تذكرة الفقهاء - ج ١٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ١٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: ٣٩٢

وأمّا عندنا فإنّه يجوز بيعه منضمّا إلى الدار ، والجهالة لا تضرّ ، لأنّها تابعة ، كأساسات الحيطان.

وإن شرط دخول الماء في البيع ، صحّ عندنا وعنده على قوله : إنّ الماء مملوك (١).

وأمّا العيون المستنبطة فإنّها مملوكة.

وهل يملك الذي فيها؟ أمّا عندنا : فنعم. وأمّا عند الشافعي :

فوجهان (٢).

ولا يمكن بيع الماء الذي فيها منفردا ، للجهالة. ويجوز بيع العين وجزء منها.

وأمّا المياه التي في الأنهار ـ كالفرات ودجلة وما دونها من المياه في الجبال والعيون ـ فليست مملوكة ، ومن أخذ منها شيئا وحازه (٣) ملكه ، وجاز له بيعه.

وإذا جرى من هذه المياه شي‌ء إلى ملك إنسان ، لم يملكه بذلك ، كما لو توحّل ظبي في أرضه أو نزل ثلج إلى ساحته.

وكذا إذا حفر نهرا فجرى الماء إليه من هذه الأنهار ، لم يملكه بذلك ، فيجوز لغيره الشرب منه.

أمّا لو حفر النهر وقصد بذلك إجراء الماء وكان النهر مملوكا له ، فالأولى أنّه يملكه ، لأنّه قد حازه (٤) حيث أجراه في نهره ، فكان كما لو أخذ في آنيته.

__________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢.

(٢) انظر : العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٤٠ ، وروضة الطالبين ٤ : ٣٧٣ ، والمغني ٤ : ٢١٧ ، والشرح الكبير ٤ : ٢٠٣.

(٣) في الطبعة الحجريّة و « س ، ي » : « أحازه ». والصحيح ما أثبتناه.

(٤) في الطبعة الحجريّة و « س ، ي » : « أحازه ». والصحيح ما أثبتناه.

٦١

مسالة ٥٧٩ : لو كان في الأرض أو الدار معدن ظاهر ـ كالنفط والملح والغاز والكبريت ـ فهو كالماء هل يملكه صاحب الأرض؟ للشافعيّة وجهان (١).

وعندنا أنّه مملوك له إذا كان في ملكه.

وإن كان باطنا كالذهب والفضّة وغيرهما من الجامدات ، فهي مملوكة تتبع الأرض في الملك وفي البيع ، لأنّها جزء منها ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ إلاّ أنّه لا يجوز بيع معدن الذهب بالذهب.

ولو بيع بالفضّة ، جاز عندنا ، وعنده قولان (٣) سبقا في الجمع بين البيع والصرف.

مسالة ٥٨٠ : لو باع دارا في طريق غير نافذ ، دخل حريمها في البيع وطريقها.

وفي دخول الأشجار فيه ما سبق. وإن كانت في طريق نافذ ، لم يدخل الحريم والأشجار في البيع ، بل لا حريم لمثل هذه الدار ، قاله الشافعي (٤).

مسالة ٥٨١ : لو باع دارا ، دخل فيها الأعلى والأسفل‌ ، لأنّ اسم الدار يشملهما ، إلاّ أن تشهد العادة باستقلال الأعلى بالسكنى ، فلا يدخل. وكذا الخان.

__________________

(١) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٩ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢.

(٢) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢.

(٤) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٨٠ ـ ٣٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢ ـ ٢٠٣.

٦٢

البحث الخامس : العبد.

مسالة ٥٨٢ : إذا باع عبده أو أمته ، لم يتناول العقد مال العبد إن كان له مال وقلنا : إنّه يملك بالتمليك ، اقتصارا على ما يتناوله اللفظ وإبقاء لغيره على أصله.

ولو شرط البائع المال لنفسه ، فلا بحث في أنّه له ، لأنّ ملك العبد ناقص ، وللمولى انتزاعه منه دائما.

وإن باعه مع المال ، فإن قلنا : إنّه لا يملك ما ملّكه مولاه ، اعتبر فيه شرائط البيع ، فلو كان مجهولا ، لم يصح. وكذا لو كان دينا والثمن دين ، أو كان ذهبا والثمن منه.

ولو كان ذهبا والثمن فضّة أو بالعكس ، جاز عندنا.

وللشافعي قولان (١).

