أسئلة وأجوبة عقائديّة

محمّد أمين نجف

أسئلة وأجوبة عقائديّة

المؤلف:

محمّد أمين نجف


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: ماهر
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5995-26-1
الصفحات: ٢٨٧

في «ينابيع المودّة» (١) ، إسماعيل بن علي أبو الفداء (ت ٧٣٢ هـ) (٢) ، محمّد الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) (٣) ، خليل الصفدي (ت ٧٦٤ هـ) (٤) ، عبد الله بن عليّ اليافعي (ت ٧٦٨ هـ) (٥) ، ابن الصبّاغ المالكي (ت ٨٥٥ هـ) (٦) ، محمّد بن طولون الحنفي (ت ٩٥٣ هـ) (٧) ، حسين الديار بكري القاضي (ت ٩٦٦ هـ) (٨) ، عبد الوهّاب الشعراني الشافعي (ت ٩٧٣ هـ) (٩) ، أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي (ت ٩٧٤ هـ) (١٠) ، ابن عماد الدمشقي الحنبلي (ت ١٠٨٩ هـ) (١١) ، محمّد بن علي الصبّان الشافعي (ت ١٢٠٦هـ) (١٢).

نسب الإمام المهدي عليه‌السلام وعلاقته بالخضر

س : مَن هو المهدي المنتظر؟ هل سيُولد من جديد؟ أو هو مولود وموجود في الأرض ، لكن لا يعرفه أحد؟ وهل هو معصوم؟ وما هي علاقته بالخضر الذي تشبه قصّته بالمهدي المنتظر؟ وشكراً لكم.

ج : إنّ المهدي المنتظر عليه‌السلام هو الإمام محمّد بن الحسن العسكري بن عليّ الهادي بن

__________________

١ ـ ينابيع المودّة ٣ / ٣٥٢.

٢ ـ المختصر في أخبار البشر ١ / ٣٦١.

٣ ـ العبر في خبر مَن غبر ١ / ٣٧٣.

٤ ـ الوافي بالوفيات ٢ / ٢٤٩.

٥ ـ مرآة الجنان ٢ / ١٢٧.

٦ ـ الفصول المهمّة : ٢٩٢.

٧ ـ الأئمّة الاثنا عشر : ١١٧.

٨ ـ تاريخ الخميس ٢ /٣٤٣.

٩ ـ ينابيع المودّة ٣ / ٣٤٥.

١٠ ـ الصواعق المحرقة ٢ / ٦٠١.

١١ ـ شذرات الذهب ٢ / ٢٩٠.

١٢ ـ إسعاف الراغبين : ١٣٣.

١٤١

محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ السجّاد بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام.

ولد عليه‌السلام يوم الخامس عشر من شهر شعبان ٢٥٥ هـ في مدينة سامرّاء ، ثمّ لأسباب خاصّة غاب عليه‌السلام عن الأنظار إلى أن يأذن له المولى تعالى بالظهور ؛ ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما مُلئت ظلماً وجوراً.

وهو عليه‌السلام معصوم عن الخطأ والمعصية و... كما دلّت عليه أدلّة عصمة الأئمّة عليهم‌السلام.

وأمّا علاقته عليه‌السلام بالخضر عليه‌السلام ، فقد ورد في بعض الروايات عن الإمام الرضا عليه‌السلام ما نصّه : «وسيُؤنس الله به ـ أي بالخضر ـ وحشة قائمنا في غيبته ، ويصل به وحدته» (١).

ماذا يجب أن نفعله في الغَيبة

س : ما واجبنا اتجاه الإمام المهدي المنتظر وهو في غيبته؟ وما يجب علينا فعله؟

ج : من الأعمال المفروض بنا أن نعملها في زمن الغيبة ، هي :

١ ـ انتظار فرجه عليه‌السلام وظهوره ، فقد ورد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : «أفضل أعمال أُمّتي انتظار الفرج» (٢).

٢ ـ الدعاء له عليه‌السلام بتعجيل فرجه ، فقد ورد من الناحية المقدّسة على يد محمّد بن عثمان في آخر توقيعاته عليه‌السلام : «وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج ، فإنّ ذلك فرجكم» (٣).

٣ ـ معرفة صفاته عليه‌السلام ، وآدابه ، والمحتومات من علائم ظهوره.

__________________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٣٩١.

٢ ـ الإمامة والتبصرة : ١٦٣ ، تحف العقول : ٣٧ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٥٢٧ ، مجمع الزوائد ١٠ / ١٤٧ ، ينابيع المودّة ٣ / ٣٩٧ ، الجامع الكبير ٥ / ٢٢٥.

