سند زيارة عاشوراء

المؤلف:

السيد ياسين الموسوي


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: دار البهجة ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٣

ذكر بعض القضايا

التي تبين فضل الزيارة

وقد سمعت وقرأت الكثير منها بالأسانيد الصحيحة وروماً للاختصار أنقل لك بعضاً منها : روی خاتمة المحدثين الشيخ النوري في النجم الثاقب ودار السلام بالإضافة إلى ما نقلناه عنه من حكاية السيد الرشتي في (سند زيارة الجامعة) ، قال : (نقل الثقة المصالح المتقي الحاج الملا حسن اليزدي وهو من أحسن مجاوري النجف الأشرف وكان مشغولاً دائماً بالعبادة والزيارة ، عن الثقة الأمين الحاج محمد علي اليزدي.

قال : كان في يزد رجل صالح فاضل مشتغلاً في نفسه ومواظباً لعمارة رمسه ، يبيت الليالي في مقبرة خارج بلدة يَزدْ تعرف بالمزار ، وفيها جملة من الصلحاء ، وكان له جار نشأ منذ صغر سنّه عند المعلم وغيره إلى أن صار عشّاراً في أول عمله ويقي كذلك إلى أن مات ودفن في تلك المقبرة قريباً من المحل الذي كان يبيت فيه المولى المذكور : فرآه بعد موته بأقل من شهر في زيّ حسن وعليه نظرة النعيم ، فتقدم إليه وقال له : إني أعلم بمبدئك ومنتهاك وباطنك وظاهرك ، ولم تكن ممن يحتمل في حقه حسن في الباطن ليحمل فعله القبيح على بعض الوجوه الحسنة كالتقية أو الضرورة او إعانة المظلوم وغيرها!

ولم يكن عمل مقتضياً إلا للعذاب والنكال ، فبم نليه هذا المقام؟! قال نعم الأمر كما قلت ، کنت مقيماً في أشد العذاب من يوم وفاتي إلى أمس ، وقد توفيت فيه زوجة الأستاذ أشرف الحداد ، ودفنت في هذا المكان ، وأشار إلى

٢١

طرف بينه وبينه قريب من مائة ذراع ، وفي ليلة دفنها زارها أبو عبد الله الحسين عليه‌السلام ثلاث مرات ، وفي المرة الثالثة أمر برفع العذاب من هذه المقبرة ، فصرت في نعمة وسعة ، وخفض عيش ودعة. فانتبه متحيراً ، ولم تكن له معرفة باسم الحداد ومحله ، فطلبه في سوق الحدادين ، ووجده ، فقال له: ألك زوجة؟ قال نعم ، توفيت بالأمس ودفنتها في المكان الفلاني .. وذكر الموضع الذي أشار إليه.

قال : فهل زارت أبا عبد الله عليه‌السلام؟ قال : لا ، قال: فهل كانت تندب وتذكر مصائبه؟ قال : لا ، قال : فهل كان لها مجلس تُذكر فيه مصائبه؟ قال : لا ، فقال الرجل : وما تريد من السؤال؟ فقصَّ عليه رؤياه ، وقال : أريد أن أستكشف العلاقة بينها وبين الإمام عليه‌السلام.

قال : كانت مواظبة على زيارة عاشوراء).

ولا يخفى أن السيد أحمد صاحب القضية من الصلحاء والأتقياء مواظباً على الطاعات والعبادات والزيارات وأداء الحقوق وطهارة اللباس والبدن من النجاسات المشبوهة ومعروفاً بالورع والسداد عند أهل البلد ، ويأتيه نوادر الألطاف في كل زيارة ليس هنا مقام ذكرها.

ونقل قريباً من هذه القصة عن السيد حسين النظام ديني الأصفهاني وكان من أجلّة العلماء قال:

كنت في أحد الأيام في منزل الحاج عبد النفور وكان من الملازمين والمحبين لآية الله الحاج محمد تقي الفقيه الأحمدآبادي مؤلف كتاب (مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم عليه‌السلام) فقال أحد أصدقائه المعروف بالحاج السيد يحيي الملقب بـ(بنبه كار) توفي أخي منذ فترة ورأيته في المنام بهيئة حسنة ، وعليه لباس جید وفاخر مما أثار تعجّبي ، فقلت له : يا أخي من هو الذي خدعته في تلك الدنيا؟ قال : ما خدعت أحداً ، وما كنت أهلاً لهذه الحال التي انا فيها ، قلت : أنا أعرفك جيداً ، وهذا اللباس والمكان ليس من شأنك؟ قال : نعم ، ولكن في الأمس كانت ليلة دفن والدة حفار القبور ، وقد حضر سيد الشهداء عليه‌السلام لزيارتها ، فأمر الإمام عليه‌السلام فأعطوا كل من كان مجاوراً لقبر هذه المرأة الصالحة لباساً

