الله خالق الكون

الشيخ جعفر الهادي

الله خالق الكون

المؤلف:

الشيخ جعفر الهادي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات مؤسسة سيّد الشهداء العلميّة
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٤٠

ويقصده ، وإما أن يكون ممكناً فهو بحاجة الى علة موجدة ، وبما أن توالي سلسلة العلل والمعلولات الى ما لا نهاية أمر باطل ، فلا مناص من انقطاع السلسلة وتوقفها عند نقطة خاصة وهو ما يسميه الالهي بواجب الوجود.

وهذه المقدمات وما نتج عنها هو ما يسمى ببرهان الصديقين.

ثم أن الشيخ الرئيس «ابن سینا» يفتخر بتوصله الى هذا البرهان ، معتبراً اياه من أشرف البراهين لعدم احتياج الالهي فيه الى توسيط «المخلوق» لمعرفة «الخالق» ، اذ قال بعد عرضه لهذا البرهان :

«تأمل كيف لم يحتج بياننا لثبوت الأول (أي الله سبحانه) و... الى تأمل لغير نفس الوجود ، ولم يحتج الى اعتبار من خلقه وفعله ، وان كان ذلك دليلا عليه ، لكن هذا الباب (أي هذا الدليل) أوثق وأشرف أي اذا اعتبرنا حال الوجود يشهد به الوجود من حيث هو وجود وهو يشهد بعد ذلك على سائر ما بعده في الواجب (ثم قال :) وغير هؤلاء (أي غير الصديقين) يتوسلون في السلوك الى معرفته تعالى وصفاته بواسطة آمر آخر غيره كجمهور الفلاسفة بالامكان ، والطبيعيين بالحركة والمتكلمين بالحدوث للخلق أو غير ذلك» (١).

الا ان الحكيم الالهي «صدر الدين الشيرازي» لم يرتض هذا النوع من التقرير لبرهان الصديقين لاحتياجه الى توسيط أمور لمعرفة الله مثل مسألة الامكان وامتناع التسلسل وغير ذلك مما له دخل في البرهان.

فان البرهان الاشرف ـ في نظره ـ هو ما لا يحتاج الى توسيط شيء مطلقاً حتى مثل تصور هذه المفاهيم والتقسيمات ، ولأجل ذلك عمد الى تقریر آخر لهذا البرهان ، يتوصل فيه الى اثبات الحق تعالی وصفاته الجمالية والجلالية من دون توسيط شيء بالمرة.

__________________

(١) راجع المنظومة للسبزواري ص ٧ قسم الفلسفة.

٣٢١

ويسمى التقرير الأول لهذا البرهان بالتقرير السينوي ، والتقرير الثاني بالتقرير الصدرائي.

ولما كان التقرير الصدرائي يتوقف على الغور في البحوث الفلسفية فاننا نرجئ الحديث عنه الى مجال آخر.

أدلة فلسفية اخرى

ثم ان هناك أدلة عقلية وفلسفية اخرى اماقها الالهيون على وجود الله ، وذكروها في كتبهم الكلامية والفلسفية نكتفي بادراج اسمائها وعناوينها :

١ ـ برهان الوجوب.

٢ ـ برهان الاسد والاخصر.

٣ ـ برهان الترتب (١).

٤ ـ برهان الحركة ، الذي أبدعه الحكيم «ارسطو» واكمله الفيلسوف الالهي البارع «صدر المتألهين» وهو من اشرف البراهين واتقنها ، وبما اننا سنطرح هذا البرهان مفصلا عند الحديث عن نظرية «المادية الديالكتيكية» لذلك نكتفي بذكر اسمه هنا.

وبهذا تصير البراهين المطروحة لاثبات الصانع الخالق لهذا الكون في هذه الدراسة أربعة براهين.

ثم ان بعض الكتاب والمؤرخين التاريخ الفلسفة نقل برهاناً عقلياً عن الفيلسوف سنت آنسلم (١٣٣ ـ ١١ م) عرف بالبرهان الوجودي أو الذاتي كما ذكر لدیكارت برهاناً مماثلا تصور البعض انه نفس برهان الصديقين الذي مر عليك بيانه.

__________________

(١) لاحظ تجرید الاعتقاد ص ٦٧ ، والاسفار ج ٦ ص ٣٦ ـ ٣٧ والاسفار أيضاً ج ٢ ص ١٦٦ و ١٦٥.

٣٢٢

ملخص ما سبق

تلخص من البحث السابق امور :

١ ـ ان الحادث هو المسبوق وجوده بالعده والقديم عكسه.

٢ ـ ان الحادث بحاجة الى علة محدثة وهذه قاعدة عقلية متفق عليها.

٣ ـ اننا بحاجة فقط الى اثبات حدوث العالم لنضم الى ذلك القاعدة العقلية المذكورة ، فتكون النتيجة احتياج العالم الى محدث.

