التّحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشّريف

السيّد علي الحسيني الميلاني

التّحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشّريف

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الحقائق الإسلاميّة
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٠٠

مبتدع متّبع غير سبيل المؤمنين.

تماما كالذي فعلوا ـ بوحي من السلطات ـ في قضية حصر المذاهب ، حيث أفتوا بحرمة الخروج عن تقليد الأربعة مستدلّين بالإجماع ، فعودي من تمذهب بغيرها ، وانكر عليه ، ولم يولّ قاض ولا قبلت شهادة أحد ما لم يكن مقلّدا لأحد هذه المذاهب.

لقد كان التعصّب ضدّ أهل البيت الأطهار عليهم‌السلام ، خير وسيلة للتقرّب إلى الحكّام وللحصول على الجاه والمقام .. في بعض الأدوار .. فكلّما كان التعصّب أشدّ وأكثر كان صاحبه أفضل وأشهر .. ولذا تراهم يقدّمون كتاب البخاري ـ بالرغم من أنّ لكتاب مسلم مزايا لأجلها قال جماعة بأفضليّته ـ لأنّه لم يخرّج ما أخرجه مسلم من مناقب أهل البيت كحديث الثقلين .. وتراهم يقدحون في الحاكم وفي مستدركه على الصحيحين .. لأنّه أخرج فيه منها ما لم يخرجاه .. وإن كان واجدا لكلّ ما اشترطاه.

ويشهد بذلك تضعيفهم الحديث الوارد فيهما إذا كان فيه دلالة أو تأييد لمذهب الشيعة .. كما طعن ابن الجوزي وابن تيميّة في حديث الثقلين .. وطعن الآمدي ومن تبعه في حديث : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» .. المخرّج في الصحيحين.

فهذا هو الأصل في كلّ ما ادّعوا في حقّ الكتابين .. إنّه ليس إلّا التعصّب .. وإلّا فإنّهما يشتملان على الصحيح وغيره كسائر الكتب ، وصاحباهما محدّثان كسائر الرجال .. فها هنا مقامات ثلاثة :

٣٢١

(١)

آراء العلماء في الشيخين

امتناع أبي زرعة من الرواية عن البخاري

١ ـ لقد امتنع أبو زرعة عبد الله بن عبد الكريم الرازي من الرواية عن البخاري ، أمّا مسلم فقد ذكر صحيحه فقال : «هؤلاء قوم أرادوا التقدّم قبل أوانه فعملوا شيئا يتسوّقون به».

هذا رأي أبي زرعة في الرجلين ، ذكر ذلك جماعة من الأعلام ، قال الذهبي : «قال سعيد البرذعي : شهدت أبا زرعة ذكر صحيح مسلم فقال : هؤلاء قوم أرادوا التقدّم قبل أوانه فعملوا شيئا يتسوّقون به ، وأتاه رجل ـ وأنا شاهد ـ بكتاب مسلم ، فجعل ينظر فيه فإذا حديث عن أسباط بن نصر فقال : ما أبعد هذا عن الصحيح! .. ثم رأى قطن بن نسير فقال لي : وهذا أطمّ من الأول ، قطن بن نسير يصل أحاديث عن ثابت جعلها عن أنس .. ثم نظر فقال : يروي عن أحمد ابن عيسى في الصحيح! ما رأيت أهل مصر يشكّون في أنّه ـ وأشار إلى لسانه ـ» (١).

وقال : «قال أبو قريش الحافظ : كنت عند أبي زرعة فجاء مسلم بن الحجّاج فسلّم عليه وجلس ساعة وتذاكرا ، فلمّا أن قام قلت له : هذا جمع أربعة آلاف حديث في الصحيح. قال : فلمن ترك الباقي؟! ثمّ قال : هذا ليس له عقل ، لو

__________________

(١) تذهيب التهذيب ـ ترجمة أحمد بن عيسى المصري ، ميزان الاعتدال ١ : ١٢٥.

٣٢٢

دارى محمد بن يحيى لصار رجلا» (١).

وقال الذهبي في ترجمة علي بن المديني شيخ البخاري : «علي بن عبد الله بن جعفر ابن الحسن الحافظ ، أحد الأعلام الأثبات ، وحافظ العصر ، ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء فبئس ما صنع ، فقال : جنح إلى ابن داود والجهمية ، وحديثه مستقيم إن شاء الله. قال لي عبد الله بن أحمد : كان أبي حدّثنا عنه ، ثم أمسك عن اسمه وكان يقول : حدّثنا رجل ، ثم ترك حديثه بعد ذلك. قلت : بل حديثه عنه في مسنده. وقد تركه إبراهيم الحربي وذلك لميله إلى أحمد بن أبي داود ، فقد كان محسنا إليه.

