مواهب الرحمن في تفسير القرآن - ج ٩

آية الله السيّد عبد الأعلى السبزواري

مواهب الرحمن في تفسير القرآن - ج ٩

المؤلف:

آية الله السيّد عبد الأعلى السبزواري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دفتر سماحة آية الله العظمى السبزواري
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5665-08-6
الصفحات: ٣٩٦

١
٢

٣
٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (٦٩) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً (٧٠))

بعد أن ذكر سبحانه وتعالى وجوب طاعة الله والرّسول ، وأحكم عزوجل هذا الحكم الإلهي المهمّ بعدّة أمور ، ووعد عليه الوعد الحسن من الأجر العظيم ، والهداية إلى الصّراط المستقيم ، يبيّن جلّ شأنه في هاتين الآيتين الشريفتين حقيقة الهداية ، ونوع ذلك الجزاء ، وأن ذلك الصّراط المستقيم هو الّذي سار عليه أخلص عباد الله المصطفين الأخيار ، الّذين أنعم الله عليهم الهداية وعرفان الحقّ والعمل به وفعل الخيرات ، وهم الّذين يأمل كلّ إنسان ويتمنّى أن يرافقهم في جميع العوالم ، وقد بيّن عزوجل أن هذا هو الفضل الّذي لا يمنحه جلّ شأنه لأحد ، إلّا مع الحكمة البالغة والعلم الأتمّ.

٥

التفسير

قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ)

وعد حسن لمن أطاع الله تعالى والرّسول ، وهو بأسلوبه البديع ومضمونه الرفيع ، يقابل الصورة الّتي ذكرها القرآن الكريم للمنافقين ، الّذين يزعمون الإيمان ويتحاكمون إلى الطاغوت ، فتضمّنت صورة طاعة الله والرّسول على أمور مهمّة تكشف عن أهميّة الموضوع في حياة الإنسان في جميع المراحل والعوالم ، كنوع الجزاء ، والأصناف الّتي يجب أن ترافق الفرد ، والصّراط الّذي لا بدّ أن يتّخذه المطيع سبيلا يسير عليه ، والغاية الّتي يجب أن يتوخّاها ، وما يجب أن يفعله حتّى يتهيّأ لفضل الله تعالى والفيض الربوبيّ العظيم.

وظاهر الآية الشريفة أنّها في مقام بيان الصراط المستقيم ، الّذي ورد ذكره في الآية السابقة ، أي أنّ الصراط المستقيم هو الصراط الّذي سار عليه النبيّون والصديقون والشهداء والصالحون ، وهم الّذين أنعم الله عليهم بالهداية.

وإنّما جمع سبحانه وتعالى بين طاعة الله وطاعة الرسول ؛ لبيان أنّ طاعته طاعة الله تعالى ، وأنّهما أصلان يكمّل أحدهما الآخر ، ولا سبيل للتفكيك بينهما ، ولتأكيد مضمون قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) [سورة النساء ، الآية : ٥٩] ، فرجع الختام إلى ما بدأ به الكلام ، وهو من الأساليب الحسنة في الكلام.

وأنّ الآية السابقة قد تعرّضت لحال المنافقين الّذين أعرضوا عن طاعة الرسول فقط ؛ لأنّهم لم يتجاهروا بالإعراض عن طاعة الله تعالى ، فنزل فيهم الحكم الصريح بأنّه لا فائدة في تلك الطاعة الموهومة الكاذبة ، ولكن هذه الآية الشريفة تبيّن الشرط الّذي لا بدّ منه في اكتساب تلك السعادة الّتي يتوخّاها المؤمن المطيع في صحبة من أنعم الله عليهم الجزاء الحسن.

٦

قوله تعالى : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ).

بيان لأمر حقيقي ، وهو أنّ الطاعة لله والرسول تستلزم الدخول في مسلك من أنعم الله عليهم. وسياق العبارة يدلّ على أنّ المطيعين ملحقون بهم وهم معهم في جميع العوالم ، وهم منهم دون الصيرورة ، والإشارة ب : (أولئك) ؛ لبيان علو درجة المطيعين وبعد منزلتهم فضلا وشرفا.