٤ ـ ان هذا البرهان يختلف عن برهان النظام فالبرهان الثاني يتمشى حتى مع افتراض قدم المادة.

٥ ـ ان القانون الثاني للديناميكا الحرارية يثبت الموت الحراري ونستنتج من ذلك وجود بداية للطاقة والمادة والألزم أن تنتهي الطاقة والمادة من زمان.

٦ ـ ان ما كان له نهاية لا يمكن أن يكون ازلياً بل له بداية اذ الازلى لا ينفك عن الشيء ولا يكون له نهاية.

٧ ـ اذن الادلة السابقة (النظم بصوره الأربعة وحدوث المادة) لا تثبت اكثر من وجود الله دون ازلیته ، وأن ازلیته تثبت عن طريق ابطال «التسلسل» الذي يكون مؤداه لزوم انتهاء سلسلة العلل والمعالیل الی موجود ازلي غني بالذات عن غيره.

٨ ـ ان النصوص الاسلامية من الكتاب والسنة بما فيها احادیث العترة دلت على حدوث العالم.

٩ ـ ان جميع الأدلة السابقة استدلت على وجود الله بتوسيط واسطة وهناك برهان آخر هو برهان الصديقين لا يحتاج الى توسيط واسطة بل يكفي النظر الى اصل الوجود فهو اما الواجب واما يستلزمه.

١ ـ ان هناك طريقتين لتقرير هذا البرهان طريقة ابن سينا ، وطريقة صدر الدين الشيرازي ، وقد استعرضنا هنا الاول فقط.

٣٢٣

اسئلة حول الله الخالق

لقد تبين من خلال البحوث المتقدمة بنحو لا يدع لاحد شكا في ان للكون باسره خالقاً قادراً عالماً أوجد المادة من العدم ، واخضعها لسلسلة من القوانين والنواميس ، وجعل لكل شيء في الكون حدا ووزناً ومقداراً.

فبرهان الفطرة ، وبرهان النظام ، وبرهان الضبط والتوازن ، وبرهان حساب الاحتمالات ، وبرهان حدوث المادة واحتياجها إلى محدث ، وكذا برهان الصديقين ، وغيرها من البراهين من شأنها أن تقود كل منصف طالب للحقيقة متجرد من آرائه السابقة إلى الاعتراف بوجود الخالق سبحانه ، والايمان به وبسلطانه على الكون.

غير أن هناك اسئلة تحوم حول هذه القضية تتطلب منا الاجابة عليها تكميلا لهذه الأبحاث ، وتتميماً للفائدة.

على أن هذه الأسئلة ، وان لم تكن جديدة لانها كانت تطرح في اكثر العصور ويجيب عليها الالهيون في كل عصر ، بما يناسبه من الأجوبة الا انها لترددها ـ أحياناً ـ على بعض الالسن في عصرنا الحاضر ينبغي التعرض لها والاجابة عليها بشيء من التفصيل وبما يتفق وهذا العصر أيضاً لابطال الادعاء القائل بان هذه التساؤلات تدل على نفي ما وراء المادة ، وعدم وجود الخالق ، فلا داعي للاستغراب من طرحها في هذه البحوث ، والاجابة عليها في هذه الدراسة.

والان الى تلك الاسئلة واجوبتها واحدة بعد الأخرى.

٣٢٤

اسئلة حول الله الخالق

السؤال الأول

لماذا

تفشي الاتحاد في الغرب بين علماء الطبيعة؟

ما هو السبب في تفشي الالحاد والمادية بين علماء الطبيعة ، وهم اولی من غيرهم بالاعتراف بالله الخالق ، والايمان به لاطلاعهم على النظام الكوني اكثر من غيرهم ، فان هذا الاطلاع كان يجب أن يقودهم الى مثل هذا الايمان قبل غيرهم؟!

* * *

الجواب :

من تتبع تاريخ العلم والفلسفة لاحظ ـ بجلاء ـ أن الاتجاه العام والرائج في كل عصر بين العلماء والفلاسفة كان دائماً هو الايمان بالله سبحانه ، والاعتراف بوجوده وسلطانه على الكون ، وان هذا الايمان كان الطابع العام لكل الحضارات ، والسمة الدائمة لجميع المجمتعات على طول التاريخ البشري.

وقد كان هذا الايمان ، وهذا الاتجاه يستمد عناصره ومبرراته من الفطرة تارة ، ومن ما يوحي به النظر والتأمل في النظام السائد في جميع ارجاء الكون

٣٢٥

تارة أخرى.

نعم لم تخل كل فترة من فترات التاريخ البشري من افراد معدودین اصيبوا بالشك والحيرة في مسألة الايمان بوجود الله ، الشبهات حصلت لهم او بحجة أن أدلة الالهيين لم تقنعهم أو لا تفي بحل ما أبهم عليهم.