٢٢

فاخراً ، وكنت أنا ممن تنعم ببركاتها ، ولهذا تراني تغيرت حالي ، وانقلبت إلى أحسن حال. فنهضت من منامي ، وكان الوقت قريباً من وقت أذان الصبح ، فترتبت أعمالي ، وذهبت إلى قبر أخي في مقبرة تخت فولاد المعروفة بها مدينة أصفهان وقرأت عليه الفاتحة وبعض سور القرآن ، وسألت عن القبر الجديد الذي كان بجوار أخي ، فقالوا : هذا قبر والدة حفار القبور ، فقلت : متى دفنت؟ قالوا : البارحة كانت أول ليلة لها ، ففهمت بأن التاريخ مطابق لما قاله أخي ، وذهبت بعد ذلك إلى مكان الحفار في تكية المرحوم آية الله آقا میرزا ابو المعالي ـ أستاذ المرحوم آية الله العظمی البروجردي ـ صاحب الكرامات العجيبة وكانت محاذية لقبر هذه المرأة المتوفاة ، فسلمت عليه ، وسألت عن أحواله وعن وفاة والدته ، فقال : دفنت ليلة أمس ، قلت : هل كانت تقيم مجالس تعزية للإمام الحسين عليه‌السلام وهل كانت قارئة لمراثي شهيد كربلاء وهل انها تشرفت بزيارة مرقد أبي الأحرار الحسين بن علي عليه‌السلام؟ قال : لا ، ثم قال : لماذا تسأل مثل هذه الأسئلة؟ فشرحت له رؤياي ، فقال : كانت قارئة لزيارة عاشوراء في كل يوم ، وكان في تكية آقا ميرزا أبو المعالي غرفة للحاج عبد الغفور يجتمع فيها مع أصدقائه عند ذهابه إلى تخت فولاد ، وفي أحد الأيام وبرفقة المرحوم السيد مصطفى فقيه إيماني والحاج الشيخ أمير آقا والحاج السيد حسين المهدوي الأردكاني ... ومجموعة من العلماء وكبارهم ، وائمة الجماعة في أصفهان ، وأصحاب الحاج عبد الغفور ذهبوا إلى تكية ميرزا أبو المعالي ، وعرَّفنا به حفّار القبور ، وأشار إلى قبر والدته وقال : والدة هذا الحفَّار التي زارها الإمام الحسين عليه‌السلام وأعطى لباساً فاخراً لجميع الأموات الذين دفنوا حول قبرها.

ونقل العلامة الزاهد الشهيد السيد عبد الحسين دستغيب (ره) في كتابه القصص العجيبة ما تعريبه:

نقل العلّامة الجليل سماحة الشيخ حسن فريد الكلبيكاني (وكان من الطبقة الأولى لعلماء طهران) عن أستاذه المرحوم آية الله الحاج الشيخ عبد الكريم اليزدي الحائري قدس سره أنه قال : عندما كنت في سامراء مشتغلاً

٢٣

بدراسة العلوم الدينية ابتلي أهل سامراء بالوباء () والطاعون بحيث كان يموت كل يوم جماعة ، وفي يوم كنا مع جماعة من أهل العلم في بيت أستاذي المرحوم السيد محمد الفشاركي أعلى الله مقامه ، وعلى حين غرّه جاء المرحوم الميرزا محمد تقي الشيرازي رحمه الله تعالى (وكان مقامه العلمي بمستوی المرحوم الفشاركي) وجرى حديث الطاعون والوباء وإن الجميع متعرضون لخطر الموت ، وحينها قال المرحوم الميرزا : إذا حكمت بأمر فهل يلزمكم الممل به أم لا؟ فسلّم جميع حضار المجلس واجابوا بالموافقة والقبول.

ثم قال بعد ذلك : حكمت على جميع الشيعة القاطنين مدينة سامراء أن يقرأوا زيارة عاشوراء من هذا اليوم وإلى عشرة أيام ، ويهدوا ثوابها إلى روح السيدة نرجس سلام الله عليها اُمّ الإمام الحجة بن الحسن عليه‌السلام لأجل أن يرفع البلاء عنهم. فأوصل حضّار المجلس هذا الحكم إلى جميع الشيعة ، والتزم الجميع بقراءة زيارة عاشوراء في تلك المدة. ومن اليوم الثاني توقفت الخسائر في الشيعة بينما كان يموت يومياً عدة من أهل الخلاف بشكل واضح مما جعل بعضهم يسال مَنْ يعرفونهم من الشيعة عن سبب توقف التلف فيهم. فقالوا لهم بأن السبب في ذلك هو زيارة عاشوراء. فالتزم أولئك بقرائتها فرفع عنهم البلاء أيضاً.

وقال سماحة الشيخ فريد (سلّمه الله تعالی) وكلما اصابتني شدَّة تذكرت أمر المرحوم الشيخ فأهتم بزيارة عاشوراء من بداية شهر محرم فتنفرج عني الشدَّة بيوم الثامن بشكل إعجازي خارق للعادة (٢).

ثم قال المرحوم دستغيب ما تعريبه : (ولا شك أن مقام الميرزا الشيرازي هو فوق أن يقول شيئاً من عنده ، وبما أن هذا التوسل (يعني زيارة عاشوراء لمدة عشرة أيام) لم يرد في رواية عن المعصوم عليه‌السلام ، فلعله حصل عليها من رؤيا صادقة أو مكاشفة أو مشاهدة للإمام عجّل الله تعالی فرجه وأعطاه هذا العمل بحيث أثر ذلك الأثر.

ونقل المرحوم الحاج الشيخ محمد باقر شيخ الإسلام : إنه كان للمرحوم

__________________

(١) المقصود بالوباء مرض الكوليرا.

(٢) داستانهاي شگفت / ص ٣٢٣ ـ ٣٢٤.

٢٤

الميرزا الشيرازي مجلس عزاء في بيته في كربلاء أيام العشرة الأولى من محرم ، وإذا كان يوم العاشر ذهب هو والعلماء والطلاب إلى حرم سيد الشهداء عليه‌السلام وحرم أبي الفضل العباس عليه‌السلام معزين.

