أسئلة وأجوبة عقائديّة

محمّد أمين نجف

أسئلة وأجوبة عقائديّة

المؤلف:

محمّد أمين نجف


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: ماهر
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5995-26-1
الصفحات: ٢٨٧

عليّ عليه‌السلام ، فألقى إليه بأبيات شعرية ، وقتله.

الرجاء إطلاعي على هذه القصّة بالتفصيل ، وما هي الأبيات الشعرية التي قالها الإمام؟

ج : لقد خرج عمرو بن عبد ودّ العامري في معركة الخندق (الأحزاب) منادياً : هل من مبارز؟ فلم يجبه أحد من المسلمين ، فقال الإمام عليّ عليه‌السلام : أنا له يا رسول الله ، فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّه عمرو ، فسكت ، فكرّر عمرو النداء ثانية ، وثالثة ، والإمام عليّ عليه‌السلام يقول : أنا له يا رسول الله ، والرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يجيبه : إنّه عمرو ، فيسكت ، وفي كلّ ذلك يقوم عليّ عليه‌السلام فيأمره النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بالثبات ، انتظاراً لقيام غيره من المسلمين ، ولكنّهم كانوا كأنّ على رؤوسهم الطير من شدّة الرعب.

وطال نداء عمرو بطلب المبارزة ، وتتابع قيام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فلمّا لم يقدم أحد من الصحابة ، قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي ، امضِ لشأنك ، ودعا له ، ثمّ قال : «برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه» (١).

فسعى الإمام عليّ عليه‌السلام نحو عمرو حتّى انتهى إليه ، فقال له : يا عمرو ، إنّك كنت تقول : لا يدعوني أحد إلى ثلاث إلّا قبلتها ، أو واحدة منها ، قال : أجل ، قال عليه‌السلام : إنّي أدعوك إلى شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، وأن تسلم لربّ العالمين».

قال : يا بن أخي أخّر هذا عنّي ، فقال عليه‌السلام : أما أنّها خير لك لو أخذتها. ثمّ قال عليه‌السلام : ها هنا أُخرى ، قال : وما هي؟ قال عليه‌السلام : ترجع من حيث أتيت ، قال : لا تتحدّث نساء قريش عنّي بذلك أبداً ، فقال عليه‌السلام : فها هنا أُخرى ، قال : وما هي؟ قال عليه‌السلام : أُبارزك وتبارزني.

فضحك عمرو وقال : إنّ هذه الخصلة ما كنت أظنّ أحداً من العرب يطلبها منّي ،

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٦١ و ٢٨٥ و ١٩ / ٦١.

١٠١

وأنا أكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك ، وقد كان أبوك نديماً لي ، فقال عليه‌السلام : وأنا كذلك ، ولكنّي أحبّ أن أقتلك ما دمت أبيّاً للحقّ.

فحمى عمرو ، ونزل عن فرسه ، وضرب وجهه حتّى نفر ، وأقبل على أمير المؤمنين عليه‌السلام مسلتاً سيفه ، وبدره بضربة ، فنشب السيف في ترس الإمام عليه‌السلام ، فضربه أمير المؤمنين عليه‌السلام.

قال جابر الأنصاري رحمه الله : وتجاولا ، وثارت بينهما فترة ، وبقيا ساعة طويلة لم أرهما ، ولا سمعت لهما صوتاً ، ثمّ سمعنا التكبير ، فعلمنا أنّ عليّاً عليه‌السلام قد قتله ، وسرّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سروراً عظيماً ، لمّا سمع صوت أمير المؤمنين عليه‌السلام بالتكبير ، وكبّر وسجد لله تعالى شكراً ، وانكشف الغبار ، وعبر أصحاب عمرو الخندق ، وانهزم عكرمة بن أبي جهل وباقي المشركين ، فكانوا كما قال الله تعالى : وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً (١).

ولمّا قتله الإمام عليّ عليه‌السلام احتزّ رأسه ، وأقبل نحو النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ووجهه يتهلّل ، فألقى الرأس بين يدي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقبّل النبيّ رأس عليّ ووجهه ، وقال له عمر بن الخطّاب : هلاّ سلبته درعه ، فما لأحد درع مثلها؟

فقال : إنّي استحييت أن أكشف سوأة ابن عمّي. وكان ابن مسعود يقرأ من ذلك اليوم كذا : وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ـ بعليّ ـ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً.

وذكر أنّ عمرواً قال في المعركة أبياتاً ، هي :

ولقد بححت من النداء لجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ وقف الشجاع موقف القرن المناجز

وكذاك إنّي لم أزل متترّعاً قبل الهزاهز

إنّ الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرائز

__________________

١ ـ الأحزاب : ٢٥.

١٠٢

فأجابه عليّ عليه‌السلام :

لا تعجلنّ فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز

ذو نبهة وبصيرة والصدق منجي كلّ فائز

إنّي لأرجو أن أُقيم عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى ذكرها عند الهزاهز (١).

