ما هو نهج البلاغة

السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني

ما هو نهج البلاغة

المؤلف:

السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: العتبة العلوية المقدسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٢٠

عبد الحميد بن يحيى () ؛ ()

«حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع ففاضت ثم فاضت» يعني بالأصلع سيدنا علياً.

وقال ابن نباتة (٣) : «حفظت من الخطب كنزاً لا يزيده الإنفاق إلا سعة ، حفظت مائة فصل من مواعظ علي بن أبي طالب».

وكم زيَّن الجاحظ (٤) كتبه مثل البيان والتبيين بفصول من خطب أمير المؤمنين إعجاباً بها وإعداداً للنفوس لبلوغ أقصى البلاغة.

هذه غاية الأدباء في حفظ كلامه وهذا ما حمل الشريف الرضي على جمع المختار من خطب علي عليه‌السلام وكتبه وكلمه في أبواب ثلاثة ، وقال في مقدمة الكتاب أنه آثر لنفسه جمع المختار من ذلك وترك لكل باب أوراقاً بيضاء (٥) ليلحق بالمدون ما سيظفر به في المستقبل ، ولم تكن في نفسه غير داعية الأدب داعية أخرى. ولو كان قلمه يحمل شيئاً من التعصب في

__________________

(١) عبد الحميد بن يحيى بن سعد المعروف بالكاتب ، أديب كاتب بليغ ، أصله من قیسارة ونشأ بالأنبار وسكن الشام ، له رسائل في ألف ورقة ونصيحة الكتاب وما يلزم أن يكونوا عليه من الأخلاق والآداب ، قتل مع مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية سنة هـ. معجم المؤلفين : ج ٥ / ١٠٦.

() وهو الذي قيل فيه : بَدَأتِ الكِتَابَةُ بعبد الحميد وَخُتمتْ بأبْنِ العميد.

(٣) عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباتة الفارقي (ابن نباتة) ، أبو یحیی ، خطیب حلب ، توفي سنة ٣٤ هـ. الكنى والألقاب : ج ١ / ٤٣٦.

(٤) أبو عثمان ، عمرو بن بحر بن محبوب الليثي البصري ، اللغوي النحوي ، كان من غلمان النظام المعتزلي وكان مائلاً الى النصب والعثمانية ، توفي بالبصرة سنة ٥٥ هـ. الكنى والألقاب : ج ٢ / ١٣٦.

(٥) البيضاء : صفة للمؤنثة المفردة ، فالْوَجْهُ أن يقولَ : أوراقاً بيْضاً.

٦١

المذهب لما أثبت في كتابه تأبين علي لعمر (١) بأعلى ما يمدح به ممدوح ، وكان في مندوحة من حذفه كما سيأتي في حين أن هذا التأبين يحمل في تضاعيفه أقصى المدح وأعلاه. وأما ذمه له في الشقشقية إذا قيس بهذا أضحى ظلاً مضمحلاً.

__________________

() كما في شرح النهج : ج ٣ / ٩٢ (لله بلاء فلان فقد قوم الأَودَ وداوى العمد وأقام السنة وخلف الفتنة وذهب نقي الثوب قليل العيب أصاب خيرها وسبق شرها أدى إلى الله طاعته وأتقاه بحقه رحل وتركهم طرق متشعبة لا يهتدى بها الضالّ ولا يستيقن المهتدی).

٦٢

سر الشك في نهج البلاغة :

إن مجموع نهج البلاغة عِقْدٌ في الأدب ثمين وينبوع للعلم غزير المادة لا ينبغي أن يستخف بوزنه لمجرد تعصب أشخاص أو طوائف ضعيفة المركز لا تعرف ثمن الحكمة ولا تلتفت إلى العواقب ، قام في عصره سيد الشعراء بلا مراء ألا وهو الشريف الرضي فسَنَّ لنهضة النَّشْا العربي نهج البلاغة واختار من مختار كلام أمير البلاغة وإمام الإنشاء مجموعة وافية بالغرض وثق من إسنادها وهو الثقة عند الجميع.