والمراد من النعمة ـ الّتي ظاهر العبارة الدالّ على عظمتها وقصور اللفظ عن بيانها وتفصيلها ـ هي تلك النعمة الّتي تفضّل عزوجل بها على أفراد معينين ، وهم المخلصون الّذين آثروا حكم الله تعالى ورسوله على حكم الطاغوت ، وسلّموا أمرهم الى الله تعالى ، وهي الّتي نوّه عزوجل بها في قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [سورة الحمد ، الآية : ٧]. وهي النعمة الّتي تؤهّل الفرد في سلوك هذا الصراط وقبول الفيض الربوبيّ ، وقد أشار إليها عزوجل في مواضع متعدّدة في القرآن الكريم ، وهي تنحصر في نعمة الولاية.

قوله تعالى : (مِنَ النَّبِيِّينَ).

بيان للمنعم عليهم ، وهو حال إما من «الّذين» ، أي : أنّهم أنعم الله عليهم حال كونهم من النبيّين. أو من ضميره. وأجاز بعضهم أن يتعلّق الظرف بقوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ) ، أي : من النبيّين ومن بعدهم ، فيكون قوله «أولئك» إشارة إلى الملأ الأعلى ، ولكن هذا الوجه خلاف الظاهر كما هو واضح.

وقد ذكر عزوجل أربعة طوائف ممّن أنعم عليهم بالهداية والتوفيق ، وقد اتّصفوا بمكارم الأخلاق إلّا أنّ كلّ طائفة تختلف عن الاخرى ببعض الأمور الموجبة لاختلافها في المنزلة والدرجة ، فلا وجه للقول بأنّ الصدّيقين والشهداء والصالحين أوصاف متداخلة لموصوف واحد ، فهم في الحقيقة فريقان ، الأنبياء ،

٧

والمتّصفون بالصفات الثلاثة ، فإنّ هذا القول خلاف ظاهر الآية الشريفة ، ولعلّ ذكرهم للإعلام باختلاف درجات المطيعين ، كما عرفت سابقا.

والنبيّون هم أصحاب الوحي ، الّذين وصفهم الله تعالى في القرآن الكريم بأوصاف متعدّدة تدلّ على عظم شأنهم وجلالة قدرهم وعلوّ منزلتهم ، بل هم في أعلى عليّين ؛ لما لهم من النفس القدسية الّتي استمدت قدسيتها من القوّة الإلهيّة ، فهم قد رأوا الأشياء عيانا.

وإنّما ذكر عزوجل النبيّين دون نبيّنا الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ مع أنّ الكلام في بيان طاعة الرسول ـ للإعلام بأنّ طاعته متضمّنة لطاعتهم عليهم‌السلام.

قوله تعالى : (وَالصِّدِّيقِينَ).

وهم الطائفة الثانية. والصدّيقين جمع الصدّيق ، مبالغة في الصدق ، أي : الّذين طابق قولهم فعلهم ، وظاهرهم باطنهم ، فلا يصدر منهم إلّا الحقّ اعتقادا وقولا وفعلا ؛ لصفاء سريرتهم وعدم صدور الكذب عنهم وممارستهم الصدق ، فالهموا الصواب ، فميّزوا الحقّ عن الباطل والخير عن الشرّ ، فهم شهدوا الحقائق ، فكانوا صادقين بالحقّ ، فصاروا صدّيقين شهداء الحقائق والأعمال.

وقد فسّر بعض العلماء الصدّيق بمن كثر صدقه ، أو من لا يتأتّى منه الكذب لتعوّده على الصدق ، ولكن ما ذكرناه أولى ، فإنّه قد يكون الفرد كذلك ، لكن لا يصل الى درجة الصدّيق الّذي له مرتبة الشهادة على الأعمال والحقائق. والّذي تكون منزلته دون منزلة الأنبياء ورتبته دون مرتبتهم ، كما هو ظاهر الآية الشريفة.

قوله تعالى : (وَالشُّهَداءِ).