وكانت من عادة الميرزا في تلك الأيام أنه يقرأ في كل يوم زيارة عاشوراء في غرفته وبعد ذلك بنزل ويحضر في مجلس العزاء. وفي يوم كنت حاضراً في المجلس قبل مجيء الموسم ونجاة نزل الميرزا من درج الغرفة إلى تحت وهو في حالة غير عادية مضطرباً ويأن ، ودخل المجلس وقال : لا بد أن تتحدثوا هذا اليوم عن مصيبة عطش سيد الشهداء عليه‌السلام وتقيموا العزاء على هذه المصيبة ، فتغيرت حالات جميع حضار المجلس بحيث اُغمي على بعضهم. وبعد ذلك قام الجميع مع الميرزا رحم على تلك الحال وذهبوا إلى الصَّحن الشريف وتشرفوا بزيارة الحرم المقدس. وكأنما الميرزا كان مأموراً بتذكيره ذلك.

ثم قال السيد دستغیب : بالجملة فإن كل من يزور زيارة عاشوراء مرة في اليوم ، أو لمدة عشرة أيام ، أو لأربعين يوماً على نحو التوسل والاستشفاع بسيد الشهداء عليه‌السلام لا بقصد الورود عن المعصوم فإن عمله هذا صحيح وسوف يؤثر حتماً بحصول مقصوده. وقد نال ناس كثيرون لا يعدُّون مقاصدهم من هذا الطريق (١).

كما نقل السيد دستغيب عن الفقبه الزاهد العالم المرحوم الشيخ جواد بن الشيخ مشكور من أجلّة العلماء وفقهاء النجف الأشرف وكان مرجع تقليد لجماعة من شيعة العراق ومن أئمة الجماعة في الصحن المطهر وقد توفي في سنة ١٣٣٧ عن عُمر ناهز التسعين سنة ، ودفن في جوار أبيه في إحدى حجرات الصحن المطهر.

رأی هذا المرحوم في ليلة ٢٦ صفر ١٣٣٦ بالنجف الأشرف في عالم الرؤيا عزرائيل ملك الموت ، وقد سأله بعد السلام عليه : من أين مجيئك ، فقال : من شيراز وقد قبضت روح الميرزا إبراهيم المحلاتي ، فسأله الشيخ : في

__________________

(١) داستانهاي شگفت / ص ٣٢٤ ، وكان التعريف بتصرف يسير حفظاً منا على بقاء أصل المعنى.

٢٥

أية درجة روحه في البرزخ؟ فقال : في أحسن الحالات وفي أفضل بساتين عالم البرزخ وقد أوكل الله تعالى به ألف ملك يلبّون أمره. قلت : بأي عمل من الأعمال وصل إلى هذا المقام؟ ألأجل مقامه العلمي وتدريسه وتربيته الطلاب؟ قال: لا. فقلت : فلأجل صلاته الجماعة وإيصاله الأحكام إلى الناس؟ فقال : لا. فقلت : فلأجل أي شيء؟ قال : لقرائته زيارة عاشوراء (وقد كان المرحوم الميرزا المحلاتي لم يترك زيارة عاشوراء في الثلاثين سنة الأخيرة من عمره. وكان ينيب عنه من يقرأها في أيام مرضه وكل أمر يعوقه عن قرائتها).

وعندما استيقظ الشيخ المرحوم من النوم ، وذهب في اليوم الثاني إلى منزل آية الله الميرزا محمد تقي الشيرازي ، وبعد أن حكى له منامه .. بكى المرحوم الميرزا محمد تقي. فسال عن سبب بكائه ، قال: لقد ارتحل الميرزا المحلاتي من الدنيا وكان عماداً للفقه. فقالوا له : إن ما رآه الشيخ كان حلماً ، وقد لا يكون هذا الحلم صادقاً ، فقال الميرزا : نعم إنه حلم. ولكنه حلم الشيخ مشكور وليس حلم شخص عادي. وفي اليوم التالي وصلت برقية من شیراز إلى النجف الأشرف تخبر بوفاة الميرزا المحلاتي واتضح حينها صدق رؤيا الشيخ المرحوم.

وقد سمع هذه الحكاية جماعة من فضلاء النجف الأشرف مباشرة من المرحوم آية الله السيد عبد الهادي الشيرازي وكان حينها موجوداً في بيت المرحوم محمد تقي حينما جاء الشيخ المرحوم ونقل منامه وقد سمع هذه الحكاية العالم الجليل الحاج صدر الدين المحلاتي حفيد ذلك المرحوم عن الشيخ مشكور (١).

__________________

(١) داستانهاي شگفت / ص ٢٤٣ ـ ٢٤٤.

٢٦

الفصل الثالث

٢٧
٢٨

سند

زيارة عاشوراء

رواها الشيخ الأقدم ابو جعفر محمد بن قولویه بسندين أولهما : عن حكيم بن داود وغيره من محمد بن موسى الهمداني عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً عن علقمة بن محمد الحضرمي عن الإمام الباقر عليه‌السلام.

والسند الثاني : محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن مالك الجهني عن الإمام الباقر عليه‌السلام.

ورواها شيخ الطائفة الطوسي (ره) بثلاثة أسانيد.

السند الأول : عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن مصالح بن عقبة عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام.

والسند الثاني : فال صالح بن عقبة وسيف بن عميرة قال علقمة بن محمد الحضرمي.