فما بال بعض إخواننا المنتمين إلى أهل السنة يقدحون في هذا الكتاب كله لمجرد تأثرهم مما في الخطبة الشقشقية وحدها؟!

وما بال بعض المتطرفين من إخواننا الشيعة يتوقفون في توثيق هذه المجموعة القيمة لمجرد استبعادهم لخطبة (لله بلاء فلان) المتضمنة تأبين سیدنا علي عليه‌السلام لعمر ونعته بالوصف الجميل؟!

ولنا في كلتا الخطبتين مجال التأويل.

٦٣

صحة إسناد الشقشقية (١) :

أما الخطبة الشقشقية (٢) فلا يجوز لعالم أو منتحل للعلم أن يراها من الشريف الرضي ، لأن كثيراً من أدباء عصره أثبتوها في مدوناتهم وأرسلوا نسبتها إلى علي إرسال المسلمات ، كالوزير الأبي أبي سعيد منصور (٣) المتوفی ٤ هـ في كتابيه نثر الدرر ونزهة الأديب.

ولو كانت الشقشقية وليدة عصرهم لعرفوا أمرها وتثبتوا في إسنادها شأن المعاصر مع معاصریه ، ويدلك على أن شقشقية الوزير غير منقولة عن نهج البلاغة اختلاف بينهما في بعض الألفاظ والجمل.

وهناك من مشايخ الرضي الشيخ المفيد (٤) أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان علامة بغداد ورئيس المتكلمين بها في دولة بني بويه ،

__________________

(١) الشَّقْشقيةُ : لهَاة البعير ولا تكون إلا للعربيّ من الإبل ، وهو شيء كالرِّئة يخرجها البعير من فيه إذا هاج. لسان العرب : ج ١٠ / ٥ مادة (شقق). وتاج العروس : ج ١٣ / ٢٥٠ مادة (شقق).

() شَرحَهَا غيْرُ واحِدٍ من الأَعلام ، كانَ آخِرهم العلّامة الخطيب الكبير الشيخ عبد اللطيف البغداديّ رحمه الله تعالى والتفتَ فيها إلى نكاتٍ عِلْميّة لم يُنَبّه عليها غيْرُهُ وقد قَرَأَ عَلَيَّ الشَّرْحَ في أَثناءِ إِتْمامِهِ ، ولا أدري أطُبِعَ بعد وفاته أم لا.

() الوزير السعيد ذو المعالي زين الكفاة أبو سعید منصور بن الحسين الآبي ، فاضل ، عالم ، فقیه ، شاعر ، نحوي ، لغوي ، جامع لانواع الفضل ، قرأ على الشيخ الطوسي ، وزر لمجد الدولة البويهي ، له کتاب نزهة الأدب وكتاب نثر الدرر ، توفي سنة ٤ هـ. أعیان الشیعة : ج ١٠ / ١٣٨.

(٤) محمد بن محمد بن النعمان المفيد ، المكنى أبا عبد الله المعروف بابن المعلم ، المولود سنة هـ ، له كتاب المقنعة وكتاب الإرشاد وكتاب في أحکام أهل الجمل وغيرها توفي لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة ٤١٣ هـ. الفهرست : .

٦٤

وكان الشريف الرضي قد تلمذ على هذا الشيخ من عهد صباه وألف شيخه هذا كتاباً في المناقب اسماه الإرشاد تواترت نسبته إليه تجد فيه كثيراً من خطب الإمام عليه السلام ومن جملتها الخطبة الشقشقية أوردها في الصحيفة ٥ قائلاً : وروى جماعة من أهل النقل من طرق مختلفة عن ابن عباس قال : كنت عند أمير المؤمنين عليه السلام بالرحبة فذكرت الخلافَةُ وتقديم من تقدم عليه فتنفس الصعداء ثم قال : أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة ... الخ.

ولا يجوز اقتباس الشيخ المفيد هذه الخطبة من نهج البلاغة ونقلها إلى كتابه ؛ لأن الرضي لا يُمَهِّدُ للخُطْبَةِ إسْناداً بل يقول : (ومن خطبة له وهي المعروفة بالشقشقية : أما والله لقد تقمصها) إلى آخر الخطبة في حين أن شيخه المفيد يمهد لها قصة وإسناداً.

