ديواني

المؤلف:

صالح الظالمي


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: المكتبة الأدبيّة المختصّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢١٦

الباب الموصد

٦١
٦٢

مررتُ بالأمسِ على الدارِ

لعلَّ فيها نبضَ أوتاري

لعلّ فيها من طيوفِ المنى

بقيةً تهيجُ تذكاري

أو همسةً تعبرُ جدرانَها

في حذرٍ تحملُ أسراري

أو رعشةً للحبِّ مجنونةً

ما زال فيها لفحُ إعصاري

البسمةُ العذراءُ كم طوّفَتْ

من حولها تُضيءُ أفكاري

وزحمةُ العطورِ في بابها

يصحو عليها عرسُ أيّارِ!

٦٣

هنا تداعتْ لعد يعدْ عندها

بقيةٌ توقدُ أشعاري

كنتُ وكانَ النجمُ مستلقياً

على الكُوى من بعضِ سمّاري

وشَعرُها الليليُّ اُرجوحةٌ

تهزأُ من عُنفي وإصراري

هنا نسيتُ العمرَ في لحظةٍ

طوتْ لذاذاتي وأكداري

هنا شربتُ الحبَّ أغنيّةً

تعزفُها أصابعُ النارِ

واليومَ غيرَ الآهِ لا تحتسي

من حولها جراحُ قيثاري

٦٤

إساءة

٦٥
٦٦

هيهاتَ لن أنسى

أأنساها وقد نهشتْ فؤادي؟

وطويتُ ليلي بالهمومِ

فضجَّ من قلقي وسادي

وجفلتُ من وضحِ النجومِ

إذا تحفّز لاتِّقادِ

حتى الربيعُ الأخضرُ

المسحورُ يرفلُ بالسوادِ

وطيوفُه في ناظريَّ

كأنّها وخزُ السُّهادِ!

٦٧

أواهُ كيفَ تبدّلتْ

زهراتُ حبِّي بالقتادِ

وهدمتُ ما بنتْ القلوبُ

على سواعدَ من ودادِ

* * * *

ماذا .. نسيتُ الليلَ

كيف نذيبُهُ حُبّاً ونجوى؟

والنجمَ نسكرُهُ بما

تهوى معاً فيعودُ يهوى؟

وسماءَ غرفتِكَ العتيقَ

يشعّ بالبسماتِ صحوا؟

٦٨

للآنَ ثمَّةَ ضحكةٌ

تتسلّقُ الجدرانَ نشوى

وبقيةُ الأصداءِ تخفقُ

في حنايا البابِ شدوا

تتعاقبُ الأيّامُ فيها

لم تروِّعْها بشكوى!

إنِّي مسحتُ طيوفَها

فمضتْ مع النسيانِ تُطوى ..

* * * *

بالأمسِ حين مررتَ بالمقهى

وطوّفَ فيَّ صحبي

٦٩

أحستُ شيئاً ينقرُ

الأضلاعَ يلهثُ بين جنبي

وهرعتُ ـ لا أدري ـ إليكَ

وخالطت قدمايَ قلبي

لا شيءَ ـ إنّي قد نسيتُ

نسيتُ آلامي وعتبي

وتمزّقتْ أفكاريَ السوداءُ

من ومضاتِ حبِّي

إنّي أحبّكَ ما أزالُ

تضيءُ لي عيناكَ دربي

وأتيتُ نحوكَ أرتجي

الغفرانَ يصرخُ فيّ ذنبي

٧٠

أمام النافذة

٧١
٧٢

حدّقي بي قرِّبي عينيكِ منِّي

يشمخُ الفنُّ على ومضةِ جفنِ

حدِّقي بي صيِّريني شاعراً

كلّ عرقٍ فيَّ نشوانُ يغنّي

حوّليني شفةً لاهبةً

لم تذقْ غيرَ اللظى يجتاحُ دنّي

وتخطّيْ بي على صمتِ الدجى

نغمةً ذابت على جرحِ المغنِّي

أحرقيني أوقدي الحرفَ الذي

لم يزلْ يهدمُ أضلاعي ليبْني

٧٣

انا ... للفنِّ .. دمي ، عاطفتي

وقدُ إحساسي ، فمي ، صحوةُ

لا تقولي من أنا؟ .. أنتِ السنا

في عروق الشعر يجري أنتِ فنّي

هذه الكوَةُ كم طافتْ بها ..

ذكرياتٌ لم تزلْ تُسكرُ ظنّي

كلّ ما فيها يعي قصَّتَنا

لوحةٌ تحنو وفستانٌ يمنّي

واشاراتٌ على جدرانِها

هذه تفضحُ والأُخرى تُكنّي

فالهوى والليلُ والعطرُ الذي

يتخطّى كلّها تسألُ عنّي

٧٤

كلُّ شيءٍ في الزوايا عبقٌ

يزدهي في ناظري حتى التجنِّي

كم زرعناها رؤىً ضاحكةً

وطيوفاً مثقلاتٍ بالتمنّي

يستفيقُ الخصبُ من أنفاسنا

كلُّ شبرٍ حولها خفقةُ غصنِ

أنا لولاكِ ربيعٌ باهتٌ

لم تحرِّكهُ المزاميرُ بلحنِ

وصدى أغنيةٍ مرّتْ على

نافراتِ الريحِ لم تحفلْ بأذنِ

لا تقولي من أنا؟! أنت السنا

في عروق الشعرِ يجري أنت فنّي

٧٥
٧٦

زاد الشاعر

٧٧
٧٨

لا تسألي! زاديَ هذا الدُجى

ورعشةُ النجومِ في عيني

وبسمةُ الربيعِ مسحورةً

في خاطري تضجُّ بالحسنِ

وقصّةُ الحبّ على أيكةٍ

يسكبُها البلبلُ في لحنِ

ولفتةُ الصباحِ تُزجى السنا

مواكباً مرفؤُها ذهني

وصحوةُ الزهورِ معطورةً

تملأُ في أريجها دِنّي

٧٩

وخصلةُ الشمسِ بتحنانها

تمزّقُ الجدارَ من سجني

وهمسةُ الرياحِ عبرَ الدجى

تذيبُ سرَّ الكونِ في اُذني

ورفّةُ العشبِ بأهدابهِ ..

تَطلّعٌ لرشّةِ المزنِ

ونشوةُ الفلّاحِ في حقلهِ

تمنحهُ الأرضُ بلا مَنِّ

وضحكةُ الأطفالِ إنْ زغردتْ

ترشُّ وجهَ الأرضِ بالأمنِ

لا تسألي!! .. زادِيَ من آهةٍ

تشدّني لعالمٍ مضنِ ..!

٨٠