ديواني

المؤلف:

صالح الظالمي


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: المكتبة الأدبيّة المختصّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢١٦

أبصرتُهُ تهوي السنابلُ

حولَهُ متجمّعَه!

وخطاهُ يلويها الذهولُ

إذا تخطّتْ مُسرعَه

وفؤادُه القلقُ الكئيبُ

يكادُ يهشمُ أضلعَه

متجهّمٌ يقتاتُ من

آهاتهِ المتوجعَه

والكأسُ بين يديهِ

بالنكدِ المروّعِ مترعَه

لم يُلهِهِ زهوُ الحقولِ

ولا انتشاءُ المزرعَه

أبداً ولا الربواتُ

بالزهرِ الفتيِّ مبرقعَه

حتى الأغاريدُ العذابُ

تكادُ تجرحُ مسمعَه

حيرانُ يجهلُ كلّ شيءٍ

 .. منهُ حتّى موضعَه

ودنوتُ تنهشُ مقلتي

آمالهُ المتصدعَه

فإذا بمنجلهِ البليدِ

لديهِ يحصدُ أدمعَه!

٤١
٤٢

ضجة الفقراء

٤٣
٤٤

نحنُ هُنا فلم يعدْ فجرُنا

من بؤسِنا يمورُ فيه الضبابْ

ولن نبزَّ الليلَ في آهةٍ

تجرحهُ كما يمرُّ الشهابْ

والصبحُ لن يعبرَ أكواخَنا

وبينَ عينيهِ شحوبُ المُصاب

والشمسُ لن تُشعِلَ نيرانَها

فتكتسي الجلودُ سمرَ الثيابْ

وقسوةُ الشتاءِ ، لا ، لم تعدْ

وقي خطانا هزّةٌ واضطرابْ

٤٥

حتى النجومُ الزهرُ لم ترتعشْ

من فوقنا بأعينٍ من حرابْ

والهمُّ لن يمتصَّ أهدابَنا

ولم يَرُعْ حتى رؤانا العِذابْ

* * * *

نحنُ هُنا عُدنا وقد اُترِعتْ

كؤوسُنا وطارَ منها السرابْ

فلا تقولوا إننا لم نزلْ

نضارعُ اليأسَ ونشكو الصعابْ

وإننا النشيدُ لو يرتمي

على الضحى لعاد لحنَ اكتئابْ

٤٦

فحسبنا أنّا أقمنا لكم

من فقرِنا المميتِ هذي القِبابْ

وحسبكمْ أنّ الدُّنى حولكم

تزاحمتْ فيها المنى والرغابْ

وأنَّ من وراءِ صيحاتِكم

مبحوحةً حشدَ الأماني العِذابْ

وأنَّ من دموعِكم حولَنا

ترنيمةَ الكأسِ بصافي الشرابْ

وما انتهى الطريقُ حتى انبرَتْ

من زحمةِ العبورِ منّا الرقابْ

* * * *

٤٧

نحنُ هُنا لا نلتقي والذرى

بأعينٍ مشدودةٍ للترابْ

ولن يموجَ الصبحُ في ضوئهِ

إنْ لم نمزِّقْ بيدينا الحجابْ

وهذه الحياةُ إنْ لم نعدْ

نطرقُها هيهاتَ نلقى الجوابْ

* * * *

٤٨

شاعرتي

قالت قالي :

متى أكون شاعرة؟

٤٩
٥٠

لكِ هذا الشعرُ عيناكِ التي

أعشبتْ فيه وأذكتْ خاطره

أنتِ لو أبحرتِ في أمواجهِ

لم تلحْ إلّا سماكِ السافره

القوافي الغرُّ وكرٌ لصدى

ضحكةٍ سكرى ونجوىً حائره

والحكاياتُ التي أسكرتِها

خطرتْ تحبو عليها خادره

والدجى المسحورُ من أنفاسِنا

عبرتْ فيها خطاه الساحره

٥١

وشرايينَ دمٍ محمومةٌ

نهدتْ من كلّ بيتٍ هادره

كلّ حرفٍ نزَّ من أعماقهِ

موعدٌ ثرٌّ ولقيا عاطرة!

من هُنا رعشةُ هدبٍ حالمٍ

وهنا خصلةُ شعرٍ نافره

وهنا وقفةُ عتبٍ حلوةٌ

لمْ تزلْ تسبحُ فيها الذاكره

وهنا لفحةٌ حبٍّ لاهبٍ

غرقتْ فيها رؤانا الناضره

لكِ هذا الشعرُ ما مرّتْ به

غيرُ أطيافِك دنياً زاهره

٥٢

لا تقولي شاعرٌ رشَّ الدجى

بالقناديل .. فأنتِ الشاعرة

* * * *

٥٣
٥٤

دروب الضباب

٥٥
٥٦

خطرتْ أمسِ ليلتي وتوارتْ

وعلى كفِّها بقيةُ عمري

كان فيها الظلامُ يمسحُ عيني

وسنا النجم يستحمُّ بفكري

أتلوّى على الهجيرِ لهيباً

فتشدُّ الفؤادَ أضلاعُ جمرِ

واُحسُّ الدماء بين عروقي

كشواظِ اللهيبِ أيّانَ تجري

وانفعالاً ، مفاجئاً ، بين عينيَّ

وتجتاحُه ابتسامةُ ثغري

٥٧

ثُمّ أعدو على رفيفٍ من الضوءِ

 .. جناحايَ من نفورٍ وذعرِ

وأنا ذاهلٌ ، اُتمتم ، أهتاجُ ..

اُغنّي ، نشوانُ من غيرِ خمرِ

قد نسيتُ الأشواقَ والأملَ الحلوَ ،

ودمعَ الأسى وقسوةَ فقري

وخفوقَ الهوى بجنبي وأسراراً

بهنَّ قد ضاقَ صدري

وابتساماتِ طفلتي من حواليَّ

تُريني الربيعَ دفقةَ سحرِ!

كلّ شيءٍ أمامَ عيني تلاشى

وتلاشى حتى انطلاقي وأسري

٥٨

هكذا بعثرَ الدروبَ ضبابٌ

يتحدّى خطايَ في كلّ شبرِ

ثم خبَّ الضبابُ .. وانطلقَ الصحوُ

أمامي وفي يدي بيتُ شعرِ!

٥٩
٦٠