٣ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٤٨٥ ، الغيبة للطوسي : ٢٩٣ ، الاحتجاج ٢ / ٢٨٤.

١٤٢

٤. مراعاة الأدب عند ذكره عليه‌السلام ، بأن لا يذكره إلّا بألقابه الشريفة : كالحجّة والقائم ، والمهدي ، وصاحب الزمان ، وصاحب الأمر ، وغيرها ، وترك التصريح باسمه الشريف ، وهو اسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتكملة ذكره عليه‌السلام بقول : «عليه‌السلام» ، أو «عجّل الله تعالى فرجه» ، والقيام عند ذكر لقبه «القائم».

٥ ـ إظهار محبّته عليه‌السلام وتحبيبه إلى الناس.

٦ ـ إظهار الشوق إلى لقائه عليه‌السلام ورؤيته ، والبكاء والإبكاء والتباكي والحزن على فراقه.

٧ ـ الدعاء والطلب من الله تعالى أن نكون من جنوده وأنصاره وأتباعه ، ومن المقاتلين بين يديه ، وأن يرزقنا الشهادة في دولته.

٨ ـ التصدّق عنه عليه‌السلام بقصد سلامته.

٩ ـ إقامة مجالس يُذكر فيها فضائله عليه‌السلام ومناقبه ، أو بذل المال في إقامتها ، والحضور في هكذا مجالس ، والسعي في ذكر فضائله ونشرها.

١٠ ـ إنشاء الشعر وإنشاده في مدحه عليه‌السلام ، أو بذل المال في ذلك.

١١ ـ إهداء ثواب الأعمال العبادية المستحبّة له عليه‌السلام ، كالحجّ والطواف عنه عليه‌السلام ، والصوم والصلاة ، وزيارة مشاهد المعصومين عليهم‌السلام ، أو بذل المال لنائب ينوب عنه في أداء تلك الأعمال.

١٢ ـ زيارته عليه‌السلام وتجديد البيعة له عليه‌السلام بعد كلّ فريضة من الفرائض اليومية ، أو في كلّ يوم جمعة بما ورد عن الأئمّة عليهم‌السلام في ذلك.

١٣‌ـ تعظيم مواقفه عليه‌السلام ومشاهده ، كمسجد السهلة ، ومسجد الكوفة وغيرهما.

١٤ ـ ترك توقيت ظهوره عليه‌السلام ، وتكذيب المؤقّتين ، وتكذيب مَن ادّعى النيابة الخاصّة ، والوكالة عنه عليه‌السلام في زمن الغيبة الكبرى.

جعلنا الله تعالى وإيّاكم من الممهّدين لدولته ، والمرضيين عنده.

١٤٣

من علامات ظهور الإمام المهدي عليه‌السلام

س : متى يظهر الإمام المهدي عليه‌السلام؟ وما هي علامات الظهور؟

ج : ليس هناك توقيت لظهور الإمام المهدي عليه‌السلام أبداً ، بل الأئمّة الأطهار عليهم‌السلام كذّبوا كلّ مَن يقول بذلك.

فعن الفضل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : هل لهذا الأمر وقت؟ فقال : «كذب الوقّاتون ، كذب الوقّاتون ، كذب الوقّاتون» (١).

نعم ، ورد أنّه يظهر يوم عاشوراء الذي يصادف يوم السبت أو الجمعة ، أمّا في أيّ سنة فغير معلوم.

ولكن هناك قرائن وعلائم للظهور ذكرت في رواياتنا ، بأنّها متى ما تحقّقت يتحقّق الظهور ، ومن تلك العلائم الحتمية الوقوع ، التي اتّفقت رواياتنا على ذكرها هي : خروج اليماني ، والسفياني ، والصيحة ، والخسف بالبيداء ، وقتل النفس الزكية.

عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال : «خمس قبل قيام القائم : اليماني ، والسفياني ، والمنادي ينادي من السماء ، وخسف بالبيداء ، وقتل النفس الزكية» (٢).

صلاة الإمام الحسين عليه‌السلام على جنازة الإمام المهدي عليه‌السلام

س : سؤالي يتعلّق بخروج المهدي المنتظر عليه‌السلام إذ هو آخر الأئمّة`عليهم‌السلام ، السؤال هو : مَن الذي سيصلّي عليه بعد وفاته؟

ج : نحن نعتقد بالرجعة التي هي بمعنى : رجوع بعض الأموات إلى الحياة الدنيوية ، قبل قيام يوم القيامة في صورتهم التي كانوا عليها ، وذلك عند قيام المهدي عليه‌السلام.

