ما هو نهج البلاغة

السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني

ما هو نهج البلاغة

المؤلف:

السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: العتبة العلوية المقدسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٢٠

أخلَاقُهُ :

ما أدْرِيْ ـ وايمِ الله ـ ما أقُولُ في رَجْلٍ جَمَعَ مِنَ الفضائلِ ما تَفَرَّقَ في غَيْرِهِ وَكانَ في خَصْلَةٍ مِنْ خَصالِهِ عِزِيْزَ المِثالِ ، نادِرَ الضَّريبِ ، تَتَمثَّلُ فِيْه شَمائِلُ القِدِّيْسينَ وَسَجايا البَرَرةِ المُخْبِتيْنَ ، وَتَلُوحُ عَلى أسِرَّةِ مُحَيّاهُ سِيْماءُ الصالِحِينَ ؛ تَجْلِسُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتَغْمُرُكَ هَيْبَتُهُ وَتأخُذُ بِمَجامِعِ قَلْبِكِ لَهْجَتُهُ ، وَيَنْقُلُكَ في حَدِيْثِهِ الشّائِقِ مِنْ رَوْضَةٍ إلى رَوْضَةٍ بأُسْلُوبٍ جَذّابٍ ، وَتَرَسُّلٍ آخِذٍ مِنَ التَّرحِيبِ والتَّكْريمِ بما لا يُسْتَغْرَبُ مِن مِثْلِهِ ؛ إذْ هُوَ وارِثُ تِلْكَ الآدابِ وَالخَلائِق مِنْ جَدِّهِ سَيِّدِ الخَلائِقِ المَوْصُوفِ في مُحْكَمِ الذِّكْرِ الحَكِيمِ بِقَوْلِ الحَقِّ سُبْحانَهُ : (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ).

٢١

أساتِذَتُهُ :

تتلمذ سماحته على جملة من جَهابِذة العُلماءِ وأعاظِم الفُقهاء في كربلاء المقدسة والنجف الأشرف أبرزهم :

السَيِّد مُحَمَّد حُسَيْن الشّهْرِسْتَانِيّ.

الشَّيْخُ عَلِيّ سِيْبَوَيْهِ الحَائِرِيّ.

الشيخ عبّاس الأخْفَشُ.

السَيَّد عَلِيّ الشّهْرِسْتَانِيّ.

الشَّيْخ مُحَمَّد باقر الحَائِريّ.

الشَّيْخ مُحَمَّد كاظم الخراسانيّ.

السَيِّد مُحَمَّد كاظم اليزدي.

الشَّيْخ الميرزا حُسَيْن النُّوريّ.

٢٢

مُجِيزُوهُ بِالاجْتِهاد :

السَيِّد إسماعيلُ ابن السَيَّد صَدْرِ الدَّينِ الصدر.

السَيَّد مُصطفى الحُسينيّ الحُجّةُ الكاشانيُّ.

السّيَّد مُحَمَّد بن مُحَمَّد باقر الحُسَيني الفيروزآبادي.

السَيَّد مُحَمَّد المُجْتَهِد الكاشانيّ.

السَيَّد مَوْلوِيٌّ الهنْدِيُّ.

السَيَّد مُحَمَّد مهدي الحكيم الحُسينيُّ الحائِريُّ.

٢٣

تَلامِذَتُهُ :

الشَّيْخ مُحَمَّد رضا الشبيبيّ.

الشَّيخ جَعْفَر النّقدِيُّ.

الشَّيْخ رَشِيد التُّرابيُّ.

الشَّيْخ عَلِيٌّ الشَرْقيُّ.

السَيِّد مُحَمَّد حُسيْن ، شهابُ الدّين النَجَفِيُّ المَرْعَشِيُّ.

الشَّيْخ عَبد العَزِيزِ الجواهِريّ.

السَيِّد مُحَمَّد سعيد آل كمال الدّينِ.

السَيِّد خُسَيْن نجل العلامة السَيِّد عيسى آل كمال الدّين.

الشَّيْخ جَعفرٌ السّاعِدِيُّ.

الشَّيْخ أبو عَبدِ الله الزَّنْجانِيّ.

الشَّيْخ مهدي الأنصاري الشهير بـ(سراج الدين).

المهندس السَيِّد محمد عليّ الشهرستاني الحائري وغيرهم.

٢٤

مشايِخُهُ في الحَديْثِ :

الإِسْنادُ والرِّوايَةُ مِنَ خَصائِصِ الأُمَّةِ الإِسلاميَّةِ الَّتي امتازَتْ بِها عَنْ سائِرِ الأُمَمِ وَقَدْ أوْلَتْها مِنَ الاهتِمامِ والعِنايةِ ما لا مَزِيدَ عَلَيْهِ ، ومَا انفَكَّ هذا دأبَ عُلَماءِ المُسْلِمينَ وَهِجيْرَهُمْ في قَدِيْمِ الدَّهْرِ وَحَدِيْثِه ، لا يَثْنُونَ عَنْهُ عَزْماً ، ولا يَجِدُوْنَ عَنْهُ مَصْرِفاً.