وقال صاحب مستدرك الصحيحين : «لما قتل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام عمرو بن عبد ودّ أنشأت أُخته عمرة بنت عبد ودّ ترثيه ، فقالت :

لو كان قاتل عمرو غير قاتله

بكيته ما أقام الروح في جسدي

لكن قاتله من لا يعاب به

وكان يُدعى قديماً بيضة البلد» (٢).

قتال الإمام عليه‌السلام للناكثين والقاسطين والمارقين

س : أُريد تزويدي بالأحاديث التي قالها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّ عليّاً عليه‌السلام يُقاتل القاسطين والمارقين والخارجين.

ج : روى هذا الحديث عدّة من الصحابة والتابعين عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد ذكرت هذا الحديث عدّة من مصادر الفريقين ، نذكر لك بعض الروايات من كتب أهل السنّة :

١ ـ روى الحاكم بإسناده عن عقاب بن ثعلبة : «حدّثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطّاب قال : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّ بن أبي طالب بقتال الناكثين والقاسطين

__________________

١ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٧٩ ، البداية والنهاية ٤ / ١٢١ ، المستدرك ٣ / ٣٣ ، السيرة النبوية لابن كثير ٣ / ٢٠٤.

٢ ـ المستدرك ٣ / ٣٣.

١٠٣

والمارقين» (١).

٢ ـ وروى بإسناده عن أبي أيوب الأنصاري قال : «سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعليّ بن أبي طالب : تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بالطرقات ، والنهروانات ، وبالسعفات. قال أبو أيوب : قلت : يا رسول الله مع مَن نُقاتل هؤلاء الأقوام؟ قال : مع عليّ بن أبي طالب» (٢).

٣ ـ روى الحمويني بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال : «أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقلنا : يا رسول الله ، أمرتنا بقتال هؤلاء ، فمع مَن نُقاتلهم؟ قال : مع عليّ بن أبي طالب ، معه يُقتل عمّار بن ياسر» (٣).

٤ ـ وروى بإسناده عن عتاب بن ثعلبة قال : «حدّثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطّاب قال : أمرني النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين مع عليّ بن أبي طالب» (٤).

٥ ـ وروى بإسناده عن عبد الله قال : «خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من بيت زينب ، فأتى منزل أُمّ سلمة ، فجاء عليّ ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أُمّ سلمة ، هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين» (٥).

٦ ـ وروى بإسناده عن عمرو بن مرّة قال : «سمعت عمرو بن سلمة يقول : سمعت عمّار بن ياسر ـ يوم صفّين شيخاً آدم طويلاً أخذ الحربة بيده ويده ترعد ـ قال : والذي

__________________

١ ـ المستدرك ٣ / ١٣٩.

٢ ـ المصدر السابق.

٣ ـ فرائد السمطين ١ / ٢٨١.

٤ ـ المصدر السابق ١ / ٢٨٢.

٥ ـ المصدر السابق ١ / ٢٨٣.

١٠٤

نفسي بيده ، لو ضربونا حتّى بلغوا بنا سعفات هجر لعرفنا أنّنا على الحقّ وهم على الضلال» (١).

٧ ـ وروى بإسناده عن سعد بن عبادة عن عليّ عليه‌السلام قال : «أُمرت بقتال ثلاثة : القاسطين والناكثين والمارقين ، فأمّا القاسطون فأهل الشام ، وأمّا الناكثون فذكرهم ، وأمّا المارقون فأهل النهروان» (٢).

٨ ـ روى الخوارزمي بإسناده عن سعد بن عبادة عن عليّ عليه‌السلام قال : «أُمرت بقتال ثلاثة : الناكثين والقاسطين والمارقين ، فأمّا القاسطون فأهل الشام ، وأمّا الناكثون فذكرناهم ، وأمّا المارقون فأهل النهروان» (٣).

٩ ـ روى ابن المغازلي بإسناده عن عليّ عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ منكم مَن يُقاتل على تأويل القرآن ، كما قاتلت على تنزيله ، فقال أبو بكر : أنا؟ قال : لا ، قال عمر : فأنا؟ قال : لا ، ولكن خاصف النعل ـ يعني عليّاً ـ» (٤).

١٠ ـ روى البلاذري بإسناده عن حكيم بن جبير قال : «سمعت إبراهيم يقول : سمعت علقمة قال : سمعت عليّاً يقول : «أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. وحدّثت أنّ أبا نعيم قال لنا : الناكثون أهل الجمل ، والقاسطون أصحاب صفّين ، والمارقون أصحاب النهر» (٥).

١١ ـ روى الگنجي بإسناده عن ابن عباس قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأُمّ سلمة :

__________________

١ ـ المصدر السابق ١ / ٢٨٥.

٢ ـ المصدر السابق ١ / ٢٨٥.

٣ ـ المناقب : ١٩٤.

٤ ـ مناقب الإمام علي : ٩٩.

٥ ـ أنساب الأشراف ٢ / ١٣٨ ح ١٢٩.

١٠٥

هذا عليّ بن أبي طالب لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، يا أُمّ سلمة ، هذا عليّ أمير المؤمنين وسيّد المسلمين ، ووعاء علمي ، ووصييّ ، وبابي الذي أُوتى منه ، أخي في الدنيا والآخرة ، ومعي في المقام الأعلى ، يقتل القاسطين والناكثين والمارقين.