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٣٦٨.

٢ ـ الإمامة والتبصرة : ١٢٨ ، الخصال : ٣٠٣ ، إعلام الورى ٢ / ٢٧٩.

١٤٤

وأوّل مَن يرجع هو الإمام الحسين عليه‌السلام ، فيستلم الحكم بعد الإمام المهدي عليه‌السلام ، فيكون الإمام الحسين عليه‌السلام هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ويواريه في حفرته ، نصّت على هذا المعنى الرواية المروية عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، التي رواها العلاّمة المجلسي في كتابه بحار الأنوار (١).

إذن ، عندنا أنّ المصلّي على جنازة الإمام المهدي عليه‌السلام هو الإمام الحسين عليه‌السلام.

بينما يقول الشيخ مرعي بن يوسف المقدسي الحنبلي (من علماء القرن الحادي عشر الهجري) في كتابه «فرائد فوائد الفكر في الإمام المهدي المنتظر» ما نصّه : «ذكر العلماء : أنّ المهدي يستمرّ مع عيسى عليه‌السلام إلى بيت المقدس ، فيموت بها ، ويصلّي عليه هو ومَن معه من المسلمين ، ويدفنه هناك» (٢).

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٥٣ / ١٠٣.

٢ ـ فرائد فوائد الفكر : ١٣٧.

١٤٥

أهل البيت عليهم‌السلام

* أهل البيت عليهم‌السلام هم الثقل الأصغر

* المقصود من آل ياسين

* الكتب التاريخية المؤلّفة في أهل البيت عليهم‌السلام

* الكتب السنّية المؤلّفة في أهل البيت عليهم‌السلام

* دخول مبغض أهل البيت عليهم‌السلام النار

* مصادر حديث : «هذا إمام ابن إمام»

أهل البيت عليهم‌السلام هم الثقل الأصغر

س : ما المقصود بالثقل الأصغر؟

ج : وردت عدّة روايات تُصرّح بأنّ الثقل الأكبر هو القرآن الكريم ، والثقل الأصغر هو العترة الطاهرة عليهم‌السلام.

روى الشيخ الصدوق قدس‌سره بسنده عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : «لمّا رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من حجّة الوداع ، ونحن معه ... قال : وماذا صنعتم بالثقلين من بعدي ، فانظروا كيف تكونون خلفتموني فيهما حين تلقوني؟ قالوا : وما هذان الثقلان يا رسول الله؟

قال : أمّا الثقل الأكبر فكتاب الله عزّ وجلّ ، سبب ممدود من الله ومنّي في أيديكم ، طرفه بيد الله والطرف الآخر بأيديكم ، فيه علم ما مضى وما بقي إلى أن تقوم الساعة ، وأمّا الثقل الأصغر فهو حليف القرآن ، وهو عليّ بن أبي طالب وعترته ، وإنّهما لن يفترقا

١٤٦

حتّى يردا عليّ الحوض» (١).

المقصود من آل ياسين

س : إل ياسين في قوله تعالى : سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (٢) ، مَن هم؟ هل هو نبيّ الله إلياس عليه‌السلام؟ أم المقصود بهم هم آل محمّد عليهم‌السلام؟ وإن كانوا آل محمّد ، فهل تدلّ على عصمتهم؟ وما هو قول العلاّمة الطباطبائي في تفسير الميزان؟

ج : نقل الشيخ الصدوق قدس‌سره بسنده عن الإمام عليّ عليه‌السلام في قوله تعالى : سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِين قال : «ياسين محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونحن آل ياسين».

وروى أيضاً بسنده عن ابن عباس في قوله تعالى : سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ، قال : على آل محمّد (٣).

إذاً ، آل ياسين : هم آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤).

وقال العلاّمة الطباطبائي : «إنّ قول آل ياسين هم آل محمّد مبنيّ على قراءة آل ياسين ، كما قرأه نافع وابن عامر ويعقوب وزيد» (٥).

وياسين : اسم من أسماء نبيّنا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بلغة طي ، وبهذه اللغة نزلت الآية : يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٦).

وهذه الآية لا تدلّ على عصمتهم عليهم‌السلام بالصراحة ، بل تدلّ من باب أنّ المولى عزّ

__________________

١ ـ الخصال : ٦٥.

٢ ـ الصافّات : ١٣٠.

٣ ـ الأمالي للصدوق : ٥٥٨.