وإن قلنا : إنّه يملك ، انتقل المال إلى المشتري مع العبد ، ولا تضرّ الجهالة عند الشافعي (٢) ، لأنّ المال هنا تابع وجهالة التابع محتملة كجهالة الأساسات والحمل واللبن وحقوق الدار ، بخلاف الأصل ، فإنّه لا يحتمل الجهالة.

وقال بعض الشافعيّة : إنّ المال ليس بمبيع لا أصلا ولا تبعا ولكن شرطه للمبتاع تبقية له على العبد كما كان ، فللمشتري انتزاعه ، كما كان للبائع الانتزاع ، فلو كان المال ربويّا والثمن من جنسه ، فلا بأس. وعلى الأوّل لا يجوز ذلك ، ولا يحتمل الربا في التابع كما في الأصل (٣).

__________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٣.

٦٣

والتحقيق أن نقول : إن باعه العبد وماله بحيث كان المال جزءا من المبيع ، شرط فيه ما شرط في المبيع. وإن باعه العبد وشرط له المال ، كان المال للمشتري ، واشترط فيه شرائط البيع.

مسالة ٥٨٣ : الأقرب : عدم دخول الثياب التي للعبد في بيعه‌ ، اقتصارا على ما تناوله حقيقة اللفظ ، كالسرج لا يدخل في بيع الدابّة ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. وفي الثاني : تدخل ، وفيه وجهان :

أحدهما : أنّ ما عليه من الثياب يدخل اعتبارا بالعرف ، وبه قال أبو حنيفة (١).

ولا بأس بهذا القول عندي ، وهو الذي اخترناه في كتاب القواعد (٢).

والثاني : يدخل ساتر العورة دون غيره (٣).

ولا وجه له ، لأنّ العرف يقضي بالثاني واللغة بالأوّل ، فهذا لا اعتبار به.

ولو جرّده من الثياب وباعه ، لم تدخل قطعا.

وكذا البحث في عذار الدابّة ومفقودها.

ويدخل نعلها ، لأنّه متّصل بها ، فصار كالجزء منها.

مسالة ٥٨٤ : ولا يدخل حمل الجارية ولا الدابّة في بيعهما إلاّ مع الشرط‌ ، ولا ثمرة شي‌ء من الأشجار إلاّ النخل إذا لم يؤبّر. ولو شرط خلاف ذلك ، جاز. وقد تقدّم (٤) البحث في هذا كلّه.

__________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ١٨١ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٤٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٧ ـ ٣٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٣.

(٢) قواعد الأحكام ٢ : ٨٥.

(٣) الحاوي الكبير ٥ : ١٨١ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٤٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٧ ـ ٣٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٣.

(٤) في ج ١٠ ص ٢٧٥ و ٣١٥ ـ ٣١٦ و ٣٨٤ ، المسائل ١٢٥ و ١٤٠ و ١٨٣.

٦٤

البحث السادس : الشجر.

مسالة ٥٨٥ : إذا باع شجرة ، دخل أغصانها في البيع‌ ، لأنّها معدودة من أجزائها.

أمّا الغصن اليابس فالأقرب : دخوله ، ولهذا يحنث لو حلف لا يمسّ جزءا منها ، فلمسه. والقطع لا يخرجه عن الجزئيّة ، والدخول في مسمّى الشجرة كالصوف على الغنم.

وللشافعيّة وجهان ، هذا أحدهما. والثاني : أنّه لا يدخل ، لأنّ العادة فيه القطع ، كما في الثمار (١).

ولو كانت الشجرة يابسة ، دخلت أغصانها اليابسة قطعا.

وتدخل العروق أيضا في مسمّى الشجرة ، لأنّها جزء منها. وكذا الأوراق ، لأنّها جزء من الشجرة.

وفي أوراق التوت ، الخارجة (٢) في زمن الربيع نظر ينشأ : من أنّها كثمار سائر الأشجار ، فلا تدخل. ومن أنّها جزء من الشجرة (٣) فتدخل ، كما في غير الربيع. وهو الأقوى عندي.

وللشافعيّة وجهان (٤).

وكذا شجر النبق يدخل فيه ورقه.

__________________

(١) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٤.

(٢) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « وفي ورق التوت الخارج ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « الشجر ».

(٤) راجع المصادر في الهامش ١.

٦٥

وللشافعيّة طريقان ، هذا (١) أحدهما ، كأوراق سائر الأشجار. والثاني : عدم الدخول ، لأنّها تلتقط ليغسل بها الرأس (٢).