وهم الطائفة الثالثة ، أي الّذين تولّاهم الله تعالى بالشهادة ، وجعلهم من المقرّبين ، فشهدوا الحقّ وأريقت دماؤهم في سبيله ، لنيل رضاءه وحبّه جلّت عظمته.

وذكر بعض المفسّرين أنّ المراد بالشهداء هم شهداء الأعمال ، ولكن ذكرنا في

٨

أحد مباحثنا السابقة أنّ الشهيد في سبيل الحقّ وإعلاء كلمة الله تعالى ، يكون شهيدا على الأعمال أيضا ، فبينهما تلازم في الجملة.

قوله تعالى : (وَالصَّالِحِينَ).

وهم الّذين صلحت نفوسهم واستقامت أحوالهم وطريقتهم باتباعهم شريعة الله جلّ شأنه والدوام على طاعته ، فصاروا حججه على خلقه ، يحتجّ بهم على من يخرج عن الصراط المستقيم ، وبتزكية نفوسهم بصالح الأعمال ، فتأهّلوا لفيضه عزوجل وتهيّؤوا لنعمه وكرامته. وهذه الطائفة هي آخر الطوائف الّتي هي صفوة الله تعالى من عباده.

والصالحين : جمع الصالح ، وهو الّذي صلحت حاله واستقامت طريقته. وأمّا المصلح ، فهو الفاعل لما فيه الصلاح.

قوله تعالى : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً).

الرفيق كالصديق والخليط ، بمعنى الصاحب ، سمّي بذلك للارتفاق به ، وهو منصوب على التمييز ، وفعيل يستوي فيه الواحد وغيره ، وفي التمييز أيضا يكتفى بالواحد عن الجمع ، وقيل : إنّه منصوب على الحال ، أي حال كونهم رفقاء أولئك الطوائف الّذين تقدّم ذكرهم.

والرفيق جماعة الأنبياء الّذين يسكنون أعلى عليّين ، وفي حديث الدعاء : «والحقني بالرفيق الأعلى» ، وقيل في معنى ذلك : ألحقني بالله تعالى ، يقال : الله رفيق بعباده ، من الرفق والرأفة ، فهو فعيل بمعنى الفاعل ، ومنه حديث عائشة : «سمعته صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول عند موته : بل الرفيق الأعلى». وذلك أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله خيّر بين البقاء في الدنيا وبين ما عند الله ، فاختار ما عند الله تعالى.

ولكنّ الرفيق في الآية المباركة اسم جاء على فعيل ، بمعنى الخليط والصديق ، يطلق على الجماعة المذكورة فيها لا بمعنى الرفق.

٩

وفي الآية الشريفة من التشويق والترغيب والوعد الكبير ما لا يخفى ، وقيل : إنّ فيه معنى التعجيب ، أي : وما أحسن أولئك رفيقا.

والمعنى : حسن مرافقة أولئك الطوائف الّتي يرتفق بهم لرفع كلّ ما يوجب الخوف والحزن.

وإنّما وصف رفقتهم بالحسن ؛ لاحتياج الإنسان بالرفقة في السفر الطويل الّذي يستقبله ، فتفيض تلك الطوائف على من يرافقهم ممّا أنعم الله تعالى عليهم ؛ ولأنّ في رفقة هؤلاء الخير الكثير ؛ ولتأثير الرفيق في صاحبه أثرا كبيرا ، فإذا كان ممّن أنعم الله عليه ، كان أثره في صاحبه حسنا ؛ ولارتفاق الأصحاب بعضهم بعضا.

ولا تختصّ الآية الكريمة بعالم دون عالم ، فتشمل عالم الدنيا والبرزخ والآخرة ، فإنّ في جميعها يحتاج الإنسان إلى رفيق يرافقه في مسيره الاستكمالي ، ليدله على الطريق الصحيح ويرشده إلى ما هو خير له ، ويجنّبه عن المخاطر. وفي الآية المباركة التفات من الغيبة الى الخطاب. كما أنّ في الآيات السابقة موارد مختلفة من الالتفات الدالّ على عظمة الخطاب وأهميّة الموضوع.

