ديواني

المؤلف:

صالح الظالمي


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: المكتبة الأدبيّة المختصّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢١٦

يا مصطفى

في رثاء الشاعر السيد مصطفى جمال الدين

١٨١
١٨٢

بك لا بغيرك يستجدّ مصابي

يا طأوياً برحيله أصحابي

دعني وأحزاني وما خلّفته

نكدا يبعثر في خطاه صوابي

ومضيتَ هل يحلو الحديث بسامر

بين الأحبّة من وراء حجابِ؟

ومضيتَ والفكرُ المنوّرُ هادياً

لطريقنا يمسي نجيَّ تراب

وأظلُّ لا رجعُ الصدى مترفّقاً

يحنو عليّ ولو بوخز عتاب

١٨٣

عجباً ليالينا التي فارقتها!

تزداد صحوتُها بطول غياب

والذكريات إذا حجبت بريقها

نهدت مجنّحَةً على الأهداب

بفناء بيتك للحديث بقيةٌ

نشوى معرّشةٌ على الأبواب

وشتاتُ بسمتك التي عودّتنا

للآن تحمل نكهةَ الترحاب

اللّيل عندك أنجمٌ تختارها

لتطوف حالمةً على الأكواب

ولديك أيّامي التي سايرتها

جذلى سقيت طيوفها بشبابِ

١٨٤

يزهو النعيم بها وحتى عسرها

صحوٌ يمرّ بنا بغير ضباب

طويتْ فما أقسى الحياة بهيجةً

في لحظةٍ تنهال سوط عذاب

* * * *

يا شامخاً والنجمُ يمسحُ جفنَهُ

وسواك جبهتُهُ على الأعتاب

خضتَ الحياةَ وما احتواك بريقُها

كي لا تظل بها أسيرَ رغاب

ونفرتَ في صلف الذين تطأولوا

فإذا همُ صرعى على الألقاب

١٨٥

سيّان عندهم ترنّمُ صادحٍ

بين الأزاهر أو نعيبُ غراب

وسلكت درباً للدجى متحاشياً

صمْتَ الغبي ومنطقَ المتغابي

وعبرتَ مملكةَ الطغاة وحقدَهم

متعالياً ملكاً بلا حجّابِ

يحميكَ زهوكَ والذي أبدعتهُ

فكراً تحدّى صولة الإرهابِ

* * * *

يا مصطفى يا أنتَ يا كلّ الدُّنى

يا صحوةَ الإيمان للمرتاب

١٨٦

ما نال فكرُك ومضةً من بارقٍ

إلا وجُدتَ بها على الأحباب

العمر أيامي التي نوّرتَها

وسواه حتى الآن خفقُ سراب

* * * *

١٨٧
١٨٨

يا أبا وميض

أُلقيت في أربعينية الأُستاذ جميل حيدر

في سوق الشيوخ في ٣ / ٤ / ١٩٩٦ م

١٨٩
١٩٠

عظم الخطبُ يا جميلُ وطافت

ذكرياتي وليس فيها عزاءُ

إن تكن روعة الأداء هي القولَ

فصيحا فتمتماتي أداء

أن تكن لوعةُ الرثاء حروفاً

لاهثاتِ الخطى فصمتي رثاء

* * * *

يا أحبّايَ يا ثرىً أريحيّاً

ضجّ فيه الإبا وفاض الإخاء

١٩١

في حنايا التراب صحبي نجومٌ

حالماتٌ وأضلعي أفياء

ضمَّ هذا الأديمُ روحاً بتولاً

تنحني في رحابها الكبرياء

ضمّ هذا الأديمُ رعشةَ هدبٍ

من عيون ما مسّها إغفاء

وقلوباً ما شطّ عنها وجيبُ

حانياتٍ يشدهنّ الصّفاءُ

والشفاهُ المعرّشاتُ على الحرف

مضيئاً يزداد فيها الرواء

والثغورُ التي يضمّخها الحبُّ

نديّاً ما هدّها إعياء

١٩٢

كلُّ هذا التراب أحبابَ قلبي

لدمي منه هزّةٌ وانتشاءُ

ربّي باركْ هذا الأديمَ بلطفٍ

فهو من زحمة النجوم سماء

وامنح الأرضَ دفقةً من حنانٍ

فلداتي تحت الثرى أحياء

كلّ نجوى ما بيننا في يديها

ألف بابٍ يتمّ فيه اللِّقاء

رحل الركبُ .. ما فرغت من البعد

فقلبي أمامه حدّاء

* * * *

١٩٣

يا أخي يا أبا (وميضٍ) وعندي

ما طوته (الخمسون) كنزٌ مضاء

وكرُنا بيتنا القديم بما فيه

من الضيق واحة فيحاء

من زواياه نتجلي الفكرة البكر

وتزهو باُفقه الآراء

يومض اليأس من رؤاه وتجلو

وحشةَ الفقر كفُّه السّمحاءُ

والجدارُ الذي يضمُّ حكا

ياتِ صبانا منوّرٌ وضّاء

والبساط العتيق يقضمه الدهر

وبقياه روضة غنّاء

١٩٤

يشتكي الآخرون من صولة اللّيل

كئيباً وليلُنا أضواء

ثمّ طال الدجى وغاب (جميلٌ)

فإذا كلّ ما به أرزاء

أتملاه خاشعاً أنا والهمُّ

وجرحي ولهفتي والعياء

واُناغيه كلّ آنٍ وحسبي

سلوةً ما تعيده الأصداء

* * * *

١٩٥
١٩٦

يا أبا علي

إلى روح فقد المنبر الشيخ أحمد الوائلي

١٩٧
١٩٨

أنت هذا ..؟ أم زهوك المحمولُ

يا شهاباً يخافُ منه الأُفول

وفماً يسكر المنابرَ بالفصحى

وما لوّت البيان فضول

جئتَ واللّيلُ مطبقٌ تحمل الصحو

وفي كلّ خطوةٍ قنديل

تلتقي بالحسين في أول الشوط

وتمضي ومن هداه الدليل

وبما يستفيضُ تشحذ فكرا

ينجلي الشكُّ حوله ويزول

١٩٩

ثم كان المأوى الأخيرَ وطافت

لك روحٌ فوق النجوم بتول

يالهول المصاب إنّا فقدناك

وقد عزّ في الأنام البديل

إنّ شرّ الخطوب أن يُفقد الداعي

وملء البلاد شعبٌ جهول

* * * *

أيّها الصابر المجاهد في الله

ودربُ الجهاد دربٌ طويل

ما تباطأتَ في مسيرتك العصماء

كلاً ولا اعتراك الخمول

٢٠٠