والسند الثالث : عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن صفوان بن مهران عن الإمام الصادق عليه‌السلام.

٢٩

البحث في السند الأول للشيخ الطوسي

أما السند الأول للشيخ الطوسي فيقع الحديث فيه أولاً عن طريق الشيخ إلى محمد بن إسماعيل بن بزیع .. ويصحح بمنهجين :

المنهج الأول : ما ذكره بعض المحققين (١) بعدم الفائدة من البحث عن الطريق وذلك لأنه على فرض ضعف الطريق فإنه لا يضرّ لمثل هذا المورد ، وذلك لأن الشيخ ينقل مباشرة من نفس الكتاب ؛ وما ذكره سنده إلى محمد بن إسماعيل في الفهرست إلا للتبرك أو لمحض إيجاد اتصال السند أو لغرض صحيح يقع بهذا المستوی.

ولكن يؤاخذ عليه : إنما يصع هذا فيما لو تمَّ القول بان الأصول كانت متواترة عند المحمدين الثلاثة. وهذه الدعوى تحتاج إلى دليل. خصوصاً أن المحمدين الثلاثة قد ذكروا أسانيدهم إلى أصحاب الكتب مما يشمّ منه عدم تواتر تلك الكتب لذلك احتاجوا إلى ذكر السند.

ثم إن مجرد وجود الكتاب عندهم لا ينفع لتصحيح طريقه كما هو معلوم. بل لا بد من حصول المعلم بأن هذا الكتاب هو نفسه الكتاب الأصل الذي روی عنه. فمثلاً حينما يقال إن لمحمد بن إسماعيل بن بزیع کتاب ، ووجد كتاب منسوب إليه فلا تصح رواية هذا الكتاب عن صاحبه بدون أن يصح الطريق الموصل إليه.

وإذا قيل : فكيف نعمل بالكتب الأربعة وغيرها من مصنفات أصحابنا بدون الحاجة إلى اتصال السند كما هو رأي المشهور بل الأشهر بل قد يقال بما لا يوجد له مخالف.

يقال : إن الكتب الأربعة وغيرها من مصنفات أصحابنا إنما هي متواترة النسبة إلى أصحابنا جيلاً بعد جيل. نعم الكلام في حجية نُسَخ البدل فيها ، فقد يقال بعدم تواترها فتبقى محتاجة للدليل. وأما الأصول الأربعمائه فإنها

__________________

(١) الشيخ أبو الفضل الطهراني في كتابه : شفاء الصدور في شرح زیارة العاشور / ج / ص ٦٤ / الطبعة الحديثة. (وهو من أجلّه تلاميذ الميرزا حبیب الله الرشتي والمجدد الشيرازي (ره) ومن أجلة تلاميذ الشيخ الأنصاري صاحب كتاب الرسائل والمكاسب).

٣٠

ليست كذلك وإنما وصلت إلى المتقدمين بالإسناد وليست بالتواتر.

والمنهج الثاني : بتصحيح طريق الشيخ إلى محمد بن إسماعيل طبق قواعد الدراية وعلم الرجال. وقد ثبت حسب تلك القواعد جهة طريق الشيخ إلى محمد بن إسماعيل. ولا يضر وجود ابن أبي الجيد في الطريق على فرض عدم توثيقه كما هو مختار بعض المحققين. لأن الطريق غير منحصر به ، فللشيخ عدة طرق صحيحة إلى محمد بن إسماعيل. إضافة إلى وثاقة ابن أبي الجيد كما هو الأقوى.

وأما محمد بن إسماعيل بن بزيع فقد نص النجاشي على وثاقته قال: كان من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم كثير العمل له كتب منها كتاب ثواب الحج وكتاب الحج ..) (١).

كما نص الشيخ على وثاقته ايضاً عندما عدّه في أصحاب الرضا عليه‌السلام قال : (ثقة صحيح كوفي مولى المنصور) (٢).

ثانياً : وأما صالح بن عقبة فقد صُحّح بعدة طرق :

الطريق الأول : إن النجاشي ذكره قائلاً (صالح بن عُقْبَةَ بن قيس بن سمعان بن ابي رُبَيْعَة مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قيل : إنه روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، والله اعلم ...) (٣).

بتقريب : إن ذكر النجاشي له دليل على إماميته لأن مبنى النجاشي هو ذكره مصنفي الشيعة. كما أن النجاشي ملتزم بذكره القدح بمن قدح فيهم أما في نفس ترجمة المقدوح أو حينما يذكره في نفس ترجمته ، وبما أنه لم يتعرض له فيعلم سلامته من القدح ، وهذا نوع مدح (٤).

__________________

(١) رجال النجاشي / ص ٢٢٠ / ط ، جامعة المدرسين قم / رقم الترجمة (٨٩٣).

(٢) رجال النجاشي / ص ٣٨٦.

() رجال النجاشي / / ط ، جامعة المدرسين قم / رقم الترجمة (٥٣٢).

(٤) راجع شرح الزيارة / للمحقق الطهراني / ج ص ٦٥.

٣١

ولكن فيه:

أولأ : إن عدم ذكر النجاشي القدح لا يفيد أكثر من عدم القدح فيلزم أن يكون مجهولاً لا ممدوحاً. ولا ملازمة بين سلامة الرجل من القدح وبين أن يكون ممدوحاً ، فليست القضية مانعة خلو وإنما يمكن ان تكون شيئاً ثالثاً كما بيّنا.