مسالة ٥٨٦ : لو باع شجرة يابسة نابتة‌ ، فعلى المشتري تفريغ الأرض منها. ولو (٣) شرط إبقاءها ، فإن عيّن المدّة ، صحّ. وإن أبهم ، بطل ، إذ لا حدّ لها ينتهي إليه.

وأطلق الشافعي البطلان لو شرط الإبقاء ، كما لو اشترى الثمرة بعد التأبير ، وشرط عدم القطع عند الجذاذ (٤). والفرق ظاهر.

ولو باعها بشرط القطع أو القلع ، جاز.

وتدخل العروق في البيع عند شرط القلع ، ولا تدخل عند شرط القطع ، بل تقطع عن وجه الأرض.

وهل له الحفر إلى أن يصل إلى منبت العروق؟ إشكال.

مسالة ٥٨٧ : لو باع شجرة رطبة بشرط الإبقاء أو بشرط القلع‌ ، اتّبع الشرط ، فإن أطلق ، فالأقرب أنّه يجب الإبقاء ، تبعا للعادة ، كما لو اشترى ما يستحقّ إبقاءه.

ولا يدخل المغرس في البيع عندنا ، لأنّ اسم الشجرة لا يتناوله ، وهو أحد قولي الشافعي. وفي الثاني : أنّه يدخل ـ وبه قال أبو حنيفة ـ لأنّه يستحقّ منفعة المغرس لا إلى غاية ، وذلك لا يكون إلاّ على سبيل الملك ، ولا وجه لتملّكه إلاّ دخوله في البيع (٥).

__________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « وهذا ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٤.

(٣) في « س ، ي » : « فلو ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٤.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٤ ، منهاج الطالبين : ١٠٦.

٦٦

والمقدّمتان ممنوعتان ، لأنّ الغاية انتهاء حياة الشجرة وقد يستحقّ غير المالك المنفعة لا إلى غاية ، كما لو أعار جداره ليضع غيره الجذع عليه.

فعلى الأوّل ـ الذي اخترناه ـ لو انقلعت الشجرة أو قلعها المالك ، لم يكن له أن يغرس بدلها ، وليس له أن يبيع المغرس ، وعلى الثاني له أن يغرس بدلها ويبيع المغرس.

وكذا لو باع بستانا واستثنى منه البائع نخلة.

ولو اشترى النخلة أو الشجرة بحقوقها ، لم يدخل المغرس ، بل الإبقاء ، وليس له الإبقاء في المغرس ميّته إلاّ أن يستخلف عوضا من فراخها المشترطة.

مسالة ٥٨٨ : لو باع شجرة أو نخلة ولها فراخ‌ ، لم تدخل الفراخ في النخلة والشجرة ، لأنّها خارجة عن المسمّى ، فلا يتناولها العقد إلاّ مع الشرط.

ولو تجدّدت الفراخ بعد البيع ، فهي لمشتري النخلة. ولا يستحقّ المشتري إبقاءها في الأرض إلاّ مع الشرط ، فإن لم يشرط ، كان له قلعها عن أرضه عند صلاحية الأخذ لا قبله ، كما في الزرع ، ويرجع في ذلك إلى العادة.

ولو اشترى النخلة بحقوقها ، لم تدخل الفراخ.

ولو استثنى شجرة أو نخلة من البستان الذي باعه ، أو اشترى نخلة أو شجرة من جملة البستان الذي للبائع ، كان له الممرّ إليها والمخرج منها ومدّ (١) جرائدها من الأرض.

__________________

(١) في « س » : « مدى » بدل « مدّ ».

٦٧

ولو انقلعت ، لم يكن له غرس اخرى ، سواء كان مشتريا للنخلة أو بائعا لها ، إلاّ أن يستثني الأرض.

مسالة ٥٨٩ : لو باع النخل وعليه ثمرة ظاهرة‌ ، فإن كانت مؤبّرة ، فهي للبائع إجماعا ، إلاّ أن يشترطها المشتري ، فتكون له ، عملا بمفهوم قوله عليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم » (١).

وإن لم تكن مؤبّرة ، فهي للمشتري ، إلاّ أن يشترطها البائع ، فتكون له.

ومع الإطلاق للمشتري عندنا ـ وبه قال الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل (٢) ـ لما رواه العامّة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « من باع نخلا بعد أن تؤبّر فثمرتها للبائع إلاّ أن يشترط المبتاع » (٣).

ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليه‌السلام : « من باع نخلا قد لقح فالثمرة للبائع إلاّ أن يشترطها (٤) المبتاع ، قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك » (٥).