وإنَّ سيِّدَنا آيةَ اللهِ الإمامَ الشّهْرِسْتَانِي قُدِّسَ سِرُّهُ لَمِمَّنْ أُوْتيَ مَلَكَةَ (فِقْهِ الحَدِيْثَ) وَلَمْ يَقْتَصِرُ على روايَتِهِ ، وَوُهبَ بُعْدَ الغَوْرِ ، وَبَراعَةَ السَّبْرِ وَحُسْنَ التَأَتِّي ولَطافَةَ التَّهدَّي ودِقَّةَ المآخَذِ وَمَهارَةَ الغَوْصِ في استِخراج جَواهِرِ أسْرارِ المأثُوراتِ المَعْصُوميَّةِ مِنْ بِحارِ عُلُوْمِ الإسلامِ وَمعَارِفِهِ ، وَرُزِقَ مَزِيْدَ الاخْتِصاصِ باسْتِظهارِ بَدائِعِ الفَرائِدِ مِنْ مَناجِمِ كُنُوزِ سَيِّدِ المُرسَلينَ وخُلفائِهِ الأئِمَّةِ الرَّاشِدين صَلَوات اللهِ وسَلامُهُ عَلَيْهِم أجْمَعِينَ.

وَقَدِ اتَّصَلَتْ أسانِيدُهُ بـ(ثِقاتِ الرُّواة) عن طُرُقِ مَشايخه الأعلام الهُداةِ والجَهابِذَةِ المَهَرَةِ ، وَهُم جَمْعٌ وَقَفْنا مِنهُم عَلى أسْماءِ هؤلاءِ (الكِرامِ البَرَرَةِ) :

السَيَّد إسماعيلُ الصدر.

الميرزا الشَّيْخ حُسَيْن النُّوريُّ.

الشَّيْخ مُحَمَّد كاظم الآخوند الخراساني.

السَيَّد حسن الصدر.

السَيَّد مُحَمَّد ابن السَيَّد صادق الحُسيني ، آل الأمِيرِ السَيِّد عَلِيّ الكبير ، الشهير بـ(آية الله الطّباطبائي) نِسْبَةً إلى أخْوالِهِ.

٢٥

السَيِّد مُحَمَّد مهدي ، الحكيم الحُسينيّ الحَائِرِيّ.

الشَّيْخ مُحَمَّد باقر بن مُحْسِن (الشهيد) الأصطهباناتيُّ الشِّيرازيّ.

السَيِّد عبد الصمد المُوسَويُّ الجزائري.

الشّيْخ مُحَمَّد مُحْسِن الرازيُّ ، الشهير بـ(آقا بُزُرك الطِهْرانِيّ).

والرواية بَيْنَهُما (مُدَبَّجَةٌ).

السَيِّد أحْمَد بن الحُسيْنِ ، الحَكِيمِ.

٢٦

وأما أبرز الرُّواةِ عَنْهُ فَهُمْ :

السَيِّد مَحْمُودُ ابنُ السَيِّد عَليّ (الطَّبِيْب) المُرْعَشِيّ ، ونجله المرجِع الدينيّ السَيِّد شهابِ الدِّين ، النَجَفِيّ المَرْعَشِيّ.

الشَّيْخ الميرزا مُحَمَّد عَلِيّ التبريزيُّ الخيابانيُّ.

السَيِّد مُحَمَّد مهديّ ابن السَيَّد إبراهيم شَيْخ الإسلام زاده الْعَلَوِيّ السَّبْزَوارِيّ.

الشَّيْخ مُحَمَّد عَلِيّ الأردوباديّ الغروي.

الشَّيْخ مُحَمَّد عَلِيّ اليعقوبيُّ.

السَيِّد مُحَمَّد رضا الخِرْسان.

السَيِّد مُحَمَّد عَلِيّ الرَّوْضاتِيّ الأصْفَهانيُّ.

الشَّيْخ مُحَمَّد الإماميُّ الخُوانساريُّ.

السَيّد مُحَمَّد حُسَيْن الجَلاليُّ.

السَيّد مُحَمَّد طاهِر الحيْدريّ (١).

السَيّد عبّاسٌ شُبّر.

الشَّيْخ مُحَمَّد الجواد الجزائريُّ النجفي.

__________________

(١) العلّامةُ الكبير ، آية الله الفقيه المُحَقّق الوَرِعُ التّقّي إمام (جامِع المصلوب) في بَغْداد (ت : ١٤٠٠ هـ) كَتَبَ عَنْهُ الفقير إلى رحمةِ ربّه الغني عبد الستار الحسني كِتابَ (النور الباهِر في أحوال سَيّدنا الطّاهِر) وَقَدْ طُبعَ أخِيْراً بِعِنايَةِ الْعلّامَةِ الجليل السيّد محمد نجل السيد طاهر المذكور الذي هو اليوم إمام (جامع المصلوب) واحد فضلاء الأسرة الحيدرية في بغداد ، سَلّمهُ الله تعالى.

٢٧

١٣. الشَّيْخ أسَد آل حَيْدر.

١٤. السَيّد مُحَمَّد حَسَن العَلوِيّ السَبْزَواريّ.

١٥. نجله السَيّد جواد هبة الدين الحسيني الشهرستاني.

١٦. السَيّد عبدُ الستّار الحَسَنيُّ وغيرهم.

