السيّد علي الحسيني الميلاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الحقائق الإسلاميّة
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٠٠
عليه وآله وسلّم.
ورواة هذه الأحاديث هم أئمة أهل السنّة ، أمثال :
١ ـ عبد الرزاق بن همام الصنعاني.
٢ ـ أحمد بن حنبل صاحب المسند وأحد الأئمة الأربعة.
٣ ـ مالك بن أنس صاحب الموطّأ وأحد الأئمة الأربعة.
٤ ـ البخاري صاحب الصحيح.
٥ ـ مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح.
٦ ـ أبي يعلى الموصلي صاحب المسند.
٧ ـ عبد بن حميد صاحب المسند.
٨ ـ ابن جرير الطبري صاحب التاريخ والتفسير وتهذيب الآثار.
٩ ـ ابن أبي داود صاحب المصاحف.
١٠ ـ أبي بكر البيهقي صاحب السنن الكبرى.
١١ ـ النسائي صاحب السنن أحد الصحاح.
١٢ ـ الترمذي صاحب السنن أحد الصحاح.
١٣ ـ ابن حجر العسقلاني شيخ الاسلام والحافظ على الإطلاق.
١٤ ـ جلال الدين السيوطي صاحب المؤلّفات الكثيرة.
حول آية «رضاعة الكبير عشرا»
أخرج ابن ماجة عن عائشة قالت : «نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ، ولقد كان في صحيفة تحت سريري ، فلمّا مات رسول الله ـ صلّى الله عليه
وآله وسلّم ـ وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها» (١).
وأخرجه غيره أيضا.
وظاهره أنّ الآية كانت ممّا يتلى ويقرأ من القرآن حتى وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومقتضى ذلك أن تذكر الآية في القرآن وتحفظ عند جمعه حتى لو فرض نسخ حكمها.
حول آية (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ...)
قال الحافظ السيوطي : «أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود ، قال : كنّا نقرأ على عهد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ «يا أيّها الرسول بلّغ ما انزل إليك من ربك ـ إنّ عليا مولى المؤمنين ـ وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس» (٢).
وهذا موجود في كتب الشيعة من طرقهم ، ولقائل أن يقول : لعلّ وجود هذا ونحوه في مصحف ابن مسعود هو السبب في رفض القوم له ، وإصرارهم على أخذه منه وإعدامه.
حول آية (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ ...)
أخرج الثعلبي بسنده عن أبي وائل قال : «قرأت في مصحف عبد الله بن مسعود : إنّ الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران ـ وآل محمد ـ على
__________________
(١) السنن لابن ماجة ١ : ٦٢٥.
(٢) الدرّ المنثور ٢ : ٢٩٨.
العالمين» (١).
وهذا أيضا ممّا رواه الشيعة في كتبهم بطرقهم.
حول «آيتين سقطتا من المصحف»
روى الحافظ جلال الدين السيوطي عن أبي سفيان الكلاعي : «أنّ مسلمة ابن مخلد الأنصاري قال لهم ذات يوم : أخبروني بآيتين من القرآن لم تكتبا في المصحف ، فلم يخبروه ـ وعندهم أبو الكنود وسعد بن مالك ـ.
قال لي مسلمة : «إنّ الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ، ألا أبشروا أنتم المفلحون.
والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم ، اولئك لا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرّة أعين جزاء بما كانوا يعلمون» (٢).
وظاهر هذا الحديث : أنّ مسلمة كان يعتقد بأنّ الآيتين من آيات القرآن الحكيم حقيقة ، ولكن سقطتا ولم تكتبا في المصحف.
ولو لم تكن الآيتان من القرآن العظيم لردّ عليه الحاضرون ذلك ، وكان عذرا لهم في عدم إخبارهم إيّاه عن الآيتين أو جهلهم به.
حول «عدد حروف القرآن»
روى الحافظ السيوطي عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أنّه قال : «لا
__________________
(١) تفسير الثعلبي ـ مخطوط ـ.