وفي هذا الحديث دلالة على أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وعد عليّاً بقتل هؤلاء الطوائف الثلاث ، وقول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله حقّ ، ووعده صدق ، وقد أمر صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاً بقتالهم.

روى ذلك أبو أيوب عنه ، وأخبر أنّه قاتل المشركين والناكثين والقاسطين ، وأنّه سيقاتل المارقين» (١).

١٢ ـ وروى بإسناده عن مخنف بن سليم قال : «أتينا أبا أيوب الأنصاري وهو يعلف خيلاً له. قال : فقلنا عنده ، فقلت له : يا أبا أيوب ، قاتلت المشركين مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ جئت تقاتل المسلمين؟

قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرني بقتال ثلاثة ؛ الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقد قاتلت الناكثين والقاسطين ، وأنا مقاتل إن شاء الله المارقين بالسعفات بالطرقات بالنهروانات ، وما أدري أين هو؟» (٢).

١٣ ـ روى محمّد بن طلحة الشافعي بإسناده عن ابن مسعود قال : «خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأتى منزل أُمّ سلمة ، فجاء عليّ ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أُمّ سلمة ، هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين من بعدي.

فالنبيّ ذكر في هذا الحديث فرقاً ثلاثة ، صرّح بأنّ عليّاً يُقاتلهم بعده ، وهم الناكثون والقاسطون والمارقون ، وهذه الصفات التي ذكرها صلى‌الله‌عليه‌وآله قد سمّاهم بها ، مشيراً إلى أنّ

__________________

١ ـ كفاية الطالب : ١٦٨.

٢ ـ المصدر السابق : ١٦٩.

١٠٦

وجود كلّ صفة منها في الفرق المختصّة بها علّة لقتالهم مسلّطة عليه.

وهؤلاء الناكثون : هم الناقضون عقد بيعتهم الموجبة عليهم الطاعة والمتابعة لإمامهم الذي بايعوه محقّاً ، فإذا نقضوا ذلك ، وصدفوا عن طاعة إمامهم ، وخرجوا عن حكمه ، وأخذوا قتاله بغياً وعناداً كانوا ناكثين باغين ، فيتعيّن قتالهم ، كما اعتمده جمع ممّن تابع عليّاً وبايعه ، ثمّ نقض عهده وخرج عليه ، وهم أصحاب واقعة الجمل ، فقاتلهم عليّ عليه‌السلام فهم الناكثون.

وأمّا القاسطون : فهم الجائرون عن سنن الحقّ ، الجانحون إلى الباطل ، المعرضون عن اتّباع الهدى ، الخارجون عن طاعة الإمام الواجبة طاعته ، فإذا فعلوا ذلك واتصفوا به تعيّن قتالهم ، كما اعتمده طائفة تجمّعوا واتبعوا معاوية ، وخرجوا لمقاتلة عليّ عليه‌السلام على حقّه ، ومنعوه إيّاه فقاتلهم ، وهي وقائع صفّين ، وليلة الهرير ، فهؤلاء هم القاسطون ....

وأمّا المارقون : فهم الخارجون عن متابعة الحقّ ، المصرّون على مخالفة الإمام المفروض طاعته ومتابعته ، المصرّحون بخلعه ، وإذا فعلوا ذلك واتّصفوا به تعيّن قتالهم ، كما اعتمده أهل حروراء والنهروان ، فقاتلهم عليّ عليه‌السلام ، وهم الخوارج.

فبدأ عليّ عليه‌السلام بقتال الناكثين وهم أصحاب الجمل ، وثنّى بقتال القاسطين وهم أصحاب معاوية وأهل الشام بصفّين ، وثلّث بقتال المارقين وهم الخوارج أهل حروراء والنهروان» (١).

__________________

١ ـ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ١ / ١١٧.

١٠٧

السيّدة فاطمة الزهراء عليها‌السلام

* قول فاطمة : «خير للمرأة أن لا ترى رجلاً» لا يعارض خطبتها عليها‌السلام في المسجد

* تسبيح الزهراء عليها‌السلام وكيفيته

* كسر ضلع فاطمة عليها‌السلام في المصادر الشيعية

* مصادر ضرب فاطمة عليها‌السلام وإسقاط جنينها

قول فاطمة عليها‌السلام : «خير للمرأة أن لا ترى رجلاً» لا يعارض خطبتها عليها‌السلام في المسجد

س : في متابعتي لحياة السيّدة الزهراء علها السلام ، عثرت على قولها : «خير للمرأة أن لا ترى رجلاً ، ولا يراها رجل» في حين أنّها عليها‌السلام قد ذهبت مع ثلّة من نساء بني هاشم إلى مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لمطالبة أبي بكر بفدك ، وهو جالس مع جماعة من المهاجرين والأنصار ، وألقت خطبتها الشهيرة ، ونحن نعلم أنّ صوت المرأة عورة ، أليس هناك تناقض في ذلك؟ مع شكري الجزيل.