زد على ذلك أن العادة تقضي بنقل التلامذة عن شيوخهم لا الشيوخ عن تلامذتهم ، ويدلك على أن شقشقية المفيد غير منقولة عن نهج البلاغة الاختلاف بينهما في بعض الألفاظ والجمل.

والنتيجة أنفرد الشريف الرضي في نقله عن مصدر له ؛ وأنفرد شيخه المفيد في نقله عن مصدر آخر ، وأنفرد الوزير في نقله عن مصدر ثالث. نعم إنَّ جوهر المعاني والمقاصد واحد في الجميع.

٦٥

الشقشقية كما في نهج البلاغة :

أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا فُلاَنٌ (١) ، وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى. يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ ، وَلاَ يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ ، فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً ، وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً ، وَطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ ، أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طِخْيَةٍ عَمْيَاءَ ، يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ ، وَيَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ ، وَيَكْدَحُ فِيهاَ مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقى رَبَّهُ. فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى ، فَصَبَرْتُ وَفِي الْعَيْنِ قَذًى ، وَفِي الْحَلْقِ شَجاً ، أَرَى تُرَاثِي نَهْباً ، حَتَّى مَضَى الأَوَّلُ لِسَبِيلِهِ ، فَأَدْلَى بِهَا إِلَى فُلاَنٍ بَعْدَهُ.

ثم تمثل بقول العشى :

شتان ما يومي على كورها

ويوم حيان أخي جابر

فَيَا عَجَبا!! بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُهَا فِي حَيَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لآِخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ. لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا َ ـ فَصَيَّرَهَا فِي حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ ، يَغْلُظُ كُلاَمُهَا ، وَيَخْشُنُ مَسُّهَا ، وَيَكْثُرُ الْعِثَارُ [فِيهَا] وَالاعْتِذَارُ مِنْهَا ، فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ ، إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ ، وَإِنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ ، فَمُنِيَ النَّاسُ ـ لَعَمْرُ اللَّهِ ـ بِخَبْطٍ وَشِماسٍ ، وَتَلَوُّنٍ وَاعْتِرَاضٍ. فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ ، وَشِدَّةِ الْمِحْنَةِ ، حَتَّى إِذَا مَضَى لِسَبِيلِهِ. جَعَلَهَا فِي جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنَّي أَحَدُهُمْ. فَيَا لِلَّهِ وَلِلشُّورَى! مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الأَوَّلِ مِنْهُمْ ، حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ

__________________

(١) كما وردت في شرح ابن أبي الحديد.

٦٦

إلَى هذِهِ النَّظَائِرِ! لكِنِّي أَسْفَفْتُ إذْ أَسَفُّوا ، وَطِرْتُ إِذْ طَارُوا ، فَصَغَا (١) رَجُلٌ مِنْهُمْ لِضِغْنِهِ ، وَمَالَ الآخَرُ لِصِهْرِهِ ، مَعَ هَنٍ وَهَنٍ.

إلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْمِ ، نَافِجاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثِيلِهِهِ وَمُعْتَلَفِهِ ، وَقَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضِمُونَ مَالَ اللَّهِ خَضْمَةَ الإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ ، إِلَى أَنِ انْتَكَثَ فَتْلُهُ ، وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ ، وَكَبَتْ بِهِ بِطْنَتُهُ. فَمَا رَاعَنِي إلاَّ وَالنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ ، إِلَيَّ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ، حَتَّى لَقَدْ وُطِىءَ الْحَسَنَانِ ، وَشُقَّ عِطْفَايَ ، مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ.

فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالأَمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ ، وَمَرَقَتْ أُخْرَى ، وَفَسَقَ [وقسط] آخَرُونَ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا كَلاَمَ اللَّهِ حَيْثُ يَقُولُ : (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادَاً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (٢) ، بَلى وَالله لَقَدْ سَمِعُوهَا وَوَعَوْهَا ، وَلكِنَّهُمْ حَلِيَتِ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِهِمْ ، وَرَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا!

أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ، لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ ، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ ، وَمَا أَخَذَ اللَّه عَلَى العُلَمَاءِ أَنْ لاَ يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ ، وَلاَ سَغَبِ مَظْلُومٍ ، لأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا ، وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا ، وَلأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ!

(قالوا) وقام إليه رجل من أهل السواد عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته فناوله كتاباً فأقبل ينظر فيه ، قال له ابن عباس (رض) : يا أمير

٦٧

المؤمنين لو اطَّرَدْتَ خطبتك من حيث أفضيت؟

قال : هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت.

قال ابن عباس : فوالله ما أسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام أن لا يكون أمير المؤمنين بلغ منه حيث أراد.

٦٨

الشقشقية كما في نسخة الأبي ؛

قال الوزير : وذكرت عنده الخلافة فقال : لقد تقمصها ابن أبي قحافة وهو يعلم أن محلي منها محل القطب ينحدر عني السيل ولا تترقى إلى الطير ، فصبرت وفي الحلق شجي وفي العين قذى لما رأيت تراثي نهباً فلما مضى لسبيله صَیَّرها إلى أخي عدي فصيرها في ناحية خشناء تمنع مسها ويعظم كلامها فمني الناس بتلوم وتلون وزلل واعتذار ، فلما مضى لسبيله صيرها إلى ستة زعم أني أحدهما! فيالله وللشورى متى اعترض فِيَّ الريب فأقرن بهذه النظائر ، فمال رجل لضغنه وصفي آخر لصهره وقام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثله ومعلفه وقام معه بنو أبيه يهضمون مال الله هضم الإبل نبتة الربيع ، فلما أجهز عليه عمله ومضى السبيله ما راعني إلا والناس إلي سراعا كعرف الضبع وانثالوا علي من كل فج حتى وطن الحسنان وأنشق عطفاي فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى وفسق اخرون كأنهم لم يسمعوا كلام الله يقول : (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادَاً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) بلى والله لقد سمعوها ولكنهم احلولت الدنيا في عيونهم وراعهم زبرجها. أما والله لولا حضور الحاضر ولزوم الطاعة وما أخذ الله على العباد أن لا يقروا كظة ظالم ولا شغب مظلوم لالقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكاس أولها ولألفيتم دنياكم هذه أهون عندي من عفطة عنز :

٦٩

سيان (١) ما يومي على کورها

ويوم حيان أخي جان

فقام رجل من القوم ناوله كتاباً شغل به.

قال ابن عباس : فقمت إليه وقلت : يا أمير المؤمنين لو بلغت مقات من حيث قطعت؟

فقال : هيهات كانت شقشقة هدرت فقرت.

__________________

(١) هذا تصحيف طريف لكن المعنى فيه ضد المعنى في الرواية المشهورة (شتان).

٧٠

الشقشقية كما في إرشاد المفيد :

أم والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وأنه ليعلم أن محلي محل القطب من الرحا ينحدر عني السيل ولا يرقى إليَّ الطير لكني سدلت دونها ثوباً وطويت عنها کشحا ، وطفقت ارتاي بين أن أصول بيد جذاء أو اصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أری تراثي نهباً ، إلى أن حضره أجله فأدلى بها إلى عمر فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشد ما تشطرا ضرعيها :

شتان ما یومي علي كورها

ويوم حيان أخي جابر

فصيرها والله في ناحية خشناء يجفومسها ويغلظ كلمها ويكثر العثار والاعتذار منها صاحبها. كراكب الصعبة أن أشنق لها خرم وإن أساس لها عسف ، فمني الناس لعمر الله يخبط وشماس وتلون واعتراض ، إلى أن حضرته الوفاة فجعلها شوری بین جماعة زعم أني أحدهم! فيالله وللشوری متى أعترض الريب فِيَّ مع الأولين منهم حتى صرت الآن أقرن بهذه النظائر ، لكني اسففت إذ اسفوا وطرت إذ طاروا صبراً على طول المحنة وانقضاء المدة ، فمال رجل لضغنه وصغى آخر لصهره مع هن وهن. إلى أن قام ثالث القوم ناجفاً حضنیه بین نثيله ومعتلفه وأسرع معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع ، إلى أن ثوت بطنته وأجهز عليه عمله فما راعني من الناس إلا وهم رسل إليَّ كعرف الضبع يسألونني أن أبايعهم