(٢) الإتقان في علوم القرآن ٣ : ٨٤.
يقولنّ أحدكم قد أخذت من القرآن كلّه ، وما يدريه ما كلّه؟! قد ذهب منه قرآن كثير ، ولكن ليقل : قد أخذت منه ما ظهر» (١).
وروى الحافظ المذكور أيضا عن الطبراني عن عمر بن الخطاب أنّه قال : «القرآن ألف ألف (وسبعة وعشرون الف) حرف» (٢).
إنّ المستفاد من هذين الحديثين هو : ضياع أضعاف هذا القرآن الموجود بين الناس.
فابن عمر ينهى عن أن يقول قائل : «قد أخذت من القرآن كلّه» موضحا ذلك بقوله : «قد ذهب منه قرآن كثير» ثم يأمر بأن يقول : «قد أخذت منه ما ظهر» أي : ما بقي.
وأمّا عمر بن الخطاب فقد ذكر عدد حروف القرآن الكريم الذي نزل على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا العدد أكثر بكثير من عدد حروف القرآن الموجود.
__________________
(١) الإتقان في علوم القرآن ٣ : ٨١.
(٢) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٤٢.
أحاديث كيفيّة جمع القرآن
ثمّ إنّ ممّا يدلّ على النقصان أو يثير شبهات في الأذهان ، الأحاديث التي يروونها في كيفيّة جمع القرآن ، وهي أيضا كثيرة في العدد ومعتبرة في السند ، وإليك شطرا منها :
١ ـ السيوطي عن زيد بن ثابت : «قبض رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ولم يكن القرآن جمع في شيء» (١).
٢ ـ البخاري بسنده عن زيد بن ثابت ، قال : «أرسل إليّ أبو بكر بعد مقتل أهل اليمامة ، فإذا عمر بن الخطاب عنده ، قال أبو بكر : إنّ عمر أتاني فقال : إنّ القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقرّاء القرآن ، وإني أخشى أن يستحرّ القتل بالقرّاء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن ، وإنّي أرى أن تأمر بجمع القرآن ، قلت لعمر : كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله؟ قال عمر : هذا والله خير ، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ، ورأيت في ذلك رأي عمر ، قال زيد ، قال أبو بكر : إنّك رجل شابّ عاقل لا نتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، فتتبع القرآن فاجمعه ، فو الله لو كلّفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ ممّا أمرني به من جمع القرآن. قلت : كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ؟ قال : هو والله خير ، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر ، فتتبّعت
__________________
(١) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٠٢.
القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ ...) حتى خاتمة براءة ، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفّاه الله ، ثم عند عمر في حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر» (١).
٣ ـ وروى البخاري بسنده عن أنس ، قال : «إنّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان ، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وآذربيجان مع أهل العراق ، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة ، فقال حذيفة لعثمان : يا أمير المؤمنين أدرك هذه الامة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى ، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ، ثم نردّها عليك ، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان ، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، فنسخوها في المصاحف ، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ، فإنّما نزل بلسانهم ، ففعلوا ، حتى إذا نسخوا المصحف في المصاحف ردّ عثمان الصحف إلى حفصة ، فأرسل إلى كلّ افق بمصحف ممّا نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق» (٢).
٤ ـ أخرج ابن أبي داود : «إنّ أبا بكر قال لعمر وزيد : أقعدا على باب المسجد ، فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه» (٣).
٥ ـ أخرج ابن أبي داود : «أنّ عمر سأل عن آية من كتاب الله : فقيل :
__________________
(١) صحيح البخاري ـ باب جمع القرآن ـ ٦ : ٢٢٥.
(٢) صحيح البخاري ٦ : ٢٢٦.
(٣) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٠٥.
كانت مع فلان ، قتل يوم اليمامة ، فقال : إنّا لله ... وأمر بجمع القرآن ، فكان أول من جمعه في المصحف» (١).