ج : قول الزهراء عليها‌السلام فيما هو الخير للمرأة : «أن لا ترى رجلاً ، ولا يراها رجل» (١) هو بمعنى الأفضل والأحسن للمرأة أن لا ترى رجلاً ، ولا يراها رجل ، وذلك في الأوقات والحالات الطبيعية العادية ، وأمّا في الأوقات والحالات الضرورية ، التي تتطلّبها مقتضيات الحياة فلا ، كخروجها لصلة أرحامها ، أو ذهابها إلى الطبيب لمعالجتها ، وغير ذلك.

بل قد يتوجّب عليها الخروج بسبب الحفاظ على الدين وضرورياته ، ولا ضرورة

__________________

١ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ١١٩.

١٠٨

أوجب من الدفاع عن الإمامة ، وعن مظلومية إمام اغتُصب حقّه ، كما فعلته الزهراء عليها‌السلام ، وذلك لتبيين الحقائق للأُمّة الإسلامية ، وعليه فلا تناقض في ذلك.

تسبيح الزهراء عليها‌السلام وكيفيته

س : ما هي تسبيحة الزهراء؟ وكيف تكون؟

ج : ورد في فضل تسبيح الزهراء عليها‌السلام الكثير من الروايات عن النبيّ وأهل بيته عليهم‌السلام.

وكيفيته هو أن تقول : (٣٤) مرّة الله أكبر ، و (٣٣) مرّة الحمد لله ، و (٣٣) مرّة سبحان الله ، ويستحبّ عقيب كُلّ صلاة فريضة.

وأصل هذا التسبيح علّمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة الزهراء عليها‌السلام ، كما ورد في عدّة روايات.

كسر ضلع فاطمة عليها‌السلام في المصادر الشيعية

س : نشكركم على جهودكم العظيمة ، ما الدليل على صحّة قضية كسر ضلع الزهراء عليها‌السلام؟

ج : إنّ الدليل على صحّة قضية كسر ضلع الزهراء عليها‌السلام هو النصوص الكثيرة الواردة عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ، نذكر لكم نماذج منها :

١ ـ جاء في رواية : «وحالت فاطمة عليها‌السلام بين زوجها وبينهم عند باب البيت ، فضربها قنفذ بالسوط على عضدها ، وإنّ بعضدها مثل الدملوج من ضرب قنفذ إيّاها ، فأرسل أبو بكر إلى قنفذ : اضربها. فألجأها إلى عُضادة باب بيتها ، فدفعها فكسر ضلعاً من جنبها ، وألقت جنيناً من بطنها» (١).

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٢٨ / ٢٨٣ ، مرآة العقول ٥ / ٣٢٠ ، الاحتجاج ١ / ١٠٩.

١٠٩

٢ ـ جاء في زيارتها عليها‌السلام : «الممنوعة إرثها ، المكسور ضلعها ، المظلوم بعلها ، المقتول ولدها» (١).

٣ ـ عن ابن عباس قال : قال رسول الله : «وأمّا ابنتي فاطمة ... وإنّي لمّا رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي ، كأنّي بها وقد دخل الذلّ بيتها ، وانتُهكت حرمتها ، وغُصب حقّها ، ومُنعت إرثها ، وكُسر جنبها ، وأسقطت جنينها ...» (٢).

٤ ـ روي في كتاب سليم بن قيس : «فألجأها قنفذ لعنه الله إلى عضادة باب بيتها ودفعها ، فكسر ضلعها من جنبها ، فألقت جنيناً من بطنها ، فلم تزل صاحبة فراش حتّى ماتت صلّى الله عليها من ذلك شهيدة» (٣).

٥ ـ قال السيّد الحميري رحمه الله في شعره :

ضُربت واهتُضمت من حقّها

وأُذيقت بعده طعم السلع

قطع الله يدي ضاربها

ويد الراضي بذاك المتبع (٤).

السلع : الشقّ والجرح.

وشعر السيّد الحميري يدلّ على شيوع هذا الأمر في عهد الإمام الصادق عليه‌السلام ، وذيوعه ، حتّى لتذكره الشعراء وتندّد به ، وتزري به على من فعله.

وخلاصة الأمر : إنّه لا يمكن بملاحظة كلّ ما ذكرناه تكذيب هذا الأمر ، ما دام أنّ القرائن متوفّرة على أنّهم قد هاجموها وضربوها واسقطوا جنينها وصرّحت النصوص بموتها شهيدة أيضاً ، الأمر الذي يجعل من كسر الضلع أمراً معقولاً ومقبولاً في نفسه ،

__________________

١ ـ إقبال الأعمال ٣ / ١٦٦ ، بحار الأنوار ٩٧ / ٢٠٠.

٢ ـ الأمالي للصدوق : ١٧٦.

٣ ـ كتاب سليم بن قيس : ١٥٣ ، الاحتجاج ١ / ١٠٩.

٤ ـ الصراط المستقيم ٣ / ١٣.

١١٠

فكيف إذا جاءت روايته في كتب الشيعة والسنّة ، بل وأشار إليه الشعراء أيضاً ، ولا سيّما المتقدّمون منهم.

ثمّ لا يخفى عليكم أننّا لا نحتاج في إثبات هذه القضايا إلى صحّة السند ، بل يكفي الوثوق بصدورها ، وعدم وجود داع إلى الكذب ، كافّ لصحّة الأخذ بالرواية.