قوله تعالى : (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ).

الاسم (ذلك) إشارة إلى الجزاء الّذي ثبت للمطيعين ، ومنه مرافقة من أنعم الله عليه ، والفضل الّذي تفضّل الله تعالى عليهم. أي : أنّ ذلك الجزاء هو الفضل الّذي لا يكون غيره فضلا ، ولا يعلوه فضل آخر ، وليس له حدّ ، فإنّ فيه غاية السعادة ومنتهى الكمال الّذي يتفاضل به الناس ، وهذا الفضل هو من الله تعالى تفضّل به على عباده المطيعين ؛ ثوابا لهم على إطاعتهم وأعمالهم الصالحة.

وفي إتيان اسم الإشارة الدالّ على البعيد ، ودخول اللّام في الصفة (الفضل) أو الخبر ، يدلّ على تفخيم هذا الفضل وتعظيمه ، كأنّه هو الفضل دون غيره.

قوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً).

لأنّ درجات الإيمان وثواب المطيعين واستحقاقهم ومقاديره ومراتب

١٠

خلوصهم وإخلاصهم لا يمكن لأحد العلم بها إلّا الله تعالى ، وكفى به عزوجل عليما.

وفي الآية الشريفة تحريض المؤمنين المطيعين إلى الثواب العظيم والفضل الكبير لا يعلمه إلّا الله تعالى ؛ ولتطمين نفوسهم فتنشط وتقبل على الله تعالى بالعمل بمواعظه ، وفيها توعيد للمنافقين ، فإنّ الله تعالى يعلم ما في قلوبهم.

١١

بحوث المقام

بحث دلالي

تدلّ الآيات الشريفة على أمور :

الأوّل : يدلّ قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ) على أهميّة الطاعة لله والرسول ، ببيان عظيم الأجر والثواب وحسن العاقبة ، فيدلّ على أنّ لها الأثر الكبير في حياة الإنسان في جميع العوالم الّتي يرد عليها.

والآية المباركة تثبت مضمون جميع ما ورد في الآيات السابقة وتؤكّده ، وتبيّن الأثر الكبير للطاعة في شؤون الإنسان.

الثاني : يستفاد من قوله تعالى : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ) مطلق المعيّة المعنويّة والظاهريّة ، فإنّ المطيع لله والرسول مع الّذين أنعم الله عليهم في الدنيا وعالم البرزخ وعالم الآخرة ، يستفيد من فيض علومهم ويستضيء من أنوارهم القدسيّة في تكميل نفسه وتزيينها بالكمالات وتحليتها بالأخلاق الفاضلة.

الثالث : يبيّن قوله تعالى : (مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ) مصاديق المطيعين ودرجاتهم ، فإنّ من يطيع الله تعالى والرسول لا يخلو أن يكون أحد هؤلاء الأربعة ، فإنّ النبيّين هم في أعلى درجات الطاعة والإخلاص ، وهم السادة ، ثمّ الصدّيقين وهم شهداء الحقائق ، ثمّ الشهداء وهم شهداء الأعمال ، ثمّ الصالحين وهم المتهيئون للفيض والكرامة الإلهيّة.

الرابع : إنّما أطلق عزوجل النعمة الّتي أنعمها الله تعالى على تلك الطوائف الأربعة ؛ ليشمل النعم الظاهريّة والمعنويّة ، وهي النعم الّتي تجلب السعادة وتؤدّي إلى الكمال والطمأنينة ، ويستفاد منه أنّ المطيع لله تعالى والرسول يحظى بتلك النعم لطاعته.

١٢

الخامس : يدلّ قوله تعالى : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) على لزوم الارتفاق للإنسان في حياته الظاهريّة الدنيويّة والأخرويّة ، وأنّ للرفقة الأثر الكبير فيه ، وأنّ أحسن رفقة يرتفق بهم هم الّذين ذكرهم الله تعالى في هذه الآية الشريفة ، وأنّ ما يوجب الإعداد للارتفاق بهم هو الطاعة لله والرسول ، وإطلاق الحسن يشمل جميع أنحائه وكلّ ما يمكن تصويره فيه.