وكذا امتنع مسلم عن الرواية عنه في صحيحه لهذا المعنى ، كما امتنع أبو زرعة وأبو حاتم من الرواية عن تلميذه محمد (٢) لأجل مسألة اللفظ. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : كان أبو زرعة ترك الرواية عنه من أجل ما كان منه في المحنة» (٣).

وقال المناوي في ترجمة البخاري : «زين الامّة ، افتخار الأئمّة ، صاحب أصحّ الكتب بعد القرآن .. وقال الذهبي : كان من أفراد العالم مع الدين والورع والمتانة. هذه عبارته في الكاشف. ومع ذلك غلب عليه الغضّ من أهل السنّة ، فقال في كتاب الضعفاء والمتروكين : ما سلم من الكلام لأجل مسألة اللفظ ، تركه لأجلها الرازيّان (٤). هذه عبارته واستغفر الله تعالى ، نسأل الله السلامة ونعوذ به

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ـ ترجمة محمد بن يحيى الذهلي ١٢ : ٢٨٠.

(٢) هو محمد بن إسماعيل البخاري.

(٣) ميزان الاعتدال ٣ : ١٣٨.

(٤) هما : أبو زرعة الرازى وأبو حاتم الرازى.

٣٢٣

من الخذلان» (١).

ترجمة أبي زرعة الرازي

وقد ترجم الذهبي وابن حجر وغيرهما أبا زرعة ترجمة حافلة وأوردوا كلمات القوم في إمامته وثقته وحفظه وورعه بما يطول ذكره ، والجدير بالذكر قول الذهبي في آخر ترجمته : «قلت : يعجبني كثيرا كلام أبي زرعة في الجرح والتعديل يبين عليه الورع والخبرة» (٢).

وقول أبي حاتم في حقّه : «إذا رأيت الرازي ينتقص أبا زرعة فاعلم أنّه مبتدع» (٣).

وقول ابن حبّان : «كان أحد أئمّة الدنيا في الحديث ، مع الدين والورع والمواظبة على الحفظ والمذاكرة وترك الدنيا وما فيه الناس» (٤).

وقول ابن راهويه : «كلّ حديث لا يعرفه أبو زرعة فليس له أصل» (٥).

امتناع أبي حاتم من الرواية عن البخاري

٢ ـ وامتنع أبو حاتم الرازي من الرواية عن البخاري .. كما عرفت.

__________________

(١) فيض القدير ١ : ٢٤.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٣ : ٨١.

(٣) تهذيب التهذيب ٧ : ٣٠.

(٤) تهذيب التهذيب ٧ : ٣٠.

(٥) سير أعلام النبلاء ١٣ : ٧١ ، تهذيب التهذيب ٧ : ٢٩ ، الكاشف ٢ : ٢٠١.

٣٢٤

تكلّم الذهلي في البخاري ومسلم

٣ ـ وتكلّم محمد بن يحيى الذهلي في البخاري ، وكذا إخراجه مسلما من مجلس بحثه ، مذكور في جميع كتب التراجم ..

قال الذهبي عن الحاكم : «وسمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول : لمّا استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم بن الحجّاج الاختلاف إليه ، فلمّا وقع بين الذهلي وبين البخاري ما وقع في مسألة اللفظ ونادى عليه ومنع الناس عنه ، انقطع عنه أكثر الناس غير مسلم ، فقال الذهلي يوما : ألا من قال باللفظ فلا يحلّ له أن يحضر مجلسنا ، فأخذ مسلم رداءه فوق عمامته وقام على رءوس الناس ، وبعث إلى الذهلي ما كتب عنه على ظهر حمّال ، وكان مسلم يظهر القول باللفظ ولا يكتمه.

قال : وسمعت محمد بن يوسف المؤذّن : سمعت أبا حامد بن الشرقي يقول : حضرت مجلس محمد بن يحيى ، فقال : ألا من قال : لفظي بالقرآن مخلوق فلا يحضر مجلسنا ، فقام مسلم بن الحجّاج عن المجلس ، رواها أحمد بن منصور الشيرازي عن محمد بن يعقوب ، فزاد : وتبعه أحمد بن سلمة.

قال أحمد بن منصور الشيرازي : سمعت محمد بن يعقوب الأخرم ، سمعت أصحابنا يقولون : لمّا قام مسلم وأحمد بن سلمة من مجلس الذهلي قال : لا يساكنني هذا الرجل في البلد. فخشي البخاري وسافر» (١).

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٢ : ٤٦٠ ، هدى الساري في مقدّمة فتح الباري ٢ : ٢٦٤.