٤ ـ اُنظر : شواهد التنزيل ٢ / ١٦٥ و ١٦٩ التفسير الكبير ٩ / ٣٥٤ ، الجامع لأحكام القرآن ١٥ / ١١٩ ، الدرّ المنثور ٥ / ٢٨٦ ، فتح القدير ٤ / ٤١٢.

٥ ـ الميزان في تفسير القرآن ١٧ / ١٥٩.

٦ ـ ياسين : ١ ـ ٣.

١٤٧

وجلّ لم يسلّم إلّا على الذوات المعصومة ، كما في قوله : سَلاَمٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (١) ، وقوله : سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٢) ، وقوله : سَلاَمٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (٣).

الكتب التاريخية المؤلّفة في أهل البيت عليهم‌السلام

س : ما هو أوثق مرجع تاريخي لمدرسة أهل البيت؟ وشكراً جزيلاً.

ج : إن كان من حيث سيرة وتاريخ الأئمّة عليهم‌السلام ، فبالإمكان مراجعة كتاب «الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد» للشيخ المفيد قدس‌سره ، و «إعلام الورى بأعلام الهدى» للشيخ الطبرسي قدس‌سره.

أمّا إذا كان المراد من كتب التاريخ التي تُعنى بالتاريخ العامّ ، فإنّها كما تعرف كانت تُكتب تقرّباً إلى الملوك والسلاطين ، فتذهب بمذاهبهم ، وتورد ما يوافق أفكارهم وغاياتهم ، ولم يكن للشيعة يوماً حكومة إلّا في فترات قصيرة لم يتسنّ كتابة هكذا تاريخ فيها ، وإن كان هناك بعض الكتب فإنها ذهبت مع ما ذهب من كتب الشيعة نتيجة القمع والملاحقة ، تستطيع أن تعرفها لو راجعت كتب التراجم.

نعم كتب اليعقوبي والمسعودي اللذين يعتبران من الشيعة كتب في التاريخ العامّ للدول والملوك ، ولكن كتبوا في زمن تسلّط مخالفيهم ، فشابها الكثير من التقية وعدم التصريح ، والاكتفاء بالأحداث العامّة وتواريخ الوقائع.

الكتب السنّية المؤلّفة في أهل البيت عليهم‌السلام

س : سؤالي هو عن الروايات التي تتحدّث عن أئمّتنا المتأخّرين (من الإمام السجّاد

__________________

١ ـ الصافات : ٧٩.

٢ ـ الصافات : ١٠٩.

٣ ـ الصافات : ١٢٠.

١٤٨

حتّى الإمام القائم عليهم‌السلام) في كتب إخواننا أهل السنّة.

ج : ما أكثر الكتب السنّية التي أُلّفت في أهل البيت عليهم‌السلام منها مثلاً :

١ ـ شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ، للحاكم الحسكاني (ت ٥٤٤ هـ).

٢ ـ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ، للشيخ محمّد بن طلحة الشافعي (ت ٦٥٢ هـ).

٣ ـ الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة ، لابن الصبّاغ المالكيّ (ت ٨٥٥ هـ).

٤ ـ نور الأبصار في مناقب آل بيت النبيّ المختار ، للشيخ مؤمن بن حسن بن مؤمن الشبلنجي.

٥ ـ ينابيع المودّة لذوي القربى ، للشيخ سليمان القندوزي الحنفي (ت ١٢٩٤ هـ).

هذا ، وهناك كتب شيعية ذكرت ما كُتب في أهل البيت عليهم‌السلام في الصحاح الستّة ، وغيرها من الكتب المعتبرة عند أهل السنّة ، منها مثلاً :

١ ـ عمدة عيون صحاح الأخبار ، للحافظ ابن البطريق (ت ٦٠٠ هـ).

٢ ـ ما روته العامّة من مناقب أهل البيت عليهم‌السلام ، للمولى حيدر علي الشرواني.

٣ ـ منتخب فضائل النبيّ وأهل بيته عليهم‌السلام ، لمركز الغدير للدراسات الإسلامية.

دخول مبغض أهل البيت عليهم‌السلام النار

س : هل الذين يبغضون آل البيت مؤمنين ويدخلون الجنّة؟

ج : ورد في كتب الفريقين عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال لعليّ عليه‌السلام : «يا علي ، إنّك قسيم

__________________

١ ـ ينابيع المودّة ١ / ١٧٣ و ٢٤٩ و ٢ / ٤٠٤ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ١٦٥ و ١٩ / ١٣٩ ، كنز العمّال ١٣ / ١٥٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٩٨ ، لسان العرب ١٢ / ٤٧٩ ، تاج العروس ٩ / ٢٥ ، مناقب أمير المؤمنين : ١٠٧.