وعن الصادق عليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من باع نخلا قد أبّره فثمره للذي باع إلاّ أن يشترط المبتاع » ثمّ قال : « إنّ عليّا عليه‌السلام قال :

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٣٧١ ، ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ ، ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٢) الوسيط ٣ : ١٧٧ ، حلية العلماء ٤ : ٢٠١ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٥ ، المنتقى ـ للباجي ـ ٤ : ٢١٥ ، التفريع ٢ : ١٤٦ ، الذخيرة ٥ : ١٥٧ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٩٥ ، ١١٧٣ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٢٠٦.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ٢٩٧ ، معرفة السنن والآثار ٨ : ٦٨ ، ١١١٤٧.

(٤) في المصدر : « يشترط ».

(٥) الكافي ٥ : ١٧٧ ، ١٢ ، التهذيب ٧ : ٨٧ ، ٣٦٩.

٦٨

قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك » (١).

وهو يدلّ على أنّ النخل إذا لم تؤبّر ، تكون الثمرة للمشتري ، لأنّه عليه‌السلام جعل الإبار حدّا لملك البائع ، وهو يدلّ على أنّه جعل ما قبله حدّا لملك المشتري. ولأنّها قبل التأبير كالجزء من النخلة لا يعلم حالها من صحّة الثمرة وفسادها.

وقال ابن أبي ليلى : إنّها للمشتري بكلّ حال ، لأنّها متّصلة بالأصل اتّصال الخلقة ، فكانت تابعة له ، كالأغصان (٢).

ونمنع المساواة ، فإنّ الغصن يطلب بقاؤه ، بخلاف الثمرة ، وهو جزء من النخلة داخل في اسمها ، بخلاف الثمرة. ولأنّه نماء كامن لظهوره غاية ، فلم يتبع أصله بعد ظهوره ، كالحمل.

وقال أبو حنيفة : تكون للبائع أبّرت أولا ، لأنّه نماء جذاذ انتهى إليه الحدّ ، فلم يتبع أصله ، كالزرع (٣).

ويبطل بأنّه نماء كامن لظهوره غاية ، فكان تابعا لأصله قبل ظهوره ، كالحمل عنده (٤) ، والزرع ليس من نماء الأرض ولا متّصلا بها ، بل هو مودع فيها.

مسالة ٥٩٠ : النخل إمّا فحول أو إناث‌ ، وأكثر المقصود من طلع‌

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٨٧ ، ٣٧٠.

(٢) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٩٥ ، ١١٧٣ ، حلية العلماء ٤ : ٢٠١ ، شرح السنّة ـ للبغوي ـ ٥ : ٧٧ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٢٠٦.

(٣) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٩٥ ـ ٩٦ ، ١١٧٣ ، الوسيط ٣ : ١٧٨ ، حلية العلماء ٤ : ٢٠١ ، شرح السنّة ـ للبغوي ـ ٥ : ٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٠ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٢٠٦.

(٤) الاستذكار ١٩ : ١٤ ، ٢٧٩١١ و ٢٧٩١٢.

٦٩

الفحول استصلاح ثمرة الإناث به.

والذي يبدأ (١) أوّلا منها أكمة صغيرة ثمّ تكبر وتطول حتى تصير كآذان الحمار ، فإذا كبرت تشقّقت فتظهر العناقيد في أوساطها فيذرّ فيها طلع الفحول ليكون الحاصل من رطبها أجود ، فالتشقيق وذرّ طلع الفحول فيها هو التأبير والتلقيح.

ولا فرق بين أن يؤبّرها الملقّح أو يؤبّرها اللواقح ، فإذا كانت الفحول في ناحية الصبا فهبّ الصبا وقت التأبير فأبّرت الإناث برائحة طلع الفحول وكذا إذا تأبّرت من نفسها ، الحكم في الجميع واحد ، لظهور المقصود.

إذا ثبت هذا ، فالتأبير إنّما يعتبر في إناث النخل لا فحولها ، فلو باع فحولا بعد تشقيق طلعها ، لم يندرج في البيع إجماعا. وكذا إن لم يتشقّق عندنا ـ وهو أضعف وجهي الشافعيّة (٢) ـ عملا بالأصل ، وعدم تناول اسم النخلة له ، السالم عن معارضة نصّ التأبير ، لأنّا قد بيّنّا أنّ جزءه ذرّ طلع الفحل فيه ، وإنّما يتحقّق ذلك في الإناث. ولأنّ طلع الفحل يؤكل على هيئته ، ويطلب لتلقيح الإناث به ، وليس له غاية منتظرة بعد ذلك ، فكان ظهوره كظهور ثمرة لا قشر لها ، بخلاف طلع الإناث.