٣٢٥

ترجمة الذهلي

وترجم له الخطيب فقال : «كان أحد الأئمّة والعارفين والحفّاظ المتقنين والثقات المأمونين ، صنّف حديث الزهري وجوّده ، وقدم بغداد وجالس شيوخها وحدّث بها ، وكان الإمام أحمد بن حنبل يثني عليه وينشر فضله ، وقد حدّث عنه جماعة من الكبراء» فذكر كلمات الثناء عليه حتى نقل عن بعضهم قوله : «كان أمير المؤمنين في الحديث» (١).

والجدير بالذكر رواية البخاري عنه بالرغم ممّا كان منه في حقّه ، لكن مع تدليس في اسمه : قال الذهبي : «روى عنه خلائق منهم .. محمد بن إسماعيل البخاري ، ويدلّسه كثيرا ، لا يقول : محمد بن يحيى ، بل يقول : محمد فقط ، أو محمد ابن خالد ، أو محمد بن عبد الله ، ينسبه إلى الجدّ ويعمّي اسمه لمكان الواقع بينهما» (٢).

البخاري في كتاب (الجرح والتعديل)

٤ ـ وأورد بن أبي حاتم البخاريّ في كتاب (الجرح والتعديل) وقال ما نصّه : «قدم محمد بن إسماعيل الريّ سنة ٢٥٠ وسمع منه أبي وأبو زرعة ، وتركا حديثه عند ما كتب إليهما محمد بن يحيى أنّه أظهر عندهم بنيسابور أنّ لفظه بالقرآن

__________________

(١) تاريخ بغداد ٣ : ٤١٥.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٢ : ٢٧٤.

٣٢٦

مخلوق» (١).

ترجمة ابن أبي حاتم

وقد وصفوا ابن أبي حاتم بالإمامة والحفظ والثقة والزهد ، بل قالوا : «كان يعدّ من الأبدال» (٢). وقال الذهبي : «له كتاب نفيس في الجرح والتعديل» (٣).

وعن ابن مندة : «له الجرح والتعديل في عدّة مجلّدات ، تدلّ على سعة حفظه وإمامته» (٤).

طعن ابن الأعين في التخاري

٥ ـ وقال أبو بكر ابن الأعين : «مشايخ خراسان ثلاثة : قتيبة ، وعلي بن حجر ، ومحمد بن مهران الرازي. ورجالها أربعة : عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي ، ومحمد بن إسماعيل البخاري ـ قبل أن يظهر ـ ، ومحمد بن يحيى ، وأبو زرعة» (٥).

وقوله : «قبل أن يظهر» طعن كما هو ظاهر.

وابن الأعين من أكابر الحفّاظ الأعلام ، كما في تاريخ بغداد ٢ / ١٢٨ والمنتظم ٦ / ٥٩ وسير أعلام النبلاء ١٣ / ٥٦٦ وغيرها. توفي سنة ٢٩٣.

__________________

(١) الجرح والتعديل ٧ : ١٩١.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٠٣ : ٢٦٤ ، مرآة الجنان ٢ : ٢٨٩ ، فوات الوفيات ٢ : ٢٨٨.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٣ : ٢٦٤.

(٤) فوات الوفيات ٢ : ٢٨٨.

(٥) سير أعلام النبلاء ـ ترجمة علي بن حجر ١١ : ٥٠.

٣٢٧

البخاري في كتاب (الضعفاء للذهبي)

٦ ـ وأورد الذهبي البخاري في كتاب «ميزان الاعتدال في نقد الرجال» وكتاب «المغني في الضعفاء» (١) وهو ما استنكره المناوي في عبارته آنفة الذكر.

(٢)

آراء العلماء في الصحيحين

وتضمّنت الكلمات السالفة الذكر ـ عن جمع من أعلام الجرح والتعديل الّذين يكفي قدح الواحد منهم للسقوط عن درجة الاعتبار ـ الطعن في الصحيحين أو أحدهما. وفي ذلك كفاية في وهن دعوى الإجماع على تلقّي الأمّة (٢) أحاديثهما بالقبول .. وهنا نتعرّض لآراء عدّة من الأكابر السابقين واللاحقين في حكم أحاديث الصحيحين.

معلومات عن الصحيحين

وقبل الورود في ذلك نذكر معلومات نقلا عن شرّاح الكتابين والعلماء

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٣ : ٤٨٥ ، المغني ٢ : ٥٥٧.

(٢) مضافا إلى أنّ الشيعة الاثني عشرية ، والزيدية والحنفية ، والظاهرية لا يقولون بذلك وهم من هذه الامّة.

٣٢٨

المحقّقين في الحديث :

١ ـ قد انتقد حفّاظ الحديث البخاري في (١١٠) أحاديث ، منها (٣٢) حديثا وافقه مسلم فيها ، و (٧٨) انفرد هو بها (١).

