّد بن الجهم قال : «حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليّ بن موسى عليهما ‌السلام ، فقال له المأمون : يا ابن رسول الله ، أليس من قولك : الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ....

قال : ... فأخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ.

قال الرضا عليه‌السلام : «إنّ موسى عليه‌السلام دخل مدينةً من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها ، وذلك بين المغرب والعشاء ، فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوّه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوّه ، فقضى موسى على العدوّ ، وبحكم الله تعالى ذكره فَوَكَزَهُ فمات ، قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ، يعني الاقتتال الذي وقع بين الرجلين ، لا ما فعله موسى عليه‌السلام من قتله ، إنه ـ يعني الشيطان ـ عدوّ مضلّ مبين.

فقال المأمون : فما معنى قول موسى : رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي؟

قال : يقول : إنّي وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة ، فَاغْفِرْ لِي ؛ أي استرني من أعدائك لئلّا يظفروا بي فيقتلوني ، فغفر له إنّه هو الغفور الرحيم.

قال موسى : ربّ بما أنعمت عليَّ من القوّة حتّى قتلت رجلاً بوكزه ، فلن أكون ظهيراً للمجرمين ، بل أجاهد سبيلك بهذه القوّة حتّى ترضى ...» (١).

__________________

١ ـ عيون أخبار الرضا ٢ / ١٧٤.

٢٣٦

عصمة الأئمّة عليهم‌السلام في القرآن

س : ما الأدلّة على عصمة أهل البيت عليهم‌السلام من القرآن الكريم؟

ج : من الأدلّة على عصمتهم عليهم‌السلام من القرآن الكريم كثيرة ، نذكر أهمّها :

١ ـ قوله تعالى : إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (١).

هذه الآية نزلت في أصحاب الكساء وهم : رسول الله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، وعلى هذا تواترت روايات كثيرة من السنّة والشيعة ، وإذا أردت الوقوف على ما ندّعيه ، فعليك بمراجعة كتاب «البرهان في تفسير القرآن» (٢).

وممّن ذكر نزول هذه الآية المباركة في أهل البيت عليهم‌السلام من أهل السنّة : الطبري ، الحاكم الحسكاني ، ابن كثير ، ابن حجر ، السيوطي ، الحاكم النيسابوري ، ابن عساكر ، وغيرهم من علماء السنّة (٣).

وهذه الآية صريحة في عصمة أصحاب الكساء ، بدليل إذهاب الرجس عنهم ، والتطهير لهم على الإطلاق.

٢ ـ قوله تعالى : فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (٤).

__________________

١ ـ الأحزاب : ٣٣.

٢ ـ البرهان في تفسير القرآن ٣ / ٢٠٩.

٣ ـ جامع البيان ٢٢ / ٩ ، شواهد التنزيل ٢ / ٣٧ ، تفسير القرآن العظيم ٣ / ٤٩٢ ، الصواعق المحرقة ٢ / ٤٢١ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٩٨ ، المستدرك على الصحيحين ٢ / ٤١٦ ، تاريخ مدينة دمشق ١٣ / ٢٠٥.

٤ ـ آل عمران : ٦١.

٢٣٧

وهذه الآية الشريفة نزلت في حقّ النبيّ وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام كما ذكر ذلك علماء الفريقين (١).

حيث جعلت عليّاً عليه‌السلام نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والرسول معصوم بالاتّفاق ، إذاً عليّ عليه‌السلام كذلك.

٣ ـ قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ... (٢).

المراد من أُولي الأمر في الآية الشريفة هم الأئمّة الاثنا عشر من آل محمّد عليهم‌السلام ، للروايات الكثيرة المروية عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ، والمذكورة في عدّة كتب منها : كتاب «البرهان في تفسير القرآن» (٣).

وهذه الآية دلّت على عصمة أُولي الأمر ، بدليل أنّ طاعتهم مقرونة بطاعة الله تعالى ، وطاعة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والطاعة لا تكون إلّا لذوي العصمة والطهارة.

وأمّا الآيات الأُخرى الدالّة على عصمتهم كثيرة (٤) ، وللوقوف على الحقيقة والواقع ، راجع كتاب «عمدة النظر» للسيّد هاشم البحراني ، وكتب التفسير الشيعية.

__________________

١ ـ المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٥٠ ، أحكام القرآن للجصّاص ٢ / ١٨ ، أُسد الغابة ٤ / ٢٦ ، تحفة الأحوذي ٨ / ٢٧٨ ، نظم درر السمطين : ١٠٨ ، أسباب نزول الآيات : ٦٨ ، شواهد التنزيل ١ / ١٥٩ و١٨١ و٢ / ٣٤ ، الجامع لأحكام القرآن ٤ / ١٠٤ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٣٧٩ ، الإصابة ٤ / ٤٦٨ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧٦.

٢ ـ النساء : ٥٩.

٣ ـ البرهان في تفسير القرآن ١ / ٣٨١.

٤ ـ منها : التوبة : ١١٩ ، المائدة : ٥٥ ، الرعد : ٤٣ ، النساء : ٤١ ، الحجّ : ٧٧ ـ ٧٨ ، النحل : ٤٣ ، الأنبياء : ٧٣ ، السجدة : ٢٤ ، النور : ٥٥.