٢٨

مؤلَّفاتُهُ :

قد مَنحَ الله تعالى التوفيقَ لسيّدنا المُترْجَم في كُلِّ ما هُوَ بِسَبِيلِهِ مِنْ خِدْمَةِ الدِّينِ ونَشرْ مَعارِفِه ونَشْر مَعارِفِه وإصْلاحِ ما فَسَدَ مِنْ أُمُورِ المُسلِمين وَمِنْ ذلِكَ ما وُفّقَ إليْهِ مِنْ تَدبِيْجِ رَوائعِ الأَسْفارِ المُتَّسِم أَكْثَرُها بالجِدَّةِ والابتِكار وما أمْلاهُ بَعْدَ فِقْدَانِ بَصَرِهِ على خاصَّةِ تلامِذَتِه مِنْ لُباب الأفكار وثِمارِ الفُهُومِ ومِمّا يُثيرُ العَجَبَ أنّ السَيَّد عليه الرَّحمةُ والرِّضوانُ ألَّفَ الكثيرَ من آثارِهِ بَعْدَ فَقْدِهِ البَصَرَ!!!

ومِمّا تميَّزَ بهِ أَنَّه جَمَعَ في التأليفِ بينَ الإِكثارِ والإِجادَةِ ، ووَاءَمَ في التنسيق وحُسْنِ التَرْصيفِ والدِّقَّة بَيْنَ (الكَمِّ والكَيْف).

وهذا مختصر لمؤلَّفاتِهِ رحمه الله :

١. أبْجَدُ التّوارِيْخِ.

٢. أصْفي المَشارِبِ في حُكْمِ حَلْقِ اللَّحيَةِ وَتَطْويلِ الشَّارِبِ.

٣. الأُمَّةُ والأَئِمّة.

٤. الأوَّليَّات.

٥. ما هُوَ نَهْجُ البلاغة؟.

٦. تحريمُ نَقْلِ الجنائِز المتَغَيّرةِ.

٧. الجامِعَةُ الإسلاميَّةُ والعَقَائِدُ القُرآنيَّة.

٨. الحريّة والجبريّة.

٩. حوادِثُ الدُّهورِ بأيّام الشُّهور.

١٠. الدّلائِلُ والمسائِلُ (عدة أجزاء).

٢٩

١١. الرَّدُّ على البابيَّةِ.

١٢. سُلالةُ السّاداتِ.

١٣. صَفْوَةُ المَعارِف.

١٤. عَقْدُ الحباب في قواعِدِ الإعْراب.

١٥. قِلادَةُ النُّحُوْرِ في نظم البُحُورِ.

١٦. المُحِيْطُ وحُجَّةُ الإسلامِ.

١٧. المَعَارِفُ العالِيَة للمَدارس الرّاقيّة.

١٨. نَزاهة المصحَفِ الشّريف عَنِ النَّسْخِ والنَّقْصَ والتّحريف.

١٩. نِهايةُ الإعْجاز في المُعَمّيات والأَلغاز.

٢٠. رواية الحقِّ حَوْلَ راية الحقيقةِ.

٢١. زَبُوْر المُسلمين.

٢٢. السَّبع المَثاني ، أو الإعجازُ القُرآني.

٢٣. الشَّريعة والطبيعَةُ.

٢٤. بدائع الأفكار.

٢٥. الهيئة والإسلام.

٣٠

رِحْلاتُهُ :

كانَتْ رِحْلاتُهُ إلى بِلادِ الإِسلامِ جُزْءاً مِنْ مَشارِيعِهِ الإصْلاحيَّةِ وَعَمَلاً مُتمِّماً لِمواقِفِهِ الجِهاديَّةِ التي سُداها وَلُحْمتُها تَعزِيزُ النَّهْضَةِ الإسلاميَّةِ وَتوحيْدُ أهْل التَّوحِيدِ والدَّعْوَةُ إلى الرُّجُوع إلى تَعاليْمِ الشَّرِيْعَةِ الغَرَّاءِ بالانْتِهالِ مِنْ أصْفَى مَنابِعها وَامْتِيارِ اللُّبابِ مِنْ أحْكامِها الإلهيةِ الرَّشيدَةِ والثَّورةُ على الْجُمُودِ وَالتَوَاكُلِ وإطلاعُ (الرأي العامّ) على مَحاسِنِ أسْرارِ التَّشريعِ الإسلامِيّ وَبَيانُ مَزاياهُ وَما تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ دَقائِقِ الحِكَم وحَقائِقِ الاعتقاداتِ وَبُلُوغِهِ الذّرْوَةَ في كَمالِ الاتِّساقِ والمُواءَمَةِ للجِبِلَّةِ الإنْسانِيَّةِ ، إذْ إنَّهُ (دِيْنُ الفِطْرَةِ) وَهادِيْ البَشَرِيّةِ إلى كُلِّ ما فيه سعادَتُهُم الدُّنيويَّةُ والأُخرَويَّةُ ، كما كان مِنْ وراءِ هذهِ (الرِّحلات) غايَةٌ أخرى بَعِيدةُ المَدى مَوفُوْرَةُ العَوائِدِ وَهِيَ الوُقُوْفُ عَلى أحْوالِ الشُّعُوبِ وَمَعْرِفَةُ (الأنْظِمَةِ السَّائِدَةِ) فِيْها واسْتِجلاءُ عاداتِها وتَقَاليدِها وَدِراسَةُ أحْوالِ المُسْلِمينَ مِنْ خِلالِ الجَوْسِ في رُبُوعِها معَ الاسْتِفادَةِ مِنْ بَعضِ ما يُمكِنُ الاسْتِفادةُ مِنهُ مِنْ وَسائِلِ التَّجْديدِ و (التَطَوُّر) وَمُشاوَرَةُ (أهْلِ العَقْدِ وَالْحَلِّ) في تَعْضِيد سُبٌلِ التّعاوُنِ وَمَدِّ طُرُقِ التَّواصُلِ بيْنَها وَبَيْنَ العِراقِ الَّذي ما انفَكَّ يَنُوءُ بأعباءِ مُخَلَّفاتِ الحُرُوبِ وَبَقايا السَّيطَرَةِ الأجنَبيَّةِ وإن لبِسَتْ ثَوْباً آخرَ على سَبيلِ التَّمويهِ والاستِغْفالِ.