١٤٩

فإذا كان عليّ عليه‌السلام هو قسيم الجنّة والنار ، كيف يدخل الجنّة مَن يبغضه؟ وهل يُسمّى مؤمناً مَن يبغض عليّاً وآله عليهم‌السلام؟

قد ورد في كتب الفريقين عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال لعليّ عليه‌السلام : «يا علي ، لا يحبّك إلّا مؤمن ، ولا يبغضك إلّا منافق» (١).

ثمّ إنّ بغض عليّ عليه‌السلام هو في الواقع بغض لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما ورد في كتب الفريقين عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : «مَن أحبّني فليحب عليّاً ، ومَن أبغض عليّاً فقد أبغضني ، ومَن أبغضني فقد أبغض الله عزّ وجلّ ، ومَن أبغض الله أدخله النار» (٢).

إذاً ، مبغض عليّ وآله عليهم‌السلام ليس مؤمناً بل منافق ، وفي بعض الروايات كافر ، ومصيره النار لا الجنّة.

مصادر حديث : «هذا إمام ابن إمام»

س : اذكروا لي الكتب التي روت قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في حقّ الإمام الحسين عليه‌السلام : «أبني هذا إمام ، ابن إمام ، أخو إمام ، أبو الأئمّة» من كتب السنّة؟ ودمتم سالمين.

ج : ذكرت مجموعة من علماء السنّة في مؤلّفاتهم نصّ هذا الحديث أو ما في معناه ، منهم :

١ ـ الخوارزمي الحنفي (ت ٦٥٨ هـ) في مقتل الحسين (٣).

٢ ـ القندوزي الحنفي (ت ١٢٩٤ هـ) في ينابيع المودّة (٤).

وكلّهم يروون هذا الحديث عن سلمان الفارسي ، وأبي سعيد الخدري.

__________________

١ ـ مسند أحمد ١ / ٩٥ و ١٢٨ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٣ ، فتح الباري ١ / ٦٠ و ٧ / ٥٨ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٥١ ، تاريخ بغداد ٨ / ٤١٦ و ١٤ / ٤٢٦ ، أُسد الغابة ٤ / ٢٦.

٢ ـ ذخائر العقبى : ٦٥ ، المستدرك ٣ / ١٣٠ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٢ ، المعجم الكبير ٢٣ / ٣٨٠ ، الجامع الصغير ٢ / ٥٥٤ ، كنز العمّال ١١ / ٦٠١ و ٦٢٢ ، فيض القدير ٦ / ٤٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٧١ ، الجوهرة : ٦٦ ، جواهر المطالب ١ / ٦٣.

٣ ـ مقتل الحسين ١ / ٢١٢.

٤ ـ ينابيع المودّة ٢ / ٤٤ و ٣١٦ و ٣ / ٢٩١ و ٢٩٤.

١٥٠

أسئلة وأجوبة في مسائل مختلفة

١٥١
١٥٢

إقامة مجالس إحياء أمر أهل البيت عليهم‌السلام

* الأدلّة على جواز الاحتفال بمولد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

* الأدلّة على جواز اللطم ونشوئه

الأدلّة على جواز الاحتفال بمولد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

س : ما هو الدليل على جواز إقامة الاحتفالات في أفراح محمّد وآل محمّد؟ على أن يكون الجواب من المصادر السنّية ، جزاكم الله خير الجزاء.

ج : هناك استدلالات عديدة لجواز الاحتفال بمولد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأهل بيته عليهم‌السلام ، استدلّ بها علماء الفريقين ردّاً على الوهّابية التي ترى أنّ الاحتفال بمولده صلى‌الله‌عليه‌وآله بدعة ، من الأدلّة :

١ ـ قوله تعالى : ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (١) ، باعتبار أنّ شعائر الله تعالى هي أعلام دينه ، خصوصاً ما يرتبط منها بالحجّ ؛ لأنّ أكثر أعمال الحجّ إنّما هي تكرار لعمل تاريخي ، وتذكير بحادثة كانت قد وقعت في عهد إبراهيم عليه‌السلام ، وشعائر الله مفهوم عامّ شامل للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ولغيره ، فتعظيمه صلى‌الله‌عليه‌وآله لازم.