غير ان وجود هذا العدد من الحيارى والشكاك لا يكون دليلا على وجود نظام فكري مترابط الحلقات للالحاد او الشك طوال التاريخ كما عليه «الفلسفة الالهية».

فان غاية ما يستفاد من مطاوي التاريخ في هذا المجال هو وجود بعض الشكوك ، والشكاك ، لا وجود منهج الحادي منظم ، ونظام فكري مادي على غرار ما عليه الفلسفة الالهية ، والتفكير الديني.

ومن البديهي ان «المنهج الفكري» شيء ، ووجود بعض الشكوك الطارئة المبعثرة حول الله ، وبعض الشكاك شيء آخر.

وصفوة القول : ان الالحاد النادر الواقع في العصور المختلفة لا يعني ـ مطلقاً ـ انه كان لهذا الالحاد نظام فلسفي ، أو منهج متبع ومدرسة فكرية.

وهذا يعني ان التدين والايمان بوجود الله كان هو الأصل في جميع الحضارات والقاعدة العامة والطابع السائد في جميع الاقوام التي سادت ثم بادت ، وان حالات الشك والالحاد ما هي الا حالات استثنائية ونادرة يصاب بها بعض الأفراد نتيجة بعض الابهامات والاشكالات الطارئة.

وقد أشار القرآن الكريم الى هذه الحقيقة حيث حكی عن وجود بعض الملحدين ابان ظهور الاسلام قائلا :

وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا

٣٢٦

الدَّهْرُ ۚوَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (الجاثية ـ ٢٤)

كما يحدثنا التاريخ عن وجود بعض الزنادقة في عهد الحضارة اليونانية ، بل وحتى في عهد الحضارة الاسلامية في الفترة التي ترجمت ونقلت فيها العلوم اليونانية إلى البيئة الاسلامية.

واما الذين كانوا في عهد الحضارة الاسلامية والذين كانوا لا يتجاوزون عدد الاصابع فهم :

١ ـ ابن أبي العوجاء (عبد الكريم) الذي كان من تلامذة الحسن البصري ، فانحرف من التوحيد ، وقد دارت بينه وبين الامام جعفر الصادق ـ عليه السلام ـ احتجاجات ومناظرات هامة ، مدونه في كتب الأحاديث والاحتجاج.

٢ ـ ابن المقفع (عبد الله)

٣ ـ ابوشاكر الديصاني

٤ ـ عبد الملك البصري

وقد عاصر هؤلاء الزنادقة الامام جعفر الصادق ـ عليه السلام ـ ودارت بينهم وبين الامام الصادق ، مناظرات جديرة بالملاحظة (١).

هذا وربما رمي بعض فلاسفة اليونان بالالحاد والزندقة مثل «ذیمقراطیس» و «انباذ قلس» كما نجد ذلك في كتب الفلسفة الاسلامية ، لكن الحكيم الاسلامي «صدر الدين الشيرازي» عدهم من الالهيين المؤمنين مشيراً الى أنهم كانوا يعبرون عن معتقداتهم بالرموز ، وان ذلك هو الذي اوهم الاخرين بانهم ملحدون ، واليك نص ما كتبه في الاسفار :

«قد ذكر في كتاب الشفاء ابطال مذهب انباذ قلس ببيانات شافية وشواهد

__________________

(١) راجع لمعرفة هذه المناظرات اصول الكافي ، وكتاب الاحتجاج للعلامة الطبرسي.

٣٢٧

موضحة ، ولذلك حمل بعضهم كلامه في البخت والاتفاق على انه من الرموز والتجوزات .. لدلالة ما وجده من كلامه على قوة سلوكه ، وعلو قدره في العلوم» (١).

ثم ان هناك ـ ايضاً ـ شرذمة قليلة لا تتجاوز عدد الاصابع ممن وصفوا بالالحاد والمروق نظير : محمد بن زكریا الرازي ، وأبي العلاء المعري في حين يقود النظر في تاريخهم الى الاعتقاد بانهم تعرضوا لمثل هذا الاتهام علی ایدی خصومهم ومنافسيهم وحسادهم.

فالرازي الذي كانت له مكانة كبرى في الطب حتى انه لقب بجالینوس العرب ، وطبيب المسلمين قد تعرض لحسد الحساد ونقمة المعاصرين فاتهموه بانكار النبوة ، في حين عده بعض المؤلفين والمؤرخين من كبار العرفاء والصوفية (٢).

وهكذا ترى هذه الشخصية بين فريقين فريق يصفه بالمروق ، وآخر يصفه بالتصوف والعرفان ، وهذا هو خير دليل على أن ما قيل فيه من الالحاد والمروق كان مغرضاً ، ولا اساس له من الحقيقة.