كانَ الابتداءُ بها من النَّجَف الأشْرَفِ في شَهْرِ رَمَضانَ مِنْ سَنَةِ (١٣٣٠ هـ) وآبَ مِنْها إلى النَّجَف في رَجَبٍ من سنة (١٣٣٢ هـ)، وقد زارَ أكْثَرَ من سِتّينَ بَلْدةً ، ووُفِّقَ في أثْنائِها لِتَشْكِيلِ إحدَى عَشَرَةَ مُؤَسَّسةً على اخْتِلافِ

٣١

أَسْمائِها ، سلسلة واحدةً تُؤَلِّفُها غايةٌ إصلاحيّةُ اجتماعيّةٌ على أُسُسِ الروابطِ والعُرَي في عُمُومِ البُلْدانِ والقُرَى.

وكانت اُولى مؤسّساتِهِ (جمعيّةُ خدمة الإسلام) التي أسّسها في أوّل محطّةٍ من رِحلته في (الأعظميّة) في بغداد ، في شوّال سنة ١٣٣٠ هـ.

وعندَ وُصُولِهِ إلى مدينة (العِمارة) في ذي القعدة سنة ١٣٣٠ هـ أَسَّسَ (الجامعة الإسْلاميّة).

وواصَلَ رِحلته إلى البحرينِ التي وَصَلّها في محرّم سنة ١٣٣١ هـ وهُناك أَسَّسَ (جمعيّة الإصلاح).

وعندَما حَلَّ في بلاد عُمان ، أَسَّس (جمعيّة الاتّفاق العُمانيّ).

وعندَما بَلَغَ تُخُومَ الهنْدِ تَلَقَّتْهُ حُكُومتُها وأَعلامُها ورجالُها بِحفاوةٍ بالغةٍ وإجلالٍ كبيرٍ ، وكان ذلك في شهر ربيع الأوّل سنة ١٣٣١ هـ وبدأ هُناك بالإرشاد الدينيّ ، ومحاربة البدع والخرافات.

وأَسَّسَ في كلكتا (جمعيّة جنود الله).

وفي جُمادَى الأوْلى سنة ١٣٣١ هـ أَسَّسَ في (باهة) (جمعيّة آل محمد صلى الله عليه وآله).

وفي (إلاه آباد) أَسَّسَ (جمعيّة انْتِشار الإسلام) في جُمادَى الآخِرَة ، مِنَ العام نَفْسِهِ.

ثُمَّ أَسَّسَ (جَمعيَّةَ التَّقْوِيَةِ) في (جايس) عِنْدَما وَصَلَ إليها في شَعْبان سَنَة ١٣٣١ هـ.

وَكَانَتْ رِحْلَتُهُ إلى الهِنْدِ أَطْوَلَ مُدَّة منها إلى سائِر البُلْدانِ ، وأَكثَرَها نَشاطاً وَتأثيراً في المَجالاتِ الإصلاحيَّةِ والفِكريَّةِ والاجتماعِيَّةِ في رِحْلَةٍ

٣٢

دامَتْ أكْثَر مِنْ سِتَّةِ أشْهُرٍ بَعْدَها عَزَمَ على أداءِ فَريضةِ الحَجِّ.

واتَّجَهَ إلى الدّيار الحِجازيَّة وَعَبْرَ البَحْرِ ؛ فأمْضى مُدّةً في حَضْرَ مَوْت ، وإماراتِ عَدَن ، فاليَمَن ، وأسّسَ هُناك (جَمعيَّة أهْلِ الحَقِّ) في ذي الحجَّة سَنَة ١٣٣١ هـ.

ثمَّ اتَّجَهَ إلى (عَسِير) حَتّى بَلَغ (جُدَّة) وَأدّى مَناسِكَ العُمْرَةِ بِسَببِ عَطبٍ في الباخِرَةِ ـ عِنْدَ مِيناء عَسِير ـ حالَ دُوْنَ وُصُوْلِهم إلى الحجّ في ميقاتِه.