والثاني : الاندراج ، كما في طلع الإناث (٣). وليس معتمدا.

مسالة ٥٩١ : لو أبّر بعض النخلة ، كان جميع طلعها للبائع‌ ، ولا يشترط لبقاء الثمرة على ملكه تأبير جميع طلعها ، لما فيه من العسر ، وعدم‌

__________________

(١) كذا ، والظاهر : « يبدو » بدل « يبدأ ».

(٢) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٦ ، حلية العلماء ٤ : ٢٠٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٥.

(٣) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٦ ، حلية العلماء ٤ : ٢٠٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٥.

٧٠

الضبط ، ولأنّه يصدق عليه أنّه قد باع نخلا قد أبّر ، فيدخل تحت نصّ أنّه للبائع ، وكان غير المؤبّر تابعا للمؤبّر ، وهو أولى من العكس ، كما أنّ باطن الصبرة تبع لظاهرها في الرؤية. ولأنّ الباطن صائر إلى الظهور ، بخلاف العكس.

ولو باع نخلات أبّر بعض نخلها وبعضه غير مؤبّر ، فالوجه عندي : أنّ النخلة المؤبّرة ثمرتها للبائع ، وغير المؤبّرة للمشتري ، سواء كانت النخلات من نوع واحد أو من أنواع مختلفة ، وسواء كانت في بستان واحد أو بساتين.

وقال الشافعي : إن كانت في بستان واحد واتّحد النوع وباعها صفقة واحدة ، فالحكم كما في النخلة الواحدة إذا أبّر بعض ثمرها دون بعض.

وإن أفرد ما لم يؤبّر طلعة ، فوجهان :

أحدهما : أنّه يبقى للبائع أيضا ، لدخول وقت التأبير ، والاكتفاء به عن نفس التأبير.

وأصحّهما عندهم : أنّه يكون للمشتري ، لأنّه ليس في المبيع شي‌ء مؤبّر حتى يجعل غير المؤبّر تبعا له ، فيبقى تبعا للأصل.

وإن اختلف النوع ، فوجهان :

أحدهما ـ وبه قال ابن خيران ـ : أنّ غير المؤبّر يكون للمشتري ، والمؤبّر للبائع ، لأنّ لاختلاف النوع تأثيرا بيّنا في اختلاف [ الأيدي ] (١) وقت التأبير.

وأصحّهما : أنّ الكلّ يبقى للبائع كما لو اتّحد النوع ، دفعا لضرر‌

__________________

(١) ما بين المعقوفين من « العزيز شرح الوجيز ».

٧١

اختلاف الأيدي وسوء المشاركة.

وإن كانت في بساتين ، فحيث قلنا في البستان الواحد : إنّ كلّ واحد من المؤبّر وغير المؤبّر يفرد بحكمه ، فهنا أولى. وحيث قلنا بأنّ غير المؤبّر يتبع المؤبّر ، فهنا وجهان ، أصحّهما : أنّ كلّ بستان يفرد بحكمه.

والفرق أنّ لاختلاف البقاع تأثيرا في وقت التأبير ، وأيضا فإنّه يلزم في البستان الواحد ضرر اختلاف الأيدي وسوء المشاركة. ولأنّ للخطّة الواحدة من التأثير في الجميع (١) ما ليس في الخطّتين ، فإنّ خطّة المسجد تجمع بين المأموم والإمام وإن اختلف البناء وتباعدت المسافة بينهما.

ولا فرق بين أن يكون البستانان متلاصقين أو متباعدين (٢).

فروع :

أ ـ لو باع نخلة وبقيت الثمرة له ثمّ خرج طلع آخر من تلك النخلة أو من نخلة أخرى حيث يقتضي الحال اشتراكهما في الحكم ـ كما هو عند الشافعي ـ احتمل أن يكون الطلع الجديد للبائع أيضا ، لأنّه من ثمرة العام ، ولأنّه يصدق على تلك النخلة أنّها مؤبّرة. وأن يكون للمشتري ، لأنّه نماء ملكه بعد البيع.

وللشافعيّة وجهان (٣) كهذين.

ب ـ لو جمع في صفقة واحدة بين فحول النخل وإناثها ، كان كما لو جمع بين نوعين من الإناث ، عند الشافعيّة (٤).