مصادر ضرب فاطمة عليها‌السلام وإسقاط جنينها

س : هل صحيح ما نسمعه من بعض الشيوخ والمحاضرين روايتهم أنّ فاطمة الزهراء عليها‌السلام قد ضُربت ، وأسقطت حملها أيضاً ، ما صحّة هذه الرواية؟ وهل هي من كتب الإمامية ، أو من كتب السنّة؟ دمتم للخير.

ج : لقد نقلت كتب الفريقين ـ قديماً وحديثاً ـ ما جرى على سيّدتنا فاطمة الزهراء عليها‌السلام من مأساة وظلامات بعد رحيل أبيها صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الرفيق الأعلى ، أدّت بها إلى استشهادها عليها‌السلام.

من تلك الظلامات التي تسأل عن وجودها ، هو ضربها ، وإسقاط جنينها عليها‌السلام ، فنذكر لك بعض المصادر التي ذكرت ضربها عليها‌السلام (١) ، والتي ذكرت إسقاط جنينها عليها‌السلام (٢) ، وعليك بالمراجعة.

__________________

١ ـ الهداية الكبرى : ١٧٩ و ٤٠٧ ، تفسير العيّاشي ٢ / ٣٠٨ ، تفسير نور الثقلين ٣ / ٢٠٠ ، الاحتجاج ١ / ١٠٩ ، بيت الأحزان : ١٢٣.

٢ ـ الاحتجاج ١ / ١٠٩ ، إقبال الأعمال ٣ / ١٦٦ ، الأمالي للصدوق : ١٧٦ ، بشارة المصطفى : ٣٠٧ ، كتاب سليم بن قيس : ١٥٣ ، تلخيص الشافي ٣ / ١٥٦ ، إثبات الهداة ٢ / ٣٧٠.

١١١

الإمام الحسن المجتبى عليه‌السلام

* لماذا صالح الحسنُ عليه‌السلام معاويةَ ولم يثر كالحسين

* صلح الإمام الحسن عليه‌السلام كشف حقيقة معاوية

لماذا صالح الحسنُ عليه‌السلام معاويةَ ولم يثر كأخيه الحسين؟

س : لقد قام الإمام الحسن عليه‌السلام بمصالحة معاوية بن أبي سفيان ، بينما ثار الإمام الحسين عليه‌السلام ضدّ يزيد بن معاوية؟ فلماذا صالح الحسن عليه‌السلام بينما ثار الحسين عليه‌السلام؟ وهل يعتبر هذان العملان متناقضان؟ ونحن نعلم أنّ الأئمّة معصومون ، شكراً لكم.

ج : قبل الإجابة نذكر مقدّمة هي :

نحن نعتقد أنّ موقف الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السلام واحد ، فلا تعارض ولا تنافي بين موقفيهما عليهما السلام.

بمعنى أنّه لمّا كان موقف الإمام الحسن عليه‌السلام هو الصلح مع معاوية ، كان موقف الإمام الحسين عليه‌السلام ذلك أيضاً ، وإلّا لثار على معاوية ، وعارض أخيه الحسن عليه‌السلام على صلحه ، بينما ينقل لنا التاريخ مساندته لأخيه الحسن عليه‌السلام ومعاضدته.

وهكذا ، لو قدّر الله تعالى أن يكون الإمام الحسن عليه‌السلام حيّاً يوم عاشوراء لكان موقفه عليه‌السلام نفس موقف أخيه الحسين عليه‌السلام ، ولا يرضى بالصلح مع يزيد.

وعلى أساس هذه العقيدة يتّضح معنى قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الحسن والحسين إمامان إن قاما أو قعدا» (١).

__________________

١ ـ روضة الواعظين : ١٥٦ ، مناقب آل أبي طالب ٣ /١٦٣ ، المصابيح في إثبات الإمامة : ٨٨.

١١٢

وأمّا الجواب: فقد أُجيب عن هذا السؤال بعدّة أجوبة :

منها : إنّ شخصية معاوية تختلف عن شخصية يزيد ،فمعاوية لم يكن يشكّل خطراً جدّياً على الإسلام بمقدار ما كان يشكّله يزيد ؛ لأنّ معاوية كان يحافظ على بعض المظاهر الإسلامية ، بينما كان يزيد مجاهراً بالفسق والفجور وشرب الخمور ، وقتل النفس المحترمة ، ولم يراع أيّ شيء من المظاهر الإسلامية ، وعليه فكان الصلح مع معاوية ممكناً دون الصلح مع يزيد.

ومنها : إنّ الإمام الحسن عليه‌السلام قام بالثورة ضدّ معاوية ، ولكن خانه أكثر قادته ، وباعوا ضمائرهم لمعاوية بإزاء أموال ومناصب ، حتّى إنّ بعض المقرّبين للإمام الحسن عليه‌السلام كتب إلى معاوية رسائل سرّية قال فيها : إن شئت سلّمناك الحسن حيّاً ، وإن شئت سلمناه ميّتاً.

فاضطرّ عليه‌السلام إلى الصلح وترك الحرب ؛ لوجود هؤلاء الخونة ، دون أخيه الحسين عليه‌السلام الذي وجد أنصاراً وأعواناً.