٧١

وانثالوا عليَّ حتى لقد وطئ الحسنان وشق عطفاي ، فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط آخرون كأنهم لم يسمعوا الله تعالى يقول : تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادَاً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ بلى والله لقد سمعوها ووعوها ولكن حليت دنياهم في أعينهم وراقهم زبرجها ، أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر ولزوم الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء أن لا يقادوا إلى أولياء الأمر إلا يقروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ولألفوا دنياهم هذه أزهد عندي من عفطة عنز.

قال : فقال إليه رجل من أهل السواد فناوله كتاباً فقطع كلامه ، قال ابن عباس : فما اسفت على شيء ولا تفجعت كتفجعى على ما فاتني من كلام أمير المؤمنين عليه السلام فلما فرغ من قراءة الكتاب قلت : يا أمير المؤمنين لو أطردت مقالك من حيث أنتهيت إليها؟

فقال : هيهات هيهات يا بن عباس كانت شقشقة هدرت ثم قرت.

٧٢

شقشقية البرقي (١) عن كتاب علل الشرائع (٢) :

والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وأنه ليعلم أن محلي محل القطب من الرحى ينحدر عنه السيل ولا يرتقي إليه الطير ، فسدلت دونها ثوباً وطويت عنها كشحا وطفقت ارتاي بين أن أصول بيد جذاء أو اصبر على طخية عمياء يشيب فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه فرأيت أن الصبر على هاتي أحجي فصبرت وفي القلب قذى وفي الحلق شجى ، أری تراثي نهباً حتى إذا مضى لسبيله فأدلى بها إلى فلان بعده! فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته ، فصيرها والله في حوزة خشناء يخشن مسها ويغلظ كلمها ويكثر العتار والاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصعبة أنْ عنف بها حرن وإنْ اسلس بها عشق فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس وتلون واعتراض مع هن وهن ؛ فصبرت على طول المدة وشدة المحنة حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني منهم!

فيالله وللشوری متى أعترض الريب فِيَّ مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر ؛ فمال رجل لضغنه وأصغى آخر لصهره وقام ثالث القوم ناجفاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه وقام معه بنو أبيه يهضمون مال الله هضم الإبل نبتة الربيع حتى أجهز عليه عمله وكبت به مطيبته فما راعني إلا والناس إلي تعرف الضبع قد

__________________

(١) أحمد بن أبي عبد الله محمد البرقي ، أبو جعفر ، كان ثقة في نفسه ، يروي عن الضعفاء واعتمد المراسيل ، له كتاب المحاسن وكتاب صوم الأيام وكتاب البلدان والمساحة وغيرها ، توفي سنة ٤ هـ. رجال النجاشي : ٧٦.

() علل الشرائع : ج / ١٥٠.

٧٣

انثالوا عليَّ من كل جانب حتى لقد وطأ الحسنان وشق عطفاي حتى إذا نهضت بالأمر نكثت طائفة وفسقت أخرى ومرق آخرون ، كأنهم لم يسمعوا الله تعالى يقول : (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادَاً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) بلى والله لقد سمعوها ووعوها ولكن احلولت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها ؛ والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء إلا يقروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لألفيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ولألفتم دنياكم أزهد عندي من عفطة عنز.

قال : وناوله رجل من أهل السواد كتاباً فقطع كلامه وتناول الكتاب. فقلت : يا أمير المؤمنين لو أطردت مقالك إلى حيث بلغت؟

فقال : هيهات هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت ، قال ابن عباس : فما أسفت على كلام قحط كأسفي على كلام أمير المؤمنین عليه‌السلام إذ لم يبلغ به حيث أراد.