ومن أساليب تعظيمه ، إقامة الذكرى في يوم مولده ونحو ذلك ، فكما أنّ ذكرى ما جرى لإبراهيم عليه‌السلام يعدّ تعظيماً لشعائر الله سبحانه ، كذلك تعظيم ما جرى للنبيّ الأعظم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله يعدّ هو الآخر تعظيماً لشعائر الله سبحانه.

__________________

١ ـ الحجّ : ٣٢.

١٥٣

٢ ـ قوله تعالى : ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ (١) ، فإنّ المقصود بأيّام الله ، أيّام غلبة الحقّ على الباطل ، وظهور الحقّ ، وما نحن فيه من مصاديق الآية الشريفة فإنّ إقامة الذكريات والمواسم فيها تذكير بأيّام الله سبحانه.

٣ ـ قوله تعالى : قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ (٢) ، ومن المصاديق الجلية لرحمة الله سبحانه ، هو ولادة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي أرسله الله رحمة للعالمين ، فالفرح بمناسبة ميلاده صلى‌الله‌عليه‌وآله مطلوب ومراد.

٤. قوله تعالى : وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (٣) ، فإنّ الاحتفالات بميلاده صلى‌الله‌عليه‌وآله ما هي إلّا رفع لذكره وإعلاء لمقامه.

٥ ـ قوله تعالى : قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إلّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى (٤) ، بأنّ مودّة ذوي القربى مطلوبة شرعاً ، وقد أمر بها القرآن صراحة ، فإقامة الاحتفالات للتحدّث عمّا جرى للأئمّة عليهم‌السلام ، لا يكون إلّا مودّةً لهم ، إلّا أن يُدّعى أنّ المراد بالمودّة الحبّ القلبي ، ولا يجوز الإظهار.

٦ ـ قوله تعالى : فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ (٥) ، باعتبار أنّ إقامة الاحتفال للتحدّث عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله فيه نوع من التعظيم والنصرة له.

٧ ـ قوله تعالى : رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٦) ، فقد اعتبر يوم نزول المائدة السماوية عيداً وآية ،

__________________

١ ـ إبراهيم : ٥.

٢ ـ يونس : ٥٨.

٣ ـ الانشراح : ٢٣.

٤ ـ الأعراف : ١٥٧.

٥ ـ المائدة : ١١٤.

١٥٤

مع أنّها لأجل إشباع البطون.

فيوم ميلاده صلى‌الله‌عليه‌وآله ويوم بعثته ، الذي هو مبدأ تكامل فكر الأُمم على مدى التاريخ ؛ أعظم من هذه الآية ، وأجلّ من ذلك العيد ، فاتّخاذه عيداً يكون بطريق أولى.

٨ ـ قوله تعالى : وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ، قال الحلبي : «أي وقد أقسم الله بليلة مولده صلى‌الله‌عليه‌وآله قوله تعالى : وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ، وقيل أراد بالليل ليلة الإسراء ، ولا مانع أن يكون الإقسام وقع بهما ، أي استعمل الليل فيهما» (١).

٩ ـ إنّ الاحتفال بالمولد سنّة حسنة ، وقد قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها» (٢).

١٠ ـ إنّ جُلّ أعمال مناسك الحجّ ما هي إلّا احتفالات بذكرى الأنبياء عليهم‌السلام ، فأمر الله تعالى باتّخاذ مقام إبراهيم مصلّىً إحياء لذكرى شيخ الأنبياء إبراهيم عليه‌السلام ، أمّا السعي بين الصفا والمروة فهو تخليد لذكرى هاجر لمّا عطشت هي وابنها إسماعيل ، فكانت تسعى بين الصفا والمروة ، وتصعد علّها تجد شخصاً ما.

ورمي الجمار تخليد لذكرى إبراهيم عليه‌السلام ، لمّا ذهب به جبرائيل إلى جمرة العقبة ، فعرض له الشيطان ، فرماه بسبع أحجار فساخ.

وذبح الفداء ، إنّما هو تخليد لذكرى إبراهيم عليه‌السلام أيضاً ، حينما أُمر بذبح ولده إسماعيل ، ففداه الله بذبح عظيم.

وفي بعض الأخبار : إنّ أفعال الحجّ إنّما هي احتفال بذكرى آدم ، حيث تاب الله عليه عصر التاسع من ذي الحجّة بعرفات ، فأفاض به جبرائيل حتّى وافى إلى المشعر الحرام فبات فيه ، فلمّا أصبح أفاض إلى منى ، فحلق رأسه إمارة على قبول توبته وعتقه من

__________________

١ ـ السيرة الحلبية ١ / ٨٦ ، السيرة النبوية لزيني دحلان ١ / ٢١.