٢ ـ الّذين انفرد البخاري بالإخراج لهم دون مسلم «أربعمائة وبضعة وثلاثون» رجلا. المتكلّم فيه بالضعف منهم (٨٠) رجلا. والّذين انفرد مسلم بالإخراج لهم دون البخاري (٦٢٠) رجلا ، المتكلّم فيه بالضعف منهم (١٦٠) رجلا (٢).

٣ ـ الأحاديث المنتقدة المخرّجة عندهما معا بلغت (٢١٠) حديثا ، اختصّ البخاري منها بأقلّ من (٨٠) حديثا ، والباقي يختصّ بمسلم (٣).

٤ ـ هناك رواة يروي عنهم البخاري ، ومسلم لا يرتضيهم ولا يروي عنهم ، ومن أشهرهم : عكرمة مولى ابن عبّاس.

٥ ـ قد اتّفق الشيخان على الرواية عن أقوام انتقدهم أصحاب الصحاح الاخرى وأئمّة المذاهب .. ومن أشهرهم : محمد بن بشّار .. حتى نسب إلى الكذب (٤).

٦ ـ إنّه قد اختلف عدد أحاديث البخاري في روايات أصحابه لكتابه ، وقال ابن حجر : عدة ما في البخاري من المتون الموصولة بلا تكرار (٢٦٠٢) ، ومن المتون المعلّقة المرفوعة (١٥٩) ، فالمجموع (٢٧٦١) ، وقال في شرح

__________________

(١) مقدّمة فتح الباري : ٩.

(٢) مقدّمة فتح الباري : ٩.

(٣) مقدّمة فتح الباري : ٩.

(٤) ميزان الاعتدال ٣ : ٤٩٠.

٣٢٩

البخاري : إنّ عدّته على التحرير (٢٥١٣) حديث (١).

٧ ـ إنّ البخاري مات قبل أن يبيّض كتابه ، ولذا اختلفت نسخه ورواياته (٢).

٨ ـ إنّ البخاري لم يكن يكتب الحديث في مجلس سماعه ، بل بلده ؛ فعن البخاري أنّه قال : ربّ حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام ، وربّ حديث سمعته بالشام كتبته بمصر ، فقيل له : يا أبا عبد الله بكماله؟! فسكت» (٣).

أمّا مسلم فقد «صنّف كتابه في بلده بحضور اصوله في حياة كثير من مشايخه ، فكان يتحرّ في الألفاظ ويتحرّى في السياق ...» (٤).

وبعد ، فإنّ دعوى تلقّي الامّة أحاديث الصحيحين بالقبول وقيام الإجماع على صحّتها .. لا أساس لها من الصحّة .. لما تقدّم .. ويأتي :

النووي

١ ـ النووي : «ليس كلّ حديث صحيح يجوز العمل به فضلا عن أن يكون العمل به واجبا» (٥) وقال : «وما يقوله الناس : إنّ من روى له الشيخان فقد جاز القنطرة ، هذا من التجوّه ولا يقوى» (٦).

__________________

(١) أضواء على السنّة المحمّدية : ٣٠٧.

(٢) انظر : مقدّمة فتح الباري : ٦ ، أضواء على السنّة المحمّدية : ٣٠١.

(٣) تاريخ بغداد ٢ : ١١.

(٤) مقدّمة فتح الباري : ١٠.

(٥) التقريب في علم الحديث ، عنه في منتهى الكلام في الردّ على الشيعة : ٢٧.

(٦) المنهاج في شرح صحيح مسلم ، وعنه أضواء على السنّة المحمّدية : ٣١٣ ، «والتجوّه» طلب الجاه بتكلّف.

٣٣٠

ابن الهمام

٢ ـ كمال الدين ابن الهمام : «وقول من قال : أصحّ الأحاديث ما في الصحيحين ، ثم ما انفرد به البخاري ، ثم ما انفرد به مسلم ، ثم ما اشتمل على شرطهما ، ثم ما اشتمل على شرط أحدهما ، تحكّم لا يجوز التقليد فيه ، إذ الأصحّيّة ليست إلا لاشتمال رواتهما على الشروط التي اعتبراها ، فإن فرض وجود تلك الشروط في رواة حديث في غير الكتابين ، أفلا يكون الحكم بأصحيّة ما في الكتابين عين التحكّم؟!» (١).