٧٤

شقشقية الجلودي (١) عن كتاب معاني الأخبار :

والله لقد تقمصها أخوتيم وأنه ليعلم أن محلي محل القطب من الرحى ينحدر منه السيل ولا يرتقي إليه الطير فسدلت دونها ثوباً وطويت عنها كشحا ؛ وطفقت ارتأى بين أن اصول بيد جذاء أو اصبر على طخية عمياء يدب فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ويكدح مؤمن حتى يلقى الله ، فرأيت الصبر على هاتين أحجى فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أری تراثي نهباً حتى إذا مضى لسبيله عقدها لأخي عدي بعدهُ فيا عجباً بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته فصيرها والله في حوزة يخشن مسها ويغلظ كَلمُها ويكثر العثار والاعتذار فصاحبها كراكب الصعبة إنْ عنف بها حرن وأن أسلس بها عسف فمني الناس بتلون واعتراض وبلواي مع هن وهنّي فصبرت على طول المدة وشدة المحنة حتى إذا مضى لسبیله جعلها في جماعة زعم أني منهم! فيالله لهم وللشورى متى أعترض الريب فِيَّ مع الأول حتى صرت الآن أقرن بهذه النظائر ؛ فمال رجل بضغنه واصغى آخر لصهره وقام ثالث القوم ناجفاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه وقام معه بنو أبيه يهضمون مال الله هضم الإبل نبت الربيع حتى أجهز عليه عمله فما راعنى الا والناس إليَّ كعرف الضبع قد انثالوا عليَّ من كل جانب حتى لقد وطأ الحسنان وشق عطفاي حتى إذا نهضت بالأمر نكثت طائفة وفسقت أخرى ومرق آخرون ؛ كأنهم لم يسمعوا الله تعالى يقول :

__________________

(١) عبد العزيز بن يحيى بن أحمد الجلودي يكنى أبا أحمد من أهل البصرة ، له كتاب المرشد والمسترشد وكتاب المتعة وما جاء في تحليلها وكتاب مجموع قراءة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، توفي سنة هـ. الكنى والألقاب : ج ٢ / ٤.

٧٥

(تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادَاً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) بلى والله لقد سمعوا ولكن احلولت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الناصر وقيام الحجة وما أخذ الله على العلماء ألا يقروا كظة ظالم ولا سغب مظلوم ولألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من حبقة عنز.

قال : وناوله رجل من أهل السواد كتاباً فقطع كلامه وتناول الكتاب فقلت : يا أمير المؤمنين لو اطردت مقالتك إلى حيث بلغت؟ فقال : هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت ، فما أسفت على كلام قط كأسفي على كلام أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه لم يبلغ حيث أراد.

٧٦

الناقلون للخطبة الشقشقية قبل الرضي :

سبقت منا الإشارة إلى أن الخطبة الشقشقية ليست وليدة عصر الشريف الرضي ولا هي مختصة بمجموعة (نهج البلاغة) ، وكان في إيراد هذه الخطبة عن كتابَي نثر الدرر ونزهة الأديب بصورة تختلف بعض الاختلاف عما في النهج ، وكذا اختلاف نسخة المفيد عنه دلالة على انفراد كل منهم بمصدر خاص به وأن أحدهم لم يطلع على ما رواه الآخر. وفي قول الرضي في صدر الخطبة : (ومن خطبة له عليه‌السلام المعروفة بالشقشقية) ، دلالة أخرى على كونها مشهورة بين أهل العلم.

وأقوى برهان على صحة ما أدعيناه ورود هذه الخطبة بخطوط أقدم من عصر الرضي وروايتها عن شيوخ وجدوا من قبل أن يخلق الرضي وقبل أن يخلق أبوه كأبي علي الجبائي (١) المتوفى سنة هـ حسبما نقل عنه الشيخ إبراهيم القطيفي (٢) في كتابه الفرقة الناجية قال : (وقد روی الخطبة الشقشقية جماعة قبل الرضي كابن عبد ربه (٣) في الجزء الرابع

__________________

(١) أبو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن حمران بن أبان مولى عثمان بن عفان الجبائي ، من رؤساء المعتزلة له مقالات على مذهب الاعتزال ، توفي سنة هـ. الكنى والألقاب : ج ٢ / ١٤١.