والوجه : أنّ طلع الفحول للبائع ، وطلع الإناث للمشتري إن لم يكن‌

__________________

(١) في العزيز شرح الوجيز : « الجمع ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٢ ـ ٣٤٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٨.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٨.

٧٢

مؤبّرا.

ج ـ لو تشقّق الطلع من قبل نفسه ، فقد بيّنّا أنّه كما لو أبّره.

وللشافعيّة قولان ، هذا أحدهما.

وقال بعضهم : لا يندرج تحت البيع وإن لم يؤبّر (١).

مسالة ٥٩٢ : غير النخل من الأشجار لا تدخل ثمارها في البيع ـ للأصل ـ إذا كانت قد خرجت ، سواء بدا صلاحها أو لا ، وسواء كانت بارزة أو مستترة في كمام ، وسواء تشقّق الكمام عنها أو لا. وكذا ورد ما يقصد ورده ، سواء تفتّح أو لا ، عند علمائنا. وكذا القطن وغيره. وبالجملة ، كلّ ما عدا النخل فإنّ ثمرته باقية على ملك البائع إذا كانت قد وجدت عند العقد ، عملا بالأصل السالم عن معارضة النصّ ، لتخصيصه بالنخل.

وقالت الشافعيّة : ما عدا النخل أقسام :

أوّلها : ما يقصد منه الورق ، كشجر التوت. وقد سبق حكمه.

وشجر الحنّاء ونحوه يجوز أن يلحق بالتوت. ويجوز أن يقال : إذا ظهر [ ورقه ، فهي ] (٢) للبائع بلا خلاف ، لأنّه لا ثمر له سوى الورق ، وللتوت ثمرة مأكولة.

وثانيها : ما يقصد منها الورد ، وهو ضربان :

أحدهما : ما يخرج في كمام ثمّ يتفتّح كالورد الأحمر ، فإذا بيع أصله بعد خروجه وتفتّحه ، فهو للبائع ، كطلع النخل المؤبّر. فإن بيع بعد خروجه وقبل تفتّحه ، فهو للمشتري ، كالطلع قبل التأبير.

__________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٣.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه من « العزيز شرح الوجيز » و « روضة الطالبين ».

٧٣

وقال بعضهم : إنّه يكون للبائع أيضا.

والثاني : ما يخرج ورده ظاهرا ، كالياسمين ، فإن خرج ورده ، فهو للبائع ، وإلاّ فللمشتري.

وثالثها : ما يقصد منه الثمرة ، وهو ضربان :

أحدهما : ما تخرج ثمرته بارزة بلا قشر ولا كمام ، كالتين ، فهو كالياسمين ، والحق العنب بالتين وإن كان لكلّ حبّة منه قشر لطيف ويتشقّق ويخرج منها نور لطيف ، لأنّ مثل ذلك موجود في ثمرة النخل بعد التأبير ، ولا عبرة به.

والثاني : ما [ لا ] (١) يكون كذلك ، وهو ضربان :

أحدهما : ما تخرج ثمرته في نور ثمّ يتناثر النّور فتبرز الثمرة بغير حائل ، كالتفّاح والمشمش والكمّثرى وأشباهها ، فإن باع الأصل قبل انعقاد الثمرة ، فإنها تنعقد على ملك المشتري وإن كان النّور قد خرج. وإن باعه بعد الانعقاد وتناثر النّور ، فهي للبائع.

وإن باع بعد الانعقاد وقبل تناثر النّور ، فوجهان :

أحدهما : أنّها للمشتري تنزيلا للاستتار بالنّور منزلة استتار ثمر الشجر بالكمام.

والثاني : أنّها للبائع ، تنزيلا لها منزلة استتارها بعد التأبير بالقشر الأبيض. وهو أرجح عند الكرخي.

والثاني : ما يبقى له حائل على الثمرة المقصودة ، وهو قسمان :

أحدهما : ما له قشر واحد ، كالرمّان ، فإذا بيع أصله وقد ظهر الرمّان‌

__________________

(١) ما بين المعقوفين من « العزيز شرح الوجيز ».

٧٤

بقشره ، فهو للبائع ، ولا اعتبار بقشره ، لأنّ إبقاءه من مصلحته ، والذي لم يظهر يكون للمشتري.

والثاني ما له قشران ، كالجوز واللوز والفستق والرانج (١) ، فإن باعها قبل خروجها ، فإنّها تخرج على ملك المشتري. وإن باعها بعد الخروج ، تبقى على ملك البائع ، ولا يعتبر في ذلك تشقّق القشر الأعلى على أصحّ الوجهين. والثاني : يعتبر.