أبو الوفاء القرشي (٢)

٣ ـ أبو الوفاء القرشي : «فائدة : حديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مسلم وغيره ـ يشتمل على أنواع منها التورّك في الجلسة الثانية ـ ضعّفه الطحاوي .. ولا يحنق علينا لمجيئه في مسلم ، وقد وقع في مسلم أشياء لا تقوى عند الاصطلاح ، فقد وضع الحافظ الرشيد العطّار على الأحاديث المقطوعة المخرّجة في مسلم كتابا سمّاه ب (غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في مسلم من الأحاديث المقطوعة) وبيّنها الشيخ محيي الدين في أوّل شرح مسلم.

وما يقوله الناس : إن من روى له الشيخان فقد جاز القنطرة ، هذا أيضا من

__________________

(١) شرح الهداية في الفقه ، وعنه في أضواء على السنّة المحمّدية : ٣١٢.

(٢) ترجمته في : حسن المحاضرة ١ : ٤٧١ ، الدرر الكامنة ٢ : ٣٩٢ ، شذرات الذهب ٦ : ٢٣٨.

٣٣١

التحنّق ولا يقوى ، فقد روى مسلم في كتابه عن ليث بن أبي مسلم وغيره من الضعفاء ، فيقولون : إنّما روى في كتابه للاعتبار والشواهد والمتابعات والاعتبارات ، وهذا لا يقوى ، لأنّ الحفّاظ قالوا : الاعتبار والشواهد والمتابعات والاعتبارات امور يتعرّفون بها حال الحديث ، وكتاب مسلم التزم فيه الصحّة ، فكيف يتعرّف حال الحديث الذي فيه بطرق ضعيفة.

واعلم أنّ (عن) مقتضية للانقطاع عند أهل الحديث ، ووقع في مسلم والبخاري من هذا النوع شيء كثير ، فيقولون على سبيل التحنّق : ما كان من هذا النوع في غير الصحيحين فمنقطع ، وما كان في الصحيحين فمحمول على الاتّصال.

وروى مسلم في كتابه عن أبي الزبير عن جابر أحاديث كثيرة بالعنعنة ، وقال الحافظ : أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكّي يدلّس في حديث جابر ، فما كان يصفه بالعنعنة لا يقبل ، وقد ذكر ابن حزم وعبد الحقّ عن الليث بن سعد أنّه قال لأبي الزبير : علّم لي أحاديث سمعتها من جابر حتى أسمعها منك ، فعلّم لي أحاديث أظنّ أنّها سبعة عشر حديثا فسمعتها منه ، قال الحافظ : فما كان من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر صحيح.

وقد روى مسلم في كتابه أيضا عن جابر وابن عمر في حجّة الوداع : إنّ النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ توجّه إلى مكّة يوم النحر ، وطاف طواف الإفاضة ، ثم رجع فصلّى الظهر بمنى ، فينحنقون ويقولون : أعادها لبيان الجواز ، وغير ذلك من التأويلات ، ولهذا قال ابن حزم في هاتين الروايتين : إحداهما كذب بلا شكّ.

وروى مسلم أيضا حديث الإسراء وفيه : «وذلك قبل أن يوحى إليه» وقد تكلّم الحفّاظ في هذه اللفظة وبيّنوا ضعفها.

٣٣٢

وروى مسلم أيضا : «خلق الله التربة يوم السبت» ، واتّفق الناس على أنّ يوم السبت لم يقع فيه خلق.

وروى مسلم عن أبي سفيان أنّه قال للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لمّا أسلم : يا رسول الله أعطني ثلاثا : تزوّج ابنتي أمّ حبيبة ، وابني معاوية اجعله كاتبا ، وأمّرني أن اقاتل الكفار كما قاتلت المسلمين ، فأعطاه النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ، والحديث معروف مشهور. وفي هذا من الوهم ما لا يخفى ، فأمّ حبيبة تزوّجها رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وهي بالحبشة وأصدقها النجاشي عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أربعمائة دينار ، وحضر وخطب وأطعم ، والقصّة مشهورة. وأبو سفيان إنّما أسلم عام الفتح وبين الهجرة إلى الحبشة والفتح عدّة سنين ، ومعاوية كان كاتبا للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ من قبل ، وأمّا إمارة أبي سفيان فقد قال الحافظ : إنّهم لا يعرفونها.

فيجيبون على سبيل التحنّق بأجوبة غير طائلة فيقولون في نكاح ابنته : اعتقد أنّ نكاحها بغير إذنه لا يجوز وهو حديث عهد بكفر ، فأراد من النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ تجديد النكاح. ويذكرون عن الزبير بن بكّار بأسانيد ضعيفة أنّ النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أمّره في بعض الغزوات ، وهذا لا يعرف.