نعم قد يقال بأن نفس ذكر الشيخ النجاشي له في رجاله وقوله (له كتاب) (١) نوع مدح كما هو رأي بعض المحققين.

ولكن المبنى على عمومه لا يخلو من خدشة فإن مجرد ان يكون الرجل شيعياً مؤلفاً وإن كان ذلك مدحاً له ولكن لا مدخلية لهذا المدح في وثاقته وصدقه وإنما هو مدح كمالي زائد. نعم يمكن أن يكون مفيداً للوثاقة على نحو الاحتمال وهو غير كاف بوحده لإثبات المدح المرتبط بالوثاقة إلا بإضافة أوجه أخرى إليه كما لو روى عنه مباشرة الفقهاء من الشيعة ، وأكْثَر الإماميةُ بالنقل عنه ، وكان من أصحاب الأئمة عليهم‌السلام حيث روى عنهم بلا واسطة وغيرها من القرائن.

ومن الصحيح أن كل واحدة من هذه القضايا لا تصلح لتوثيق الرجل ولكن مجموعها يقوي مدحه ؛ بل تصل مجموعة القرائن أحياناً إلى حالة الاطمئنان إنه فوق الحسن بل بقوة الصحيح.

ولعلنا يمكننا إرجاع بعض تعابير الشيخ المجلسي (ره) في (مرآة العقول) عن أسانيد الأحاديث (كالموثق) و (كالحسن) و (كالصحيح) وغيرها إلى اعتماده على مثل تلك القرائن(٢).

وعليه: فيمكننا القول بمدح مصالح بن عقبة بعد أن ذكره النجاشي في كتابه. بالإضافة إلى عدم ذكر فدح فيه. وأضف إلى ذلك رواية المشايخ عنه كمحمد بن إسماعيل بن بزيع (الذي عدّ من أصحاب الرّضا عليه‌السلام وله کتب رواها النجاشي والشيخ عنه) ، كما روى عنه إبراهيم بن هاشم ومحمد بن

__________________

(١) رجال النجاشي / ص ٢٠٠ / رقم الترجمة (٥٣٢).

(٢) قد بينا تلك القرائن وشرحناها في مواردها ضمن تعاليقنا على مرآة العقول.

٣٢

الحسين بن أبي الخطاب ، أظف إلى ذلك وقوعه في أسانيد تفسير القمي بالإضافة إلى عدّه الشيخ من أصحاب الصادق عليه‌السلام (١) وأصحاب الكاظم عليه‌السلام (٢).

ثانياً : وما يمكن أن يقال بأن المقصود من المدح بذكر النجاشي له مع عدم القدح أنه سالم من القدح وهو معنى ظاهر العدالة فضلاً عن أصالة العدالة.

فإن هذا الجواب صحيح لو كان مبنى العدالة الحكم على ظاهر في التوثيقات كما هو مختار بعض المحققين كالعلامة وغيره. ولكن الحق أن التوثيق أمر مركب وليس بسيط يحتاج إلى قرائن زائدة مورثة للاطمئنان بوثاقة الراوي. نعم ان عدم القدح من النجاشي يفرق عن غيره ، ولكنه لا يفيد إلا زيادة نسبية محدودة لا ترتفع إلى مستوى الاطمئنان مما تدعمها قرائن أخرى كما بيّناه قبل قليل. فلا تسلم کبری ظاهر العدالة من الخدشة. نعم القول بسلامة صالح لعدم وجود قدح فيه من قبل النجاشي بالإضافة إلى تلك القرائن التي ذكرناها .. جيد.

وإلى هذه القاعدة نُرجع مناقشتنا لما قاله المجلسي الثاني في روضته (٣) ونقله الشيخ أبو علي في رجاله (٤) عن تعليقة الوحيد .. حيث قال : (ويظهر من المصنف ـ يعني الصدوق ـ ان كتابه معتمد الأصحاب ، ولهذا ذكر اخباره الشيخ وعملوا عليها). فإنما تصل هذه المقالة قرينة فحسب لترفع نسبة الاحتمال إضافة إلى تلك القرائن المتقدمة.

وهكذا ما قيل بأن الشيخ ذكره في فهرسته (٥) وقال بأن له كتاب (٦) ، فإنه

__________________

(١) رجال الشيخ / ص .

() رجال الشيخ / ص ٣٥٢.

(٣) روضة المتقين / الشيخ محمد تقي المجلسي / ج ١٤ / ص ١٤٩.

(٤) منتهى المقال / ج ٤ / ص ١٦ / لمؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث.

(٥) راجع شرح الزيارة / المحقق الطهراني / ج ١ / ص ٦٥.

(٦) الفهرست / الشيخ / ص ٨٤ / ٨٥ تحت رقم (٣٥٢).

٣٣

لا يفيد وثاقة ، بل ولا يصلح قرينة كما صلح رجال النجاشي ، فلم يقل رجالي بأن الشيخ قد ذكر القدح ان وجد في فهرسته ، وان لم يذكر فدليل العدم وهو مدح كما قيل في رجال النجاشي. فمجرد ذكر الشيخ في الفهرست لا ينفع. نعم يبقى الكلام في قوله (له كتاب) ونرجع إلى ما بيّناه فإنه بوحده لا يصلح للاستدلال.

الطريق الثاني : ان صالح بن عقبة قد وردت له رواية في تفسير القمي ، فقد روى عنه إبراهيم بن هاشم وروی هو عن جميل (١) في قوله تعالى وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً (٢).