والمعري هو الاخر ممن اثبت بعض المحققين حسن اعتقاده وسلامة عقيدته (٣).

نعم قد تفشى الالحاد والاتجاه المادي في القرن الثامن عشر والتاسع عشر

__________________

(١) الأسفار ج ٢ ص ٢٥. وذیمقراطیس فیلسوف یونانی ولد عام ٣٧ وتوفى عام ٤٦٠ قبل الميلاد ، وانباذ قلس كذلك فيلسوف یوناني. ولد عام ٤٣٥ وتوفى عام ٤٩٥ قبل الميلاد.

(٢) راجع كتاب خزينة الاصفياء.

(٣) راجع الانصاف والتحري في دفع الظلم والتجرى عن ابي العلاء المعري المحقق العلامة كمال الدين عمر بن احمد بن عديم الحلي. وتاريخ حلب ج ٤.

٣٢٨

الميلادي ، وانتشر انكار العوالم الروحية ، واعلن عن حصر الوجود في المادة والظواهر الطبيعية إلى درجة أصبحت المادة هي كل ما في الوجود لدى الانسان في هذه الفترة.

ولقد تفشت هذه النزعة والنظرية المادية في «الغرب» لاسباب سوف نطلعك عليها لدى الاجابة عن الأسئلة الأخرى.

غير ان العلماء والفلاسفة ـ في بداية القرن العشرين ـ قضوا على هذه النظرية قضاء تاماً ، وأتوا على بنيانها من الأساس ، بحيث لم يبق من المادية بين المفكرين سوى أطلال خربة ، وآثار متداعية.

فاننا نجد اليوم بين الشخصيات العلمية البارزة ، المعدودين في طليعة المكتشفين والمخترعين والمشتغلين بالعلوم الطبيعية من يقف موقف الإلهيين ، ويحمل لواء التوحيد ، وينادي بنداء الإيمان ، وهم كثيرون لا يحصون.

فهاهم على سبيل المثال لا الحصر اربعون من كبار رجال العلم والاكتشاف والاختراع يقومون بتأليف كتاب قيم حول اثبات وجود الله ، حيث يبرهن كل واحد منهم على ذلك من مجال تخصصه (١).

واليك نماذج منهم مع كلماتهم في هذا المجال :

١ ـ الدكتور «ميريت ستانلی كونجدن» وهو اخصائي في الفيزياء وعلم النفس وفلسفة العلوم والبحوث الانجيلية اذ يقول :

«ان جميع ما في الكون يشهد على وجود الله سبحانه ويدل على قدرته وعظمته ، وعندما نقوم نحن العلماء بتحليل ظواهر هذا الكون ودراستها حتی باستخدام الطريقة الاستدلالية فاننا لا نفعل اكثر من ملاحظة آثار أيادي الله

__________________

(١) هو كتاب «الله يتجلى في عصر العلم» الذي طبع بالعربية وغير العربية من اللغات العالمية الحية مراراً ، وتكراراً.

٣٢٩

وعظمته ، ذلك هو الله الذي لا نستطيع أن نصل اليه بالوسائل العلمية المادية وحدها ، ولكننا نرى آياته في انفسنا وفي كل ذرة من ذرات هذا الوجود وليست العلوم الادراسة خلق الله وآثار قدرته» (١).

٢ ـ الدكتور «جون كليفلاند كوثران» وهو اخصائي في تحضير النترازول وفي تنقية التنجستين اذ يقول :

«ان التقدم الذي أحرزته العلوم منذ ايام لورد كلیفن يجعلنا نؤكد بصورة لم يسبق لها مثل ما قاله من قبل من أننا اذا فكرنا تفكيراً عميقاً فان العلوم سوف تضطرنا الى الايمان بالله» (٢).

٣ ـ الدكتور «وولتر اسكار لندبرج» وهو عالم الفسيولوجيا والكيمياء الحيوية الذي نشر كثيراً من البحوث العلمية اذ يقول :

«المشتغلون بالعلوم الذين يرجون الله ، لديهم متعة كبرى يحصلون عليها كلما وصلوا الى كشف جديد في ميدان من الميادين ، اذ أن كل كشف جدید يدعم ايمانهم بالله ويزيد من ادراكهم وابصارهم لايادي الله في هذا الكون» (٣).

٤ ـ الدكتور «جورج ایرل دافيز» الأخصائي في الاشعاع الشمسي والبصريات الهندسية والطبيعية اذ يقول :

«انا لا ننكر وجود الالحاد والملحدين بين المشتغلين بدراسة العلوم الا أن الاعتقاد الشائع بان الالحاد منتشر بين رجال العلوم اكثر من انتشاره بين غيرهم لا يقوم على صحته دلیل ، بل انه يتعارض مع ما نلاحظه فعلا من شيوع

__________________

(١) راجع كتاب : الله يتجلى في عصر العلم ص ٢.