واعلم أنّ أشجار الضربين الأخيرين منها : ما تخرج ثمرته في قشره من غير نور ، كالجوز والفستق. ومنها : ما تخرج في نور ثمّ يتناثر النّور عنه ، كالرمّان واللوز ، وما ذكرنا من الحكم فيما إذا بيع الأصل بعد تناثر النّور عنه ، فإن بيع قبله ، عاد الكلام السابق (٢).

مسالة ٥٩٣ : القطن ضربان :

أحدهما : له ساق يبقى سنين ، ويثمر كلّ سنة ، وهو قطن الحجاز والشام والبصرة.

والثاني : ما لا يبقى أكثر من سنة واحدة.

[ وفي كليهما ] (٣) لا يدخل الجوزق (٤) الظاهر في بيع الأصل ، سواء‌

__________________

(١) الرانج : النارجيل ، وهو جوز الهند. لسان العرب ٢ : ٢٨٤ « رنج ».

وفي « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « النارنج ». وهو غلط. والصحيح ما أثبتناه كما في المصدر أيضا.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٠ ـ ٣٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٥ ـ ٢٠٧.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « وكلاهما ». والظاهر ما أثبتناه.

(٤) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « الجوز » وكذا في المواضع الآتية في هذه المسألة ، ولم نعثر في اللغة على كلمة « الجوز » بهذا المعنى. والصحيح ما أثبتناه.

٧٥

تفتّح أو لا.

وقال الشافعي : القسم الأوّل كالنخل إن بيع الأصل قبل خروج الجوزق أو بعده قبل تشقّقه ، فالحاصل للمشتري. وإن بيع بعد التشقّق ، فهو للبائع. والثاني كالزرع ، فإن باعه قبل خروج الجوزق أو بعده قبل تكامل القطن ، فلا بدّ من شرط القطع. ثمّ إن لم يتّفق القطع حتى خرج الجوزق ، فهو للمشتري ، لحدوثه من عين ملكه (١).

وقال بعضهم : إن باعه بعد تكامل القطن ، فإن تشقّق الجوزق ، صحّ البيع مطلقا ، ودخل القطن في البيع ، بخلاف الثمرة المؤبّرة ، لا تدخل في بيع الشجرة ، لأنّ الشجرة مقصودة لثمار سائر الأعوام ، ولا مقصود هنا سوى الثمرة الموجودة. وإن لم يتشقّق ، لم يجز البيع في أصحّ الوجهين ، لأنّ المقصود مستور بما ليس من صلاحه ، بخلاف الجوز واللوز في القشر الأسفل (٢).

مسالة ٥٩٤ : إذا باع الثمرة ولم يشترط القطع‌ ، استحقّ المشتري الإبقاء إلى القطاف بمجرى العادة ، فإن جرى عرف قوم بقطع الثمار ، فالأقرب :

إلحاق العرف الخاصّ بالعامّ ، وذلك كما يوجد في البلاد الشديدة البرد كروم لا تنتهي ثمارها إلى الحلاوة واعتاد أهلها قطع الحصرم.

إذا عرفت هذا ، فالثمار يختلف زمان أخذها ، فما يؤخذ في العادة بسرا يؤخذ إذا تناهت حلاوته ، وما يؤخذ رطبا إذا تناهى ترطيبه ، وليس له إلزامه بقطعه منصّفا ، وما يؤخذ تمرا إذا انتهى نشافه.

وكذا يرجع إلى العادة في ثمرة غير النخل من سائر الأشجار.

__________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٧.

٧٦

تذنيب : لو خيف على الأصل الضرر لو بقيت الثمرة ، لم يجب القطع وإن كان الضرر كثيرا على إشكال.

مسالة ٥٩٥ : لو انتقل النخل بغير عقد البيع ، لم يثبت هذا الحكم فيه‌ ، بل الثمرة الظاهرة للناقل إذا وجدت قبل النقل ، سواء كانت مؤبّرة أو غير مؤبّرة ، عند علمائنا.

ولا فرق بين أن يكون العقد الناقل عقد معاوضة ، كالنكاح والإجارة والصلح ، أو غير عقد معاوضة ، كما لو أصدقها نخلا فأثمر ثمّ طلّقها وقد ظهر طلع غير مؤبّر ، فإنّه يرجع بنصف النخل دون الثمرة ، للأصل المانع من نقل الملك عن صاحبه إلاّ بسبب شرعيّ ، السالم عن معارضة البيع.