ثُمَّ زارَ سُوْريَّا ، ولُبْنان ، وإيران ، وَهُو يَقُومُ في أثْناء زِيارَتهِ بالوَعْظِ والإرشادِ وَنَشرِ العُلُومِ الإسلاميَّةِ والأفْكارِ الإصلاحيَّةِ.

بَعْدَها عادَ إلى البَسْرَةِ ثُمَّ العِمَارةِ ...

ثُمَّ استَقَرَّ في كَرْبَلاءَ في بدايةِ الحَربِ العالَميَّةِ الأُوْلى.

٣٣

فاجِعَةُ بَصَرِهِ :

قُدِّرَ لِسَيِّدنا المُعَظَّمِ أنْ يُمْنى بِفَقْدِ بَصَرِهِ وَهُو في أوْجِ نشاطِهِ ، وَذِرْوَةِ هِمَّتِهِ ، وَبالِغِ أشُدِّه ، لكِنَّه بَعْدَ أنْ يَئِسَ مِنْ عِلاجِ الأطِبّاءِ النّطّاسِيّين في مُحاولةِ استِعادَتِه ؛ أخْلَدَ إلى الرِّضا بِقضاء الله تعالى ، صابراً مُحْتَسِباً عَلى ما ابْتَلاهُ جَلَّتْ حِكْمَتُهُ وَعَزَّتْ مَشيئَتُهُ ، وَلئِنْ فَقَدَ بَصَرَهُ ؛ لنَفاذٌ (١) بَصِيْرَتِهِ نِعْمَ العِوَضُ وَخَيْرُ الخَلَفِ ، وإنَّ لِهذا الحَبْرِ (٢) البَحْرِ أًسْوَةً بِقَسِيْمِهِ في الشَّرَف الهاشِميّ ، وَرَصِيفِهِ في مَعْرِفَةِ فَنِّ التّأوِيْلِ وَفِقْهِ الدِّينِ وَتَرْجَمَةِ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيم ؛ حَبْرِ الأُمَّةِ وَبَحْرِها وَتَرْجُمان القُرآنِ سَيِّدِنا : عَبْدِ اللهِ بن عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُما ، إذْ كانَ يَتَمَثَّلُ بَعْدَ فَقْدِهِ نُورَ عَيْنيهِ بِقَولِ القائِلِ :

إنْ يأخُذِ اللهُ مِنْ عَيْنَيَّ نُوْرُهُما

فَفِي فُؤادِيْ وَقَلْبي مِنهُما نُوْرُ

وَكانَ أوَّل عَوارِضِ هذهِ الفاجِعَةِ هُوَ إصابةُ عَيْنَيْهِ بمَرضِ الرَّمَدِ الصَدِيدِي في بِدايَةِ تَرؤُسِّهِ مَجْلِسَ التَمْييْزِ الجَعْفَرِيّ ، وَلَمْ تَتَحَسَّنْ عَيْناهُ عَلى الرَّغْمِ مِنْ اسْتِمْرارِ التَّداوِيْ ، مِمّا جَعَلَ عَدَداً من الأطِبّاءِ يُرَجّحُوْنَ إجْراءَ العَمَليّة ، وَتَعهّد بذلك الدكتور (طوبليان) المشهور آنذاكَ.

__________________

(١) إذا اجْتَمَعَ في جُمْلَةٍ واحِدَةٍ قَسَمُ وَشَرْطٌ فالجَوابُ للسّابِقِ مِنْهُما ، والسّابقُ هُنا الْقَسَمُ المُوَطّأُ لَهُ بـ(اللام) في (لَئِنْ) فالجوابُ لَهُ وَحِينَئذٍ لا يَقْتَرِنُ الجَوابُ فِيْهِ بالفاءِ ، فَلا يُقالُ في مِثلِ هذه الجُمْلَةِ وَلَئِنْ ... فَنفاذُ بَصِيْرَتِهِ ... الخ لكِنَّ النَّاسَ دابُوا على إقْحامِها في جَوابِ القَسَمِ.

(٢) بِكسْرِ الْحاءِ وَفَتْحِها ، وَالكَسْرُ أَفْصَحُ لكِنَّ الْفَتْحَ أشْهَرُ.

٣٤

وأُجْرِيَتْ على يديهِ العَمَلِيَّةُ الجراحيّة ، ضَحْوةَ الأربعاءِ ، التاسع مِنْ ذي القعدة ١٣٤٥ هـ ـ ١١ / حزيران / ١٩٢٧ م في المستشفى المَجِيديّ (ويُعْرَفُ عندَ العامّة بـ«المَجِيديّة» وهو «مدينة الطبّ» الحاليّة) ، ولكنّ العمليّة لَمْ تَنْجَحْ.

وتُعْجِبُنا كَلِمَةُ الدكتور طُوبالِيان : (إنّ وَراءَ هذهِ العَيْنِ عُقْلٌ كَبِيْرٌ (١) فَعَلى العُقُولِ الكبِيرةِ أنْ يَهْتَمُّوا بِها لِمنْفَعَةِ البَشَرِ) إلى آخر كلامه (٢).