(٢) الله يتجلى في عصر السلم ص ٢٥.

(٣) المصدر ص ٣٤.

٣٣٠

الايمان بین جمهرة المشتغلين بالعلوم» (١).

٥ ـ ابراهام لنكولن المخترع الشهير للفوتوغراف (الحاكی) وغيرها : يقول :

«اني لاعجب لمن يتطلع الى السماء ويشاهد عظمة الخالق ثم لا يؤمن بالله» (٢).

٦ ـ «هرشل» وهو اخصائي في الفيزياء وعلم النفس وفلسفة العلوم اذ يقول :

«كلما توسع أفق العلم ازددنا معرفة بالله ذلك لان العلم يزودنا ببراهين قطعية على وجود الخالق الأزلي القدير الذي لا حد لقدرته» (٣).

٧ ـ «لینه» وهو اول من اكتشف الرادار في العالم سنة ١٣٤ م اذ يقول :

«يمر أمام عيني ربي الذي خلق كل شيء. أني لا أراه ببصري ولكن نفسي تراه حين تشع عليها آثار عظمته وجلاله ، وترى ما اودع في هذا الكون من جلائل الاعمال وخوارق لا تعد ، يكفيني أن أرى الكائنات الحية الصغيرة جداً التي لا ترى بالعين المجردة كيف جهزها الله بجوارج واعضاء تحير العقول» (٤).

٨ ـ «اسحق نيوتن» وهو اعظم علماء القرن الثامن عشر ، حيث يقول :

«لا شك في الخالق ، فان هذا التنوع في الكائنات ، وما فيها من ترتیب اجزاءها ومقوماتها وتناسبها مع غيرها ومع الأزمنة والامكنة لا يعقل ان تصدر الا من

__________________

(١) المصدر ص ٣.

(٢) الله والعلم الحديث ص ٢٣.

(٣) التكامل في الاسلام ج ٢ ص ١٤٩.

(٤) التكامل في الاسلام ج ٢ ص ١٤.

٣٣١

حكیم علیم» (١).

٩ ـ ويقول العالم الفضائي الامریكی «فن براون» :

«لقد التقيت بكثير من علماء العالم واعرف كثيراً منهم ايضاً ولكني لم اجد بينهم ممن يستحق أن يوصف بالعلم وهو يستطيع أن يفسر نشأه الطبيعة بدون أن يشير الى وجود الله وقدرته ومشيئته في خلق هذا الوجود.

ان العلم يبحث عن الله ، ولكنه لا يستطيع ان يفعل اكثر من ذلك ولو أن احداً تصور انه يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك فهو المسكين العاجز.

كما أن العالم الذي يتعامل مع الظواهر الطبيعية تعاملا سطحياً ، ولا يحاول استكناه ما وراءها هو الاخر مسكین» (٢).

١ ـ «توماس ادیسون» وهو طبيب انجليزي معروف اذ يقول :

«ان ظفري قد سقط اليوم ولا يستطيع أهل الأرض أن يصنعوا مثله تماماً ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ولكن الله يصنع لي مثله بعد شهر فالخليقة باسرها آية الله الظاهرة ومعجزته الباهرة» (٣).

بل هناك مجموعة من العلماء المشتغلين بالعلوم الطبيعية كانوا يعتقدون بالمادية ثم اهتدوا في ضوء الفطرة والبرهان الى الايمان بالله امثال :

١ ـ الفيلسوف الانجليزي رومين.

٢ ـ الفيلسوف الانجليزي میكائیل فارای.

٣ ـ الفيلسوف الألماني المعروف رئينك.

وقد كان هؤلاء ممن يعتنقون المذهب المادي ردحاً من الزمن ويدعون اليها

__________________

(١) التكامل في الاسلام ج ٣ ص ٢١.

(٢) صحیفه كیهان العدد ٦٨١.

(٣) المعجزة الخالدة ص ٨.

٣٣٢

بقوة ولكنهم انقلبوا عليها بعد ذلك واعترفوا بوجود الله ، وكانت لهم في هذا المجال كلمات وتصريحات نعرض عن ذكرها هنا.

وقد حدى هذا الأمر بالبر وفيسور «البرت انیشتین» الى ان يقول :

«من الصعب ان نجد بین العقول المفكرة في هذا العالم من لا يحمل نوعاً من الاحساس الديني الخاص بنفسه ، وهذا الاحساس يختلف عن احساس الانسان العادي (١)».