ومنها : أراد الإمام الحسن عليه‌السلام من صلحه أن يحفظ نفسه وأهل بيته وأصحابه من الفناء ، إذ لو كان محارباً لانتصرت الأُموية انتصاراً باهراً ، وذلك بإنهاء الذرّية الطيّبة للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله والثلّة الصالحة من أعوانهم.

ومنها : إنّ الإمام الحسن عليه‌السلام استشار الجموع الملتفّة حوله في الظاهر ، والمتخاذلة عنه في السرّ بقوله : «ألا وإنّ معاوية دعانا إلى أمر ليس فيه عزّ ولا نصفة ، فإن أردتم الموت رددناه عليه ، وحاكمناه إلى الله عزّ وجلّ بظبا السيوف ، وان أردتم الحياة قبلناه ، وأخذنا لكم الرضا».

فناداه القوم من كلّ جانب : البقية ، البقية (١).

__________________

١ ـ تاريخ مدينة دمشق ١٣ / ٢٦٨ ، أُسد الغابة ٢ / ١٣ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٦٩ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ١٨٧.

١١٣

فساير عليه‌السلام قومه ، واختار ما اختاروه من الصلح ، فصالح كارهاً كما قبل أبوه عليه‌السلام التحكيم من قبل وهو كاره له.

ومنها : إنّ إرادة الله تعالى ومشيئته اقتضت أن يصالح الإمام الحسن عليه‌السلام معاوية ، وأن يثور الإمام الحسين عليه‌السلام على يزيد ، ولن يرضى بمصالحته.

ويظهر من مراجعة كلمات الإمام الحسن عليه‌السلام ، التي أجاب بها على مَن اعترض عليه بعد الصلح أنّه عليه‌السلام أراد صلاح الأُمّة الإسلامية ـ كما أراد ذلك الإمام الحسين عليه‌السلام عند خروجه على يزيد ، حيث قال : «وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي» (١) ـ وإليك بعض هذه النصوص :

١ ـ قال له رجل : بايعت معاوية ، ومعك أربعون ألفاً ، ولم تأخذ لنفسك وثيقة ، وعهداً ظاهراً؟

فقال له : «إنّي لو أردت بما فعلت الدنيا لم يكن معاوية بأصبر منّي عند اللقاء ، ولا أثبت عند الحرب منّي ، ولكنّي أردت صلاحكم» (٢).

٢ ـ قال له رجل آخر : يا ابن رسول الله ، لوددت أن أموت قبلما رأيت أخرجتنا من العدل إلى الجور.

فقال له الإمام عليه‌السلام : «إنّي رأيت هوى معظم الناس في الصلح ، وكرهوا الحرب ، فلم أحبّ أن أحملهم على ما يكرهون ، فصالحت ...» (٣).

٣ ـ قال له ثالث : لم هادنت معاوية وصالحته وقد علمت أنّ الحقّ لك دونه ، وأنّ معاوية ضالّ باغ؟

__________________

١ ـ لواعج الأشجان : ٣٠.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٦ / ١٥.

٣ ـ الأخبار الطوال : ٢٢٠.

١١٤

أجابه الإمام عليه‌السلام : «علّة مصالحتي لمعاوية علّة مصالحة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لبني ضمرة ، وبني أشجع ، ولأهل مكّة حين انصرف من الحديبية ، أُولئك كفّار بالتنزيل ، ومعاوية وأصحابه كفّار بالتأويل» (١).

٤ ـ قال له رجل : لماذا صالحت؟ فأجابه عليه‌السلام : «إنّي خشيت أن يجتثّ المسلمون على وجه الأرض ، فأردت أن يكون للدين ناع».

صلح الإمام الحسن عليه‌السلام كشف حقيقة معاوية

س : ما فائدة صلح الإمام الحسن عليه‌السلام؟

ج : لقد أجاب الإمام الحسن عليه‌السلام قبل أكثر من ألف عام حينما أُثير السؤال نفسه وبتحوير ، لماذا صالحت معاوية؟ ونحو ذلك ، فقد روى لنا الإمام الصادق عليه‌السلام ـ كما في وصيّته لمحمّد بن النعمان الأحوال المعروف بمؤمن الطاق ـ قال عليه‌السلام : «اعلم إنّ الحسن بن علي عليه‌السلام لمّا طُعن واختلف الناس عليه ، سلّم الأمر لمعاوية ، فسلّمت عليه الشيعة : عليك السلام يا مذلّ المؤمنين ، فقال عليه‌السلام : ما أنا بمذلّ المؤمنين ، ولكنّي معزّ المؤمنين ، إنّي لمّا رأيتكم ليس بكم عليهم قوّة سلّمت الأمر ، لأبقى أنا وأنتم بين أظهرهم ، كما عاب العالم السفينة لتبقى لأصحابها ، وكذلك نفسي وأنتم لنبقى بينهم» (٢).

أرجو الانتباه جيّداً إلى هذا النصّ ، فهو وثيقة تاريخية صحيحة السند تامّة الدلالة ، فإنّ الشيعة سلّمت عليه سلام وداعلا سلام ابتداء ، إذ قدّمت الخبر على المبتدأ ، وهذا يعني أنّهم في منتهى اليأس والقنوط.