أقُولُ : يَبْدُوْ أنَّ الدكتور (طوباليان) كانَ مِنْ شَياطِينِ الإِنْسِ وَدُهاةِ المَكَرةِ ، وإنَّما قالَ ما سَمِعْتَ ، تَعْتِيْماً على جَريْمَتِهِ النَّكراءِ وَفَعْلَتِهِ الشَّنْعاءِ الَّتي باءَ بإثْمِها وَحَملَ وِزْرَها ، بِتَواطُئِهِ مَعَ الجاسُوسَةِ البَرِيْطانيَّةِ ـ سَيِّئَةِ الصِيْتِ ـ (ألمِسْ بِيل) عَلى عَدَمِ إنْجاحِ العَمَلِيَّةِ لتَيْنِكَ العَيْنَينِ اللّتينِ كانتا تَقُضَّانِ مَضاجِعَ الإنجِليزِ وعُمَلائِهِم ، وَتَرْصُدانِ تَحَرُّكاتِهِم الشّائِنَةَ لإِحْكامِ السَّيْطَرَةِ عَلى البلادِ.

وَقَدْ حَدَّثَني السَيِّدُ الشّهْرِسْتَانِيُّ قُدِّسَ سِرُّهُ : أنَّ عَدَمَ نجاح (العَمَليَّةِ الجِراحيَّةِ) لِعَينَيْهِ كانَ بِسَبَبِ إيْعازِ الجاسُوسَةِ المذكورةِ ، بأمْرٍ من أسيادِها إلى (عَمِيلِهم الدكتور طُوباليان) بأنْ يُجرِيَ العَمَليَّةَ (ناقِصَةً) لِيتَمَّ لَهُمْ ما يُرِيْدُوْنَ ، لا أقَرَّ اللهُ أعْيُنَهم.

__________________

(١) كذا جاء في الأصْلِ وَنَقَلَهُ على عِلّاتِهِ كُلُّ مَنْ وَقَفْنا على نَقلِهِ إيّاهُ والصّوابُ : عَقْلاً كبيراً : لِكَونِهِ اسْمَ (إنَّ) مُؤّخَّراً وصِفَتَهُ.

(٢) السيد هبة الدين ، آثاره العلمية ومواقفه السياسية ، الدكتور محمد باقر البهادلي : ٢١١.

٣٥

ذُرِّيّتُهُ وعَقِبُهُ المُبارَكُ :

جاءَ في الثَرِ عَنْ سَيِّدِ البَشَرِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنَّهُ قالَ : (إذا مات ابنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلاثٍ : صَدَقَةٍ جارِيَةٍ أوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أوْ وَلَدٍ صالحٍ يَدْعُوْ لَهُ). وَقَدْ جَمَعَ اللهُ تعالى هذهِ الأسْبابَ المُفْضِيَةَ إلى اتِّصالِ العَمَلِ ـ الصَّالِحِ ـ لسيِّدِنا الإمامِ السيِّدِ الشّهْرِسْتَانِيّ ، خَلَّدَ اللهُ بالباقِيات الصّالِحاتِ ذِكْرَهُ ، وَضاعَفَ في مِيْزانِ الأعْمالِ أجْرَهُ.

فَقَدْ حَبا اللهُ السيّد ذُرِّيَّةً صالِحَةً مِنَ البنينَ والبَناتِ لا يَزالُ بهِم عَمودُ الشَّرَفِ رَفِيْعَ الأطْنابِ وَما بَرِحَ سُرادِقُ المَجْدِ بِصيانَتِهمْ إيّاهُ وارفَ الظِلال مُخْضَلَّ الجَناب.

وقَدْ أعْقَبَ مِنَ البَنِين ثَلاثَةً وَمِنَ البَناتِ خَمْساً وَكُلُّهُمْ مِنْ عَقِيلَتِهِ العَلَوِيَّةِ الطّاهرةِ كَرِيْمةِ العَلَّامةِ الفَقِيْهِ السيّد كَلب باقر ابن السَيِّد كَلْب حُسَيْن النَّقَوِيّ الهِنْدِيِّ (١).

__________________

(١) هُوَ السيّد العالِمُ الكاملُ الأدِيبُ المُتَبَحِّرُ السيّد كَلْبُ باقِرِ ابنِ السَيِّد كَلْب حُسَيْن ابن السَيِّد مُحَمَّد بنِ المَوْلَوِيّ السّيّد عَليّ السّجادِ النَّقَويّ الهِنْدِيّ الجايسيّ النَّصير آبادِيُّ مَوْلِداً والحائريُّ مَسْكَناً وَمَدْفَناً وُلِدَ في نَصِيرِ آباد سَنَة (١٢٦٥ هـ) وأخَذَ فِيها عَن والِدهِ السَيِّد كَلْبِ حُسَيْنٍ ثُمَّ هاجَرَ إلى لكنهو وَحَضَرَ عَلى السيّدِ عَليّ مُحَمَّد اللكنَهَوِي ثُمَّ هاجَرَ إلى كَرْبلاءَ في سَنَةِ ١٢٩٧ هـ ، وَحَضَرَ على أعْلامِها ، مِنْهُم : الفاضِلُ الأرْدَكانِيُ ، والشَّيْخُ زَيْنُ العابِدينَ المازِنْدَرانيُّ ، والسّيّدُ عَليُّ اليَزديُّ ، والسيّد حُسَيْن البَهْبَهانيُّ ، والسّيِّد مُحَمَّد حُسين الشَّهرِستانيُّ ، حتى حازَ عَلى مكانةٍ عالِيَةٍ في الأوساطِ العِلْميَّةِ والأدَبيَّةِ ، وكانَ يُدرِّسُ كفي مَدرَسَةِ حَسَن خان ، ويستفيد العُلَماءُ مِنْ مَنْهَلِ عِلْمِهِ الشَّريفِ ، وَيُقيمُ الجَماعة في الصَّحْنِ الحُسَينيِّ الشَّرِيفِ ، ويَأتَمُّ بِهِ جَماعَةٌ مِنَ الصُّلحاءِ والأبرار ، حتّى تُوفي في