وقال الشافعي : إنّ عقود المعاوضات تتبع البيع ، فلو أصدقها نخلا بعد الطلع وقبل التأبير أو جعله مال إجارة أو عوض صلح ، دخلت الثمرة في العقد أيضا ، قياسا على البيع (١).

وليس بشي‌ء ، لأنّا نعارضه بقياس ما قبل التأبير على ما بعده.

ولو ملكها بغير عقد معاوضة ، كما إذا أصدقها نخلا ثمّ طلّقها بعد الطلع وقبل التأبير ، فإنّه يرجع بنصف النخل خاصّة دون الثمرة ، لأنّ الزيادة المتّصلة لا تتبع في الطلاق فالثمرة أولى.

ولو باع نخلا فأثمر عند المشتري ثمّ أفلس بالثمن ، رجع البائع بالنخل ، ولم تتبعه الثمرة عندنا ، لانتفاء موجبه ، وهو عقد البيع.

وللشافعي قولان :

أحدهما : أنّها تتبع ، لأنّ ملكه زال عن الأصل ، فوجب أن تتبعه‌

__________________

(١) نقله السبكي أيضا في تكملة المجموع ١١ : ٣٤٥.

٧٧

الثمرة ، كما لو زال بالبيع.

والثاني : لا تتبعه ، لأنّه رجع إليه بغير عقد معاوضة ، فلم يتبعه الطلع ، كما لو طلّق امرأته (١) (٢).

وكذا لو وهب نخلة فيها طلع غير مؤبّر ، لم يتبع الطلع الأصل ، وكان باقيا على ملك الواهب ، سواء كان بمعاوضة أو لا.

وللشافعي القولان (٣) السابقان.

ولو رجع في الهبة بعد الطلع قبل التأبير ، لم يدخل الطلع في الرجوع.

وللشافعي القولان (٤).

ولو رهن نخلا قد أطلع قبل أن يؤبّر ، لم يدخل في الرهن ، اقتصارا على ما يتناوله اللفظ. ولأنّ الرهن لا يزيل الملك ، فلا يستتبع الثمرة.

وهو جديد الشافعي. وقال في القديم : يدخل (٥).

مسالة ٥٩٦ : لو كانت الثمرة مؤبّرة ، فهي للبائع‌ ، فإن تجدّدت أخرى في تلك النخلة ، فهي له أيضا ، وإن كان في غيرها ، فللمشتري ، فإن لم تتميّزا ، فهما شريكان ، فإن لم يعلما قدر ما لكلّ منهما ، اصطلحا ، ولا فسخ ، لإمكان التسليم.

وكذا لو اشترى طعاما فامتزج بطعام البائع قبل القبض ، وله الفسخ.

ولو باع أرضا وفيها زرع أو بذر ، فهو للبائع ، فإن شرطه المشتري‌

__________________

(١) نقله السبكي أيضا في تكملة المجموع ١١ : ٣٤٥.

(٢) وردت العبارة في « س ، ي » والطبعة الحجريّة هكذا : « ولو باع نخلا فأثمرت .. ولم تتبعها الثمرة .. أنّه يتبع .. فوجب أن تتبعها الثمرة .. والثاني : لا تتبعها .. » والصحيح ما أثبتناه.

(٣) كما في تكملة المجموع ١١ : ٣٤٥.

(٤) كما في تكملة المجموع ١١ : ٣٤٥.

(٥) كما في تكملة المجموع ١١ : ٣٤٥.

٧٨

لنفسه ، صحّ ، ولا تضرّ الجهالة ، لأنّه بائع.

وللبائع التبقية إلى حين الحصاد مجّانا. فإن قلعه ليزرع غيره ، لم يكن له ذلك ، سواء قصرت مدّة الثاني عن الأوّل أو لا.

ولو كان للزرع أصل ثابت يجزّ مرّة بعد اخرى ، فعلى البائع تفريغ الأرض منه بعد الجزّة الأولى. ويحتمل الصبر حتى يستقلع.

ولا تدخل المعادن في البيع إلاّ مع الشرط.

ولو (١) لم يعلم بها البائع وقلنا بالدخول مع الإطلاق ، تخيّر بين الفسخ والإمضاء في الجميع.

ويدخل في الأرض البئر والعين وماؤهما على ما قلناه.

__________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « فلو ».

٧٩
٨٠