٦ ـ أخرج ابن أبي داود بإسناده عن علي عليهالسلام قال : «أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر ، إنّ أبا بكر أوّل من جمع كتاب الله» (٢).
الشبهات النّاشئة عن هذه الأحاديث
هذه طائفة من الأحاديث في كيفيّة جمع القرآن ، ومن أراد المزيد فليراجع أبواب جمع القرآن وغيرها من المظان ، في الصحاح وغيرها ككنز العمّال والإتقان.
وفي هذه الأحاديث شبهات حول القرآن :
الشبهة الأولى :
جمع القرآن بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
لقد دلّت هذه الأحاديث على أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد قبض ولمّا يجمع القرآن ، ففي واحد منها يقول زيد بن ثابت لأبي بكر بعد أن أمره بجمع القرآن : «كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله» وفي آخر يقول : «قبض رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ولم يكن القرآن جمع في شيء» وقد تقدّم عن عائشة أنّها قالت بالنسبة إلى بعض الآيات : «كان في صحيفة تحت سريري ،
__________________
(١) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٠٤.
(٢) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٠٤.
فلمّا مات رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها».
وإذا كان القرآن كما تفيد هذه الأحاديث غير مجموع على عهده صلىاللهعليهوآلهوسلم على ما هو عليه الآن ، وأنّ الصحابة هم الذين تصدّوا لجمعه من بعده ، فإنّ من المحتمل قريبا ضياع بعضه هنا وهناك بل صريح بعضها ذلك ، وحينئذ يقع الشك في أن يكون هذا القرآن الموجود جامعا لجميع ما أنزل الله عزوجل على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الشبهة الثانية :
جمع القرآن بعد مقتل القرّاء
وتفيد طائفة اخرى من أحاديثهم في باب جمع القرآن : أنّ الجمع كان بعد أن قتل عدد كبير من القرّاء في حرب اليمامة (١). فعمدوا إلى جمعه وتدوينه مخافة أن يفقد القرآن بفقد حفّاظه وقرّائه ، كما ذهبت آية منه مع أحدهم كما في الخبر.
وهذا بطبيعة الحال يورث الشك والشبهة في هذا القرآن.
الشبهة الثالثة :
جمع القرآن من العسب ونحوها ومن صدور الرجال
وصريح بعض تلك الأحاديث : أنّهم تصدّوا لجمع القرآن من العسب
__________________
(١) راجع حول حرب اليمامة : حوادث السنة ١١ من تاريخ الطبري ٣ : ٢٨١ ـ ٣٠١.
والرقاع واللخاف (١) ومن صدور الرجال الباقين بعد حرب اليمامة ، لكن بشرط أن يشهد شاهدان على أنّ ما يذكره قرآن ، ففي الحديث عن زيد : «فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال» وفيه : «وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان».
ومن المتسالم عليه بين المسلمين عدم عصمة الأصحاب (٢) ، والعادة تقضي بعدم التمكّن من الإحاطة بجميع ما هم بصدده في هذه الحالة ، بل لا أقل من احتمال عدم إمكان إقامة الشاهدين على بعض ما يدّعى سماعه من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل قد وقع ذلك بالنسبة إلى بعضهم كعمر في آية الرجم ، حيث ذكروا : «أنّ عمر أتى بآية الرجم فلم يكتبها لأنّه كان وحده».
لكن العجيب من زيد ردّ عمر لكونه وحده وقبول ما جاء به أبو خزيمة الأنصاري وحده ، فلما ذا ردّ عمرو قبل أبا حزيمة؟ وهل كان لأبي خزيمة شأن فوق شأن عمر؟ وهو من الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشّرة بالجنّة عندهم؟!
الشبهة الرابعة :
إحراق عثمان المصاحف
وإعدام عثمان المصاحف ممّا تواترت به الأخبار بل من ضروريات التأريخ
__________________
(١) اللخاف : حجارة بيض رقاق ، واحدتها لخفة. الصحاح (لخف) ٤ : ١٤٢٦.