٣٦

أمَّا الأوْلادُ :

١. فأكْبَرُهُمُ السيّدُ جوادُ ولَهُ وَلَدانِ فاضِلانِ نَجِيْبانِ هُما : السّيّدُ مُحَمَّد إياد ، والسّيِّد مُصطفى.

٢. المهَندِسُ السَيِّد عَبّاسٌ والِدُ المُهندسِ السَيِّد رافِدِ.

٣. السَّيّدُ زَيْدٌ والدُ المهندس السَيّد علي غالب.

__________________

١١ / رمضان / ١٣٢٩ هـ في كَرْبَلاءَ ، وَدُفِنَ بها.

وَقَدْ وُصِفَ بأنُّهُ كان (فَقِيْهاً مُحَدِّثاً مُؤرِّخاً مُفَسِّراً مُتكلِّماً) وَمِنْ آثارِهِ (دلائل الخيرات) أُرجوزة في عِلمِ الكَلام طُبِعَت في سنة ١٣١٨ هـ وعَليها تقاريظُ لجماعةٍ من الأعلام ، وترجمة (نجاة العباد) بالفارسيّة ، و (طريقة النجاة) مَنظُومَةُ في النَبُوّاتِ و (المَوائِد) مَنْظُومَةٌ في الأطعمةِ والأشرِبَةِ ، و (تشطير الدُّرَةِ النجفيّة) لبحر العلوم في الفقه ، ومَنْظُومَةٌ في الوُجُود والماهِيَّةِ ، وَرِسالهُ في المُتعةِ ، و (الإبريق في غَسْلِ الدّم بالرّيق) ، و (كَشْفُ الحال) فارسي ، و (القولُ الأسدّ في ترجمة ـ يا عَلي مَدد) بالفارسية ، و (تَنْبيهِ الغافِلينَ) بالاُوردويَّةِ ، وَديوانُ شِعْرٍ بِلُغاتٍ مُختَلِفةٍ ، وحواشٍ على الكُتُبِ الفقهية والأُصوليَّة ، تَرجَمه صهرُهُ الإمامُ السَيِّد هِبَة الدِّين الشّهْرِسْتَانِيّ في مجلَّةِ (العِلْمِ) المجلَّد الثاني ص ٨١ وتَرْجَمَهُ السَيِّد الأمينُ في (الأعيان) والشَّيْخُ الطِهْرانِيُّ في (نُقباء البَشَرِ) والسيّدُ عبد الحيّ الهنديّ في (نُزْهَةِ الخَواطر) لكنّهُ ذكرَ أنَّة تُوُفِّيَ في سنة ١٣٣١ هـ,

٣٧

وَفاتُهُ :

بَعْدَ هذا العُمُرِ الحافِلِ بِجلائلِ الأعْمالِ وَرِوائِعِ الآثارِ لَبَّى هذا العَلَمُ الفَذُّ والفَقِيْهُ المُصْلِحُ نِداءَ رَبّه حَيْثُ وافاهُ أجَلُهُ المَحْتُومُ فَجْرَ يَومِ الإثْنَيْنِ ٢٥ شوّال مِنْ سنة ١٣٨٦ هـ الموافق لليوم السادس مِنْ شباط عام ١٩٦٧ م عن عُمُرٍ ناهَزَ الخامِسَةَ والثَّمانِيْنَ سَنَةً.

وَشَيَّعَتْ بَغْدادُ عالِمَها الأكبَرَ تَشْييْعاً مَهِيْباً ، مَنْ المَسْجِدِ المَعرُوفِ بـ(مَسْجِد بَراثا) (١) إلى الكاظِميَّةِ.

__________________

(١) بَراثا ، بفتح الباء ـ لا بِضَمّها كما شاع خَطأً ـ والّذي وأفادَهُ التحقيقُ أنَّ هذا المَسْجِدَ هُوَ (مَشْهَدُ المِنْطقَة) الَّذي اشْتَرى الإمامُ أميرُ المؤمنين عَلِيّ عليه‌السلام أرْضَهُ بـ(مِنْطَقَتِهِ) وَبنى فيه مَسْجِداً وصَلَّى فِيْهِ ، وَكانَ مَوْضِعُهُ يُعْرَفُ بـ(العتيقة) و (سُوْنايا) وَمَوقِعُهُ بَيْنَ (بابَ الشَّعِيرُ) و (طاق الحَرّاني) وَبِجِوارِهِ كانَتْ تَقَعُ مَحلَّة (باب البَصْرَةِ) التي كانَ أغْلَبُ أهْلِها مِنِ الحنابِلَة ، وإلى جِوارِهِ مِنْ جهة دجْلَةَ كان يَقَعُ (المارستانُ العَضُديّ) الذي موْضِعُهُ اليَوْمَ مَحَلَّهُ (العُطَيْفِيَّة).