ولولا أنّ الإمام الحسن عليه‌السلام تداركهم بلطفه وعطفه فأبان لهم وجه الحكمة في

__________________

١ ـ علل الشرائع ١ / ٢١١ ، الطرائف : ١٩٦.

٢ ـ تحف العقول : ٣٠٨.

١١٥

المصالحة ، وأنّهم السبب في ذلك ، لأنّهم ليس بهم على أهل الشام قوّة ، فسلّم الأمر لمعاوية بقياً على نفسه وعليهم ، وضرب لهم مثلاً من القرآن الكريم بقصّة العالمِ ، الذي خرق السفينة لتبقى لأهلها (كما في سورة الكهف) فهل بعد هذه النصّ ما يحتاج إلى بحث في الجواب عن فائدة الصلح؟

ولعلّ من فوائد الصلح هي كشف حقيقة معاوية للناس الذين كانوا في أيّامه ، والأجيال التي جاءت بعده على طول التاريخ ، ولولا تسليمه الأمر إليه ، ونكثه لما أعطاه من شروط وعهود ، لما كانت تُعرف حقيقة معاوية العدوانية.

ودونك ما تقرأ في الجزء الثالث من كتاب «عليّ إمام البررة» ، فثمّة أقوال جماعة من أعلام أهل السنّة من قدامى ومحدّثين في كشف صفحات معاوية المخزية المخجلة ، وهذا الكشف لولا تسليم الإمام الحسن عليه‌السلام الأمر إليه ، لما كان الناس يعرفوا حقيقة معاوية ، فهذا من أعظم المنجزات التي أنجزها الإمام الحسن عليه‌السلام ، بأن كشف زيف الباطل وعرّف الناس حقيقة معاوية وبني أُمية.

١١٦

الإمام الحسين سيّد الشهداء عليه‌السلام

* كنية الإمام الحسين عليه‌السلام

* تولّي الإمام السجّاد عليه‌السلام عملية دفن الحسين عليه‌السلام

* استحباب زيارة الحسين عليه‌السلام يوم الأربعين

* الفرق بين الجسم والجسد الواردان في زيارة الحسين عليه‌السلام

* أصحاب الحسين عليه‌السلام أفضل من أصحاب الإمام المنتظر عليه‌السلام

كنية الإمام الحسين عليه‌السلام

س : لماذا كنّي الإمام الحسين عليه‌السلام بأبي عبد الله؟ مع أنّ الإمام زين العابدين عليه‌السلام هو أكبر أولاده؟

ج : إنّ قولكم إنّ الإمام زين العابدين عليه‌السلام أكبر أولاده ، أوّل الكلام ؛ لأنّ المشهور أنّ أكبر أولاد الإمام الحسين عليه‌السلام هو عليّ الأكبر الشهيد ، الذي قُتل مع أبيه في كربلاء ، وأمّا الإمام زين العابدين عليه‌السلام فهو عليّ الأوسط.

وأمّا لماذا كنّي الإمام الحسين عليه‌السلام بأبي عبد الله ولم يكنّى بأبي عليّ (باعتبار أنّ عليّاً أكبر أولاده) أو بغيرها من الكنى؟

فنجيب عليه أوّلاً : إنّ أسماء الأئمّة عليهم‌السلام ، وألقابهم وكناهم ، منصوص عليها ، فكنّي بأبي عبد الله لوجود نصّ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك.

وثانياً : كان متعارفاً عند العرب أن يكنّى الرجل بكنية ، وإن لم يكن له ولد بهذا كالإمام الجواد عليه‌السلام ، يُكنّى بأبي جعفر ولم يكن من أولاده من يحمل هذا الاسم ، والإمام

١١٧

المهدي المنتظر عليه‌السلام يُكنّى بأبي صالح ، وبأبي القاسم ، وليس عنده أولاد.

ثمّ لا يخفى أنّ بعض هذه الكنى واضحة المنشأ ، ككنية الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام بأبي الحسن ، فالحسن عليه‌السلام أكبر أولاده عليه‌السلام ، وبعض الكنى غير واضح المنشأ ، كما في كنية الإمام الحسين عليه‌السلام بأبي عبد الله ، وكما في كنية الإمام الصادق عليه‌السلام بأبي عبد الله ، مع أنّ اكبر أولاده عليه‌السلام إسماعيل ، ومن البعيد جدّاً أن يُكنّى الإمام الصادق عليه‌السلام باسم ولده عبد الله الأفطح ؛ لأنّه كان منحرفاً عن الجادّة الحقّة.

إذن كنية الإمام عليه‌السلام كنية منصوص عليها من قبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

تولّي الإمام السجّاد عليه‌السلام عملية دفن الحسين عليه‌السلام

س : مَن الذي دفن جسد الإمام الحسين عليه‌السلام؟ وإذا كان الإمام السجّاد عليه‌السلام ، فكيف يكون ذلك وهو أسير مع أهل بيته ، وهم مقتادون إلى الشام ، خصوصاً وأنّ الدفن كان بعد ثلاثة أيّام من يوم شهادته؟ أرجو ذكر السند والمصدر.