وما حملهم على هذا كلّه إلّا بعض التعصّب ، وقد قال الحافظ : إنّ مسلما لمّا وضع كتابه الصحيح عرضه على أبي زرعة الرازي فأنكر عليه وقال : سمّيته الصحيح فجعلت سلّما لأهل البدع وغيرهم ، فإذا روى لهم المخالف حديثا يقولون : هذا ليس في صحيح مسلم ؛ فرحم الله تعالى أبا زرعة فقد نطق بالصواب ، فقد وقع هذا.

٣٣٣

وما ذكرت ذلك كلّه إلّا أنّه وقع بيني وبين بعض المخالفين بحث في مسألة التورّك ، فذكر لي حديث أبي حميد المذكور أولا ، فأجبته بتضعيف الطحاوي فما تلفّظ وقال : مسلم يصحّح والطحاوي يضعّف ، والله تعالى يغفر لنا وله آمين» (١).

الأدفوي

٤ ـ أبو الفضل الأدفوي (٢) : «ثم أقول : إنّ الامّة تلقّت كلّ حديث صحيح وحسن بالقبول ، وعملت به عند عدم المعارض ، وحينئذ لا يختصّ بالصحيحين ، وقد تلقّت الامّة الكتب الخمسة أو الستّة بالقبول وأطلق عليها جماعة اسم (الصحيح) ورجّح بعضهم بعضها على كتاب مسلم وغيره.

قال أبو سليمان أحمد الخطّابي : كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنّف في حكم الدين كتاب مثله ، وقد رزق من الناس القبول كافّة ، فصار حكما بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم ، وكتاب السنن أحسن وضعا وأكثر فقها من كتب البخاري ومسلم.

وقال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي : سمعت الإمام أبا الفضل عبد الله بن محمد الأنصاري بهراة يقول ـ وقد جرى بين يديه ذكر أبي عيسى الترمذي وكتابه فقال ـ : كتابه عندي أنفع من كتاب البخاري ومسلم.

وقال الإمام أبو القاسم سعيد بن علي الزنجاني : إنّ لأبي عبد الرحمن النسائي شرطا في الرجال أشدّ من شرط البخاري ومسلم.

__________________

(١) الجواهر المضيّة في طبقات الحنفية ٢ : ٤٢٨ ـ ٤٣٠.

(٢) ترجمته في : الدرر الكامنة ٢ : ٧٢ ، النجوم الزاهرة ١٠ : ٢٣٧ ، البدر الطالع ١ : ١٨٢ ، حسن المحاضرة ١ : ٣٢٠ ، شذرات الذهب ٦ : ١٥٣.

٣٣٤

وقال أبو زرعة الرازي لمّا عرض عليه ابن ماجة السنن كتابه : أظنّ إن وقع هذا في أيدي الناس تعطّلت هذه الجوامع كلّها ، أو قال : أكثرها.

ووراء هذا بحث آخر وهو : أنّ قول الشيخ أبي عمرو ابن الصلاح : إنّ الامّة تلقّت الكتابين بالقبول ، إن أراد كلّ الامّة فلا يخفى فساد ذلك ، إذ الكتابان إنّما صنّفا في المائة الثالثة بعد عصر الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ، وأئمّة المذاهب الأربعة ، ورءوس حفّاظ الأخبار ونقّاد الآثار المتكلّمين في الطرق والرجال ، المميّزين بين الصحيح والسقيم.

وإن أراد بالامّة الّذين وجدوا بعد الكتابين فهم بعض الامّة ، فلا يستقيم له دليله الذي قرّره من تلقّي الامّة وثبوت العصمة لهم ، والظاهرية إنّما يعتنون بإجماع الصحابة خاصة ، والشيعة لا تعتدّ بالكتابين وطعنت فيهما ، وقد اختلف في اعتبار قولهم في الإجماع والانعقاد.

ثم إن أراد كلّ حديث فيهما تلقّي بالقبول من الناس كافّة فغير مستقيم ، فقد تكلّم جماعة من الحفّاظ في أحاديث فيهما ، فتكلّم الدار قطني في أحاديث وعلّلها ، وتكلّم ابن حزم في أحاديث كحديث شريك في الإسراء ، قال : إنّه خلط ، ووقع في الصحيحين أحاديث متعارضة لا يمكن الجمع بينها ، والقطع لا يقع التعارض فيه.

وقد اتّفق البخاري ومسلم على إخراج حديث «محمد بن بشّار بندار» وأكثرا من الاحتجاج بحديثه ، وتكلّم فيه غير واحد من الحفّاظ ، أئمّة الجرح والتعديل ، ونسب إلى الكذب ، وحلف عمرو بن علي الفلاس شيخ البخاري أنّ بندار يكذب في حديثه عن يحيى ، وتكلّم فيه أبو موسى ، وقال علي بن المديني في الحديث الذي رواه في السجود : هذا كذب ، وكان يحيى لا يعبأ به ويستضعفه ،

٣٣٥

وكان القواريري لا يرضاه.