و (مَشْهَدُ المِنْطَقَة) هذا ذكَرَهُ مُؤرِّخُ بَغْداد وَحافِظُها في عَصْرِهِ عَليُّ بنُ أَنْجَبَ المعروفُ بابنِ السّاعي (ت ٦٧٤ هـ) في كتابِهِ (المقابِر المَشْهُورَةُ والمشاهِدُ المزُوْرَة) أي المقصودَةِ بالزِيارة. وهذا الكِتابُ حَقّقتَهُ العالِمُ الفاضِلُ الدكتور أحْمَد شوفي بنبين المغْربيُّ وهُو بصَددِ طَبْعِهِ وأرْسَلَ إلَيَّ مُصَوَّرَتَهُ صَديقُنا العَلّامةُ المحَقِّقُ الدكتور الشَّيْخ عبد الحكيم مُحَمَّد باب البَصْرة. والكَرْخ كان قَبْلَ بِناءِ بَغْدادَ وَقَدْ رَوَتِ الشِّيعةُ أنَّ عَليَّاً عليه‌السلام اشْتَرى موْضِعَهُ بمنطقتِهِ وَجَعَلَهُ مَسْجداً وَصَلّى فيه ويقصدهُ الشيعةُ يَومَ الغديرِ ويكثر الناسُ حَوْلَهُ للزِّيارَةِ ...).

كتابه (مَراصِد الاطّلاع) أمّا في مادّة (العتيقة) أو في مادّة (سُوْنايا).

وكانَ أهْلُ بَغْداد يعرفونه إلى عصرنا الأخير بـ(المنطقة) لكنهم يَلفظُونَهُ (المنطكَة)

٣٨

تَتَقدَّمُهُ مَواكِبُ العَزاءِ الشَعْبِيَّةُ بأعْلامِها ، وَمُمَثِّلُ رَئيسِ الجُمْهُوريَّةِ نائِباً عَنْهُ ، وكِبار عُلَماءِ الدِّينِ الأعلام والسُّفَراءُ والوُزَراءُ وَوُجوهُ البَلَدِ وَعامَّةُ الشَّعْبِ ، إلى مَثْواهُ الأخير.

وَصَلّى عليه سماحةُ الآية الحجّة السَيَّد مُحَمَّد مهدي الموسوي الكاظميّ (ت : ١٣٩١ هـ).

ودُفِنَ وَسط مكتبته (مكتبة الجوادَين العامّة) (١) في صحن الرَّوضَةِ الكاظِميَّةِ المُطَهَّرَةِ.

وأُقِيْمَتْ لَهُ مجالِسُ العَزاءِ المُصطَلَحُ عَلَيْها بـ(مجالسِ الفاتِحَة) في بَغدادَ ،والنَّجَفِ ، وكَربلاءَ.

__________________

أمَّا جامعُ بَراثا : فكان موضعُهُ في قِبْلة (الكَرْخ) أي محلة (الجعيفر) الحالية ، وقد زالَ أثرُهُ منذُ القرن الثامِنِ الهِجْرِيِّ ، وَهُو مَوْضِعُ مُقَدَّسٌ أيضاً ، والمقام لا يَسَعُ البَسْط.

(١) هي إحدى المؤسسات العلمية الثقافية التي أسسها السيد الشهرستاني قدس سره ، ووضع حجر أساسها بنقل مكتبته الخاصة إلى مبناها الجديد في الصحن الكاظمي المقدس ، وتضم هذه المكتبة خيار الكتب ونفائس الاثار والذخائر من المطبوعات والمخطوطات ، أفتتحها المؤسس بتاريخ ١٣ / ذو الحجة / ١٣٦٠ هـ وعهد بإدارتها إلى نجله المرحوم السيد جواد وبدوره عهد إلى نجله الأكبر السيد محمد إياد بتوجيه ما يلزم لتحسين وضع المكتبة وعهد إلى نجله الأصغر السيد مصطفى أن يكون متولياً وعهد إلى الشيخ عماد الكاظمي أن يكون أميناً للمكتبة ، من أهم أهداف هذه المؤسسة الدعوة إلى إصلاح الحياة الدينية والاجتماعية ومحاربة الفساد في المجتمع والتقريب بين المذاهب الإسلامية وتأسيس جمعية الصندوق الخيري الإسلامي ، وإن للمكتبة في الوقت الحاضر مشاريع ثقافية عدة منها : تأسيس مركز إحياء تراث السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني قدس سره وإقامة الندوات الثقافية الشهرية وإصدار عدة إصدارات ثقافية ، كما أن إدارَةَ المكتبة مستمرة بعقد المجلس الثقافي الاسبوعي أماسي كل خميس. (مكتبة الجوادين العامة نشأتها وآثارها).

٣٩
٤٠