(٢) هو الشيخ أبو إسماعيل إبراهيم بن سليمان القطيفي الغروي الحلي ، هاجر إلى النجف أواخر جمادى الآخر سنة ٩١٣ هـ ، له شرح ألفية الشهيد والهادي إلى الرشاد في شرح الإرشاد وكتاب الفرقة الناجية ، كان حياً سنة ٥ هـ. الفرقة الناجية : ص ١٦.

(٣) أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير بن سالم القرطبي (أبو عمر) عالم ، أديب ، شاعر. ولد في رمضان سنة ٢٤٦ هـ ، من آثاره : العقد الفرید ، دیوان شعر ،

٧٧

من العقد (١) وأبي علي الجبائي في كتابه وابن الخشاب (٢) في درسه والحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري (٣) في كتاب المواعظ والزواجر والصدوق في معاني الأخبار والشيخ المفيد.

أقول : وابن عبد ربه هذا هو المتوفى سنة هـ وهو عثماني لأن له أرجوزة في تواريخ الخلفاء عَدَّ معاوية فيها رابع الخلفاء الراشدين ولم يذكر علياً من شدة نصبه ، فهل بعد روايته للشقشقية عن علي عليه السلام يشك فيها منصف! وقد صرح فيلسوف المؤرخين ابن أبي الحديد (٤) في آخر شرحه للشقشقية ص ٦ ج قال : (حدثني شيخي أبو الخير مُصَدّقُ بْن شَبِيْبٍ

__________________

وأخبار فقهاء قرطبة. وتوفي في جمادى الأولى سنة هـ بقرطبة. معجم المؤلفين : ج ٢ / ١١٥.

سَمّاه المُؤلّف (العِقْد) وَإنّما طُبعَ باسْم (العِقْد الْفَرِيد) وَمَنْ ذَكَرَهُ مِنْ قُدَماءِ الْمُؤلّفْينَ لا يُسَمِّيْهِ إلّا (الْعِقْد).

() تحرينا الجزء الرابع فلم نجد الشقشقية فيه فإما أن يداً أثيمة حذفت هذه الخطبة من النسخة الأصلية عند الطبع وإما أن القطيفي اشتبه في هذه النسبة عند نقله.

() أبو محمد عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشاب البغدادي العالم المشهور ، ولد سنة ٤ هـ ، له كتاب المرتجل في شرح الجمل وشرح (اللمع) لأبن جنّي ، توفي ببغداد سنة ٥٦٧ هـ. وفيات الأعيان : ج ٣ / .

() أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري اللغوي العلامة ، ولد سنة هـ ، له كتاب صناعة الشعر وكتاب الزواجر والمواعظ وكتاب الحكم والأمثال ، توفي سنة هـ. معجم الأدباء : ج ٨ / .

(٤) عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد ، أبو حامد ، عالم بالأدب ، من أعيان المعتزلة ، ولد في المدائن سنة ٥٨٦ هـ ، وخدم في الدواوين السلطانية ، وكان حظيا عند الوزير ابن العلقمي ، له كتاب شرح نهج البلاغة وكتاب الفلك الدائر على المثل السائر وكتاب القصائد السبع العلويات وغيرها ، توفي ببغداد سنة ٦٥٦ هـ. الأعلام : ج / .