ج : توجد قاعدة أوّلية وهي : إنّ الإمام المعصوم لا يقوم بتجهيزه والصلاة عليه إلّا الإمام المعصوم الذي يليه.

إذا عرفت هذا ، فإنّ السيّد نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية ، والدربندي في أسرار الشهادة (١) ، والسيّد محمّد تقي آل بحر العلوم في مقتل الحسين عليه‌السلام (٢) ، رووا بطرقهم : أنّ بني أسد لمّا أرادوا دفن الأجساد الطاهرة جاءهم الإمام السجّاد عليه‌السلام ، وتولّى عملية الدفن بمساعدتهم.

وأمّا كيف جاءهم الإمام السجّاد عليه‌السلام وهو أسير؟ فهذا بالقدرة الإلهية التي يتمتّع

__________________

١ ـ أسرار الشهادة ٣ / ٢٢٥.

٢ ـ مقتل الحسين لبحر العلوم : ٤٦٦.

١١٨

بها المعصوم عليه‌السلام.

استحباب زيارة الحسين عليه‌السلام يوم الأربعين

س : اذكر الأدلّة على فضل زيارة الحسين عليه‌السلام يوم الأربعين؟

ج : إنّ استحباب زيارة الإمام الحسين عليه‌السلام يوم الأربعين ثابت ، حتّى روي عن الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام أنّه قال : «علامات المؤمن خمس : صلاة الإحدى والخمسين ، وزيارة الأربعين ، والتختّم باليمين ، وتعفير الجبين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم» (١).

وأمّا بخصوص ألفاظ زيارة الإمام الحسين عليه‌السلام المعروفة فهي مروية عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، حيث قال في زيارة الأربعين : «تزور عند ارتفاع النهار فتقول : السلام على وليّ الله وحبيبه ، السلام على خليل الله ونجيبه ...» (٢).

الفرق بين الجسم والجسد الواردان في زيارة الحسين عليه‌السلام

س : ما هو الفرق بين كلمتي الجسم والجسد في زيارة وارث : «صلوات الله عليكم ، وعلى أرواحكم ، وعلى أجسادكم ، وعلى أجسامكم ...»؟

ج : الظاهر أنّ الواو في قوله : «وعلى أجسامكم» عطف بيان ، وعليه فأجسامكم وأجسادكم شيء واحد ، لا فرق بينهما.

ويؤيّد هذا ما قاله الأصمعي ، وأبو زيد في اللغة : إنّ الجسم هو الجسد (٣).

__________________

١ ـ المزار للمفيد : ٥٣ ، تهذيب الأحكام ٦ / ٥٢ ، روضة الواعظين : ١٩٥.

٢ ـ مصباح المتهجّد : ٧٨٨ ، إقبال الأعمال ٣ / ١٠١.

٣ ـ الصحاح٥ / ١٨٨٧ ، لسان العرب ١٢ / ٩٩.

١١٩

وقيل : إنّ المراد من الجسم الإنساني ما يحوي الجسم المادّي بالإضافة إلى الروح ، والمراد من الجسد الإنساني هو الجسم المادّي دون الروح.

وعلى هذا يكون السلام في الزيارة على : أرواحكم وعلى أجسادكم الخالية من الروح ـ إشارة إلى حالة مماتهم ـ وعلى أجسامكم الحاوية على الجسم والروح ـ إشارة إلى حالة حياتهم ـ.

أصحاب الحسين عليه‌السلام أفضل من أصحاب الإمام المنتظر عليه‌السلام

س : نرجو الإجابة عن السؤال التالي : أيّ الأصحاب أفضل ، أصحاب الحسين عليه‌السلام ، أم أصحاب الإمام الحجّة عليه‌السلام؟ مع الدليل العقلي فقط.

نسأل الله أن تشملنا وإيّاكم شفاعة محمّد وآل محمّد.

ج : لا يمكن لأحد أن ينكر فضل وشرف أصحاب الإمام المنتظر عليه‌السلام ، إلّا أنّ أصحابه عليه‌السلام موعودون بالنصر ، فيما أنّ أصحاب الإمام الحسين عليه‌السلام كانوا موعودين بالقتل والإبادة الشاملة ، وهذا المعنى يقتضي تقدّمهم على أصحاب الإمام المنتظر عليه‌السلام.

مضافاً إلى أنّه قد روي أنّ الإمام الحسين عليه‌السلام قال ليلة العاشر من المحرّم في مدح أصحابه أمام العقيلة زينب عليها‌السلام : «والله لقد بلوتهم ، فما وجدت بينهم إلّا الأشوس الأقعس ، يستأنسون بالمنية دوني استيناس الطفل إلى محالب أُمّه».

وفي بعض الروايات : «إنّي لا أعلم أصحاباً خيراً من أصحابي ، ولا أهل بيت أبرُّ من أهل بيتي» (١) ، فالروايتان من أهمّ الأدلّة على أفضلية أصحاب الإمام الحسين عليه‌السلام على أصحاب الإمام المنتظر عليه‌السلام.

__________________

١ ـ مقاتل الطالبيين : ٧٤.

١٢٠