السادس : يبيّن قوله تعالى : (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) أنّ ما ذكر في الآية من شمول النعم للمطيع لله والرسول ورفقة من ذكر في الآية الكريمة ، هو الفضل الّذي لا بد للإنسان أن يسعى إليه ويعدّ نفسه لنيله والدخول في هذه الكرامة الإلهيّة.

السابع : مقتضى التعبير الكلامي في صفات المدح الارتقاء من الأدنى إلى الأعلى ، والآية المباركة على عكس ذلك ، فإنّها من الأعلى إلى الأدنى ، ولكن يستفاد من سياقها أنّها في مقام الإخبار عن كون المطيعين لله تعالى والرسول يكونون مع الأشراف والخواص ، فالمقصود الإخبار في الجملة ، وليست في مقام تعداد الصفات الأشراف فالأشرف.

بحث روائي

في الكافي بسنده عن أبي الصباح الكناني عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «أعينونا بالورع ، فإنّه من لقى الله عزوجل منكم بالورع ، كان له عند الله فرحا ، إنّ الله عزوجل يقول : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) ، فمنّا النبيّ ، ومنّا الصدّيق ، ومنّا الشّهداء ومنّا الصالحون».

أقول : ترتّب الفرح في الآخرة على الورع ، من باب ترتّب المسبّب على السبب ؛ لأنّ الورع ملاك الدين وقوامه ، وبه يحصل الكفّ عن محارم الله تعالى

١٣

والاجتناب عنها ، وفي الحديث عن نبيّنا الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله : «صونوا دينكم بالورع» ، أي : احفظوه ، والورع عن محارمه تعالى هو طاعته.

ثمّ إنّ الورع على أقسام :

الأوّل : ورع التائبين ، وهو ما يخرج المكلّف به عن الفسق ويوجب قبول شهادته.

الثاني : ورع الصالحين ، وهو ما يخرج المكلّف به عن الشبهات.

الثالث : ورع المتّقين ، وهو ترك الحلال الّذي يتخوّف انجراره إلى الحرام ، وفي الحديث عن نبيّنا الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا يكون الرجل من المتّقين حتّى يدع ما لا بأس به مخافة أن يكون فيه بأس» ، مثل أن يترك الكلام مع الغير مخافة الوقوع في شبهة الحرام.

الرابع : ورع الصدّيقين ، وهو الإعراض عن غير الله تعالى خوفا من ضياع ساعة من العمر فيما لا فائدة فيه. رزقنا الله تعالى رشحة من رشحاته.

ولكلّ من هذه الأقسام مراتب ودرجات. كما أنّ الفرح كذلك ، خصوصا عنده جلّت عظمته ، ولكن رحمته سبقت كلّ شيء وفضله عمّ.

وذيل الرواية من باب ذكر أكمل الأفراد وأجلّ المصاديق ، وبهذا المعنى وردت روايات اخرى ، ففي بعضها أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من النبيّين وعليّ عليه‌السلام من الصدّيقين ، والشهداء الحسن والحسين عليهما‌السلام ، والصالحون حمزة ، وحسن أولئك رفيقا سائر الأئمة عليهم‌السلام. وفي بعضها : والصالحون هم الكمّل من المؤمنين. وفي بعضها : الصالحون ابنتي فاطمة عليها‌السلام وأولادها ، فلا منافاة بينها لما تقدّم.

وفي الكافي عن الصادق عليه‌السلام : «المؤمن مؤمنان ، مؤمن وفي الله بشروطه الّتي اشترطها عليه ، فذلك مع النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، وذلك ممّن يشفع ولا يشفع له ؛ وذلك ممّن لا تصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال

١٤

الآخرة. ومؤمن زلّت به قدم ، فذلك كخامة الزرع كيف ما كفأته الريح انكفأ ، وذلك ممّن يصيبه أهوال الدنيا وأهوال الآخرة ، ويشفع له ، وهو على خير».