(٢) بل فيهم من ثبت فسقه ونفاقه ... وسنتكلّم بعض الشيء حول عدالة الصحابة في الفصل الخامس.
الإسلامي (١) وهذه القضية ـ بغضّ النظر عن جزئياتها ـ تفضي إلى الشكّ في هذا القرآن ، إذ الاختلاف بينه وبينها قطعي ، فما الدليل على صحته دونها؟ ومن أين الوثوق بحصول التواتر لجميع سوره وآياته؟ لا سيّما وأنّ أصحاب المصاحف تلك كانوا أفضل وأعلم من زيد بن ثابت في علم القرآن ، لا سيّما عبد الله بن مسعود الذي أخرج البخاري عنه أنّه قال : «والله لقد أخذت من فيّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بضعا وسبعين سورة ، والله لقد علم أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أنّي أعلمهم بكتاب الله» وروى أبو نعيم بترجمته أنّه قال : «أخذت من فيّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ سبعين سورة وإنّ زيد بن ثابت لصبي من الصبيان ، وأنا أدع ما أخذت من فيّ رسول الله؟!» (٢).
__________________
(١) جاء في بعض الأخبار أنّه أمر بطبخها ، وفي بعضها : أمر بإحراقها ، وفي بعضها : أمر بمحوها.
(٢) حلية الأولياء ١ : ١٢٥.
كلمات الصحابة والتابعين
في وقوع الحذف والتغيير والخطا في القرآن المبين
ويظهر من خلال الأخبار والآثار كثرة تكلّم الصحابة والتابعين في جمع عثمان المصاحف ، فمنهم من طعن في زيد بن ثابت الذي باشر الأمر بأمر عثمان ، ومنهم من طعن في كيفيّة الجمع ، ومنهم من كان يفضّل مصحف غيره من الصحابة تفضيلا لأصحابها على عثمان في علم القرآن.
لقد كثر التكلّم والقول فيه حتى انبرى أمير المؤمنين عليهالسلام ـ فيما يروون ـ ليدافع عن عثمان ومصحفه. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني : «وقد جاء عن عثمان أنّه إنّما فعل ذلك بعد أن استشار الصحابة ، فأخرج ابن أبي داود بإسناد صحيح من طريق سويد بن غفلة قال : قال علي : لا تقولوا في عثمان إلّا خيرا ، فو الله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلّا عن ملأ منّا ، قال : ما تقولون في هذه القراءة فقد بلغني أنّ بعضهم يقول : إنّ قراءتي خير من قراءتك وهذا يكاد يكون كفرا ، قلنا : فما ترى؟ قال : أرى أن يجمع الناس على مصحف واحد ، فلا يكون فرقة ولا اختلاف ، قلنا : فنعم ما رأيت» (١).
وكذلك العلماء والمحدّثون في كتبهم ، حتى ألّف بعضهم كتاب «الردّ على من خالف مصحف عثمان» (٢).
__________________
(١) فتح الباري ٩ : ١٥.
(٢) لابن الانباري كتاب بهذا الاسم.
فعن ابن عمر أنّه قال : «... ما يدريه ما كلّه؟ قد ذهب منه قرآن كثير» (١).
وعن عبد الله بن مسعود : «أنّه كره لزيد بن ثابت نسخ المصاحف» (٢).
وعنه : «لو ملكت كما ملكوا لصنعت بمصحفهم مثل الذي صنعوا بمصحفي» (٣).
وعن ابن عباس في قوله تعالى : (حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا)(٤) : «إنّما هي خطأ من الكاتب ، حتى تستأذنوا وتسلّموا» (٥).
وعنه في قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ ...)(٦) : «أظنّ الكاتب كتبها وهو ناعس» (٧).
وعنه في قوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ ...)(٨) : «التزقت الواو بالصاد وأنتم تقرءونها : وقضى ربك ...» (٩).