٢٣٨

عصمة الأئمّة عليهم‌السلام من السنّة

س : ما الأدلّة على عصمة أهل البيت عليهم‌السلام من كتب أهل السنّة ، الذين يقولون بعدم عصمتهم؟

ج : إنّ إثبات عصمة الأئمّة عليهم‌السلام تتوقّف على التسليم بقضية إمامتهم عليهم‌السلام ، يعني بعد التسليم والإيمان بإمامة الأئمة الاثني عشر ، عند ذلك يمكن إثبات عصمتهم ، وذلك من خلال الكتاب والسنّة المتمثّلة بأقوال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو أقوالهم عليهم‌السلام ، حيث أثبتوا لهم العصمة ، وأقوالهم هذه موجودة في كتبنا الشيعية بكثير ، ولكنّها لم تثبت في كتب أهل السنّة ، وهذا شيء طبيعي أن لا تُذكر أدلّة عصمتهم عليهم‌السلام في كتب مَن لا يُؤمن بعصمتهم.

نعم ، يمكن إثبات عصمتهم عليهم‌السلام من أقوال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله الثابتة والمدوّنة في كتب أهل السنّة ، منها :

١ ـ حديث الثقلين ، فقد ورد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متواتراً قوله : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً» ، رواه وأخرجه أكثر من (١٨٠) عالماً سنّياً (١).

__________________

١ ـ اُنظر : فضائل الصحابة : ١٥ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٢٨ ، تحفة الأحوذي ١٠ / ١٩٦ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤١٨ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٥ و١٣٠ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩٣ ، المعجم الصغير ١ / ١٣٥ ، المعجم الأوسط ٤ / ٣٣ و٥ / ٨٩ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٦ و٥ / ١٥٤ و١٦٦ و١٧٠ و١٨٢ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ١٣٣ ، نظم درر السمطين : ٢٣٢ ، كنز العمّال ١ / ١٧٢ و١٨٦ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٢ ، المحصول ٤ / ١٧٠ ، الإحكام للآمدي ١ / ٢٤٦ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٩٤ ، علل الدارقطني ٦ / ٢٣٦ ، أنساب الأشراف : ١١١ و٤٣٩ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ ، السيرة النبوية لابن كثير ٤ / ٤١٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٦ و١٢ / ٢٣٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٤ و٩٥ و٩٩ و١٠٥ و١١٢ و١١٩ و١٢٣ و١٣٢ و٣٤٥ و٣٤٩

٢٣٩

دلّ هذا الحديث على عصمة أهل البيت عليهم‌السلام ؛ لأنّهم عدل القرآن ، وبما أنّ القرآن محفوظ من الزلل ومعصوم من الخطأ ؛ لأنّه من عند الله تعالى ، فكذلك ما قُرن به ، وهم عترة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإلّا لما صحّت المقارنة.

٢ ـ حديث السفينة ، فقد ورد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : «مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح ، مَن ركبها نجى ، ومَن تخلّف عنها غرق وهوى» (١) ، فدلّ هذا الحديث على عصمة الأئمّة عليهم‌السلام ؛ لأنّ النجاة والخلاص من الوقوع في الضلالة والانحراف يتوقّف على كون المنجي معصوماً من الخطأ والزلل ، وإلّا لم يحصل منه النجاة الحتمي.

نكتفي بهذين الحديثين للاختصار ، وعليكم بمراجعة كتاب «عمدة النظر» للبحراني ، حيث ذكر (٤٥) حديثاً على عصمتهم عليهم‌السلام ، كما ذكر اثنا عشر دليلاً عقلياً على عصمتهم عليهم‌السلام كذلك.

وجوب عصمة الملائكة عليهم‌السلام

س : هل عصمة الملائكة اختيارية كعصمة الأنبياء؟ وهل مسألة ترك الأولى ممكنة

__________________

و٢ / ٤٣٢ و٤٣٨ و٣ / ٦٥ و١٤١ و٢٩٤ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ١ / ٢١١ و٣ / ١٧٧ ، لسان العرب ٤ / ٥٣٨ و١١ / ٨٨ ، تاج العروس ٧ / ٢٤٥.

١ ـ المستدرك ٢ / ٣٤٣ و٣ / ١٥١ ، المعجم الصغير ١ / ١٣٩ و٢ / ٢٢ ، المعجم الأوسط ٥ / ٣٥٥ و٦ / ٨٥ ، المعجم الكبير ٣ / ٤٥ و١٢ / ٢٧ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٦٨ ، الجامع الصغير ١ / ٣٧٣ ، كنز العمّال ١٢ / ٩٤ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٦١ ، ذخائر العقبى : ٢٠ ، مسند الشهاب ٢ / ٢٧٣ و٢٧٥ ، فيض القدير ٢ / ٦٥٨ ، الدرّ المنثور ٣ / ٣٣٤ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٣ ، علل الدارقطني ٦ / ٢٣٦ ، تهذيب الكمال ٢٨ / ٤١١ ، سبل الهدى والرشاد ١٠ / ٤٩٠ ، ينابيع المودّة ١ / ٩٣ و٢ / ١٠١ و١١٨ و٢٦٩ و٣٢٧ ، نزل الأبرار : ٦ ، نظم درر السمطين : ٢٣٥ ، لسان العرب ٣ / ٢٠ ، تاج العروس ٢ / ٢٥٩ ، الصواعق المحرقة ٢ / ٤٤٥.

٢٤٠