ديواني

المؤلف:

صالح الظالمي


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: المكتبة الأدبيّة المختصّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢١٦

أنتم والذكريات .. وحيدر

١٢١
١٢٢

أنتمُ .. والنجوم .. والرافدانِ

حُلمٌ مرهفٌ على أجفاني

أيُّ ذكرى تمرّ يمسحُ جفنيْها

 .. بما يستجدُّ من ألوانِ

ويُثير الفراتَ في صحوةِ الليلِ

نشيداً مجنّح الألحانِ

كلّ شيءٍ على يديهِ ربيعٌ

أريحيٌّ يضجُّ في وِجداني

كيفَ أنسى منابعَ النجمِ تسقي

ناعساتِ النخيلِ في الشُّطآنِ

١٢٣

والكرومَ المعرّشاتِ الكسالى

حالماتٍ على شفاهِ الزّمانِ

وكؤوساً أبو نواسٍ يروّيها ..

 .. بأطيافِ دجلةٍ والغواني

زورقُ الذكرياتِ قلبي المدمّى

يتحاشى مرافئَ النسيانِ

* * * *

يا أحبّايَ عالمُ الشعرِ حبٌّ

يخطفُ العاشقينَ باللّمعانِ

كمْ سكبنا عِزَّ الشبابِ عليه

ومزَجْنا أرواحَنا بالتفاني؟!

١٢٤

ودرَجْنا على ملاعبنا الخضرِ

لنصطادَ نافراتِ المعاني!

ووهبناهُ كلّ ما تملك الروحُ

بعيداً عن موخزاتِ الهوانِ

قُتِلَ الشعرُ .. كلّ بيتٍ رقيقٍ

أقتنيهِ ينزُّ من شرياني

يتهادى بألفِ لونٍ جميلٍ

ووراءَ السِّتارِ لونٌ قانِ

دمهُ من دمي .. أذوبُ وتبدو

وجنتاهُ في حُمْرَةٍ من جناني

* * * *

١٢٥

يا أحِبّايَ لا حُرِمْتمْ على البعدِ

وميضاً من بسمةِ الصبيانِ

أنا وحدي هنا على صدأ الأيّامِ

أنسابُ جدولاً من حنانِ

كلّما نوّرتْ مباسمُ طفلٍ

من بعيدٍ تلسّقتْ تحناني

واذا زغردَ الصغارُ بجنبي

عصفتْ في َّ ثورةُ الحِرمانِ

ليَ طفلٌ ما بينكمْ بفؤادي

مستحمٌّ يلحُّ في الخَلَجانِ

يتخطّى على مشارفِ عينيَّ

سُهاداً أشهى من السلوانِ

١٢٦

نثِّروا الدربَ للصغارِ بذنوبِ

النجمِ .. بالرائعاتِ من نسيانِ

وليُعرّشْ من فوق كلّ حصاةٍ

 ـ حذرَ العائقاتِ ـ قلبٌ حانِ

ظلِّلوهمْ بغيمةٍ تحجبُ الشمسَ

 .. إذا أشرفتْ على الغليانِ

وازرعوا الحبَّ في القلوبِ لينمو

ثمّ يُعطي الثمارَ في الخفقانِ

وأزيحوا الضبابَ كي يُدركَ

القاسي بأنَّ الوليدَ قلبٌ ثانِ

الدُّنى مأتمٌ إذا لم تُمزِّق

ضحكةُ الطفلِ وحشةَ الأحزانِ

١٢٧

هل تفوحُ الأعيادُ من غيرِ طفلٍ

ينشرُ الصحوَ؟ في دروب الأماني!!