ولكي تتأكد من هذه الحقيقة يمكنك مراجعة كتاب «تاريخ العلوم» الذي يبحث عن تطور العلوم الطبيعية ويتعرض لذكر اهم المشتغلين بها من العلماء والمخترعين والمكتشفين فانك تجد أن أكثرهم كانوا ممن يؤمنون بالله ، ويرتادون المعابد والكنائس ويقدسون الكتب السماوية ، والمذاهب الدينية ، وربما صرحوا ببعض الكلمات الدينية في المناسبات المختلفة.

وبهذا يتضح أن الادعاء القائل بان اكثر العلماء الطبيعيين هم ملاحدة ومعرضون عن الدين والايمان بالله لا اساس له من الصحة.

نعم قد يوجد في الغرب والشرق بعض الملاحدة من ارباب العلم والفكر ولكن الحادهم ذلك يرجع إلى علل سياسية أو غیر سیاسية سنشير اليها في الفصل الأخير.

ثم انه ربما يقال بان ثلث سكان العالم ـ وهم الذين يعيشون في المعسكر الشرقي وتحت النظام الماركسي والشيوعي هم ملحدون ، ينكرون وجود الله ولا يؤمنون به ، فاين الاجماع البشري في الايمان بالله؟!

__________________

(١) راجع العالم كما اراه ـ مترجم ـ.

(٢) وقد طبع هذا الكتاب اكثر من ٥٦ مرة الفه «دي يررو سو» ويراجع ايضاً كتاب : على اطلال المذهب المادي.

٣٣٣

والجواب واضح : فان الواقع هو غير هذا يقيناً حيث ان الالحاد هو صفة الانظمة الحاكمة في هذه البلاد ، ومذهب حكوماتها ، لا صفة ومذهب الشعوب التي تعيش تحت ظل هذه الأنظمة والحكومات.

ولهذا نجد هذه الشعوب اذا تحررت من الضغوط ، وازيحت عنها الحراب اقبلت على المساجد والكنائس والمعابد أشد اقبال .. ومن هنا لابد من التفريق بين الأنظمة والشعوب. فكم فرق بين أن يكون النظام ملحداً ، أو يكون الشعب ملحداً.؟

* * *

٣٣٤

اسئلة حول الله الخالق

السؤال الثاني

الله والعلل الطبيعية

لقد أثبتت البراهين القاطعة ان للكون ـ بمادته وصورته ـ خالقاً مبدعاً ، وموجداً حكيماً قادراً هو الذي أوجد المادة بعد أن لم تكن ، ثم البسها حلة النظام ، واخضعها لقوانين ونوامیس خاصة.

هذا من جانب.

ومن جانب آخر اثبتت العلوم الطبيعية ان لكل ظاهرة مادية عللا مادية وأسباباً طبيعية فلنزول الأمطار ، ونشوء الزلازل ، وغير ذلك من الظواهر الطبيعية الاخرى علل واسباب طبيعية مترابطة ، ومتلاحقة ، أصبحت معروفة لنا في الاغلب بسبب تقدم العلوم والتحقيقات فماهو موقع «الخالق» من سلسلة العلل والأسباب هذه؟

هل صحيح أننا أمام مفترق طريقين لا ثالث لهما ـ كما يدعي الماديون ـ وهما :

اما ان نعترف بوجود الخالق المبدع وتأثيره في نشوء الظواهر الطبيعية المختلفة ، وننكر الاسباب والعلل الطبيعية لها.

٣٣٥

واما ان تعترف بالعلل والأسباب الطبيعية الموجدة لهذه الظاهرة ولا نعترف بخالق ، بل ولا يكون له حينئذ مكان ، ولا للاعتقاد به مبرر.

أم أن هناك طريقاً ثالثاً وهو الاعتراف بالعلة العليا الى جانب الاعتراف والاعتقاد بالعلل الطبيعية أيضاً ، وبأن نسبة هذه العمل الطبيعية الى معاليلها كنسبة الاسباب الى مسبباتها ، ونسبة الكل اليه سبحانه كنسبة الاسباب والمسببات الی مسببها؟

* * *

الجواب :

قبل أي شيء لابد من القول بأن حصر الماديين الموقف من تفسير الظواهر الكونية وكيفية نشأتها في طريقين لا ثالث لهما (وهما اما القول بالعلل الطبيعية أو القول بالخالق المبدع) غير صحيح ، بل هو يكشف عن جهلهم بمعتقد الألهيين ومقالتهم في تفسير تلك الظواهر.

ولو أن الماديين وقفوا على ما يعتقده الالهيون في هذا المجال لما ذهبوا الى مثل هذا الحصر ، بل لقالوا بان هناك ثلاث طرق لا طريقين ، وهي :

١ ـ الاعتراف بالعلة العليا وانكار العلل الطبيعية.

٢ ـ الاعتراف بالعلل الطبيعية وانكار العلة العليا.