أقول : لعلّ المراد من أهوال الدنيا أهوال البرزخ ، وإلّا فقد ورد : «أنّه كلما زيد في إيمان المؤمن ، زيد في بلائه» ، وقد ورد : «أنّه هل كتب البلاء إلّا على المؤمن». أو أنّ المراد بأهوال الدنيا ما يوجب ضعف عقيدته والتشكيك في دينه.

وكيف كان ، فإنّ التقسيم الوارد فيها حسب مراتب الإيمان ، فإنّ أجلّ مراتبه وأكمله ما ورد في المؤمن الّذي وفي الله تعالى بشروطه ، كما في الرواية ، وفي هذا المعنى ورد قوله تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) [سورة يونس ، الآية : ٦٣]. وقد وردت روايات كثيرة عن الأئمة الهداة عليهم‌السلام : «المؤمن يشفع يوم القيامة» ؛ لأنّ للإيمان الحقيقي الواقعي آثارا ، منها أنّه تعالى يخوّل إلى المؤمن صحائف الخلق في يوم المعاد ، فيشفع فيهم حسب إرادته عزوجل.

والخامة : ألفها منقلبة عن واو وهي الغصنة اللينة من الزرع ، وفي الحديث : «مثل المؤمن مثل الخامة يفيئها الرياح».

وفي أمالي الشيخ بإسناده إلى عليّ عليه‌السلام قال : «جاء رجل من الأنصار الى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله ، ما أستطيع فراقك ، وإنّي لأدخل منزلي فأذكرك فأترك ضيعتي وأقبل حتّى أنظر إليك حبّا لك ، فذكرت إذا كان يوم القيامة وأدخلت الجنّة فرفعت في أعلى عليين ، فكيف لي بك يا نبي الله؟! فنزل قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) ، فدعا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الرجل فقرأها عليه وبشّره بذاك».

أقول : وقريب منه ما في الدرّ المنثور وأسباب النزول للواحدي وغيرهما باختلاف يسير لا يضرّ بأصل المعنى ، فإنّ الحبّ الواقعي الّذي يوجب اتّباع

١٥

المحبوب في كلّ ما يريده ، يستلزم عدم الفراق بينهما في العوالم كلّها ، فعن نبيّنا الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله : «المرء مع من أحبّ». وعن سيد العرفاء عليّ عليه‌السلام في دعائه الملكوتي : «فهبني يا إلهي .. صبرت على عذابك ، فكيف أصبر على فراقك» ، فتكون الآية المباركة من باب التطبيق.

وفي صحيح مسلم وسنن النسائي وغيرهما ، عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال : «كنت أبيت عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فآتيه بوضوئه وحاجته. فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : سل ، فقلت : يا رسول الله أسألك مرافقتك في الجنّة. قال : أو غير ذلك؟ قلت : هو ذاك ، قال : فأعنّي على نفسك بكثرة السجود».

أقول : السجود لله تعالى مع شرائطه له آثار وضعيّة وثواب عظيم ، منها ما ذكره النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فالرواية من باب التطبيق.

أخرج ابن جرير عن الربيع قال : «إنّ أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قالوا : قد علمنا أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله له فضل على من آمن به في درجات الجنّة ممّن تبعه وصدّقه ، فكيف لهم إذا اجتمعوا في الجنّة أن يرى بعضهم بعضا؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية في ذلك ، فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ العليين ينحدرون إلى من هو أسفل منهم فيجتمعون في رياضها ، فيذكرون ما أنعم الله عليهم ويثنون عليه».

أقول : على فرض صحّة الرواية ، انحدار العليّين لأجل ذكر نعم الله تعالى عليهم وبيانهم لغيرهم والثناء عليه تعالى ، أو لأجل اشتهائهم فتحصل المعاشرة والمصاحبة قهرا ، والرواية من باب التطبيق ، وأمّا صعود من هو أسفل إلى العليّين في الجنّة فلا يتحقّق ؛ لأنّ لكلّ مؤمن درجة وشأنا ولياقة ، وذلك لا ينافي قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ) [سورة فصلت ، الآية : ٣١] ، فإنّ ذلك لا يتجاوز حدود اللياقة والأهليّة إلّا إذا شاء تعالى.