* * * *

١٢٨

أبا القوافي

١٢٩
١٣٠

خُطى قوافيكَ بينَ النجمِ تنتقلُ

ولا يزالُ لها في دربنا شُعَلُ

أسرجْتَها وعيونُ الليلِ ترقبها

لآلئاً بسناها الفجرُ يكتحلُ

ورحتَ تسقي بقايا الضوءِ أحرفَها

من نورِ عينيكَ حتى بزّها العطلُ

سبعونَ مرّتْ قناديلاً منوّرةً

ما بين أضلاعِكَ الحدباءِ تشتعلُ

عَبْرتهنَّ مياديناً مغبرةً

فما تثاءبَ في أشواطها المللُ

١٣١

وكنتَ للشعرِ سيفاً يغتلي حِمماً

يصارعُ الظلمَ لم يعلقْ به كللُ

أكبرتَهُ فتعالى أنفُهُ شَمماً

وظلَّ فوقَ قبابِ الزهوِ يحتفلُ

ما عفّرتْ هيبةُ السلطانِ جبهتَهُ

ولا تصاغرَ والإغراءُ مبتذلُ

* * * *

وأنتَ يا حاملاً للشعرِ مسرجةً

مشى على ضوئِها روادُنا الأولُ

تجرّعوا الكأسَ مُرّاً في موائدهِ

وأطعموهُ فُتاتَ القلبِ وارتحلوا

١٣٢

ترى على كلّ بيتٍ لذعَ جَمرتِهم

يمرّ بالكبدِ الحرّى فينتهلُ

ويسكبونَ عليه ذوبَ آهتِهم

وروعةُ الفنِّ بالآهاتِ تكتملُ

منهم عرفنا بأنّ الحرفَ مهترئٌ

إنْ لم يكنْ بنزيفِ الجُرحِ يغتسلُ

وأنّ مَنْ سامَهُ ذلّاً ومسكنةً

لابدّ أنْ يتحدّى خدّهُ الوحلُ

إثنان .. هذا بدربِ الشعرِ يرشدُه

ليلٌ .. وهذا بزاهي النجمِ ينتعلُ

* * * *

١٣٣

أتى الحياةَ على أنقاضِها نفرٌ

فازَّيَّنَتْ وازدهتْ من بعضِ ما بذلوا

مدَّ الزمانُ ذراعيهِ ليرفعَهم

منائراً وأبو تمام .. يرتجلُ

ويشمخُ المتنبي فوق ذروتِه

شواردُ النجمِ في عينيهِ تبتهلُ

وللنواسيِّ حولَ الكأسِ مترعةً

عَينٌ تقاطرَ مِنْ أهدابِها الغزلُ

والبحتريُّ نشيدٌ فوقَ بِركَتِه

وكلُّ ثغرٍ على حافاتِها ثَمِلُ

يمشي الرضيُّ ومِن أطيافِ خطوتِه

على الرمالِ ربيعٌ عابقٌ خضِلُ

١٣٤

أولاءِ مَنْ حَملَ الدنيا منوّرةً

على الجراحِ وما ضاقوا بما حمَلوا

لولاهمُ لم تَعُدْ للصُبحِ روعتُه

ولا احتفتْ بالربيعِ الدافئِ المقلُ

الملهمونَ همُ أجْلَوا مواهبَنا

شعراً وهذي القوافي بيننا رُسُلُ

ما فاتَهمْ أنَّ دربَ المجدِ قافيةٌ

تومي فيُطْرِقُ مِنْ عليائهِ زحلُ

تباركَ الشعرُ بيتٌ منهُ مؤتِلقٌ

يبقى وتفنى على أعتابهِ دولُ

* * * *

١٣٥

أيا القوافي وملَّ الشعرُ غربتَه

حتى تسأوى لديه اللسعُ والقُبَلُ

هذا الكسيحُ المُسجّى في متاهتهِ

نقسو عليه ونُدْميهِ ويحْتمِلُ

لا وجهُهُ عربيٌ في تطلّعهِ

ولا شمائلهُ الغرّا ولا الحُلَلُ

ويعبرُ الدربَ والظلماءُ مشرعةٌ

يحبو وبين خطاهُ يرتمي الشللُ

يطوفُ بالسامرِ الظمآنِ مُنْشِدُهُ

يسقى الندامى وما في كأسهِ وشَل

فم جنى الساحُ إلا طيفَ فارسه

لوحدهِ يخلقُ الهيجا ويقْتَتِلُ

١٣٦

ونحنُ مأساتُنا في ظلِّ سطوتهِ

أنْ نحتسي الصمتَ حيناً .... ثمّ .. نعتزلُ

* * * *

١٣٧
١٣٨

ثورة الحق

أُلقيت في ذكرى مولد الإمام الحسين عليه السلام

١٣٩
١٤٠