٣ ـ الاعتراف بالعلة العليا والعلل الطبيعية معاً على النحو الذي سيأتي.

واليك تفصيل الكلام في ما يعتقده الالهيون في تفسير ظواهر الكون الطبيعية ليتبين لك أن الطرق في بادئ النظر ثلاث ، لا اثنان كما ذهب اليه المادي ان الحق هو الاعتراف بكلتا الحالتين معاً ، بمعنى أن الله سبحانه هو الذي سبب الاسباب وأوجد العلل.

٣٣٦

الالهيون وتفسير الظواهر الطبيعية

ان الموقف الذي اتخذه الماديون (اعني حصر الطرق في تفسير الظواهر الكونية في موقفين) وما رموا به الالهيين من انكار العمل الطبيعية ، واحلال العملة العليا محلها ، ينبع ـ في الحقيقة ـ من تعليل الماديين الخاطئ لاعتقاد البشر بالاله الخالق.

فالماديون يرون أن لاعتقاد البشر بخالق الكون ـ منذ قديم الزمان ـ أسباباً منها جهل الناس بعلل الظواهر الطبيعية ، فان الانسان لما كان قد فطر على الاعتقاد بان «لكل حادث علة» أو انه كان يحكم بذلك بفعل التجربة ، لهذا اعتقد بان الكل حوادث الكون وظواهره علة واذ لم يتسن له الوقوف على العمل الطبيعية الخاصة بكل ظاهرة من هذه الظواهر نحت من عند نفسه «علة عليا» نسب اليها جميع تلك الظواهر والحوادث بالمباشرة ، وهكذا نشأت الديه فكرة «الخالق الاعلى».

وبعبارة أخرى يزعم الماديون : بان الانسان الذي كان يعيش في العصور الأولى من التاريخ البشري بما انه لم يقف على السبب الطبيعي لهطول المطر أو حدوث الحمى في الجسم ، أو فساد الزرع وما شاكل ذلك عمد الى ربط ذلك بالعوالم الروحية ، وبهذا حصل لديه الاعتقاد بوجود علة قاهرة خلقت جميع الأشياء ، وفاقتها في القدرة والسيطرة وانها هي وراء كل ما يحدث من برق ورعد ، ومطر وزلزال ، وخصب وجدب ، ومرض وعافية ، ونجاح وهزيمة من دون أن تكون اية عوامل طبيعيه او منطقية لها وغيرها.

وبهذا يتضح أن الاعتقاد بمثل هذه العلة العليا لم يكن الا وليد الجهل بالعمل الطبيعية ، وعدم الوقوف على الأسباب المادية التي تقف وراء كل حادثة

٣٣٧

في عالم الطبيعة ، ولو كان الانسان عارفاً بتلك العلل لما ذهب الى تفسير الظواهر الطبيعية بالعلل الروحية.

هذا هو تحليل الماديين لاسباب اعتقاد المؤمن الالهي وهو ـ بلاریب ـ ان لم يكشف عن سوء نيتهم فهو ـ على الاقل ـ يكشف عن جهلهم بمنطق الالهيين ، والی نظرتهم السطحية الى مسألة الاعتقاد بالله الموجودة في حياة البشر ، منذ أقدم العصور ، وطوال القرون والدهور.

فانه لا يشك أي عاقل منصف واي باحث موضوعي تصفح كتب الالهين وتحري منطقهم ، وراجع اعتقاداتهم في مختلف الحضارات والأدوار التاريخية افي أنهم لم يكونوا قط جاهلين بالعمل الطبيعية ، ولا منكرین للاسباب المادية لما يقع ويحدث من ظواهر طبيعية ، بل اليهم يعود اكتشاف اكثر العلل الطبيعية والتعرف على الأسباب والمسببات المادية كما تشهد بذلك آثارهم ومصنفاتهم العلمية ، ومع ذلك فانهم كانو يعتقدون بوجود العلة العليا التي تنتهي اليها سلسلة العلل لانهم ادركوا ـ في ضوء العقل ونور البصيرة ـ بان الاعتراف بالعدل الطبيعية وحدها لا يكفي في تفسير الوجود ، وتعليل ظاهرة الكون.

اذ لا شك في ان للكائنات الارضية والسماوية ، بل وكل ما في الكون من ظواهر وحوادث طبيعية «عللا طبيعية» انما الكلام هو في علة نشوء «المادة» وحدوثها اساساً ، وفي علة تحليها بالنظام البديع ، ومنشأ ظهور هذه النظم والقوانين والصور السائدة في المادة.