٢ ـ مسند أحمد ٤ / ٣٦٢ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٣ / ٣.

١٥٥

الذنوب ، فجعل الله ذلك اليوم عيداً لذرّيته.

فأفعال الحجّ كلّها احتفالات وأعياد بذكرى الأنبياء ومَن ينتسب إليهم ، وهي باقية أبد الدهر.

وأخيراً : أكمل الأدلّة على جواز إقامة الاحتفال بمولد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله هو دليل الفطرة ، والدين والشرع منسجمان تماماً مع مقتضيات الفطرة ومتطلّباتها ، فقد اعتاد الناس انطلاقاً من احترامهم للمُثل والقيم التي يؤمنون بها ، على احترام الأشخاص الذين بشرّوا بها ، وضحّوا في سبيلها ، وارتبطوا بهم عاطفيّاً وروحيّاً كذلك.

ورأوا أنّ إحياء الذكرى لهؤلاء الأشخاص ، لم يكن من أجل ذواتهم كأشخاص ، وإنّما من أجل أنّهم بذلك يحيون تلك القيم والمُثل في نفوسهم ، وتشدّ الذكرى من قوّة هذا الارتباط فيما بينهم وبينها ، وترسّخها في نفوسهم ، وتعيدهم إلى واقعهم.

وهكذا يقال بالنسبة للاحترام الذي يخصّون به بعض الأيّام ، أو بعض الأماكن ، وقديماً قيل :

مررت على الديار ديار ليلى

أقبّل ذا الجدار وذا الجدارا

وما حبُّ الديار شغفن قلبي

ولكن حبّ مَن سكن الديارا

يلاحظ : أنّ الاهتمام بإقامة الذكريات والاحتفال بالمناسبات التي تمثّل تحوّلاً من نوعٍ ما في حياة الناس عامّة ، لا يقتصر على فئة دون فئة ، ولا يختصّ بفريق دون فريق ، فالكبير والصغير ، والغني والفقير ، والملك والسوقة ، والعالم والجاهل ، والمؤمن والكافر وغيرهم ، الكلّ يشارك في إقامة الذكريات للمُثل والقيم ، ومَن يمثّلها حسب قدراته وإمكاناته.

فهذه الشمولية تعطينا : إنّ هذا الأمر لا يعدو عن أن يكون تلبية لحاجة فطرية ، تنبع من داخل الإنسان ، ومن ذاته ، وتتّصل بفطرته وسجيّته ، حينما يشعر أنّه بحاجة إلى أن يعيش مع ذكرياته وآماله ، وإلى أن يتفاعل مع ما يجسّد له طموحاته.

١٥٦

فيوم ولادة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله هو يوم فرح المسلمين ، ويوم عيد وبهجة لهم ، ولا بدّ وأن يستجيب الإسلام لنداء الفطرة ، ويلبّي رغباتها ما دامت منسجمة مع منطلقاته وأهدافه ، ولا يحرمها من عطاء رحمته وبرّه ... ما دام أنّه دين الفطرة ، الذي يوازن بين جميع مقتضياتها ، ويعطيها حجمها الطبيعي من دون أن يكون ثمّة إهمال مضرّ ، أو طغيان مدمّر.

وهذه هي عظمة تعاليم الإسلام ، وهذا هو رمز الخلود له ، وفّقنا الله للسير على هدى هذا الدين ، والالتزام بشريعة ربّ العالمين ، إنّه خير مأمول ، وأكرم مسؤول.

الأدلّة على جواز اللطم ونشوئه

س : ما هو الدليل الشرعي على اللطم أثناء المأتم الحسيني؟ وبداية نشوئه في أيّ فترة من التاريخ الإسلامي؟

ج : من الأدلّة على جواز اللطم في المجالس الحسينية هو الحديث الوارد عن الإمام الصادق عليه‌السلام : «إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع ، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليّ عليهما ‌السلام فإنّه فيه مأجور» (١) ، واللطم نوع من الجزع.

ولا يخفى عليكم ، أنّ النهي عن الجزع نهي تشريعي ، وليس نهياً تكوينياً ، وبالتالي فهو قابل للتخصيص ، وقد ورد تخصيص من الشارع المقدّس لعموم النهي عن الجزع ، هذا أوّلاً.

وثانياً : لأصالة الإباحة ، فطالما لم يكن في اللطم ضرر ، فمقتضى أصل الإباحة هو عدم الإشكال في اللطم ما لم يرد نهي.