كما ورد في إسناد كامل الزيارات فقد روى عن زيد الشحام وروی عنه محمد بن إسماعيل (٣).

ويلزم على مبنى توثيقات التفسير والكامل العامة دخوله بالتوثيق. كما هو مبنى السيد الأستاذ القديم. أو الالتزام بتوثيقات التفسير العامة كما هو مبنى السيد الأستاذ الأخير. وعليه حكم على توثيق صالح بن عقبة (٤).

وأما ما قاله العلامة الحلي (ره) في خلاصته : (كذاب غال لا يلتفت إليه) (٥) فهو ما صرح به ابن داود في رجاله بأنه قول إبن الغضائري ، حيث قال : (يقصد من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام) غض (يقصد فال إبن الغضائري) ليس حديثه بشيء ، كذاب غال كثير المناكير) (٦) ولذلك أرجع الوحيد قول العلامة في الخلاصة إلى إبن الغضائري على ما نقله عنه الشيخ أبو علي في رجال قال : (وفي تعليق (أي تعليقة الوحيد) الظاهر إن ما في صة (أي خلاصة العلامة) من غض (أي إبن الغضائري) ومرّ ما فيه مراراً) (٧).

__________________

(١) تفسير القمي / ج / ص ٦.

(٢) الآية ٦٢ من سورة الفرقان.

(٣) كامل الزيارات / ص ١٥ / باب (ثواب زيارة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم / ح .

(٤) معجم رجال الحديث / ج / ص ٨٥.

(٥) رجال العلامة الحلي / ص ٢٣ / ط ، النجف.

(٦) رجال ابن داود / ص ٢٥ / ط ، النجف.

(٧) منتهي المقال / ج ٤ / ص ١٦.

٣٤

بل في مجمع الرجال للقهبائي صريح عبارة العلّامة في الخلاصة. وقد نسبها بعينها إلى أبي الغضائري حيث قال : ((غض) صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي رنيحة (كذا) مولی رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسلم روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام غال كذاب لا يلتفت إليه) (١).

والحق إن كتاب الغضائري لا يصلح معارضاً بل لا يعتمد عليه أصلاً لعدم ثبوت إن الذي كان عند العلّامة والقهبائي هو نفس كتاب إبن الغضائري ، بل المقطوع به أنه محرّف ، فضلاً عن الإرسال فيه فإنه لم يكن موجوداً عند من سبق العلّامة ولم يرووا عنه. ومع ذلك فإن الدعوى المنسوبة إلى إبن الغضائري هي خلاف الواقع لأمرين :

أولهما لو كانت النسبة صحيحة لأشار إليها النجاشي. وقد سبق أن بيّنا التزام النجاشي بذكر القدح إن وجد. ومع عدم ذكره يلزم عدم وجود مثل ذلك القدح.

وثانيهما : بإستقراء الأخبار التي رواها تنتفي تهمة الغلو ، لعدم وجوده فيها. ولذلك قال الوحيد في تعليقته على ما في رجال الشيخ أبي علي : (إن ظاهر جش (النجاشي) عدم صحة ما نسب إليه ، سيما من قوله : له كتاب يرويه جماعة. وروايته في كتب الأخبار صريحة في خلاف الغلو) (٢).

ويبقى أخيراً ما ذكره المرحوم التستري في قاموسه عندما ردّ على صاحب التنقيح العلّامة المامقاني (والفهرست ورجال الشيخ في أصحاب الكاظم ـ عليه‌السلام ـ بلفظ «صالح بن عقبة» فمن أين المراد بن هذا؟ ومن أين ليس مرادهما صالح بن عقبة بن خالد الأسدي ـ المتقدم ـ؟ وكون طريق الفهرست محمد بن إسماعيل أعمّ ، وإن كان النجاشي قال في ذا : يروي كتابه محمد بن إسماعيل) (٣).

__________________

(١) مجمع الرجال / القهبائي / ج ٣ / ص ٢٠٦.

(٢) منتهی المقال / ج ٤ / ص ١٦.

(٣) قاموس الرجال / الشيخ محمد تقي التستري / ص ٤٦٥ / ط ، جامعة المدرسين قم ١٤١٤ هـ ق.

٣٥

ويرد عليه:

١ ـ ذكر الشيخ في رجاله صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان مولی رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسلم في أصحاب الصادق عليه‌السلام فقط ولم يذكر الثاني مع أنه ذكر عشرين رجل بإسم (صالح) في أصحاب الصادق عليه‌السلام (١).

٢ ـ ثم ذكر في أصحاب الكاظم عليه‌السلام (صالح بن عقبة من أصحاب أبي عبد الله عليه‌السلام) (٢).

فإما نقول بأن القيد الزائد (من أصحاب أبي عبد الله عليه‌السلام) ذكره ليعيده إلى من ذكره في أصحاب الصادق عليه‌السلام أولاً. أو على أقل تقدير : أنه لم يذكر في أصحاب الصادق عليه‌السلام غيره ، فينحصر به. فيكون مقصود الشيخ لا محالة بأنه إبن قيس بن سمعان.