٧٨

سنة ٦٠٣ هـ قال قرأت على الشيخ أبي عبد الله بن أحمد المعروف بابن خشاب هذه الخطبة ... إلى أن قال : فقلت له : أتقول أنها منحولة؟ فقال : لا والله وإني أعلم أنها كلامه عليه‌السلام كما اعلم أنك مصدق. قال : فقلت : له ان كثيراً من الناس يقولون أنها من كلام الرضي؟ فقال : أنَّى للرضي ولغير الرضي هذا النفس وهذا الأسلوب؟ قد وقفنا على رسائل الرضي وعرفنا طريقته وفنه في الكلام المنثور وما يقع مع هذا الكلام في خل ولا خمر ثم قال : والله لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنفت قبل أن يخلق الرضي بمائتي سنة ، ولقد وجدتها مسطورة أعرفها وأعرف خطوط من هي من العلماء وأهل الأدب قبل أن يخلق النقيب أو أبو أحمد والد الرضي. قال ابن أبي الحديد : قلت ووجدت أنا كثيراً من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي (١) إمام البغداديين من المعتزلة ؛ وكان في دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضي بمدة طويلة. ووجدت أيضاً كثيراً منها في كتاب أبي جعفر بن قبة (٢) أحد متكلمي الإمامية وهو الكتاب المشهور المعروف بكتاب الإنصاف : وكان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضي موجوداً) (٣)

__________________

(١) عبد الله بن أحمد بن محمود ، أبو القاسم البلخي ، من متكلمي المعتزلة البغداديين ، صنف في الكلام كتبا كثيرة ، وأقام ببغداد مدة طويلة ، وانتشرت بها كتبه ، ثم عاد إلى بلخ فأقام بها ، توفي ببلخ سنة . تاريخ الخطيب البغدادي : ج ٩ / ٣٩٢.

(٢) محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي ، أبو جعفر ، متکلم ، عظيم القدر ، له كتاب الإنصاف في الإمامة وكتاب الرد على الزيدية وكتاب المسألة المفردة في الإمامة وغيرها ، توفي في الري. رجال النجاشي : ٥.

() شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١ / ٢٠٥.

٧٩

انتهى كلامه.

أقول : وقال مدرس دار العلوم المصرية أحمد صفوة المؤرخين (١) في كتاب علي عليه‌السلام ص ١٣٥ س : (من ذلك يتبين لك أن الشقشقية كانت معروفة قبل مولد الرضي من أكثر من طريق فلا تبعة إذن عليه ولا سبيل إلى اتهامه بانتحاله).

وقال أستاذ الحكماء ميثم بن علي بن ميثم البحراني (٢) المتوفى سنة ٦ هـ أنه رأى الخطبة الشقشقية في كتاب الإنصاف لأبي جعفر بن قبة من أبناء القرن الثالث ، كما أنه رآها في نسخة عليها خط أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات (٣) وزير المقتدر بالله العباسي (٤) ، وذلك قبل مولد

__________________

(١) أحمد زكي صفوت : كاتب ومؤلف مصري خريج مدرسة دار العلوم ومدرس اللغة العربية بمدرسة الأمير فاروق الثانوية سنة ١٣٤٥ هـ ، ثم في دار العلوم المصرية ، له كتاب جمهرة خطب العرب وكتاب جمهرة رسائل العرب. معجم المطبوعات العربية : ج / ص .

() كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني ، العالم الرباني والحكيم المتأله المدقق ، صاحب الشروح على نهج البلاغة ، يروي عن المحقق نصير الدين الطوسي والشيخ كمال الدين علي بن سليمان البحراني ، ويروي عنه آية الله العلامة والسيد عبد الكريم بن طاوُس ، توفي سنة ٦ هـ وقبره في هلتا من قرى ماحوز. الكنى والألقاب : ج / ٤.

(٣) علي بن محمد بن موسى بن الفرات ، أبو الحسن : وزير ، من الدهاة الفصحاء الأدباء الأجواد ، وهو ممهد الدولة للمقتدر العباسي ، ولد في النهروان الأعلى (بين بغداد وواسط) سنة ٢٤١ هـ ، قتل ببغداد سنة هـ. الأعلام : ج ٤ / ٣٢٤.

(٤) المقتدر بالله ، أبو الفضل جعفر بن المعتضد بالله أحمد بن أبي أحمد طلحة بن المتوكل على الله العباسي البغدادي ، ولد سنة هـ ، أنخرم نظام الإمامة في أيامه ، وصغر منصب الخلافة ، وكان سمحا متلافا للأموال ، محق ما لا يعد ولا يحصى ، قتل سنة ٣٢٠ هـ. سير أعلام النبلاء للذهبي : ج ١٥ / ٤٣.

٨٠