ديواني

المؤلف:

صالح الظالمي


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: المكتبة الأدبيّة المختصّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢١٦

كريمٌ تجود ببقيا الفؤاد

طعاماً إلى الخنجر المسغب

وإنّك وحدك تَلقى الجموع

وتهوي صريعاً ولم تغلب

* * * *

أبا الشهداء وحسب الشهيد

جلالاً يلوّح هذا أبي

وجدّك منك وإنّك منهُ

فخارٌ مع النسب الطيِّب

سقوط ثناياه بدءُ الجهاد

ويختم في خدِّك المترب

١٦١

فديتك من واهبٍ للحياة

يطلّ على العالم المجدب

ومن عطشٍ فيك بين الظماء

يطوّف بالمنهل الأعذب

وتبقى ربيعاً يمسّ المحول

فيهتزّ في نشوة المخصب

* * * *

أتيتُ وطفلٌك ظامي الفؤاد

وغيرَ حنانك لم يشرب

وما زال في دمه لاهبٌ

يمدّ السماء ولم ينضب

١٦٢

تلاعبه حاذقاتُ السهام

وليس سوى النحر من ملعب

زحامٌ على الموت حتّى الرضيع

يعانق مدرعة الأشيب

اُجلُّ العقيدةَ تزكو الدماء

وضاءً على دربها المتعب

وتعبر فوق عريش النجوم

ويقسو الضباب ولم تحجب

* * * *

أتيتك والحرف وقف عليك

يطأول أجنحةَ الكوكب

١٦٣

تموت القصيدة أن أحجمت

حيال دماك ولم تخضب

أعرِنيَ بعضَ لهيب الجراح

لشعري متى يمتهنْ يغضب

وصوتاً يزمجر فوق الطغاة

كفيلٌ بزعزعة المنصب

وفجراً يمزّق عنفَ الظلام

إذا اختال في خطوه المرعب

اُحبّك حتّى ملأتُ الوطاب

وزاد ولم ادنُ من مأربي

ويطفح كأسي وأبقى أعُبُّ

كأنّيَ من قبل لم أشرب

١٦٤

أتيتُكَ هل ومضةٌ من سناكَ

تمزّق أروقةَ الغيهبِ

لأعرِفَ أنّي حُبيتُ القبول

وحسبي وصولاً إلى مطلبي

* * * *

١٦٥
١٦٦

أبا رشاد

في رثاء المرحوم الأستاذ صادق القاموسي

١٦٧
١٦٨

أبا رشادٍ وهذا الحفلُ يحتشدُ

وتلك بسمتك العذراء تتّقدُ

وأنت ما بيننا حسنٌ وعاطفةٌ

وإن سكتَّ فأنت الطائر الغرد

تهفو إليك القوافي وسط معتركٍ

من الخصام فتجلوها وتنتقد

وفكرةٌ أنت تلقيها على وضحٍ

كالنجم تنفر من لأ لاائه العقدُ

لم تنطفئ ضحكة نشوى تنغّمها

للآن يغشى صداها الهمُّ والكمد

١٦٩

وكلُّ قلبٍ أذابَ اللَّيلَ فرحَتهُ

يهفو إليها يناغيها ويبترد

أدنو وأنفر من طيفٍ يباغتني

وفيه عيناك لم يجرحهما السُّهُدُ

ها أنت كفُّك فيها الدفءُ ألمسُهُ

فيستجيبُ له في حرقةٍ كبدُ

تموت أنت ومنكَ الروحُ هائمةٌ

طليقةٌ حولها الأضواء والرغدُ؟

يموتُ من كان مأسورا بداخِلهِ

وأكثرُ الناس فينا قبرُه الجسد

* * * *

١٧٠

أبا رشادٍ أبونا في الذرى أدبٌ

سامٍ ويحمل همّ الوالدِ الولد

عشنا وخيمتُنا الزرقاء قافيةٌ

يشدّها من دمانا بالضحى وتد

تغازل النجمَ حتّى بات يعشقنا

فكلُّ دربٍ له من حولنا رصد

لم يعرف الحقدَ سقفٌ كان يجمعنا

ولا مشى بيننا في غفلةٍ نكد

الكأس بالأنجمِ الزهراء نشعلها

مسحورةً زانها رأيٌ ومعتقد

ونحتسي نغمةَ القرآن .. منبعُها

ثرٌّ فيصحو على أفواهنا الرشد

* * * *

١٧١

أبا رشادٍ وكنّا في تعاطفنا

يداً تلاحَمَ فيها الكفُّ والعضد

لم يجرح الليلُ نجوانا فسامرُنا

بيضُ الأماني على جنبيهِ تتّسد

اُولاء صحبي تباهى المجدُ يرفعهم

مجداً على مفرق الايام ينعقد

هم الطليعة في الجلّى إذا ازدحمت

وعدّتي في صراع الدهر والعدد

حاشاهمُ أن يمسّ الزيفُ خطوتَهم

أو أن يفرّط منهم في الهوى أحد

لولاهمُ لأمات الجدبُ أنفسَنا

ولاستطال على أجفاننا الرمد

١٧٢

عاشوا وما زال لفحٌ من محبّتهم

على رفيفي حنايانا وان بعدوا

الراحلون وخلف الركب لهفتنا

وكلُّ رعشة هدبٍ بيننا برد

وعادت الساحُ بعد الصِّيد موحشةً

لا يلهب الشوطَ إلّا الفارسُ النجد

* * * *

١٧٣
١٧٤

الشيخ الرائد

أُلقيت في الندوة الفكرية للعلامة المجدد

الشيخ محمد رضا المظفر

في ٤ / ٤ / ١٩٩٧ م

١٧٥
١٧٦

تلك السنون الحاشداتُ مكائدا

القابعات على الطريق مراصدا

يحيا بها النفرُ الذين يغيظهم

أن تنشر الليلَ البهيمَ فراقدا

أأن تسير مع الحياة بِمالَها

من جدَّةٍ لتعدّ جيلاً صاعدا

أو أن تزيحَ عقائداً منخورةً

لتعيدَ من هدي الكتاب عقائدا

سدّت عليك مسالكاً من غيِّها

حواست جمع كن

١٧٧

ومشيتَ لا متردِّدا فيما ترى

حتى وقفتَ على الحقيقة رائدا

جزتَ الطريق وما أعاقك عنفُها

ما دام خطوُك فوقهنّ معاندا

وصمدتَ في عزِّ الضحى متقحّماً

ليلَ الصعاب وكان غيرُك راقدا

حتّى إذا أبدعتهنَّ معاهدا

وجلوتهنَ كما تشاء فرائدا

ونسلتَ أجنحة الظلام فلم يعد

متهجّمٌ يغتال خطوَك حاقدا

سقط الأُلوقُ على مشارف هوّة

كانت بكثرتها تهابك واحدا

١٧٨

انا ما نسيتُ أبا محمّدَ حقبةً

كنت المربَّ بها وكنت الوالدا

وبنوك من لمسوا عطاءك منهلاً

رغم الهجيرة كان عذباً باردا

ما دار بينهمُ حوارٌ ساخنٌ

في معضلٍ إلّا وكنت الشاهدا

قد أبدعتْ كفّاك نهجاً رائداً

وبقيت حتى الآن نهجاً رائدا

يكفيك متّكأُ النجوم مكانةً

وسِواكَ يتّخذ الظلامَ وسائدا

فإذا تعمّدَ أن يعيقك رافداً

متدفّقاً .. فجّرت منه روافدا

١٧٩

تفنى الحياة وما أقام بُناتها

وتظلُّ أفكارُ الهداة خوالدا

* * * *

١٨٠