وأكثرا من حديث «عبد الرزّاق» والاحتجاج به ، وتكلّم فيه ونسب إلى الكذب.

وأخرج مسلم عن «أسباط بن نصر» ، وتكلّم فيه أبو زرعة وغيره.

وأخرج أيضا عن «سماك بن حرب» وأكثر عنه ، وتكلّم فيه غير واحد ، وقال الإمام أحمد بن حنبل : هو مضطرب الحديث ، وضعّفه أمير المؤمنين في الحديث شعبة ، وسفيان الثوري ؛ وقال يعقوب بن شعبة : لم يكن من المتثبّتين ؛ وقال النسائي : في حديثه ضعف ؛ قال شعبة : كان سماك يقول في التفسير عكرمة ، ولو شئت لقلت له : ابن عبّاس ، لقاله ؛ وقال ابن المبارك : سماك ضعيف في الحديث ؛ وضعّفه ابن حزم قال : وكان يلقّن فيتلقّن.

وكان أبو زرعة يذمّ وضع كتاب مسلم ويقول : كيف تسمّيه الصحيح وفيه فلان وفلان ... وذكر جماعة.

وأمثال ذلك يستغرق أوراقا ، فتلك الأحاديث عندهما ولم يتلقّوهما بالقبول.

وإنّ أراد غلب ما فيهما سالم من ذلك لم يبق له حجّة» (١).

القاري

٥ ـ الشيخ علي القاري حول صحيح مسلم : «وقد وقع منه أشياء لا تقوى عند المعارضة ، وقد وضع الرشيد العطّار كتابا على الأحاديث المقطوعة فيه ،

__________________

(١) الإمتاع في أحكام السماع ، عنه في كتابنا الكبير : نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار ٦ :

٣٣٦

وبيّنها الشيخ محيي الدين في أول شرح مسلم.

وما يقوله الناس : إنّ من روى له الشيخان فقد جاز القنطرة ، هذا أيضا من التجاهل والتساهل ... فقد روى مسلم في كتابه عن الليث ...» إلى آخر ما ذكره من الأمثلة لما قاله ، بعبارات تشبه عبارات الأدفوي ... (١).

محبّ الله بن عبد الشكور

٦ ـ الشيخ محبّ الله بن عبد الشكور صاحب «مسلّم الثبوت».

عبد العلي الأنصاري

٧ ـ الشيخ عبد العلي الأنصاري الهندي ـ شارح مسلّم الثبوت ـ ، وهذا كلامه مازجا بالمتن : «(فرع : ابن الصلاح وطائفة) من الملقّبين بأهل الحديث (زعموا أنّ رواية الشيخين) محمد بن إسماعيل (البخاري ومسلم) بن الحجّاج صاحبي الصحيحين (تفيد العلم النظري ، للإجماع على أنّ للصحيحين مزيّة) على غيرهما ، وتلقّت الامّة بقبولهما ، والإجماع قطعي.

وهذا بهت ، فإنّ من رجع إلى وجدانه يعلم بالضرورة أنّ مجرّد روايتها لا يوجب اليقين البتّة ، وقد روي فيهما أخبار متناقضة ، فلو أفادت روايتهما علما لزم تحقّق النقيضين في الواقع (وهذا) أي ما ذهب إليه ابن الصلاح وأتباعه (بخلاف ما قاله الجمهور) من الفقهاء والمحدّثين ، لأنّ انعقاد الإجماع على المزيّة على غيرهما من مرويّات ثقات آخرين ممنوع ، والإجماع على مزيّتها في أنفسهما لا يفيد

__________________

(١) انظر : نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الانوار ٦ :

٣٣٧

و (لأنّ جلالة شأنهما وتلقّي الامّة لكتابيهما والإجماع على المزيّة لو سلم لا يستلزم ذلك) القطع والعلم ، فإنّ القدر المسلّم المتلقّى بين الامّة ليس إلّا أنّ رجال مرويّاتهما جامعة للشروط التي اشترطها الجمهور لقبول روايتهم ، وهذا لا يفيد إلّا الظنّ ، وأمّا أنّ مرويّاتهما ثابتة عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فلا إجماع عليه أصلا. كيف ولا إجماع على صحّة جميع ما في كتابيهما ، لأنّ رواتهما منهم قدريّون وغيرهم من أهل البدع ، وقبول رواية أهل البدع مختلف فيه ، فأين الإجماع على صحّة مرويّات القدريّة؟!» (١).