٣ ـ ومن البعيد جداً أن يكون مقصود الشيخ من (صالح بن عقبة) الذي ذكره في أصحاب الباقر عليه‌السلام (٣) هو نفسه الذي ذكره في أصحاب الكاظم عليه‌السلام .. ومع فرض الإتحاد فهو ليس صالح بن عقبة الذي ذكره في أصحاب الصادق عليه‌السلام .. ومنشأ هذا الإستبعاد:

أولأ : كيف يكون من أصحاب الباقر عليه‌السلام وأصحاب الكاظم عليه‌السلام ، ولم يكن من أصحاب الصادق عليه‌السلام؟

ثانياً : قد نصّ الشيخ في رجاله على إنه من أصحاب الصادق عليه‌السلام فكيف يصح القول بأنه من أصحاب الباقر عليه‌السلام .. وهو غير الذي ذكره في أصحاب الصادق عليه‌السلام ..

٤ ـ نعم ربما يتوجه القول بأن (صالح بن عقبة) الذي ذكره الشيخ في أصحاب الباقر عليه‌السلام هو نفسه الذي ذكره في أصحاب الصادق عليه‌السلام وفي أصحاب الكاظم عليه‌السلام .. فيلزم من ذلك الإتحاد .. ويردّه

__________________

(١) رجال الشيخ / ص ٢١٨ ـ ٢٢١

(٢) رجال الشيخ / ص ٣٥.

(٣) رجال الشيخ / ص ١٢٦/ أصحاب الباقر عليه‌السلام / باب الصاد / رقم (٤).

٣٦

التعدد الذي نصّ عليه النجاشي في (صالح بن عقبة بن خالد) (١) و (صالح بن عقبة بن قيس) (٢).

وربما يقال : إن المذكور في رجال الشيخ في أصحاب الباقر عليه‌السلام ذكر لإسم الجد فيلزم أن يكون إبن قيس.

ولكن يرد عليه إن النجاشي روى عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة بن قيس بلا واسطة (٣) بينما روي عن محمد بن إسماعيل بن بزيغ عن محمد بن أيوب عن صالح بن عقبة .. فيروي عنه بواسطة (محمد بن أیوب) .. فيلزم من ذلك إختلاف الطبقة وتقدم (صالح بن عقبة بن خالد) بطبقة واحدة .. وبما أن الشيخ ذكر (صالح بن عقبة) في أصحاب الباقر عليه‌السلام فيكون هو المقصود به يعني أن صالح بن عقبة بن خالد من أصحاب الباقر. ولكن قد يجاب عليه إن وجود الواسطة لا يلزم تعدد الطبقة فقد يروي بالواسطة كما يروي بلا واسطة ، فقد يكون (صالح بن عقبة بن خالد) من أصحاب الصادق عليه‌السلام ولم يكن من أصحاب الباقر عليه‌السلام .. وأما رواية محمد بن إسماعیل بن بزیع عنه بالواسطة ، لم يكن ناشئاً لتعدد الطبقة وإنما لأسباب أخرى يمكننا أن نتصور منها عدم ملاقاته له مع إنه عاصره ..

وعلى كل حال فما ذكره المرحوم التستري لا وجه له. ولا فائدة بالإطالة حول هذا الموضوع فمما لا إشكال فيه أن صالح بن عقبة المذكور في أصحاب الكاظم عليه‌السلام من رجال الشيخ هو نفسه الذي ذكره في أصحاب الصادق عليه‌السلام. وهو إبن قيس بن سمعان الذي وقع في أسانيد الكامل والتفسير. وهو إما صحيح أو حسن بلا أدنى إشكال على جميع المباني.

ثالثاً : وأما أبوه فهو عقبة بن قيس، وقد عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه‌السلام ، قائلاً (عقبة بن قيس والد صالح بن عقبة

__________________

(١) رجال النجاشي / ص / رقم الترجمة (٥٣) ، طبعة جامعة المدرسين قم.

(٢) رجال النجاشي / ص / رقم الترجمة (٥٣٢) ، طبعة جامعة المدرسين قم.

() رجال النجاشي / ص .

٣٧

كوفي) (١) .. ولذلك فقد صححه بعض المحققين () لأنه من أصحاب الصادق عليه‌السلام ، وقد وثّق الشيخ المفيد وإبن شهر آشوب جميع أصحاب الصادق عليه‌السلام.

ولكن هذا التصحيح مبنائي وقد خدش به السيد الأستاذ (٣) وردّ كون جميع أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام الذين ذكرهم الشيخ ثقات وليس هنا محل تفصيل الكلام فيه.

وذكرت وجوه ثلاثة أخرى كلها مبنائية. وعليه فالسند صحيح أو حسن حسب بعض المباني الرجالية كما تقدم لك بيانها.

السند الثاني للشيخ الطوسي

والسند الثاني تقدم الكلام فيه إلى (صالح). ويروي صالح عن علقمة. كما يروي محمد بن إسماعيل عن سيف بن عميرة عن علقمة الحضرمي.

أما سيف بن عميرة : فقد قال النجاشي (سيف بن عميرة النخعي عربي كوفي ثقة روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليه‌السلام له كتاب يرويه جماعات من أصحابنا. أخبرني الحسين بن عبيد الله عن أبي غالب الرازي عن جدّه وخال أبيه محمد بن جعفر عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بكتابه) (٤).

وقال الشيخ في فهرسته (سيف بن عميرة ثقة كوفي نخعي عربي ...) (٥).

وقال ابن شهر آشوب (سيف بن عميرة ثقة من أصحاب الكاظم ...) (٦).

وأما علقمة الحضرمي : فعدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه‌السلام (٧) ، وعدّه أيضاً في أصحاب الصادق عليه‌السلام وقال عنه : (علقمة

__________________

(١) رجال الشيخ / ص ٢٦١ / باب العين / تحت رقم (٦٢٦).