العياشي عن عبد الله بن جندب ، عن الرضا عليه‌السلام ، قال : «حقّ على الله أن يجعل وليّنا رفيقا للنبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا».

١٦

أقول : المراد من صدر الرواية أنّه تعالى ألزم على نفسه حسب إرادته أن يجعل المؤمن الواقعي رفيقا لتلك الطوائف في الجنّة ، وذلك من باب ترتّب المسبّب على السبب ، والرواية من باب ذكر أجلى المصاديق وأكملها.

بحث عرفاني

المراد من الطاعة ـ الّتي هي الوسيلة للوصول إلى الدرجات الرفيعة السامية والأفق القريب منه جلّ شأنه ، وهي الّتي أكّدت عليها الآيات الشريفة ودعى إليها الأنبياء والأولياء بألسنة مختلفة واهتمّوا بها ؛ لأنّها المبعث لتكريم الإنسان ونيله أشرف المراتب وأجلّ المقامات ، وهي الانقياد الكامل والامتثال مع الإخلاص لجلب رضا الحقّ وترك ما سواه.

ولها مراتب كثيرة ـ بل متفاوتة ـ حسب إخلاص العبد ومقام العبوديّة ، بل حسب درجات الحبّ والمحبّة له جلّت عظمته ، ففي الأثر : «إنّ الله تعالى أودع أنوار الملكوت في أصناف الطاعات». فأعلى مراتبها قتل النفس في الحقيقة وقمع هواها الّتي هي حياتها ، قال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها* وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) [سورة الشمس ، الآية : ٩ ـ ١٠] ، وبالخروج عن عالم المادّة. ومن مراتبها تسليم النفس إليه تعالى ودوام المراقبة لها ، كما ورد ذلك في روايات مستفيضة عن المعصومين عليهم‌السلام وفي الدعوات المأثورة عنهم ، وفي الأثر : «كنّا في طريق مكّة ، فإذا بشاب قائم في ليله يناجي ربّه ويقول : يا من شوقي إليه ، وقلبي محبّ له ، ونفسي له خادم ، وكلّي فناء في إراداتك ومشيئتك ، فأنت ولا غيرك ، متى تنجيني ـ إلى آخره ـ قلت له : رحمك الله ، ما علامة حبّه؟ قال : اشتهاء لقائه. قلت : فما علامة المشتاق؟ قال : ليس له قرار ولا سكون في ليل ولا نهار من شوقه إلى ربّه. قلت : فما علامة الفاني؟ قال : لا يعرف الصديق من العدو ، ولا الحلو من المرّ من فنائه عن رسمه وجسمه. قلت : فما علامة الخادم؟ قال : إنّه يرفع قلبه وجوارحه وطعمه من ثواب

١٧

الله ـ إلى آخره» ، وعن نبيّنا الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا يكون أحدكم كالعبد السوء إن خاف عمل ، ولا كالأجير السوء إن لم يعط لم يعمل». وعن سيد العرفاء عليّ عليه‌السلام : «إلهي عبدتك لا خوفا من نارك ولا طمعا في جنّتك ، بل وجدتك أهلا لذلك فعبدتك».

وبالطاعة الحقيقيّة ينال الإنسان الدرجات الرفيعة والمراتب الشريفة ، ويتجاوز عن حدّ الكمال ويصل إلى درجة التكميل ، فتكون له المعيّة في الدرجة لا في الاتّحاد ـ كما في بعض الروايات ـ لأنّ التساوي في كلّ جهة معه محال ، كما ثبت في الفلسفة الإلهيّة.