وعنه في قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً ...)(١٠) : «خذوا هذه الواو واجعلوها هاهنا : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ
__________________
(١) الدرّ المنثور ، الاتقان ٢ : ٤١.
(٢) فتح الباري ٩ : ١٦.
(٣) محاضرات الراغب.
(٤) سورة النور : ٢٧.
(٥) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣١٦.
(٦) سورة الرعد : ٣١.
(٧) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣١٦.
(٨) سورة الإسراء ١٧ : ٢٣.
(٩) الإتقان في علوم القرآن.
(١٠) سورة الأنبياء ٢١ : ٤٨.
إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ...)» (١).
وعن عائشة بعد ذكر آية : «قبل أن يغيّر عثمان المصاحف» (٢).
وعنها في قوله تعالى : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ... وَالصَّابِئُونَ ...) قالت : «يا ابن أخي هذا عمل الكتّاب أخطئوا في الكتاب» قال السيوطي : «هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين» (٣).
وعنها في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا ...)(٤) : «كذلك انزلت ولكن الهجاء حرّف» (٥).
وعنها وعن أبان بن عثمان في قوله تعالى : (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ)(٦) : «هو غلط من الكاتب» (٧).
وعن مجاهد والربيع في قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ ...)(٨) : «هي خطأ من الكاتب» قال الحافظ السيوطي : «أخرج عبد بن حميد والفريابي وابن جرير وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ) قال : هي خطأ من الكاتب وهي قراءة ابن مسعود : ميثاق الذين اوتوا الكتاب ، وأخرج ابن جرير عن الربيع أنّه قرأ : وإذ
__________________
(١) الإتقان في علوم القرآن.
(٢) الإتقان في علوم القرآن ٣ : ١٨٢.
(٣) الإتقان في علوم القرآن.
(٤) سورة المؤمنون ٢٣ : ٦٠.
(٥) الإتقان في علوم القرآن.
(٦) سورة النساء ٤ : ١٦٢.
(٧) معالم التنزيل.
(٨) سورة آل عمران ٣ : ٨١.
أخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب. قال : وكذلك كان يقرؤها ابيّ بن كعب» (١).
وعن سعيد بن جبير في قوله تعالى : (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) : «هو لحن من الكاتب» (٢).
وقال الفخر الرازي في قوله تعالى : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ)(٣) : «القراءة المشهورة (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) ، ومنهم من ترك هذه القراءة وذكروا وجوها ، أحدها : قرأ أبو عمرو وعيسى بن عمر : إنّ هذين لساحران. قالوا : وهي قراءة عثمان وعائشة وابن الزبير وسعيد بن جبير والحسن ، وروي عن عثمان أنّه نظر في المصحف ، فقال : أرى فيه لحنا وستقيمه العرب بألسنتها» (٤).
فالعجيب جدا طعن عثمان نفسه في هذا المصحف.
وفي رواية البغوي قال عثمان : «إنّ في المصحف لحنا وستقيمه العرب بألسنتها ، فقيل له : ألا تغيّره! فقال : دعوه فإنّه لا يحلّ حراما ولا يحرّم حلالا» (٥).
وفي الإتقان عن عثمان أنّه قال : «لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد فيه هذه الحروف» (٦).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٤٧.
(٢) الإتقان في علوم القرآن.
(٣) سورة طه : ٦٣.
(٤) التفسير الكبير ٢٢ : ٧٤.
(٥) معالم التنزيل.
(٦) الإتقان في علوم القرآن.
الفصل الثاني
الرواة لأحاديث التحريف من أهل السنّة
ولقد روى أحاديث التحريف من أهل السنّة أكثر علمائهم ، من محدّثين ومفسّرين وفقهاء واصوليّين ومتكلّمين ... ونحن نكتفي بذكر من أوردنا الأحاديث السابقة عنه مباشرة أو بواسطة مع موجز تراجمهم (١) :
١ ـ مالك بن أنس ؛ أحد الأئمّة الأربعة ، روى عنه الشافعي وخلائق جمعهم الخطيب في مجلّد ، وهو شيخ الأئمة وإمام دار الهجرة عندهم. (١٧٩).