فالسؤال اذن هو : كيف وجدت المادة وهي حادثة؟

وعلى فرض ازلیتها كيف صارت المادة العمياء الصماء ذات نظام بدیع تعجز العقول البشرية عن وصفه والوقوف على أبعاده واسراره؟

فهل يمكن أن تنهض المادة العمياء بافاضة مثل هذا النظام البديع على

٣٣٨

نفسها ، وایجاد مثل هذه القوانين والنواميس؟

ان هذه التساؤلات ، وأجاباتها الواضحة حول المادة نشوء ونظاماً ، هي التي أوجدت لدى الالهيين الاعتقاد بوجود «خالق مبدع» هو الذي خلق المادة ، وزينها بهذا النظام البديع ، وجعل لكل ظاهرة علة تناسبها ، ولكل حادث سبباً يليق به ویستتبعه ، اذ ليس في مقدور المادة المعدومة قبل حدوثها ان توجد نفسها ، ولا أن تفيض على نفسها هذا النظام البديع.

ولنأت هنا بمثال يوضح ما قلناه وان كان المثال يفارق الممثل له من جهات اخرى.

لنتصور معمل نسيج ذا اجهزة مختلفة معقدة يقوم كل واحد منها بوظيفة خاصة بينما ترتبط جميع الاجهزه بعضها ببعض ، وتؤلف مجموعة واحدة تنتج نسيجاً خاصاً على منوال خاص بحيث لو حصل العطب في أي جزء منها توقف المعمل بكامله.

أفيكفي مجرد الاعتقاد بوجود العلاقات والروابط الالية والطبيعية بين هذه الاجهزة التفسير نشوء ذلك المعمل وحدوثه ، أم أن العقل ـ مع اعترافه بهذه الروابط والانظمة ـ يحكم بوجود مهندس صناعي قدير ، وعقلية صناعية جبارة صممت هذا العمل ، وأوجدت اجهزته ، واخترعت آلياته وادواته ، وارست بينها الروابط والعلاقات والانظمة المناسبة.

فاذا كان وراء نشوء هذا المعمل الصغير صانع مبتكر عارف بكل ما يحتاج اليه المعمل من أنظمة فيزياوية وكیمیاوية هو الذي اوجد اجهزة المعمل واخضعها لتلك الأنظمة فكيف بالكون السر حب الواسع ، والنظام المتقن البديع؟؟

اليس الكون الذي هو اكبر واعمق وجوداً ونظاماً من المعمل بكثير جداً ،

٣٣٩

بحاجة الى صانع هو الذي اوجده ، وعرف ما يحتاج اليه من انظمة فحلاه بها؟

وخلاصة القول أن الاعتقاد بمجرد وجود علاقة العلية والمعلولية بين الظواهر الكونية لا يكفي في تفسير الكون ، وتحلیل نشوء المادة لانه ليس هناك اي نزاع او نقاش في تفاعل اجزاء المادة بعضها في بعض ، وتأثير الكائنات المتقابل ، انما الكلام ـ بعد الاعتراف بهذا التفاعلات هو في علة نشوء المادة ، وتحليها بالنظام ، وصيرورة عالم المادة مسرحاً لنظام الاسباب والمسببات وعلى نمط العلل والمعلولات الطبيعية بعد أن لم تكن المادة واجدة لهذه الكيفية.

ان هذا هو الذي يدفعنا إلى الاذعان بوجود «علة عليا» يعود اليها وجود المادة وانظمتها ، وتنتهي اليها سلسلة العلل والمعالیل وهو الخالق سبحانه ، فهو الذي أوجد المادة وصاغها في قالب العلل والمعاليل.

ومن هنا يتبين أن من يدعي بأن هناك ـ لتفسير ظاهرة الكون ـ طريقين الاثالث لهما (اما الاعتراف بالعلل الطبيعية وانكار الخالق ، واما العكس) جاهل بأوليات الفلسفة الالهية والفبائها اذ لا تنكر هذه الفلسفة نظام الاسباب والمسببات الطبيعية ، بل هي تبذل جهوداً جبارة في كشف العلل الطبيعية ومعالیلها والروابط الموجودة بينها لانها أحد المصادر التي يستمد منها الالهيون اعتقادهم بوجود خالق الكون ، ويبرهنون به عليه ، والاعتقاد بالنظم الطبيعية غير مضرة بالاعتقاد بالله الخالق بل هو اساس تلك المعرفة.

ان تحليل الماديين لسبب اعتقاد الالهيين بوجود العلة العليا يحكي عن تصورهم بان الالهيين يجعلون «العلة العليا» جزء من عالم المادة ، وداخلا فيه ، وانها في ردیف العمل المادية (أي أن كل حادثة مستندة اليه والی علتها الخاصة على السواء) ولذلك قالوا : «اما ان نعتقد بوجود العلل المادية ، أو نعتقد بوجود الله» تصوراً منهم بأن الخالق قوة كامنة في باطن المادة تفعل بها ما تريد ، وتصيرها كيفما تشاء

٣٤٠