ابن أمير الحاج

٨ ـ ابن أمير الحاجّ (٢) : «ثم ممّا ينبغي التنبّه له أنّ أصحّيّتهما على ما سواهم تنزّلا إنّما تكون بالنظر إلى من بعدهما ، لا المجتهدين المتقدّمين عليهما ، فإنّ هذا مع ظهوره قد يخفى على بعضهم أو يغالط به» (٣).

المقبلي

٩ ـ المقبلي (٤) في كتابه (العلم الشامخ) : «في رجال الصحيحين من صرّح كثير من الأئمّة بجرحهم ، وتكلّم فيهم من تكلّم بالكلام الشديد ، وإن كان لا

__________________

(١) فواتح الرحموت بشرح مسلّم الثبوت ٢ : ١٢٣.

(٢) ترجمته في : شذرات الذهب ٦ : ٣٢٨ ، الضوء اللامع ٩ : ٢١٠ ، البدر الطالع ٢ : ٢٥٤.

(٣) التقرير والتحبير في شرح التحرير في اصول الفقه ، وعنه في أضواء على السنّة المحمديّة : ٣١٤.

(٤) صالح بن مهدي ترجمته في : الأعلام ٣ : ١٩٧.

٣٣٨

يلزمهما إلّا العمل باجتهادهما» (١).

محمد رشيد رضا

١٠ ـ السيّد محمد رشيد رضا ، بعد أن عرض للأحاديث المنتقدة على البخاري : «وإذا قرأت ما قاله الحافظ (٢) فيها رأيتها كلّها في صناعة الفنّ ...

ولكنّك إذا قرأت الشرح نفسه (فتح الباري) رأيت له في أحاديث كثيرة إشكالات (٣) في معانيها أو تعارضها مع غيرها ، مع محاولة الجمع بين المختلفات وحلّ المشكلات بما يرضيك بعضه دون بعض» (٤).

وقال : «ممّا لا شكّ فيه أيضا أنّه يوجد في غيرهما من دواوين السنّة أحاديث أصحّ من بعض ما فيهما ... ولا يخلو [البخاري] من أحاديث قليلة في متونها نظر قد يصدق عليه بعض ما عدّوه من علامة الوضع ، كحديث سحر بعضهم للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ الذي أنكره بعض العلماء كالإمام الجصّاص من المفسّرين المتقدّمين والاستاذ الإمام محمد عبده من المتأخّرين ، لأنّه معارض بقوله تعالى : (إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً* انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) [الإسراء ١٧ : ٤٧ و ٤٨].

هذا ، وإنّ في البخاري أحاديث في امور العادات والغرائز ليست من اصول الدين ولا فروعه ، فإذا تأمّلتم هذا وذاك علمتم أنّه ليس من اصول الدين

__________________

(١) العلم الشامخ ، وعنه في أضواء على السنّة المحمديّة : ٣١٠.

(٢) هو الحافظ ابن حجر العسقلاني.

(٣) قلت : سنشير على مواضع منها فيما سيأتي.

(٤) المنار ٢٩ : ٤١.

٣٣٩

ولا من أركان الإسلام أن يؤمن المسلم بكلّ حديث رواه البخاري مهما يكن موضوعه ، بل لم يشترط أحد في صحّة الإسلام ولا في معرفته التفصيلية الاطّلاع على صحيح البخاري والإقرار بكلّ ما فيه.

وعلمتم أيضا أنّ المسلم لا يمكن أن ينكر حديثا من هذه الأحاديث بعد العلم به إلّا بدليل يقوم عنده على عدم صحّته متنا أو سندا ، فالعلماء الّذين أنكروا صحّة بعض هذه الأحاديث لم ينكروها إلّا بأدلّة قامت عندهم ، قد يكون بعضها صوابا وبعضها خطأ ، ولا يعدّ أحدهم طاعنا في دين الإسلام» (١).

أبو رية

١١ ـ الشيخ محمود أبو ريّة ... فإنّه انتقد الصحيحين انتقادا علميا ، واستشهد في بحثه بكلمات العلماء من المتقدّمين والمتأخّرين ... (٢).

أحمد أمين

١٢ ـ الدكتور أحمد أمين ـ حول البخاري ـ : «إنّ بعض الرجال الّذين روى لهم غير ثقات ، وقد ضعّف الحفّاظ من رجال البخاري نحو الثمانين ، وفي الواقع هذه مشكلة المشاكل ...» (٣).

__________________

(١) المنار ٢ : ١٠٤ ـ ١٠٥.

(٢) أضواء على السنّة المحمديّة : ٢٩٩ ـ ٣١٦.

(٣) ضحى الإسلام ٢ : ١١٧ ـ ١١٨.

٣٤٠