٢ ـ عبد الرزّاق بن همام الصنعاني ؛ أحد الأعلام ، روى عنه أحمد وجماعة. (٢١١).
٣ ـ الفريابي ، محمد بن يوسف بن واقد ؛ أحد الأئمة ، روى عنه أحمد والبخاري. (٢١٢).
٤ ـ أبو عبيد ، القاسم بن سلّام ؛ أحد الأعلام ، وثّقه أبو داود وابن معين وأحمد وغير واحد. (٢٢٤).
٥ ـ الطيالسي ، أبو الوليد هشام بن عبد الملك الباهلي ؛ أحد الأعلام ، روى عنه أحمد والبخاري وأبو داود ، قال أحمد : «هو شيخ الإسلام اليوم ، ما اقدّم عليه أحدا من المحدّثين». (٢٢٧).
٦ ـ سعيد بن منصور ؛ الحافظ ، أحد الأعلام ، روى عنه أحمد ومسلم وأبو
__________________
(١) استخرجناها من كتاب «طبقات الحفاظ» للحافظ السيوطي ، وكتاب «طبقات المفسّرين» لتلميذه الداودي ، وقد أعطى محقّق الكتابين في الهامش مصادر اخرى لكل ترجمة.
داود ، قال أحمد : «من أهل الفضل والصدق» ، وقال أبو حاتم : «من المتقنين الأثبات ، ممّن جمع وصنّف». (٢٢٧).
٧ ـ ابن أبي شيبة ، أبو بكر عبد الله بن محمد ؛ روى عنه البخاري ومسلم وغيرهما. (٢٣٥).
٨ ـ أحمد بن حنبل ؛ صاحب «المسند» ، أحد الأئمة الأربعة ، روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم. (٢٣٨).
٩ ـ ابن راهويه ، إسحاق بن إبراهيم ؛ أحد أئمة المسلمين وعلماء الدين ، اجتمع له الحديث والفقه والحفظ والصّدق والورع والزّهد ، روى عنه الجماعة سوى ابن ماجة. (٢٣٨).
١٠ ـ ابن منيع ، أحمد بن منيع البغوي ؛ روى عنه مسلم والجماعة. (٢٤٤).
١١ ـ ابن الضريس ، الحافظ أبو عبد الله محمد بن أيوب ؛ وثّقه ابن أبي حاتم والخليلي. (٢٤٩).
١٢ ـ البخاري ، محمد بن إسماعيل ؛ صاحب الصحيح ، روى عنه مسلم والترمذي. (٢٥٦).
١٣ ـ مسلم بن الحجّاج النيسابوري ؛ صاحب الصحيح ، روي عنه أنّه قال : «صنّفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة». (٢٦١).
١٤ ـ الترمذي ، محمد بن عيسى ؛ صاحب «الجامع الصحيح» ، كان أحد الأئمّة الّذين يقتدى بهم ـ عندهم ـ في علم الحديث. (٢٧٩).
١٥ ـ ابن ماجة القزويني ، أبو عبد الله محمد بن يزيد ؛ صاحب السنن ، قال الخليلي : «ثقة كبير ، متّفق عليه ، محتجّ به». (٢٨٣).
١٦ ـ عبد الله بن أحمد بن حنبل ؛ الحافظ ابن الحافظ ، قال الخطيب : «كان
ثقة ثبتا فهما». (٢٩٠).
١٧ ـ البزّار ، أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري ؛ الحافظ العلّامة الشهير. (٢٩٢).