كما أنّ العصيان والتجرّي بالإعراض عن طاعة الرحمن والإقبال على طاعة الشيطان ، يصل الإنسان إلى أسفل الهاوية ومنتهى الهلاك ، وإنّ له أيضا مراتب ، وعن نبيّنا الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله : «كلّ أمتي يدخلون الجنّة إلّا من أبى. قيل : يا رسول الله ، ومن أبى؟ قال : من أطاعني دخل الجنّة ، ومن عصاني فقد أبى» ، فإنّ إطاعته إطاعة الله تعالى ، كما أنّ عصيانه كذلك ، كما تقدّم.

وإنّما جعل سبحانه وتعالى في هذه الآية المباركة جزاء الطائعين لله والرسول مرافقة الأنبياء والصدّيقين والشهداء والصالحين ، ولم يجعل ـ كما في غير الطاعة ـ الجنّات الّتي تهفوا إليها القلوب وتخلد فيها النفوس ؛ لأنّ الطاعة ليست تكليفا محضا حتّى يجعل في مقابلها جزاء ، وإنّما هي وسيلة لرقي النفس وسبيل للوصول إلى المرتبة الكاملة والنيل إلى المرتقى.

ومعنى رقي النفس ورفعها بالوصول إلى الشاهق الأعلى ، هو معاشرتها ومصاحبتها مع سنخها من النفوس القدسيّة ، كالأنبياء والصدّيقين والشهداء والصالحين ، لما ثبت في الفلسفة الإلهيّة وغيرها من أنّ السنخيّة في جميع الأشياء وفي جميع العوالم لازمة وموجودة ، فمقتضى قانون السنخيّة في عالم المصاحبة والمعاشرة ـ الّذي يكون في عالم الشهادة وعالم البرزخ وعالم الآخرة ـ هو أن

١٨

تكون النفوس الخيرة مع أمثالها والنفوس الشريرة كذلك ؛ لما بينهما من التباعد والتباين ، فلا تلائم بين الصنفين أيضا ، فإنّ أرواح المطيعين ونفوس المؤمنين لا تميل ولا تستقرّ إلّا مع النفوس الّتي تماثلها وتكون قريبة بينهم وفي أفقهم ، أي من سنخهم ، وهي النفوس الرفيعة القدسيّة.

على أنّ ذلك يلازم دخول الجنّات الّتي تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها. ولعلّ التعبير بقوله تعالى : (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ) ، وقوله تعالى في ذيل الآية المباركة : (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) ، يدلان على ما ذكرناه ، والله العالم بالحقائق.

وفي الآية الشريفة إشارة إلى أنّه ينبغي للمؤمن أن يسعى في تكميل نفسه بالصلاح ، ويترقّى إلى مرتبة الشهادة ، ثمّ إلى مرتبة الصديقيّة ، الّتي ليست بينها وبين مرتبة النبيّين أية واسطة إلّا الوحي.

والحسن الوارد في قوله تعالي : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) من الصفات الّتي لها مراتب متفاوتة شدّة وضعفا وكمالا. وأنّ المراد من الحسن الحسن في الرفاقة في عالم الدنيا ، ويستلزم الحسن في عالم الآخرة ، بل لا يتمّ حسن إلّا به.

١٩

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (٧١) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (٧٢) وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (٧٣) فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (٧٤) وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً (٧٥) الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً (٧٦))

بعد ما بيّن سبحانه وتعالى أصول الحكومة الإسلاميّة ، وأمر المسلمين بوصايا ينتظم بها شؤونهم وتصلح أمورهم ، ووعد الأجر الجزيل والثناء الجميل للمطيعين لله تعالى والرسول ، وشدّد النكير على من يرغب عن حكم الله تعالى وحكم الرسول إلى حكم غيره من أهل الطغيان.

وفي هذه الآيات الشريفة يوجّه عزوجل المؤمنين للقتال ويحثّهم على الجهاد ويستنهض همهم في إنقاذ المؤمنين المستضعفين ، ويأمرهم بوصايا تتعلّق بشأن القتال ، وأخذ الحذر من أعداء الله تعالى وتجنيد المؤمنين والتهيّؤ للقتال والتعبئة له ، وبيّن عزوجل أحوال المجتمع ، ويقسّمه إلى المؤمنين الصادقين والمؤمنين الضعاف

٢٠