(٢) شرح الزيارة / للمحقق الطهراني / ج ١ / ص ٦٦.

(٣) معجم الرجال / ج ١ / ص ٥٥ ـ ٥٧ ـ ط ، الخامسة.

(٤) رجال النجاشي / ص ١٨٩ / رقم الترجمة (٥٠٤) / طبعة جامعة المدرسين قم.

(٥) الفهرست / الطوسي / ص ٧٨ / رقم الترجمة (٣٢٣) / طبعة النجف.

(٦) معالم العلماء / لابن شهر آشوب / ص ٥٦ / تحت رقم ٣٧٧ / طبعة النجف.

(٧) رجال الشيخ / ص ١٢٩ / رقم الترجمة (٣٨) / طبعة النجف.

٣٨

بن محمد الحضرمي الكوفي أسند عنه) (١) وروى إبن قولويه في كامل الزيارات عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة عنه ، وروی هو عن الإمام الباقر عليه‌السلام (٢) وهو ثقة عند من يقول بصحة توثيقات كامل الزيارات العامة.

والطريق الأخر لتوثيقه ما ذكره بعض المحققين :

أ ـ إن نفس رواية سيف بن عميرة وصفوان عنه إما تعديل أو مدح له.

ب ـ كونه من أصحاب المصادق عليه‌السلام وبشهادة الشيخ المفيد والشيخ إبن شهر آشوب بتوثيقهما العام لجميع أصحاب الصادق عليه‌السلام.

جـ ـ عبارة الشيخ (أسند إليه) تفيد المدح كما هو رأي جماعة.

د ـ المناظرة التي جرت بين أبي بكر وعلقمة مع زيد ، وقد رواها الكشي في رجاله (٣) مما تفيد نشيعه وإمامته وحسن إعتقاده.

ومع أنه لا تخلو كل واحدة من هذه القرائن من مناقشة ، فلعل مجموعها تفيد حسن حاله ، لذلك قال المحقق الداماد في تعاليقه على رجال الكشي عندما وصل إلى هذا الخبر : (أبو بكر هذا عبد الله بن محمد الحضرمي وأخوه علقمة بن محمد أكبر منه ، كما ذكر في الحديث ، ويستبين إنه في صحة الحديث وإستقامة الاعتقاد كأخيه عبد الله الأصغر منه ، وهما من أصحاب أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادق عليه‌السلام.

وقد ذكرهما الشيخ في كتاب الرجال فقال في أصحاب الباقر عليه‌السلام: علقمة بن محمد الحضرمي أخو أبو بكر الحضرمي. وقال في أصحاب الصادق عليه‌السلام عبد الله بن محمد أبو بكر الحضرمي الكوفي سمع من أبي الطفيل ، تابعي روى عنهما علیهما‌السلام.

__________________

(١) رجال الشيخ / ص ٢٦٢/ رقم الترجمة (٦٤٣) / طبعة النجف.

(٢) کامل الزیارات / ص ١٧٤/ باب ٧١ / ح ٨.

(٣) اختبار معرفة الرجال / ص ٤١٦ / تحت رقم () / تصحيح حسن مصطفوي / ط ، دانشكاه مشهد ١٣٤٨ هـ ش.

٣٩

قلت : وهو معروف الجلالة صحيح الحديث ، وأما أخوه علقمة فممدوح حسن الحديث) (١).

فالسند الثاني صحيح أو بقوة الصحيح او حسن ، أو على أقل التقادير بقوة الحسن على شتى المباني.

السند الثالث للشيخ الطوسي

والسند الثالث للشيخ : روی محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن صفوان .. والبحث فيه بمقامين:

المقام الأول : طريق الشيخ إلى محمد الطيالسي ؛ وهو كما ذكره في الفهرست (محمد بن خالد الطيالسي له كتاب رويناه عن الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه عن محمد بن على بن محبوب عنه) (٢).

أما الحسين بن عبيد الله فهو إبن الغضائري وهو من شيوخ الإجازة ومن شيوخ النجاشي وقد وثقه إبن طاووس ، وكان كثير الرواية ، ومجموعها يفيد إعتباره. ولعل توثيق النجاشي باعتباره من شيوخه يفيد وثاقته كما ذهب إليه السيد الأستاذ ويحتاج البحث إلى تفصيل لا نحتاج إليه هنا لأن القول بوثاقته مما لا إشكال فيه.

وأما أحمد بن محمد بن يحيى فقد توقف البعض في توثيقه لعدم ورود نص فيه. والأشهر وثاقته لأنه من شيوخ الإجازة وإعتماد القدماء على روايته وغير ذلك مما هو مفصل في محلّه. والقرائن الكثيرة تعمد هذا الاتجاه. كما إن الرأي الأول لا يخلو من مضايقة غير عرفية بلا أدنى شك.

وأما محمد بن يحيى أبوه فهو العطار القمي (شيخ أصحابنا في زمانه ثقة عين كثير الحديث له كتب ...) قاله النجاشي.

وأما محمد بن علي بن محبوب فهو (الأشعري القمي ، أبو جعفر ، شيخ

__________________

(١) تعاليق على رجال الكشي / للسيد الداماد / ج ٢ / ص ٧١٤ / نشر مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام قم.

(٢) الفهرست للشيخ / ص ١٤٩ / تحت رقم (٦٣٤) / ط ، النجف.

٤٠