١٨ ـ النسائي ، أحمد بن شعيب ، الإمام ، الحافظ ، شيخ الإسلام ، أحد الأئمة المبرزين والحفّاظ المتقنين والأعلام المشهورين. قال الحاكم : «كان النسائي أفقه مشايخ مصر في عصره» وقال الذهبي : «هو أحفظ من مسلم بن الحجاج». (٣٠٣).
١٩ ـ أبو يعلى ، أحمد بن علي الموصلي ؛ الحافظ الثقة محدّث الجزيرة ، قال الحاكم : «كنت أرى أبا علي الحافظ معجبا بأبي يعلى وإتقانه وحفظه لحديثه». (٣٠٧).
٢٠ ـ الطبري ، أبو جعفر محمد بن جرير ؛ قال الخطيب : «كان أحد الأئمّة يحكم بقوله ويرجع إليه». (٣١٠).
٢١ ـ ابن المنذر ، أبو بكر محمد بن إبراهيم ؛ الحافظ العلّامة الثقة الأوحد ، كان غاية في معرفة الاختلاف والدليل مجتهدا لا يقلّد أحدا. (٣١٨).
٢٢ ـ ابن أبي حاتم ، عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي ؛ الإمام الحافظ الناقد شيخ الإسلام ، قال الخليلي : «أخذ علم أبيه وأبي زرعة ، وكان بحرا في العلوم ومعرفة الرجال ، ثقة حافظا زاهدا ، يعدّ من الأبدال». (٣٢٧).
٢٣ ـ ابن الأنباري ، أبو بكر محمد بن القاسم المقرئ النحوي اللغوي ؛ وكان صدوقا فاضلا ديّنا خيّرا من أهل السنّة ، وكان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا بأسانيدها. (٢٢٨).
٢٤ ـ ابن أشتة ، محمد بن عبد الله اللوذري أبو بكر الأصبهاني ؛ استاذ كبير
وإمام شهير ونحوي محقّق ، ثقة ، قال الدّاني : «ضابط مشهور مأمون ثقة ، عالم بالعربية ، بصير المعاني ، حسن التصنيف». (٣٦٠).
٢٥ ـ الطبراني ، سليمان بن أحمد ؛ الإمام العلّامة الحجّة ، بقيّة الحفّاظ ، مسند الدنيا ، وأحد فرسان هذا الشأن. (٣٦٠).
٢٦ ـ أبو الشيخ ، عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان ؛ الإمام الحافظ ، مسند زمانه ، وكان مع سعة علمه وغزارة حفظه صالحا خيّرا ، قانتا لله صدوقا ، قال ابن مردويه : «ثقة مأمون» ، وقال الخطيب : «كان حافظا ثبتا متقنا» ، وقال أبو نعيم : «أحد الأعلام». (٣٦٩).
٢٧ ـ الدارقطني ، أبو الحسن علي بن عمر ؛ الإمام شيخ الإسلام ، حافظ الزمان ، حدّث عنه الحاكم وقال : «أوحد عصره في الفهم والحفظ والورع ، إمام في القرّاء والمحدّثين ، لم يخلف على أديم الأرض مثله» ، وقال القاضي أبو الطيّب : «الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث». (٣٨٥).
٢٨ ـ الراغب الأصفهاني ، أبو القاسم المفضّل بن محمد ؛ صاحب المصنّفات ، ذكر الفخر الرازي أنّه من أئمّة السنّة وقرنه بالغزالي ، وكان في أوائل المائة الخامسة.
٢٩ ـ الحاكم النيسابوري ، أبو عبد الله محمد بن عبد الله ؛ الحافظ الكبير ، إمام المحدّثين في عصره في الحديث والعارف به حقّ معرفته ، وكان صالحا ثقة يميل إلى التشيّع. (٤٠٥).
٣٠ ـ ابن مردويه ، أبو بكر أحمد بن موسى الأصبهاني ؛ الحافظ الكبير العلّامة ، كان فهما بهذا الشأن ، بصيرا بالرجال ، طويل الباع ، مليح التصانيف. (٤١٠).