وثالثاً : اللطم على مصائب أهل البيت عليهم‌السلام يدخل في باب تعظيم الشعائر ، وشدّ

__________________

١ ـ كامل الزيارات : ٢٠١.

١٥٧

الناس إلى قضية الإمام الحسين عليه‌السلام التي هي قضية الإسلام.

وأمّا بداية نشوئه ، فالظاهر أنّه عريق ، كما يبدو من بعض الحوادث التي يذكرها ابن الأثير في تاريخه ، حيث ذكر في الحوادث الواقعة في القرن الرابع والخامس هجري ، أنّه وقع خلاف وصدام بين الشيعة والسنّة ، بسبب بعض أعمال يوم عاشوراء من اللطم وغيره ، وهذا دليل على ممارسة هذه الشعيرة في ذلك الزمان.

١٥٨

البيعة

* بيعة العقبة

* عدم مبايعة الإمام عليّ عليه‌السلام عن رضا

* بيعة الناس لأمير المؤمنين عليه‌السلام

بيعة العقبة

س : ما معنى بيعة العقبة؟

ج : بيعة العقبة هي بيعتان :

بيعة العقبة الأُولى (أو بيعة النساء) : هي أوّل بيعة أخذها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المسلمين الأنصار ، الذين أسلموا في المدينة المنوّرة ، وهم يزيدون على العشرة ، وكانت بيعتهم بمنى على الإسلام.

وقد أخبر عنها عبادة بن الصامت فقال : «بايعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيعة النساء ، وذلك قبل أن يفترض علينا الحرب ، على أن لا نشرك بالله شيئاً ، ولا نسرق ، ولا نزني ، ولا نقتل أولادنا ، ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلنا ، ولا نعصيه في معروف».

وبيعة العقبة الثانية : حصلت في موسم حجّ السنّة الثالثة عشرة من البعثة ، وذلك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج إلى الموسم ، فلقيه جماعة من الأنصار ، فواعدوه العقبة من أوسط أيّام التشريق.

قال كعب بن مالك : «اجتمعنا في الشعب عند العقبة ، ونحن سبعون رجلاً ، ومعهم امرأتان من نسائهم ... فبايعنا وجعل علينا اثنا عشر نقيباً منّا تسعة من الخزرج ، وثلاثة

١٥٩

من الأوس ، ثمّ أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه بالخروج إلى المدينة ، فخرجوا إرسالاً ، وأقام هو بمكّة ينتظر أن يُؤذن له» (١).

وكانت مبايعتهم له صلى‌الله‌عليه‌وآله على أن يمنعوه وأهله ممّا يمنعون منه أنفسهم وأهليهم وأولادهم ، وأن يؤوهم وينصروهم ، وعلى السمع والطاعة في النشاط والكسل ، والنفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن يقولوا في الله ، ولا يخافوا لومة لائم.

عدم مبايعة الإمام عليّ عليه‌السلام عن رضا

س : هل بايع الإمام عليّ عليه‌السلام أبا بكر أم لم يبايع؟ وإذا بايع أفلا يعدّ ذلك اعترافاً بخلافة أبي بكر؟ وهل يوجد من علماء المذهب بمَن يقول أنّه بايع؟

ج : لقد رفض الإمام عليّ عليه‌السلام البيعة لأبي بكر ، وبقي في بيته مشغولاً بجمع القرآن ، لكن عمر أصرّ على أن يبايع ، وقال : والله لأحرقنّ عليكم باب البيت ، أو لتخرجنّ إلى البيعة ، وعندما وصل الإمام عليه‌السلام لأبي بكر مجبراً على ذلك : قال : «أنا أحقّ بهذا الأمر منكم ، لا أُبايعكم وأنتم أُولى بالبيعة لي» ، فقال عمر : إنّك لست متروكاً حتّى تبايع ، فقال له علي : «ألا والله لا أقبل قولك ولا أبايعه» (٢) ، ثمّ انصرف عليّ عليه‌السلام إلى منزله ولم يبايع.

وبقي اتباع الخليفة يصرّون على أن يبايع الإمام عليه‌السلام ، فاضطرّ أخيراً لأن يضع يده في يد أبي بكر ، لكنّه وضعها مضمومة ، فرضوا منه بتلك البيعة ، وأعلنوا في المسجد أنّ الإمام قد بايع ، ولقد كانت تلك البيعة بعد تهديد للإمام عليه‌السلام بالقتل وتهديد مسبق

__________________

١ ـ بحار الأنوار ١٩ / ٢٤.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ١٢.

١٦٠